ورشة تقييم وتقويم تجربة التحالف- بجامعة الخرطوم- خطوة الى الامام

Quote: ستكون خطوة إيجابية إذا خرجت من كونها صورية أي مراجعة لتجربة التحالف لتكون ذات معنى :

Quote: ]تمهيد : - قصد من هذه الورقة أن تتناول مسيرة تجربة الطلاب في تعاطيهم مع العملية السياسية في جامعة الخرطوم ، عموماً ، و مع تحالف القوى الوطنية الديمقراطية بشكل خاص ، فلما كانت تجربة تحالف القوى الوطنية الديمقراطية في خوض انتخابات الإتحاد وليدة خمس سنوات هي عمر التحالف ، فإن حصر هذه الورقة حدودها الزمنية في هذه الفترة يأتي بداهةً . و بما أن صفة ( طلاب ) هذه تحيل إلى العمومية وعدم التخصيص ، فإن إستخدامها جاء ليشير إلى من هم غير منتمون إلى تنظيم سياسي بعينه ، بقدر ما هم يمثلون القاعدة الجماهيرية التي يستند إليها تحالف القوى الوطنية الديمقراطية . إلا أنه من الصعوبة بمكان إدعاء مقدرتنا بعملية فصل منهجي ما بين التنظيمات السياسية في الجامعة و من نطلق عليهم صفة ( طلاب غير منتمين سياسياً بالجامعة ) فهؤلاء الأخيرين يشملون كل طالب ليس لديه التزام تنظيمي تجاه أي منظومة سياسية ، و ذو إهتمام و مشاركة في العملية السياسية وفقاً لهرمية متدرجة من القاعدة تبدأ بـ ( التصويت في الانتخابات ، الاتصال بالغير و حثهم على الإدلاء بأصواتهم ، المشاركة لكسب المساندة و الدعم و التأييد السياسي ، قيادة التكوينات السياسية، الساعية لكسب تأييد الطلاب و الترشح لمقاعد مجالس الروابط و الاتحاد ) و قياساً على هذه الأدوار المتدرجة ، فإن عضوية التنظيمات السياسية ذاتها تقع في داخل هذا الإطار من ناحية الدور الوظيفي ، لذلك فإننا سنقوم بتناول مجمل التجربة التفاعلية لتحالف القوى الوطنية الديمقراطية من خلال معطياته التي سبقت ، في محاولة لإجراء عملية تقييم من نواح نوعية و كيفية . نشأة التحالف و تجربة الانتخابات :- 1 / جرت عملية صياغة تحالف القوى الوطنية الديمقراطية الذي خاض غمار الانتخابات الأولى للإتحاد بعد عودته في العام 2002 م من واقع الحركة السياسية للقوى الديمقراطية بجامعة الخرطوم ، و التي التقت يوم ذاك على هدف واحد أوحد : هو هزيمة المؤتمر الوطني في الانتخابات ، و على الرغم من النجاح الذي حققته دورة الإتحاد الأولى من إعادة لمكتسبات الطلاب (1 ) ، إلا أن الصيغة العفوية التي جاء من خلالها التحالف ، كانت قد ألقت بظلالها السالبة على عمله كمنظومة واحدة ، و على العمل السياسي بالجامعة عموماً ، و يتبين لنا ما سقناه من تعميم في النقاط الآتية : - i. الشكل العفوي للتحالف و التقاء منظوماته و أغلبية من طلاب الجامعة على هزيمة المؤتمر الوطني في الانتخابات حولت العملية السياسية في الجامعة من عملية منظمة تربطها أسس و برامج واضحة المعالم ، تتم صياغتها في أهداف يلتقي حولها الجميع ، و بالتالي لها مخرجات واضحة تتيسر معها عملية الجرد و المحاسبة ( حساب الإنجازات و الإخفاقات ) إلى حملة لجباية الأصوات تبدأ مع موسم الانتخابات و تنقضي بإعلان نتيجتها . ii. غياب لائحة و ميثاق حقيقيين ينظمان عمل تحالف القوى الوطنية الديمقراطية جعل من التوترات و الخلافات السياسية ، و أحياناً