الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-04-2002, 07:10 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى

    هادي العلوي:
    المثقف الكوني مؤهل
    للتحول من رقم الى ظاهرة



    حوار أجراة:شاكر الأنباري (كاتب من العراق)


    --------------------------------------------------------------------------------


    الراحل هادي العلوي، باحث ومفكر وسياسي بطريقته الخاصة، عاصر تحولات مجتمعاتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية فكان مشاركا نشطا في النقد والتنظير والحوار، يستخدم في تحليلاته واستنتاجاته مناهج عديدة يحاول أغلب الأحيان التوفيق بينها أو دمجها، ماركسية وماوية وصوفية ومشاعية وتاوية، وهو من كل ذلك يروم الوصول الى مقام المثقف الكوني، جوهرا لفلسفات الانسانية والاديان، المدافع عن المظلومين والفقراء والمضطهدين في عصر بدأ ينأى فعلا الى الكونية لكن دون وعيها الانساني، كونية تكنولوجية، عقلانية، دون قلب أحيانا، لا توجهها فلسفة كما يقول هادي العلوي في هذا الحوار. وتلك أخطر ما يواجه الجنس البشري في هذه اللحظة من تاريخه، لأنه صار يمتلك القدرة على تدمير الحياة تماما في كوكب الأرض. ومصطلح المثقف الكوني ولد من رحم الصوفية، والصوفية الاسلامية تحديدا، لذلك كان حوارنا ضمن هذا الجو، الصوفية منهجا وممارسة، ماضيا وحاضرا،باعتبارها جانبا من الجوانب المضيئة في ثقافتنا العربية الاسلامية.

    تعتبر الصوفية، بمختلف اتجاهاتها، واحدة من ركائز التراث العربي الاسلامي، برأيك ما الذي جعل لها هذه الخصوصية، الأنها امتلكت رؤية متميزة حول الانسان والوجود؟ الأنها خلقت لغتها الخاصة ومفاهيمها وطقوسها؟ هل تعتبر نقلة معرفية للانسان المسلم؟

    لهذه الأسباب جميعها، امتلاك رؤية متميزة حول الانسان والوجود. لغتها الخاصة ومفاهيمها دون طقوسها فالتصرف لا طقوس لا. دائما كانت الطقوس عند انتكاس التصوف الى دروشة، ولكونها اخيرا نقلة معرفية للانسان المسلم وقد تناولت كل ذلك، تفصيلا، في كتابي الجديد مدارات صوفية. أما أن الصوفية خلقت لغتها الخاصة فهذا أمر لا يشك به، فلغة التصوف تميزت بالرمزية الشديدة، أعطت المفردات معاني ودلالات توليدية بقرائن بعيدة عن أصولها القاموسية ضمن اتجاه المتصوفة لاختراق المسلمات في العقائد والأفكار واللغة، وقد يكون لدينا معجم صوفي بعيد كل البعد عن المعجم العادي للمفردات لا يفهم إلا من خلال التمرس في كلامهم لفهم مراميه وأبعاده، واضطر كتاب التصوف منذ وقت مبكر الى تأليف قواميس صغيرة أو كبيرة لشرح مصطلحاتهم وأهمل المتصوفة الكثير من أصول اللغويين المقننة بما فيها بعض حالات الاعراب واقتربوا أكثر من اللغة المحكية من غير أن يخرجوا على البنية العامة للغة الكتابة التي لا يمكن تجاوزها لانتاج نص معرفي مضبوط وهم أول من اتجه لاستعمال اللغة الوسطى التي تجمع بين المحكي والمكتوب فتتخلص من تقعر اللغويين وتفاصحهم ومن غير أن تسقط في العامية الصرفة التي لا تفي بطلب النص المعرفي. ويرتبط ذلك باقترابهم من العامة. ان الكثير من النصوص الصوفية لرمزيتها، السائبة أحيانا، تدخل فيما يذاق ولا يفسر، كما قال ابن عربي: علوم أهل الأذواق لا تنقال ولا تنحكي.

    عندما نقول صوفية اسلامية يتبادرالى الذهن فورا الحكمة الهندية والزرادشتية والمانوية وغيرها من الفلسفات ذات العلاقة بالزهد والاشراق وصراع النور والظلمة، والمحبة المسيحية والغنوصية، هل لكل ذلك وشائج وتداخلات مع الصوفية الاسلامية؟

    لا علاقة للصوفية الاسلامية بالحكمة الهندية ولا بالزرادشتية ولا بالمانوية، إلا أن لها وشيجة بالمحبة المسيحية، مسيحية الأناجيل، ولها أفق عالمي موافق المسيح نفسه كما نقرأه في الأناجيل لا في الكنيسة والأناجيل لا تحسب على الدين إلا بصعوبة وهكذا التصوف والمحبة الصوفية هي الغاء الفروق بين الأديان والمذاهب واعتبارها صحيحة كلها أو أنها كلها تنشد الحق. وهذا هو حب ابن عربي:

    (أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وايماني).

