سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال هاشم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-26-2007, 05:23 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال هاشم


    مكرر
    _____
    ارجو من بكري التكرم برفع هذا الي اعلي :
    ______________________________________

    الصديق البروفسور ريتشارد لوبان ( عبد الفضيل كما يعرف نفسه في السودان ويعرفه اصدقائه السودانيين) استاذكرسي الاجتماع والدراسات الافريقية والنوبيات وصاحب قاموس التاريخ النوبي كتب الي السيد وزير العدل السوداني مطالبا باطلاق سراح زميله وصديقه الباحث الدكتور محمد جلال هاشم .. لوبان وزوجته مهيرة اصدقاء لكثير من السودانيين وهو علي صلة دائمة بالسودان واصدقائه هناك وفي العالم..
    وفيما يلي رسالته باللغة الانجليزية[\b] :


    Quote: Dear Minister Muhamad Ali al-Maradhi:



    Salam at, it has just come to my attention that my colleague and fellow scholar of the Sudan, Dr. Mohamed Jalal Ahmed Hashim has been detained in Kober prison under Article 31. I am much distressed about this news since he is a well known r esearcher on African linguistics and he is a peaceful and valued member of the academic community. I trust that his detention will be brought swiftl y to an end so he can continue with his important teaching and research work at the University of Khartoum, Institute of African and Asian Studies. Althou gh he is a long standing personal friend in Nubian studies, I also hope that all of the others similarly detained will soon be released. I realize that th e subject of the Kajbar Dam Pr oject is a sensitive issue, but according to the primary spirit of merciful and compas sionate Islam, this is a time for dialogue and discussion that will not be serve d by punitive measures. I look forward to the prompt release of these acad emics, lawyers and journalists.

    Very sincerely yours,

    Dr. Richard A. Lobban

    Chair and Professor of Anthropology and African Studies

    Rhode Island College

    Author, of The Historical Dictionary of Ancient and Medieval Nubia





    فياخي وصديقي محمد جلال هاشم لك الف تحية وزملاءك القابعيين ظلما وجورا في معتقلات النظام مدافعيين عن حق وعدل ...

                  

06-26-2007, 09:09 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: abubakr)
                  

06-26-2007, 03:58 PM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: فيصل محمد خليل)

    Quote: Very sincerely yours,


    هذا ادب خطابة لم نعرفه نحن المسلمون يا اخي ابو بكر -

    سبحان الله رسالة تلهب المشاعر والله
                  

06-28-2007, 03:34 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: abubakr)

                  

06-28-2007, 04:06 AM

ماجدة عوض خوجلى
<aماجدة عوض خوجلى
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 7279

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: abubakr)

    تحياتى

    اعرف البروفيسور عبدالفضيل وزوجنه مهيرة معرفه قديمه فهو ومهيرة اصدقاء لدكتور محجوب التجانى منذ زمن طويل
    واعرف الى اى مدى يحبون السودان واهله ويكنون له الود الخالص من اى اطماع
    اذا دخلت منزلهم تحس بسودانيته وحبهم لكل ماهو من الصناعات المحليه السودانيةتطبع هو وزوجته بطباع اهلنا والله اعرف ان مايعرفه عن السودانانا على يقين بان كثير مننا لم يهتمو ان يعرفوه
    هذا الموقف ليس غريب عليه ومتوقع من امثاله
    فالتحيه له ولك
                  

06-28-2007, 04:56 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: abubakr)

    Quote: اعرف البروفيسور عبدالفضيل وزوجنه مهيرة معرفه قديمه فهو ومهيرة اصدقاء لدكتور محجوب التجانى منذ زمن طويل


    وما زال عبدالفضيل ومهيرة اصدقاء عمكم محجوب واسرته وما زلنا كلنا اصدقاء وحتي هذا النداء ارسله لي محجوب وعبدالفضيل ..عبدالفضيل مؤخرا اصدر قاموسيين تاريحيين للنوبة وللسودان وسافر الي الخرطوم قبل عاميين وزار اسرنا هناك ...انهما اصدقاء حميمين للسودان واهله
                  

06-29-2007, 08:14 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: abubakr)


    التاريخ 28/6/2007م
    مضمون الرسالة




    لا والف لا لسد كجبار








                  

07-01-2007, 06:35 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: فيصل محمد خليل)
                  

07-16-2007, 09:14 AM

Ashraf yassin
<aAshraf yassin
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: فيصل محمد خليل)

    "33" يوماً من المذبحة
    حتى لاننـــــــــــــــــسى
    القــــــــصـــــــــاص
                  

07-22-2007, 09:01 AM

Ashraf yassin
<aAshraf yassin
تاريخ التسجيل: 11-06-2003
مجموع المشاركات: 355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: Ashraf yassin)

