امين حسن عمر في معية الدبلوماسي الكبير محمد محمد خير في (شوبنغ) بالدوحة!

Quote: نصحني أحد القراء بالكف عن الكتابة اليومية لأحافظ على لياقتي القلمية ، لكني لم أعمل بنصيحته لتقديرات منها ، أن مزاجي كان عاليا وهذا ما يتيح لي الإطلال يوميا على القراء لكنني الآن في أسوأ حالات المزاج فقد تم اختياري لأكون عضوا بوفد الحكومة لمفاوضات الدوحة التي تجري الآن وهذا سبب كاف للكسوف الكلي لأن المفاوضات لسان وليست قلما ! أوقاتها مفتوحة وجدلها معقد ومسالكها مغلقة وأطرافها متعددة والوصول لنهاياتها يعني الارتداد لبداياتها ، إنها صخرة سيزيف الجديدة التي كلما صعدت بها تدحرجت نحو الأسافل لتعود من جديد لرفعها . استبنت نصح ذلك القارئ خلال يومي احتجابي إذ أنني كنت أتحدث دفعة واحدة لمدة 48 ساعة حتى احتجت لمساج يجريه متخصص في هذا التطبيب على لساني ، لا وقت للكتابة والأولوية للــ ( حنك ) هذا هو حالي الآن فالحبر والقلم في هذا المقام خيانة كبرى للسان وهما أداتا تشكيك في القدرة الكبرى لتجليات اللسان !! لا وقت محدد للتحضير للتفاوض إنها عملية تقع خارج الوقت والتوقيت ولا مدى لها لأن طبيعتها مفتوحة وهي أيضا مفتوحة على كل الاحتمالات ، ربما لا يكون التفاوض مع الحركات المسلحة ربما يكون مع الصحافة فالهوامش التي تقع خارج التسجيل وخارج النصوص وداخل الجدال إنه اختبار الرجولة والفحولة والصبر وامتحان حقيقي للسماحة ومقياس دقيق لمدى اتساع الصدر ، فقد يبدأ النقاش باحتمالات تلاشي السودان وينتهي بالأزمة المالية التي تضرب فجاج أمريكا وقد يكون محور النقاش جغرافيا السودان لكنه ينتهي بتاريخ بريطانيا الاستعماري ، فالجغرافيا تؤكد التاريخ. نحن في حالة جدال بلا نهايات وفي حالة تبادل اتهامات سياسية وثقافية واجتماعية وعرقية ، أنت في خانة الدفاع طوال الوقت وفي حالة الهجوم في كل الأوقات. البارحة تهيأت للكتابة وقبل سكب حبر البداية دق الباب وحين فتحته سألني الطارق بلغة انجليزية تنتمي ( للصلات الطيبة ) كساحا وتكسرا وسألني عن كفاية الماء في حجرتي أجبته أنه كاف وحين غادر اكتشف أنه لا ماء عندي فاعتذرت لشرود الذهن وعدت بالماء! حين هممت من جديد رن الهاتف الداخلي وكان ذلك دعوة لاجتماع استمر ست ساعات وحين عدت وجدت وفدا من أصدقاء الصبا والدراسة والصبابات فسهرنا حتى الفجر على أنغام السودان القديم وحين تصايحت الديوك القطرية مؤذنة لصلاة الصبح كنت على حافة يوم جديد مليء بالمهام اللسانية ولم أكن أجريت تمرينا لهذا العضو الفعال الذي لا أملك الآن سواه . أستأذن الأستاذ مصطفى أبو العزائم العارف لطبيعة هذه الأمور أن يسمح لي بالاحتجاب ليومين في الأسبوع حتى أكون على مستوى التفاوض رغم أن المفاوضات لم تبدأ.