اهتراء وجدان الذاكرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 12:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-20-2007, 08:33 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
اهتراء وجدان الذاكرة

    وإهتراء وجدان الذاكـرة

    إلى روح جدتي آمنة العوض ضوالبيت
    حتى لا يضيع وجدان الذاكرة المسكون بالحكي
    (1)
    تراءت لي جدتي وأنا في غمرة انشغالي بالحياة وشياطين تفاصيلها، تراءت لي وفي عينيها عتاب ولوم شديدين، وكأني بها تنبهني إلى أنها لا تزال تسكن وجداني، ومن واجبي أن أواصل ري شجرة الوجود هذه حتى لا تجف جذورها فتموت، كما تموت كل الأشياء وتسقط من الذاكرة. وكانت جدتي قد ماتت قبل سنوات، كما هي خاتمة سيرة كل الناس الذاتية التي تنتهي بهذا الحدث.
    يقال أن طبيباً في العصور الوسطى كان يتحدث إلى الأعشاب، وكانت كل عشبة تكشف له سرها وقدرتها على المرض الذي تستطيع شفاءه. وذات مرة وجد عشبة جبلية غريبة عليه وراح يحدثها لتكشف له أن فيها سر الحياة الأبدية وانها تشفي من الموت. حملها طبيبنا مهرولاً في اتجاه المدينة التي يمارس فيها طبه، إلاَّ أن طائراً ضخماً اختطفها منه ليتعثر ساقطاً أثناء هبوطه من الجبل ويفارق الحياة. رغم ذلك مات وهو يحمل الحياة بين يديه.
    وتطلق جدتي مقولتها بأن الإنسان لا يبلغ ذروة حكمته ولا ينكشف له سر الحياة ومعاني الكون والوجود ولا يقبض على جوهر الأشياء إلاَّ لحظة الاحتضار، بل اللحظات الأخيرة من مرحلة الاحتضار، ليموت بذلك السر الذي نسعى كل حياتنا للبحث عنه واكتشافه لنستريح. ماتت مثل الآخرين تحمل السر معها، وقد بلغت ذروة راحتها.
    لا يتبدى لنا أن في الموت راحة إلاَّ عندما تصبح الحياة مجرد معاناة سريرية طويلة الأمد. عندما عالجها بعض الأطباء الأوربيون بحقن المريض بمادة تريحه (من تلك المعاناة) وتعجل بموته، ذهبنا إلى الجانب الأخلاقي والديني بأن ذلك احتجاجاً على إرادة الله. وهذا حق. ولكننا وعندما يعاني مريضنا الأمرين من جراء داء يلزمه السرير لفترات طويلة ولا أمل لشفائه، يعاني معه الجميع (جميع من حوله)، ويخيم الحزن في دواخلهم رثاءاً لحاله ولحالهم.. يتمنون له الراحة (الموت) من هذه المعاناة.. وكذلك راحتهم، ولكنهم يمسكون الفكرة من تلابيبها خوفاً من التصريح بها حتى لأنفسهم. وبمجرد أن تفارق روحه الحياة يتنفس الجميع الصعداء سراً وفي بعض الأحيان يصرحون علناً "إرتاح"!!! وتقام سرادق العزاء وبعضهم ينهيها بانتهاء مراسم الدفن.
    أو كما ينشد شاعرنا الفيتوري:
    صدقني يا ياقوت العرش
    إن الموتى ليسو هم .. هاتيك الموتى
    والراحة ليست .. هاتيك الراحة
    لست بصدد الحديث عن فلسفة الموت ولا قدسيته، ولكنها جدتي الخارجة من رماد حياتي الآن وشياطين تفاصيلها ترغمني على تلك الوقفة.. الوقفة لتجاوز موت آخر .. ليس ذاك الموت، وهي تحاول بعث سطوة الوجدان .. وجدان ذاكرتي.
    أعادتني جدتي إلى سطوة الوجدان.. وجدان الذاكرة. صدئة أقفالها.. هكذا وجدتها، وانا أصيح بأعلى صوتي " فاطنة القصب الأحمر...." وأعتصر تلك الصور المبعثرة داخل ذلك الوجدان. هي التي شكلته، أو جزءاً كبير منه، أثناء تلك الليالي القمرية وحتى عندما يسهر القمر ويأتي بعض منه في وقت متأخر، كما امرأة أدمن زوجها السهر فنزعت عن جسدها وروحها فيوزات التفخيخ ولم تعد تكترث كثيراً لكل أو بعض حضوره، ننتظره أو تنتهي حكاويها ونستغرق في نومنا، لا يهم.
    هي فاطنة القصب الأحمر التي علمتني العشق، وأصيح مرة أخرى " فاطنة القصب الأحمر....."، وأحاول صب بعض مزيج من الليونة على ذاك الصدأ، (يقول أصحاب الخبرة إن بعض من زيت الفرامل يجدي مع الصدأ، ولكنه صدأ الذاكرة ووجدانها!!).
    لماذا القصب الأحمر؟ لم أسأل نفسي حينها وأنا في حضرة جدتي، هذا السؤال، لذلك لم أجد إجابة عليه، ولم يسعفني خيالي وقتها إلى ربط جمالها وحلاوتها بطعم قصب السكر الأحمر إلا بعد زمن طويل. لكنها فتاة جميلة، كما تقول جدتي، وتخيلت طفولتي صورة وجهها وشعرها الناعم الطويل، ورسمتها بإحتراف مصور بارع، فعندما تقول جدتي فتاة جميلة عليك أن تتخيلها كما يجب. وهي مع جمالها وحيدة أمها وليس لها سوى أخ شقيق، فهي إذاً جميلة ومدللة.
    تقول جدتي إن فاطنة القصب الأحمر خرجت عصر ذات يوم مع فتيات القرية إلى طرف الوادي ليجمعن (النبق). وعندما وصلن تآمرت الفتيات على فاطنة القصب الأحمر، وأوكلن إليها مهمة رمي شجرة السدر بالحجارة أو هزها ليتساقط نبقاً جنيا، على ان يجمعن هن النبق ويجمعن لها نصيبها من الغنيمة.
    تلك الصور المبعثرة، وأخشى أن اطرافها صارت مهترئة، لا سبيل لتماسكها لتبدو صورة واحدة واضحة معالمها. حتى الاحتيال ليس بذي جدوى في ممارسة تلك اللعبة الذهنية المعتمدة على دقة الملاحظة أثناء محاولة تجميع تلك القطع المبعثرة.
    رحلة طويلة استغرقتني أثناء محاولتي إحياء وجدان الذاكرة، ولكن رحلة الحياة المتراكمة وشياطين تفاصيلها أغرقتني أنا، وقبرته (هو) حياً لا زال (يفرفر). جربت مدخلاً آخر أتجاوز به خيبتي في سقيا شجرة الوجدان حتى لا تموت جدتي مرتين. إنه نبش مقبرة لروح لا زالت تفرفر.
    تقيأت القراءات؛ عسيرة الهضم هي على معدة الذاكرة. ربما أعمدة جدرانها إعتورتها أطراف من شيخوخة مبكرة.. ولكن طفلتي تقيأتها امتعاضاً وأنا أتلو عليها تلك الحكاوي من كتاب. قرأت لها "فاطنة السمحة" وجدت وجهها شاحباً وعينيها زائغتين وهي تقول لي في امتعاض: "نادي جدتي".. (أمي)، حاولت أن تحكي لها القصة بطريقتها وقد زال عن وجه الطفلة الشحوب وعن نظراتها ذلك الامتعاض، ولكنها تركتها لتدير قناة التلفزيون إلى (SPACE TOON). أقول حاولت لأنها لا ترويها كما جدتي أنا.
