في رثاء رجل أمن ... بقلم الاستاذ يحي العوض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-21-2007, 07:04 AM

Faisal Al Zubeir
<aFaisal Al Zubeir
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 9313

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
في رثاء رجل أمن ... بقلم الاستاذ يحي العوض

    في رثاء رجل أمن ...
    ماذا تبقى من ضياء الصبح في عين الوطن..؟


    يحيى العوض
    لماذا تعيدني إلى جحيم الكتابة ؟ .. أردتها طوعا استراحة طويلة من متاهات اللغة وفخاخها ... استقويت على نفسي واستعصمت بالصمت ساحبا البساط من تحت قلمي ... لماذا جاء رحيلك في هذا الوقت بالذات ؟ ...
    نترك بين الميلاد والموت, أصدقاء يفقدونا بدرجات لا تقل عن الزوجة والأبناء, فالصداقة "رضاع ثان" , "حب تجاوز المتعة" ..." لم تخطئك النائبات إذا أصابت من تحب" ... !
    نتف الذكريات تطاردني .. وحين أكتب لا أستطيع السيطرة على القلم,أدوس بسنه على موضع الألم , كما يقول جونتز جراس ...
    عزاؤنا وصية أستاذنا بشير محمد سعيد عميد الصحافة السودانية ناصحا مجموعتنا في أول يوم عمل بجريدة الأيام عام 1962, "هناك وقت للسكوت ووقت للحديث ووقت للزرع ووقت للحصاد " !
    أعيد السؤال عليك ... لماذا جاء رحيلك في هذا الوقت بالذات .. ؟ أعرف انك ستبادرني برسم تلك "الابتسامة المهنية" على شفتيك وعندما أستنكرها مداعبا لك, سرعان ما تتجلجل تلك الضحكة الصافية من أعماقك صادقا بلا مواربة أو تكاذب...!
    أليس كذلك ياهاشم باسعيد ؟!
    دعني أتذاكى عليك مجتهدا ومستنتجا, مارقا من حيز الإمكان والمكان ... لا .. لا .. لن أتحدث عن ذلك اليوم وما سبقه في الثمانينات من القرن الماضي, عندما التقت الأكف شاهدة على بيعة "السمانية" التي إنتظمت في سلكها وترقيت في معارجها في وقت قياسي, مجسدا معنى قولهم .. الطريق لمن صدق وليس لمن سبق ! لا يمكن الحديث عن تلك التجربة إلا اذا تملكت قدرات الكاتبة "جوان كاثلين رولينج" مؤلفة مجلدات هاري بوتر, ورويت وقائع مسيرتك كأسطورة من نسج الخيال !!
    أطمئن ياهاشم قي عليائك ... كانت مهنتك مدموغة بكتمان السر ... فما بالك بمصطلحات توصف بسر الأسرار!
    هل تذكر ذلك اليوم في حضرة الشيخ البشير محمد نور عندما وجه لك سؤالا ولم تجبه احتراما لمهنتك ومواثيقها ولم أتحمل صمتك فاصبتك بلكزات قوية لكنك استعصمت بالصمت وتبرعت من جانبي واجبته بقدر استطاعتي, فشكرني, لكنه اثني عليك وعلى وفائك بالعهود وربت على كتفك ومنحك لقب "الهمام" ..
    لقد حدثتك قبل لقائنا بالشيخ البشير محمد نور عن قصتي معه ... جئته شاكيا من أجهزة الأمن بعد قرارهم المفاجئ بوقف مسرحيتي "بوابة حمد النيل" بعد عرضها ليوم واحد على المسرح القومي بامدرمان , وقد استغرق إعدادها أكثر من عام, فأساؤا فهمها بحجة إسقاطات تنتقد نظام الرئيس نميري .. فقال لي " ليسوا كلهم سواء, مثلهم مثل غيرهم فيهم الصالحون وفيهم الطالحون"! ومع ذلك , أعذرني وسامحني يا هاشم, ما كنت أتوقع انه سيأتي يوم أصادق فيه رجلا من منتسبي الأمن .. لعلها عقيدة أو عقدة متأصلة عند كثير من صحفيي جيلنا ... !!
    يا لتلك الأيام التي أمضيناها في ابوظبي في ذكر وقيام وصيام وتلاوة ..
    حقا " الإيمان يخلق الرحمة مع الذات والآخرين" ...
    وأترك الشهادات في حقك لمن شملتهم برعايتك ووقفت سندا لهم متجاوزا الأوامر الإدارية خاصة تلك العقبة الكأداة التي واجهها المغتربون في ذلك الوقت من الثمانينات , شهادة حسن سير وسلوك" التي حارب بها نظام نميرى كل معارضيه .. وكان القنصل في ابوظبي هو الملاذ ... كنا نقول للأصدقاء المنبهرين بتعاطفك , " ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكن العاقل الذى يعرف خير الخيرين وشر الشرين" وكنت بتهذيبك الرفيع عندما تنهال عليك عبارات الشكر تقول " " لسنا أفضل ولا أسوأ من الآخرين"!
    وعدت إلى السودان وترقيت إلى رتبة العميد ... وتتواصل خدماتك للجميع ... نهارا في مكتبك وليلا في مسجد الشيخ البشير في شمبات ... وفجأة تغيرت الأحوال ... أطيح بنظام نميرى في انتفاضة ابريل وكنت على رأس قائمة المفصولين مجردا من كل شئ ... لكنك لم تتغير, لقد فقدت السلطة بقوتها وسيطرتها .. وكما يقول الإمام الغزالي في كتابه "الأحياء", أن السلطة وشهوتها أعظم الشهوات قاطبة ولا تقترب منها اللذة الجنسية و لا تقارن, وهي ممارسة للإلوهية بدون اسمها وهي آخر من يخرج من قلوب الصالحين!!
    ودارت الأيام ووقع انقلاب 30 يونيو 1989م .. وكانت من مفاجآته إعادتك إلى جهاز الأمن مديرا للأمن الخارجي .. ولم يصدق الكثيرون قبولك للمنصب .. واجهك بعضهم بل واشتط اقرب الأقربين في تصنيفك .. و كعادتك لذت با لصمت .. قلة من الأصدقاء كانت تعرف الأسباب الحقيقة لقرارك ...
    كنت مؤمنا باستخارة شيوخك الذين نصحوك بقبول المنصب لعل ذلك رحمة للآخرين الذين تسوقهم أقدارهم إلى عسف وعصف الذين نزعت الرحمة من قلوبهم ..!
    وكنت دائما موعودا بالابتلاءات والامتحانات العسيرة ... وهذه المرة كانت طعنة مسمومة لم تتوقعها ... فاجأك أحد قادة النظام في اجتماع بمكتبه بقاعة الصداقة قائلا :
    " ياهاشم أمازلتم تطوفون حول قبر الشريف في كركوج .." كنت في رتبة اللواء ولم تشفع لك, وسبقك قلبك ليلتقي الطعنة, وأحسب أن المرض اللعين وجد مدخله تلك اللحظة.. سبحان الله .. الذين نصحوك بقبول المنصب يساء اليهم ... كنت مكسبا للنظام بمهنيتك العالية ونزاهتك السامقة ...
    صاحب القبر المشار إليه من ركائز الإشعاع والعرفان, (مسيده) واحة للعلم وعلى قبره أوصى بكتابة آيات من سورة التوبة "ماقلت لهم الا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد . أن تعذبهم فانهم عبادك وأن تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم "..
    وبعدها لم تمكث طويلا تم إعفائك للمرة الثانية وجئتنا هنا في الدوحة التي رحبت بك وأكرمتك... لكن ذلك الجرح كان نازفا ... فذهبت إلى لندن للعلاج و أمتدت إقامتك هناك بعد سلسلة من العمليات الجراحية في القلب ..
    والتقيناك هناك في لندن ومعي أخي الأستاذ صديق محيسى لنصدر صحيفة "الفجر"...
    وكثيرا ما نلتقي , ثلاثتنا و تتداعى الذكريات ونقتات منها .. وكنا في غاية الحرص, صديق وشخصي إلا نستغل علاقتنا وصداقتنا لنبش أسرار النظام الذي كنت في قمة العارفين بخزائنه السرية... ولا أظن أنك ستستجيب لو طلبنا منك!!...كنت دائما وفيا لعهودكم ومواثيقك .. وكان شعارنا في الفجر " ماذا تبقى من ضياء الصبح في عين الوطن" كنا نحاول إضاءة شمعة في تلك المرحلة الحالكة السواد في تاريخ بلادنا عندما استباح الدكتور حسن الترابي كل قيمنا وموروثاتنا..
    كان الأخ صديق محيسي يقول لي .. حسرتنا يايحيى لو متنا ولم نعرف مصير بلادنا في هذه المرحلة ... هل لاحت الآن بشائر "فجر" جديد؟
    "بالله عليك" يا هاشم ... هل توقف قلبك ايذانا بالرحيل بعد قراءتك لوثائق د. عبدالله على ابراهيم عن د.منصور خالد ودوره في تاريخ السودان وفقا للوثائق السرية لوزارة الخارجية الأمريكية أم بعد تصريحات الأستاذ يسن عمر الإمام – التي يشيب لها الولدان كما يقولون – وتفضح كل الأسرار وتدعو "لشيل الفاتحة على السودان"!
    لقد تزامنت هذه الأهوال مع الأسبوع الذي توقف فيه قلبك عن الخفقان.!
    وبالمناسبة ياهاشم ... عشية رحيلك صرح الفريق الركن عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع بأنه سيتعامل بحزم مع اية قوات دولية لا تلتزم بنص قرار مجلس الأمن.. وبالطبع ياهاشم مع اهتمامك بالتوثيق تحتفظ بين أوراقك بالتصريحات السابقة للوزير بانه يفضل ان يكون تحت الثرى لو دخلت القوات الدولية ... لقد علمنا التاريخ ياهاشم كما يقول أحد الحكماء, "درسين اثنين أولهما أن تصوير الفواجع والخسائر بوصفها انتصارات هو أمر ممكن والدرس الثاني هو أن ذلك لايدوم"!
    وداعا ياهاشم والى اللقاء !

    نقلا عن سودانايل .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de