    والحب مصطلح صوفي يراد به غايتان: التسامح بين الأديان والحب الالهي والأخير شأن آخر يدخل في الاهتيامية الصوفية ومقصود ابن عربي في هذا البيت هو المعنى الأول:

    التسامح بين الأديان. أما الحب الالهي فقد سلكه من خلال حبيبته الكونية نظام وله قصة أوردناها في المدارات.

    أقرب المذاهب الى الصوفية الاسلامية هي التاوية الصينية _ التاوية الفلسفية دون التاوية الدين وبينهما جذر المشاعية والكفاح ضد سلطة الدولة وسلطة المال قاسم مشترك للمتصوف والتأوي. الحكمة الهندية والزرادشتية والمانوية هي منحى غنوصي ضعيف التأثير على التصوف بمناحيه الثلاثة: المعرفي وا لاجتماعي والاهتيامي المقارنة تتم فقط مع التاوية الفلسفية.

    كثيرا ما توصف الصوفية الاسلامية بأنها فلسفة باطنية، برأي هادي العلوي هل مرد ذلك يعود الى التقية من العرف الديني السائد، أم لأنها تجربة فردية بحتة؟

    باطنية التصوف تجربة فردية فقط. الأولى هي اندماج المتصوف بروح الكون الذي يسميه الحق. (وهو التأو عند الصينيين) ومن عناصرها الاشراق والفناء والتجلي والرؤية والرؤيا. المتصوف روح خالصة تستنبط الوجود بتجلياته ومطلقيته. والمتصوف من أهل الباطن وباطنيته في هذا المنحى ليست باطنية الاسماعيلية التي تشترك معه في التأويل الباطن للأصول الدينية ولا تشاركه الاشراق أو الفناء أو الرؤيا الاسماعيلية التي تشترك معه في التأويل الباطن للاصول الدينية ولا تشاركه الاشراق أو الفناء أو الرؤيا، فالاسماعيلية حركة سيا _ اجتماعية خالصة. والتصوف تجربة روحية تتعلق بها امور متفاوتة بحسب المنحى الذي يتصنف اليه الصوفي: معرفي أم اجتماعي أم اهتيامي. وضد التصوف والاسماعيلية هم أهل الظاهر من الفقهاء والشعراء وعلماء الطبيعة والسياسيين. والتأويل الباطني عند الفريقين موظف لانتاج نص جديد أي مذهب آخر غير الذي يؤسسه النص الأصلي ويصعب تفسيره بالتقية ففيه تكسير للنص الأصلي يتجاوز المسموح به في علم التفسير ويكون مظنة تبديع أو تكفير من أهل الظاهر الحاكمين على النص وأهله. أما التقية التي يأخذ بها الاسماعيلية فهي العمل السري واخفاء المذهب عن الاعداء لتجنب الملاحقة وهو معنى التقية عند عموم الشيعة. لكن الصوفي يجد أحيانا حاجته الى التقية يعالجها باخضاع عباراته للغة دينية يكثر فيها من التسبيح والتحميد ويظهر عليها التكلف والافتعال. أما تأويلاته فهي أدخل في باب المروق المفلسف لا التقية ومناطها وحدة الثقافة والاتجاه الطبيعي نحو المصادر الأم عند البحث في تأسيس جديد لنظرية أو مذهب. إن استناد الصوفي الى القرآن ليس من باب التقية بل هو الرجوع الى المصدر، الانطلاق منه في التأسيس.

    كونك اشتغلت كثيرا على الصوفية قراءة وكتابة ونقدا، هل تعتبر نفسك صوفيا؟ وكيف ترتبط الفلسفة الصوفية كفكر نظري بالممارسة؟

    الغرض هو اعادة التصوف كمصدر للشخصية كوني صوفيا لا أحدده بنفسي. لكن موافقتي على التزامات الصوفية ومبادئهم يضعني في خط التصوف كالتزام. وقد تابعت المعري في عدم أكل اللحم والنباتية الصرفة وخالفته في أكل منتجات الحيوان كالحليب والعسل اذ ليس فيها عدوان على الحيوانات. الاشكال في ذبح الحيوان، أي قتله لأكله. وخالفت المعري أيضا في عدم الدعوة الى النباتية فهي خيار شخصي للمثقف الصوفي ولا يجوز تحويلها الى دعوة لئلا تلتبس أهداف النضال وتختلط أولوياتها. ووافقت المعري في عدم الانجاب فلم أجن على أحد ولو أني تزوجت.....

    ان الممارسة الصوفية تعني عدم الامتلاك أولا والاكتفاء بما يقيم ضرورات العيش من الطعام والملبس والمسكن _البسيطة كلها. ويدخل ذلك في مقاطعة سلطتي الدولة والمال والمتصوفة يختلفون في درجة الموقف من سلطة الدولة: مقاطعتها سلبا أو المضي أكثر في معارضتها ومحاربتها، وقد سلكت الطريق الثاني وهو المعارضة وعدم الاكتفاء بالمقاطعة السلبية ولذلك هاجرت من العراق. وهجرتي مراغمة. وأنا أعمل لاقامة المجتمع المشاعي الذي دعا اليه شيوخي التاويون والصوفيون. لكني لا أحسن السياسة واعتمد لذلك على الفئات العاملة في المعارضة لدعمها وساعدتها في تطوير عملها السياسي والاجتماعي. وأنا الآن أبحث عن زعيم قائد كفؤ يجمع بين الشرف الشخصي والشرف الوطني والطبقي لاشتغل في معيته. وللأسف لم أعثر على هذا الزعيم لحد الآن.

    ارتباط الصوفي كفكر نظري بالممارسة: وحدة الوجود تدمج الانسان في العالم المعلق، تحوله من رقم الى ظاهرة ومن فرد الى حركة. والانسان المؤهل لهذا التحول هو القطب الصوفي أو المثقف الكوني الذي يتمسك بالمباديء الصوفية في الزهد والتخلي وتخفيف مطالب الجسد لاكمال التروحن الذي يصبح فيه الجسد منطقا لحركة روحية لا متنامية وحسب النظرية الصوفية فالانسان هو المثال للعالم الأكبر وفيه كل ما في هذا العالم من مصادر القدرة ولذلك لا يقع الصوفي تحت هائلة المطالب الشخصية وبالتالي فهو حر بالمطلق لا سلطة لأحد عليه وعلاقته بروح الكون المسماة في الصين، تأو، وعندنا، الحق وقد عرفت الفلسفة عند المسلمين بأنها التشبه بالخالق على قدر الطاقة. فهي عقل محفوز بالعمل كشف عن حقائق الوجود لتسهيل اندماجه فيه. والعمل ينتظم وينتج بقدر ما يستند الى المعرفة الصحيحة بالواقع ويزيد الصوفية على ذلك وحدة الخالق والمخلوق: تاله الانسان وتأنسن الاله. وعلى صعيد الواقع الممسوس يتزود الصوفي حين يستكمل هذه المراحل من تطوره الروحي بقوة خاصة لا تتهيأ لغيره فهو لا يخشى الموت لأن الموت في التصوف هو استكمال لتطوره نحو الانسان الكامل. وقد عرفا صدر الدين الشيرازي بأنه: قوة تجوهر النفس واشتدادها في الوجود. ومن هنا كان التاويون يغنون لموتاهم ولا ينوحون عليهم. ولا يخاف الصوفي من الفقر لأنه فقير باختياره والفقر عنده شرط الحرية. وفي ظل ظليل من وعيه الكوني واندماجه في المعلق يكون تأثيره في المحيط. وللمتصوف هموم كبيرة تعلو على همومه الشخصية وهي التي تحركه في هذا المحيط وتجعله فاعلا لا منفعلا.

    لقد لاقت الصوفية. مؤخرا، هوى واقبالا من كثير من المثقفين العرب، الا يشكل ذلك ظاهرة لها أسبابها؟ هل يمكن عقد مقارنة بين العصر الذهبي للصوفية، أي العباسي، وحاضرنا الراهن من باب التمزقات السياسية والحراك الاجتماعي والهوة الفاصلة بين الفكر والسلطة؟

    لم تلاق الصوفية هذا الهوى والاقبال الذي تتحدث عنه. فالمثقف العربي المعاصر منخلع من تراثه الصوفي. وما حصل حتى الآن هو الاقبال على الأدب الصوفي بريادة أدونيس الذي يرجع اليه الفضل في الكشف عن هذا التراث وتقديما للمثقفين كمصدر للأدب الجديد. أدونيس نفسه لا يتصرف بوصفه صوفيا انما يستمثل تراث الأدب الصوفي في أعماله الابداعية. يمكننا عقد المقارنة بين عصرنا والعصور الاسلامية السابقة، من جهة الصراع الطبقي فهو محتدم الآن كما كان محتدما في العصر العباسي،ولا نتحدث عن التمزقات السياسية فهي ظاهرة طبيعية في أي مجتمع وأي عصر ولكن نتحدث عن الحراك الاجتماعي، ولا توجد أيضا هوة فاصلة بين الفكر والسلطة في العصر الاسلامي بل في عصرنا. فهناك كانت الدولة تدير سيرورات التطور الحضاري والثقافي ضمن وظيفتها الشرقية والصراع في العصر الاسلامي لم يكن بين الفكر والدولة بل بين الوعي الاجتماعي للطبقات المحرومة ووعي الدولة الاستئثاري _ الاستبدادي. وقد ساد الانسجام بين الدولة والمثقفين خارج الساحة السياسية: الدولة رعت الفلسفة والأدب والفقه والطب والعلوم الطبيعية وبفضلها فقط تطورت هذه العلوم الى المستويات المعروفة.

    الصراع احتدم بين الدولة والتصوف في المقام الأول. والساحة الأكثر احتداما كانت ساحة التصوف الاجتماعي حين وقف أقطاب التصوف الى جانب صفوف الخلق ضد سلطة الدولة والدين والمال. وكانت هناك أيضا ساحة صراع للفقه كانت شاملة في القرنين الأول والثاني ثم تقلصت في القرون اللاحقة. وكذلك علم الكلام الذي بدأ فكرا مقاتلا ضد الدولة. ولم يكن الخلاف حول المقولات الفكرية الخالصة بل حول المتعلقات الاجتماعية والسياسية لهذه المقولات. وقد تكامل الفكر المعارض هذا مع الحركات السياسية التي قادت المعارضة في الدولتين الأموية والعباسية وفي دول الأطراف والطوائف.

    لم يكن الخلفاء الأمويون والعباسيون أميين، كذلك حكام الدويلات المنشقة فالثقافة الأدبية والفقهية كانت أمرا عاديا في المجتمع الاسلامي. وكان الحاكم لا يصل الى الحكم الا بعد أن يستكمل دراسته في هذا المجال ويصدق ذلك على أنظمة ولاية العهد. وحتى الحكام المتقلبون الذين يقفزون الى السلطة بتحرك أو تآمر عسكري لم يكونوا خالين من الثقافة. وكان الجميع على اتفاق بشأن حماية المثقفين ووضعهم في رعاية الدولة. وكانت المعارضة اختيارا للمثقفين على الضد من رغبة الدولة الحريصة على ضمهم اليها. فالهوة لم تكن بين الفكر والدولة بل بين المفكر والدولة. وقد أعطى الفكر في الاسلام مهمة عملية تخرجه عن العقلنة الاحادية الخالصة. ومن هنا جاءت المعارضة لتكون تيارا ساحقا في الوسط الثقافي واعتبر المثقف العامل مع الدولة خارجا على أصول المعرفة.

    ويختلف الوضع عندنا عن الوضع في ذلك العصر. فنحن نواجه الاستعمار الذي لم يكن موجودا عند اسلافنا المسلمين. وصراع المثقف المفترض هو اليوم صراع مزدوج: طبقي ووطني. ومسؤولية ذلك أكبر وأعقد.، ,فى هذا الخضم نحتاج الى استعادة الشخصية الصوفية كمصدر لتأسيس مثقفية مناضلة ضد الرأسمالية المحلية والاستعمار العالمي. وهذه لم تتأسس بعد في الوسط الثقافي المعاصر. ان مصادر ثقافتنا الحديثة تنحصر في الثقافة الغربية بمطلقيتها وأحاديتها لا توفر الأساس الصالح للتكوين المثقفي وتضع مثقفنا تحت تأثير المطالب الحضارية للغربيين وهي مطالب سياسية واقتصادية سالبة ترتبط بالمصالح العليا للدول الرأسمالية وينبغي التفريق بين الثقافة الغربية والثقافة الحديثة. وقد فصلت الفروق بينها في كاتبات سابقة. ونحتاج لتوطيد ثقافتنا الى استيعاب التراث الثقافي ليس الاسلامي وحده بل الشرقي عموما لاسيما الصيني فهو أقرب الى الأنسنة من التقافة الغربية. التي آمل كذلك لأن يتطور الهوى والإقبال على التصوف في أوساطنا الثقافية الى استيعاب لمطالبه وعدم الوقوف عند حدود الابداع الأدبي.

    هنالك. حسب معايشتي الشخصية، شيوع كبير للعلوم الباطنية في المجتمعات الغربية، الرقص الصوفي التأمل الباراسيكولوجي، التركيز، القوى الخارقة، الطب الصيني،بم تعلل هذا الشيوع في مجتمع الكمبيوتر وعلوم الجينات الوراثية واكتشاف الفضاء؟

    هذه الظواهر تحدث في دوائر صغيرة من النخب المتعلمة والمثقفة في الغرب ومنشأها الخواء الروحي للحياة في الغرب وتقلص ساحات النضال الاجتماعي مع هيمنة القوى الحاكمة والمالكة على مجموع النشاط في المجتمع الذي يتعرض لضغط جمعنة استبدادية تضيق بها فرص التحرك الحر للفرد، فيلجأ الى الماورائيات. ولا شأن لعامة الشعب بهذه الظواهر فهي مهمومة بمشكلاتها المعيشية والركض اليومي لتوفير مستلزمات الحياة وانتهاز الفرص ولا تتعارض هذه الماورائيات مع الكمبيوتر وعلوم الجينات الوراثية والفضائيات فالعلم البحت ما لم يخضع للفلسفة والأنسنة يكون حاله حال السمكرة ولا تختلف أولوياته ومطالبه عن أولويات ومطالب سوق الصفافير وهذا هو حظ العلوم والتكنولوجيا في الغرب الرأسمالي، والرأسمالية لا روح لها بل هي جسد خالص وهي حسية لذائذية مطلقة. ان الخواء الروحي للمجتمع الغربي يدفع الى البحث عن مسارب لتصريف الطاقات المشحونة عند الأفراد. ولا علاقة لهذه الحاجة الارتكاسية بالنزوع الى التصوف اذا أخذناه بحدوده الاسلامية السابقة لعصر الدروشة. والتصوف بهذه الحدود غير معروف في الغرب لأن التصوف الأوروبي لا يختلف عن الدين ولا يتعارض معه وهو أقرب الى البوذية منه الى روح الشرق الجماعية _ المشاعية. والبوذية خرافة لم تنفذ الى الشعب الصيني الشديد الارتباط بحكمائه اللادينيين وانما راجت في الهند قارة الأديان والأساطير.

    ان الممارسات والطقوسيات التي ذكرتها لا تندرج في المنحى الروحي للحياة الفاضلة، بل هي من أبواب الخرافات والسحر. الرقص الصوفي من فنون الدروشة وله ارتباط بالسحريات. التأمل مفتعل ودخول في الغيبية المطلقة وليس هو التأمل الصوفي الذي يمارسه القطب في خلواته ليتذاهن مع روح الكون فيقطع مع الأغيار من الحكام والأغنياء ورجال الدين ويكون اندماجه في المطلق هو عين الاندماج في الخلق (الشعب). الباراسايكولوجي، ما وراء النفس، محاولة للهروب من المنطق العقلي الى العالم الاسفل. التركيز ضرب من السحر. القوى الخارقة لا وجود لها وانما الخارق هو قدرة القطب الصوفي أو المثقف الكوني على تحدي السلطة الطبيعية والدولة، ولم أعرف المقصود بالطب الصيني فهو علم للعلاج ولا علاقة له بالغيبيات وليس في الطب الصيني سحر أو تنجيم بل هو علم خالص كالعلب الاسلامي والاغريقي.

    الشخصية الغربية من جهتها، والكلام على شخصية المثقف المتعلم، مزاجية غير مستقرة بسبب فوضى الحياة في الغرب. وقد التقيت في الصين سيدة بريطانية اعتنقت الاسلام وغيرت اسمها الى خديجة ثم اعتنقت البوذية ثم صارت ماركسية ثم عادت الى المسيحية البريطانية.
                  

11-04-2002, 08:08 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Abdel Aati)

    عادل شكراً
    ساعود

    لكنى الآن سكرى من كأس ابن عربي
    ابو مهيار .. اظهر وبان وعليك الأمان
                  

11-14-2002, 03:53 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Abdel Aati)

    مقاطع من: ديوان الوجد .. فيوضات الحب الآلهى لهادي العلوي

    حدائق الوجد :

    نقرأ في الغلاف الخلفي للكتاب نصا جميلا مروَّسا بالبيت الشعري التالي :

    ترى المحبينَ صرعى في ديارهم كفتيةِ الكهفِ لا يدرونَ كمْ لبثوا

    بعد البيت الشعري وتحت عنوان " من حدائق الوجد " نقرأ التعريف التالي للكتاب بقلم المؤلف الراحل :

    (( هدية محب للمحبين من خمائل الحب الإلهي. والحب الإلهي هو الحب الشرقي وهو الحب المشاعي ما هو حب الشعراء ولا حب التجار. المرأة فيه كائن روحي. والمحبوب زوجة أو حبيبة كونية أو أم فقيدة أو ابن برور يرحل وترحل معه مخايل النجابة والنبل .والنجابة والنبل قطوف من حدائق الحب الإلهي... و محبوبنا إله أينما كان وأينما أقام لا تحجبه عنا سماوات ولا أرض. أما سمعت قوله : الحمد لله الذي لا تواري عنه سماء سماءً ولا أرض أرضاً ؟

    وهل هي هدية المستريح من عناء السفر ؟ أو غبار الوقائع ؟ ولكن من يحسبها كذلك ونحن نخوض المعامع منذ البدء والبدء في نقطة الباء وهي نقطة الدم فيها يمتشج الميلاد بالميلاد ، يسوع و لاوتسه ، ماركس وغوته ،الحسين بن منصور الحلاج و يوهانسن ، وتزول البلبلة فيتخاطب الجميع بلسان الوجد والوجد هو الميلاد والميلاد هو العدم .

    (...) إنما هي خَطرة ثم فكرة ثم تَقَرُ العينُ بزوال الحجاب ومثلما يتحد الموت بالولادة يتوحد المحب بالمحبوب وتزول دواعي العبودية وتكون العزة للناس . وتلك هي غاية الحب وشوط المحب ومنتهاه .))



    فتوحات بغدادية :



    ((..الحب شرقي . لأنه علاقة مشاعية . والشرق هو آسيا ، تكوين مشاعي كما بيناه في ما سلف من كتاباتنا . ومدار عقل الشرق ووجدانه على اتساع رقعة الملكية المشاعية فيه . وتعنى المشاعية نزاهة الإنسان عن علاقات البيع والشراء وفراغ ذهنه من شحنات التوتر السوقي الذي يصيب الإنسان جراء تفكيره الزائد في المال ووسائل الحصول عليه وحفظه . والمال كما يقول لاوتسه ومن بعده يسوع يستلزم كلفتين :كلفة التحصيل وكلفة الحفظ . وفي هذا الوسط المشاعي الغالب اتجه العقل الشرقي الى تقرير الوجدان وتقنينها في منظومات نفسية وأخلاقية أريد بها مجارات الجوهر البشري الخارج من ترم التملك لأن هذا الجوهر هو في أصله وخلافا لتنظيرات فلاسفة الملكية الخاصة ينشأ بلا تعلقات خارجية أعني اقتصادية .(...)

    الحب الشرقي ثمرة الوجدان الشرقي بهذا القيد . وليس كل شرقي محبا ففي الشرق شياطين السوق ومعلمو الغرائز و السيّافون وفيه أنصار شيوعية النساء الذين يجمعون كما يجمع الغربي بين صيانة المال وإباحة المرأة لكن الفرد العادي في الشرق يكون في المعدل محبا متواجدا بكاءً لأنه كما وصفه شيوخنا من أهل التصوف صافي السريرة ناعم الضمير خلي القلب من شواغل الأغيار . وهو الفرد الغراري الذي يتشكل منه مفهوم العامة حسب التعريف التاوي . والعامي قرين الصوفي والتاوي وهما غرار المثقف الكوني في الحضارتين فإذا ذكرنا الثلاثة امتنع التمييز . وللعامي من الوجدان ما للصوفي والتاوي ومع أنه قليل البضاعة من العلم فهو يتمتع بالوعي المكافئ لوعي الصوفي والتاوي وله لحظات يكون فيها شاعرا كما يخبرنا هذا الفلاح من جنوب العراق عن نفسه :

    هَزني الهوى بكل حيله لن شاعر مسوِّيني .

    هامش : حيل : قوة ومنه رتبة " رب حيل " لقائد الجيش عند ملكتنا الجميلة زنوبيا .

    لن : بمعنى إذ الفجائية أصلها لأنه . مسويني : جاعلني وهي من الفصيح سوّى .ص11))



    جنون اللغة :



    ((..جاء المتصوفة أولا من وراء العبارة المكثفة الشاطحة أو الشارحة لموقف .لكن ما يميزها ليس الكثافة بل الحرية فالعبارة الصوفية كما تبلورت على يد البسطامي طليقة محلقة جانحة تتوجه في الجهات الستة بانفلات لا يحده إلا خيال الصوفي وقدرته على التركيبة. وقد كسروا قيود اللغة من جهة التصريف أولا فمشى الاشتقاق عندهم على غير ما ألفته الكتابة الأدبية كما تنمطت على الجاحظ . وهم أقل احتراما للغويين من بين سائر فئات المثقفين أو الاختصاصيين . فقد تساوق خروجهم على الإكليروس الديني مع الخروج على الإكليروس اللغوي . و أعطوا المفردات معاني ومدلولات مرتجلة بلا قرينة في الأغلب . و أسقطوا انفلاتهم على نصوص الكتاب والسنة فتصرفوا في التأويل السائب متجاوزين تأويلات الباطنية بقلبهم المدلولات الى عكسها – تأويل العذاب بالعذوبة –والباطنية مقيدة بالجذر اللغوي للكلمة المؤولة . وتدخل لغة الصوفية مع الحلاج والنفري حالة ما يسميه الأب لويس نويا : جنون اللغة .والجنون من مصادر السلوك الصوفي ويقترن بالهذيان ، والمتصوف يهذي و يحدس فيكسر اللغة والمنطق ويخبط العقل بضربات مفاجئة يذهل بها عن اتساقه فيصبح اللامعقول معقولا والمستحيل ممكنا ومن هنا يتوغل حدس الصوفي وينطلق لسانه فيبدع نصوصه الخاصة التي يتداخل فيها الأدب الرمزي مع الحدس لتظهر مزيجا من الاختراق المتجدد ينفتح على آفاق الفكر لأنه فكر في أسه ،وعلى المخيلة لأنه صورة من صور الأسلوب الأدبي جنحت خارج اللغة وأساليبها المستقيمة .ص25))



    زيارة الى بغداد :



    ((..منذ أن ناداني سيدي أبو يزيد البسطامي قائلا : اترك نفسك وتعال ، وأنا في السلوك إليه أجاهد للخروج من قيد الأغيار والدخول في قيد الخلق وللخلق حظوظ وللنفس حظوظ وحظوظ النفس تابعة لحظوظ الخلق ومادامت فيحد الغياب ولا يصح للنفس حضور ولها حظوظ فحضورها غياب لأن حظوظها ليست لها . ولما سافرت في تلك الليلة الى بغداد لأرى سيدي حسين بن منصور لامني على بقية من نفسي بقيت لي وقال إن أهل بغداد سلبت حظوظهم وأنت باق على شيء من حظوظ نفسك . فنزعت من صحوي الى سكري فرأيت مشرعة الكرخ من وراء العباءات واستيقنت عندئذ أن رؤيتي مشوبة فعزمت على الاغتسال في ماء دجلة لكني غرقت فيها.

    ودامت غيبوبتي في الماء شطرا من الليل ثم صحوت وأنا سكران . والصحو إذا لم يصحبه حظ فهو عين السكر وأنا لا بد لي من الصحو بعد السكر ولكن بهذا القيد لأن الصحو المطلق لا يقع لمن سلك وإنما يكون ذلك قبل السلوك .

    وعدت من سفري تلك الليلة لأبلغ أصحابي بما رأيت في بغداد وصح عزمنا عندئذ أن ننتقل الى ساحة جديدة نعمل فيها على وضع القواعد المطلوبة للمجتمع العظيم كما تعلمته من شيخنا الصيني تشوانغ تسه . وما لم نبلغ في سلوك هذا الحد تبقى بغداد رهينة عند حامد بن عباس وقد يأتي بعد حامد بن عباس الفضل بن مروان وتتقلب بغداد عندئذ بين حامد والفضل فتبقى بلا حظوظ .ص2)



    وحدة شهود:



    ((..يمر الزمان بآناته قصيا وتزدحم الأسئلة .

    ومن نقطة البدء الى نقطة المنتهى تلف الغيابة سرَّ الكلام فيغدو الجوابُ سؤلا والكلامُ امتثالا وتضيق العبارة عن خبر لا تراه الحروف .

    سألتُ وكم أخطأ السائل القصدَ فكان الجواب حروفا والحقيقة لا تجتلى بالحروف فالحقيقة شوق والكلام اقتحام والبداية في نقطة الباء لا نقطة البدء ومن قال إن الولادة بدء فالولادة موت والموت نهر الحياة انبعاث الخليقة من محوها إلى صحوها به تتجلى وفود السماء لأربابها تطل على ساحة الموت يوم النشور حيث الغياب نشور لا يكرر معنى السؤال وفي لحظة الغيب تحيا الإشارة (...) ألا خسئوا ليس ذا زمن العقل بل زمن الجوع والعصر عصر الجنون الذي بشرونا به وقالوا هو الكل والعالم الأكمل

    وفي زمن الجوع كل حنين لغير السلاح جفاء .(...)

    فكيف يحن الترابُ إلى الماءِ والنخيلُ الى الشمسِ والقمحُ للسنبل بل كيف أحن إليك وما بي حنين إلى راية يستظل الجياع بها ليقتحموا شاهقات القصور والقلاع الحصينة بالجند والمال فيمضي الجنود الى أهلهم وتعود القلاع الى أهلها ويفرح بالعدل أهل السماء ؟

    (...)

    سلام عليك فإنا احترقنا جميعا لكي يحكم الموت أرض العماء فتنبثق المعصرات بحارا من الوجد تغني الألوف بها ويمطر توق الجياع

    سلاما وفيض مسرة .ص139))



    البداية :

    ((..وإذا قرأت :

    علي قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم

    وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم



    أجد نفسي على سواحل العراق أمام البوارج الأمريكية ومن حولي فتيان العراق يتغلغلون في أحشاء الجنود الأمريكان ليقطعوها بالسكاكين.. ص23))
                  

05-20-2003, 07:59 AM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Abdel Aati)

    الأخ عادل

    يا ريت إضاءة حول كتابه

    الإغتيالات السياسية
    في الدولة الإسلامية
                  

05-20-2003, 09:28 AM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: أبنوسة)

    شكرا أخي عادل
    هذا بوست شديد الإشراق. ليتنا وجدنا الهمة، والوقت، والمددالروحي، والصبر على الإمساك بالقلم، لنسكن فيه معك بعض الوقت. نحن أيضا معكم في أن المستقبل القريب جدا، سوف يكون للتصوف. ونعني التصوف، بهذا المعنى الإنساني، الواسع، الذي أشار إليه هادي علوي. والذي أحببت أنت أن تشركنا فيه، بنقلك للحوار معه. وهو، في تقديري، ذات المعنى الذي بشر به الأستاذ محمود محمد طه. وأساسه، أن الإنجاز في مجال الذات، لا ينفصل عن الإنجاز في مجال المحيط. فالتصوف كان فيما مضى طريقا فرديا للخلاص، والأدب، والفن، ظلا أيضا، في غالب حاليهما، طريقين فرديين لخلق المعنى. ودورهما، بذلك الوصف ـ كأدوات للخلاص الفردي ـ قد أوشك أن يصبح من مخلفات الماضي. وواضح أن دورا جديدا لهما في طريقه إلى التشكل. ومن أبرز من قال بذلك، في الفضاء الغربي Suzi Gablic في كتابيها: The Reenchantment of the Art وConversations before the End of Time. والقاسم المشترك، لهذا الدورالجديد الأعمق، والأنفع،إنما هو العمل على تفكيك بنيات التفاوت الكاذبة، القائمة على حيازة المال، ووراثة الجاه، وحيازة الثروة.