    فرق كبير بين جدتي وجدتها، لا أقول أن أمي من الحداثيات ولكنه فرق أجدنة. فجدتي ارتوى وجدانها من رحيق غابر، ليس فيه من عطر سوى ما أنتجته الطبيعة، وبعضه تعتق وهو يمخر عباب البحر في سفن خشبية لا تبلغ المرافئ في موعدها، هذا إذا سلمت من النوَّة. يتأخر الصندل الهندي، فيأتي مبللاً بطعم الملح اللاذع الذي لا يفارق المخيلة، ملح يحتفظ بنضارة الرائحة وعبقها. لم يتدخل في عطرها عبق برائحة الماكينات قط (هل تعرفون الفرق بين زيت السمسم الذي تنتجه عصارة الجمل والذي تنتجه المصانع؟ هو تلك الرائحة .. رائحة الماكينات)، مثلما حدث لأمي التي ربما تخلط قليل من عطور باريسية لتصنع عطرها الخاص.
    هو بالضبط الفرق بين التلقائية والصنعة، الطبيعة والافتعال. ربما هو الفرق بين التأثر والتأثير، إذ أن محيط جدتي الاجتماعي الذي ارتوت منه قدرة الحكي وذاك الخيال ليس هو ذات محيط أمي، فأمي رغم أنها بنت قرية إلا أنها تمدينت وتنقلت بين كثير من المدن.
    عندما تحكي جدتي، عذراً لا تحكي هي بل روحها وجسدها وكل أجزائه تحكي. ذاك الصوت العميق الآتي من عالم آخر يتقمصها. لاحظت ذلك أثناء حديثها مع الكبار، ليس في صوتها تلك النبرة وذاك العمق، بل يبدو عادياً جداً. حتى نظراتها برغم سطوة الليل تأخذ بعداً آخر وهي تحكي عن ود النمير أو فاطنة السمحة أو تنادي سارين الليل وهي تلعن الغول. نظرة لا ألمح أبعادها إلا وهي ترمي بحبل سناراتها من على الشاطئ بعيداً في عمق النيل قبل أن تعلن الشمس انسحابها التدريجي.
    جدتي عاشفة لصيد الأسماك، وتبدو وكأنها في مثل عمرى فرحاً وهي تحكم قبضتها على بياضة من الوزن الثقيل لتسل السنارة من فمها، وقد خدعها الطعم الحاذقة صنعته. لا تطعم سناراتها إلاَّ (صارقيل) وتقول حكمتها في ذلك، إنها لا تصيد (بغاث) السمك لذلك لابد من طعم لائق لما تصطاده.
    الصوت والنظرة الساهمة يميزان الحكي ويضفيان عليه عمق الأسطورة، لينسرب إلى خيالات جامحة لا يكبح إنطلاقها غير النعاس، وهذا أيضاً ربما لا يكبحها إذا ما سكنتك –كأحلام- طلاسمها، وحركة يديها المتناغمة مع تطور الحكاية وانفعالاتها، أشبه بحركتها قابضة على مقبض منجلها الخشبي تقطع أوصال القصب الأخضر في اتقان قبل أن تضعه على ظهر حمارها وهي تغادر الجروف.
    ويأتيني صوتها من تجويف عميق خارج من ظلام النسيان، شيء هو أشبه بسفينة فضائية سابحة في ذلك الفراغ الدامس ظلامه، يأتيني الصوت الآن عبر أنابيب متعرجة، الذاكرة تحاول أن تفعل فعلها، وأعرف شيئاً عن ما حدث لفاطنة القصب الأحمر، حيث خدعنها رفيقاتها؛ فوجدت سلتها مليئة بالنبق الأخضر في حين استأثرن بالأحمر الناضج. وكانت الشمس قد شارفت على الغروب. لكن غضبتها كانت أقوى من أي حرص على عودتها مع رفيقاتها إلى القرية قبل حلول الظلام، قذفت بمحتويات السلة بعيداً وبدأت تجمع النبق الأحمر.
    إنها عصية، تلك الحكاية المترعة بتفاصيلها، عصية على ذاكرة تآكلت أطرافها. ولكن صوت الفتاة الباكي وهي تقاوم الغول الذي عزم على اختطافها، عندما رآها وحيدة وبعيدة عن القرية، وتمكن منها، جعلني صوتها الباكي أتوسل جدتي لإسعافي، فتمد لسانها ساخرة من حالي، ذاكرة أخرى اسعفتني ولكن ليس بما فيه الكفاية.
    ثم ماذا بعد؟؟
    (2)
    دخلت إحدى مقاهي الانترنت لتصفح بريدي الالكتروني، فإذا بطفل لا يكاد يتجاوز التاسعة من عمره يجلس على الجهاز جواري. راقبته في فضول، متذكرا حديث لصديقي يلعن فيه الزمن الذي جعله يتعلم الكمبيوتر مع إبنه ذو الخمس سنوات، قالها مفتخراً بإبنه ونادباً الزمن الذي ولد فيه ولم تكن فيه التكنولوجيا بهذا التطور أو لم يكن هناك ما يدعى الكمبيوتر ولا شبكة عنكبوتية ولا شيء مما نراه ونتابعه الآن. ضغط الطفل على يسار ال(ماوس) ليفتح ال(INTERNET EXPLORER) ثم ماذا يا صبي؟
    دخل على محرك البحث (GOOGLE) وطبع كلمة ألعاب ثم ضغط على مفتاح الدخول، لتظهر أمامه قائمة طويلة من الألعاب التي لا أعرف معظمها، وبدأ في ممارسة هواية يبدو أنه أتقنها جداً. فهو يحرك طرزان بين أغصان أشجار الغابة الكثيفة بمهارة تفوق كبار المخرجين السينمائيين. وبانفعاله بلعبته يكاد يخترق الشاشة، مثلما كنت أكاد أخترق فضاء حكايات جدتي وأنا مشدود إلى تلك التفاصيل الحميمة.
    وكاد الغول الذي اختطف فاطمة القصب الأحمر أن يخرج لي من شاشة الكمبيوتر الذي يلعب فيه الصبي حين سرحت بخيالي عبر عجلة الزمن. اختطف الغول الفتاة الجميلة، وعادت صويحباتها إلى القرية بدونها لينتظرهم السؤال عنها. قالت مجموعة منهن:
    - شالا الغول!!!!
    جلس أخوها، الذي أصر على مواجهة الغول لتخليص أخته والعودة بها، جلس إلى حكماء القرية الذين يعرفون الغول جيداً ولكن أحدهم لم يجرؤ على مواجهته، لأنه كان عادة ما يعتدي على أغنامهم ويعتبرونها قرابين. وأمام إصراره أسدوا إليه بعض النصح في كيفية التعامل معه. وقالوا له إن من عادة الغول أن ينام وهو مفتوح العينين، فإذا دخلت عليه ووجدته مغمض العينين فتأكد أنه مستيقظ. ثم منحه أكبر الحكماء (شوكة) وقطعة (طين) وشرح له طريقة استخدامها ضد الغول إذا ما اضطر إلى ذلك. امتشق أخوها حسامه وامتطى صهوة فرسه واتجه ناحية سكن الغول عند أطراف الجبل المطل على الوادي. ويا له من فارس عندما تصفه جدتي.