    " 40" يــــوماً من المجـــــزرة
    الـــــــــــــــقـصـــــــــاص
    حتى لاننســــــــــــــــــــــــــــى
    أطـــــــلقـــــــوا ســـراحـــهـــــــم
    1. د. محمد جلال هاشم - من قرية صاي و يعاني من مرض السكر و ضغط الدم (تم اعتقاله في الخرطوم)
    2- المحامي عماد ميرغني سيداحمد - من قرية اردوان (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    3- المحامي علم الدين عبد الغني - من قرية فريق المحس (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    4- المحامي عبدالله عبد القيوم - من قرية مسيدة (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    5- المهندس (معاش) عبد العزيز محمد علي خيري - من قرية كجبار و يبلغ من العمر67 و يعاني من مرض السكر و ضغط الدم (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    6- عثمان شمت - من قرية اردوان (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    7- الصحفي مجاهد محمد عبدالله - صحفي في جريدة راي الشعب (تم اعتقاله في عاصمة الولاية الشمالية دنقلا)
    8- عثمان إبراهيم ( تم اختطافه صباح الجمعة 20 يوليو 2007م من منزله بقرية فريق)
                  

07-22-2007, 09:11 AM

الطيب شيقوق
<aالطيب شيقوق
تاريخ التسجيل: 01-31-2005
مجموع المشاركات: 28804

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سد كجبار:البروفيسور لوبان (عبد الفضيل)يكتب الي وزير العدل مطالبا باطلاق سراح محمد جلال ها (Re: Ashraf yassin)

    أخي ابو بكر

    أستاذي المستشار القانوني / صلاح دهب فضل يكتب ويقول :

    ) لا يشك أي مطَّلع وافر النظر أن سياسة إفراغ المنطقة النوبية من أسوان في مصر إلى أقصى حدود المحس في السودان لم تكن فقط بنِت حاضرها المتصل بتنفيذ مشروع سد أسوان العالي ـ وإن كان السد أقيم ومعه ذرائع الإغراق والإقصاء للقسم الأعظم من هذه المنطقة ؛ وبما تبع ذلك من شل حركة الحياة والناس فيما بقى جنوب بحيرة السد ، إذ تتوغل سياسات الإفراغ كهدف لذاته عميقاً في العقلية المصرية منذ عهد المماليك وعهد الملكية والأحزاب الإقطاعية والبرجوازية ، وورثتها قطاعات مصرية فاعلة في العمق الاجتماعي باستثناء بعض الثوريين الجدد من الطبقة المثقفة ، كما وقف تكنوقراطيو مياه النيل صفّا مؤازراً لهذه النظرة أو المخطط بحجج نظرية يبررها ظاهر المنطق والموضوعية .

    ووما يؤكد مدبرات السياسة واستهدافها عملية التشتيت والتذويب للنوبيين أن أحداً من يد الاختصاص أو السلطة لم يفكر مطلقاً في إمكان إبقاء هذا الشعب التاريخي على عدوتىّ بحيرة السد بمقومات حياتية جديدة أهمها مياه البحيرة للري ، والكهربـاء المولدة من السد (تعويضاً) ، والمدارس والصحة . وإنصبت المفاوضات في التعويضات النقدية الهزيلة والتهجير إلى منافٍ بيئية قصية ، بعيدة عن النيل والنخيل ، وعصية على التكيف والتأقلم . أما تجربة النوبيين مع إقامة خزان أسوان عام 1902م وتعليته عام 1913م وتعلية ثانية عام 1932م فشكلت رأس بوادر الهدم والدمار الذي مني به الشعب النوبي ، المكوِّن الأساسي لوادي النيل بمصطلحه الجامع للسودان ومصر . وكان خزان أسوان وتشريده جزءاً من النوبيين في مصر هم الكنوز ، إلى الجيال والخوانق ، ضربة موجهة إلى النوبيين كافة ، لم يعرفوا قوتها وآثار نتائجها المدمرة على بلاد النوبة وعلى لحمة المجتمع النوبي ، لأنهم ـ أي النوبيين ـ كانوا وقتئذٍ في سبات الجهل ، شـأنهم شأن عالمنا الثالث وما حاق به من تخلف الوعي وغياب المدركات بالخطر المشترك ومهددات الجماعة الواحدة . كان غياب النوبيين جميعهم ، المصريين منهم على وجه الخصوص ، عن ساحة الفعل وإيصال الصوت الشعبي إلى المحافل المؤثرة جعل منهم مجرد أفراد يقبلون الأمر الواقع عليهم ، مهما كانت مرارته ، ما دام صادراً من السلطة الحاكمة .

    ولأن السلطة الحاكمة ، وقتذاك ، من الطبقـة المتمصرة (لا المصرية) الأرستقراطية فقد استخفت بالنوبيين لحدود جاوزت الإهانة والإذلال فلم تعر إلتفاتاً لمصيرهم ومهجرهم ، وناقش البرلمان المصري في قضيتهم بنداً واحداً هو بند التعويضات على الممتلكات الثابتة .

