فكر القطيع

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 05:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2007, 12:59 PM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
فكر القطيع

    رغم عدم قناعتي بأن البنية الإجتماعية أو الوضع الطبقي هما المحددان الوحيدان للفكر ، وقناعتي بأن الناس يتخذون مواقف مختلفة في أوضاع متشابهة ، إلا أنني أعتقد أن إحتمالية إتخاذ مواقف متشابهة تزيد كلما قل تأثير الجانب الذاتي ، الفردي : أي ضعف القدرة على التفكير و شح الخيارات التي تختزنها ذاكرة المحمول الثقافي ، وهنا يصبح لدينا القطيع .

    ما أريد أن أتناوله هنا ليس دراسة أكاديمية متخصصة ، رغم أهمية دراسة الموضوع ، فما أود طرحه هنا بعض الملاحظات الشخصية على مجموعة من الأفكار و السلوكيات المنتشرة حديثاً في المجتمع السوداني و التي أظن أن لها أثراً كبيراً في تثبيت دعائم السلطة الفاشية الحالية ، و أنها ربما تكون عاملاً مفسراً لعدم فعالية العديد من وسائل التغيير السياسي التي عولت عليها قوى التغيير سابقاً، و أرجو من الأعضاء الذين تتوفر لهم تفاصيل أدق بحكم مواقعهم أو خبرتهم أن يثروا هذا البوست بآرائهم .

    أساطير السياسة الشعبية :

    حجم الإنفعال الشعبي بالقضايا السياسية ليس كالذي تصوره خطبنا الحماسية ، و أنا هنا أتحدث تحديداً عن مناطق الوسط / المدن الكبرى ، فتلاشى لدى الغالبية الإرتباط المباشر بين قضاياهم المعيشية و بين السياسة ، وهم ينظرون لها كمجال مستقل مثله مثل الرياضة مثلاً ، و الأجيال الشابة ورثت مفاهيم غريبة ، فما أن يفتح نقاش سياسي حتى تسمع أول جملة ( كلو كلام فارغ ، كلهم كضابين ) نظرياً قد يكون ذلك صحيحاً ، ولكن المستحيل أن يحدث هو أن تختفي الأحزاب السياسية أو أن تبتدع المجتمعات مؤسسة بديلة للدولة في مئوياتنا القادمة ، و الغريب أن تسمع هذا الكلام من طلاب جامعات يفترض أنهم مثقفين، أو من أفراد هم متضررين بصورة مباشرة من الأوضاع الحالية .

    ما يحدث هو ظاهرة غريبة أحب أن أسميها (تطبيع) الحكومة ، بمعنى أن السلطة السياسية صار ينظر لها مثل الظواهر الطبيعية كالأعاصير و الزلازل ، قد تكون سيئة ولكنها من حقائق الواقع ، لذلك صارت إنتهاكات النظام لا تثير مشاعر الغضب لدى قطاع واسع ، و لا توجد أي أفكار أو حتى خيال أو رغبة في التغيير، وتم إستبدال مفهوم التغيير بالتعايش.

    المسببات: إحباط مورث من أجيال سابقة ؟ القمع؟ ضعف القوى السياسية ؟ القوى السياسية لا تعبر عن الإحتياجات الحقيقية؟ لا أدري ، مخاض تشكيلات إجتماعية جديدة و هذا الهدوء مصاحب لإعادة التشكيل ؟ أتمنى !

    الدين :

    الإصلاح الديني في كل العالم لم تحدث نتيجة لدعوات التجديد الودودة فقط ، لا بد من تعرض الخطاب الديني المطروح لتحديات حقيقية ، تحديات تظهر فشله في تقديم حلول لعدد من القضايا الإجتماعية ، هذا لا يحدث عندنا ، و مثقفينا لا يربطون في خطابهم بين بعض الأزمات و أصولها في الخطاب الديني المسيطر بصورة كافية لحث حراك إجتماعي ضده ، وينحنون في خنوع للموجة الإسلامية العالمية الحالية ، إنهم لا يستصحبون أنها موجة تأريخية ستنتهي حتماً كما إنتهت القومية العربية ، ليس علينا إنتظار خمود هذه الموجة في كل المنطقة ، فنحن في السودان قد عايشنا مشروعها بكل بشاعته وتجاوزنا مرحلة الترقب و الإختبار .

    وصف جماعات الإسلام السياسي بأنهم متشددين لا يخاطب جوهر الأزمة ، فالقضية إختلاف نوعي و ليس كمي ، وحتماً أي صراع في ملعب هولاء و إعتماداً على النصوص و على قواعدهم العقدية و الدينية ،و أصول فقههم سيكونون هم الرابحون ، فهم الخصم و المرجعية هنا.

    الإرتباط السوداني بالدين هو مختلف نوعاً ما ، فهو ليس مؤثراً في سلوكياتهم الشخصية و مؤسساتهم الإجتماعية بقدر تأثيره في الإتجاه السياسي و الشعارات و الفكر الأكثر تجريداً . هذه نقطة أساسية فدور الدين أصبح يوظف كحمولة عاطفية في مواجهة الفشل السياسي و الإجتماعي ، و مخدراً مفارق للواقع لتخفيف صدمة الحداثة التي نتجت عن الإتصال بالحضارة الغربية ، و الحلول التي يقدمها الخطاب الديني المسيطر لا تقيّم بمدى نجاحها في الإجابة على أسئلة الواقع بصورة تحقق الحوجات الإجتماعية . في القضايا السياسية و الإجتماعية يجب أن يتم التشديد على أن المشاريع المطروحة يجب أن تقدم لنا حلولاً يمكن إختبار نتائجها في هذه الحياة.

    خطاب الإسلام السياسي يختزل و يزور طبيعة الصراع ، داخلياً و عالمياً ، فبينما يجب أن تسود ثقافتنا مبادئ تدين الإنتهاكات من حيث هي إنتهاك لحقوق إنسان ،يتم تصويرها على أنها الصراع الإسلامي ضد الكفار بقيادة اليهود ، ذلك الصراع المتعالي على الواقع و التأريخ و الميتافيزيقي .
    هذا التناقض الميتافيزيقي بين الإسلام و غيره أصبح آلية التفسير الأساسية لكل الصراعات السياسية العالمية في الوجدان الشعبي ، و هذا الوهم لا يستصحب النقد الذاتي أو يفحص الوسائل التي تتبعها الجماعات الإرهابية . و الغريب أنه لا يمتلك مشروعاً دنيوياً واضحاً ، فقط صورة هلامية يختلط فيها الشيطان و إسرائيل و أمريكا و الإنترنت و العلم و التكنولوجيا و الثقافة في معسكر واحد ، ولو سألتهم ما المطلوب يأتيك الرد : إعلاء كلمة الله ، طيب وين ؟ لا إجابة محددة ، كيف ؟ لا إجابة محددة ، فقط فجر السوق . هناك خلل أساسي في مناهجنا التي نوظفها للتحليل ، خاصة في القضايا السودانية وهي أنها لا تعير إهتماماً كافية لعوامل مثل الإضطرابات النفسية و الغباء .

    قد يتساءل البعض ما أهمية هذه النماذج هنا و هذه الممارسات ليست حاضرة بصورة مؤثرة في المشهد السوداني . إنها حاضرة ، و إن كان حضورها على مستوى الممارسة ضعيفاً فهو حاضر بقوة ذهنياً يعمل في خلفية الذهن لدى أعداد كبيرة من السودانيين ، كل ما عليك هو إبتدار نقاش سياسي حول أي قضية دولية ، فتأتيك الإكليشهات الساذجة : أمريكا هي السبب ، إسرائيل ، اليهود ، العراق ، فلسطين ، الحرب على الإسلام ، إنها الهضربة السياسية .

    و أيضاً و ضمن تبعات تحلل المشروع الإسلامي : صار المؤتمر الوطني يعتمد على هذه النزعات النفسية في إضفاء بعد أيدولوجي على منسوبيه و مؤسساته . حيث أنني شخصياً في أكثر من مرة صادفتني حوارات عفوية أطرافها من منسوبي المؤتمر الوطني ، و المشترك فيها تلك الإرتباطات الذهنية الغريبة بين ذواتهم و بين أطراف لا تبدأ من الميليشيات المسلحة في العراق ولا تنتهي بالزلازل التي تضرب اليابان ، في ذهن هؤلاء هم و إعصار كاترينا في معسكر واحد !!!!

    و ينبغي ألا نخدع أنفسنا فلهذه الأيدولوجيا الساذجة نصيب من الوجدان الشعبي بدرجات متفاوتة ، إنه خطاب الفشل السياسي و الإجتماعي الذي يجعل البعض يعاقرون أوهامهم و خيالاتهم . وهناك مؤسسات تسهم في نشر هذا الخطاب الديماقوقي مثل أئمة المساجد الجهلة و قناة الجزيرة و غيرهم.

    على مستوى الأفراد فهناك حالة من المشاعر المتناقضة تجاه التغيير – ففي حين لا يرفضون في الممارسة المنتجات الثقافية ، و حتى السلوك الشخصي (الجنسي ،.... إلخ ) لم يعد يتقيد كثيراً في السودان الآن بالقيود الدينية ، إلا أنهم على مستوى الفكر المجرد يتناقضون مع حمولات الحداثة و بالتالي مع أنفسهم ، و ربما الطبيعية شبه الميتافيزيقية لترويج القضية هي التي لا تجعل هذه الشرائح تدرك الإرتباط بين القضايا الإجتماعية من ناحية و القضايا الدينية – السياسية من الناحية الأخرى ، و لضحالة الثقافة و التفكير الرغبوي نصيب كبير في الأمر.

