|
المروحــــــــــــه / قصه قصيره / صديـــق الحــلو
|
قصة قصيرة صديق الحلو المروحة إشتريت مروحة جديدة بالأقساط. بالضرورة أنها مصنوعة فى الصين، وإن لم يكن يكتب عليها بلد المنشأ. سعرها مائتا ألف جنيه، والقسط خمسين ألفاً فى الشهر. = قالت المروحة: اننى مطمئنة هنا لمنزلك الذى بدون نوافذ وأنا متاكدة من سرورك بوجودى، خاصة وأن موسم الصيف قد أقبل. - قلت: هل برمجوك للتحدث معى؟ - صديقى محمد قال لى مبروك، وأردف: هل هى مروحة جديدة؟ أشفق علّى عندما قبضنى متلبساً فى حديث ودى معها. كانت غرفتى غير مطلية الجدران مشققة وكئيبة مما أصاب المروحة بحزن وأسى تناسته مع الأيام، وأضطرت للمعايشة معه. استطعت أن أسمع همساتها بأن: يا للفقر والتعاسة. كانت تتوقع أن ترمى بها الأيام فى عمارة شاهقة، أو منزل جيد، ولكن أن تقف على أرض عارية. لقد هزت رأسها أسفاً وأصيبت بالإكتئاب من روائح البيض واللبن الزبادى والبصل.. لم يعجبها عدم ترتيبى للمنزل وقذف الأشياء حسبما أتفق. رغم أنها لم تستعمل اليوم كله سوى ساعات معدودة فى الليل، حيث أن الكهرباء عندنا مؤقته وتعمل على وابورات محلية لتوليد الكهرباء. كنت أدخل الغرفة وأتحاشى النظر إليها. فقد كان من عادتى أن ألقى النظرات على أشيائى فى الغرفة كلها خوف فقد شئ. قلت لها: لتتأقلم على الأمر الواقع، ولا داعى للأسى الذى أراه يلفها. لقد كانت تتوقع أن تكون مع رجل مهذب يعاملها برفق. قلت لها: لقد سمعت هذا الموضوع مراراً مما أصبح يصيبنى بالضجر. كانت ترمقنى عندما أصلح صحن الفول. - قلت لها: هل من مانع لديك أن آكل الفول؟. زفرت آه.. وسكتت.. - كنت اود أن أستميلها لعالمى.. ألم ترى الوردة البنفسجية التى أتركها أمامك وتواليت العطور وتلك الآيات القرآنية؟ والمناظر المعلقة ألم تسلِّ وحدتك عندما أكون بعيداً فى العمل؟. لم أر أى تأثر عليها. وأضفت حتى الأفلام التى نشغلها فى الفيديو (سى دي C.D) كلها من أجلك حتى لاتشعرى بالوحدة والكآبة. اختار أجمل الأفلام التى نالت جوائز الأوسكار لأعرضها عليك. فى الليل سمعتها تتحدث لنفسها بوضوح أنها برمجت لتكون لدى مسؤول نافذ، وحظها التعس أوقعها فى أحد أحياء الخرطوم الفقيرة.. هل يعنى ذلك أنها أذنبت، أخطأت، فجأ عقابها ان رمى بها هنا؟؟. ولأننى أردت أن تسكت فقد غطيتها بجلبابى البنى. - فى الصباح قالت: أجدك منهمكاً فى القراءة والكتابة مع أننى اود التحدث اليك. قصتك الأخيرة تقليدية، وأنت مازلت تكرر نفسك.. ألا تستطيع أن تبتكر قصة تربك الناس جميعاً؟. - قلت لها أين وجدت قصتى الكلاسيكية القديمة على حسب قولك؟. قالت: دفاترك المتروكة بإهمال على المنضدة وبجوارها المنبه، ونظارتك الطبية المشروخة، وكمية من الأقلام التى جف حبرها. - قلت لها: لا تفتشى أشيائى. وأن كنت تراقبين كل شئ من الذى أخذ زناد الغاز من الطاولة وأسطوانة (سى دى) التى استعرتها من صديقى أحمد، والذى لقننى درساً فى عدم الأمانة والإهمال. - قالت ساخرة: وهل أتيت الى هنا لأراقب أشياءك المفقودة؟ قلت لها: أننى أهوى الكتابة ولا أريد كتابة قصة تلفت الناس.. وانت مالك والكتابة؟. - قالت: انت واهم بأنك شخص مهم، هناك إيجابيات فيك لا تستثمرها وتضيع وقتك بمساعدة الناس وتعليق الشهادات وبروزتها. ها انا لدى شهر عندك لا حظت انك متوسط الذكاء والتعليم وطموحك لاترشده. ابحث عن امرأة تتزوجها تكون ممتازة تقف بجانبك وتعرف اشياءك الضائعة. - قلت: آخر امرأة تزوجتها ارسلتنى للمحكمة وأخاف أن اتزوج أخرى تقفلنى فى السجن.. وها أنذا مشتت ويتملكنى التمزق والضياع وليس لدى الاستعداد لدخول تجربة أخرى. - قالت: يا للتعاسة! ثم أردفت وماذا عن سارة؟ قلت: حتى انت عرفتى سارة؟ - قالت: ودفاترك المليئة بذكريات عنها.. قلت لها: انك لاتفهمين العلاقات العاطفية. أجابت: صورتها فى هاتفك الجوال.. مسحت نظارتى من العرق.. غضباً. - قلت لها: اننى كنت اخالك بريئة وها انت تدخلين اسرارى. - قالت: اريد أن أساعدك. - قلت لها: سوف لن تستطيعين.. حياتى ملأى بالمشاكل الإجتماعية وفى العمل. - قالت: أمجد صديقك سيأتى الآن وسيعرض عليك عملاً بمرتب كبير.. وسارة ان استعصت اعادتها هناك من مثلها تماماً.. اتصلت من هاتفى الجوال بأمجد وانتحلت صوتى فى مخاطبة سارة. صديقى محمد يصر بأننى مخبول.. كيف لمروحة بالأقساط ان تدبر حياتك التى لم تستطع انت طيلة الأربعين عاماً تدبيرها؟. جلست على المقعد منهك القوى وانا أتصبب عرقاً مالحاً. تجاهلت همساتها لى فى ظل وجود محمد. - قلت لصديقى المهندس أمجد بعد أن أهديت اليه المروحة ذات الأقساط: انك رجل خبير فى الأمن. انظر فى أمر هذه المروحة قد تكون مبرمجة أو قد يكون أرسلها لى أهل زوجتى السابقة.. - قالت: لاتهدينى إليه... أننى اريد ان اكون.. معك. 26/6/2006م
|
|
|
|
|
|