    وعندما طالب أحد النواب برفع قيمة تعويض النخلة إلى ما فوق الملاليم رد رئيس مجلس الوزراء ساخـراً أن النوبيين لا يستحقون ذلك ، وتساءل إمعاناً في السخرية : هل تريدونهم أن يصبحوا أغنياء ، من أين لكم إذن بعمالة رخيصة ؟

    هكذا باتت النوبية والنوبيون في تلك الغرف المغلقة والمفتوحة منذ دهم المماليك والظاهر بيبرس فرسان النوبة الخيالة وكتائبهم وأبادوها ، وقطعوا طرق التجارة عنهم وأفقروهم وبَوّروا مزارع الكرم والنخيل وانتاجهم الزراعي ، وألجأوا معظمهم إلى العمل الأجير التابع في القاهرة ومدن مصر الكبرى . ومنذ ذلك الوقت تدهورت الدولة النوبية السودانية بكل آثارها الاجتماعية والسكانية التي كانت قد سرت حتى أسوان شمالا ... ثم كان ما ما تحالف على النوبيين من جور الزمن والقهر ، وإستغلال هذا الوهن الطارئ من قبل الممالك الجديدة القادمة إلى السودان والقضاء على سلطانهم نهائياً في علوة والمقرة ـ قبل وبعد أحداث مماليك مصر من الشركس والأمم الدخيلة .

    2) كما أحمل فكراَ وحدويا خالصاً عن وطني ـ السودان ـ ، كشعب واحد أضحت واتسقت خاصيته المميزة في إطاره الجيو إستراتيجي ، على الرغم من المآخذ التاريخية التي شكلت ملامح وحدته الحديثة قبل خمسمائة عام ، وأنه وإن لم تكن قد تكاملت خيوط نسجه بعد ، فهي في السيرورة إلى ذلك دون شك ، فإنني أيضاً أومن بأن نوبينى العريضة التي تحتضن دنقلا إلى مشارف أسوان (دنقلا ، المحس ـ سكوت ، حلفا ، الفاديجا والكنوز) هي معبري ووسيلتي إلى إيماني بسودانيتي الأصيلة .. ذلك بمفاهيم التاريخ والحضارات والأرض واللغة الأم للسودان ـ وهي اللغة النوبية والتبدية ـ (وبوضوح شديد ففي معتقدي الجازم فإن أي سوداني ناكر أو غافل عن النوبة كوعاء حضاري وحداثي جامع لكل السودان إنما يسئ للسودان ولسودانيته ولا يسئ للنوبة من حيث قصد) . وعلى هذا الفكر والمقصد المنسوب للسودان ولحقيقة الانتماء الأول العريض للنوبية نشأت بيني وبين عدد من مثقفي وكتاب النوبة المصريين علاقات أخوية حميمة . وفي شملٍ بالقاهرة جمعني بالاستاذ المرحوم محيي الدين حسن الملقب في مصر بـ (عميد الأدب النوبي) أفاض الأستاذ عن خلفيات السد العالي ، ونفى جملة وتفصيلاً أن الزعيم جمال عبد الناصر شخصياً كان من بين المصريين النافذين الذين استهانوا بتهجير النوبيين المصريين (ولم يقل شيئاً عن النوبيين السودانيين) وقال إنه شاهدٌ على ذلك عبر لقاء أو لقاءات . وأضاف أن عبد الناصر نظر إلى النوبيين المصريين وإلى ترحيلهم عن أرضهم وموروثهم التاريخي باهتمام وإكبار بالغين ، كنظرته واهتمامه ببناء السد ، مشروعاً وطنياً مناهضاً للنفوذ الاقتصادي الأجنبي .. ودلل على ذلك بأنه أي عبدالناصر تابع تنفيذ إقامة أولى القرى النوبية المصرية الجديدة وزارها وأخذ تطمينات من القائمين عليها بأن سائر القرى ـ تخطيطاً وتنفيذاً ـ ستسير على نفس المنوال .. غير أن المعارك السياسية التي كان يخوضها القائد في مواجهة الإمبريالية العالمية والأنظمة الإقليمية المتحالفة معها شغلته كثيراً عن يوميات الداخل ، فتلاعب النافذون والمنفذون من وراء ظهره في حقوق النوبة المصرية وقراهم الجديدة (يعزز هذا التلاعب واللامبالاة ما قلناه عن نظرتهم المو######## للنوبيين) .

    هذا ما قاله المرحوم محي الدين حسن أما ما لم يقله فهو أن السياسة المصرية حتى في عهد الثورة لم تفكر في إستقرار جديد للنوبيين المصريين بمحاذاة بلادهم على ضفتي بحيرة السد وإنتشالهم من التغريب في غير أرضهم ومدهم حيث نبتوا وتجذروا بضمانات الاستمرار وأسباب الحياة . وبالتالي فإن نفس السياسة إتجهت من مصر إلى السودان ولاقت إستعداداً للقبول من الحكومة السودانية التي كان على رأسها نظام انقلابي عسكري ، بل إن عبوداً وزمرته كانوا يرون في النوبيين عنصراً يجب تذويبه وطمس هويته في الكيان السوداني العرباني ؛ ذلك بمفهوم عنصري متخلف له خلفيات معضدة داخل الكيانات القبلية والسياسية التقليدية والولاءات الطائفية (باستثناء إمامة الأنصار التي دافعت عن الوجود النوبي في أرضه) .. غير أن ـ جماعات من القوى الحديثة السياسية والطلابية والنقابية سجلت بشرف موقفها الرافض للتهجيز في مظاهرات منددة ودخلت السجون ، سرعان ما خبت موقفها هي الأخرى لأنها افتقرت إلى منظومة من فكر ثابت راسخ ونضالي يؤمن بوحدة الأرض السودانية وتحريم إفراغ سكانها الأصليين من رقعة فيها واعتبار ذلك الإخلاء إخلالاً بالقيم الوطنية ، وتنازلاً لأي طامع يسعى لملء الفراغ مستقبلاً دون أهلها ، وقلباً للموازين الديمغرافية التي استقر عليها أبناء الوطن ؛ بل لم تدرك القوى الحديثة أن ذلك قد يكون مدعاة لوافد غريب وأجنبي للحلول فيها عنوة ، فالطبيعة لا تقبل الفراغ . وشيئاً فشيئاً إستحالت مواقف هذه القوى إلى اللامبالاة ، بعد إزالة حكم عبود ، وإلى التنكيت على المهجرين إلى خشم القربة .

    3) نظام عبود فرض أجندته على النوبيين شيئاً بالقهر وشيئاً بالكذب والمراوغة والخداع ، وشيئاً بتزييف إرادة المواطنين وكسر الصف النوبي عن طريق المخدوعين منهم بوعوده ، ولم يكن قد بلغ الوعي بالكثرة الغالبة ـ وهم قرويون بسطاء ـ مبلغاً يفضح نوايا الحكومة ومخططها . في صميم سياسات نظام 17 نوفمبر العسكري ، وفي مكنون قادته ، كان العداء مضمراً نحو أهلنا كما ذكرنا ، ومشروع إقصائي كالسد العالي سانحة في نظرهم لضربة تفضي إلى تشتيتهم وتلاشيهم (4) . لكن العامل الأساسي الملموس في خلع النوبيين عن جذورهم جاء في إطار ما سمي بـ "إزالة الجفوة المفتعلة مع مصر" وكان انقلاب عبود مدركاً تمام الإدراك أن بقاء سلطته رهن بإرضاء مصر ، في ظل مرحلة من مراحل التحرر الوطني شديدة الأثر والسطوة على مشاعر شعوب العالم الثالث ، ولم يكن الزعيم جمال عبدالناصر إلا قائداً في طليعة قادة هذا العالم يهز بكلمة منه كراسي الحكام التقليديين أو الموالين للغرب وينفذ بها إلى أعماق الجماهير ، خاصة في المنطقة العربية . ولأن إنقلاب عبود ولد غريباً عن ثورات العالم الثالث ، بجنرالات تقليديين ، وخطهم واضح نحو التصالح ، إن لم يكن الولاء لأمريكا وحليفاتها ، ولأن معاداة قائد تحرري عظيم كعبدالناصر أو عدم التوافق معه ، فيها مخاطرة على البقاء ، فكان لا بد من إسترضائه وكسب جانبه . ثمناً لذلك كانت إتفاقية مياه النيل ، وتقديم النوبيين السودانيين ومنطقتهم قرابين لصداقة مفتعلة تضمن لجنرالات السودان سنوات من البقاء في السلطة .