    الشخصنة و التجريد المخل:

    في التفكير الشعبي خاصة لدى سكان الوسط ، عندما يقوم جهاز الأمن بممارسة سلبية فالأمن سيئ و ليست الحكومة ، أو فلان حرامي ، ..... إلخ . لا يتم إدراك الأبعاد الكلية للقضية و بالتالي يتم إختزال رد الفعل في مجرد تعليقات جانبية ، بدلاً من أن تساهم هذه الأحداث في مراكمة رغبة جماعية في التغيير، الخطاب الحكومي لا ينصت له بأذن متشككة بل لا مبالية إن لم تكن مصدقة ، حدث مثل قسم البشير المثير للسخرية بعدم دخول القوات الدولية يجد كل إهتمام ، بينما تصريحه الغبي بأن مشكلة دارفور سببها جمل لا يثير إندهاش ، موضوع القوات الدولية نفسه يثير الإهتمام بحد ذاته بينما مسبباته في دارفور لا تجد من يعير الإنتباه.

    نجح المؤتمر الوطني في خلق بعض الإصطفاف خلفه ، بحيث أن هناك عدد من المغيبين عن الحقيقة ينتقدون المؤتمر الوطني على تدني الأجور مثلاً ، ولكن عندما يتعلق الأمر بدارفور أو الشرق فالمهم هو ( لازم البلد تتمسك) بمعنى إستتباب الأمن لصالح الحكومة المركزية ، هذه العلاقة الغريبة ليست تواطؤاً بالمعنى المباشر ، فنفس الشخص الذي يرى ضرورة فرض سلطة الحكومة المركزية ولو على حساب حقوق الإنسان قد تجده هو شخصياً متضرراً أشد الضرر من هذه السلطة!

    تغيير بنية المؤتمر الوطني :

    المؤتمر الوطني لم يعد هو الحركة الإسلامية بشكلها القديم ، إنه تحالف عريض بين الإسلاميين ، معظم الرأسماليين ، زعامات الكيانات الإجتماعية و الدينية : طرق صوفية ، مناطق ... ، ذوي النزعات الإنتهازية و القابلية للفساد في داخل المؤسسات الإقتصادية و الإدارية + القوات النظامية .

    لطالما أن المصلحة الشخصية الإقتصادية المباشرة هي العقد الذي يحدد الإنتماء و الولاء ، فلم يعد المؤتمر الوطني يحتاج لكل الحمولة الإيدولوجية للحركة الإسلامية ، و طبيعة تخلله للمؤسسات الإجتماعية جعلته يتبنى خطاباً متطلباته الإجتماعية و السلوكية (لحى ، تسبيح ،....) أقل (مشاترة) للوسط الإجتماعي الذي يتغذى منه. ووظف كذلك أيدولوجيات لدى بعض الشرائح لخدمة مصالحه :

    الأيدولوجيات الصغيرة :

    أيدولوجيا العساكر : العسكري هو أهم شخص ، ينبغي الدفاع عنه ضد الجميع مهما كانت المبررات ، ينبغي أن يعاملهم المواطنون بتوقير ورهبة واضحة ، و السياسة عندهم رديف للسوء ، بينما الحكومة الحالية لا تمثل سياسة و إنما وضع أزلي طبيعي ، ورغم أن المنتمين لهذه الفئة معظمهم من الفئات المسحوقة إجتماعياً و إقتصادياً ، إلا أن التعويض المعنوى الذي يجدونه في إحساسهم الزائف بأنهم يمتلكون سلطة جعلهم يتوهمون أنهم مستفيدين من الوضع الحالي و يتماهون مع الجلاد.

    أيدولوجيا مواطن الوسط:: كل الحروب الناشبة في أطراف السودان تستهدفهم هم كشماليين و بالتالي ينبغي ألا يتعاطفوا معها و لا يجب أن تثيرهم إنتهاكات حقوق الإنسان هناك فهي ثمن عادل ينبغي دفعه للحفاظ على أمنهم هم ، و أنه لا أبرياء .

    أيدولوجيا النخبة السياسية :: أنه يمكن من أجل الغيير السياسي المراهنة على الخطاب العاطفي وحده و الإعتماد على نزعات (الرجالة) لدى المواطنين ، و يعتبرون ما يفعلونه من تبادل هذه النخب للخطاب المجتر هو إسهام في تغيير سياسي ، أو أنه يؤثر أدنى تأثير في خلق إلتفاف جماهيري.

    نحتاج لخطاب جديد ، يلامس المصلحة بدلاً عن الخطاب الحماسي الأجوف ، عندما نتحدث عن الحرية لا يجب فقط ذكر حرية التعبير ، الرأي ... إلخ ، كم هي نسبة الذين يريدون التعبير أصلاً ، علينا إدراك ذلك قبل أن نحبط من أنهم لا يستجيبون . لا أقلل من أهمية حرية التعبير ، ولكن على الموجه لهم الخطاب أن يعلموا أن هذه الحرية تشمل كذلك حرية تناول الكحول أو ممارسة الجنس أو لبس ما يرغبون من الأزياء إذا شاؤا دون أن يكون للدولة شأن بهذا ، بل إن عليها حماية أمنهم و خصوصيتهم لمن رغب في ذلك . على النخب المعزولة أن تجرب هذا الخطاب بصراحة و ترى كم ستكسب ، عليها عندما تتحدث عن الإقتصاد أن تقنع الناس بأن ما تريده هو تنمية إقتصادية + عدالة إجتماعية ، وليس مشروعاً قائماً على تقاسم الفتات الحالي ، هذا لا يحفز أحداً .

    أواصل....
                  

08-26-2007, 03:36 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    الاخ العزيز امين
    اتفق معك فيما ذهبت اليه وانتظر اكمال الدراسة
    لابدا حوارى معك لان هناك كثير من القضايا
    نحمل معظمنا نفس ردود الافعال تجاهها
                  

08-26-2007, 05:32 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    امين صديق

    كل يوم يزداد اهتمامي بجديد ما تكتبه
    Quote: نحتاج لخطاب جديد ، يلامس المصلحة بدلاً عن الخطاب الحماسي الأجوف ، عندما نتحدث عن الحرية لا يجب فقط ذكر حرية التعبير ، الرأي ... إلخ ، كم هي نسبة الذين يريدون التعبير أصلاً ، علينا إدراك ذلك قبل أن نحبط من أنهم لا يستجيبون . لا أقلل من أهمية حرية التعبير ، ولكن على الموجه لهم الخطاب أن يعلموا أن هذه الحرية تشمل كذلك حرية تناول الكحول أو ممارسة الجنس أو لبس ما يرغبون من الأزياء إذا شاؤا دون أن يكون للدولة شأن بهذا ، بل إن عليها حماية أمنهم و خصوصيتهم لمن رغب في ذلك . على النخب المعزولة أن تجرب هذا الخطاب بصراحة و ترى كم ستكسب ، عليها عندما تتحدث عن الإقتصاد أن تقنع الناس بأن ما تريده هو تنمية إقتصادية + عدالة إجتماعية ، وليس مشروعاً قائماً على تقاسم الفتات الحالي ، هذا لا يحفز أحداً .

    حجزت وختيت طوبتي هنا
                  

08-26-2007, 09:46 PM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: Abdel Aati)

    الأستاذ عادل ، الأستاذة سلمى شكراً على الإهتمام.
    أعتذر عن عدم ترتيب الموضوع و لكنني أراه أفضل بهذه الصورة
    يا أستاذة سلمى إذا كانت لك مداخلة فتفضلي مباشرة فليس لي ترتيب معين للمواضيع و أنا أصلاً في هذا الموضوع أعتمد على المداخلات لإثراء النقاش.

    أي خطاب غير متسق سندفع ثمنه:

    كان خطاب التجييش الشعبي للحركة الشعبية يحمل الكثير من الوعود غير المنطقية و غير العادلة أحيانا ً ، ندرك جيداً أنه لو تحث قادتها عن الديموقراطية و حقوق الإنسان في ريف الجنوب فلن يجدوا من يحمل سلاحاً فقط من أجل هذا ، بنظرة موضوعية ألا تدفع ثمن ذلك الآن ، مشروع المستنيرين داخل الحركة الشعبية كان يعتمد على موازنة يرجحها لصالحهم كاريزما و مقدرات الراحل جون قرنق ، و ما إن غاب هذا الطرف حتى بان الوضع على صورته التي ينبغي أن تكون متوقعة ، فالإعلام يتحدث عن التحول من البنية العسكرية إلى البنية السياسية للحركة الشعبية ، وهذا ربما تعبير غير دقيق . فالبنية الحالية هي بنية بدائية : بمعنى أن الولاءات فيها مرتبطة بالأشخاص و ليس بالمشاريع ، و الإقناع فيها يتم عن طريق إثارة العواطف بصورة سطحية و ليس بناء على أفكار تستند إلى الواقع ، و الصراع فيها هو صراع ضد من و ليس ضد ماذا . لذلك لا نستغرب كيف أن كل المستجدات السياسية لا تثير هزات التململ و التساؤل داخل الحركة الشعبية ، و نفوذ سلفاكير و عجز التيارات المستنيرة داخل الحركة يمكن ببساطة تفسيره كإنسجام مع طبيعة البنية الإجتماعية و المناخ الفكري داخل الحركة الشعبية وطبيعة العوامل التي تحدد الولاء ، ورد كل ذلك إلى الخطاب الذي رفعته الحركة الشعبية .