العداء السافر بين مكونات التحالف سمة مميزة له طيلة فترة وجوده دون أن تكون هنالك مرجعية واضحة لتسوية تلك الخلافات ، على الرغم من وجود لجنة سياسية تمثل كافة منظومات التحالف . iii. كان و ما زال عصياً على الفهم و التصور وجود تحالف كتحالف القوى الوطنية الديمقراطية 80% تقريباً(2) من جماهيره هم الطلاب غير المنتمين سياسياً، لا يسعه إيجاد برنامج يستوعب قاعدته الجماهيرية و يعمل على تمثيلها في لجنته السياسية و مقاعد الاتحاد و يضمن بذلك مساندتها و دعمها. 2 / إن المعضلة الكبرى التي تواجه تحالف القوى الوطنية الديمقراطية لا تنحصر في ما سبق فقط ، بل تتمدد لتشمل مناح أخرى تتحكم في بقاء هذا التحالف ، أو ذهابه إلى غير رجعة ، هذا الإدعاء منطلقاته الأساسية هي ذلك الكم الهائل من الطاقات غير المستوعبة التي تحويها منظومة التحالف ، مما ميزها عن بقية التحالفات التي خاضت انتخابات بالجامعة ، و نعني هنا بالتحديد ظاهرة الصعود السريع للتحالف التي أكسبته سمعة و وزن كبيرين في الأوساط السياسية الطلابية و الشارع السوداني ، وصلت به حد أن أصبح آيدولوجية سياسية ، ملأت نفوس غالبية إن لم يكن جميع جماهيره ، خصوصا تلك التي لا تدين بالولاء أو الانتماء للمنظومات أو الأحزاب المشكلة له ، و قد ظل هذا الصعود لنجم التحالف في ازدياد مطرد ، و كان يكفي أن يتم فقط إعلان التحالف ليضمن له ذلك فوزه بالانتخابات ، هكذا حتى دون أن يقدم برنامجا انتخابيا يستقطب به أصوات الناخبين(3) ، فما كان من هذا إلا أن اقعد تنظيمات التحالف عن العمل السياسي و استغنت بعضها عن العمل الإعلامي و الجماهيري مكتفية بالظهور ضمن منظومة التحالف ، و قد ظل هذا الفراغ و التراجع الكبيرين التي خلفته تنظيمات التحالف في ساحة العمل السياسي ينسحب رويدا رويدا على منظومة التحالف كوحدة سياسية و تنظيمية واحدة فقدت أهم ركائزها الأساسية التي تستمد حيويتها و وجودها منها ، متمثلة في الظهور الإعلامي للمنظومات المكونة لها ( أركان نقاش أسبوعية، مخاطبات و بيانات سياسية ، منتديات فكرية ، صحف دورية جداريه ) و لعل أقوى مؤشر على هذا التراجع المريع هو نتيجة انتخابات الاتحاد الأخيرة ، لدورته 2007 – 2008 م الحالية ، حيث تقلص الفارق بين قائمة التحالف و القائمة التي تليها في الترتيب ( التيار الإسلامي ) ليصل إلى 969 صوتا ، بينما كان في انتخابات الدورة السابقة قد بلغ 2132 صوتا . 3 / هذه النتيجة وحدها كانت كفيلة بأن تدفع إلى الأذهان بفكرة تقييم و تقويم تجربة التحالف(4) ، إلا إن الخلافات الأخيرة في داخل الاتحاد لهذه الدورة 2007 – 2008 م ، في داخل لجنته التنفيذية و مجلسه الأربعيني هي التي أعادت فكرة تقييم تجربة التحالف لدائرة النقاش ، بشكل أكثر تأكيدا على أهمية الحوار حول مآلات التجربة . إن الخلافات الماثلة الآن في الاتحاد و التي كادت أن تعصف به ، غير آبهة للجهد و الوقت اللذين بذلا في عودته و المحافظة عليه ، لهي مؤشر مهم في مسيرة التحالف ، يفرض على كل حادب على هذه التجربة – المأمول إن تستمر امتداداتها إلى ما هو أبعد من محيط الحياة الجامعية – أن يعيد التفكير مرارا في هذه التجربة