آيدلوجيات شرق المتوسط *

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 07:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2007, 09:19 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
آيدلوجيات شرق المتوسط *

    لم تكن آيدولجيات شرق المتوسط في يوم من الأيام ، رؤية متجاوزة لسقفها المحدود . فحين تكون في دوامة لا تستطيع اختراق مركزها المتحرك إلا بتفكير يسمح لك بمرور آمن. والحال أن العرب منذ عصور الاستعمار لم يتمكنوا من إدراج سؤال الحداثة ضمن رؤية معرفية . ذلك أن العلاقة بين العرب والغرب كانت تنطلق دائما من ردود أفعال متوالية على ما يفعله هذا الغرب . في نفس الوقت الذي كانت هذه الردود جزءا من داخل بنية إستعارية مشّـوهة وتقليدية لمقولات الغرب ، كانت تفعل فعلها بحسب مقولة ابن خلدون ذائعة الصيت (المغلوب مولع بتقليد الغالب) . والحقيقة أن هذا النمط من التفكير هو الذي صاحب أساليب النُخب الثقافية والفكرية والسياسية بكل أطيافها طوال القرن الماضي ، ومازال هذا النمط من التفكير يعيد إنتاج نفسه بالرغم من هجاء الآيدولجيا الذي اكتشفته النخب العربية فجأة مع نهاية الحرب الباردة . وهكذا تتم عمليات القطع برثاثة ، مع الأفكار والمفاهيم التي يتم تداولها دون أي تفكير . إن خطورة هذا القطع مع الأفكار والمفاهيم التي تتداول كأيقونات في الكتابات العربية ، تكمن في إزاحتها الدائمة لمعنى الاختبار النقدي والمعرفي والذي هو أبعد ما يكون عن ذلك التعاطي الذي نراه في تلك الكتابات . وبقراءة سريعة لتاريخ ذلك التقطيع مثلا يمكننا أن نكتشف ذلك النمط من التفكير . فلم تكن كتابات الحقبة (الليبرالية) مثلا ـ طه حسين ـ العقاد ـ ، مقدمات راسخة لكتابات النصف الثاني من القرن العشرين التي قطعت مع كتابات الحقبة (الليبرالية) بفعل منا خ الاستقطاب الأيدلوجي ، ولقد آلت هذه الأخيرة إلى ركام بغير وريث مع كتابات ما بعد الحرب الباردة. وطوال تلك الفترة بقي سؤال الحداثة ، و(لماذا تخلّف العرب وتقدم غيرهم) مطروحا. وبالرغم من أن الأيدلوجيات كانت تشتغل على تسطيح الوعي من خلال النخب المثقفة والأنظمة التوتاليتارية. إلا أن الواقع الذي تمّخض عن نهاية الحرب الباردة و ثورة المعلومات والاتصالات ، كشف ، على الأقل ، عن ثلاث حقائق هي بشكل آخر استعادة متواصلة لذلك النمط من التفكير الذي أشرنا إليه في صدر المقال ، أي عدم القدرة على اكتشاف آليات اشتغال التخلف برؤية موضوعية تعين على تجاوزه. أُولى هذه الحقائق: تجدد ردّات الفعل إياها متماهية ً مع المقولات الجديدة عربيا في الخطاب الثقافي (في الحقيقة هي مقولات غربية ذات أصول راسخة) والإعلامي بصورة تتجاوز معناها الحقيقي إلى معان افتراضية ، أي التعاطي معها كحقائق ناجزه . والحال أن ترديدنا لمقولات من قبيل الديمقراطية ، المجتمع المدني , الحداثة, هو في الحقيقة تعرية لأيدلوجيا خفية يسندها تقليد عميق من الأتوقراطية التي تشتغل هي بدورها بحسب بنية التقاليد العربية على تحريك قدري لاشعوري من أعماق تربوية تتكشف دائما عن عجز تلقائي في قدرة الاختبارالنقدي لتلك المفاهيم ، سواء في الفهم أو التطبيق . فبقدر ما كشفت الحرب الباردة عن البؤس الفكري الذي تعوزه الأصالة ،أي الموضـوعية ، كشفت ثورة الاتصالات عن فراغ المعنى في الحياة العربية في موازاة بؤس الأنظمة .
