|
|
 صباح الـخير يا عبد الواحد محمد نور..!
|
نقلا عن صحيفة الوطن
صباح الـخير يا عبد الواحد محمد نور..!
أنت سوداني.. ودارفوري.. وتيجاني.. كيف تدعو لنظام علماني؟!
حكاية القفز فوق الواقـــع والمـــراحــل «ودت» سياد بري ومنقســتو في «داهـية»
من تشـــاد.. إلى طرابلس.. وأمريكا.. ولندن.. إلى باريس ـ أيه ـ الحـــكاية..؟!
أنا لا أعرف إن كان السيد عبدالواحد محمد نور أحد أبرز وأكبر متمردي دارفور، كالكثير من قادة تمرد دارفور عضواً في ـ الجبهة الإسلامية القومية ـ وبعدها الإنقاذ والمؤتمر الوطني أم لا..؟!
ولكن الذي أعرفه أنّ ثمّة علاقة كانت ـ وربما ما زالت ـ بين حزب المؤتمر الشعبي وبعض قيادات التمرد في دارفور الذين كان آخرهم السيد إبراهيم يحيى الذي عاد إلى بلدته ـ الجنينة ـ بعد أن تصالح، حيث قال لي إنه تمرّد وهو ـ شعبي ـ وصالح وهو شعبي.. وهو مثال لعشرات أو مئات الذين انشقوا عن الإنقاذ إبان واقعة المفاصلة..!
إن الأخ عبدالواحد محمد نور يبدي كل يوم قدراً عجيباً من التشدد بعد أن قاطع كل أو رفض أو قاوم كل جهود السلام والمصالحة ووقف الحرب في دارفور بداية من أبوجا وصولاً إلى ـ أروشا ـ مروراً بطرابلس الليبية التي كانت قد أكرمته.. واحتضنته.. وربما دعمته على أمل أن تكون صاحبة كلمة عليه وعلى غيره لتقول له ـ شمال يمشي شمال.. ويمين يمشي يمين ـ وهو وضع لا يستغربه أحد أو يستبعده، ذلك لأن كل مَنْ يتمرّد.. أو يعارض من الخارج ويبقى تحت ضيافة دولة يكون قد فرّط في حريته الشخصية ناهيك عن قيّمه أو أهدافه الوطنية..!
ولقد رويت مراراً قصصاً وحكايات عن المعارضات والمعارضين في الخارج والذين سأكون في غاية الامتنان إذا قال لي أحدهم.. من الذين عادوا.. أو الذين مازالوا.. إنه تحت ضيافة أو مسؤولية أو مرجعية وزارة الخارجية أو حتى الداخلية أو حتى الرئاسة في البلد المضيف..!
إنّ الجميع وأبرزهم المعارضين من أسمرا العاصمة الأريترية التي طفش أهلها هرباً من القهر والإستبداد وعاشوا ويعيشون تحت رحمة المخابرات والأجهزة الأمنية التي ما إن تصل إلى أهدافها وغاياتها وتتصالح مع الحكومة المعادية حتى تقول للمعارضين «شكر الله سعيكم».. «صالحوا أو غادروا»..!
وعودة للأخ عبدالواحد محمد نور الذي أكرمه الله بأجمل عاصمة وهي باريس ليقاتل ويناضل من فوقها، قال منذ أيام كلاماً مدهشاً حول ما يريده من نظام حكم لدارفور..!
قال كما سمعت وقرأت، وأرجو ألاَّ أكون مخطئاً.. إنه يريد لدارفور دولة علمانية، ومعنى ذلك أن الرجل يريد أن تنفصل دارفور عن السودان وتصبح دولة مستقلة تحدها ليبيا.. وإفريقيا الوسطى وكردفان.. وبقية أنحاء السودان الشمالي، وجنوب السودان.. وتشاد التي تحكم هي الأخرى من خلال علاقة وطيدة مع باريس التي أتاحت للسيد عبدالواحد كل هذا القدر من الحرية ليحمل موبايلاته ـ الخمسة ـ على ذمة إحدى الوكالات الغربية ـ التي نسيت أن تضيف لها ـ أجهزة الثريا طرف الأخ عبدالواحد، ليدير من خلالها الحرب في دارفور ويعلن من باريس نيته في إقامة دولة علمانية في دارفور..!