    على الصفحة المقابلة من تاريخ السودان الحديث ، يعلم السودانيين أن إثنين من وزراء الري في العهد الديمقراطي الأول هما السيد / ميرغنى حمزة والسيد / خضر حمد دخلا بشروطهما الوطنية العادلة مفاوضات مياه النيل مع مصر ، وتمسكا للآخر بحقوق السودان بما فيها المسألة النوبية ومسألة بناء السد العالي ، ولم يتوصل طرفاً الدولتين إلى إتفاق ، فعد ذلك من جانب حكومة عبود العسكرية عنصراً من عناصر الجفوة إلى جانب ما كان من حكومة عبدالله خليل الديمقراطية من موقف في حلفا وحلايب على الحدود بين البلدين . واذكر أن ميرغني حمزة وخضر حمد ، كليهما ، من الاتحاديين المتوافقين تاريخاً مع مصر ، وليسا من حزب الأمة الداعي منذ تأسيسه إلى استقلال السودان عن مصر وبريطانيا .. " ولو كانا من حزب الأمة لكان الإعلام المصري لعب دوراً في تشويه المواقف وقلب الحقائق وتعتيمها" ... عليه ، فبوازعهما السوداني الذاتي أدارا المفاوضات المذكورة مع مصر ، وإنسحبا إعتراضاً على تمسك الوفد المصري بشروطه وعرضه المتواضع بشأن تعويض النوبيين عن أملاكهم التي ستبتلعها بحيرة السد العالي . وأود أن أضيف وأنوه إستطراداً أن وفدي البلدين في كل عهود المفاوضات خلا من أي عضو نوبي إمعاناً في حجب وقائع المناقشات عن الطرف الأساسي المعني وإقصاءً له عن المشاركة في أهم مسألة تمس وجوده ، وقد كانت الساحة السودانية بالذات تعج بقيادات نوبية مرموقة في الخدمـة المدنية والعمل السياسي .



    لا بديل للأرض وأي سد آخر مرفوض :

    نحن كنوبيين علمتنا السدود النيلية الملتبسة عبرا ودروسا قاسية خبرناها إغراقا لأرضنا وتشريدا لإنسانها ومحوا لذاتيته ووجوده . قاسينا كل ذلك ، وذروة المأساة كانت السد العالي وبحيرته ؛ لم نجن من وراء الأنظمة الحاكمة وإرادتها الطاردة وأكاذيب وعودها بالمهاجر البديلة سوى البوار .

    وقد تصغي الحكومة الحالية ـ حكومة الأمر الواقع ـ قد تصغي بضمير وطني وعقل يتدبر علل الرفض لقوم تتوهم هي أن مشروع السدود إنما لخيرهم وتنمية منطقتهم ، فتكون بهذا الإصغاء وبهذا القدر من تقدير المسئولية سلكت مسالك الحكم الراشد ، واكتسبت شرعية باستجابتها وتفاعلها مع إرادة محكوميها في كل جهة من جهات السودان ... هذا بمنأى عن المزايدات ومكبرات الصوت واستغلال وسائل الإعلام وأدوات القهر والترهيب والوعيد ، وبعيدا عن رمي الرجال والضمائر المحصنة بما ليس فيهم من عار الانضواء تحت ألوية معسكرات الأمركة والصهينة والماسونية .

    ما يثير العجب في الصف الذي يتكلم باسم " الإنقاذ " وحزبه أو صف مؤيديه أنهم للآن ـ تجاهلا أو غباء أو تبلد حس ـ لا يتصورون معنى ولاء النوبيين لأرضهم ومعنى ضياعها منهم وضياعهم عنها ، ولو كانوا سودانيين ووطنيين حقا لعرفوهم وتفهموا دوافع الرفض أنها صادرة عن طبيعتهم وأصالة موقفهم ونزوعٍ بلغ ما بلغ من الالتصاق بالتراب والنيل والنخيل ، وأنهم ثانيا خبروا جرائر الانقياد للحكومات الداعية للإغراق والتهجير . هؤلاء غرباء حق عليهم السؤال المشهور الذي أصبح علما لهم أو عليهم ، تعطلت عندهم عاطفة الإحساس بالآخر في ولهه بأرضه التي أنبتته وعشقه المقيم لدياره . وعوضا عن ذهولنا من مسلكهم تجاه مشاعرنا ، فهم الذين يستنكرون رفضنا لمشروع السد ، ويستكثرون علينا أن نخرج في مظاهرة قروية سلمية في كجبار تعلن مناهضتها للمشروع ، فلم يروا على هؤلاء المسالمين إلا مواجهتهم بالرصاص وإراقة دمائهم عمدا بنية مبيتة .

    وأقول إن لارتباطنا بالتراب النوبي بعدا آخر لاتستنكهه عقول قاصرة حملت المعاول أول عهد الإنقاذ لتحطيم الآثار النوبية في متحف الخرطوم . فهذا التراب هو مهد السودان الحضاري القديم ، ومعلوم أن أي وطن وأية أمة عريقة ترتكزان في وجودهما الحقيقي على مركزية تاريخية حضارية ضاربة في القدم .. ووجود السودان ليكون دولة راسخة وشعبا واحدا لا يقاس بفتراته التاريخية الحديثة التي يعد سنواتها العقدية طفل في مدارج تعليمه الإبتدائي .. فليس السودان هو خمسمائة عام عمرا ، بل أعمر حضارةً من ثلاثة عشر ألف سنة أحصاها علم الآثار ، بشأو أبعد من الممالك المصرية القديمة . عندما حلت مملكة كرمة الكوشية السودانية ، حديثة ولادة تمد فمها إلى أثداء أمهاتها : حضارات المجموعات السودانية الثلاث شمالا ( قبل كرمة بآلاف السنين ) كانت البشرية تحبو أو تتعثر في أولى خطواتها بنواحي المعمورة . هذه زبرجدة الحضارة السودانية القديمة وتبرها (NUB) ، نشأت عنها بعد قرون وبعد مجموعات حضارية أخرى كل من (نباتا) و(مروي) واللتين نشأت أيضا عنهما بعد كمون (مريس) و (المقرة) و(علوة) . ومازالت حضارات كوش النوبية تعيش في الجسد السوداني لحما ودما وعظاما وروحا ونزوعا ثقافيا ولا تتوقف .. ولا تنتهي لغتها ككائن حي ، تتطور وتتغير وتؤثر حتى في (عرباني السودان) الذي حطم معالم العمران الحضري في (سوبا) عاصمة علوة ، فبادلته لا شراً بشرٍٍٍٍ ، بل احتوته رغم معاوله وأعطته من لون ترابها وفيضان نيلها وصاغته بجبرية المكان والتاريخ إنسانا من أرضها وإليها .. تلك لها القدرة أن تستمر في إنسانها الجديد كما كانت منذ هي لدة الدهر . لهذا فكجبار المفخرة – وهي فلذة من الجسد الأول – هي الوطن السوداني بأسره .. والأمر كذلك فهل يا ترى هناك من يبني سدا ليغرق به الوطن ؟ أما كفى حلفا وما اختزنت من ركاز التراث السوداني مندثرا في غياهب اليم ؟

    حسنا . لم تعد قضية كجبار شأنا تفاوضيا تتطلب تداول الرأي وتقديم التسويات بين طرفي الحكومة وأهل المنطقة . فعلى الرغم من أن الحكومة اتخذت مسبقاً قرارات فوقية لم تدعمه بمشورة أصحاب الشأن ، وفوتت فرصة ما كانت لتفوت ، إلا أن المسألة برمتها منوطة بالسد وإغراق المنطقة المتبقية جنوبا في النوبة ، وهي مرفوضة من أساسها دون حاجة لمزيد من البيان ، والمثل يقول ببداهة المنطق : "توضيح الواضحات من الفاضحات" وشمس النهار لا تحتاج إلى إقامة دليل . تبعا لما ذكر ، فالقضية لا تتعلق بالتعويضات وعدالتها ، ولا بالتنمية وآفاق الحياة التي سترقى بمستوى المواطنين في موطن بديل .. هي إما وجود وبقاء للأرض وأهلها أولا . وبلاش شعارات "التضحيات ونكران الذات" التي تعطنت في أوعية التجارب النوبية وأصبحت ممقوتة في ذهنيتها ولفظتها حواس الذوق . ما كان أحراها لو لم تكن مفرغة المضمون كما دلت الأحداث والتجارب المخبرة : صارت "نكتة" هازلة من زمن عبود .

    لا شك أننا نحتاج إلى تطوير منطقتنا كما هي كائنة ونحن عليها وأصحابها ؛ وكما تؤكد الدراسات الأمينة والأقلام الحرة المسئولة فثمة مشروعات صديقة للبيئة تشكل بدائل أفضل لتنمية المنطقة دونها الغرق والاندثار بفعل السد . وإذا لم يكن هذا النظام مستعدا لذلك ، فحكومة ديمقراطية قادمة تتولى هذه المهمة في المستقبل ، وإذا لم يتحقق هذا فنحن كعهدنا ، كما داومنا تاريخيا وحضاريا بناء منطقتنا بدفع ذاتي ، سنواصل بناءها وتطويرها تدريجيا ما أمكننا الجهد والمال ، نعرف أن منطقتنا فقيرة ونعلم لماذا رغم الفقر ظللنا متقدمين نبني حياة تتوهج ببقاء كريم آمن .. حياة رسختها قيم فاضلة من صنعنا وصنع آبائنا وبيئتنا الموجبة .. فهم البناة .

    إذا هم البناة وهم كذلك ، فهل أقول لكم في جانب آخر أنه استقرت في معتقدنا أعراف الأمانة والمسالمة .. وكما قلت لصديق قبل أشهر إن حمل عصا من جريد النخل عندنا يأخذ مدى من التحريم الاجتماعي والخلقي باعتباره عيبا وعارا وصعلكة إذا كان في غير مقتضى سياقة دابة أو ركوبها . وبرهنت مظاهرة كجبار على ذلك لمن شاهد وقائعها على الشريط . لكنهم في المقابل زرعوا العنف وقتلوا وفليحصد كل ما زرع .

    بعد ... هل فهم الحكام الأوصياء ، بعد كل هذا ، لماذا نتشبث بأرضنا .



    وهتر حاكم الشمالية واجهة سلطة الإنقاذ :

    المهندس ميرغني صالح سيد أحمد ، عل تنصيبه حاكما مختارا على الشمالية مؤسس على انغلاق الحكمة الرائية لديه لمصالح الناس وقناعاتهم وارتباطهم الوجداني المكين بترابهم وما عليه ، وهذا مؤهل ممتاز له غاياته في تلبيسات الأنظمة التي تقفز إلى كراسي السلطة للسيطرة وتغييب رأي الجماعة وقمع الحريات العامة ، ومن وراء ذلك إهتبال مواتيات التسلط للغنى والثروة وتسمين المحاسيب والاتباع ونهازي الفرص .

    شدهتنا أخباره أولا عندما قطع زيارته للخرطوم وعاد مسرعا إلى مقر الحاكمية في دنقلا لا لتفقد أهل المحس في مصابهم وتهدئة ثائرتهم بعد أحداث التظاهرة ، ولكن عاد لقضاء واجب المسئولية المكذوبة في تقريع نائبه عبدالرحمن فقيري ومعتمد وادي حلفا عصام ميرغني على موقفهما المنحاز لإرادة الأهالي وحملهما في النهاية على تقديم استقالتيهما . ثم ثانيا ما كان من لقائه التلفزيوني في برنامج (نجمة الانجاز !) وفض فوه بأن لغا على أهلنا بما مفاده ضمنا أنهم أغرار إنساقوا لتحريض من الخرطوم ومن خارج السودان . وفي تبريره لإنشاء سد كجبار هرطق عن هجرة أبناء المنطقة وأنهم تركوها إلى المهاجر والاغتراب الدائم ، موعزاً أنها بلاد طاردة لا يضيرها أن تندثر تحت مياه السد .

    والحقيقة الخافية على الحاكم العام ، أو يعلمها ويتغابى عنها حفاظاً على منصبه واسترضاءً للنظام ، هي ما أسلفناه عن العلاقة الأزلية بين النوبي وأرضه ، وغناه عمن يحرضه على الاستماته من أجلها .. وفي هجراته لكسب الرزق ، لم ينقطع النوبي عن موطنه ، فكان يسافر منفرداً – القادر والمعوز – مبقياً أسرته وأهله ، ومجذراً في الأرض من شتل ونخل ما يعمق انتماءه الكافل للعودة . سمة هجرتنا – النوبيين – هي (الهجرة العائدة ) ، وإنك لترى أن كل الجماعات حولهم في الشمالية الكبرى ومناطق السودان المختلفة لما تسنى لهم أن يغادروا مواطن آبائهم التي ولدوا فيها ونشأوا فيها إتخذوا من غيرها موطناً دائماً . وبعد نهج "التطفيش " الذي تبرَك به عهد نميرى وترسمته وغذته الجبهة الحاكمة حاليا إتسعت ظاهرة الهجرة المستدامة إلى الخارج من كل بقاع السودان . خصائص الهجرة الدهرية في زمن الجبهة هي فقدان الأمل في وطنٍ أنتم اليوم المتحكمون فيه بشرعة الإقصاء وتفريق الصفوف ، فمن معكم أو يتزنم بموالاتكم فينعم بنفحاتكم من مقدرات الوطن المسلوبة ، ومن ليس معكم فله "الإفقار والهبل " ، في أسفل درجات المواطنة .

    نأخذ مثالاً مدينة عظمى كأم درمان جمعت منذ قرن ونيف أطياف الوطن السوداني وصهرتهم في قالب وطني إجتماعي شكول ؛ عرف عنهم تشبثهم الأمدرماني بما يشبه التقديس (5) ، ربما دونه ما هو نزوع عند الحلفاويين وسائر النوبيين ... إندهشت للأمدرمانيين في هذا الاغتراب الذي نعانيه معاً . إنهم مع شديد إلتصاقهم بهذه المدينة من أشدنا تمسكاً بالبقاء في المهجر ، بما لا يجدي معه " التفنيش من العمل" فينتقل كغيره من السودانيين من عمل إلى آخر ، ولا يغادر إلى السودان إن لم يكن مضطراً . هذه الصورة تنبئ سعادة الحاكم العام للشمالية أن مناطق النوبة وحدها ليست المنكوبة بالاغتراب ، بل إن مزية النوبيين أنهم الأكثر تردداً على ديارهم والأقصر إقامة في دول المهجر لمن لهم أرض سلمت من نوائب السدود وآثارها المدمرة (أقدامهم راسخة في مراحبهم رسوخ حضارتهم فيها التي لم يسبقهم إليها سوداني آخر ) ، هم أيضاً أقل السودانيين في المهاجر تفكيراً بالتجنس بجنسية البلاد التي يعملون فيها .

    وأزيد الحاكم حرفاً فأقول إن الهجرة النوبية التي كان يتعين عليه الإشـارة إليها هي الهجرة الثانية لأبناء حلفا من منفاهم في خشم القربة ، فهي بالفعل " هجرة بلا عودة " أقفرت معها قرى الإسكان المرقمة ، وقد يعلم الحاكم أن تهجير أهل حلفا تم طبق عهود موثقة وخطط مدروسة إلى حد ما – لا كالذي يهذر به الآن – شاملة تنمية إقتصادية واجتماعية موعودة لا مثيل لها . بعد ذلك كان قبض الريح :

    شيد من أجلهم خزان خشم القربة ، لإحداث طفرة زراعية كبرى . تراجعت الزراعة ومني المشروع بإنتكاسات خطيرة سيما سنوات حكم "الانقاذ" . والمشروع الحيوي الوحيد ، مطاحن وادي حلفا ، إمتدت إليه يد التخريب من صنائع الجبهة وساءت إدارته بفعل المحاسيب الذين لا خبرة لهم فتوقف أو كاد .

    مصنع سكر حلفا الجديدة ، المشروع الإقتصادي الصناعي الذي أقيم لتطوير حياة المهجرين وتشغيلهم ، إنتهج سياسة مغايرة بتضييق فرص العمل على أبناء حلفا وتوسيعها على غيرهم من مختارى الإدارات المتعاقبة التي لم يكن من بينها منصب مؤثر من المهجرين أصحاب الشأن . وبالتالي قلت موارد العيش للسكان الجدد مما قلل من عوامـل الاستقرار وحَيَّثَ البحث عن مهجر جديد .

    اُخترقت قرى الإسكان والمدينة المسماة " حلفا الجديدة " بنازحين من كل صوب وأحيطت بأعشاس "الكامبو" والرعاة ، وتصاعدت مهددات الأمن على قوم ليس في ثقافتهم الإحتراب والاقتتال الفردي والجماعي والقبلي ولا حمل العصى ولبس "السكاكين " وملازمة الحراب والسلاح الأبيض . ( ما عندنا يحسب تخلفاً وموجباً للعيب عند غيرنا من كمال النخوة والشجاعة ، وكل إبن بيئته وسرحته ) .

    مكونات البيئة المحدودة ورقعتها الآحادية التضاريس في أرض مسطحة (لا نهر ، لا نخيل ، لا معالم ، لا جبال تذكر ولا صحاري رملية ) ، علاوة على أوضاع وغرابة بيوت الإسكان وأسوارها وانتفاء وظيفتها الاجتماعية المعتادة لدينا شكلت عاملاً نفسيا مساعداً حجب تكيف المهجرين مع الواقع الحياتي البديل .

    أخذ المهجرون يدركون بأن ذاتيتهم ومقوماتهم الاجتماعية إلى زوال مع توالي الأجيال ، ووضح أن أهم مقوم يجمعهم وهو اللغة النوبية أصبح عرضة للضمور فالاندثار .



    وبذا فإن ذوبان النوبيين ولغتهم أصبح ماثلاً للعيان وهو الهدف الأساسي الذي خطته حكومة عبود العسكرية في تشريد النوبيين عامة ، وتهجيرهم إلى هذه البيئة النائية الغريبة خاصة . والهدف يلتقى مع سياسات النظام الحالي وتوجهاته الأيدولوجية بصورة أكثر تمركزاً ، ما يجعل التفاهم بينهم وبيننا معدوماً .

    هذه صورة المنافي النوبية تحت غطاء سياسات التنمية بالسدود النيلية ، تضمحل كِذَابُ وعودها كلما لامست واقع الاقتلاع من الأرض الأم والتحول عنها ولو إلي فراديس الدنيا . هذه هي الصورة التي " ينعم " بها غرقى السد العالي ، فضل زادها كان للسكوت والمحس جنوباً وكفى في ذلك أن قرية عظيمة كـ "تبج" في عبري أصبحت خالية .

    إذن فالهجرة الطاردة التي لا عودة بعدها جاءت مع السد العالي وإغراقه مركز الحياة النوبية "وادي حلفا" . كان أحرى ، إذا من حكومةٍ راشدة ، أن تعمل لتنمية المنطقة بمشاريع تضيف قيمة حياتية لاستقرارها وتعزيز وجودها أرضاً وبشراً ، وأولها إعادة أبناء حلفا المهجرين إلى ضفتي بحيرة النوبة بمقدرات بقاءٍ مستمر وبنياتٍ هيكلية وخدماتٍ أساسية .



    كلمة قبل المواصلة :

    .. لا لاستجداء البقاء ، ولا حاكمية علينا في مناهضة سدَّيْ كجبار و دال ، ولن نمد لأحد مدية لنَحْر وجودنا والإجهاز عليه ، وليفهم الجميع أن رفضنا لا علاقة له بأي عمل أو نشاط سياسي ، سوى أن الغرض السياسي في جانبهم وليس في جانبنا .

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de