    أوردت نموذج الحركة الشعبية لوضوح القضية فيه و لكني أود أن أشير أنني لا أدين هذا الخطاب أخلاقياً ، فهو كان أفضل الخيارات المتاحة ، وقضية سكان الجنوب لم يكن ينبغي لها أن تنتظر حتى تنتشر الثقافة و الفكر الديموقراطي للمطالبة بحقوقها ، فحق الحياة مقدم على الديمقراطية .

    هذا النموذج و إن دعت إليه الحوجة الماسة في حالة الحركة الشعبية إلا أنه تكرر بدوافع الكسب السريع و المناورة لدى معظم القوى الأخرى ، إعتماد الحركة الإسلامية على جماعات المصالح المالية و لوبيات الفساد مثلاً جعلها رهينة لأجندة هؤلاء حتى و لو بصورة تتعارض مع ضمان إستقرار سلطتها (مشاريع السدود ، .......) ، ومن تأريخنا الأقدم نستحضر لجوء مثقفي مؤتمر الخريجين للطوائف ، أين هم الآن ؟

    على أصحاب المشاريع السياسية أن يدركوا أن أي تنازلات و إنحرافات عن الخطاب سيدفعون ثمنها حتماً في مستقبل مشاريعهم ، لأن أي خطاب يجذب من يشبهوه ، الخطاب المبني على الحماس ستجد منسوبيه محبطين بعد تفريق أول مظاهرة ، وهكذا . أما إذا كان التنازل لصالح تحالف مع مجموعة إجتماعية قوية فهذه أولى خطوات الذوبان فيها .

    ضرورة إستناد قراءاتنا السياسية على ما هو أبعد من عناوين الجرائد:

    كم هو متوسط دخل الفرد في السودان؟ ، ما هي نسبة الأمية ؟، ماهي نسبة الخريجين الجامعيين من السكان؟ ، ما هي تخصصاتهم؟ ، كم تبلغ نسبة البطالة ؟ ، ما هو تعداد سكان مدن السودان الكبيرة ، ما هي نسبة سكان المدن ؟ هل جرى إستطلاع مع مجموعة إحصائية حول رأيهم في إتفاقية السلام و ما هو سبب فشلها ؟ ، هل .........؟

    هل يتم إستصحاب كل هذه المعلومات قبل تخطيط سياسي ؟ الأمثلة التي ذكرتها متاحة على الإنترنت ببحث بسيط ! هل أتوقع عندما يكون كل خطابي فقط عن مفصولي الصالح العام أن تستجيب لي جماهير العاطلين أكبر شريحة عمل في السودان؟؟؟

    هل عندما نتحدث عن أن الشعب بلغ حالة الغليان تجري قوانا السياسية – ولها إمكانية ذلك – إستطلاعات علمية في الأحياء أم يكتفي قائد الحزب بطرف حديث في سرادق عزاء؟


    لا تتركوا الهوية الشمالية للضباع:

    أتفق مع رؤية الهوية كمكون له حقائقه الإثنية و التأريخية ، لكن أهم عامل في إكتساب هوية ما هو التعريف الذاتي self identification ، و أن الهوية ليست فقط تراكم من الحقائق التأريخية أو كيان ميتافيزيقي ، إنما هي مشروع لحامليها بأبعاده الثقافية و الإجتماعية و الفنية.

    يتخذ معظم المثقفين الشماليين و خصوصاً السياسيين منهم موقف الحياد في مواجهة أي هجوم بإسم الهوية على الهوية الشمالية ، الدخول في حرب ثقافية لن يحل المشكلة ، ولكن الحياد المصطنع كذلك لن يحل المشكلة . ليس المطلوب من المثقفين الشماليين – و أعني بهم من يطرحون أنفسهم كمنتمين للهوية الشمالية – ليس المطلوب منهم في خطابهم ان يمثلوا دور الدولة ، بإدعاء أنهم يمثلون منبر الحوار الديمقراطي للهويات ، أو أن فكرهم يمثل قواعد تفاعل الهويات ، هذا الدور مطلوب من السياسي القومي بهذه الصفة .

    بهذا الإدعاء المزور فإن ما نظنه تنازلاً من أجل المصلحة الوطنية هو في الحقيقة تنازلاً للمؤسسات الدينية و التكوينات العنصرية لتعتلي منبر الهوية الشمالية ، وهذا ما يحدث الآن ، لذلك كل دعوات التسامح تذهب أدراج الرياح عند أول محك حقيقي ،

    علينا أن نواجه حقيقة ، ليس الطيب مصطفى وحده العنصري ، هذه الأفكار يعلم المثقفين الشماليين أنها موجودة على بعد أمتار منهم، و أن العديد أو بالأصح الغالبية من الشماليين يفسرون الصراعات المسلحة بعقلية : أولاد البلد – العبيد ، عذراً لهذه الكلمات و لكني أردت نقل صورة حقيقية للواقع، بدون مشروع جديد للهوية الشمالية يستصحب القيم الإنسانية ليحل بها محل نزعات العنصرية ، و يستلهم التأريخ الناصع للمالك النوبية العظيمة كبديل للمكون المعنوي الذي يمثله التأريخ الإسلامي الذي لسنا جزءاً منه ، ويعتمد على دراسات علمية في تحديد حقائقها العرقية بدلاً عن الأوهام التي تنسبنا جميعاً للعباس ، و علينا عملية إعادة إحياء للتراث الذي يمثل الإنفتاح و الإبداع و الحرية من ثقافتنا لنملأ الفراغ الذي تملأه السلوكيات الإجتماعية للسلفيين . بدون كل ذلك فنحن نحرث في البحر ، ولن تجدي دعوات التسامح لأنها كذلك تتطلب موافقة الطرف الذي يعتلي صهوته الآن الإسلاميون.

    أعتقد أن كل دعوات حقوق الإنسان و الحرية و الديمقراطية ينبغي لها أن تتجذر ، المهمة الثقافية هي الأصعب وهي تتطلب مؤسسات ثقافية و إجتماعية قوية ، و تحالفات جديدة داخل الكيانات الإجتماعية صاحبة المصلحة في التغيير، تحالف مفصولين ، أجور طلاب متحمسين فقط سينجح في إخراج عدد من المظاهرات ، و لكنه حتماً لن ينجز مشروعاً عميقاً قابلاً للديمومة.

    مشاريع الهوية الشمالية الجديدة ينبغي أن تكتسب مصداقية ، وذلك بأن تنطلق من منابر تمثلها و ليس من منابر تدعي الحياد ، لأنه في هذه الحالة لن يتم إصلاح و ستبدو الصورة و كأن الحزب السياسي يطالب الشماليين بنفس عقليتهم هذه ليتنازلوا لتحل القضية الوطنية ، هذا ليس عملياً .


    أواصل.......
                  

08-29-2007, 01:15 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    العزيز امين صديق
    تحياتى القلبية يا رجل
    طرحت هنا موضوع فى غاية الاهمية يتعلق حتى بالوجود البشرى نفسه، كان صاحب النشاط الخلاق المفكر اريك فروم Erich Fromm فى عدد من مؤلفاته الشهيرة والتى من اهمها (فن المحبة ، (الانسان لنفسه ) وكتاب (ثورة الامل) ، كان قد عالج فيها موضوع مدى تأثير عقلية القطيع على وعى الافراد فى اتجاه مصادرة ذلك الوعى ، اذ انه من خصائص الوجود الانسانى الميل الى ارتهان عقله لقيادة ما زمنية او روحية لان ذلك يمنحه الاحساس بالامان sense of security وهو بمثابة ثمن باهظ يدفعه لانه يرتهن حريته كانسان. الانسان المتطور هو الذى يعمل ويفكر لنفسه ويقبل بالتالى كل (مخاطر) تفكيره ويتعلم منها ولقاء ذلك التعلم والتطور الذهنى والوجدانى فانه يدفع ثمنا باهظا (ثمن الحرية غالى) وهو الضغوط النفسية والقلق والشك، عكس من رهن عقله للقطيع او المجموعة فهو يستمد منها ومن تبنى قراراتها الامان والدفء ولذلك تجده يسبغ على مقدرات تلك القيادات المبالغات والتتضخيم حتى يقنع نفسه قبل الاخرين بصحة خياراته وهى المرتبطة بمقدرة ذلك القائد الفذ على اتخاذ القرارات الصحيحة وشجاعته النادرة...المسألة فى النهاية هى خيار الفرد الانسان، الانسان الغير متعلم يكون صيد اكثر سهولة للوقوع تحت هيمنة المجتمع دون تفكير، ويعاب على المثقف ذلك لانه يمتلك ادوات الحرية والتى يهاب استخدامها فى كثير من الاحيان.. الموضوع يطول وسردك شيق ولى رجعة حول ما يتعلق بالمشروع التنويرى ودوره فى ان يتحرر المثقف من عقلية القطيع وهو على اية حال مشروع ضخم ومشوار طويل
    تحياتى مرة اخرى
                  

08-29-2007, 03:22 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: طلعت الطيب)

