مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - الشاي المر

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 08:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-13-2007, 06:54 PM

هلال زاهر الساداتي
<aهلال زاهر الساداتي
تاريخ التسجيل: 04-08-2007
مجموع المشاركات: 225

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
مقتطف من كتاب امدرمانيات وقصص قصيرة اخري - الشاي المر

    الشاي المر

    يا أمي أديني المصروف أنا أتأخرت على المدرسة , جاء صوت البنت ذات الثلاثة عشر ربيعاً زاعقاً كصافرة القطار وتلاه صوت أختها الملهوف المتقطع :
    وأنا كمان يا أمي وما تنسي المية جنيه حقة المعلمة , وصرخت فيها البنت الأولى :
    - أنتي المعلمة دى ما بتنسى مرة حقها ؟
    - والله قبل ما تقول أي حاجة بتسأل عن حقها
    - لكين ليه ما بتشتكوها للمديرة ؟
    - بري ! منو البقدر يعمل حاجة زي دى
    وهنا جاء صوت الأم غاضباً من خارج الحجرة :
    اطلعن يا بنات وخلن الغلبة بعدين بتتأخرن على المدرسة .. وأسرعت البنتان وأخذت كل واحدة ورقة الخمسمائة جنيه لإفطارها وزادت البنت الصغرى المائة الجنيه حق المعلمة وهرولتا ليلحقن بمدرستهن , وأخذت الأم ترتب أدوات عملها المكونة من عدة أكواب لشرب الشاي وصينيتين صغيرتين وعلبة تحوى السكر وأخري صغيرة للشاي وجردلاً صغيراً للماء وكيس به فحم وموقد صغير وبنبر وألقت نظرة فاحصة أخيرة على أشيائها ثم وضعتها في كرتونة متوسطة الحجم ثم دلفت من ( الراكوبة ) التي تتخذها مكانا للطبخ وللاسترواح حيث وضعت فيها عنقريباً صغيراً عار من الفرش , ودخلت الحجرة الطينية الصغيرة ذات الجدران المنبعجة هنا والداخلة هناك وغير المستوية بأكملها فبدت شوهاء قبيحة وكان بداخلها سريراً حديدياً قديماً وعنقريبان صغيران مفروشان بفرش قديم وملاءات مهترئة بجانبها منضدة صغيرة وتحت السرير شنطة حديد للملابس , وامتد بجانب الحجرة حبل مثبت بمسمارين على الحائطين نشرت فيهما ملابسهما القليلة وكان هناك أيضاً صندوقاً خشبياً وضع فوقه مصباح يعمل بالجاز ( الكيروسين ) , وهذه الحجرة في هذه البقعة في أطراف المدينة والتي يسمونها السكن العشوائي هي ما استطاعت أمونة أن تحصل عليه من سكن وبأجر باهظ من كسبها الضئيل من بيع الشاي للسابلة منذ أن فارق زوجها الدنيا منذ خمس سنوات تاركاً وراءه بنتين صبيتين , وانقطعت بها الأسباب عن أهلها البسطاء وقريتها الصغيرة في غرب البلاد , واستقرت في ذلك الصباح الباكر في مكانها الذي اختارته في أحد براندات السوق الأفرنجي في قلب الخرطوم وصار كأنه ملك خاص بها لا ينازعها فيه أحد وصار لها زبائن دائمون من العاملين في تلك الحوانيت والشركات وحتى أصحاب المكاتب في الطوابق العليا من المحامين والمهندسين , بخلاف السابلة الذين يتناولون الشاي وقوفاً أو جالسين على قوالب أسمنتية مربعة أو جالسين القرفصاء على الأرض .. وكان أول زبائنها ذلك الصباح هو عبد الله الفراش في الشركة المجاورة وابتدرها قائلاً :
    - كيف أصبحتي يا أمونة وكيف البنيات
    - نحمده ونشكره كلنا في أمن وأمان
    - الحمد لله , المهم ربنا يدينا العافية
    وناولته كوب الشاي الساخن الذي يتصاعد بخاره وتفوح منه رائحة النعناع .. وجاء آخر : بالله شاي بلبن وتقلى الشاي
    - سمح وإن شاء الله تشربه بالعافية
    وجاء ثان : أعملي لينا شاي سادة وسكر زيادة
    - حاضر ياخوى
    ثم التفتت إلى عبد الله الذي مازال يشفط بقية الشاي في كوبه
    - أنت يا عبد الله أم عيالك ما طابت
    - والله يا أمونه الدكتور قال عاوز نعمل ليها أشعات وتحاليل عشان يعرف مرضها لكن أداها مسكنات وحاجات زي دى , وأنتي عارفه الأشعات والتحاليل ما بنقدر على تكاليفها والله الشافي
    - الله يلطف بينا كلنا يا عبد الله والله أنا لي تلاتة يوم صفحتي بتنقح على وصابرة عليها .
    وغادر عبد الله داعياً لها بالشفاء , وهنا جاء زبون جديد ويبدو أنه معروف لديها وهو شاب متأنق بعض الشيء ووقف قبالة أمونة وغمز لها بعينه وقال :
    - صباح النور على البنور , أديني شاي من أيدك وأتوب وردت عليه مبدية الضيق : أنت مسخرتك دى ما داير تبطلها يا حسن
    - يعني الزول ما يقول النصيحة يا سمحة
    - عليك الله خليك من الكلام ده وأشرب شايك وأمشي .
    وفي الحقيقة كانت أمونة يكسو وجهها وقوامها بقايا حسن جار عليه الزمان وأخذ يطمس ملامحه الوضيئة تحت ضربات الشقاء وهم العيش .. وبينما هما كذلك حدثت جلبة وصراخ وشتائم وصيحات ( الكشة .. الكشة ) وحاولت أمونة أن تلملم حاجياتها في الكرتونة وتهرب بها ولكن هبط عليها كالقدر عسكري من شرطة النظام العام وركل بحذائه الثقيل الغليظ أشيائها فطارت الأكواب الزجاجية وارتطمت بالأرض الأسمنتية متناثرة إلى آلاف الأجزاء المتكسرة وتناثرت حبيبات السكر والشاي وسال اللبن وغطت الأرض خليط من اللونين الأبيض والأسود , وتشبثت أمونة ببقية حاجياتها ولكن العسكري دفعها بغلظة وقعت معها على الأرض , وقامت مقهورة منعدمة الحيلة وصارت تردد بحرقة ويأس رافعة يديها إلى السماء (( شكيتكم لي الله ..شكيتكم لي الله )) .

    هلال زاهر الساداتى
    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de