نظرة إعتداد في ما خصّ توفير فضاء حر للفنان - آلبي ساكس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 02:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-15-2003, 02:50 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نظرة إعتداد في ما خصّ توفير فضاء حر للفنان - آلبي ساكس

    نظرة إعتداد
    في ما خصّ توفير فضاء حر للفنان
    آلبي ساكس

    ليس هنالك إعتداد مثل إعتداد الناجي من محاولة اغتيال. فبعد مرور عام فقط منذ افقدتني عبوة ناسفة فجرتها فرقة اغتيالات زراعاً ونعمة النظر بإحدى عيني، وجدت نفسي افتتح معرضاً فنياً عن جنوب أفريقيا في مركز كولتور هوسيت في ستكهولم. وإذا تكلمت بالمهابة المضخمة التي يتكلم بها ناج من موت محقق، شعرت أن بمقدوري أن أقول ما يحلو لي. وكانت عبارتي الأولي: " إننا لا نريد تضامنكم ! ". كانت تلك صدمة لأمناء الفن السويديين الذين إمتلأت بهم الصالة. ثم كررت القول: " إننا لا نريد تضامنكم ! ". وتشجنت مئة من الوجوه إزاء لغتي الفظة. " لقد كان مطلوب من التضامن أن يأتي بالأعمال والفنانين إلي هنا، ونحن نقدر ذلك " وانفرجت الوجوه بابتسامات سويدية ودية. " الآن نريد نقداً حقيقياً. إذا اعجبكم عملنا قولوا لنا، وإذا لم يعجبكم قولوا لنا، وإذا تملكتكم الحيرة أطلبوا منا أن نشرح. لا نريد نقداً تضامنياً ". تنفس الجمهور الصعداء لكن إعتدادي لم ينضب بعد. " وأعتقد أننا ينبغي أن نكف عن القول أن الفن أداة نضالية " فعاد التوتر من جديد. كنتُ المتكلم الخامس. وكان كل واحد من المساهمين السابقين ردّد أن الفن أداة نضالية. " أقترح منع هذه الكلمات خمس سنوات ".
    لم أدرك أن مقترحي الاستفزازي والطريف كان سيثير فيما بعد أشد المناقشات التي عرفتها جنوب أفريقيا سخونة حول الفن. وكانت ورقة كتبتها عن الموضوع لندوة نظمها القسم الثقافي في المؤتمر الوطني الأفريقي في لوساكا، نشرت لاحقاً في صحف جنوب أفريقية مختلفة وأدرجت في أنطولوجيات في أنحاء مختلفة من العالم.
    الآن، تذكرني إعادة قراءتها بالضغوط المذدوجة التي عمل الفنانين تحت وطأتها في تلك الأيام الشاقة بلا هوادة من النضال، والتي أخذ الفنانون يربطونها اليوم بنضالات شعبية عليهم مواجهتها. كانت الضغوط البديهية ضغوط دولة التمييز العنصري القمعية التي صادرت حرية التعبير ومنعت النشر وفرضت الرقابة علي كل أشكال التعبير الفني. وكان الكتَاب فيها يتعرضون للسجن، وأرغم العديد منهم علي العيش منفيين. ورداً علي ذلك جمعت الحركة المناهضة للعنصرية الفنانين في في جبهة صلبة ضد القمع ( يسعدني أن أقول أن هولندا قامت بدور قيِّم علي نحو خاص في هذه العملية ). وما زالت الصداقة التي نشأت في ظل النهج المشترك واحتضان مثالية واحدة، قائمة حتى الآن، لكننا دفعنا ثمناً، وثمناً باهظاً للغاية. " فنانونا ـ وأنا الآن اقتبس من الورقة التي كتبت قبل عشرة سنوات ـ لا يدفعون إلي تحسين نوعية عملهم، إذ لا يكفي أن يكون المرء علي صواب سياسياً. وكلما زادت القبضات والرماح والبنادق، كان ذلك أفضل. وأن يحدد نطاق الموضوعات تحديداً ضيقاً يستبعد كل ما هو مضحك أو غريب أو مأساوى بصدق. ولا مكان قطعاً للإبهام والتناقض، فالصراع الوحيد المباح هو الصراع بين القديم والجديد، كما لو أنه لم يكن في الماضي غير الشر ولا يبشر المستقبل إلا بالخير. وسواء في الشعر أم الرسم أو المسرح، نحشد أنصارنا الأخيار في صف والأشرار في صف آخر، سامحين من حين إلي آخر بعبور أحدهم من طابور إلي ثانٍ، ولكن دون أن نعترف بالمرة أن هناك شراً في الخير، وحتى ما هو أصعب: إن عناصر خير يمكن أن توجد فيما هو شر. ويمكن للمرء أن يعرف من هم الأخيار لأنهم فضلاً عن وسامة المظهر يستطيعون أن يتلو بسرعة خاطفة مقاطع من " ميثاق الحرية " ومقتطفات من " الاستراتيجية والتكتيك " .