    في مضمار تشكيل هذا الوعي الكوكبي الصاعد، يتم الإرتفاق بكل ضروب المعرفة الإنسانية، بعيدا من قيد العقيدة المكبل، وقيد سجن النص، وسجن المصطلح. في هذا السياق يتم استلال جوهر الفكرة الإنسانية من كل دين، ومن كل فكرة وضعية، سواء بسواء. فالعقل البشري الموحي إليه (دينا) وغير الموحى إليه (دينا) كلاهما يستقيان من معين واحد، في نهاية الأمر. ولسوف تلتقي الأديان، والفلسفات، والأدب، والفن، كلها على بساط واحد. وأحب أن أهدي لأهل البورد هذه البشارة المفرحة، التي جرى بها قلم الأستاذ محمود محمد طه، قبل ما يقارب الأربعين سنة، والتي يقول فيها:

    ((الإسلام عايد عما قريب بعون الله وبتوفيقه.. هو عايد، لأن القرآن لا يزال بكرا، لم يفض الأوائل من أختامه غير ختم الغلاف.. وهو عايد، لأن البشرية قد تهيأت له، بالحاجة إليه وبالطاقة به.. وهو سيعود نورا بلا نار، لأن ناره، بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر، قد أصبحت كنار إبراهيم بردا وسلاما.. إن العصر الذي نعيش فيه اليوم عصر مائي، وقد خلفنا وراءنا العصر الناري.. هو عصر مائي، لأنه عصر العلم.. العلم المادي المسيطر اليوم والعلم الديني - العلم بالله - الذي سيتوج، ويوجه العلم المادي الحاضر غدا.. وفي عصر العلم تصان الحرية وتحقن الدماء وتنصب موازين القيم الصحائح..
    البصيري إمام المديح يقول:
    شيئآن لا ينفي الضلال سواهما نورٌٌ مفاض أو دم مسفوح
    وقد خلفنا وراءنا عهد الدم المسفوح، في معنى ما خلفنا العصر الناري، وأصبحنا نستقبل تباليج صبح النور المفاض .. بل إن هذا النور قد استعلن على القمم الشواهق من طلائع البشرية، ولن يلبث أن يغمر الأرض من جميع أقطارها.. وسيردد يومئذ، لسان الحال ولسان المقال، قول الكريم المتعال:

    ((الحمد لله الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض، نتبوأ من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين)) ..إنتهى. (المصدر: كتاب رسالة الصلاة)

    فعصرنا هذا هو عصر الفردية، وهو عصر رجل الشارع العادي. فالمعرفةقد أخذت اليوم تتسرب للجميع عبر جدران حواجز الطبقة، وحواجز السلطة السميكة، لتسري رغم أنف المتسلطين، إلى عامة الناس، سريان النار في الهشيم. وفي كل ذلك بشارات كثيرة، بعموم التحرير. وقد وصف الأستاذ محمود هذه الحالة أيضا قبل أربعين عاما أيضا، حيث قال:

    ((إن عصرنا الحاضر يمكن أن يوصف بأنه عصر الذرة، ويمكن أن يوصف بأنه عصر استكشاف الفضاء الخارجي، ولكن ينطبق عليه أكثر، كونه عصر رجل الشارع.. عصر الرجل العادي المغمور، الذي استحرت على مضجعه شمس الحياة الحديثة، فنهض وحمل عصاه على عاتقه وانطلق يسير في الشعاب، يبحث عن حياته وعن حريته وعن نفسه، بعد أن أذهل عن كل أولئك طوال الحقب السوالف من تاريخه المكتوب وغير المكتوب.. ذلك التاريخ الذي أخذ يراجع اليوم، ويكتب على هدى قيم جديدة.. وهذه القيم الجديدة هي التي ستوجه المدنية الغربية الآلية الحاضرة وجهتها الجديدة وتبني بذلك المدنية الجديدة))..إنتهى. (المصدر: كتاب رسالة الصلاة).

    ولسوف أعود لكي أوسع في هذا المنحى قريبا، إن شاء الله. وشكرا عادل على إشراكنا في هذا الحال العامر. والصوفية فالوا قديما، (إن الحال العامر يعدي).

    (عدل بواسطة Dr.Elnour Hamad on 05-20-2003, 09:31 AM)

                  

05-20-2003, 10:17 AM

أبنوسة
<aأبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Dr.Elnour Hamad)

    أستاذنا د.النور حمد
    الأخ عادل

    لكم التحايا والتجلة

    هناك كتيب لأدونيس بإسم "الصوفية والسوريالية" وهو كتاب فقدته
    قبل أن أبدأ قراءته وياريت أجد إضاءة عليه منكم
    ومن أي الأخوان أعضاء البورد
                  

05-20-2003, 01:43 PM

Dr.Elnour Hamad
<aDr.Elnour Hamad
تاريخ التسجيل: 03-19-2003
مجموع المشاركات: 634

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: أبنوسة)

    شكرا أبنوسة
    كتاب أدونيس (الصوفية والسوريالية) بحوزتي، وأرجو ان أتكمن من اسنعراضه على البورد قريبا، بإذن الله.
    النور حمد
                  

05-26-2003, 08:37 PM

Abdalla Gaafar

تاريخ التسجيل: 02-10-2003
مجموع المشاركات: 2151

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Abdel Aati)

    الاعزاء
    عادل
    و د. النور
    لا ادري فاتني وغيري الدخول الي كل هذا البهاء
    وليتكم تواصلوا مابدأتم


    عبد الله جعفر
                  

05-27-2003, 07:28 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الصوفية - المثقف الكونى - الموقف الاجتماعى - حوار مع الراحل هادى العلوى (Re: Abdalla Gaafar)

    سلام للجميع

    لي عودة قريبا الي الموضوع
    الرجاء المساهمة

    عادل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de