نحن نعلم تاريخياً أن فرنسا كانت آخر دولة استعمارية تعطي الحرية والإستقلال لبلد عربي إفريقي هو ـ جمهورية جيبوتي ـ التي احتلتها فرنسا منذ نهايات القرن التاسع عشر لتوازن بين وجودها ووجود بريطانيا على الضفة الثانية للبحر الأحمر في محمية عدن..!
ونذكر أيضاً أن فرنسا وبعد أن تلكأت في الخروج من جيبوتي عام 1977 طرحت على السكان استفتاءً غريباً ومريباً ويشبه استضافتها الآن للأخ عبدالواحد محمد نور الذي لابدّ أن كلامه عن دولة علمانية «وليست تيجانية» في دارفور..!
طلبت فرنسا في ذلك الإستفتاء عام 1977 وكشرط للخروج من جيبوتي أن يجيبوا عن سؤال من شقين وهو:
«هل تريد الإستقلال.. أم تريد الإستعمار؟»..!
وقد قال المرحوم الحاج حسن جوليد يومها عبارته المشهورة.. يا فرنسا.. بلد الحرية.. كيف يختار شعب العبودية.. وقد كان قرار سكان جيبوتي وعددهم نحو «200» ألف ساكن ـ ثلثهم صوماليون وثلثهم الثالث «عفار أثيوبيون» مع أقلية عربية..!
وطبعاً لفرنسا خياراتها في أن تحتضن مَنْ تريد من متمردي إفريقيا والعالم العربي، وربما لكون دارفور جارة لصيقة لتشاد حيث تحكم وتتحكّم فرنسا في الأمور وتريد لتشاد الصغيرة نسبياً أن تتحد مع دارفور ـ عبدالواحد محمد نور ـ ليتّسع بعد ذلك الوجود الفرنسي في المنطقة هذه، ولكن الذي لم أفهمه أنا وأعتقد أن كل الذين سمعوه لم يفهموه هو مطالبة الأخ عبد الواحد محمد نور بدولة علمانية في دارفور..!
إن الأخطاء التاريخية والقفز فوق المراحل، وعدم معرفة الواقع والتعامل معه كلها أمور واردة في التاريخ الإنساني..!
ولنا في الوضع الصومالي القديم والحالي المثال السيئ..!
فالرئيس الراحل محمد سياد بري انقلب على الحكم الديمقراطي التعددي في بلاده عام 1969م حيث لابد أن نعترف بأن الحكم الديمقراطي الصومالي نفسه كان أقل من «مقاس الشعب الصومالي» آنذاك..!
ولقد جاء سياد بري بنظام ـ اشتراكي علمي ـ يعني «شيوعية عديل» في بلد نسبة الأمية فيه .999% .. والسبب كما فهمنا آنذاك وفهم غيرنا هو حاجة سياد بري إلى دعم ـ الإتحاد السوفيتي ـ في مقابل دعم أمريكا.. وبريطانيا.. وسائر الدول الغربية لنظام هيلاسلاسي، حيث كانت بدعة البدع عندما جاء لحكم أثيوبيا رجل إشتراكي أو شيوعي «عديل» ـ هو منقستو هيلي ماريام ـ طلب الإتحاد السوفيتي من سياد بري أن يتصالح ويتسامح مع أثيوبيا وأن يوقف حرب الأوجادين، وأن يعمل سياد بري على التحالف مع منقستو كمقدمة لإقامة الإتحاد الاشتراكي الإفريقي الذي يضم ـ أثيوبيا.. والصومال.. وجيبوتي.. ثم كينيا ويوغندا في وقت لاحق..!