    والحب؟ لقد نشرنا الكثير من الانطولوجيات والمجلات وقصائد المناسبات وقصصها، ولكن ما يتطرق منها إلي الحب أقل من أصابع اليد. هل يعقل أننا ما أن ننتمي إلي المؤتمر الوطني الأفريقي حتى نكف عن الغزل، وأنه حين يأوى الرفاق إلي الفراش يناقشون دور العمال البيض؟ إن أعضاء المؤتمر الوطني الأفريقي مترعون بالمرح والرومانسية والأحلام، وهم يستمتعون بجمال الطبيعة ويعجبون به، ويحارون في خلق الإنسان، ولكن لو نظر امرء إلي غالبية فننا وأدبنا لظن أننا نعيش في أكثر العوالم تجهماً واكتئاباً، منغلقين تماماً بتأثير التمييز العنصري، كما لو أن حكامنا يتربصون بكل صفحة ويطاردون كل لوحة. فكل شئ مهجوس بالظالمين والجرح الذي أنزلوه، ولا شئ يذكر عنا وعن الوعي الجديد الذي نكتسبه. استمعوا، علي النقيض من ذلك، إلي موسيقي هيو ماسيكيلا وعبدالله إبراهيم وجوناس غوانغا ومريم ماكيبا، فتجدوا أنفسكم في عالم من الظرف والرشاقة والحيوية والحميمية، في إبداع وانتقالات من مزاج إلي آخر، فيه نشوة وحزن. فهذا عالم بلا شرطة، تتبدى فيه شخصية شعبنا الناهضة. موسيقاهم توحي بثقة حقيقية لأنها منبثقة من داخل شخصية كل واحد منا وخبرته، نابعة من التقليد الشعبي وأصوات الحياة العصرية. ونحن نطرب لها لأنها تقول لنا شيئاً بديعاً ومتألقاُ عن أنفسنا، وليس لأن الكلمات تتحدث عن كيفية النصر في إضراب أو تفجير محطة تعبئة. إنها موسيقي تتجاوز التمييز العنصري، تكتسحه وتتجاهله، وتؤسس فضاءها الخاص.
    ذات يوم سئل دوميلي، الذي لعله أكبر فنانينا البصريين، لماذا لم يرسم مشاهد مثل المشهد القاسي الذي ينداح أمام ناظريه: جمع من الرجال يقادون إلي المعتقل لأن بطاقات مرورهم ليست نظامية. وفي تلك اللحظة تمر بهم عربة موتى تسير بطيئة فيتوقف الرجال ويرفعون قبعاتهم. " هذا ما أريد أن أرسمه " قال دوميلي. بعد أشهر يفرج عن نيلسون مانديلا وأعود إلي جنوب أفريقيا مشاركاً في مناظرة عامة حامية حول " طرفتي " التي دعوت فيها إلي منع العباراة القائلة إن " الفن سلاح في النضال ". وبعد المناظرة تتقدم نحوي " مناضلة " وتأخذني في الأحضان قائلة " أنا راقصة وأعشق الرقص النقري Tap Dance، ولكني لم أجرؤ علي ممارسته طيلة سنوات، لأني كنت أظن أنه فن برجوازي ووجه من وجوه الإمبريالية الثقافية. ثم قرأت ورقتك وخرجت علي الفور ورقصت نصف ساعة. حلمي الآن أن أحضر مؤتمرأ هاماً يعقده المؤتمر الوطني الأفريقي وأقفز من باطن كعكة وأقدم رقصة نقرية لكل المندوبين ". عرفت حينذاك بلا ريب أن ورقتي مصيبة.