    طوبى للغرباء
    ربما كان شهيد الفكر الاستاذ محمود محمد طه يعبر عن نموذج المثقف الشجاع الرافض لقيم القطيع والمتطلع للتغييرفى سودان ما بعد الاستقلال، وكان يعبر عن ذلك المعنى بترديد النص اعلاه حين يقول جاء الاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء.. فالافكار الجديدة تبدأ غريبة تنهض بها اقلية وسط محيط هادر من القديم ولكنها تنمو لتصبح لها تأثيرا اكبر واكبر بفضل عاملين هما الصلابة فى الداعى وتسلحه بالامل فى التغيير المنشود، كان المرحوم عبد الخالق محجوب ومن معه يمثلون ذلك النموذج حين كان يعوّل على الحركة الشيوعية كثيرا فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية للشعوب (ولكن ليس الان حيث اصبحت جزء من القديم المقيد لحركة المجتمع وطابع العصر الديمقراطى)..هناك الفرصة الان للقوى الحديثة والمشروع الديمقراطى البديل للقيام بذلك الدور التاريخى العظيم اذا ما تحققت فيه شروط معينة .. فى تقديرى ان الاسباب التى ادت الى انشقاق حق الاول وتسميم جسدها بعد ذلك تتعلق فى جوهرها بموضوع القطيع ومدى علاقة الحركة به مدا وجذرا، فقد كان المرحوم الخاتم عدلان طموحا اكثر من اللازم حينما اقترح على الحركة الناشئة ان تنمو من علقة وان تحمل البندقية فى ذات الوقت ...كان ذلك اكبر كثيرا من امكانيات الحركة ولكن التاريخ اوضح انه كان من اول من طرح فكرة العمل المسلح وسط خندق المعارضة بتفصيل على اية حال وقد كان للامر تداعياته فى شروع البعض فى حمل السلاح...كان ذلك الطوح والذى تورطنا فيه جميعا اثاره الضارة جدا فقد حمّل عناصر الحركة يالداخل اكبر من امكانياتها فكان ما كان ..واواصل وهمى الاول هو jتوضيح ريادة القوى الحديثة بالبعد عن عقلية القطيع ولكن من المهم جدا التخطيط الجيد ووضع الاهداف (القريبة) والممكنة التحقيق حتى يكون تحقيقها حافزا معنويا لانجاز ما بعدها فالخروج عن القطيع ليس بالامر السهل اذ انه يتطلب منا اجرء عملية حسابات دقيقة لرصد مخاطر اية تكتيك وبالتالى حساب المخاطر calculated risks
                  

08-30-2007, 10:57 AM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: طلعت الطيب)

    الأستاذ طلعت
    تحياتي
    شكراً على المداخلة القيمة

    Quote: ولكن من المهم جدا التخطيط الجيد ووضع الاهداف (القريبة) والممكنة التحقيق حتى يكون تحقيقها حافزا معنويا لانجاز ما بعدها فالخروج عن القطيع ليس بالامر السهل اذ انه يتطلب منا اجرء عملية حسابات دقيقة لرصد مخاطر اية تكتيك وبالتالى حساب المخاطر


    أتقف معك حول ضرورة أن تكون الأهداف قريبة و ممكنة التحقيق
    الأهداف يجب أن تكون بحجم المقدرات و الإمكانيات المتوفرة و هذا بديهي
    السؤال الصعب هو : ما هي الإستراتيجية لطرح المشاريع النظرية بحيث لأتؤدي وسط المتلقين إلى شعور بالصدمة و تصبح منفرة ! و بالتالي يتضاءل إحتمال إنتشارها. سأورد بهذا الخصوص نموذجاً من العمل السياسي بجامعة الخرطوم خلال الأعوام القليلة السابقة :

    في الحملات السياسية و خصوصاً فترة الإنتخابات كانت هناك 3 قضايا رئيسية محددة للرأي العام وسط الطلاب :
    1/ إلتزام الجهة السياسية بالدفاع عن الحقوق النقابية للطلاب ، قضايا الرسوم الدراسية و الدعم الإجتماعي بشكل خاص.
    2/ موقف الجهة السياسية من السلطة الحالية
    3/ الموقف من الدين و العلمانية

    كانت الموقف السياسي من المؤتمر الوطني و المواقف من القضايا النقابية تعمل لصالح التحالف ، بينما الموقف من الدين لصالح المؤتمر الوطني و الجماعات السلفية ، و ظل التباين البسيط في نتائج إنتخابات الإتحاد توججه ترجيحات الرأي الطلابي لأهمية هذه العوامل في تحديد إختياراتهم.
    إذا قمنا بتقسيم طلاب جامعة الخرطوم ذوي الخلفية الإسلاميةإلى شرائح وفقاً للموقف من العلمانية و الدين يمكن بصورة عامة تصنيفهم :
    (الأرقام هي تقديرات قد لا تكون صحيحة):
    - طلاب ملتزمين دينياً وينتمون للمدارس السلفية و الأرثوذكسية الأسلامية : أقل من 10%
    - طلاب ملحدين ، لادينين ، لا أدريين : أقل من 2.5 %
    - طلاب طلاب يؤيدون بعض صور العلمانية لكن لا يستندون إلى تبرير ديني واضح : حوالي 15%
    - طلاب ينتمون للتيار الديني العام السائد في المجتمع : 65%
    - أخرى : صوفية ، إلخ .... : 7.5 %

    لأغراض هذا النقاش الشريحتين المهمتين هما الثالثة و الرابعة ، و الإختلاف بينهما ليس إختلاف نوعي بل كمي ، و يمكن تحديد أهم ملامح هذه الشرائح : تدين يقوم على إلتزام متوسط بالتعاليم الدينية السلوكية ، مرجعية فكرية يسودها الفكر السلفي ، بمعنى أنه في إختلاف في الرؤية الدينية فهم يميلون لتبني وجهة نظر السلفيين / الأرثوذكس/ الأصوليين ، و إن كانوا لا يلتزمون بها كثيراً ، و رغم أن عدد كبير من هؤلاء ينتقد السلفية بصراحة و إن كان نقداً فطيراً.

    الهجوم الأساسي على التحالف في إنتخابات الإتحاد أنه علماني ، و السبب الأساسي في فقد أصواته هو هذه النقطة ، مدى تأثير هذه القضية يعتمد على التاكتيك الإعلامي . في العام 2003 كان هناك جمهور معبأ ضد المؤتمر الوطني ، و إنتصار التحالف لأنه يعبر عن حوجات هذا الجمهور ، ساعدته حدة الإستقطاب السياسي و تمايز المعركة السياسية في معسكرين رئيسين وواضحين.
    طرح قضية العلمانية من قبل التحالف إتسم بالتردد أحياناً و بالإنكار السطحي أحياناً ، و بعض تنظيماته مثل الأمة و الإتحادي تنفي العلمانية علناً عن التحالف و إن كان التصور الذي تطرحه واهياً نظرياً.
    في السنوات اللاحقة زادت الشجاعة التي تطرح بها قضية العلمانية ، خاصة و أن التحالف خلق قاعدة طلابية حوله ضمن ولاءها المطلق ، و القضية هنا ليست أن الطرح العلماني إنتصر و لكنها أقرب ما تكون لمساومة تغض فيها هذه الجماهير النظر عن هذه النقطة مقابل الأهداف الأخرى. و هناك أيضاً نقطة هامة تتعلق بموضوعنا هنا فالتحالف بات يتحول تدريجياً إلى إطار إنتماء مغلق متعالي على النقد .

    في المجمع الطبي مثلاً حيث تزيد نسبة السلفية و الأرثوذكسية و الأصولية دائماً ما يخسر التحالف بسبب موقفه من الدين ، على مستوى الجامعة ككل نجد أن مجموع أصوات الإسلاميين : سلفيين + مؤتمر وطني دائماً أكبر من مجموع أصوات التحالف.

    ما أود توضيحه أن الصورة التي نطرح بها القضية تؤثر على الصورة المستقبلية للخطاب ، في حالة التحالف تحقق كسب سياسي بعدم طرح القضية بأبعادها الكاملة لكن الطرح العلماني في الجامعة واه و غير متماسك، هذه هي النتيجة ، إضافة للقابلية للإنهيار في أي لحظة تنهار فيها قاطرته السياسية .

    التدرج إيجابي في القضايا النظرية إذا كان بمعنى إستباق طرح هذه القضايا بتفكيك نظري للبنى الفكرية التي تقوم في مواجهتها ، وفي مثالنا هنا كان يبغي وجود جمعيات ثقافية لتفكيك الخطاب الأرثوذكسي الإسلامي ومنطلقاته ، بالإضافة إلى شجاعة ال2.5 % الذين تركوا الإسلام في طرح وجهات نظرهم بدل جبنهم في طرح أفكارهم للخاصة فقط.
    هناك أيضاً جوانب نفسية من الضروري الإنتباه لها عند نشر خطاب جديد ، فعندما نتحدث عن البعد الشعبي ليست قوة المنطق وحدها هي التي تنتصر ، و أورد نموذجاً للعقليات أو بالأصح الحمولات النفسية التي نتعامل معها:
    - في أثناء الحملة الإنتخابية لدورة 2005 كنت أحمل ملصقاً عليه صور شهداء مجزرة بورتسودان بغرض تعليقه في مكان ما ، مرت بقربي طالبة تنتمي للسلفيين الجدد (عبد الحي يوسف ... ) وبدون مقدمات قالت : بالله؟ بمعنى كذب هذه الصورة التي أحملها !!! صور دماء و قتلى في المستشفى و تقول بالله؟؟؟
    هذا الإنغلاق و حالات الهستريا الإسلامية هذه ينبغي أن نتبع مقاربة نفسية في التعامل معها .
                  