الحافلة بحثا عن مكان الخلل و استقصاء لمواطن القصور فيها ، فإذا توافرت العزيمة و الإرادة فان هذا لا شك هو المخرج . دور الطلاب في منظومة التحالف :- 1 / إن محاولة التأريخ لدور الطلاب في العملية السياسية بجامعة الخرطوم تدفع بنا لأن نقلب في صفحات ذلك التاريخ ، بحثا عن ما كانت تدور حوله العملية السياسية منذ نشأة الجامعة و حتى الآن . و إذا كان إتحاد طلاب جامعة الخرطوم ( KUSU) هو محور تلك العملية التي دارت رحاها ما قبل نشأته حتى الآن ، فإن نشأة إتحاد طلاب جامعة الخرطوم تعطينا خير دليل على أولية وأهمية النشاط السياسي غير الموسوم بالانتماء الحزبي و التنظيمي ، فبتكوين ( جمعية الثقافة و الإصلاح ) في عام 1938 م ، و التي تولى رئاستها آنذاك الطالب عبد المجيد إمام ، لتكون بمثابة النواة التي جاء منها الإتحاد ، فتحولت الجمعية إلى لجنة إتحاد كلية غردون و المدارس العليا في العام 1941 م (5) ، وحينها لم تكن بعد الأحزاب السياسية السودانية قد برزت إلى الوجود . 2 / ظل التحالف على الدوام يعول أكثر من أي شئ آخر على جماهيره من الطلاب غير المنتمين سياسيا ، فقد اتضحت أهمية هذه الجماهير منذ فجر التحالف و حتى الآن ليس فقط من ناحية الأصوات التي تدلي بها في الانتخابات بل في قيادة دفة العملية السياسية في الجامعة و قيادة الحملة الانتخابية للتحالف بكافة جوانبها و تمويلها انتهاء بإنجاح برامج الاتحاد الذي فازت به القوى الديمقراطية . هذا العمل الذي قام به الطلاب من خلال منظومة التحالف كان نتاج إحساس عال بالمسؤولية النابعة عن الوعي الذي اكتسبته هذه الجماهير في داخل و خارج منظومة التحالف ، فكان لهؤلاء الطلاب أدوارهم المتجددة في دعم مسيرة التحالف ، و ليس أدل على ذلك من تجربة ( لجنة دعم تحالف القوى الوطنية الديمقراطية ) ، التي ظهرت للوجود كمساهمة طلابية صرفة لدعم الصف الوطني الديمقراطي ، و قد جاءت فكرة لجنة دعم التحالف كجسم طلابي يستقطب الدعم و المساندة للتحالف في فترة انتخابات الاتحاد لدورته 2004 – 2005 م ، و استمرت هذه التجربة في كل الدورات التالية بشكل أكثر تنظيما في كل مرة ، و قد جاء ظهور لجنة دعم التحالف في مطلع العام 2007 م ، و قبيل الانتخابات ، بشكل أكثر حضورا و جماهيرية ضاربة بذلك أعلى مستويات الفاعلية ، و دقة التنظيم ، فخاضت " و للأمانة " الحملة الانتخابية لتحالف القوى الوطنية الديمقراطية، ( تنظيما و دعاية و تمويلا و تأمينا ) ، جنبا إلى جنب مع تنظيمات التحالف ، و إن كان لها " لجنة دعم التحالف " قصب السبق و شرف البدء في إعلان التحالف و خوضه للانتخابات(6) . 3 / فإذا كان هنالك ثمة أمر غير ملحوظ في خضم هذا العمل الجماهيري المبادر، فهو تلك الصيغة العملية التي قدمتها لجنة دعم التحالف للقوى الديمقراطية بالجامعة خاصة، و للعملية السياسية بشكل عام. فمن خلال عملها في الحملة الانتخابية ذهبت لجنة دعم التحالف منحى تجاوزت فيه شكل التحالف الماثل على شكل أكثر حيوية و فاعلية ، و طبقته عمليا ، وذلك من خلال خلق بنية متماسكة لتحالف القوى الوطنية الديمقراطية ضمت التنظيمات السياسية الديمقراطية المكونة له ، و الطلاب