    هل قلت ما من إعتداد مثل إعتداد الناجي من محاولة إغتيال؟ حسناً، لقد كنت مخطئا؟ فهنال الإعتداد المؤسسي، إن لم يكن الشخصي، لقاضٍ من قضاة أعلي محكمة في البلاد، قاضٍ يستطيع أن ينحي القوانين جانباً، حتى تلك الصادرة من أول برلمان منتخب ديمقراطياً في البلاد والسارية بتوقيع نيلسون مانديلا نفسه. وكانت إحدى مهماتنا الاصرار علي أن لاتفعل الدولة ما يمنع سائر مواطني بلدنا المتنوع والمبتلي بالصراع علي اختلاف أعراقهم وثقافاتهم وأديانهم من الشعور بأن لهم مكاناً مساوياً تحت الشمس ( أو لأن لدينا الكثير من الشمس ففي الفيء ). وحين طلب من المحمكة أن تقرر إن كان دستورياً أو مخالفاً للدستور منع بيع الكحول أيام الأحد وفي الجمعة العظيمة وأعياد الميلاد، أي إنتقاء العطل المسيحية، كان هذا ما كتبته ـ ستلاحظون أن اللغة أقسى وسأقرأها بالجدية اللائقة، ولكن بودي أن أشعر أن التوق للحرية هو نفسه: " من وظائف الدستور حماية حقوق أفراد الجماعات غير الأكثرية التي قد تكون صغيرة عددياً بنظر المؤمنين الاعتياديين. وبالمفردات الدستورية، فإن نوعية معتقد ما لا يمكن أن تعتمد علي عدد معتنقيه أو سعة انتشاره أو محدودية القبول التي تحظى به أفكاره، كما لا ينبغي أن لايهم، من حيث المبدأ، إلي أي حد قد يكون تطفل الدولة ضئيلاً.
    إن ما قد يكون تافها بنظر أعضاء الأغلبية أو القطاع السائد من السكان بحيث لا يكون مرئياً،يمكن أن يكتسب أبعاد كبيرة ويكون حقيقياً علي نحو بارز، ومؤذياً وظالماً عند من يمسهم. ويصح هذا بصفة خاصة عندما يكون ما يلوح بلا ضرر في الظاهر بادرة نمط واسع وسائد من التهميش والاستضعاف عند الجماعة المتأثرة به.
    وحتى لا يكون هناك اشتراط لازم يقتضي الالتزام أو عدم الالتزام بشعائر دينية محددة، فإن الحصيلة هي تقسيم الأمة إلي أقحاح ينتمون وغرباء يطاقون. وهذا غير جائز في المجتمع المتنوع المتعدد الأديان الذي يأخذه دستورنا في إعتباره ".
    كان هذا مثالاً صغيراً، بريئاً ورمزياً محضاً علي فرض الدولة نظرة واحدة إلي العالم علي الأمة بأسرها. ولكن هناك في النهاية الأخري من خط اللاتسامح التعصب المدعوم من الدولة، والذي لا بد أن يكون من أكبر الأخطار التي تهدد الإبداع الفني في العالم اليوم. إذ تستغل العواطف الجماعاتية للظفر بسلطة الدولة أو الاحتفاظ بها. وتؤَجَّج المشاعر الدينية وإساءة استخدامها لتحقيق أكثر الغايات دناءة وبعداً عن الروحانية. والفنانون لا يضهدون بأسوار الرقابة وخطر العنف فحسب بل هم أيضاً ضحايا أمواج عاتية من اللاتسامح وعدم الفهم. فنحن ضائعون من دون حوار وحقوق في الرأي، حيث يهرب الفنانون للنجاة بجلدهم وينتقل الفن إلي العمل السري تحت الأرض. والمجتمع المفتوح لا يعني أن كل شيء مباح وأن السلوك الاستغلالي علي نحو صارخ يمر بلا رادع. لكنه يتطلب أن تكون لكل أصوات الإنسانية المتعددة فرصة لإسماع نفسها.
    *
    الإعتداد النهائي لا يكون ملك الناجي من الاغتيال ولا ملك القاضي، بل ملكنا نحن جميعاً الذين نطمح في أن نكون فنانين. حين كنت صبياً كانت تختلط علي كلمتا " الإبداع " و " المبدع ". والآن أجد هذا اختلاطاً ساراً، وأهدي القسم الأخير من مداخلتي إلي إبداعات / مبدعي العالم. وبصفتي واحد منهم أقدم لكم أربعة أقوال بسيطة. أولآً، من الضروري إحلال المبدعين كافة وإزاحتهم في آن واحد. فالفضاء لا يكون فراغاً علي الإطلاق رغم أنه قد يكون غير مرئي. وهو دائماً بين شيء وشيء آخر. والفضاء بحكم طبيعته محدد وعقلاني. والفنانون ليسوا وحدانيين تماماً بالمرة وهم لايريدون أن يمارسوا حرفتهم في قوقعة وجودية. فنحن نعيش في عالمنا، في أوطاننا، في مدننا أو مزارعنا، في بيوتنا، في أجسادنا، في ذواتنا، في تواريخنا، في ذكرياتنا، وفي لغاتنا. والفضاء عند الفنان لا ينفي أياً من هذه الأشياء بل يعترف بها جميعاً. وفي أفريقيا يبدو أن المشكلة هي اقتناص الخبرات الناتجة عن التناشز والانسلاخ وفقدان الاتجاه، ثم اكتشاف التناغم الكامن تحت السطح لنتمكن من استعادة الخبرة بشكل متوافق ومتكامل ومعلوم الاتجاه. في أوربا ـ كما أري بإعتداد ما زال متواصلاً ـ يبدو الأمر معكوساً. يبدو أنكم ( الأوربيين ) بحاجة إلي تعذيب وتعكير واقع طال ركوده ( ينبغي أن أضيف أن كتابنا الأوروأفريقيين ـ الأفروأوروبيين ومبدعينا من أضراب بريتن برتنباخ وجي. أم . كوتزي يصورون العذاب أحياناً بطريقة معذَّبة ـ ويا للروعة التي يستطيعون أن يبدعوا بها !)
    ثانياً، حتي عندما نريد أن نكون وحدنا، فإننا نريد أن نكون معاً. وبالنسبة لجيل المناضلين كان التواصل كل شيء. كنا نجد أن من الأسهل أن نحب جارنا علي أن نحب أنفسنا، لكننا الآن نتعلم بمعاناة ممضة أن نحب أنفسنا . هناك كلمة أفريقية جميلة في دستورنا ـ هي كلمة أوبنتو Ubunto التي تشير إلي العلاقة بين الفرد والجماعة. فنحن جميعاً بشر، لأن كل واحد منا كائن بشري وكل واحد منا كائن بشري لأننا جميعاً بشر. ولدي أفريقيا الكثير مما يمكن أن تعطيه للعالم.
    ثالثاً، لا شيء أكثر عولمة ولكنه يفتقر إلي المعني العالمي من كلمة عولمة نفسها. إذ يجري الحديث عنها في كل مكان، بتشاؤم عادة، بوصفها شيئاً محتوماً يحرر الطاقات الاقتصادية ولكن بثمن ثقافي وإنساني مريع. بيد أن وسائل النقل الحديثة اتاحت لي الطيران إلي امستردام، والميكرفون يمكنكم من سماع ما أقوله حين أخاطبكم، وبمقدورنا أن نشاهد الأفلام ونقرأ الكتب ونستمتع بالمبادلات الثقافية علي نطاق لم يعهد له نظير في سائر أنحاء العالم. إن تدويل العلاقات الاقتصادية ليس شراً بحد ذاته. الشر في عبوديتنا التي تكاد أن تكون شاملة للمال، وللجشع ولقيم ( أو انعدام قيم ) فئة قليلة. وأنا هنا أميز بين العولمة والعالمية. فالعولمة تفترض مسبقاً أن تقنية أو فلسفة أو صورة تبدأ في جزء من العالم ثم تنتشر بلا تغير لتغطي الكرة الأرضية كلها. أما العالمية فإنها نقيض ذلك. فهي تنبثق من سائر أنحاء العالم ثم تنتقل وتُقطّر بوصفها خبرة البشرية المشتركة، حيث تمثل شيئاً يجري تقاسمه ويعاد خلقه باستمرار لتعمم وتقدر من الجميع. وللأسف إم ما نتلقاه هو عولمة متزايدة لخبرة أكثر ميوعة باطراد. والأنكي من ذلك أننا بدلاً من توصيل الخبرة ينتهي بنا المطاف إلي مجرد خبرة الاتصال.
    رابعاً، " علي كل منا أن يعطي ما عليه ". هذه الكلمات البسيطة التي قالها الفنان الموزمبيقي مالانغاتانا، كانت في أحيان كثيرة عوناً لي في حياتي الشخصية والعامة، وهي حقاً ما أعطيه لكم اليوم. " علي كل منا أن يعطي ما عليه " أطلق هذا القول عندما كان يتفتتح معرضاً للوحاته في فيينا. قال: " أشكركم يا أهل النمسا الطيبين علي تقديم الأنابيب والإسمنت لبلدي الفقير. وبالمقابل نعطيكم ما لدينا، وما لدينا هو ... أغنية " فالحقيقة أن أوربا تملك الفولاذ وأفريقيا تملك الموسيقي. والكثير من قارتنا مبتلي بالفقر والعذاب. ولكن غالبية أهلنا يغنون ويغنون غناء شجياً. فهناك موسيقي تقترن بالكينونة، وروحانية هي جزء من الوجود البسيط، وشفافية في الكلام والحركة والضحك تثري كل تواصل. والناس يتعلمون بين أهلهم الغناء والرقص ويزينون أنفسهم ويصنعون أشياء جميلة. وحلمي أن هذا المنهل المترع بالابداع سيجعل انعكاسه في أعمال فنية راقية يمكن الاستمتاع بها عالمياً. وتحضرني مشاعر البهجة في فرقة شكسبير الملكية في لندن منذ سنوات حين أختتم الموسم المسرحي العالمي بما يسمي " ماكبث الزولو ". لقد كان الموظفين طهاة وبستانيين وموظفي مكاتب وعمال مصانع لا يتقنون فنون المسرح. لكنهم نهلوا من تقليد ثقافي تشاركي عريق. وكان ذلك ثقافتهم، كان ثقافتي، كان ثقافة العالم. فنهض أصعب جمهور في العالم ليخبط الأرض بأقدامه ويحيي الممثلين بحناجره.
    *
    أنتهي كما إبتدأت باقتباس من نفسي، مناضل سابق وكاتب حالياً وعضو في المؤسسة الجديدة. لقد تم تطبيعي ـ أصبحت شرعياً حتى أنني أصر علي أن تسلك الدولة سلوكاً شرعياً! اعتدادي يسقط. وأواجه العالم بما يواجهه غيري من توجس ولهفة لنيل الاستحسان.
    ينبغي عدم الخلط بين المساواة والواحدية. في الحقيقة أن الواحدية يمكن أن تكون عدو المساواة. فالمساواة تعني اهتماماً متساوياً واحتراماً من خلال الاختلاف. وهي لا تفترض مسبقاً إلغاء الاختلاف أو قمعه. واحترام حقوق الإنسان يتطلب تأكيد الذات لا انكارها. لذا فإن المساواة لا تعني تسوية السلوك أو مجانسته بل الاعتراف بالاختلاف وقبوله. وهي في أسوأ الأحوال تؤكد أن الاختلاف ينبغي أن لا يكون أساساً للاستعباد والتهميش والذم والعقاب. وفي أحسنها تحتفي بالحيوية التي يأتي بها الاختلاف إلي أي مجتمع.
    في الماضي خبر الاختلاف بوصفه لعنة، واليوم يمكن النظر إليه علي أنه مصدر للحيوية التفاعلية. ويعترف الدستور بتنوع الكائنات البشرية ( وراثياً واجتماعياً ـ ثقافياً ) ويؤكد الحق في الاختلاف ويحتفي بتنوع الأمة.
    ونحن، فنانون وغير فنانين علي السواء، سنملأ بكل إرتياح وابداع الفضاءات التي تهبها لنا الحياة إذا فعلنا ذلك كما نحن وليس كما يملي علينا غيرنا أن نكون. وإن نحن فعلنا ذلك وجب أن نفعله باعتزاز وصفاء لا يمكن أن يأتيا إلا من تأكيد هادئ ومسالم للذات.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de