    الحقيقة الثانية : هي أن الشعور بالتماهي مع الحراك الإعلامي وحضوره على مستوى الخدمة الإخبارية السريعة، والصورة ، لايعني أننا داخل العالم ، أي إحدى القوى الفاعلة فيه ، إذ أن في ذلك تسطيح للعلاقة الصحيحة مع العالم . بمعنى أن شرط التحولات الإيجابية ليس بالضرورة أن يكون في تلك الصورة الخادعة التي نتمرأى فيها أمام العالم ، بقدر ما هو في فرز استحقاقات ضرورية لاتغني عنها الأيدلوجيا . أي الكلام عن ممرات تفضي إلى محطات تاريخية في الإصلاح لم نتجاوزها حتى الآن . مثل الإصلاح الديني . في عالم عربي علاقته بالدين عميقة ، لكن تأويلات هذه العلاقة بدون الإصلاح الديني تنطوي على تعبيرات فوضوية خطيرة كتلك التي أفضت بنا إلى غداة كغداة 11 أيلول 2001 . ذلك أن النخبة الفكرية العربية لم تهجس يوما ما وهي تمارس ذلك القطع الأيدلوجي . بمسألة الإصلاح الديني ، لماذا ؟. لأنها كانت بحسب ، عبد الله العروي ، تتماهى دائما مع صورة الغرب الناجزة ، أي بدون اكتشاف الفرق الحقيقي في المستوى الحضاري، وذلك باعتبار اللحظة الحضارية الراهنة للغرب هي ما ينبغي لنا أن نلحق به . فالإصلاح الديني في الغرب كان حلقة من الحلقات التي أفضت إلى الحداثة . وإذ يهجس الآن بعض مفكري الحداثة بمسألة الإصلاح الديني ، فليس ذلك الوعي بها خيارا فكريا بقدر ما هو إدراك معرفي لتحولات الحداثة في الغرب، بعد أن زال غشاء الأيدلوجيا . ولقد أبانت إرتدادات الحالة العربية في المظهر الاجتماعي والفني عن ما كان ، في الظاهر، مسلمات اجتماعية وفنية ، نتيجة الاحتكاك بالغرب في منتصف القرن الماضي. أبانت عن هشاشة تلك المفاهيم عن الحداثة . فرجوع المجتمعات العربية في الحال العامة إلى التدين ، وإن في صورة ضبابية وملتبسة، في العقود الثلاثة الأخيرة إنما هو انقلاب طبيعي على تراكمات فجة لوعي زائف . وإذا كانت الجـِـّدة ،التي هي دائما حافز طبيعي لأي مجمتع أقلع من التاريخ ، قد أعطت زخما ً في عروق التجارب الأولى للمجتمع العربي، التي ظهرت انعكاسا للتعاطي مع معطيات الغرب الفنية والأدبية في نهضة بداية القرن إلى ما قبل النكسة67 ، فإن أصداء الحقبة الاستعمارية بما كانت تنطوي عليه من هوامش الحريات والتنظيم والجديـّة ، كانت هي الرافعة الحقيقية لتكريس تلك التجارب .
    وهذه الطفرة الإعلامية التي كشفت عن كل ذلك جملة واحدة بحسب طبيعتها . سوف تحد من التأويلات الفاشية للإنجاز العربي الأيدلوجي على حين إنها في نفس الوقت ستسمح لكل تجاذبات القوى الحية من التجريب عبر وسائطها (الفضائيات- الإنترنت) ) لممارسة وإشاعة مختلف التيارات في التعبير عن رؤاها . بالرغم من أن هذه الوسائط في قسم كبير منها ستكون مرايا عاكسة للتخلف الذي تنطوي عليه المجتمعات العربية . فإن الضمانة الوحيدة التي يمكن أن نتعود عليها اليوم هي الصبر على الحرية التي تصاحب ردود الأفعال بين مختلف التيارات التي عانت من أوتقراطية الأيدلوجيا والأنظمة معاً . صحيح إن الفوضى عارمة ، إذ ليس هناك حد أدنى سوى توصيف حالة التردي والعجز العربي التي أجمعت عليها كل التيارات .
    لكن هذا التجاذب سيفرز فيما بعد رؤى موضوعية ستأخذ مكانها الطبيعي كلما كانت هناك حريات حقيقية . الحقيقة الثالثة هي عجز النخب العربية عن اكتشاف وفرز القيمة الفكرية في بعض الكتابات التي كانت تنطوي على إشارات موضوعية في مشروعها الفكري ، والذي كان بالضرورة أن يكون منتبذا إبّان ذلك الاستقطاب في عقود الحرب الباردة . ثم بعد ذلك ربما مع النبذ الكامل لكتابات تلك المرحلة ، التي لم تخل من كتابات كانت تخترق بأضوائها ظلام الأيدلوجيا ( كتابات عبد الله العروي ــ مالك بن نبي وغيرهم على سبيل المثال) ، والحال أن هذا العجز إذ يحيل إلى عدم القدرة في تأويل تلك الكتابات موضوعيا ، إنما كان في معنى آخر ، عجزا ينطوي على علاقة عقيمة مع التراث في معناه المعرفي ، أي الوقوع في ذلك المأزق الذي ينوس بين العيش داخل التراث ، أو خارجه ، ضمن رؤية مانوية فاقعة لا تؤمن بتلك المقولة التي تقول إن أول شرط لتجاوز التراث : قتله بحثا ً) ، بحسب نصر أبي زيد . وهكذا لا نزال نعيش في الماضي لأن ذلك التجاوز الحقيقي للتراث سيدمج معطياته الإنسانية الفاعلة ضمن فهمنا للواقع . والحقيقة أن هذا لم يحدث حتى الآن لأن سؤال التراث ، تماما كسؤال الحداثة، سيتكشف عن علاقات معقـّدة للنخب العربية مع هذا التراث . بعضها من أيام القطع مع كل ما هو ديني بحسب الأيدلوجيات التي ذاعت في النصف الثاني من القرن العشرين التي كانت تطرد المعنى الديني من مناهج التفكير. ولقد خلق ذلك الفهم فيما بعد علاقة نفسية صدت الكثير من المفكرين العرب عن النظر الموضوعي للمعنى الديني(كانت في الحقيقة عادة فكرية سيئة تمتح من وعي نشأ على رهانات محدودة للمعرفة ونظر فقير في تاريخ الأفكار) . حتى إذا اكتسبت بعض الكتابات المعرفية الرصينة رصيدا مرموقا من الاحترام في الدوائر الفكرية الغربية ـ مثل كتابات نصر حامد أبو زيد ، محمد أركون ـ (كسبت هذا الاحترام بعيدا عن الأيدلوجيا) ؛ عادت تلك المقولات الخجولة من جديد لتهجس بالإصلاح الديني . هذا لايعني أننا بصدد تمجيد الفكر الإسلاموي الذي غرق هو أيضا في رثاثة الأيدلوجيا وبتأويلات قيامية أحيانا ، كغزوة نيويورك/ مانهاتن ، بل بصدد قراءة تحاول ، بكل تواضع ، أن تشير إلى أن فهم إشكالية التغيير والتقدم في العالم العربي كلما انطوى على إقصاء أيدلوجي للأفكار ، أياً كان نوعها، سيجـرّ إلى قراءة ناقصة . ذلك أن حركة الأفكار في التاريخ هي دائما حركة جدلية / دائرية ، وأن الضمانة الوحيدة التي تسمح باختبار الأفكار هو مناخ الحرية الذي ينفي نفيا اختياريا ً كل الأفكار الفاشية . وربما كان للمناخ القمعي الذي نشأت وترعرعت فيه آيدولجيات شرق المتوسط الأثر الأكبر في نفي أو نسيان ما لا يناسبها من الأفكار والمفاهيم بغض النظر عن قيمتها الموضوعية . فالقمع دائما ينتج مرايا عاكسة في الأفكار التي تعيد إنتاجه دون أن تدري ، وربما لا تدري.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    *عن صحيفة الحياة اللندنية 25/4/2005

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de