غير المنتمين سياسيا ليتوجوا معا عمل التحالف بالفوز للمرة الرابعة ، إلا إن ما يجعل هذه التجربة تأتي منقوصة هو عدم اهتمام تنظيمات التحالف بإشراك الطلاب غير المنتمين سياسيا في اللجنة السياسية للتحالف و مقاعد الاتحاد . نحو تطوير تجربة التحالف:- و إذا جاز لنا إن نطرح مخرجا لتحالف القوى الوطنية الديمقراطية من هذه الأزمة، فهو لا شك ينبني على ما سبق من عرض و تقييم لتجربة التحالف، مما يمكن تلخيصه في الآتي: - i. ضرورة الإسراع بإصلاح الوضع داخل الاتحاد في لجنته التنفيذية و مجلسه الأربعيني، حتى يتسنى له القيام بأعبائه، كمنبر يعبر عن قضايا الطلاب . ii. إيجاد صيغة أكثر عملية و ديمقراطية و فاعلية ، لمنظومة تحالف القوى الوطنية الديمقراطية ، تسترشد بتجربة التحالف في السنوات السابقة ، و تضع أنموذجا لها : تجربة التحالف في فترة الانتخابات الأخيرة ، حتى يصبح تحالف القوى الوطنية الديمقراطية فعلا هو ( تحالف القوى الوطنية الديمقراطية و الطلاب غير المنتمين سياسيا ) . iii. تمثيل القوى المختلفة داخل منظومة التحالف حسب أوزانها و تأثيراتها، لهو اقرب إلى الديمقراطية و أكثر تأثيرا على الفاعلية السياسية و التنافس الحر الذي تسوده روح الديمقراطية. iv. وضع لائحة و ميثاق يتم التوقيع عليه من قبل جميع مكونات التحالف ، لضبط و تنظيم عمل المنظومة ، بما يضمن تماسكها و استمراريتها و ريادتها للعمل السياسي بالجامعة . أخيراً : - تتبدى الحاجة الملحة للنظر في دستور اتحاد طلاب جامعة الخرطوم من عدة وجوه ، لعل أهمها هو ما ننادي به من مفاهيم و من مبادئ و قيم ديمقراطية ، تدفعنا لأن نبحث عن اقرب الطرق المؤدية للديمقراطية التي ننشد في ممارستنا السياسية ، مجمل هذا يجعلنا ننظر إلى طريقة الانتخاب الحر المباشر التي يقرها دستور الاتحاد الذي يجيز الفوز بالأغلبية البسيطة كطريقة تجاوزتها مفاهيم الممارسة الديمقراطية ، إلى أساليب و طرائق أخرى أكثر ديمقراطية ، و لعل تجربة اتحاد طلاب جامعة الخرطوم مع التمثيل النسبي 1956 – 1972 هي اكبر محفز على ضرورة إجراء تعديل على الدستور الحالي ، و طرح النقاش حول التمثيل النسبي ، و أي تمثيل نسبي نريد ؟ لفائدة منظومة التحالف الديمقراطي و عموم التجربة السياسية . هوامش: 1 / محمد حسن عربي : اتحاد طلاب جامعة الخرطوم : كشف حساب – صحيفة الصحافة الالكترونية – ابريل 2003. 2 / عوض السيد الكرسني _ العنف الطلابي في الجامعات السودانية _ دراسة حالة جامعة الخرطوم 3 / أبوبكر عبد الرازق : ربيع التجربة الديمقراطية بالجامعة قراءة في دفتر الانتخابات kusus - مذكرات غير منشورة 2004 . 4 / محاضر اجتماعات لجنة دعم التحالف المركزية مع لجان دعم التحالف بالمجمعات -9 – 10 – 11 – 1 2 – أغسطس 2007 . 5 / مجلة الصحافة الالكترونية – تقرير صحفى _ سبق ذكره. 6 / محاضر و أرشيف اجتماعات لجنة دعم التحالف – مايو 2007. الله – الحقيقة – الوطن – الإنسانية الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم و لجنة دعم تحالف القوى الوطنية الديمقراطية دور الطلاب في التحالفات السياسية تجربة جامعة الخرطوم إعداد : أبوبكر عبد الرازق محمد