08-30-2007, 11:32 AM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    و أورد أمثلة أخرى على تبعات الخطاب غير العميق:

    أثناء الحملة الإنتخابية نفسها كنا نحضر لركن نقاش في المجمع الطبي ، جاء بعض السلفيين و ذكروا أن المرحوم محمد طه أساأ للرسول ، لم يوردوا النص و لا أي شي، تحول بعدها منبرهم للهجوم على العلمانية !! خرجوا في مسيرة بعدها مباشرة يهتفون : الحد الحد للمرتد ! ، وبينما نتداول فيما يمكن عمله فإذا بالطلاب الذين نعتمد عليهم من الموالين للتحالف خرجوا في المسيرة ، ليست هذه بحد ذاتها المشكلة ، ولكنهم يهتفون الحد للمرتد!!!!
    أثناء أحداث الإثنين الأسود هاجمت مجموعة بوابة كلية الطب ثم إتجهت إلى داخل السوق العربي ، خرج مجموعة من الطلاب و صاروا يتبادلون معهم القذف بالطوب ، ثم تطور الأمر إلى معركة جهادية ! بعض أساتذة الكلية من الكيزان و المهوسيين يحملون العصي و السيخ و يصيحون الله أكبر ، طالب مهووس ينتحب و يبكي على الإسلام بهستيرية (حتى الآن لم أفهم العلاقة !) ، و المؤسف عدد كبير من جماهير التحالف بينهم بعض المنظمين سياسياً يحملون العصي خلف المكبرين الكيزان مع العديد من العبارات العنصرية .
    هذا جعلني أصل لقناعة : عدد كبير لم يكن يصوت للتحالف من أجل الحرية و لا من أجل التسامح و لا من أجل دولة المواطنة ، بالتالي الخلل في الخطاب .
    أعود لل 65% من الطلاب المنتمين للتيار العام :
    - يمكن جذبهم مؤقتاً بخطاب سطحي و مراوغ لكن في المحكات الحقيقية سيرجعون لقواعدهم الأصولية .
    - يمكن طرح خطاب العلمانية و الديمقراطية بصورة إنفعالية و بدون تأسيس و ستكون النتيجة أن تكسب عدداً قليلاً منهم لصالح معسكر التنوير بينما غالبيتهم ستكون معبأة ضد هذا الخطاب بالصدمة و بصورة حادة.
    - يمكن عمل مجهود ثقافي طويل المدى و يخاطب كل النواحي الفكرية و الدينية و الإجتماعية و بالتالي سيكسب معسكر التنوير غالبية هؤلاء مع أقلية ستسيطر عليها نزعات الإنغلاق .

    القضية ليست العلمانية وحدها و إنما هذا نموذج ، لكن يمكن التعميم بأن إستراتيجيات طرح الخطاب ينبغي أن تنتبه لحقائق و شروط المجموعة المستهدفة ، في بيئة أكثر إنفتاحاً التركيز على الجوانب الفكرية ، في بيئات أقل وعياً : رفع الوعي + المراهنة على الشرائح الإجتماعية ذات المصلحة المباشرة و العاجلة في التغيير لضمان حامل إجتماعي راسخ للمشروع.

    أواصل.....
                  

08-30-2007, 12:54 PM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    أواصل...
                  

08-30-2007, 04:43 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    العزيز امين
    من الواضح وحسب معايشتك للحركة الطلابية فان نسبة الطلاب المنتسبين للتيار العام هم 65% وزيادة عليهم 15% هم الذين ليس لديهم تصور واضح عن العلمانية ( اذا كانت الاحصائية غير دقيقة فانها تعطى على الاقل تصور معقول)
    هنا يبرز سؤال هام وهو ما هى استرتيجيتنا المفترض تبنيها وسط هؤلاء ال80% من الطلاب؟
    ما هى الاهداف القريبة والممكنة فى اتجاه تلك الاسترتيجية؟
    لى عودة

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 08-30-2007, 04:49 PM)

                  

08-30-2007, 05:36 PM

خالد خليل محمد بحر
<aخالد خليل محمد بحر
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 4337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    العزيز/أمين
    ...للأمانة هذا البوست من اهم البوستات التى كتبت فى هذا العام...لك كل الود
    ..ولى عودة...
                  

08-30-2007, 06:18 PM

خالد خليل محمد بحر
<aخالد خليل محمد بحر
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 4337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    Quote: ما يحدث هو ظاهرة غريبة أحب أن أسميها (تطبيع) الحكومة ، بمعنى أن السلطة السياسية صار ينظر لها مثل الظواهر الطبيعية كالأعاصير و الزلازل ، قد تكون سيئة ولكنها من حقائق الواقع ، لذلك صارت إنتهاكات النظام لا تثير مشاعر الغضب لدى قطاع واسع ، و لا توجد أي أفكار أو حتى خيال أو رغبة في التغيير، وتم إستبدال مفهوم التغيير بالتعايش.


    هل النظر للسلطة السياسية بحياد هو وليد مع بعد دولة المؤتمر الوطنى ام تراها ثقافة ضاربة فى بنية المجتمع السودانى.اعتقد ان للظاهر عمق تاريخى داخل المجتمع السودانى ولكن تظر بدرجات ملحوظة فى ظل الانظمة الشمولية..اذا اى محاولة لاختزال تلك الظاهرة فى انها من تبعات مابعد دولة المؤتمر الوطنى يمكن ان يدخلنا فى خطل الاستنتاجات والذى يعنى ضمنيا خطل فى طرح البدائل..
    Quote: الإصلاح الديني في كل العالم لم تحدث نتيجة لدعوات التجديد الودودة فقط ، لا بد من تعرض الخطاب الديني المطروح لتحديات حقيقية ، تحديات تظهر فشله في تقديم حلول لعدد من القضايا الإجتماعية ، هذا لا يحدث عندنا ، و مثقفينا لا يربطون في خطابهم بين بعض الأزمات و أصولها في الخطاب الديني المسيطر بصورة كافية لحث حراك إجتماعي ضده ، وينحنون في خنوع للموجة الإسلامية العالمية الحالية ، إنهم لا يستصحبون أنها موجة تأريخية ستنتهي حتماً كما إنتهت القومية العربية ، ليس علينا إنتظار خمود هذه الموجة في كل المنطقة ، فنحن في السودان قد عايشنا مشروعها بكل بشاعته وتجاوزنا مرحلة الترقب و الإختبار

    خطابات الاصلاح الدينى تاريخا هى نتاج لفشل او بالاحرى سقوط الخطاب الدينى فى اختبار الواقع...ومشكلة المثقف السودانى انه لايمتلك الجراة فى ملامسة الخطاب الدينى وفشله نقديا ..ومرد ذلك فى راى الشخصى ان المثقف التنويرى السودانى لم يمتلك الى الان المقدرات الفكرية التى تخول له نقد الاعوجاج فى الخطاب الدينى...والقليلين الذين يمتلكون تلك الادوات يجبنون امام الحديث بشجاعة عن خطل الخطاب الدينى.
    Quote: وصف جماعات الإسلام السياسي بأنهم متشددين لا يخاطب جوهر الأزمة ، فالقضية إختلاف نوعي و ليس كمي ، وحتماً أي صراع في ملعب هولاء و إعتماداً على النصوص و على قواعدهم العقدية و الدينية ،و أصول فقههم سيكونون هم الرابحون ، فهم الخصم و المرجعية هنا.

    دعنى اختلف معك قليلا عزيزى...ارى ان المدخل الاساسى لمعاركة سدنت الخطاب السلفى يجب ان يتم بطرح قراءة مستنيرة للنص الدينى,,اذاتبقى الازمة فى اننا عجزنا فى طرح قراءة موازية لخطابهم ...قراءة للنص الدينى من مربع الحداثة لا العكس...اذا يجب ان يتم الصراع مع الخطاب السلفى داخل ملعبه واراضيه ولكن بمشروطية تدشين خطاب حداثوى للنص الدينى.
    Quote: على مستوى الأفراد فهناك حالة من المشاعر المتناقضة تجاه التغيير – ففي حين لا يرفضون في الممارسة المنتجات الثقافية ، و حتى السلوك الشخصي (الجنسي ،.... إلخ ) لم يعد يتقيد كثيراً في السودان الآن بالقيود الدينية ، إلا أنهم على مستوى الفكر المجرد يتناقضون مع حمولات الحداثة و بالتالي مع أنفسهم ، و ربما الطبيعية شبه الميتافيزيقية لترويج القضية هي التي لا تجعل هذه الشرائح تدرك الإرتباط بين القضايا الإجتماعية من ناحية و القضايا الدينية – السياسية من الناحية الأخرى ، و لضحالة الثقافة و التفكير الرغبوي نصيب كبير في الأمر.

    للاسف الشديد هذا المرض يحاصر حتى النخب المثقفة داخل المجتمع السودانى وتحديدا اعنى النخب التى تطرح نفسها كنخب علمانية..حيث تلاحظ القطيعة الحادة بين المحمول الفكرى والمحمول السلوكى....فتجد الفرد منهم(المثقفين العلمانيين)يحمل فى راسه افكار عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ولكن يعجز فى جعل هذه المحمولات سلوك يومى فى حياته...وعلى النقيض تماما تجد السلفيين يبرعون فى اداء الدور ويزاوجون تماما ما بين محاميلهم الفكرية والمحاميل السلوكية (لبس الساعة باليمين/فرض الحجاب على افراد الاسرة...الخ)اذا لتفكيك هذه المشاعر المتناقضة يجب اولا ان يجاوز المثقف التنويرى مابين محموله الفكرى ومحموله السلوكى ...وعليه بعد ذلك ان ينشط فى توطين نموذجه هذا فى الحدود الاجتماعية الدنيا(الاسرة/الحبيبة....الخ).
    Quote: في التفكير الشعبي خاصة لدى سكان الوسط ، عندما يقوم جهاز الأمن بممارسة سلبية فالأمن سيئ و ليست الحكومة ، أو فلان حرامي ، ..... إلخ . لا يتم إدراك الأبعاد الكلية للقضية و بالتالي يتم إختزال رد الفعل في مجرد تعليقات جانبية ، بدلاً من أن تساهم هذه الأحداث في مراكمة رغبة جماعية في التغيير، الخطاب الحكومي لا ينصت له بأذن متشككة بل لا مبالية إن لم تكن مصدقة ، حدث مثل قسم البشير المثير للسخرية بعدم دخول القوات الدولية يجد كل إهتمام ، بينما تصريحه الغبي بأن مشكلة دارفور سببها جمل لا يثير إندهاش ، موضوع القوات الدولية نفسه يثير الإهتمام بحد ذاته بينما مسبباته في دارفور لا تجد من يعير الإنتباه.

    لان الازمة الحقيقة التى عجزنا عن فهمها هى ان الوعى الذى يحمله المواطن العادى تعبر عنه الحكومة بجراة..لذا تجد الواطن غير مندهش لمثل هذه الممارسات..وهو تعبير عن التناص مابين الوعى الشعبى والوعى الحكومى...
    Quote: نحتاج لخطاب جديد ، يلامس المصلحة بدلاً عن الخطاب الحماسي الأجوف ، عندما نتحدث عن الحرية لا يجب فقط ذكر حرية التعبير ، الرأي ... إلخ ، كم هي نسبة الذين يريدون التعبير أصلاً ، علينا إدراك ذلك قبل أن نحبط من أنهم لا يستجيبون . لا أقلل من أهمية حرية التعبير ، ولكن على الموجه لهم الخطاب أن يعلموا أن هذه الحرية تشمل كذلك حرية تناول الكحول أو ممارسة الجنس أو لبس ما يرغبون من الأزياء إذا شاؤا دون أن يكون للدولة شأن بهذا ، بل إن عليها حماية أمنهم و خصوصيتهم لمن رغب في ذلك . على النخب المعزولة أن تجرب هذا الخطاب بصراحة و ترى كم ستكسب ، عليها عندما تتحدث عن الإقتصاد أن تقنع الناس بأن ما تريده هو تنمية إقتصادية + عدالة إجتماعية ، وليس مشروعاً قائماً على تقاسم الفتات الحالي ، هذا لا يحفز أحداً .


    احد الازمات اننا فشلنا فى جعل مطالبنا مطالب شعبية..بحيث اصبح الحديث عن الديمقراطية والرغبة فى الحرية اصبحت هذه الاشياء مطالب نخب..وفشلنا فى جعلها مطالب لكل مواطن..اذا التحدى الحقيقى يكمن فى جعل المواطن العادى يحس بأن هذه المطالب هى مطالبه هو ايضا وليست مطالب نخب مترفة ...هذا هو المحك الحقيقى
                  

08-30-2007, 07:32 PM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: خالد خليل محمد بحر)

    الأخ خالد ...
    أثرت نقاطاً مهمة...

    Quote: هل النظر للسلطة السياسية بحياد هو وليد مع بعد دولة المؤتمر الوطنى ام تراها ثقافة ضاربة فى بنية المجتمع السودانى.اعتقد ان للظاهر عمق تاريخى داخل المجتمع السودانى ولكن تظر بدرجات ملحوظة فى ظل الانظمة الشمولية..اذا اى محاولة لاختزال تلك الظاهرة فى انها من تبعات مابعد دولة المؤتمر الوطنى يمكن ان يدخلنا فى خطل الاستنتاجات والذى يعنى ضمنيا خطل فى طرح البدائل..

    أتفق معك في ما ذهبت إليه ، محمول الثقافة الشعبية من القيم و المفاهيم السياسية ضحل ، وهذا أمر قديم بقدم الدولة و ليس ملازماً لدولة المؤتمر الوطني ، و لكن إذا نظرنا إلى تأريخ الشعوب نجد أن ترسيخ هذه القيم في عدد كبير من الحالات قد تم عبر مخاضات و تجارب مريرة : الثورة الفرنسية ، الإذلال الأمريكي لليابان و ألمانيا ، حرب لبنان .... إلخ ، هذه التجارب تجعل هذه الشعوب تستخلص مبادئ ترتبط جيداً بوجدانها ، الثقافة تساعد في إعفائنا من خوض هذه التجارب مرة أخرى ، ما يهم في نموذجنا الراهن هو غياب المشاريع السياسية و الثقافية التي ترسخ هذه المفاهيم شعبياً ، وضعف و عدم إنسجام الحامل الإجتماعي لها . السبب الأساسي لغياب الإرتباط الفكري بين الأزمات الإجتماعية و نظام الحكم هو غياب الخطاب البديل : بمعنى أن الخطاب المطروح حالياً لا يعطي المتلقي الإنطباع بالإختلاف الجوهري ، إنما يعطيه الإنطباع برغبة طارحي الخطاب في إستبدال المقاعد. لا بد من خطاب اكثر جذرية لكنه حتماً سينشر و يخلق قاعدته الإجتماعية.

    Quote: دعنى اختلف معك قليلا عزيزى...ارى ان المدخل الاساسى لمعاركة سدنت الخطاب السلفى يجب ان يتم بطرح قراءة مستنيرة للنص الدينى,,اذاتبقى الازمة فى اننا عجزنا فى طرح قراءة موازية لخطابهم ...قراءة للنص الدينى من مربع الحداثة لا العكس...اذا يجب ان يتم الصراع مع الخطاب السلفى داخل ملعبه واراضيه ولكن بمشروطية تدشين خطاب حداثوى للنص الدينى.

    ربما لم أوصل المعنى بصورة دقيقة : القراءة المستنيرة للنص الديني مطلوبة ، فعندما أقدم خطاباً سياسياً و إجتماعياً يتعارض مع القراءة المطروحة فأنا هنا أخير الغالبية بين إتباع الخطاب و بالتالي التخلي عن معتقدهم الديني ، أو رفض الخطاب ببساطة ، هذا إذا تحدثنا عن الإلتزام النظري العميق بمحمول الخطاب ، لذلك لإنتشار الخطاب لا بد من قراءة للنص الديني منسجمة معه و إنتشارها شعبياً ، في هذا الصدد هناك عدة نماذج :
    - بيرطانيا : المذهب البروتستانتي أكثر عقلانية و نتيجة إصلاح ديني و بالتالي لا يواجه توترات كثيرة مع الحداثة
    - فرنسا : مذهب كاثوليكي و لكن التأريخ الفرنسي و المعاناة مع الكنيسة خلقت إلتزام شعبي بقيم الحداثة يوازي الإلتزام الديني ، و لا يستمد قبوله لدى المواطنين من إتفاقه أو عدم إتفاقه مع الموقف الديني الكاثوليكي المتزمت.
    - دول مثل الدنمارك ، التشيك : نسبة الإيمان الديني فيها أصلاً ضعيفة و بالتالي لا يواجهون مشكلة التعارض مع الخطاب الديني بصورة قوية.

    ما قصدته بأن الصراع لا ينبغي أن يكون وفق قواعدهم هو أن الطريقة التي ينظر بها إلى النص الديني و التأريخ الديني و الأحكام و غيرها ينبغي أن تبدأ من منطلقات مختلفة ، مثلاً دون فحص بعض بديهيات الخطاب السائد فكل ما ستفعله منابر الإصلاح سيكون مجرد بحث عن مخارجات فطيرة . لست ضليعاً بهذا الشأن ولكن مثلاً عند النظر إلى الأحاديث النبوية ، تستمد جميعها مشروعيتها من الآية : لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . مع أننا لا نحتاج مجهوداً كبيراً لندرك أن المعني هنا هو القرآن.
    على قوى الإصلاح الديني أن تفرض قواعدها التي يجب أن تكون متصالحة مع العقل و مع الواقع ، و إلا فإن التجاوز الإجتماعي في عهد التسارع الإلكتروني هذا سيرمي بهم جميعاً: الخطاب المتردد و الخطاب المنغلق في سلة مهملات الواقع ، ...
    النص أيضاً ينبغي مقاربته بالشروط التأريخية و القراءات اللغوية و غيرها ، .....
    إذا كنت تعني بداخل ملعبه القيم الوجودية للإسلام فأتفق معك أما إذا كان هذا الملعب يشمل الupdates من مرجعية الأئمة الأربعة و التعامي عن الشروط التأريخية ، فهنا ستكون هذه المحاولة too little ..too late و الأفضل التجاوز على الطريقة الفرنسية ( و أتمنى ألا تحرق المساجد في هذه الحالة كما أحرقت الكنائس في الثورة الفرنسية).

    Quote: للاسف الشديد هذا المرض يحاصر حتى النخب المثقفة داخل المجتمع السودانى وتحديدا اعنى النخب التى تطرح نفسها كنخب علمانية..حيث تلاحظ القطيعة الحادة بين المحمول الفكرى والمحمول السلوكى....فتجد الفرد منهم(المثقفين العلمانيين)يحمل فى راسه افكار عن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ولكن يعجز فى جعل هذه المحمولات سلوك يومى فى حياته...

    ليس ضرورياً أن يفرضوا على أنفسهم نمط متحرر فهذه حريتهم ، و الدعوة للحرية هي دعوة لأن يفعل الإنسان ما يشاء و ليست دعوة لإستبدال الفاشية الدينية بأخرى ، و لكن هذه النخب فعلاً متناقضة : فبعضهم يمارس نمط حياة متحرر و يظهر خلافه بغرض النفاق الإجتماعي خاصة في أوساط الجماهير ، هذا توجيه رسالة خاطئة بأن الحرية لا تعارض مزاجهم ، هم مخطئين حتماً ستعارض مزاج البعض لذلك كان المصطلح : تحمل tolerance وليس دعوة محبة مسيحية ، هذه الطرح الخجول هو أول خطوات التنكر و الإنقلاب.

    Quote: لان الازمة الحقيقة التى عجزنا عن فهمها هى ان الوعى الذى يحمله المواطن العادى تعبر عنه الحكومة بجراة..لذا تجد الواطن غير مندهش لمثل هذه الممارسات..وهو تعبير عن التناص مابين الوعى الشعبى والوعى الحكومى...

    في بعض الجوانب نعم خاصة لدى مواطني الوسط، ولكن ليس لدرجة الإنطباق التام .

    شكراً للمداخلة القيمة ... أواصل
                  

08-31-2007, 10:22 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    يرفع الى حين رجعة اوسع ..
                  

08-31-2007, 04:43 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: Abdel Aati)

    أخي الكريم
    أمين

    بدأت بقراءة هذه الدراسة
    وبها الكثير من الذي يحتاج أن يناقش
    أشكرك على المجهود وأعود

    كل التقدير

    غادة
                  

08-31-2007, 11:10 PM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    غادة ، عادل ..
    شكراً على المرور و في إنتظار المداخلات
    ....................................
    قوى التغيير ....

    ما لدينا الآن هو سيطرة للمؤتمر الوطني على جهاز الدولة ، وعلى رأس المال و الإعلام و المنابر الدينية والمؤسسات التي تشكل الوعي ، و متخللاً بشبكة واسعة من علاقات المصالح في البنية الإجتماعية لوسط السودان ، ومستوعباً للعديد من الفئات المتضررة ضمن نظامه بمنحها أفضلية نسبية أو بتغييب وعيها . خارجياً تسنده علاقات دولية واسعة نسبياً تمكنه من الصمود مع تقديم بعض التنازلات التي لا يستفيد منها المواطن السوداني .

    في الإنتفاضات الشعبية ضد الديكتاتوريات السابقة علينا أن نعترف أنها نجحت بفضل تعويل على أرضية مشتركة بين قوى التغيير و المؤسسات التي تستطيع الإطاحة بالنظام و في نفس الوقت تشكل جزءاً أساسياً منه ، كانت تراهن على أنه في مرحلة ما الجيش لن يطلق الرصاص ، كانت تراهن على ضيق الدائرة التي لها الدور الأكبر في التغيير ، مجتمع الخرطوم الصغير و الموحد حول عموميات في ذلك الوقت ، هذه لم تعد الحالة بعد الآن .

    صحيح أن المؤتمر الوطني ليست له سيطرة سياسية فاعلة على مناطق شاسعة من البلاد ، ولكن صحيح أيضاً أن معظم هذه المناطق بصورتها الحالية لا يمكن السيطرة عليها أصلاً لأنه لا توجد فيها المؤسسات السياسية و الأمنية و الثقافية الملائمة ، لأغراض التغيير فالواقعي هو النظر إلى هذه المناطق كمناطق خارج الدائرة المباشرة للتأثير السياسي المركزي بدلاً عن نظرة خداع الذات بأنها المناطق المحررة ، هذا بالطبع لا يتعارض مع العمل على ترسيخ مؤسسات سياسية و ثقافية في هذه المناطق لصالح التغيير الشامل .

    عملية التدجين السياسي التي يقوم بها الآن المؤتمر الوطني ستنتج شريحة كبيرة متصالحة معه و مستوعبة ضمن نظامه ، ولكن سياسة هذا النظام لن تثمر تنمية و عدالة في توزيع الثروة بالصورة التي تكفي للجميع ، الطبيعي أن هؤلاء المستثنين سيواجهون النظام بشراسة أكبر ، و قرائن الحال الآن تشير بوضوح أن هذا الفرز سيكون عرقياً و جغرافياً في جانب كبير منه . دور قوى التغيير الديمقراطية هو طرح مشروع يجعل هؤلاء يصطفون في معسكر واحد بدلاً عن تشرزمهم خلف رايات النخب الإقليمية الإنتهازية و التي ينتهي مشروعها بمقعد وزاري صغير ، النزعة المتوقعة هي التقهقر إلى المنظمات الجهوية ، والبديل الديمقراطي عليه مهمة شاقة في خلق وعي بديل ، وخطاب مصلحة مقنع لجذب هؤلاء لصالح التغيير الشامل .

    سياسة رشوة النخب بالمقعد الوزاري هذه ستخدر المعركة في منطقة ما لبعض الوقت ، و لكن حتماً سيكون للجوع الذي يشعر به المواطنين مصداقية أكبر من الحديث الباهت عن السلام ، وسيعتمد حجم التأثير الشعبي للنخب الموقعة على مقدرتهم على تمويل شريحة منتفعة ، ستتولد مؤتمرات وطنية صغيرة محلية و لكنها لن تكون بنفس كفاءته في مجالاتها.

    إذا أردنا أن تكون هذه القوى المغيبة معولاً ( و أصر على هذه الكلمة ) للتغيير فلابد من خلق إلتزام نظري عميق بقيم الديمقراطية ، وترسيخه شعبياً . النخب المثقفة و التي تتحدث للإعلام بخطاب ديمقراطي و لجنودها تتحدث عن الجلابة جُربت ، و أتضحت لنا جلياً مقدرتها في التغيير ، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإذا أستمر الهجوم غير الموضوعي و العنصري على مواطن الشمال و الوسط ولو على مستوى خطاب أقل من الرسمي ، فإن ما نبذر بذرته هو حرب أهلية أو إنفصال وليس تغيير نحو الدولة القومية الديمقراطية .

    في داخل الوسط يمكن المراهنة على قطاعات جغرافية و إجتماعية عديدة إذا وجد الخطاب الملائم ، علينا فقط ألا نستمر في توظيف خطاب الستينيات السياسي الموجه لشرائح ليست موجودة ، وعلينا أن نبتعد عن التعميمات البلهاء مثل ربط مستوى دخل شريحة ما بعلاقة تناسب مع ولائها للمؤتمر الوطني لأن هذا ليس حقيقياً . عملية خلق منابر إجتماعية و ثقافية جديدة ينبغي أن تسير بالتوازي مع إختراق قوى التغيير للبنى الحالية – وليس الذوبان داخلها- إن البنى الحالية و إن كانت بصورة عامة موظفة لصالح المؤتمر الوطني إلا أنها تحمل داخلها من التناقضات و التيارات الصغيرة التي يمكن إعادة تعبئتها لصالح مشروع التغيير بدلاً عن دفعها إلى معسكر المؤتمر الوطني بالخطاب الهجومي غير المسؤول.

    خطاب قوى التغيير ينبغي أن يركز على القضايا بحسب أولويتها للمواطنين و ليس بحسب أوهامنا ، و التعبير عنها ضمن مفردات الإطار الفكري الديمقراطي لقوى التغيير ، لدينا الآن مشكلة أساسية في أن البديل المطروح هو صورة غير واضحة و أحياناً مشوهة ، هذه مشكلتنا و ليست مشكلة المتلقي .

    الصورة التنظيمية للحامل السياسي لمشروع التغيير ينبغي أن تكون صورة ديمقراطية ومرنة ، فهي بهذا تضمن حشد أكبر قدر من القوى و بفعالية ، يجب أن يتكون حلف واسع يشمل تيارات القوى الديمقراطية ، و منظمات المجتمع المدني ، وتيارات الإصلاح الديني ، و كل المكونات الإجتماعية ذات المصلحة في التغيير ، الإنسجام الأخلاقي و الفكري مع المشروع مطلوب في حامله الإجتماعي ، وكذلك المقدرات الإبداعية و القدرة على التخطيط ، الحماس وحده لن يكسب المعركة .

    أواصل ....
                  

08-31-2007, 11:27 PM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    دراسة مهمة تضيء الكثير
    ولهذا يجب ان يكون هذا البوست في الاعلى
                  

09-02-2007, 00:23 AM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: nadus2000)

    الأستاذ عبد الجليل
    شكراً على الإهتمام ولي عودة
                  

09-02-2007, 00:59 AM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: amin siddig)

    الابن العزيز امين
    قلت :
    قد يتساءل البعض ما أهمية هذه النماذج هنا و هذه الممارسات ليست حاضرة بصورة مؤثرة في المشهد السوداني . إنها حاضرة ، و إن كان حضورها على مستوى الممارسة ضعيفاً فهو حاضر بقوة ذهنياً يعمل في خلفية الذهن لدى أعداد كبيرة من السودانيين ، كل ما عليك هو إبتدار نقاش سياسي حول أي قضية دولية ، فتأتيك الإكليشهات الساذجة : أمريكا هي السبب ، إسرائيل ، اليهود ، العراق ، فلسطين ، الحرب على الإسلام ، إنها الهضربة السياسية .
    واتفق معك انها الهضربة السياسية
    لان ما شهدناه من ممارسات تجعل الدين فى مازق حقيقى وسط هؤلاء الناس
    تجد شابات يرتدين الحجاب ولا يؤمن به كفكرة لكن لان هناك من يرتديه
    وشبان من المهووسين حين تناقشهم فى امر الدين يرتدون اليك شخصيا ويصفونك بالمرتد
    تجدهم يتعاطون مع التكنولوجيا ويسبون من صنعها فى ان واحد
    يحملون الموبايلات ويقولون امريكا الكافرة ؟
    يركبون احدث الموديلات من العربات الفارهة ويلعنون الغرب باجمعه
    حين بلغ بى الحنق قلت ذات مرة لواحد كان يركب سيارة فارهة ويرتدى جلبابا قصيرا
    ـ انت لمن بتكره امريكا والغرب بتستمتع بمنتجاتا ليه ما تركب جمل واقعد فى الصحراء ؟
    الازمة الحقيقة هى ان الاعلام لدينا موجه فقط لمثل تلك الافعال لكنه لا يحدث عن الانسان والفكر والانسانية
    تجد من يعتز بالقول ان الاسلام هو الحل لكن كما ذكرت انت لا يملك حلا
    حتى حين تتحدث عن الهامش والمهمشين يقول لك واحدهم ويكون من ابناء الوسط (ديل عبيد اولاد كلب )
    فى تصوره ان كل من جاء من الاطراف (عبد) وكيف نحلم بوطن متاخ وهذه العبارات ما تزال متداولة علنا؟
    كيف نحلم بوطن خال من عقدة اللون والجنس وما تحمله السلطة من نوايا لتغييب كل اخر هو السائد؟
    كثيرا ماحدثت نفسى ان هذا الوطن يحتاج الى مئات السنوات ليستقيم عوده
    محبطة بشانه خاصة حين تجد من يقوم عليه لا يهمه سوى ثراء زائل
    وحين تتحدث عن فقره حين جاء يدخلك الى بوابة الدين (وفضلنا بعضكم على بعض فى الرزق )
    والامر يحتاج الى (فلفلة) اجتماعية حادة ونقد حاد حتى يستقيم الظل والعود معا
    لك مودتى
                  

09-02-2007, 11:30 AM

amin siddig
<aamin siddig
تاريخ التسجيل: 07-21-2007
مجموع المشاركات: 1489

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فكر القطيع (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    الأستاذة سلمى شكراً على المداخلة
    Quote: تجد شابات يرتدين الحجاب ولا يؤمن به كفكرة لكن لان هناك من يرتديه
    وشبان من المهووسين حين تناقشهم فى امر الدين يرتدون اليك شخصيا ويصفونك بالمرتد
    تجدهم يتعاطون مع التكنولوجيا ويسبون من صنعها فى ان واحد
    يحملون الموبايلات ويقولون امريكا الكافرة ؟
    يركبون احدث الموديلات من العربات الفارهة ويلعنون الغرب باجمعه
    حين بلغ بى الحنق قلت ذات مرة لواحد كان يركب سيارة فارهة ويرتدى جلبابا قصيرا
    ـ انت لمن بتكره امريكا والغرب بتستمتع بمنتجاتا ليه ما تركب جمل واقعد فى الصحراء ؟

    أعتقد أن التدين الحالي يسود فيه التأكيد على قضايا مثل الحرب ، الجهاد ، فلسطين ، العراق ...
    هذه القضايا المشترك بينها أنها لا يمكن إختبارها و إدراك وقائعها في واقعنا السوداني ، بل التالي تسهل مهمة الأسطرة التي الغرض منها إثبات إنتصار زائف للإسلاميين ، لأن لو كان ما يتم في العراق مثلاً يحدث في الخرطوم لصعب على هؤلاء الترويج لهذا الإرهاب كبطولات .
    في الجوامع خاصة خطب الجمعة يتحدثون عن استهداف الإسلام ، وحديث عمومي عن الأخلاق ، عندما يفصلون فإنهم يؤكدون على مسائل الزي و الجنس ، من الصعوبة أن تجد أحد هؤلاء الأئمة مثلاً يتحدث عن الفساد ، السرقة ، القتل ، يتجنبون الإشارة لها فهذا سيدخلهم في حرج مع ولي نعمتهم و الممكن لهم المؤتمر الوطني.

    منذ الإنقسام بين الوطني و الشعبي جنح المؤتمر الوطني لتبني السلفيين الجدد ( عبد الحي ، محمد عبد الكريم ،.......) وهذه عملية مدروسة جيداً . تم تمكينهم من المساجد و دعمهم مالياً ، و تمكن هؤلاء من تحقيق بعض الإزدهار بسبب أن التضييق الذي تمارسه الحكومة على التيارات الأخرى تم إستثناءهم منه ، حتى مظاهراتهم المفبركة لا تواجه بالقمع الحكومي .و هناك تحالف وثيق بين هؤلاء .

    هولاء يفتقدون القيم الأخلاقية ، تدينهم يركز على الإرهاب كدواء لإحباطهم المزمن و يتغاضون عمداً عن الفساد الحكومي و القتل وغيرها من الجرائم ، لقد إحتكينا بهؤلاء في فترة الجامعة ، الأفكار العنصرية و الإنتهازية متمكنة منهم .

    قد يصعب فهم لماذا يتعاملون مع منتجات الحضارة الغربية ويرفضون هذه الحضارة في نفس الوقت ، من ناحية دينية لديهم ذلك المبدأ الإسلامي الذي لا أذكر إسمه و يتيح لهم هذا الإزدواج بدعاوي الضرورة ،
    والأهم من ذلك فالربط بين الحضارة الغربية و منتجاتها عند التعاطي معها يتطلب مبدأ الإتساق ، هذا مبدأ أخلاقي و فكري يفتقده هؤلاء الظلاميين ضمن مجموعة من الأخلاقيات التي يفتقدونها.
    علينا عندما نوجه نقداً لجهة ما أن ننتبه لعوامل تحدد المفردات التي سنوجهها لهم : مدى أخلاقيتهم ، مدى غبائهم .

    الأسباب التي تجعل البعض في السودان يتجه لإعتناق هذا الفكر يمكن البحث عن مسبباتها بقراءة للخلفية النفسية لهؤلاء ، و أحيانا تخرج بملاحظات غريبة :
    - عدد كبير منهم كان السبب صدمة من نوع ما ، إجتماعية أو ثقافية أو شخصية ، ما يجعل الإنسان يلجأ للهروب من واقعه.
    - عدد منهم تربطهم علاقات مصلحة أو قرابة بنظام الجبهة و لكنهم مدركين للوصمة الإجتماعية التي يسببها هذا الإرتباط فيلجاؤون للمشاريع الإسلامية البديلة لإعادة التأكيد للذات أن حتى الذين يدينون أولياء نعمتهم هم أيضاً مدانين .
    عموماً هذه مجرد ملاحظات شخصية

    المهم في مقاربة هذه الظاهرة مواجهتها بشجاعة وصراحة ، فلنكف عن التزوير و لي عنق الحقيقة لصالحهم :
    الحلول التي يقدمونها ليست سحرية هذا أول شئ ، ومرجعيتهم للسلف لإستخلاص الحلول لن تفلح ، يجب أن يذكر هذا بشجاعة ، لو كان السلف يمتلكون الحلول السحرية لما نشبت حرب بين على و معاوية مستمرة حتى اليوم ، و غيرها من الحقائق التي عندما تذكر يقولون هذا لا يجوز الحديث عنه ، فهو إجتهاد و (الفريقين تمام) ، فلنرسي أولاً مبدأ بأن ما يقال عندنا لا يحد بأي حدود ، ومن أراد دفن رأسه في الرمال فهذا شأنه.

    نقطة مهمة مقررات التربية الإسلامية في المدارس وقود هذه النزعات الخيالية ، فتنقل للأطفال صورة ليست حقيقية لواقع قد كان ، أين ذكر معركة الجمل ؟ ، أين ذكر كيفية نشوء المذاهب الأربعة ، أين ذكر الخلافات السنية الشيعية و حجج كل طرف ؟ .... تكثر الأمثلة
    هذه المقررات تدرس المذهب السلفي ، قد لا يشعر العديد منا بهذا لأن ( الفايرس ضاربو هو زاتو) وقد صاغت فكره الديني هذه المناهج .
    عند نقد الإسلام الأرثوذكسي ينبغي ذكر الحقائق التأريخية التي توضح بجلاء أن الإسلام السني الحالي صيغت قواعده و أصول فقهه في فترة متأخرة ، بدون تفصيل هذه الوقائع فأي محاولة إجتهاد ديني سينظر إليها شعبياً بالمنظار الأرثوذكسي و بذلك فهي تحريف سلفاً . أول ما يجب أن يوضع موضع التساؤل هو مرجعية الأرثوذكسية : من رتب الأولويات ؟: من وضع قواعد ما يجوز و ما لا يجوز التفكير فيه؟.

    بالمقابل ينبغي أيضاً بوضوح أن يفهم الناس أن الإسلام ليس الخيار الوحيد ، و أنه إن لم يستجب لحوجاتنا الإجتماعية و الفكرية و النفسية/ الروحية فخيار تحول العديد عنه نهائياً مطروح ، و عموماً الفهم الديني عليه أن يحور لينسجم مع العلم و مع الحرية و مع الإنسان و إلا فالتلاشى ، هذه مسألة وقت.

    أسلحتنا الأساسية في هذه المعركة : التأريخ ، العلم و الشجاعة
    وهم لديهم الصراخ و خداع الذات و السباحة في الأحلام .... أحلام صغيرة : حور ودماء .

    أواصل....

    (عدل بواسطة amin siddig on 09-02-2007, 11:41 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de