    كثيراً ما أعود إلى البيت لأجد الأطفال ملتفين حول التلفزيون خاصة أثناء العطلات الصيفية، لا يهتمون لشخص أو شيء وهم يشاهدون قناة (SPACE TOON)، لوقت طويل أشبه بلحظات الغرق الصوفي. فيما تحتل الأمهات وحتى (الحبوبات) مجلس التلفزيون في المساء لمتابعة طائفة من المسلسلات، ويلتف حولهن ذات الأطفال. تحول التلفزيون إلى جدة كبرى تجذب بحكيها الكبار والصغار، وفي ذلك شيء من أيام جدتي وحكيها حين كان الكبار يسترقون السمع (يرخوا أضانم) لذلك الحكي وأحياناً يعلقون عندما بلوغ الذروة. وربما سمعوا كل تلك الحكايات مرات ومرات.
    أتذكر في تلك اللحظات التلفزيونية جدتي التي عادة ما كنت أتبعها كظلها وفي نفسي رغبة ألاَّ تنتهي الإجازة الصيفية لأعود إلى المدينة والمدرسة وتلك الملاحقات اليومية للتأكد من أداء الواجب.
    وأتذكر شقيق فاطنة القصب الأحمر الذي ذهب إلى حيث الغول لتخليصها منه. دخل في حذر إلى الكهف الذي يسكنه ووجده مفتوح العينين مما جعله يطمئن فالغول ينوم لأسابيع قد تصل إلى شهر، ولكنه يتوسد شعر فاطنة الطويل الناعم مما اضطره للعودة إلى كبير حكماء القرية الذي نصحه بأن يخلي الكهف تماماً من إي شيء مهما كان صغيراً ثم يقص شعرها ليخلصها. وهو ما فعله الفارس عند عودته مرة أخرى إلى كهف الغول. وحمل فاطنة القصب الأحمر على الحصان خلف ظهره وانطلق في اتجاه القرية.
    لكنه نسي المنقار وهو قطعة حديد صغيرة لم ينتبه لها. طار المنقار إلى أعلى وصار يضرب الغول بشدة وهو يصيح:
    يا اب نوماً شهر
    وحسيساً دهر
    نوارة البيت شالوها.
    ثم يطير إلى أعلى ويضربه على رأسه ويردد ذات الكلام (وتردده جدتي كذلك عدة مرات بمؤثرات صوتية عالية التقنية، تقنية تخص الحكي)، إلى أن استيقظ الغول ليكتشف أن نوارة البيت شالوها. وتبدأ رحلة مطاردة تنقطع لها الانفاس، وانتبهت فاطنة القصب الأحمر للغول الذي يطاردهما لتحذر أخاها من اقترابه. تذكر الفارس أنه يحمل الشوكة وقطعة الطين.
    وما بين المسافة الفاصلة بين الغول والفرس المنطلق بأقصى سرعته، تحسست ذلك الوجدان المهترئ. قلت إن أمي لا تجيد الحكي مثل جدتي، وهي جدة أيضاً لها أحفادها الكثر، لكنها مشغولة مع أمهاتهم بحكي آخر والأطفال مشغولون بفضاءات تخصهم ويشارون الكبار في فضاءاتهم. إنها حكاوي فضائية تفتقد لتلك اللحظات الحميمة، والحوش المتمدد براحته في أرض القرية وتلك الليالي بقمرها أو حتى بدونه، والعناقريب المنسوجة ببراعة، ونهيق حمار جدتي الذي يغازل حمارة الجيران، وذلك الديك الذي لم يغلبه النعاس بعد، رغم مغيب الشمس ليصيح مقلقاً مضاجع إخوته الذين يردون عليه في تكاسل، ثم يأتي دور جدتي بصوتها وحركات جسدها الموحية لتكتمل عناصر المسرح. إنه حقيقة مسرح حي له خشبته وديكوره وسيناريو محبوك بالفطرة ليكتمل بالحكي ونحن جمهوره.
    الآن أرى جدتي سعيدة وأنا التقط ملامح الصورة التي ذابت أطرافها وكادت ان تضيع في غمرة أحداث الحياة المتعاظمة وبين ثنايا تفاصيلها المملة. وكأني بها تقول لي من بين شبح ابتسامتها "إياك واهتراء وجدان الذاكرة، فهو ما سيبعث في الحياة إن بقي حياً داخلك".
    وتطاردني صورة الغول الآن، والذي كاد أن يقترب من الفرس، ليرمي شقيق فاطنة القصب الأحمر الشوكة التي وهبها له كبير الحكماء، واستحالت الشوكة غابة ضخمة ممتدة لتغطي مساحة كبيرة تفصل بين الفرس المنطلق والغول الذي يحاول اللحاق به.
    على الغول أن يقطع كل تلك الغابة لكيما يستطيع مواصلة مطاردتهما، وهو ما فعله تماماً. وتمكن مرة أخرى من الاقتراب من الفرس الذي يحمل فاطنة القصب الأحمر وشقيقها. وتنبه فاطنة اخاها مرة أخرى ليرمي بآخر أسلحته في وجه الغول، وهو قطعة الطين التي استحالت بحراً عريضاً من المياه.
    يقف الغول قليلاً وتبدأ ذروة أخرى من ذروات الحكي في الهبوط لتهدأ الأنفاس المتسارعة مع سرعة المطاردة، حتى يكمل الغول شرب كل مياه البحر الذي أمامه، فهو برغم جبروته لا يمتلك عصا موسى لتعينه. ولأنه غول فقد تمكن من شربه.
    في تلك الأثناء لاحت مشارف القرية من بعيد لتطمئن فاطنة القصب الأحمر وأخوها، ويفشل الغول في اللحاق بهما ليعيد نوارة البيت إليه.
    لكن جدتى لن يكتمل رضاها إذا وقفت عند هذا الحد، فهي تقول إن الغول ملعون وإذا قصد أمراً بلغه ولو بالحيلة. فعندما علم بأن القوم في القرية يرتبون لذبيحة كرامة لعودة فاطنة القصب الأحمر وسلامتها، تمثل في هيئة كبش ضخم يغري أي شخص، فاشتراه أخوها ليكون قرباناً وفداءاً لها.
    توجست الفتاة الجميلة خيفة وهي ترى الكبش يعبر الباب الخارجي وتشتم الرائحة التي ما فارقت حاستها منذ أن توسد الغول شعرها حتى لا تهرب. قالت لأخيها إن ما أتيت به هو الغول. ضحك أخوها فيما قالته ولكنه ليطمئنها ربط الكبش بسبع (جنازير) حديدية ثم خرج. وصار الكبش (الغول) يصارع الجنازير وهو يصيح وفاطنة تصيح، إلى أن قطع ستة منها، وقبل أن يتمكن من قطع الأخير لحق به أخوها وبعض فتيان القرية ليذبحوه ويحرقوه إلاَّ قطرة من دمه طارت في بعيداً وتحولت إلى خرزة حمراء لامعة.
    وبدات فاطنة في نظافة آثار الذبح والحرق لتجد الخرزة الحمراء وتعجب بها لتضعها في فمها ريثما تنتهي من النظافة لترى ما ستفعله بها. ولكنها لم تمهلها كثيراً إذ طارت الخرزة (الغول) داخل حلقها لتسده حتى ماتت.
    وماتت فاطنة القصب الأحمر ونحن نلعن الغول (وعمايلو)، مثلما ماتت جدتى وسنموت أنا وأنت. لكن هل سيبقى وجدان الذاكرة حياً مترعاً بتلك الحكاوي الحميمة؟ لا يبدو ذلك هذا ما تقوله الأشياء من حولي، بعد أن شغفت الجدة بالمسلسل اليومي مثل الأم في زمن الحكي وقت أن يحتاج الصغار لذلك وينامون لتستيقظ أخيلتهم، وما عاد المسرح هو ذات المسرح ولا الديكور هو ذاته ولا السيناريو.
    إنه زمن اهتراء وجدان الذاكرة، ولكني قاومت بعض الشيء عل جدتي ترضى بما زرعته يوماً، ليهمل الزمن سقايته.
                  

07-20-2007, 08:43 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)

    الأخ الكريم
    أمير

    رحم الله جدتك الكريمة
    حقيقة, إستمتعت بكتابتك عنها كثيرا
    حفظك الله من كل سوء
    و لي وقفة أخرى

    كل الشكر
    غادة
                  

07-20-2007, 09:57 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: غادة عبدالعزيز خالد)



    سامحك الله يا أمير .

    ألّبت عليّ الكثير يا رجل ..
    و ما أنا بذي قدرة , أنام على طواها - جدتي - ليصحو عليّ .
    أتذكر فاطنتنا و قصبها الأحمر الآن ..
    الغول الغنّاء بصوته ( حس الحُمار .. أنا حس أخوي الجرس النّقار ) .
    و محمد أخو روز :
    أنا محمد أخو روز ..
    سيفي ضبّاح ..
    و كلبي نبّاح ..
    و ناري توقد للصباح ..
    فيلبس صوت أمي الزلال ( جدتي ) تلاوينه ..
    غولاً مرة , و مرات فاطنة السمحة , أخرى ود النمير , ثالثة التمساح العشاري , رابعة القمرية .. ثم الشبرية , فالسوميتة و حبة أم نارين , و شبير و التُبّر و الرجال الجلابة و و و و

    ما سويت فيني خير يا أمير ..
    الله يرحمنا ..
    و يرحم أمهاتنا ..
    و يرحم تفريطنا في كل شيء ..
    حتى هويتنا .


    راجع ليك ..
    و شاكر و حامد قدر الشجن الراقد فينا .

                  

07-21-2007, 01:47 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: Emad Abdulla)

    شكراً غادة على مرورك الجميل دائماً

    الاستاذ عماد
    لك التقدير
    أخشى أن كثيراً من وجدان ذاكرتنا بدأ يتآكل بفعل عوامل التعرية الثقافية، كيف نجعل من جمرة ذلك الحكي شعلة دائمة لا تنطفئ وسط ذلك الجليد؟ حاولت ولما فشلت أو خشيت الفشل قلت استعين بالآخرين وها ذا أنت تستجيب. هل بقي في وجدان ذاكرتك تلك القصة التي تحكي عن تلك الفتاة التي قتل عمها محمد أخوها:
    في شان قندول
    والقندول أكلو الزرزور
    والزرزور طار في سبعة بحور

    فشلي في تذكر تفاصيل تلك القصة هو ما دفعني لهذه الكتابة.
    ولأن العوامل كلها تقف حجر عثرة أمام مواصلتي الآن سأعود لاحقاً
                  

07-22-2007, 06:30 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)

    موضوع يستحق التمعن و القراءة

    _____________________________________

    وإهتراء وجدان الذاكـرة

    إلى روح جدتي آمنة العوض ضوالبيت
    حتى لا يضيع وجدان الذاكرة المسكون بالحكي

    (1)
    تراءت لي جدتي وأنا في غمرة انشغالي بالحياة وشياطين تفاصيلها، تراءت لي وفي عينيها عتاب ولوم شديدين، وكأني بها تنبهني إلى أنها لا تزال تسكن وجداني، ومن واجبي أن أواصل ري شجرة الوجود هذه حتى لا تجف جذورها فتموت، كما تموت كل الأشياء وتسقط من الذاكرة. وكانت جدتي قد ماتت قبل سنوات، كما هي خاتمة سيرة كل الناس الذاتية التي تنتهي بهذا الحدث.
    يقال أن طبيباً في العصور الوسطى كان يتحدث إلى الأعشاب، وكانت كل عشبة تكشف له سرها وقدرتها على المرض الذي تستطيع شفاءه. وذات مرة وجد عشبة جبلية غريبة عليه وراح يحدثها لتكشف له أن فيها سر الحياة الأبدية وانها تشفي من الموت. حملها طبيبنا مهرولاً في اتجاه المدينة التي يمارس فيها طبه، إلاَّ أن طائراً ضخماً اختطفها منه ليتعثر ساقطاً أثناء هبوطه من الجبل ويفارق الحياة. رغم ذلك مات وهو يحمل الحياة بين يديه.

    وتطلق جدتي مقولتها بأن الإنسان لا يبلغ ذروة حكمته ولا ينكشف له سر الحياة ومعاني الكون والوجود ولا يقبض على جوهر الأشياء إلاَّ لحظة الاحتضار، بل اللحظات الأخيرة من مرحلة الاحتضار، ليموت بذلك السر الذي نسعى كل حياتنا للبحث عنه واكتشافه لنستريح. ماتت مثل الآخرين تحمل السر معها، وقد بلغت ذروة راحتها.

    لا يتبدى لنا أن في الموت راحة إلاَّ عندما تصبح الحياة مجرد معاناة سريرية طويلة الأمد. عندما عالجها بعض الأطباء الأوربيون بحقن المريض بمادة تريحه (من تلك المعاناة) وتعجل بموته، ذهبنا إلى الجانب الأخلاقي والديني بأن ذلك احتجاجاً على إرادة الله. وهذا حق. ولكننا وعندما يعاني مريضنا الأمرين من جراء داء يلزمه السرير لفترات طويلة ولا أمل لشفائه، يعاني معه الجميع (جميع من حوله)، ويخيم الحزن في دواخلهم رثاءاً لحاله ولحالهم.. يتمنون له الراحة (الموت) من هذه المعاناة.. وكذلك راحتهم، ولكنهم يمسكون الفكرة من تلابيبها خوفاً من التصريح بها حتى لأنفسهم. وبمجرد أن تفارق روحه الحياة يتنفس الجميع الصعداء سراً وفي بعض الأحيان يصرحون علناً "إرتاح"!!! وتقام سرادق العزاء وبعضهم ينهيها بانتهاء مراسم الدفن.

    أو كما ينشد شاعرنا الفيتوري:

    صدقني يا ياقوت العرش
    إن الموتى ليسو هم .. هاتيك الموتى
    والراحة ليست .. هاتيك الراحة

    .
    .
    .
                  

07-23-2007, 01:09 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    الأستاذة غادة
    شكراً لك مرة أخرى

    قرأت اليوم في السوداني الثقافي ما خطه الاستاذ الصادق الرضي في عموده أكثر من ضوء
    في جريدة السوداني: 2007-07-23
    أطفالنا ماذا يقرأون؟!


    الأستاذ الصادق الرضي كتب ضمن ما كتب "أطفالنا اليوم لا يقرأون، في واقع الحال، ليس بسبب العولمة أو الثورة الرقمية التي أفسدت تقاليدنا الثقافية العريقة التي تحض على تلقي المعرفة من بطون الكتب، وصرفت إهتمامهم إلى (شاشات) الفضائيات ورسومها الكرتونية، أو إلى (شاشات الـ بلي استيشن) أو (شاشات) الإسفير، بل بسبب من أننا لم نعد لهم أي شئ، نحو أن يشبوا قارئين وقارئات،"

    اتفق مع الاستاذ الصادق، حقاً كنا نقرأ ، وكانت المكتبة المدرسية متوفرة، بل كانت الجوائز للمتفوقين عبارة عن مكتبة مصغرة تضم مجموعة مختارة من الكتب. ولكن يبقى الحكي هو ما كان يميزنا "وتلك الحبوبة" تملؤنا شغفاً. كيف نحولها الآن إلى كتابة (تلك الحكاوي) بحيث تكون قادرة على شحن الوجدان.
    التراث السوداني غني جداً بالحكاوي، والتي تصلح أن تكون مادة خصبة للكتابة، وليس فقط الكتابة بل هناك كثير من الوسائط التي يمكنها أن تحمل تلك الشحنة الوجدانية، التي ربما يفتقدها بين دفتي الكتاب إن لم يكن جيد الصنعة، مثل المسرح والسينما والتلفزيون وحتى الكمبيوتر الذي صار متاحاً بدرجة ما حتى للصغار عبر صفحات الانترنت السودانية.
    كيف نستفيد من غول الثورة الرقمية لنحوله لذلك الغول الذي يثير فينا الرعب كما تفعل جدتي ويبقى وجدان الذاكرة حياً؟ بعد أن صارت الجدة مشغولة بمتابعة الفضائيات مثلها والآخرين.
                  

07-23-2007, 02:03 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)


    ( ما شفتو بوي أأأو جلابه ..
    أخدر و طويل أأأو جلابة ..
    توبو توب حرير أأأاو جلابة ..
    جملو هدّار أأأو جلابة ..
    سيفو بتّار أأأو جلابة ..
    سوطو وروار أأأأو جلابة .
    عمي خي أبوي أووو جلابة ..
    كتل محمد أخوي أأأو جلابة ..
    فيشان سبلة قندول أأأو جلابة ..
    البينقدا الزرزور أأأو جلابة ..
    طار بيها سبعة بحور أأأو جلابة .
    فيرد الجلابة : أبوك في الجلابة الجاية يا بنية ) .

    راجع ليك يا أمير ..
    الموضوع أكبر من مجرد حكايات غيبتها العولمة و الهرولة السجمانة فوق موروثنا القيمي و الأخلاقي .
    الشغلة متصلة بفقداننا للهوية .. و على نار هادئة من ثقافات التكنولوجيا الغازية .

    يا ريت دكتورة إشراقة مصطفى تشارك برضو , فيصل عباس , محمد السني دفع الله , غادة خالد , طلال عفيفي , عصام عبدالحفيظ , الصادق الرضي , محمد الحاج , و كل المهتمين ..
    ليس بثقافة الطفل فحسب , بل بمجمل تفريطنا في مسألة ثقافاتنا السودانية التي باتت تتقاذفها رياح الطمر و النسيان .

    تحياتي يا أمير و خالص الود .


                  

07-23-2007, 04:39 PM

معتصم دفع الله
<aمعتصم دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 12684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)


    يا الله يا أمير ..
    يا سلام عليك وأنت تجتر ذاكرتنا وتعيد لنا الحكي الجميل وزمنه الأجمل ..
    نقول على أنفسنا بأننا تربية حبوبات أكرم الله نزلهن وأسكنهن فسيح جناته ..
    نعود بالذاكرة إلى لحظات الأنس والطفولة البريئة ونحن نسمع في صمت مهيب قصص فاطنة السمحة والكثير من الأحاجي السودانية التي ما غابت عن بالنا ..
    قبل فترة طلبت كتاب الأحاجي السودانية وقد كان أن تسلمته وفي داخله وردة جميلة تعبر عن هذا الإرث السوداني الضخم وهو الأحاجي ..
    كنت قد نويت أن أكتب مقارنة عن ذاك الزمن الجميل وهذا العصر السريع والذي لا تكاد تترك فيه الريموت تتجول بين القنوات وأنت آسف عليها ..
    لما لا نعود لذاك الوقت وذاك الزمان ..
    يا الله عليك يا أمير وأنت تحرك وجداننا بهذا البوست الرائع وأنت في حضرة جدتك رحمها الله وبين حكاية فاطنة القصب الأحمر ..
    لكي لا تهتري وجداننا وتضيع ذاكرتها ها أنت تذكرنا وتعيدنا مره أخرى وليته فعل أبناء هذا الجيل وقراءة هذه المرحلة الحلوة ولابد من تذكيرهم بذلك ..

    شكراً جميلاً أمير ..
    وتحية لكل الجميلين الهنا ..

    لي عودة ..
                  

07-23-2007, 07:40 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: معتصم دفع الله)

    الأخ عماد
    لك التحية وانت تاخذ بيدي بعض الشيء ويبدو أن وجدان ذاكرتك لم يصبه اهتراء، المسألة كما قلت أكبر من الطفل وثقافته ولكنها تبدأ من هنامن الطفل وهو يرضع من ثدي أمه لبناًويرضع من روح الحكايات خيالاً خلاقا، الهوية تبدأ من هنا، كثيرة هي الحكايات في السودان وثرة بتنوعها .

    الاخ معتصم
    شكراً على المداخلة،
    العصر أسرع مما نتصور، وبدرجة مرعبة. إيقاع الحياة يحتاج منا لضبط لكيما ندير الريموت على القناة التي نشتهي. وفي الريموت وغيره يكمن بعض حل إذا ما تضافرت الجهود. اما الزمن الجميل فلن يعود لأننا كبرنا وربما الجيل الحالي من الأطفال يرى أن زمنه أجمل أو كما تحسر صديقي الذي يرى طفله صاحب السبع سنوات وهو يبزه في استخدام الكمبيوتر. كيف نضبط إيقاع الحياة ونستخدم تلك الثورة الثروة حتى تتواصل الأجيال ويبقى الزمن دائماً جميلاً.
                  

07-25-2007, 04:49 PM

معتصم دفع الله
<aمعتصم دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 12684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)

    فوووق ..

    حتى لا يهتري وجدان الذاكرة ..
                  

07-25-2007, 10:01 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: معتصم دفع الله)

    جدتي يا أمير
    كنت اراها خير جدة أخرجت لاسرتنا
    و خير معين لها
    لم أر جدتي لأبي, فقد توفيت و أنا لم أبلغ الثالثة من العمر
    و ذكراها يحيطها الغموض و يلفها
    و لكن جدتي لأمي توفيت و قد كبرت قليلا و أينعت
    قضيت أول ايامي باحضانها و أمى بداخلية الجامعة
    تحيك لي الملابس الصغيرة, تذهب بي إلى الطبيب
    و تمسك يدي الصغيرة و أنا ابكي و الحقن تغرز فيها
    قال لها (التمرجي) و هو يراها تحملني, و تأتي و تذهب
    "إنت حبوبتها؟"
    -اجابته بلإيجاب
    فهتف قائلا لها
    -"أمشي يا حاجة, و الله عفيت منك"

    و نواصل يا أمير
    فقد فتحت شريانا صعب أن ينسد

    غادة
                  

07-26-2007, 00:07 AM

منتصر الامين
<aمنتصر الامين
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)




    الاخ العزيز / امير بابكر
    لم انتبه الى ان وجدان ذاكراتى اصابه الاهتراء
    الا بعد ان قرات حروفك الى روح جدتك آمنه العوض ضو البيت

    وهانذا لا استطيع النوم
    وصوت والدى رحمة الله عليه يدغدغ اذنى
    بحكاية القمريه والكلب والحمار
    الذين استصلحو وزرعو قطعة ارض مع بعضهم
    وقام الحمار بخيانتهم بعد ان اخضر الزرع واكله بليل
    وعندما اتهم كل منهم الاخر ،،،،،،،
    اتفقو على يقسموا امام بئر تسمى بئر ام سعد الله
    وبعد القسم يقوم كل منهم بالقفز فوق البئر
    ثم يصدح أبى بصوت عذب مقلدا صوت القمارى :
    قوووق قووق انا كان اكلتو
    قووووق قوووق يرمينى الله
    قوووووق قووووق فى بير ام سعد الله

    مارا بصوت الكلب مرددا نفس القسم ليقفز متجاوزا البئر
    كما سبقته على ذلك القمريه ،،

    واصلا الى الحمار الخائن مقلدا صوته وسط ضحكاتنا وابتساماتنا
    وبالتاكيد لم يتمكن الحمار من تجاوز البئر ليسقط فيها

    وهكذا كان يعلمنا ماهى عقوبة الخيانة والقسم كذبا

    (عدل بواسطة منتصر الامين on 07-26-2007, 00:08 AM)
    (عدل بواسطة منتصر الامين on 07-27-2007, 01:38 AM)

                  

07-26-2007, 00:53 AM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: منتصر الامين)

    مقاطع من حديث الكاتب أمير بابكر

    _______________________________________

    لست بصدد الحديث عن فلسفة الموت ولا قدسيته، ولكنها جدتي الخارجة من رماد حياتي الآن وشياطين تفاصيلها ترغمني على تلك الوقفة.. الوقفة لتجاوز موت آخر .. ليس ذاك الموت، وهي تحاول بعث سطوة الوجدان .. وجدان ذاكرتي.
    أعادتني جدتي إلى سطوة الوجدان.. وجدان الذاكرة. صدئة أقفالها.. هكذا وجدتها، وانا أصيح بأعلى صوتي " فاطنة القصب الأحمر...." وأعتصر تلك الصور المبعثرة داخل ذلك الوجدان. هي التي شكلته، أو جزءاً كبير منه، أثناء تلك الليالي القمرية وحتى عندما يسهر القمر ويأتي بعض منه في وقت متأخر، كما امرأة أدمن زوجها السهر فنزعت عن جسدها وروحها فيوزات التفخيخ ولم تعد تكترث كثيراً لكل أو بعض حضوره، ننتظره أو تنتهي حكاويها ونستغرق في نومنا، لا يهم.

    هي فاطنة القصب الأحمر التي علمتني العشق، وأصيح مرة أخرى " فاطنة القصب الأحمر....."، وأحاول صب بعض مزيج من الليونة على ذاك الصدأ، (يقول أصحاب الخبرة إن بعض من زيت الفرامل يجدي مع الصدأ، ولكنه صدأ الذاكرة ووجدانها!!).
    لماذا القصب الأحمر؟ لم أسأل نفسي حينها وأنا في حضرة جدتي، هذا السؤال، لذلك لم أجد إجابة عليه، ولم يسعفني خيالي وقتها إلى ربط جمالها وحلاوتها بطعم قصب السكر الأحمر إلا بعد زمن طويل. لكنها فتاة جميلة، كما تقول جدتي، وتخيلت طفولتي صورة وجهها وشعرها الناعم الطويل، ورسمتها بإحتراف مصور بارع، فعندما تقول جدتي فتاة جميلة عليك أن تتخيلها كما يجب. وهي مع جمالها وحيدة أمها وليس لها سوى أخ شقيق، فهي إذاً جميلة ومدللة.

    تقول جدتي إن فاطنة القصب الأحمر خرجت عصر ذات يوم مع فتيات القرية إلى طرف الوادي ليجمعن (النبق). وعندما وصلن تآمرت الفتيات على فاطنة القصب الأحمر، وأوكلن إليها مهمة رمي شجرة السدر بالحجارة أو هزها ليتساقط نبقاً جنيا، على ان يجمعن هن النبق ويجمعن لها نصيبها من الغنيمة.

    تلك الصور المبعثرة، وأخشى أن اطرافها صارت مهترئة، لا سبيل لتماسكها لتبدو صورة واحدة واضحة معالمها. حتى الاحتيال ليس بذي جدوى في ممارسة تلك اللعبة الذهنية المعتمدة على دقة الملاحظة أثناء محاولة تجميع تلك القطع المبعثرة.
    رحلة طويلة استغرقتني أثناء محاولتي إحياء وجدان الذاكرة، ولكن رحلة الحياة المتراكمة وشياطين تفاصيلها أغرقتني أنا، وقبرته (هو) حياً لا زال (يفرفر). جربت مدخلاً آخر أتجاوز به خيبتي في سقيا شجرة الوجدان حتى لا تموت جدتي مرتين. إنه نبش مقبرة لروح لا زالت تفرفر.


    .
    .
    .
                  

07-26-2007, 09:24 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    الأخ معتصم
    تقديري للمواصلة، ولنحفر في تلك الأرض الرطبة لنخلق جماما من الحكايات يروينا ويكون سبيلا للأجيال فتراث حكاوينا لا ينضب، بل نخشى من جفاف الذكرة واهتراء وجدانها.

    منتصر الأمين
    أمس كنا في سيرتك،
    وها أنت تطل لتنبش في ذاكرتي تلك الحكاية التي سقطت من شرفة مسرح الحكي. لنواصل ذلك النبش علنا نفعل ما يفيد.

    الأخت غادة
    لك التحية ولهاالرحمة جدتك، ولصغارك التحية، هل تحكي لهم جدتهم اول الليل حكاية؟ ماذا صنع الزمن فيهن وفينا. أعلم أن المسرح ما عاد هو ذات المسرح، ولكونك متخصصة في الإعلام كيف نستفيد من وسائطه ووسائط الثقافة عموما لنخلق منها "حبوبات" تنقل تلك الروح لأطفالنا في عصر السرعة هذا.
                  

07-27-2007, 10:26 PM

منتصر الامين
<aمنتصر الامين
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 985

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: أمير بابكر)




    الرائع امير بابكر
    بدأ يزول بعض الصدأ من الذاكره فعادت بى الايام الى زمن حكايات ود النمير
    ولكننى لم استطيع ان اميز هل هى حكاية تلك المرأه التى كانت تقوم بتمشيط شعر
    النسوه وتقيلم اظافرهن (وتفلى)القمل من شعورهن تلك العاده التى كانت تقوم بها الحبوبات

    احاول ان استعيد ذاكرتى لاعلم ان كانت هى نفسها التى شربت فى الكهف من (بول) القرود
    حين انهكها العطش (لتحمل) وتلد قردا ،،،،،

    هل هى من عاقبوها ورموا بها فى حفرة نار ليخرج الماء من اظافرها ويطفئ النار
    وينبت شجرة من فوقها لتظللها ويقوم ابنها القرد بجلب الماء والاكل لها وهى داحل الحفره

    وهل ؟؟ وهل ؟؟ وهل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    تلك اسئله كثيره دارت بخلدى اكدت لى اهتراء وجدان الذاكره

    Quote:
    منتصر الأمين
    أمس كنا في سيرتك،
    وها أنت تطل لتنبش في ذاكرتي تلك الحكاية التي سقطت من شرفة مسرح الحكي. لنواصل ذلك النبش علنا نفعل ما يفيد.


    وها انا هنا فى غربتى ليس لى الا سيرتكم جميعا اجتر زكرياتى وايامى بينكم
    اتمنى ان تكونو دوما بخير اخى امير بابكر

    تخريمه :
    وللاخت غاده عبد العزيز خالد تحيه وود فى هذه المساحه ،،،،،،،،،

    (عدل بواسطة منتصر الامين on 07-27-2007, 10:28 PM)

                  

07-27-2007, 11:26 PM

Emad Abdulla
<aEmad Abdulla
تاريخ التسجيل: 09-18-2005
مجموع المشاركات: 6751

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: منتصر الامين)


    مساء الخير يا أمير ..
    أحكي لك عماذا ؟؟
    طيب .. ذكرني منتصر الأمين بالحكاية الغائبة تلك ( الذاكرة غائمة يا أمير .. لكنها تلتمع بريقا كل وين و وين ) , أذكر الأهزوجة في صوت جدتي .
    و المرأة السمحة مدفونة تحت الأرض .. إبنة الطير الخداري و زوجة ود النمير و والدة إبنه الوليد على يديها , يجري من تحتها البحر ( رحمة من المولى ) و بين يديها الطعام و الشراب , هي أخت القريد .
    و قد كان اسمها ( التُبّر ) , يناجيها أخاها القريد في نص الليل و الخلوق نايمين , مربوطا في انتظار أن يُضحى به حتى تحبل نسوة ود النمير " الكعبات " اللائي دسسن لها فحفرن حفرتهم تلك و رمينها ليخلو لهن حب ود النمير دونها هي التي استأثرت به , يناجيها أخاها القريد في حرقة المغبون :
    التُبر هوووووووي يا التُبر ..
    قالوا لحم القريد بيحمل العُقّر .
    فترد أخته التير من تحت الأرض في صوتٍ باكي حزين :
    القريد يا ود امي ..
    كان الشعر ملجمني ..
    كان البحر معقلني ..
    جنى ود النمير راقد علي حجري ..
    ووووووب أنا كيف صبري .

    أو هكذا أذكر من كنزها .. تلك الحكاية الملحمية الطويلة البديعة , ما زلت تفرخ في رأسي ( من بعد الشيب ) آلاف الصور و الرؤى و الخصوبة التي ما أزال أعبيء منها سلال روحي و وجداني .
    فشكرا لك منتصر ..
    حرضتني على شيء كنت أنتوي الكتابة عنه و نسيته في جملة النسيان الكبير الذي أقام فينا .
    ــــ
    جرب الحجوة التالية يا أمير مع أطفالك ..
    نغم لهم صوتك و أمعن في المسرحة و إيقاع الدراما الذي تحتشد به الحكاية ..
    ستجد الأمر عجبا .
    فيا سبحان العبقرية السودانية .

    حجتني الزلال بت ود حامد .. ( أمي أم أمي ) قالت :
    حجيتكم ما بجيتكم خيراً جانا وجاكم أكل عشاكم وراح خلاكم ، قالوا .. والله يكفينا شر قلنا وقالوا .. قالوا كان في كُدُندارة إسمها ( حَمْرَه قَرقَدانه) ، أها .. حمره قرقدانه دي راجلا كان إسمو ( أحمد ) .. يمرق أحمد من صباحات الله يلقط في رزقو .. وما يرجع إلا المغيرب ، حمره تقعد في بطن بيتا داك , تخدم خدمتها و تسوي ليهو غداهو وتقعد تنتظرو لامن يجي .
    ............
    يداخلني الشتاء حينها .. في ( الحوش الجوّاني (ملتصقا بها ويداها حولي زنار ( يدفع عني شر الوحشة( يلة صيف .. تحت سماء الديم . نجوم , وبدر كبير ( ما زال لا يشبهه بدر ) .. و كلابٌ نابحاتٌ في البعيد ، والدوي المكتوم لطائرة في المطار القريب ( أورثني رهاب السفر إلى يومي هذا ) ، وبردٌ لذيذ .. لاسع .. لا يُدفأه إلا رائحتها .. ( أمي الزلال ) .. : رائحة هي خليط بين رائحة الطفل الرضيع .. وعبق الضريح الكبير طرف البلد. كما حكى الطيب صال.
    ...........
    قالت ( أمي الزلال ) :
    أها .. يوم من الأيام ( حمره قرقدانه ) إتدخنت ، وسوت غداها لي راجلا , وقالت تمرق كدي علي الجيران داب ما ( أحمد ) يرجع من شغلو ، أها .. قامت ختت غدا ( أحمد ) في المشلعيب المعلق فوق حفرة الدخان .. ومرقت . يومو داك .. ( أحمد ) علي شقاوتو يرجع البيت بدري قبال مواعيدو .. و جيعااااااااان ، مد أيدو على المشلعيب وما ختّ بالو من حفرة الدخان الموقده تحتو .. أها المسيكين من طولو داك يقع في الحفرة بردلب .. زوووول كدي جاب خبرو مافي , لامن رجعت ( حمره ) من الجيران ، لقت أحمد ميت جوه الحفره ، وقالت كدي تكورك وتسكّل وتعزي . أها في الوكت داك جَنْ طويرات زرازير .. ركّن فوق الراكوبه .. شافنها تبكي ، قالن لها : مالك يا ( حمره قرقدانه ) ؟ . قالت لهن : شِن ( حمره قرقدانه ) أم طُمبُرةً مَلانه .. عقيرب سِلي سِلي .. ( أحمد ) وقع مات . أها قامن الطويرات من بكانن داك زعلانات بالحيل علي ( أحمد ) إتنفضن و حتن ريشن عدّمنو الريشه .. قعدن جلد ساااااكت ، وفرررررر طارن بي دمعتن ..
    ............
    : عماد ؟
    : آآآي يُمّه ..
    : نمت ؟
    : لأ ..
    : سمح .. غتّي كريعاتك ديل .
    ............
    أها .. الطويرات ديك منتفات نتيفن داك طارن مشن ركن فوق الشدرات آخر الحلة ، الشدرات إستغربن .. قالن للطويرات : مالكن يا شِنقِرش بلا ريش ؟ قالن لهن : شن شنقيرش بلا ريش .. حمره قرقدانه .. أم طمبرةً ملانه ... عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . قالن كدي الشدرات من الزعل علي ( أحمد ) حتّن صفقن داك وقفن يابساااات .. عود بس .. جَن الغنيمات بعد داك يرعن تحت الشديرات ديك ، شافنو واقف حطب .. قالن لو .. : مالك يا شدرنا حيتتون ؟ قال لهن : شن شدركن حيتتون .. شِنقِرش بلا ريش .. حمره قرقدانه .. أم طمبرةً ملانه .. عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . أها في بكانن داك .. الغنيمات قالن كدي مسكن لك قريناتن ديك ووقعن فيهن كع كع كع .. كسرنهن ما فضلن قرن فيهن من الزعل علي ( أحمد ) , و مشن البحر يشربن . البحر شافن مكسرات قريناتن , إستغرب و قال لهن : : مالكن يا بنات عِسِّي بلا قرون ؟ قالن لو : شن بنات عسي بلا قرون .. شدرنا حيتتون .. شنقرش بلا ريش .. حمره قرقدانه أم طمبرةً ملانه .. عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . لبحر من الزعل علي ( أحمد ) قام شرد بقي جديول صغيرووون في النُص هنوووووك .. جات البنيه شايله برمتها واردة البحر فيشان تشيل المويه .. لقت البحر شرد مشى في النص , بقى جديول بس .. قالت لو : مالك يا بحرنا شيردون ؟ قال لها : شن بحركم شيردون بنات عسي بلا قرون .. شدرنا حيتتون .. شنقرش بلا ريش .. حمره قرقدانه أم طمبرةً ملانه .. عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . إنتي يا البنية تشيلي برمتك ديك و من الزعل علي ( أحمد ) كششششش تكسريها ..
    ............
    : عماد ؟ : آآي يُمه .
    : نمت ؟ : لا لأ ..
    : نان مالك قاطع الحركة ؟
    : ساكت بس ( .. والدفء الشتوي يدغدغني )
    : سمح ...
    ............
    قالت ( أمي الزلال ) :
    أها .. البنيه رجعت للبيت لقاها أبوها في الدرب .. قال لها : مالك يا بنيتنا كبيرون ؟ قالت لو : شن بنيتكم كبيرون .. برمتنا كيسرون .. بحرنا شيردون .. بنات عسي بلا قرون .. شدرنا حيتتون .. شنقرش بلا ريش .. حمره قرقدانه .. أم طمبرةً ملانه .. عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . تقوم يا الراجل تشيلك حجر و تقع في سنيناتك ديك كج كج كج .. كسرن بقاهن نامه ، وقال كدي دخل علي مرتو ، المره شافت الراجل عدمان السنينه قالت لو : مالك يا راجلنا فليجون ؟ قال لها : - شن راجلكم فليجون بنيتنا كبيرون .. برمتنا كيسرون .. بحرنا شيردون .. بنات عسي بلا قرون .. شدرنا حيتتون .. شنقرش بلا ريش .. حمره قرقدانه .. أم طمبرةً ملانه .. عقيرب سلي سلي .. أحمد وقع مات . أها المره كانت قاعده تفرك لها في ملاحاً أخدر .. شالت مفراكتا ديك و ...
    ...........
    : عماد ؟ .. عماد ؟؟؟
    ( دفء الشتاء و .. حزن ما .. يصمتانني ) .
    : يا حليلو وليدي , نام المسيكين )..
    ثم ضامةً راحتي يدها متجهةً إلى السماء ..
    : رقدنا في أمانك وفي ضمانك وركنين من أركانك .. يا رب تغتي علينا و علي وليداتنا و أمة محمد يا حافض يا حفيض , بركة اللانام لا اكل الطعام , بركة الليل الامسى و الأوكات الخمسة , بركة من صلى و قال يا الله , تصبحنا بي خير و علي خير , بي جاه نبيك يا ربي يا سيدي , تبرد حشانا و حشا بنياتنا و وليداتنا و حشا الوالدين يا حنّان يا منّان ..
    آية الكرسي كُرُبْ فينا للصباح .


    أعتذر عن الإطالة ..
    لكنك يا أمير فتحت لي باباً تمنيته طويلاً .
    فشكرا لك .

                  

07-28-2007, 07:51 PM

أمير بابكر

تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 117

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اهتراء وجدان الذاكرة (Re: Emad Abdulla)

    شكراً منتصر الأمين
    وها أنت تواصل النبش وتزيل الصدأ

    وشكرا عماد لوجدان ذاكرتك المترع بالحكي، ولكن ألا يعبر كل هذا عن ثراء حلال حد التخمة. حقا استمتعت بمداخلتك وليتك تطل دائما وتطيل. وسنكتشف معا حجم الثراء الذي تكتنزه حكاوينا. سأعود في ظرف أفضل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de