وخلاصة الأمر.. إن القفز ذاك فوق المراحل والقدرات ذهب بسياد بري.. وبمنقستو حيث ـ عرفها الرئيس اليوغندي يوري موسفيني ـ وتحول إلى إشتراكي أمريكي مثله مثل المرحوم جون قرنق والرئيس الأثيوبي الحالي ـ ملس زيناوي ـ والرئيس الاريتري أسياس أفورقي- الذي يبدو أن أمريكا قررت أن تتخلى عن نظامه بعد أن أضحى يدعم ويحتضن المحاكم الإسلامية في الصومال كجزء من عدائه مع أثيوبيا..!
إنني أود أن أختم واطمئن الأخ عبد الواحد محمد نور وأقول له إذا كانت علمانية دارفور هي مطلبه الأساسي والسبب الرئيسي وراء حروبه ورفضه للسلام فإن الوضع في دارفور الآن ـ خاصة المعتقدات ـ علماني أكثر من باريس حيث يعيش هو..!
ذلك لأن القوات الأجنبية المنتشرة في دارفور أو في الخرطوم تعيش حالة من ـ العلمانية المتقدمة جداً ـ لدرجة نشرها.. للأيدز.. والخمور.. والمخدرات والمراقص.. واللبس الخليع.. والتفسخ والإنحلال..!
ولأن الأخ عبد الواحد محمد نور يعيش في بلد «علماني منضبط» فإنه لا يعلم أي قدر من العلمانية بوجهها الثاني وهو ـ الإنحلال الاجتماعي ـ بلغنا نحن في الخرطوم أو نيالا.. أو في جوبا.. أو حتى في الجزيرة..!
وـ لمعلومية ـ الأخ عبد الواحد محمد نور ـ عاشق العلمانية والمطالب بها ـ فإن علمانيتنا في جانبها السيئ وصلت حد إقامة مراكز مساج رجالية بخبرات وخبيرات أجنبيات شرطهن الأساسي بعد دفع 75 ألف جنيه للساعة ألا تكون هناك أحمال على الجسم مثل الملابس وخلافه..!
كما أن علمانيتنا ـ أخ عبد الواحد ـ وصلت حد فتح بيوت أبو صليب من جديد ولكن ـ فكة ـ وسط الأحياء حيث بدعة اسمها التلفزيون وهو ما يعرف عندكم في باريس ولندن وأمريكا بـ«الاستربتيز» أي التعري أمام المشاهدين بمقابل، وهذه خدمة في قلب وأطراف الخرطوم التي أصبحت شققها المفروشة وغير المفروشة أغلى من باريس وطوكيو بسبب الإقبال ـ الأممي ـ الشديد على الشقق المفروشة.. والفلل التي تم تشييدها داخل وخارج العاصمة وبالتحديد جنوب الخرطوم إعداداً واستعداداً لمزيد من العلمانية..!
وأختم..
إن الأخ عبد الواحد محمد نور ـ سينفخ في قربة مقدودة ـ وسيظل في باريس لزمن طويل وربما كل عمره إذا كان يريد لدارفور بلد الخليفة عبد الله التعايشي.. والمهدي.. والمهدية والأنصار.. والتيجانية.. والقرآن قبل هذا وذاك.. والطرق الصوفية، وعلي دينار أن تصبح دولة علمانية تحل فيها ـ المواخير «والنايت كلوب» وأندية «الاستربتيز» ـ مكان الأضرحة والخلاوى والمساجد.. والمسائد..!
الأخ عبد الواحد..
نحن في كل السودان مع وضع ديمقراطي متدرج.. ولأن السودان بلد استعصى على «الإنجليز» طيلة قرن وربع القرن، فإنه سيكون عصياً على علمانية الأخ عبد الواحد وفرنسا..!
|
|
 
|
|
|
|
هجو الأقرع
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست