العقل نعمة الله التي اسبغها علي مخلوقه الانسان تكريما له باعتباره خليفة الرحمن وحامل رسالة السماء ولذلك صنف الانسان كائنا عاقلا..اي صاحب عقل يميز به بين الخطا والصواب والحق والباطل وهو ما يميزه عن الحيوان والجماد! وصاحب العقل بالضرورة صاحب فطرة سليمة ووجدان سليم يقيم الامور بميزان الحكمة وينفعل ويتفاعل مع متغيرات الحياة التي تحيط به وفقا لهذا الميزان..فينتفض ضد الظلم لاجل العدل ويبدع في الجمال لدحر القبح ويقاتل الشر لاجل ارساء دعائم الخير! فالانسان السوداني عبر العصور وفق قراءات التاريخ كان انسانا خلاقا مبدعا ساهم في ارساء معالم الحضارة البشرية عبر ممالكنا السودانية القديمة في مروي ونبتة في الصناعة والزراعة والفنون وقيم الجمال وما تلاها من وقائع تاريخية وطنية عبر ممالكنا المسيحية والاسلامية وثوراتنا التحررية ضد المحتل الاجنبي وضد المحتل المحلي حيث ظل الانسان السوداني صاحب عطاء ووفاء لهذه الارض ولاهله منفعلا بقضاياهم محاربا الظلم الاستعماري وايضا الظلم المحلي..وقد مد يد العون للاشقاء والجيران ملاذا امنا لهم عند الشدائد والخطوب! اي باختصار كانت حالة التعقل فيه الي وقت قريب حالة ايجابية مسيطرة علي سلوكه واخلاقه وهو يحس بهموم اخوته ومعاناتهم وينفعل لها ويتخذ المواقف لاجلها..حتى لو يكلفه الامر حياته ولذلك استشهد الشهداء وتعذب المناضلون وتشرد الشرفاء بسبب مواقفهم الموجبة والعاقلة وقد وظفوا فيها نعمة العقل خير توظيف لمنفعة انفسهم والاخرين.. وبسببها فضحوا الظلمةوعروهم واقاموا الثورات التي اطاحت بالظالمين واحلوا محلهم مؤسسات وطنية تتوخي العدالة والحرية واقامة التنميات لتطوير حياة الانسان خليفة الله! الي امد قريب كانت تلكم صورة الانسان السوداني الكائن العاقل المنفعل والمتفاعل مع واقعه والسوي في مواقفه وردود افعاله...اما الان فاننا بعد ثمانية عشر عاما من التخريب والتشويه والتغريب المتعمد والمبرمج من 89 وحت الان بفعل هذه العصابة الحاكمة فقد احالت هذا الكائن العاقل سابقا الي كائن معائشي مدجن بسبب حالة الافقار المبرمج وهو كائن لا يقوى علي التفكير السليم وتعقل الاشياء وتقييمها بعقل لانه مستلب يوميا في دوامات البحث عن الارزاق من الصبح حتى المساء حيث يرجع الي فراش النوم لا متسع لديه من الوقت كي يقيم حركة الصباح ولا وقت لديه للاطلاع علي الاخبار او قراءة كتاب او متابعة نشرة اخبارية او علمية ولا وقت لديه لزيارة الاصدقاء لاقامة حوار ومثاقفة يعود بعدها غانما معلومة جديدة تفيده في قراءة الحياة... ولا حتي الاحلام عادت احلاما وردية..بل هي كوابيس تجلبها الهموم ومشاغل الحياة بفواتيرها ومراراتها... وما عاد هنالك فرق بين من تعلم وبين الامي الا بمقدار سعيهما اليومي و( كم في الجيب) فهي الفارقة الوحيدة بين الاثنين وليس المعرفة العلمية والشهادات..فقيمتك صارت بكمية ما تجلب من مال من الصباح حتى المساء.... واحل هذا العقل المجهد والمستلب حرامية ولصوصية فلان فهي قد صارت بقدرة قادر ضربا من ( الفلاح واللحلحة) واماشطارة فلان النزيه والتي ما غنم بها الا الفقر فهي ضرب من الغباء وقلة الحيلة... والنظام يقتل من يشاء وينهب ما يشاء ويعز من يشاء بغير حساب والناس العاقلة تقبله قدرا مسطورا ومن يقاتله فكانما يكفر باقدار الله فاتباع الحاكم المسلم ولو ظالم فهو من طاعة الله! هل بعد ذلك نحن عاقلون وكائنات من ذات العقل....ام كائنات عاقلة مع وقف التنفيذ!؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
هشام هباني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست