مواضيع توثقية متميزة

خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 07:18 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-20-2006, 10:17 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله

    بورخيس في ذكرى رحيله 1899- 1986


    مقدمة المقدمة


    بورخيس وأنا *: -

    تأخرت هذه الاحتفالية ،البسيطة ، الساعية إلى إحياء ذكرى الكاتب الأرجنتيني خوركي لويس بورخيس في يوم رحيله منذ عشرين عام بالضبط . إذ توفى الكاتب في يوم 14 يونيو 1986 في مدينة جنيف التي قضى فيها ردح من طفولته ومن شبابه ، وقد دفن فيها نزولاً عند رغبته.
    كان من المخطط أن تجتمع في هذه الحلقة الصغيرة عن بورخيس خيوط كثيرة تعرض بعضها للفقدان أو للنسيان وفي مرات لقوى بائسة ولخذلانات لا سبب يجمعها إلى هذا الفنار الشاهق في محيط الكتابة( بورخيس ) إلا كون من يمشي ويتعثر وينهض ليلمح أنواره هو نحن . أرجو ألا تؤخذ هذه العبارات على أنها شاعرية مفرطة لان ذلك يحدث فعلا في حياتنا البخيلة . سأروي لكم شيء عن ذلك وأحاول توضيح لمن يعود الضمير الحزين في الجملة السابقة :

    " تعرفون شبشة ، معظمك يعرفه بالطبع . طيب ... نشأت صداقتنا تقريباً تحت احد أقمار بورخيس المتعددة ، لم نكن في حاجة لأكثر من تلك الطاولة البلاستيك ولعشر دقائق من اللف والدوران حول الموضوع لتنفجر تلك الصرخة المحببة : لا حولاااا ! أنت إذن من القبيلة نفسها ! وأين كنت ياخ طول هذا الوقت ؟ هل قرأت الألف ؟ بي ياتو ترجمة ؟ هل قريتي الحوار داك ؟ واعتقد أننا قمنا بتبادل رواية قصص كاتبنا المفضل على أسماع بعضنا البعض و التي كنا طبعا قد قرأناها من قبل . ومثلما يحدث عند الخروج من فيلم جميل ( الخروج هنا مجازي ؛ في الخرطوم لا نقوم أبداً بهذا الفعل الحضري الذي يستلزم وجود شيء اسمه السينما ) يبدأ الناس في استعادة لقطة ، حركة او زاوية تصوير فنانة في ميل بريء للتشبث بالسعادة ثم لرؤية الفلم مرة أخرى بعيون الآخرين .
    المهم ؛ حكينا تلك الأشياء واستعدنا الكثير من الصور وصح ّ لأي مراقب دوليّ أن يسمينا " نوبة " بورخيس . ثم اقترح شبشة أن انضم إليه في تجهيز ملف عن بورخيس يعكف عليه هو منذ وقت . يعني فكرة هذه الاحتفالية يا جماعة ومن الأول ليست لي ولكنني تحمست ساعتها . مر شهران ؟ أكثر ؟ كنا نلتقي في المركز الألماني ونعطي الموضوع ربع دقيقة لأنني أكون في حالة مغادرة مستمرة ولكن كنت أرى أن شبشة يبذل جهده بينما اكتفي انا بالتشكي من حياتي . سأختصر القصة تفادياً للشعور بالملل ولكن يجب علىّ أن اعترف بسرعة أن روح بورخيس تتقمصني الآن واشعر بتعدي فادح على شخصيتي في الكتابة . وبالنسبة للقصة فما حدث هو أن هنالك مجموعة من الأشياء ضاعت :
    • الملف نفسه ! كل المادة التي عكف عليها صديقي العزيز شبشة والتي من المفروض ان تشكل العمود الفقري للاحتفالية.... ُفـقـدت !
    • مجموعة الألف لبورخيس والتي كنت اعتقد جازمة أنها بحوزتي ( هذا اعتذار شخصي لعفيفي).
    • الفلاش ديسك الذي حفظت فيه مقال واستكتاب مزعوم كنت جهزته منذ فترة طويلة .
    • إجازتي المرضية التي قضيتها جالسة في بنبر عليه مخدة بمبية إلى كمبيوتر مسودن أترجم حوار مرهق مع بورخيس واكتب أشياء متفرقة واطبع قصصه من الكتب التي بحوزتي واعتبر ذلك كله نوع من العقاب .
    • صبري على هذه الترهات .
    • صبر أبي عليّ : أعود متأخرة من محل النت وينتهي الأمر بعتاب نبرته تعلو بعد التاسعة والنصف و تهدر بعد العاشرة وما يلي ذلك بدقيقة هو ليس عتابا من أي نوع .






    * بورخيس وانا اسم قصة لبورخيس سيتم ادراجها لاحقاً
                  

06-20-2006, 10:20 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    الوردة والعندليب :-

    لكن كيف أتجاهل المتعة التي حفتني طوال هذا الوقت ؟ إنها تجربة حقيقية بالنسبة لي وهذا ليس كلاماً مجانياً . لقد أحطت نفسي ببورخيس بإحكام لم أكن أبداً سأنجح في الحصول عليه لو تقصدته ، لكن للمرة الأولى فان الأشياء تبدو واضحة وجلية بالنسبة لي . انا مفتونة بهذا الكاتب لجملة أسباب تتولد بشكل متأصل وحفي وجميل جداً . وفي حالتي فان قضاء ساعات تحت وطأة إشارة واحدة عزت على الترجمة هو نوع من العذاب الفاتن . كما أنني اكتشفت انه ما زال بوسعي التألم بسبب صورة شعرية كنت قد قرأتها مراراً ، ما زال بوسعي أن أكون على حافة البكاء بسبب قصة " انجيل مرقس " . قضيت ليلة جنونية رفقة ثلاثة من كتبك يا بورخيسي العزيز وكنت أتنقل ما بينها كأنني أتطهر من نسياني لك على ذلك النحو القاسي . لقد تحدثت اليك كما تحدثت أنت إلى ديليا ايلينا سان ماركو في غيابها الأبدي ّ ، كنت موقنة من انك ستسمع تلك الخطرفات إذا كنت أنت بورخيس فعلاً وإذا كنت انا فعلاً تلك الشظية . شرحت لك أنني سعيدة بهذه الحفلة المغمورة المهملة التي لا تضم إلا روحين ورماد جسد كان لك ذات يوم و هذه الكتلة المتشعثة التي هي حواسي . لكن كتبك في سريري وحولي ما يكفي من أساطيرك ورأسي تدور فعلا ً . أفكر في محي الدين بن العربي وهو يحترق ، وحيداً ، في ذهنك المعقد . شرحت لك أنني سعيدة بي إذ لم يسبق لي أن احتفلت بشخص على هذا النحو ، ابداً ، وبصراحة فان ذلك يفرحني ويمدني بالإيمان . إنني أحب حياتي إذاَ وهي شديدة الوطأة ، وحتى لو أضحك هذا التصريح المتعجل المحرر الثقافي لجريدة الأضواء فإنني لا اشعر برغبة في إخفاء ما انا فيه من استثارة . يا له من سودان فاجع ! لكن إذا كان بوسع بنت أن تشهق الفضة ، في ليل الخرطوم ، تحت سماء محمرة بسبب أمطار تهطل دائماً في محلية اخرى ، اذا كان بوسعها أن ترمي بخرقة النوم في شماعة عليلة وتنكفىء على شموع أوقدها كاتب يرطن قصيدته بالأسباني في بوينس آيرس عام 1960 . اذا كان من الممكن ،في هذا العالم الخائف الضلّيل المهيب الجالس كله الآن إلى كأس العالم ( يا لها من قعدة ) أن أكون حرة لدرجة أن أفكر لدقائق طويلة في كلمة " عندليب " ؛ يا الهي ! عندليب ؟ عندليب ؟ عندليب ؟ واذا كان رجع هذه الكلمة قد أجلس بورخيس الى قصيدة وأصابني بشجن غائم ألا يعني ذلك أن هذه الليلة ،ربما ، هي ليلة ليالي العنادل في كل قصائد العالم ؟ ....ربما لا ! لكن لكم يروقني أن انتظم في عقدها لو كانت هنالك رابطة او جمعية من ذلك النوع . لا بد أن الحياة فعلا خارقة ! إنها جميلة وعجيبة وتنطوي على أسرار صغيرة ماحقة . للحق لم أكن على هذه الدرجة من التأكد ولا الشفافية حين أوردت العبارة نفسها في مقال ينضح بالحب ويتورط في تبجيل شخص كان يرعبه التصوير الفوتوغرافي .

    لكنني الآن أرى بوضوح : لقد تعرضت لتشويش كبير ألحق الأذى بحساسيتي . أصبحت ثرثارة وكثيرة التشكي ، لم اعد اغـّني في "تجريب " ولا حتى بيني وبين نفسي . ضاع مني شيء يشبه صوتي ، تلعثمت في شوراع الحياة وأدركت حظي من الفشل في الخروج بأية حكمة من السير المنضبط او المتعرج فيها . اختبرت الصلف والأنانية والأهم : الأكاذيب المعمولة بروقان بال والتي تندرج أيضا تحت مسمى الصغائر او الكبائر انما الإنسانية بالأخير مهما كان حجمها . اختبرت الصداقة الجميلة الأنيقة التي ترحمن الوجدان وتغسل العنت. اختبرت جسارتي على فقدان صوتي من اجل معجزة أجمل ، يمامة يمكن لشاعرة أن تحملها وتحممها وتسرحها في عتمة الأمومة الغير مسموح لأي رجل ،مهما كان ، أن يتحقق من جروحها وأعنابها . اختبرت القيامة وتفاحة الصفح ووردة الكرامة و تهيب الذهاب إلى الجسد في الضعضعة و التحدث إليه من أمام حجاب أن ْ حي ّ على الحياة .



    هل انا ُمضيـــــَّعة
    استعادتها وردة رجل أعمى في قصيدة
    - يا الهي -
    مترجمة ؟

    (عدل بواسطة نجلاء التوم on 06-23-2006, 06:29 AM)

                  

06-20-2006, 10:26 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    الخطة الاسعافية :

    لقد تجاسرت على غبار يونيو وعلى مللي وقلة حيلتي وترجمت محاورة مع بورخيس ستجد طريقها إليكم إما هنا او في سودانات لو قبل شامو ق باستضافتها عنده . وهناك المقال المشار إليه أعلاه والذي لم أرِد فيه سوى إعطاء نفسي فرصة للتأمل بصوت عال في عوالم بورخيس العجائبية . ستكون هناك أيضا مقدمة تقريرية لزوم التعريف بالكاتب بطريقة مباشرة وواقعية أكثر واشك في أنني سأنجح في كتابة أي شيء تقريري او واقعي عن بورخيس غير أنني سأحاول جهدي . قصة "الدخيلة" جاهزة وسأدرجها هنا فورا وبعض القصائد فيما سأقوم ليلاً بطباعة قصة " انجيل مرقس " ، من أجلكم وحتى تتعذبوا قليلاً ، وكلاهما من مجموعة " تقرير برودي " ترجمته عراقية اسمها نهاد حايك . هناك مقال مصدره الانترنت عن بورخيس والترجمة وسأدرج مقدمة كتاب " الصانع " ترجمة سعيد الغامدي ومقتطفات متفرقة . ما بقي هو ذلك الاستكتاب المسكين وسأدرجه أيضا وأرجو أن تتعطفوا عليه ببعض الاهتمام لأنني مؤمنة بوجود الكثير من القصص عندما يتعلق الأمر بقراءة بورخيس للمرة الأولى .
    بقي شيء واحد شديد الأهمية : انتم .
    أتعشم أن يطال هذا التخريب الجميل البورد بكل الحبابيب الفيهو ولذلك فإنني أنوه انو انا يد واحدة ولا أعدكم بتصفيق طويل . أمدوني بما لديكم عن بورخيس وليكلف الأعضاء المنتمين إلى حزب عادل عثمان السري ّ جواسيسهم للعثور على كل الصور والأخبار والترجمات والقصص والأشعار والتعليقات الموجزة والمطنبة وأخبار الجوائز وأسبقية النشر و الشمارات ويا حبذا التناص والسرقة الأدبية والتعديات ومغارز وفتن مشاطات الواقعية السحرية إن وجدن . أمطرونا بالمقالات النقدية وبعظمة الكتاب الذين أحبوه والذين كرهوه وما إذا كان ثمة شارع باسمه في تشيلي او في لندن او أي نصب تذكاري او طابع بريد او كرسي جلس عليه في قاعة المحاضرات . اجلبوا لنا الكثير من النمور الآسيوية ودعونا نتأمل فربما نرى ما رآه الرجل . أغرقونا في الأصفر يا جماعة ! وسيكون جميلاً لو عثر أحدكم على النصوص المترجمة إلى الإنجليزية والتي عكف عليها بورخيس نفسه مع دي جيوفاني . هل لدينا بورداب في بوينس آيرس وفي جنيف ؟ هل يمكن أن تضعوا ، بالنيابة عن الجميع ، الزهور الصفراء على قبره وتطلعونا على الصور : هنا يرقد خوركي لويس بورخيس . اسمك الثلاثي مرة أخرى ؛ توقيعك الأخير على مدخل نهر من بلور النسيان واظنه مكتوباً على هذا النحو أيضاً : خ .ل. ب.
    ليشملك الرب برحمته .

    اطلب إليكم راجية كرمكم الذي اعرف أن تتولوا العناية بهذا البوست لأنه ملككم ولأنني لا اشعر أبدا أن لي فيه أكثر مما لبهنس وعبد الغني وميسون وعجب الفيا والعزيز الحسن بكري وقرمبوز و أسامة الخواض . اطلب من كل من له قدر قلامة (قصر ) من المحبة لبورخيس أو قدرها من الفضول لمعرفته أن يتعامل مع هذا البوست وكأنه بيته . ربما أغيب لفترة ، ربما لا يتسنى لي متابعته بشكل يومي . ربما احرد من الزرزرة كلو يوم وأعلن الاعتصام او المقاطعة وفي هذه الحالة يمكن لأية بوردابية أمها بت اعم أبوها أن تتولى أمر هذه التركة. حلال عليكم يا عماد عبد الله ويا تماضر ويا محمد سبيل وياايزلبيلا ويا محسن خالد ويا عاصم الحزين وفاضلا بي ويا جندرية الهنا والسرور ويا سالي بنت خطاب حسن احمد ويا عثمان بشرى ويا يحي فضل الله ويا كاتبات وكتاب الرواية والنص المفتوح والسيرة و التداعيات والقصة القصيرة والطويلة وعموم أهل السرد
    الوصاة بالمهلة .
    محبتي
    نجلاء
    فجر نبيل وظهيرة عادية من يوم 17 يونيو 2006
                  

06-20-2006, 10:32 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    من هو بورخيس ؟



    (انا محض حالم ثم كاتب و اهنأ لحظاتي هي تلك التي أكون فيها قارئا فقط )
    خ .ل.ب

    هذا السؤال البسيط ، والمشروع ، شكل تحدياً لشعب من النقاد والكتـّاب والصحافيين من معاصري بورخيس ومن الأجيال التي تلت ذلك . إن وجه الصعوبة في إعطاء إجابة واحدة هو ورطة أن تكون " واحدة " ، بمعنى آخر : إن تلك الصعوبة عائدة ليس فقط إلى ثراء وتمشكل شخصية الكاتب وأعماله وإنما لأنه أيضا كان مولعاً بالتعدد وبالانعكاسات وبالظلال وبالتفرعات وأيضا بتحويل كل شيء ، ما وسعه ذلك ، إلى وجود متعدد في المكان والزمان ، أو على الأقل إلى شيء ليس " واحداً " بالمرة ، شيء قابل ، في كل أوان ، لقراءات لا منتهية . بالنسبة إلى قارىء نافد الصبر فان الإجابة التي تلخص القصة برمتها ربما تكون مقنعة جداً وشافية : انه كاتب عظيم – يقدم نفسه على أنه قارىء جيد - كتب الشعر وعالج القصة وترجم إلى الأسبانية وعنها كتاب على درجة من الأهمية ، انه من الأرجنتين وكان يحبها على ما يبدو ، وقد توفي من عشرين عام في سويسرا وكان قد فقد بصره قبل ذلك بكثير.
    لكن هذا الموجز مضلل للغاية لأنه يحاول أن يتناول بطريقة مبسطة كاتباً كرّس حياته لقراءة الكون المعقد محاولاً العثور على تلك الشفرة التي كانت بطريقة ما موجودة في كل عنصر وفي كل حرف من كتاب الوجود الكبير .

    نشأته ومصادره :

    ولد بورخيس في بوينس آيرس في 1899 ، العام الأخير من القرن التاسع عشر، لأم أرجنتينية وأب متحدر من أصول إنجليزية . ستلعب هذه السلالة البعيدة ، الأسلاف السكسونيين ، كما يسميهم بورخيس ، دوراً لافتاً في تشكيل عالم بورخيس الطفو لي ّ ومن ثم عالمه الإبداعي . عاش بورخيس جزء من طفولته في بوينس آيرس التي لم يكن قادر على إخفاء عشقه لها والذي عنون به مجموعته الشعرية الأولى " وله بوينس آيرس " التي صدرت عام 1923 عقب عودة الشاب من جولة في أوربا بدأت عام 1914 برفقة والده وامتدت إلى 1921 تنقل فيها بين أسبانيا وسويسرا حيث تلقى دراسته الثانوية هناك . في أسبانيا خط َ بورخيس أولى أبيات شعره عام 1919 وتوجت هذه الولادة بصدور أول مجموعة له في مسقط رأسه بعدها بأربع سنوات .

    " وزعت في العمق

    أوراق اللعب القاتمة الألون

    وأحسست بوينس ايريس

    هذه المدينة التي اودعت فيها ماضي ّ

    هي مستقبلي وحاضري

    السنوات التي عشتها في أوروبا وهمية

    لقد كنت دائما (وساكون) في بوينوس ايريس ". *1


    أصول بورخيس الإنجليزية ومكتبة والده شديدة الغنى مثلتا البوابة السرية التي تسلل عبرها ذلك الصبي الشغوف بالقراءة إلى أجواء حددت نهائيا مصير المترجم اليافع الذي كانت ترجماته الأولى تنشر في الصحف على أساس أنها لوالده . الأسبانية هي لغة بورخيس الأم من أمه ، لكن الإنجليزية هي أيضا وبطريقة ما لغته "الأب" . لقد تربى بورخيس منذ نعومة أظفاره على التحدث بلغتين واتيح له تعلم لغات أخرى والدراسة بها في صباه الأول حتى أن الترجمة كانت بالنسبة إليه شيئا طبيعياً ودارجاً للغاية. هذه البناء اللغوي المتراكب كان له أثره اللاحق في التكوين الوجداني والفكري لبورخيس . وفي نظري فان الكثير من أعمال بورخيس يستحيل إلالمام بحدودها الدنيا دون اصطحاب بعض الأفكار عن تأمله وولعه باللغات .

    معرفته باللغات عززت قابلية ذهنه المتوثب لقراءة العالم بطريقة متحللة من القطعيات واليقينيات ، ووافقت ميله للبحث في أصول المفردات وعشق لافت للمخطوطات وجـَـلـَـد في الدراسة للتعرف إلى الإنجليزية والجيرمانية القديمتين . إن أجواء بورخيس الميتافيزيقية التاريخية شديدة الارتباط بمداركه اللغوية وهو يتوسل في بناء حبكته أشياء تقع في هذه الدائرة فالكثير من قصصه تساق إلى القارىء على أنها ما ترتب على العثور على مخطوط ضائع او ما حدث - أو ما كان من الممكن أن يحدث - بسبب اكتشاف ترجمة بديلة وممكنة لمفردة في رواية مثلا ً .

    في غير مكان وحين يواجه بورخيس بالسؤال عن مصادره فانه يعطي إجابات شتى بحكم سعة قراءاته في الفلسفة والتاريخ والأدب واللاهوت والعقائد واللغويات ، انما لا بد أن تحوى إجابته إشارة إلى الشعر الإنجليزي و إلى كافكا . وبقراءة لديوان واحد من دواوينه او لمجموعة قصصية يظهر لنا أن بورخيس مفتون بالتراث الإغريقي ولا يتوانى عن تمثل أساطيره على طريقته الخاصة. إلى جانب ذلك فان التوهان الصوفي واحتفال بورخيس برموز الصوفية في الشرق والغرب هي وجهة ظاهرة أيضا ً ولا يمكن إغفالها لديه . لقد عاش بورخيس في الماضي أكثر مما عاش في حاضره ولعله ليس من الغريب أن يعتبر بورخيس نفسه كاتباً ينتمي بالأساس إلى القرن التاسع عشر فهو العصر الذي قدم له كتاب من أمثال روبرت برواننغ (1812-1889 ) اميرسون (1803 – 1822) والت ويتمان ( 1819-1892) وكتاب كثر آخرين لم ينعتق بورخيس من محبتهم حتى بعد ان فبرك لهم حياة جديدة في قصصه وفي أشعاره .
                  

06-20-2006, 10:56 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    ثيمات بورخيسية :

    إننا نشارف نهر بورخيس ؛ وسيأخذنا تياره المعتدل تارة والمهتاج تارة الى التعرف على ما يقع على الضفاف وما تطويه الأعماق وما يحمله النهر معنا . وهذه الرحلة التي يقوم بها كل قارىء منفرداً يستحيل العودة منها بنفس الخريطة ولا بنفس الأوصاف ويعتمد ذلك على القارىء وعلى بورخيس وعلى النهر .

    سيكون على القاريء أن يتزود بكل ما يصادفه في رحلة قراءة بورخيس ، وسيكتشف بعد زمن يقصر او يطول أن معظم ما كان "يصادفه " لم يكن صدفةً ابدا. هذه ثيمة دارجة في أعمال بورخيس والشيء الذي قد يجعل منها صورة صادمة هي قدرة بورخيس على المفاجأة في كل مرة . ان تعلق بورخيس بأفكاره وبتوليدها وبتمثلها في حياته تمثل بحق احد الركائز التي يبحث عنها العالم قبل ان يطلق لقب كاتب عظيم على أي من كتابه . ان بورخيس شخص غير متأكد من أي شيء وهذه السمة ستصادف قارئه في القصة وفي القصيدة وفي الحوار وفي المحاضرة الجامعية وفي إهداء كتاب لصديق راحل وفي التعليقات على أشياء متفرقة وفي التراجم . انه يستقي حياته من أدبه ويبرر وجوده بإبداعه وليس العكس . عندما سئل بورخيس عن ان كل كتاباته تقع فيما وراء الشعور بالإثم مقارنة مع كتابات كافكا المحتلة بالكامل بهذا الشعور أجاب بورخيس انه لا يستطيع ان يحمل شعورا من هذا النوع لأنه لا يؤمن بحرية الإرادة ، يقول إن الأشياء تحدث عبرنا ، إنها تحدث ! وبالتأمل في ذلك تحت ضوء ان الكون بأكمله قد يكون حلم ممتد لأحد الآلهة او حتى مجرد وهم وان القتل والاحياء فعلان سحريان سنكتشف أن الإجابة على السؤال في الحوار هي مجرد شرح لما كان بورخيس قد وضعه مسبقاً في قصة " معضلة" في مجموعة "الصانع " .
    يقول بورخيس ان هنالك مجموعة محدودة من الاستعارات " الجوهرية " وما عداها " الاستعارات الوهمية " ليست إلا تولدات عنها . وهاهو يحصرها في التالي : الزمن والنهر ،الحياة والأحلام ، الموت والنوم ، النجوم والعيون ، الزهور والنساء . لكن بورخيس صنع استعاراته الخاصة ووهب الأدب المزيد من " الأوهام " لنرَ : الكون والمكتبة ، الزمن والمتاهة ، الكشف والعدم ، العمى والذهب . الزمن والأبدية ، إنها ألعاب بورخيس المفضلة كما ذكر هو نفسه في قصة " بورخيس وانا" و بينهما يتحرك بورخيس بحرية لا يضاهيها إلا النسيان ؛ بلور الفناء الصافي الذي تمناه بورخيس موتاً له.
    واذا كان ثمة كلمة سحرية واحدة لفتح هذه المغارة فانها وبالنسبة لي على الاقل : الزمن . لقد نجح بورخيس في نسج مفهوم متكامل عن الزمن يقوم على محو ما يعتقده بورخيس الحدود الوهمية والفواصل التي تجعل منه ماضي وحاضر ومستقبل . يتجول بورخيس في الأزمان ويفكك البوابات في هدؤ رسالي . انه يؤكد ان الماضي لا يقع أبدا إلى الوراء و يمكن أن نقرأ ما يقع الآن او غداً على انها اشياء منفصلة لكنها ليست بالكامل خارج سلطانه . في قصيدة أقرب لشذرة صغيرة يفسر بورخيس وقوع "قيصر" تحت خنجر الخيانة ونطقه بتلك الجملة المبلبلة " حتى انت يا بروتوس" يفسر هذا الحدث التاريخي على انه كان ضروريا ً ليتمكن مزارعا اميريكا في القرن العشرين من تكرار الجملة عندما شارك ابنه في قتله ليقع الرجل متسائلا حتى انت يا بني ! وبالمثل فان ماكبث الحقيقي في "التاريخ " لم يقتل مليكه الا ليهب شكسبير حبكة جيده لمأساته .
    يقدس بورخيس الحياة ويقدس الموت لأنه جزء من نظام الحياة ويعشق الورود التي حرمه العمى من التملي فيها ويتحسر على الذهب الأشقر لشعر حبيبة لن يكون بوسعه ان يراه . يفكر هذا الاعمى في مقابض الابواب في مدن اندثرت منذ مئات السنين ويحلم بالمخلوقات معتبرا ان وجوده الشخصي ليس اكثر اهمية من نملة صغيرة خلقت لتملأ مكانا معينا في الحياة .
    إننا نقف في العراء اذاًً ! عراء الأبدية؛ ونتشارك مصائرنا مع النمل والأفيال والحروف والأبجديات وأسلاف كل المخلوقات من بشر وانهار وحصى وظلال وليل ونهارات وأنفاس ومرايات وحراشف وانبياء وكتب ومعادن ويرقات ؛ معرضين باستمرار ل "مواضينا" الكثيرة التي ليست هي الطرق التي قطعناها وانما ايضا الطرق التي كان من الممكن ان نقطعها ووجودنا، الناقص فيها الى الأبد.
                  

06-20-2006, 10:49 AM

الفاتح وديدي
<aالفاتح وديدي
تاريخ التسجيل: 04-11-2005
مجموع المشاركات: 614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)
                  

06-20-2006, 12:07 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    نجلاء
    تعالى فى الاول نقتل بورخيس ونجعل له قبرآ..
                  

06-20-2006, 01:06 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    الأخت الكريمة
    نجلاء

    بوست جميل,
    هادف,
    ممتع,
    و مفيد

    لكى منى خالص الشكر
    و سأكون من المتابعين

    رجاءا,
    الا تتوقفى

    ودى
    غادة
                  

06-20-2006, 01:30 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    وديدي
    شكراً على الحزن
    وشكراً لأوجاع بهنس وشبشة وهوايل عادل عثمان


    عادل : بركة الجيت
    انا مغرودة فيك
    في حتة في الحوار عايزة اطمئن على سلامتها
    ده الميل الجديد بتاعي
    كان عندك باقي حيل اكتب لي عشان ارسل ليك المحاورة
    عندي شعور انها ستروقك
    [email protected]
                  

06-20-2006, 01:32 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    العزيزة غادة
    تسلمي وهمتك باينة وصبرك على المزالق
    البوست ده حيكون جميل
    عشان معمول بمحبة
    وعشان انتو فيهو
    تعالي طوالي واكتبي هنا
    ما بدا لك
    محبة وامتنان
                  

06-20-2006, 06:54 PM

محمد بهنس

تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    انا كاتب شاب,اسمي وليم شكسبير,لكنني انتحل اسم خورخي لويس بورخيس,حتى اذا ما الناشرين لم يصدقوا اني شكسبير, فعلي ببورخس اذا.
    لكنك مختلف يااستاذي .
    انا اريدك ان تنشر لي رواية,رواية اسمها"الموردة تسعه وربع",كنت قد كتبتها في الدمازين,ثم نسيتها في سنار,عثر عليها رسام مجنون,نسيتها في اخر محطة,ثم ما لبث ان عثر علي,وكان قد قراها ووضعني في راسه,ووجدني,كان شرسا مع نفسه بالمقام الاول,ثم الاخرين من بعد,لكنني دهشت انه كان في حال اكثر جنونا من طبيعته,لانه ابتسم بلطف, وقال لي بصوت حان,فيما هو يمد روزنامة اوراق ملفوفة بكيس جيلاني,اختلطت فيه روائح غير حميدة قائلا:
    "اتفضل يااستاذ,رواية جميلة,تحيه لوردي والجاغريو,ات قابلت ليلى المغربي زمان?".
    زول خيالو اخضر مطرطش باخدر زرعي.
    فيهاايه لو زار مخرج برازيلي جوبا معاهو كاست لتصوير فيلم اسمه"الموردة تسعة وربع"?
    انا مندهش لهذا التطابق المدهش في العنوان.
    اما في الخرطوم,كانت امطار88 قد اجتثت معالم الحبر في خطي الغير متزن,وسريع مثل روشته مزورة بغير اتقان.
    كان ذلك في سنة 94.
    اما في العام76 ,فانا لم اولد بعد,لكنني كنت مشهورا في بيونس ايرس,الستينات
    سنوات المعجزات,مئة عام من العزلة,موسم الهجرة الى الشمال,اولاد حارتنا,بيت الجميلات النائمات,كان كان العوام الذي مات مرتين,اريدك ان تنشر لي ياسيدي,انافقير,كنت فقيرا جدا,ثم بعدها اصبحت فقيرا جدا جدا.
    نورا اختي رسامة,كانت مصممة دار نشري في بيونس ايرس,ذات صباح,دخل علي شاب يحمل مخطوطة رواية, اسمها يحمل نكهة ذكية,لست اذكره الان,وكنت قد قلت له ما يفيد ان مر علي بعد سبعه ايام,او اسبوع,لست اذكر تحديدا,تخيل شاب كاتب يذهب لناشر يدعى"بورخس",هاتفته صباح اليوم التالي مباشرة قائلا:
    "مخطوطتك بالمطبعه,ونورا اختي صممت الغلاف خلاص".
    ليت كل الناشرين كانوا بورخس يااستاذ.
    فداحة ان تكون بورخس.
    انا سمعت عن كتاب مجانين فقدوا المحنة,عاشوا مهمشين,في زقاقات دبلن تقيئ جيمس جويس,تحت هذه الشجرة بال وليم فولكنر وقافي,من هذه النافذة تسلل ياسوناري كاواباتا الى غرفة تلميذته 'التين ايجراويه',ونام معها مثل فرس بحر يحتضن غزالة بكر,على هذه الغرفة كان دايستوفسكي يشعر بصداع مزمن,في هذا المقعد جلس لوتر يامون والرياضيات اللامرئية كبست راسه فكتب"اناشيد مالدورور".
    انا لست شريرا,لكني اكتب عن صراعات الاشرار,او كتاب سحري تستطيع قراءته من اي صفحة,من اي سطر.
    لا اعرف شيئا عن الادب الارجنتيني المعاصر,لانه منذ فترة,معاصري هم الاغريق.
    انا مش موجود ,اذن انا افكر.
    ليس خطاي ان كان الصحفي قد ترك مناحي الحوار الواسعة,ليسالني عن العصا التي احملها في يدي,فقد انصت بعدها لساعتين عن تاريخ الصين.
    هكذا انا ياسيدي,اغير رايي بسرعة,انا ممرض بمركز صحي شارع واحد اسمي عيدالروس ,شاعر مصري.
    انت راجل مش كويس,او ناشر مش كويس,جشع,تاجر هبتلي يرتدي عراقي ناشر مقدود,دمك بارد ذي نخرة الكلب!
    يلا فرتق بلاش بورخيس معاك!
    بورخيس?
    ..مافي زول اسمو بورخيس.هذا رجل عاش في الكتب.
                  

06-21-2006, 05:44 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: محمد بهنس)

    here we go
    Baahns
    am here for you
    but no Arabic available
    and am not feeling like writing to you in English
    you have enough of Latin symbols in your life
    no ...? will be back
    soon
                  

06-21-2006, 06:06 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    من زمن قديم، قبل أن يفكر الإله في خلق الزمان والمكان، كانت يد أمي اليسرى هي مخدتي - خلق الله أمي قبل مملكة الليل والنهار، لذا هي لا تموت أبدا، وإن كان لا بد أن تدفن، فلتدفن كالشهب، في أديم السماء، كنت حينها أقرأ لبورخيس، قبل أن يتكلم المسيح من مهده بلحظات، أي أنا الأول، ولكن لم اؤسس ديانة، أنى كانت، كي أترك نرد الزمن يجسد رغبته، وفوضاه...

    لم بورخيس يا نجلاء، كي نحاكي موسى أبوقصة (1)، أم أم نصحو من يقظتنا الكاذبة، ونجد أنفسنا (فراشات)، لم تغادر الجنة طرفة عين، ولكن كابوس (الحياة الدنيا)، شغلها عن التحليق أمام عتبة الرب...

    تدخل النص، كمعبد، يهمين عليك، أكثر من الجاذبية الأرضية، يتلاعب، أسد بأرنب، بثالوث الزمان، (يأتي المستقبل أولا، ثم الحاضر، ويكون الماضي (ماثلا كالحاضر)، كأن تخرج سحابة من الأرض، أو تزعجك صرخات القرامطة القديمة، في شوارع بغداد، من سماع (قاسي قلبك علي لي)، فالأثير لا ينسى شئ، (وهذا الوجود صدى الإطلاق)....

    لم يا نجلاء، كتاب التجليات لأبني عربي، رأيت فيه خوض في السيرة الذاتية لبورخيس، ومانديلا، ونجلاء، قال عنكم (تصريف الأقلام، تقوم به لجنة هي: ثم رتل (القمر والشمس وزحل)، وهي اسمائكم الحقيقية...

    ااااااااااااه، تجن لحظات فرحي به، كم ترك اثر، لا يمحى، كالذاكرة، في القلب... ووجدك ضالا فهدى، سمعها قبل أعظم الصحابة، ضالا ضالا، يحقر الحواس، كجوغان (الفن الإغريقي هو الغلطة الكبرى، حين جعل التجسيد مبتغاه)، التجريد هو الأصل، كي تخرج الغابة من قفص التوحش..
                  

06-23-2006, 08:29 AM

عباس حسن احمد

تاريخ التسجيل: 06-21-2006
مجموع المشاركات: 153

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    كم هو جميل الادب اللاتينى
    بوست جميل ورائع
                  

06-21-2006, 07:26 AM

Awad Omer
<aAwad Omer
تاريخ التسجيل: 12-26-2005
مجموع المشاركات: 760

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    ما هذا الهراء والانفصام...
    مالنا نحن وهذا البورخيس وحكاياه..هذا سقط... هذه أحلام يقظة وسط يأس مطبق..

    بدون ابوية...
    ارجو منك ان تطالعي وتطلعينا علي مايفيد...لا تذهبي بعيدا.... من جنيف
    او خلفك من باريس.. هاتي... بالدسار..
    .ومن افريقيا...ليون
    ومن اسيا...حدايق النور او سمرقند...
                  

06-21-2006, 12:20 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Awad Omer)

    مساء الخير

    الرابط ادناه صلة لما هو جار ٍ هنا من محبات

    http://www.sudanat.com/magazine/

    تحيات طيبات ولي عودة
                  

06-21-2006, 01:25 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    بهنس

    ومن يدري ؟

    قلت عثرت عليه بطرق يعجنها الرب بالقلق ، أبداً ، صادفته مرة مثلما تصادفنا مرة ، ومع غيابه المشكوك به يبدو وكأنه يعني حب شديد من طرف واحد
    واذا كان
    ليست جديدة وهو حالي على كل حال
    لكنه يحضر وهو موثق الى التالي :
    الاستيقاظ في ساعة محددة من اليوم ومنها مباشرة النظر الى بقعة محددة في الحيطة او كراع السرير ومنها الالتفاف على النوم لمدة ست ثواني وبعدها دلدلة رجل وتأخير اخرى عسى ولعل
    ولكن يبدأ اليوم من الأول دائماً وعلى ذلك النحو
    شعور أن هناك من يخاتلك
    وربما هو حلم متكرر
    نوم في اليقظة
    لحظات سهو تسقط فيها التفاصيل في جهنم بيضاء ذاهب لونها
    ويلخطهاالشفع بالصراخ وبالتلف
    موثق الى الاصحاب :
    الى محمد الربيع محمد صالح .
    الى ناجي ومحمد الصادق باسماعيله هذا التاني.
    الى عبد الوهاب ( سمبتيكو)في مكتب بلون المهوقني محفوف للابد برائحة خفيفة معروفة المصدر ومبررة للجميع
    رائحة المجمع الثقافي ابوظبي
    التي لم افهمها ابداً.
    الى بهنس
    بورخيس عوام مارق للربا ولتلاف الهش في صلابته المفبركة
    ومعمولاً من الموهبة القحة السائبة تنهش روحها الى ان تصلصل ويأخذها النبوغ كل مذهب
    وبرقة شديدة موجعة في الغالب .
    الى ملتون
    الأعمى المصفد الى الشعر
    اليه جالساً في مكتبة امدرمان الاهلية على قدر غير قليل من المحنة والبلبلة
    الى كل تلك الحرائق في أول وآخر القصيدة
    الى القانون
    والمشي الدقيق لكوكب مبصر وسط مجرات عمياء محضهاالخالق
    أنوارا وأسرارا ومجرات
    هذ وجهة ناقصة الي ّ
    لم اكتب ما كنت انوي فعلا كتابته
    ولذا سأعود واحاول
    من الاول
                  

06-21-2006, 01:50 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    عبد الغني يا صديقي الجميل
    لن اذهب بعيداً
    بالنظر الى هذه الفجوة الصغيرة التي تسقطنا فيها والتي نكون متأكدين من وجهتها مسافة حرفين على الأكثر وبعدها نحن بالكامل طوع خيال شخص بعيد جالس الى نفسه بنصف عين ونصفهاالآخر يعلم الرب وحده ان يجول
    شخص بعيد جداً
    لم نره منذها
    لم نره بالحقيقة الا مرات معدودات
    وبالحقيقة جد جد: لم نره ؛
    بل شفناه شوف العين البسيط الذي كان كافياً لبناء التلة التي أجلس فوقها الآن واكتب بتردد شديد
    ما هذه العوالم ؟
    ماهذه القسمة والنصيب العجيب ؟
    ما هذه المقدرات والمصادفات والعجائب والقصص والتولدات والمباغتة ونزيف اللغة والخيال لا يلجمه لجام
    وضع ملتبس
    لم تكن ابداً شخصاً ما بالنسبة لي
    من الأول الخفة والنداوة والوهدات والجلوس على الخشب الى عشب ساقط وبنيات يلعبن بحجولهن اللامرئية
    من الاول الكاتب ؛ متفق عليه؛ غير عابىء بذلك وشديد الحفاوة على الرغم
    والذي هو شاب سوداني عادي عائد من خليج وراحت عليه بعض معالم المدينة وتعريفة المواصلات
    والذي يصغي والذي يلقط هكذا
    والذي يبحث وينكش ويذهب ويتنفس البلد تنفس الخائف المذعور
    والذي بسيط ومحبب اللكنة ويوفر عليك السلام عليكم وكيف الاحوال باللاي والصنة التي لا يعرف الواحد كيف يخرج منها الى عنق الزجاجة
    طوالي على الكون والروح والله والانسان المسكين والانسان البديع والانسان المنسي والانسان الراقد في حوشه الآن ويصغي لصوت المقشاشة كش كش كش ..
    من انت ياغبد الغني ؟
                  

06-21-2006, 02:24 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    الأخ عوض
    مساء الخير
    اوافق على ذلك لسبب وحيد هو أن هذا رأي لشخص تكبد مشقة كبيرة في الاطلاع على هذه المادة التي لطبيعتها على قدر غير قليل من التنوع لكونها تخدم أكثر من هدف : الاحتفاء بكاتب عظيم في ذكرى رحيله والذي هو تقليد دارج يحمل مضامين بعضها عاطفي وجلهايقع في مناطق لا ادعي انها أعلى من العاطفة لكنها مختلفة عنها وراسخة أكثر . يوم 14 يونيو المر قبل اسبوع من هسي هو بالضبط توالي عشرون من الاعوام على نفس النهار الذي توقف فيه الوجود الفيزيائي لكاتب ارجنتيني نحبه اسمه الكامل خوركي لويس بورخيس . قلنا مناسبة لاحياء ذكراه، مناسبة لنتعرف الينا من خلاله/ مناسبة لتعريف اكبر عدد من النظارة باسمه وترك المجال لهم بعدها ليتعرفوا عليه بمعرفتهم . التراجم لقصصه متاحة بالاكثر في الخليج المائل الى النهوض ثقافياً وكذا الكتابات عن تجربته وأثره في مسيرة القصة والكتابة المفتوحة . اما لماذا هو وليس آخرين اقترحتهم فذلك عائد لجملة اسباب تقع كلها في مجال حرية الاعضاء في اختيار المواد التي يدرجونها وحرية القارىء في الضغط على الفأرة بقصد الاطلاع عليها او تركها لآخرين ليقوموا بهذه المهمة . لمحت في استهجانك نبرة قلقة من الاحتفاء بالآخر ؛ هذا ما فهمته ، وتجاهل رموز أجدر بالاحتفاء . طيب ، هذه منطقة مطروقة وعلى جانب كبير من الاهمية ولعلها العجلة التي اسبغت على سطورك شىء من الخشونة ولعله الحماس الزائد او الوقوع تحت فكرة ملحاحة تتعلق بالشعور بالاقصاء او التهميش ووجوب فعل شىء لتغيير هذا الوضع البائس . استطيع تفهم ذلك واتمنى ان تجد بالفعل طريقة لانصاف من ترى انهم لم يتم انصافهم وربما يمكنك تحرير مادة او ملف عن كاتب ما وتنورينا وان تشعل شمعة خير من ان تسب الظلام . هذا جانب فقط ولا اريد التوغل أكثر بقصد شرح ما الذي يعنيه كاتب محلي او عالمي او بعيد او قريب او افريقي او آسيوي لسبب من بين جملة اسباب :
    سيرد الكلام على ذلك في سياق آخر ؛ في خاتمة حوار كبير اجري عام 1980 في امريكا ، مع بورخيس طبعاً وعندها ربما ترى وجهة ما تخرج بنا من اكاذيب الجغرافيا ولجاجة التأريخ .
    شكراً على السؤال الحقيقي الذي طرحته هنا
                  

06-22-2006, 03:32 AM

Maysoon Nigoumi

تاريخ التسجيل: 03-04-2004
مجموع المشاركات: 492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    ووب علي يا نجلاء
    أنا شبشة دا ما كلمتو
    أنا ما بعرف بورخييييس
    خلاص أها اعترفت
    يعني وقت يزروك أصلو ما يخلوك
                  

06-23-2006, 06:59 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Maysoon Nigoumi)

    ميسون
    ازيك
    ما احلى هذه البيبوة
    شبشة منو الانتي وريتيهو
    ده زيو وزي بورخيس مشكوك في وجودو وفي غيابو
    المهم
    شوفتك هنا براها بالدنيا وبورخيس ملحوق وكان ماملحوق
    يعني نحنا بس مارقين للربا والتلاف ؟
    عنت في عنت
    الحب عندنا ذاتو يألم
    مشتاقين
    قالو لي اتحررتي من البطاقة الذكية بتاعة ال يو ان
    وتعملين كمدرسة
    بختك
    وشكلي قريب كده حاعمل زيك
    يلا
    وكت اصلو البورة حاصلة حاصلة اخير ننفع شفع السودان وصبياته وصبيته.....
    اولاده بره !!

    محبتي
                  

06-22-2006, 03:59 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)


    بورخيس والزمن!
                  

06-22-2006, 05:06 PM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    الجنوب

    آن أرى النجمات القديمة

    من أحد فناءاتك

    أن أرى من مصطبة الظل

    هذه الأنوار المتناثرة

    التي لم تتعلم غباوتي تسميتها

    ولا تنظيمها في أبراج

    أن أحس دائرة الماء

    في الحوض السري,

    عطر الياسمين والزهر

    صمت عصفور نائم

    قوس الدهليز, الرطوبة

    تلك الأشياء لعلها تكون هي القصيدة

    ---------------------------------------------------

    شارع مجهول

    ظليل حمامة

    سمى العبريون بداية المساء

    عندما لا يعوق الظل الخطوات

    ويتم استشعار مجيء الليل

    مثل موسيقى قديمة ومشتهاة،

    مثل انحدار لطيف ,

    في تلك الساعة التي يكون فيها للضوء

    دقة الرمل

    صادفت شارعا مجهولا،

    ينفتح في اتساع أصيل على شرفة

    تبدي آفاريزها وحيطانها

    ألوانا خفيفة تشبه السماء ذاتها

    التي تثير الأعماق

    كل الأشياء: وطاءة البيوت

    بساطة الدرابزينات ومقرعات الأبواب

    وربما آمال طفلة على الشرفات

    الكل اخترق قلبي الفارغ

    مع شغوف دمعة

    أواه لو تمنح تلك الهنيهة من المساء الفضي

    حنوها للشارع

    فتحوله الى حقيقة تشبه بيت شعر

    منسي ومستعاد

    فقط بعد ذلك فكرت

    أن ذلك الشارع المسائي كان غريبا





    وأن كل بيت هو شمعدان

    تحرق فيه حيوات أناس

    ومثلي شموع معزولة

    وأن كل خطوة متهورة منا

    تسير باتجاه الجلجلة
    ساحة سان مارين

    عبثا مضيت أستنفد الشوارع

    بحثا عن المساء

    الدهاليز كان الظل قد أخمدها

    وعبر التماع خفيف للمنغوليا

    كان المساء قد تحول راكدا بكامله

    الساحة

    أصبح هادئا وناضجا

    منعما ودقيقا مثل مصباح

    ساطعا مثل جبهة

    رصينا مثل حركة رجل في حداد

    كل الأحاسيس تغدو ساكنة

    تحت عفو الأشجار

    - جكر ندات وأقأقيا

    تلاطف تقوساتها الحنونة

    صلابة التمثال المستحيل

    وتطري أشراكها

    مجد الأضواء المتساوية الأبعاد

    للأزرق الخفيف

    وللأرض المحمرة

    ما أجمل مرأى المساء

    من السكون الهين للمصطبات !

    وفي الاسفل

    يحن الميناء الى امتدادات بعيدة

    وتنفتح الساحة الواطئة

    المساوية بين الأرواح

    مثل الموت مثل النوم .
    ------------------------------------------
    التحايل

    أربعون ورقة لعب شغلت حيز

    الحياة

    تميمات مرسومة على الورق المقوى

    تجعلنا ننس مصائرنا


    وخلق باسم

    يمضي مستوطنا الزمن المسلوب

    بالشيطنات البديعة

    لأساطير مدبرة بشكلي بدائي

    على جنبات المائدة

    تتوقف حياة الأخرين

    وفي الداخل هناك بلاد غريبة :

    مغامرات عرض الرهان

    والاستجابة

    سلطة آسر السيوف

    حاكم مطلق مثل دون فحوان

    مانويل

    والسبعة الذهبية ترن أملا

    تمهلي مر

    ينحو الى المماطلة في الكلمات

    التي تتكرر وتتكرر

    مثل بدائل اللعب

    مقامرو هذه الليلة

    يحاكمون الأحاديث القديمة :

    الحدث يبعث قليلا , قليلا جدا

    أجيال الأسلاف

    أولئك الذين خلفوا للزمن بوينس

    ايرس

    نفس الأبيات الشعرية , نفس

    الشيطنات .

    -----------------------------------------------------------------------------
    فناء

    مع المساء

    تعب اللونان أو الألوان الثلاثة

    للفناء

    في هذه الليلة القمر الدائرة المضيئة

    لا تهيمن على فضائها

    الفناء , سماء موجهة

    الفناء هو الانحدار

    الذي عبره تنسكب السماء في

    البيت

    وهادئا

    ينتظر الخلود في متاهة النجوم

    كم هو مفرح أن تحيي في الصداقة

    القاتمة

    لدهليز, لدالية ولحوض.

    -------------------------------------------

    نقش على قبر

    الى جدي الأول العقيد

    اسيدورو سواريس

    بسط شجاعته فوق الانديز

    قاوم جبالا وجيوشا

    الجسارة كانت عادة سيفه

    فرض في سهل "جنين " نهاية معركة موفقة

    ولرماح البيرو منح دما اسبانية

    سجل بطولاته المتعددة

    في نثر صارم يشبه الأبواق

    ذوات الأصوات الجميلة

    اختار شرف المنفى

    هو الآن قليل من رماد ومجد.

    --------------------------------------------
    الوردة

    الوردة

    الوردة خالدة التي لم تغن

    تلك التي هي وزن وأريج

    تلك التي تنتمي للبستان الأسود في الليلة

    المتعالية

    تلك التي تنتمي لأس بستان وأي مساء

    تلك التي تنبعث من الرماد الدقيق

    عبر فن الكيمياء

    وردة الفرس ووردة أريوستو

    تلك التي تكون دائما وحيدة

    تلك التي هي وردة الورود

    الزهرة الأفلاطونية الشابة

    الوردة المحترقة العمياء التي لم تغن

    الوردة البعيدة المنال.
    ------------------------------------------------------------------

    قاعة فارغة

    الأثاث المصنوع من خثسب المغنى

    يخلد سمره المألوف

    وسط حيرة الاستبرق

    الصور الشمسية على ألواح النحاس

    تشي بخدعة قربه الزمنى

    المحتجز في المرآة



    وأمام اختبارنا يتلاشى

    مثل تواريخ عديمة الجدوى

    لأعياد ميلاد مشوشة الملامح

    منذ زمن بعيد

    تبحث عنا أصواته المكروبة

    وهي توجد بالكاد الآن في

    الصباحات

    البدئية لطفولتنا

    ضوء نهار هذا اليوم

    يبج زجاج النافذة

    تجاه شارع الصخب والدوار,

    ويهمل الصوت اللين للأجداد

    ويطفئه .
    ------------------------------------------------------
    نهاية سنة

    لا التفصل الرمزي

    لاستبدال ثلاثة باثنين

    ولا تلك الاستعارة الفاسدة

    التي تستدعي موت برهة وانبثاق

    أخرى

    ولا استكمال النظام الفلكي

    سوف يصيبنا بالذهول

    ويحفر هضبة هذه الليلة

    ولن يجبرنا على انتظار دقات

    الأجراس

    الاثني عشر اللاتعوض

    السبب الحقيقي

    هو الارتياب العام المشوش للغز

    الزمن

    هو الاندهال أمام معجزة أنه

    بالرغم

    من الحظوظ اللامتناهية

    بالرغم من أننا قطرات من نهر

    هيراقليديس

    يستمر في دواخلنا شيء ثابت

    شيء لم يصادف ما كان يبحث

    عنه .
    ----------------------------------------------------------
    ضاحية

    الضاحية انعكاس لسأمنا

    خطواتي أصابها العرج

    لما كانت ستطأ الأفق

    فبقيت بين البيوت

    عمارات موزعة في أشكال مربعة

    مختلفة ومتساوية

    كما لو كانت كلها ذكريات

    رتيبة ومعادة

    لعمارة واحدة

    العشب غير الثابت

    يلطخ أحجارالشارع

    مشيدا آماله في يأس

    وزعت في العمق

    أوراق اللعب القاتمة الألوان

    وأحسست بوينس ايريس

    هذه المدينة التي أبدعت فيها ماضي

    هي مستقبلي وحاضري

    السنوات التي عشتها في أوروبا وهمية

    لقد كنت دائما (وسأكون ) في بوينس

    ايريس
    ---------------------------------------------------------
    العودة

    بعد سنوات المنفى

    عدت الى بيت طفولتي

    ومازالت أجواؤه غريبة عني

    لامست يداي الأشجار

    مثل من يداعب شخصا نائما

    ومشيت في

    الطرقات القديمة

    كما لو كنت استعيد بيت شعر منسيا

    ورأيت مع تبدد المساء

    القمر الجديد الهش

    يدنو من الكنف المعتم

    للنخلة ذات السعف المتعالي

    مثلما العصفور يحتمي بعشه

    أي شرذمة سماوات

    سيحتضنها الفناء بين أسواره ,

    كم غربا باسلا

    سيحارب في عمق الشارع

    وكم قمرا جديدا هشا




    سيبث البستان حنانه

    قبل أن يتعرفني البيت

    ويتحول من جديد الى شيء مألوف!
    -----------------------------------------------------------
    غياب

    على أن أعيد بناء الحياة الفسيحة

    التي ما تزال حتى الآن مرآة لك

    في كل صباح يجب علي أن أعيد تشييدها

    منذ أن هجرتني

    كم من مكان صار مقفرا

    ودون معنى

    مثل الأضواء في عز النهار

    مساءات كانت محرابا لصورتك

    موسيقى كنت تأسرينني دائما

    في أجوائها

    كلمات ذاك الزمان

    التي يجب أن أحطمها بيدي

    في أي منخفضي سوف أخفي روحي

    لكيلا ترى غيابك

    الذي يشبه شمسا رهيبة لا تعرف الغروب

    لمعان حاسم عديم الاشفاق .

    غيابك يلفني

    مثل حبل في الحلق

    مثل البحر للذي يصارع الغرق.

    -----------------------------


    المصدر



    Borges 0bra - Alianza Editorial 1999 Madrid poetica,


    حتى يطلع القراء على بعض قصائده المترجمة الى العربية ..

    ولك التحية يا نجلاء على الجهد والعمل الرفيع....وماضاع سهرك سدى ...سلمت

    (عدل بواسطة Tumadir on 06-22-2006, 05:35 PM)

                  

06-22-2006, 11:19 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Tumadir)
                  

06-23-2006, 04:24 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: osama elkhawad)

    تماضر يا غالية
    بركة في الشوفة يا أمي . اطلقت الفيروسات سراحك وجيتي مسرنمة ولطيفة الحضور
    شكراً شديد على بورخيس
    معظم الشعر ده ما وقع في ايدي واهو قاعدة بشوف في العالم من هنا
    معاك
    وبفضلك
    حنفتقدك الليلة المسا .
    المحبة نجلاء
                  

06-23-2006, 04:47 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)





    مركز ثقافي في مدريد باسم الكاتب الأرجنتيني بورخيس

    ندوة بمناسبة مرور 20 عاما على وفاته


    مدريد: صبيح صادق
    بمناسبة مرور 20 عاما على وفاة الكاتب الارجنتيني، خورخه لويس بورخيس، (بوينس آيرس 1899 ـ جنيف 1986)، أقيمت في مركز الفنون الجميلة اخيرا في مدريد، ندوة بعنوان «عوالم بورخيس»، للحديث حول اهتمامات الكاتب الارجنتيني المتنوعة، ولمناقشة خطة تتضمن افتتاح مركز ثقافي في العاصمة الاسبانية يحمل اسمه، ومكتبة تعنى بجمع كل مؤلفاته، مع إعداد برنامج لإعادة طبع كتبه.
    وتحدثت في الندوة ماريا كوداما، زوجة بورخيس قائلة: «ان بورخيس كان صادقا مع نفسه، وكان من الممكن له أن يعيش حياة أسهل لو انه سلك طرقا فكرية اخرى، لكنه فضل ان يفقد الكثير كي يكون وفيا لفلسفته الاخلاقية».

    وتحدثت كوداما عن مشروع إنشاء مركز ثقافي في مدريد يحمل اسمه على غرار المركز الموجود في بوينس آيرس، مع انشاء مكتبة خاصة بالدراسات عن بورخيس وعن كل ما كتب عنه، لكنها استثنت مخطوطات كتبه، وعللت ذلك بأنها لا تريد ان تفقد هذه «الكنوز» (المخطوطات) مرة اخرى، اذ ان أغلبها سرق، بطريقة أو بأخرى، واضطرت الى البحث عنها لدى تجار المخطوطات وشرائها بأثمان باهظة جدا، ولهذا فإنها تحتفظ بها في بوينس آيرس، ولا تريد التفريط فيها بأي شكل من الأشكال.

    وعن اهتمامات بورخيس الشخصية، قالت انه كان يهتم بالافلام التي تعجبه، ولا يتردد في متابعتها ومشاهدتها مرات عدة، فكان متعلقا جدا بفيلم «لورنس العرب»، وكذا فيلم شارلي شابلن «ماكينة الذهب»، وفيلم الفريد هيتشكوك «39 درجة»، بل انه كان حتى بعد فقدانه لبصره يود الاستماع الى حوار هذه الافلام وبلغات متعددة كالانجليزية والفرنسية والايطالية.
    عن الشرق الاوسط


    http://www.aawsat.com/details.asp?section=54&issue=10068&article=369426
                  

06-23-2006, 04:54 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)
                  

06-23-2006, 05:01 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    اسامة
    شكراً على جيتك
    وشكراً على الرابط
    شكلو خشينا المتاهة اياها
    خلينا نشوفك هنا تاني
    حتى لو مرة مرة
                  

06-23-2006, 05:14 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    عادل عثمان
    نهارك سعيد
    الصور مفرحة
    شفت النظرة ؟ عيون جميلة انهكها صاحبها وانهكنامعاها
    في محاضرة عملها بورخيس لطلاب احدي الجامعات في بوينس ايرس كانت كلها عن تجربة عمى شخص اسمو بورخيس
    شفتها في الشبكة مرة واعتقد انها منشورة في دورية عربية شفت محمد اسماعيل شايلها في الشنطة الكونية حقتو
    بشوف لو في سكة نجيبها هنا
    حصل شنو في ترجمتي ؟
    طلعت ضاربة ولا شنو يا عادل ؟
    انا عاملة زي ممتحن عارف انو في اللحظة دي الفضايح العاملها في الامتحان قاعد زول يلقط فيها ويكومها
    انشالله الكوم ما يكون كبير شديد يعني
    وورينا حاجة
    كتلوك ولا كوموك كوموك
    محبتي
                  

06-23-2006, 05:30 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    مثيولوجيا النمور :

    . على تعدد العلامات الفارقة في تجربة بورخيس تظل قدرته على خلق عوالمه ورموزه وأساطيره الخاصة من أبرز تلك العلامات . يستدعي التعرض إلى مثيولوجيا بورخيس العودة إلى طفولته والى حياته الشخصية والى تجاربه في السفر عبر الأزمان والأخيلة . يبدو أن هذا الكاتب مولع بوضع نفسه دائماً في محاضر و نقاط تقاطعية مع الآخر ، الآخر من حيث هو النظير والند والشبيه والقرين والمنسي والمغفل ذكره والعادي والخارق والبسيط المغمور . هذه التقاطعات المستمرة يحدث أن توّلد مساقط من الضوء على معطى واحد مكرر يتغير بتغير زوايا رؤيتنا ومدى قربنا وبعدنا منه . لدينا الكثير لنراه عند بورخيس لكنني الآن " أفكر بنمر " . نمر بورخيس ، من حيث هو عنصر بسيط تحول على يد رجل أعمى إلى أحد أعمدة مثيولوجيا جديدة .
    في ذكريات بورخيس الطفولية تقبع النمور الآسيوية وتتوهج . تعاود الظهور الكرة بعد الكرة في استدعاءات مختلفة . لقد تحول هذا الحيوان إلى رمز ضائع وهذا الرمز الضائع يحيل إلى أشياء ايضا مضيعة و مستحيلة : النمر هو الصبي الذي كانه بورخيس ؛ منكباً لساعات في تأمل الحيوان المخطط متوهج القوة .كما انه أيضا حظوة النظر إلى الأشياء من جديد في توهجها الطبيعي قبل أن يبدأ بورخيس بفقدان قدرته على الإبصار على نحو تدريجي ينتهي بعماء كامل ؛ لكن هذا لا يحدث قبل أن يدرك بورخيس أن أصفر نموره كان هو بالفعل آخر طيف لوني يغادره . نمور بورخيس الحية ، ودائماً في مقابلها نمور أحلام بورخيس المستحيلة :

    آه ِ أيها العجز
    لن تستطيع أحلامي أبداً أن تخلق الوحش َ الجامح َ الذي أتشوق إليه .

    والتي ليست إلا ذات الكائن الضائع ويسميه بورخيس النمر الآخر :

    أفكر بنمر.
    - الكآبة هنا تجعل المكتبة الواسعة تبدو سامقة وتدفع الرفوف الى الخلف -
    قوي ّ ، بريء ، يغطيه الدم ، جديد
    سينتقل عبر غابته وصباحه وسيطبع آثار
    خطاه على الهوامش الموحلة لنهر لا يعرف اسمه .

    ويقر الشاعر، للطفل، بالهزيمة :

    إن النمر الذي تمثــّل في قصيدتي
    انما هو شبح نمر ،
    رمز ،
    سلسلة من المجازات وذكريات من الموسوعة
    وليس هو ذلك النمر المميت،
    الجوهرة ، المشئومة
    ذاك الذي تحت الشمس أو القمر المتحول
    في سومطرة أو البنغال
    يمضي في تحقيق جولة حبه وعطله وموته .

    هذه النمور المشتهاة ، الضائعة إلى الأبد ، هي بشكل ما فردوس مفقود آخر. الجنة يطالها خيال الكاتب في صحوات ونزوات وحنين مستمر حتى تتحول إلى ما يشبه حقل من الدلالات المتحولة : تبدأ بحيوان مجسم ، ضخم ، حقيقي ، قابع في قفص ؛ ثم تظهر كرؤيا في أحلام بورخيس ، رؤيا غائمة جدا وبعيدة ؛ وتنتهي - في تجريد حزين مفاجىء - إلى لون : الأصفر ! العمى والنمر المستحيل والقصيدة المستحيلة والأصفر المتباعد الذي يفضي إلى اللارؤية إلى النقطة الأخيرة في الدرج المطل على الوخيم ؛ العمى الكليّ . هذه الصورة ليست انعكاس عمى أوديب جراء بحثه عن الحقيقية وتكشفها الجارح ، لكنه عمى الشاعر الذي كان يمتلك صورة الحقيقة وبدأ بفقدانها . عمى اوديب قربان للرؤية العميقة الجسور وعمى بورخيس فقد غير مؤسطر لأنه عمى بسيط وواقعي بشكل مؤلم. عمى اوديب في الأسطورة نهاية في سلسلة تبدأ بأحجية وعمى بورخيس الواقعيّ حلقة في سلسلة تبدأ بالطفولة وتمتد في الأحلام إلى مالا نهاية . بقي شيء واحد : اين هي الأسطورة ؟ لا فائدة من البحث عنها في أراضي "طيبة " لانها تتولد في حاضر بورخيس اليومي . لقد عبرت نمور بورخيس كل المناطق التي تعبرها العناصر عندما تتحول إلى أسطورة : الوجود البسيط ، الوحشة البسيطة ، مسرح لوقوع حدث بسيط ايضاً ؛ شاعر أو راوي ليؤسطر الحدث ويحوله الى حكاية ، وأخيرا شاعر آخر يصدق كل ذلك وينفعل به : الجمهور ، شعب " طيبة" المنكوب بالطاعون عند سوفوكليس وشعب جديد يولد في التجريد عند بورخيس او بكلمة أخرى ، نحن .
                  

06-23-2006, 05:43 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    بورخيس وأنا

    انه الشخص الآخر ، بورخيس ، من جرت له هذه الأشياء . أتمشى في أرجاء بوينس آيرس ، واقف ، ربما تلقائيا ً الآن ، لأنظر إلى قوس مدخل او بوابة حديد . تصلني أخبار بورخيس من خلال البريد ، وارى اسمه في قائمة المعلمين ، او في معجم تراجم. أحب الساعات الرملية والخرائط ، وطباعة القرن الثامن عشر ، رائحة البن ونثر ستيفنسون . ويشترك الآخر معي في تفضليه هذه الأشياء ، ولكن بطريقة متكبرة تقلبها إلى صفات يقوم بها ممثل. من المبالغة القول أن علاقتنا عدائية ، فأنا أعيش ، واسمح لنفسي أن أعيش حتى يبتدع بورخيس أدبه ، ويبرر أدبه وجودي. ولا أبالي بالاعتراف بأنه أنجز كتابة بعض الصفحات القيمة ، غير أن هاتيك الصفحات لا تستطيع إنقاذي ، ربما لان أفضل ما فيها لا ينتمي لأحد ٍ منا ، حتى ليس للآخر ، بل ينتمي للغة والتراث . أضف إلى ذلك أنني محكوم بالضياع ، بصورة ٍ نهائية ، و ليس الا القليل من لحظاتي يمكن أن يبقى فيه . قليلاً قليلا ً أتخلى له عن كل شيء رغم علمي بعاداته الحمقاء في التزوير والتهويل . كان سبينوزا يرى أن الأشياء كلها تحن إلى المحافظة على طبيعتها . الصخرة تريد أن تظل صخرة إلى الأبد، والنمر ُ نمراً . أما أنا فسأعيش في بورخيس ، وليس في نفسي ( إذا صح ّ أنني شخص ٌ ما ) رغم أنني أتعرف على نفسي في كتبه أقل مما في كتب ٍ كثيرة أخرى ، او اقل ّ مما في المداعبة الجاهدة لأوتار قيثار . قبل سنوات حاولت أن احرر نفسي منه ، فتركت أساطير الضواحي إلى اللعب بالزمن والأبدية . لكن هذه الألعاب هي ألعاب بورخيس الآن ، وعلىّ أن أتخيل أشياء أخرى . هكذا تنقضي حياتي فأخسر كل شيء ، وينتمي كل شيء إلى النسيان او إلى الآخر.
    ولا اعرف من منا الآن يكتب هذه السطور .




    من مجموعة "الصانع"
    ترجمة : سعيد الغانمي

    المؤسسة العربيةللدراسات و النشر
    الطبعة الاولى 1996
                  

06-23-2006, 05:58 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)



    وهنا باللغة التى تحبين يا نجلاء، اللغة التى كان يحب بورخيس مرآها ووقع اصواتها، اللغة المملكة الزرقاء، وانا مضيع فى قطاراتهم، ومشيع بلعنة اللون والمنفى!
    http://www.libyrinth.com/borges/index.html
                  

06-23-2006, 07:02 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    ميسون
    لفيتي كلامي فوق ؟
    طيب
    ما تكلمي زول .
                  

06-23-2006, 07:05 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    عادل
    ممتنة ليك
    ربنا يخدر هادي الضراع
    ويخلي ليك جوجول قادر يا كريم
                  

06-23-2006, 12:29 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

                  

06-23-2006, 02:11 PM

Abdalla aidros

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: osama elkhawad)

    تحياتي نجلاء
    كنت احد المدعوين للمشاركة في كتابة هذه الدراسة عن بورخيس... وبحسب تعابير ميسون.. حاصرني شبشة زات مساء درويشي بقاعة الشارقة واخبرني بمشروعكما كمن يسر باسم محبوبته لصديق .. اعتقد اننا خسرنا ضياع مجهوده .. واعتقد ايضا ان اجابتي الشبيهة باجابة ميسون قد افادتني مرتين ... الثانية منهما هو متعة القراءة لما تسطرينه والآخرين
    تابعي فقط
                  

06-24-2006, 01:31 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)
                  

06-24-2006, 03:53 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    نجلاء و"ضيوفها"
    مررت لأسأل.. كم هي المسافة الفاصلة بينكم جميعا وبورخيس؟
    هل وضعكم هو في متاهته أم وضعتموه في متاهتكم، أم "تماهيتم" جميعا في متاهة لا نهائية؟

    شكرا لكل هذا
                  

06-24-2006, 06:12 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)
                  

06-24-2006, 06:30 AM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    وهذا مقال قديم يا نجلاء كتبته مرام المصرى

    مرام المصري(شاعرة ومترجمة من سوريا تقيم في باريس)






    بوخيس الذي يحتاج الى مئة عام لكي يموت
    لا تبكي من أجله.... أرجنتينا




    ليس الموت أقل صعوبة على الفهم ولا أقل روعة من الحياة كما يحتفل بميلاد رجل على قيد الحياة احتفلت عاصمة الأرجنتين بونس ايريس بمرور 0 10 عام على ميلاد طفلها وأحد الألغاز الأدبية في القرن العشرين, خورخي لويس بورخيس.

    ولا غرابة في ذلك, فبورخيس حي وأكثر حياة من ذي قبل لقد ترجم الى عشرات اللغات, واستلهم في عشرات اللغات, وشرف في العالم بأسره, وعلى الرغم من إصراره على نفي الصفة الكوزموبوليتية عن نفسه, فقد ظل مثالا للعجينة الكونية, غرف من الثقافات وحولها وجعل منها خلاصة حيوية خاصة به وحده, خلق في بوينس ايريس وتربي في سويسرا, ونشأ على الأدب الانجليزي منذ طفولته, ثم واصل الترحال في الثقافات والعقائد والفلسفات, في أنواع الأدب في الشعر والنثر وفي أشكال التعبير التي صنعت فرادته العالمية سنة بعد أخرى. 16/8/1999

    بدعوة من "جمعية بورخيس » سافرت في هذا اليوم الى بوينس ايريس, للمشاركة في مئوية بورخيس, دعي نحو 40 أديبا وشاعرا (كان بينهم البرتغالي خوسيه ساراماغو حامل نوبل للآداب عام 199، لاحياء أسبوع ثقافي في العاصمة الارجنتينية, مسقط رأس الشاعر ومصدر إلهامه, والمدينة التي ارتبطت بعمله بشكل وثيق كما لو أنها نبع شرب منه عوالمه الخاصة, خالقا أساطيره وشخصياته وحكاياته. وكنت أتأبط كتاب الشاعر اللبناني عيسى مخلوف "الأحلام المشرقية أو بورخيس في متاهات ألف ليلة ».

    وصلت بعد قضاء نصف ليلة وليلة في طرقات السماء المعبأة برفقة الشاعر الفرنسي ليونيل ري. مرهقة من هذه الليلة الطويلة, ها أنني أمام مفاجأة أولى: صلاحية جواز سفري انتهت منذ يومين ! علمت هذا بعد انتظار مقلق, لعدم تمكني من التفاهم مع الموظف الذي لا يعرف لغة غير لغته.

    تعبة وحائرة. تعبة وخائفة. كان علي أن أختار واحدا من اثنين: إما العودة من حيث أتيت, أو دفع غرامة مالية ليس معي.منها حتى النصف.

    أحسست بمهانة من يطرق بابا ولا يلقى مجيبا.. صامتة على مقعد خشبي.. غريبة كما لم أشعر من قبل... أمام حائط من الموظفين فسبقتني, كالعادة دموعي.

    واذا بصوت من داخلي يغني Don't cry for me, Argentina ! لا تبكي لأجلي... أرجنتينا! غنيت الأغنية لنفسي. غنيتها لي بصوت منخفض كتنويمة أم, لأحاول تخفيف الاحساس بالغضب والخوف ثم بدأت أبدل الكلمات مبتسمة: (لن أبكي لأجلك.. أرجنتينا).

    17/8

    خرجت الى النور بعد دفع الغرامة. كان الباص بانتظاري مع الشعراء الأسبان وبينهم الشاعر ألفاريس, وجدت ذلك رائعا، فلقد ضحوا براحتهم من أجلي.

    عندما صعدت الى الباص صفقوا لي جميعا وكأنني ربحت حربا، فعلاوة على مشكلة جواز السفر ضاعت حقيبة سفري التي تحتوي كل ملابسي. لن أبكي لأجلك يا أرجنتينا.

    ها أنا أخيرا في الأرجنتين, في صباح بارد ومشمس.. ها أنا في بوينس ايريس.. سأمشي على نفس الطرقات والأرصفة التي مشى عليها بورخيس وسأستنشق نفس الهواء. سأفتح عيني وكل حواسي كمن يضم اليه حبيبا، لأسجل في ذاكرتي هذا العبور..العبور القصير كإسراء. فأنا شاهدة لحدث لن يتكرر، لا أحمل آلة تصوير سوى عيني وأحاسيس جندتها لأقصها على التاريخ من خلال منظاري.

    وصلنا الى فندق "ماي فلور» استقبلتني غرفة رحبة ورغبة عارمة في النوم على السرير الواسع ! إلا أن رغبة التجول في مدينة بورخيس كانت أقوى، بوينس ايريس التي يصورها حميمة, غامضة مدينة ذكريات الطفولة: "طرقات بوينس ايريس / مثل امعاء روحي».

    وفي اكتشاف هذه المدينة لابد أنني سأتعرف على بورخيس أكثر من أي كتاب قرأته عنه, كما لو أنني سأدخل روحه وأمعاء».

    وفي كل حال كان علي الخروج لتمديد جواز سفري، ولحسن الحظ كانت السفارة قريبة من الفندق. إلا أننا ذهبنا في الطريق المعاكس مما جعلنا نمشي حوالي الساعة والنصف في متاهة تشبه المتاهات البورخسية (المتاهة تقتبس دائما في الحديث عن أدب بورخيس, لدرجة أن مترجميه الانجليز والفرنسيين أطلقوا الاسم على مجموعة كاملة من القصص التي تحمل عنوانا آخر في الأصل الاسباني، فضلا عن أن بورخيس نفسه لم يعنون أيا من كتبه بهذه الكلمة, وان كانت صورة المتاهة تختصر روح عمله).

    كنا حقا في متاهة بدأت أفقد الأمل في الوصول, تقودنا خريطة لا نعرف قراءتها، وأرجنتينيون لا يعبأون بالتحدث بغير الاسبانية. وتعب ضرير مثل بورخيس يجرنا. حتى وقعنا على زوجين شعرا بورطتنا, فسألناهما يائسين فيما إذا كانا يتحدثان الفرنسية أو الانجليزية, فإذا بهما يردان بحماس مدهش بأن ابنتهما تتحدث الفرنسية جيدا! وبما أن ابنتهما تتحدث الفرنسية جيدا فقد أشرت بأصبعي الى المكان المقصود على الخريطة. سمعنا كلمة "باص » ثم بدآ يبحثان في جيوبهما وأخرجا بيزوسا ونصف, ثمن تذكرة الباص, استنكرنا, بفرح حاجتنا الى المال, لكنهما أصرا بشدة, كان من المستحيل الرفض, وكيف لي أن أرفض كرما تلقائيا كهذا... نبيلا كهذا؟

    نظرت الى مرافقي متسائلة: الهذه الدرجة تبدو علينا الحاجة الى المال ؟

    طبعا لم نستقل الباص, وادخرنا ضاحكين سعر البطاقة لاستعمالها في غرض آخر.

    آه.. لن أبكي لأجلك... أرجنتينا!

    18/8

    يوم الافتتاح, في الصالة الوطنية للفنون الجميلة, الواقعة في شارع Del Libertador. رقم 1473ترأست الحفل ماريا كوداما، أرملة بورخيس وحاملة ميراثه. لم تكن له ذرية, ما عدا كتبه, أتساءل لماذا؟ لم أجد مرجعا في هذا الموضوع. كان الاعلام حاضرا. ووجوه العاصمة مثل أبناء الشعب. كان الاحتفال قد ترافق مع حملة تعليمية في المدارس والجامعات. للتعريف بأعمال بورخيس.

    في مدخل صالة العرض تتوسط الحائط لوحة رمادية لبورخيس, بعيون صفراء هابطة تشعرك بألمه ومعاناته. ولكنه, كما بدا لي لم يكن بحاجة الى العينين. عالمه كان خارج حدود الرؤية. عالم نحن فيه العميان وهو المبصر.

    ثم تبدأ الرحلة في حياة الكاتب, منذ طفولته وحتى مماته, الحياة معلبة داخل فترينات زجاجية مضاءة, أشياؤه ملابسه, لوحاته المفضلة مسودات كتبه مخطوطة "ألف » بخطه الغريب: نحيل وصغير كالنمل, ولكنه واضح مصفوف بترتيب لا أثر للتردد فيه حول احتمالات عديدة, كيف ازداد نحولا،وكيف تضاءل عندما بدأ يفقد بصره وغمرته العتمة في الخمسين من عمره. رسومه على دفاتره, صوره وهو صغير (ولد قبل الأوان, في الشهر الثامن, وكان وسيما). صوره وهو في فتى, ورجل وشيخ هرم, دون بيل Don Bell يصفه: كان أمامي رجل صغير هش يلبس بدلة رمادية تعطيه مظهرا محافظا وأنيقا, كل ما ننتظره من أمريكي - لاتيني ذي جذور أوروبية, بدا لي ذا طبيعة محببة وساحرة, وفي الحقيقة في كل الصور التي رأيتها أحسست بأناقته وارستقراطية حركاته. صور عائلته جدته وجده. أخته نورا. ثم صوره مع أمه التي كان على علاقة غريبة بها. لم أجد له صورا مع نساء أخريات عدا صوره مع زوجته الصغيرة ماريا كوداها التي تزوجها قبل موته بقليل, تساءلت: ألم يكن لديه عشيقات ؟ أين صورهن ؟ علمت بأن ماريا قد ألفت كل النساء اللواتي عرفهن قبلها، إن كيدهن عظيم ! قلت ضاحكة, ويبدو أن الموضوع متأزم جدا، اذ توجد جمعية أخرى اسمها " بورخسينا» تعادي ماريا وتنفي شرعية المستندات. إلا أن القافلة تسير.

    لابد أن هناك أمورا عائلية وشخصية على التاريخ أن يسدل ستارا من الغموض والنسيان عليها، حتى لو أنني أعتقد بأنه لا يحق لأحد أن يمحو فترة من حياة الآخر. كان بودي التحدث بشكل خاص مع ماريا البالغة الأناقة واللطف في تعاملها مع الجميع أحيانا تخص كلا منا بسؤال شخصي تشعره بانه من المقربين سأكتب عنها لاحقا. شخصية غامضة وسرية. انتهى المساء بحفلة عشاء.

    19/8

    تجولت صباحا في المدينة الشاسعة والمجهولة التي أثرت كثيرا على أدب بورخيس,وإذا كان الانسان نتيجة بيئته, فإن بورخيس مثال حي على ذلك, العلاقة الغريبة بينه وبينها تسمح بتخيل أنهما خلقا ليكمل أحدهما الآخر، وكما تختلف وجوه بورخيس كذلك توجد وجوه مختلفة لبوينس ايريس:

    "لا أظن أن بوينس ايريس

    قد ابتدأت

    إنها خالدة كالماء وكالهواء".

    ولد في منتصف شارع توكمين, ترعرع في شارع سيرانو في الشمال البعيد من باليرمو، وباليرمو هذه منطقة موبوءة وخطيرة, تسكنها المافيا الايطالية والخارجون عن القانون. "لسنوات طويلة ظننت بأنني تربيت في المنطقة الصعبة من بوينس ايريس, جيرانها, شوارعها العشوائية المغطاة بالغبار. الحقيقة أنني تربيت في حديقة ".

    ذلك لأن الفتى خورخي كان نادر الخروج من منزله. والنزهة الوحيدة هي الى حديقة الحيوانات حيث ينتظره النمر الملكي البنغالي, الذي كان يبعث فيه الحماس, بألوانه, بهدوئه وشراسته الدقيقة والقاضية العطشى للدماء والجميلة !

    " حتى ساعة الغروب

    كم مرة كان بإمكاني

    رؤية نمر البنغال القدير

    يروح ويجيء على طريقه المحتوم.

    نحلف قضبان الحديد

    سجنه

    ولابد أنه سجنه

    ...............

    ...............

    الآن مع توالي السنين

    هجرتني الألوان الجميلة الأخرى

    بقي لي الضوء الغامض

    الظل المبهم

    ذهب البداية....

    آه أيها النمر

    يا ألق الأسطورة والوهم

    أيها الذهب التحفة

    فروتك ما ترغب هذه الأيادي.

    (من كتاب "الأحلام المشرقية »)

    متعة خورخي في سنوات التعلم الأولى كانت أقاصيص وحكاية صديقي ابيه ماسيدانيو فرنانديز وكاريفو، وكان هو الشاهد الأبكم على ما يدور: يختزن ويخترع, تربى في مكتبة والده حيث كانت مطالعاته الأولى ألف ليلة وليلة, روايات شارلز ديكنز ومارك توين, أقاصيص هــ.ج. ولز، ستفنسن, وكيبلنغ, يقول في سيرة ايفاريستو كاريفو: «الشخصيات التي تزورني كل صباح, وأسدلت على ليالي خوفا لذيذا، هم القرصان الأعمى. في رواية ستفنسن, يحتضر تحت صهوة الجواد. الخائن الذي يتخلى عن صديقه في القمر. المسافر في الوقت الذي يحضر معه من المستقبل زهرة ذابلة. الجني السجين. غطاء الرأس الخراساني الذي يخفي مرض البرص ».

    يا له من عالم وديع لطفل, أي روح مسكونة هي روحه وأي قدر قدره ؟ قدر عبقري، رجل غير عادي من حاملي النار المقدسة من المعذبين السعداء.

    كان علي الذهاب الى المتحف الوطني للفنون الجميلة لكون معظم القراءات والمحاضرات موزعة بين مقر الجمعية والمتحف. كنت قلقة بعض الشيء، فموعد قراءتي حدد في ساعة متأخرة من الليل. حضرت قصيدة "السبت » لألقيها باللغة العربية بناء على طلب الشاعر ألفاريس. حمدت الله على أنهم لا يفهمون العربية في حال أنني أخطأت بالضمة والفتحة ولكني نجحت في الا أخطي، احتراما لجهلهم واحتراما للقصيدة.

    عدت الى الفندق مشيا على الأقدام, لتتذكر الطرقات وقع أقدامي.. الطرقات الطويلة المليئة بالمارة. كما يمتليء جسد فتي بالدماء. لاحظت شبههم بالايطاليين, أناقة مدروسة وعضلات تعب على صقلها. خليط بشري أوروبي الملامح, إذ نادرا ما قابلت هنودا حمرا ("أورغاي» كما يسمونهم) سيارات تتنفس الدخان, صفراء كالرمل, تأتيك من كل حدب وصوب, سائقوها يلتزمون الصمت. ولا عجب فلم أكن قادرة على محادثتهم فمن عادتي أيضا الثرثرة مع سائقي التاكسي، لهم ثقافة خاصة ويعرفون أشياء كثيرة, ثم إن الحديث خاصة انسانية, ودليل على احترام الآخر وأخذه بعين الاعتبار، لابد وأن أتعلم الاسبانية, لابد.

    قرأت بعد عشاء أنيق مع الشاعر الاسباني وشاعر أرجنتيني.

    "لا حب عندك

    لكن جمالك يغمر بأعجوبته الزمن

    فيك السعادة

    كما الربيع في الورقة النضرة..

    ولامتلائي بذلك الجمال كان بودي أن أصمت وأنا أقرأ القصيدة بلغة لم تكتب بها ولكنها جعلت منها قصيدة جميلة لا تقل جمالا عن الأصلية.

    "في القاعة الصعبة تبحث

    عزلتنا الواحدة عن الأخرى كالعميان

    بعد المساء

    يبقى بياض جسدك البهي

    ثمة عناء في حبنا

    يشبه النفس ".

    (من كتاب "الأحلام المشرقية »)

    وكنا جميعا في عزلتنا تنسجنا هذه القصيدة بخيط من الوصل, وكأننا روح واحدة, أم ربما لأننا روح واحدة ؟ (لن أبكي لأجلك.. أرجنتينا!).

    19/8

    في جمعية بورخيس الواقعة في شارع أنشوريناAnchorina رقم 1660ألقت البروفيسورة سوزانا ويغمرني من جامعة فينيسيا محاضرة أعقبها فرناندو ردوريغيز من معهد سيرفانتيس في اسبانيا. بعدهما حان وقت الغذاء الجسدي. وكان في مطعم داخل مكتبة. أحب ساعة الأكل حين نجتمع جميعا. لا شيء مهما عدا الحاجة الحياتية الأحاديث الجانبية, النظرات الضائعة والمتلاقية, مسكة السكين لهذا أو لتلك, انحناءة الظهر.. كل هذا يجعل الوقت ثمينا، وكأنه طقس من طقوس العبادة.

    تجولت في المدينة عقب غداء نباتي، مع أنني في مدينة اللحم. فاللحم الارجنتيني ذو سمعة لا تضاهيها سمعة لحم آخر. مررت بشارع قرطبة, وشارع فلوريدا، وكان تجوالي يقودني دائما الى العمود الأبيض الطويل الذي يفتخر به سكان بوينس ايريس, والذي لا يشبه من قريب أو بعيد المسلة الفرعونية في باريس ولا عمود سمعان في حلب. ولا عمود جوبيتر في بعلبك, كأنه مصنوع من كرتون ليس له علاقة بالمكان, ولكنه منتصب وشامخ. يا لها من رغبة ملحة وخالدة في اختراق السماء.

    هذا المنظر أو ذاك,. هذه الرائحة. هذه الوجوه, لابد وأن تكون قد مكثت في ذاكرة بورخيس عندما ذهب الى أوروبا. فذاكرة بورخيس متيقظة وحافظة لدرجة مدهشة, وهذا ما كان يأمل أن يجده عندما عاد اليها في العشرينات. (كان يبحث بقلق ولكن ببقايا شك يطفو في رؤيته. كان عليه أن يلقي نظرة على أوروبا وأخرى على بوينس ايريس, كمدينة أمريكية مختلفة عن باريس ومدريد, بوصفها مدنا غير قابلة للتغيير أصبح وحيدا يدور في حناياها وساحاتها، طرقاتها وبيوتها، في تجوال عشوائي)(رودريغيز) "أحب بورخيس دائما بوينس ايريس القديمة, تلك التي كانت في القرن التاسع عشر، والتي ظلت مسمرة ومثبتة في لوحات أخته نورا»، (مونيفال).

    وعدا عن مدينته التي تسكن أعماله كانت المرأيا، المتاهة, النهر, النمر، السيف هي الرموز المتكررة والمضادة أحيانا. والتي أصبح سجينا لها: "لقد سئمت من المتاهات والمرأيا والنمور وكل ما تبقى".

    لكنني لم أسأم من تجوالي في شوارع المدينة, داخلة حاناتها متخيلة أن يورخيس يجلس مقابل الجميع. رجل واحد هو كل الرجال, وهذه واحدة من خصائص فكره, إذ نعثر في أمكنة كثيرة من أعماله على رفض الشخصية الفردية.

    وفي قصة "شكل السيف " يقول على لسان شخصيته جون فينستانمون: "ما يفعله رجل واحد هو بالضبط ما يفعله كل الرجال, وشوبنهاور على حق حين يقول: أنا الآخرون, وأي رجل هو كل الرجال ".

    كلما تعرفت على بورخيس تعرفت أكثر على الأقنعة والوجوه المتعددة التي كان يستعملها أو ينتحلها، مؤمنا أن الأدب ليس سوى لعبة, فنلعب معه بجد حتى تصبح اللعبة الحقيقة كاملة.

    و.... لن أبكي لأجلك.. أر جنتينا!.

    20/8

    استيقاظ صعب, لم أحلم بالقرصان الأعمى, ولم أنقلب الى فراشة, ولم أصبح شهرزاد.

    فطور طيب حيث ألتقي بنصف الشعراء, لأن النصف الآخر ينام في فندق آخر (هو متحف البوليس !). وكم يبدو عجيبا أن يتجمع شعراء في مكان كهذا، فمن ينسى الفترة الدكتاتورية التي مرت بها الأرجنتين, والحكم البوليسي الذي عانت منه ؟ مكان بارد، ديكور بني يلائم الذوق العسكري ولابد.

    يقول مونيفال:«لقد عانى بورخيس كثيرا أثناء الفترة, إذ كان يكره بيرون. كان يمشي بخطوات عصبية. يقطع الشوارع المزينة بصورة الدكتاتور وزوجته الشقراء. كان يرى مدينته مهانة تحت وطأة الحاكم ». وأطوار معاناته هذه مسجلة في أعماله «الموت والبوصلة "، «الانتظار"، ثم "عيد الوحش » التي كتبها مع كازاريس. هذه العلاقة السيئة مع الحاكم أجبرته على أن يترك المكتبة الوطنية ليصبح مدير مزرعة للدجاج والأرانب.

    والبروفيسور دوتورو لديه تفسير آخر لمواقف بورخيس السياسية: "الغريب في بورخيس هو ذلك الحس الانساني الذي يطبع كتاباته, رغم أنه كان يمينيا أكثر منه يساريا، لقد كتب يمدح بينوشيه, ولم يخف اعجابه بهتلر". ولقد كتب ذات يوم:«لقد عوملت ألمانيا بشكل سييء من قبل أعدائها. هذا السبب يعطيها الحق في أن تحرق وتدمر، وأن تغزو كل أمم أوروبا، والعالم كله ربما».

    هذه التناقضات تجعل من بورخيس موضوعا للجدل والنقاش, ويوم وقع في يدي كتاب عن بورخيس واسرائيل صدمت نوعا ما، وحاولت أن أسأل فيما اذا كان من مؤيدي اسرائيل, وهل كانت مواقفه غامضة وازدواجية هذا أيضا، وللأسف لم أستطع الاطلاع على الكتاب لأنه باللغة الاسبانية قيل لي بأنه كتب قصيدتين عن اسرائيل: «اسرائيل الموجودة في الكتاب المقدس ربما».

    خرجت من الفندق ومررت بالقرب من مبنى في غاية الجمال. زهري الحجارة وذي هندسة رائعة,هو مبنى "شركة المياه " أظنه من أجمل ما رأيت, ثم وجدت نفسي أمام المكتبة التي فيها قضى بورخيس حياته محاطا بأرواح الكتب... بأنفاسها... برائحتها خياله المبصر يتجول في رفوفها بدون تعب أو ملل.

    حل موعد العشاء بعد المحاضرات التي لم أكن أفهم منها حرفا، والتي كنت أذهب لسماعها احتراما للجهد الذي يبذله الباحث من أجل كتابتها، واحترامي للدعوة التي وجهت الي بأن أشاركهم هذا المهرجان كان العشاء في مقر اتحاد الكتاب في شارع "مكسيكو" رقم 524. في منطقة شعبية وعلى ما يبدو أنه يشبه بيت بورخيس, وعندما شربت الماء فيه تذكرت مقطعا مضحكا قرأته ذات مرة عن طفولة بورخيس.

    يقول, في رد على سؤال س.ف.مورينو: «قالت لي أمي: عندما نستأجر أو نشتري بيتا علينا أن نسأل إذا كانت هناك سلحفاة يردون علينا: طبعا أيها السيد اطمئن توجد سلحفاة, ذلك لأننا كنا نعتقد بأن السلحفاة كانت نوعا من المصفاة التي تأكل الحشرات. ولكن لم أتأخر حتى عرفت أن السلحفاة لا تنقي الماء بل توسخه بدورها. في مونتيفيديو كنا نسأل: هل هناك ضفدعة ؟ السلحفاة والضفدع كانتا هناك, أمي وأنا. شربنا ماء السلحفاة خلال سنوات طويلة. ولم نكن نقرف ».

    هنا أيضا في هذا البيت يوجد متحف صغير لبورخيس, صوره وكتبه. كنا نقول بحسرة بأن الأهمية المعطاة لبورخيس في وطنه والعالم هي حلم كل مبدع, بل كل إنسان. ونادرا ما وجدت أحدا لا يسعى الى ذلك الحلم بطريقة أو أخرى. كأننا نريد أن نشبه أو نسرق خاصة من خصائص الآلهة: الخلود. تذكرت قصيدة للشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا، تأثرت بها كثيرا:

    مرت العربة في الشارع ثم غابت

    والشارع لم يجد نفسه لا أكثر جمالا ولا حتى أكثر قبحا

    هكذا هو كل صنيع البشر في رحابة العالم

    لا نأخذ شيئا.... ولا نضيف شيئا. إننا نعبر

    وننسى

    والشمس دوما في موعدها المحدد كل صباح

    وعلى الرغم من قوله: "أعبر أيها العصفور / أعبر وعلمني العبور» إلا أن بيسوا أصبح خالدا... مثل بورخيس مثل أبي العلاء المعري، قررت أن أحتفظ بمسوداتي بأقلامي, بـ... فمن يدري؟!

    21/8

    صباح السبت م رحلة الى مدينة الـ"تيغر» Tiger تشبه, كما قيل لي بفخر، مدينة فينيسا في ايطاليا, يحيط بها نهر، يتشعب فيها كالعروق, طقس بارد بل قارس يوم يشبه آخر يوم من شتاء رمادي مشمس. هواء يدخل العظم. تحدثوا عن شعر بورخيس, وعن أهمية نثره التي تفوق شعره, فتذكرت قول مونيفال بأن أفضل شعر بورخيس ذاتي بشكل مطلق, في صوره عن عالمه اليومي: "كل ما هو شعر حقيقي ينطلق عنده من تجاربه الذاتية حتى لو اتخذت أقنعة واستعارات ومقولات وعبارات أدبية سابقة "، ذلك كله على الرغم من أن بورخيس كان يردد: «ليس لي الادعاء بأنني شاعر. لست سوى رجل أدب. رجل يتحدث وليس رجلا يغني».

    كان بوده أن يكتب شعرا مثل شعر شكسبير وويتمان, عودته الى الشعر سنة 1956 لم تغير هذا الموقف. وغزارة كتاباته الشعرية لم تجعله يعتبر نفسه شاعرا أكثر منه ناثرا، على العكس, إذ صرح في حوار مع ر. ليما: الجزء الأقل تلفا من نتاجي الأدبي هو الحكاية». هذا الرأي يشاطره به معظم قرائه وعندما سألني التليفزيون الأرجنتيني أي عمل أعرفه وأحبه من أعماله, وقلت شعره. بدا على محدثي أنه دهش كثيرا.

    توقفنا بعد الغداء أمام نهر Ia Paita Riodel الذي يفصل الأوروجواي عن الأرجنتين. عريض لدرجة لا تسمح برؤية الضفة الأخرى، لا يشبه بردى ولا أي نهر آخر. عندما وقفت على ضفافه شعرت أنني أسجد أمام قوة هائلة. الطبيعة لا يضاهيها التخييل إلا عند بورخيس. تابعنا المسير لزيارة متحف آثار خصصت أحدى غرفه الكبيرة للاقنعة, مجموعة غريبة, وكأنه لا يكفي قناع واحد لنسكن في إهاب أشخاص آخرين, كأنها كانت تتفحصنا, نحن الذين كنا نتفحصها. يقول مونيفال: «مثل مالارميه وويتمان خلق بورخيس كيانا موازيا لعمله الأدبي: شخصية الكاتب خورخي لويس بورخيس, خلفه يتخفى الممثل اللاتيني, مثله مثل الممثل اليوناني، يستخدم القناع من أجل اعطاء ملامح أوضح للشخصية. ذلك ما نراه في كتاب "بورخيس وأنا» الأكثر غرابة: "حياتي هروب, وأنني أضيع كل شيء وكل شيء يذهب الى النسيان أو الى الآخر. لا أعرف من منهما يكتب هذه الصفحة ». هذا القناع المزدوج الذي خلقه الكاتب خلال حياته الأدبية الممتدة خلال خمسين عاما.

    خرجت من المتحف ممتلئة بمشاعر مضطربة, كطفل تلقى نفحة من الهواء أكثر مما تتحمل رثته فاختنق, ذهبت الى الفندق لارتاح, لأخفف من هذا الحمل, إلا أنني لم أفعل. الخارج يدعوني. الفضول يحرضني أريد أن أغرف حتى الشبع من هذا الحلم الذي لابد وأنه.. لن يتكرر.

    خرجت الى شوارع المدينة التي أحبها بورخيس والتي عرف, وهجر، وعنها قال: إنها الأكثر جمالا. شارع "بلانكو انكلاد» الذي يصنع زاوية مع شارع "فيللا كيريسبو» لطافة شارع "بليجرينو» والعذوبة التي تقطر من شارع "الماغرو»، الضفاف الهادئة الملتوية لحي «باليرمو» والسماء الواسعة في "فيللا أورتيزار». والصمت العميق المخيم على "لاس سينكوا اسكيناس ".

    عندما انتقلت أسرة بورخيس الى شارع «بيوريدون » رقم 2190، في عام 1929، كانت شقته الجديدة تطل على منظر كبير لمقبرة "لاريكولتا». النهر مقهى "متري»,. والشاعر المليء بعربات الترامواي، وأشياء أخرى مختلفة. كان يطوف في عالم ليس موجودا في الجغرافيا ولا في التاريخ. ولكن في الكلمات.

    بورخيس الحر، المتشعب, المزدوج والمتفرد. ينتظرني في مسرح «كولون" أقدم مسارح المدينة, حيث أقام له الفنانون حفلا تكريميا وغنوا له وحده.

    لا تبكي لأجله... أرجنتينا:

    22/8

    الأحد, جولة في منطقة Boca. بيوتها ملونة مدهونة بالأحمر والأصفر, استوطنها المهاجرون الايطاليون, جميلة للغاية. نادرا ما وجدت جمالا في الفقر, إلا أنني استمتعت وكأنني أرى لوحة مليئة بالحياة تجولنا في منطقة تشبه مونمارتر في باريس, حيث يوجد الفنانون من رسامين ومغنين وعازفي جيتار وباعة, و... رقصة التانجو التي أتت من أفقر أحياء المدينة, المصنوع من أجساد تنتحب وتتألم وتفرح وتأمل, نساء التانجو مفتولات السيقان بثياب خفيفة رغم البرد، بتنانير مفتوحة حتى أعلى الفخذ، قوية وهشة ككأس شمبانيا, يقتربن ويبتعدن. يسلمن أجسادهن بطاعة من يخاف الهجر.. ثم يهجرن ! فراشهن الهواء وأجساد شركائهن القوية التي تبعث النشوة والحركة, بدقة من يحفظ الدرس عن ظهر قلب يتفنن بالخضوع والنفور, والرجل بابتسامة مواربة لكي يحافظ على توازنه يقودها أو تقود». سيناريو صامت مدهش يلخص الحب, لعبة الاغواء في قمة انجازها, قررت أن أتعلم رقصة التانجو، فهل كان بورخيس يرقص ؟

    تابعنا الجولة لنذهب بعدها الى المتحف حيث أقيمت قراءات شعرية, منها للشاعر الفرنسي دومينيك سامبيرو. قراءة مؤثرة. بعدها عشاء في "ريكوليتا» التي كما ذكرت هي المنطقة التي سكن فيها بورخيس, والتي ترك فيها الفرنسيون علائم مميزة. انها المنطقة الأكثر اصطفاء لساحاتها, لحدائقها لأشجارها, يا لها من أشجار كبيرة جميلة, تنبثق بقوة غريبة كأذرع نساء متضرعات. وسبب ازدهارها مرتبط بالحمى الصفراء التي ضربت المدينة عام 1871 وأبادت 10% من سكان بوينس ايريس, وأجبرت الأغنياء على الهجرة الى شمال المدينة بحثا عن نظافة الهواء.

    لكن بورخيس عاش أيضا في منطقة "باليرمو» التي كان لها عليه جاذبية نجدها في أدبه, إذ وقع تحت سحر نافخي النار والرجال الذين يسمون "كومبارديتو". وهم الذين يقتلون بدون سبب سوى أن يطهروا شرفهم وفحولتهم, ولهذا كانت السكين من الرموز المتداولة في كتبه. كانت من هواجسه دائما وفي معظم قصصه أبطاله يموتون بسكين أو ينتحرون بسكين, وعندما سأله دون بيل عن هذا أجاب:"لأنه سلاح يضع الرجل على المحك, ثم لأن أجدادي عساكر. لقد رأيت سيوفا في البيت وأعتقد أنه كان لها استخدام آخر غير الزينة, أليس كذلك ؟ جدي حارب عند وقوع الاضطرابات على الحدود مع الأ وروجواي, جد جدي واجه الاسبان والبرازيليين. إذن أنا من طبقة عسكرية وهذا ربما يفسر أشياء كثيرة في قصص ».

    يقول رودريغيز مونيفال: " إن اختراع بورخيس هو اختراع لغة, ومن خلال اللغة اختراع عالم متوافق من الاساطير لقد حرر أفضل الكتاب من الأحكام المسبقة والفصاحة غير المجدية وكثيرون من كتاب أمريكا اللاتينية كتبوا لينكروه (مثل ساباتو أو مار يشال) أو ليتخطوه (كورتازار وماركيز). ولكن لا أحد منهم يوجد إلا ابتداء من بورخيس ».

    لا تبكي لأجله... أر جنتينا!

    23/8

    طلبت ماريا كوداما أن نحضر ملابس غريبة من أجل مساء يوم 24/8، يوم ميلاد بورخيس. سألتني فيما اذا كنت أستطيع أن أرقص رقصة عربية من أجل هذه المناسبة وأضافت: «ثم تعلمينني» غامرة بعينيها العسليتين بملعنة ودلع نسائي.

    كيف لي أن أرقص وأنا أدين لها ولبورخيس باندهاشات وأفراح وأحزان ؟ أسعدني أن أهديها وأهدي المناسبة شيئا غاليا، فما معنى أن نعطي شيئا لا يكلفنا, والرقص بالنسبة لي, انسجام الجسد والروح واخراج الطاقة العظمي وجعلها في أروع حالاتها حيث للجسد صوت الحركة وجمالها. المشكلة أين أجد أغنية عربية ؟

    كنت بالمصادفة قد مررت بمطعم بالقرب من الفندق فيه فلافل, فسلمت على صاحبه سائلة إياه من أين ؟ فإذا به من سورية.. من أين في سورية ؟ قال: من الشام. شامي؟! رددت باللهجة الشامية, أنا من اللاذقية... تفضلي تفضلي, ثم ذهب الى طنجرة فيها محشي ورق العنب. التقط واحدة باصابعه وأعطاني اياها. كانت طيبة. منذ زمن طويل لم آكل محشي.

    عدت اليه سائلة إن كان عنده أغنية من أجل الرقص فوعدني بإحضارها صباح اليوم التالي.

    تابعت النشاطات الثقافية والتجوال في المدينة. كنت أرى كل شيء عيوني كالصقر تلاحظ الألوان والأشكال والأطياف.. شعرت بالوحدة مع الكون. كنت قد بدأت شيئا فشيئا أدخل في سراديب التعب وفجأة تأبطتني الوحدة وأنا أتذكر أحبائي البعيدين والعالم الذي أنتمي اليه. هنا يفصلني عنهم محيط. محيط كبير. هنا أنا عابرة "مسرعة » وأتوغل بها أريد معرفتها وكشف أسرارها كما فعل بورخيس في تجواله الطول بها تجوال يدوم الليل كله. ساحبا صديقا أي صديق يجده ليصطحبه ومن الممكن أن يخرج من المدينة باتجاه الريف. يقول بورخيس: " كلهم ينام. السينما مغلقة, أضواء المدينة تبرق في الليل, والشيء الوحيد المستيقظ على بعد كيلو مترين أو ثلاثة ليس سوى الضوء الأليم لبيت صغير للدعارة ».

    من خلال اليأس والحب والأسف كان الطريق يقوده الى تطور مع عمال السكة الحديدية في محطة الكونسسيون.

    في عام 1944 (انتقل مع أمه ببيته الذي سيصبح مقامه الأخير في شارع ماليبو رقم 994 قرب بلازا سان مارتان. كان يكتب بشكل فائض أعماله بكثير من الدقة في الوقت نفسه بدأ نظره يأفل "المدينة التي كان يردها ويراقبها برحت أقل وضوحا وتجسيما وأصبحت مادة خيالية بحتة. في الحقيقة أصبحت مادة أدبية ورؤية روحية.» لابد وأنه كان حزينا.

    ثم عدت الى بورخيس. لابد وأنه كان حزينا عندما فقد بصره. كان ساخرا، سريع البديهة, عميق الفكر.. وعندما سأله دون بيل ماذا يريد أن يكتبوا على شاهد قبره قال: «تستطيع أن تعطيني بعضا من السنوات لأفكر, ولكن نستطيع أن نقرأ , هنا يرقد بورخيس الذي لم يكن له الموت أقل صعوبة على الفهم ولا أقل روعة من الحياة ». أقول هذا من وحي اللحظة انا لا أجد الموت صعبا على الفهم ولا رائعا.. ربما كمن يصدم بحائط. أليس كذلك ».ويقول: "كنت هوميروس. قريبا سأصبح أحدا ما. مثل أو ليس. قريبا سأصبح كل العالم. سأصبح ميتا».

    لا أدري لماذا أتحدث عن موته وأنا في الأرجنتين للاحتفال بميلاده ؟

    بدأت أشعر بالتعب والوحدة وقلق قدوم النهاية. الوقت الذي يمر مشحونا بكل هذه المناظر وبكل هذه الكلمات. الوقت والفراغ والفضاء. الوقت والمكان. كان هذا هاجس بورخيس أيضا ولابد أنه هاجس الانسانية كلها «الحياة بعد الموت »!

    "لماذا لا أصبح خالدا؟ مخلوقا بدون نهاية ؟ في النهاية كل شيء ممكن, بحيث أننا لا نستطيع أن ننكر أو نؤكد هذا.

    آه.. سأبكي لأجلك.. أرجنتينا!

    24/8

    قبل الذهاب الى المحاضرات ذهبت الى مكتبة لشراء كتاب أوصتني عليه صديقتي لزوجها.

    مدينة مليئة بالمكتبات, وفكرة جمع المكتبة مع المطعم فكرة جيدة.

    الكتب غالية على مستوى معيشة الفرد.. كلما دخلت مكتبة أشعر بضالة وتواضع حجمي أمام كل هؤلاء المبدعين. تذكرت قول بورخيس بأنه لم يحزن على حرق الكتب فيما مضى لأنه يعتقد أن البشرية تعيد انتاجها, لا أدري إذا كنت أوافقه, فأعمال مثل الالياذة أو ألف ليلة وليلة و.. و.. هل بالامكان اعادة كتابتها؟ لابد وأن الكتب كالبصمات, على الرغم من توحد الانسانية وكوننا نتحدث لنقول شيئا واحدا بلغات مختلفة ؟

    لم أستطع شراء الكتاب. عدت للمطعم الدمشقي لأخذ الشريط ولكن يبدو أنه بحث كثيرا في بيته فلم يجد. آه.. قلت له « لقد وعدتني. لم يعد الشريط مهما بقدر ما شعرت بالخذلان. لقد طلبت المساعدة من ابن وطني وخذلت, عدا عن عدم حضور

    ممثل عن السفارة السورية لكوني قد دعوتهم, في حين أن السفارات الأخرى اهتمت بشعرائها واحتفت بهم خير احتفاء. شعرت بعدم انتمائي لوطن. لماذا نبحث دائما عن الانتماء؟ الا نكفي لوحدنا؟

    ولكوني مغتربة في فرنسا شعرت بغربة أكبر في الأرجنتين وبتواضع غريب أمام الحياة, وفي الوقت نفسه برغبة حادة في أن أوجد ,أن أنتمي الى حجر أو عشبة ! عندما شعر بحزني أسرع ليعدني مرة ثانية بالمرور على بائع يحضر من عنده شريطا. كنت بحاجة أن أصدق, فعدت الساعة الواحدة وأخذت الشريط... الذي لابد أنه كان الشريط الذي يبحث عنه من قبل.

    وجاء المساء التاريخي. الجميع في غاية الأناقة. ماريا كوداما ومرافقوها يستقبلون المدعوين فردا فردا. صالة كبيرة تغص برائحة البارفان الطيبة وأطباق متنوعة شهية كل شيء معد لحفل ضخم, ثم فجأة على المسرح ظهرت ماريا كوداما على شاشة كبيرة تشكر الجميع, أو هذا ما فهمته على أن أتعلم الاسبانية ثم فيلم لبورخيس وكأنه حي, ماذا ينقصه ؟ اللحم ؟ العظم ؟ أم الرائحة والأشياء الأخرى الغامضة التي تجعلنا أحياء؟ ها هو يمشي صوته ! هاهي أشعاره. أفكاره, قصصه, رؤوسنا مليئة به. وآخرون جعلوه هدفا لحياتهم, درسوه وحللوه. ربما هذه هي الحياة بعد الموت ؟

    فهو على الشاشة أكثر حياة منا, كان موجودا أكثر منا جميعا!

    أعيد الشريط طوال الحفل, ثم أطفئت أضواء الصالة ليظهر قالب كاتو أبيض بعدة طبقات وعليه 0 10 شمعة. صعد الجميع على المنصة. لا أزال أراهم واحدا واحدا يقتربون بفرح طفولي لينفخوا ولو على بعد مترين, الـ100شمعة المضاءة, وكأنهم جميعا صدر بورخيس وأنقاسه.

    على الرغم من حبه لبوينس ايريس فقد دفن في جينيف, في مقبرة الـ"غراند باليه ". نولد في مكان ولا نعرف أين سندفن ! أو هل لنا أن نقرر أين نموت, ومتى؟ كنت ذاهلة وكأنني أمام فيلم سريالي. أنظر الى الشاشة ولا أصدق ما أراه. للحظة نسيت بأنني في عيد ميلاد بورخيس فجأة شعرت بأن هديتي لن تبلغ ألقها. شعرت بأنني لن أتوهج مثل "سالومي" بجسد من نار. أخافني العدد الكبير من البشر المجتمعين. شعرت بانفصال روحي عن جسدي, وكيف لجسد أن يرقص بدون روح ؟ لبست معطفي قبل انتهاء الحفل وخرجت.. "كروح حافية الاقدام " (منذر مصري)

    سأبكي لأجلك أرجنتينا..

    25/8

    كل شيء معد للرحيل, الحقائب محزومة. القلق هنا. والأمل في أن أرى أحبابي بخير يثير الحماس في روحي المضطربة. نظرت الى المرآة واذا بي فراشة ملونة أغلقت باب الغرفة حيث تركت جلدي.

    صعدت الطائرة ملتفتة الى الوراء,.. بحرارة مرتفعة أغني بحزن: "لا تبكي من أجلي... أرجنتينا".

    متمنية لو أنها تفعل !



                  

06-24-2006, 01:36 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Tumadir)

    انا كتبت كلام هنا من شوية
    وراح
    لكين بكتبو تاني
    يا جماعة ده شنو؟
    ده جمال فوق التحمل
    اسامة
    عادل
    وتماضر
    ما عندي كلام اقولو
    ولا تاني ولا تالت
    ربنا يخليكم
                  

06-24-2006, 01:45 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    والآن الاستكتاب المزعوم : كيف تعرفتم الى بورخيس ؟



    خوركي لويس بورخيس في الذكرى العشرين لرحيله

    1899-1986








    This web of time -- the strands of which approach one another, bifurcate, intersect or ignore each other through the centuries -- embrace every posibility.”
    -- "The Garden of Forking Paths"




















    "حسناً ً؛ بوسعي التحدث إليك عما تعرضت له من " تأثيرات" بسبب قراءتي للآخرين لكن ليس بمقدوري ابداً معرفة تلك التي قد يتعرض الآخرون لها إذ يقرأ ونني ، إن ذلك يقع تماماً في دائرة المجهول بالنسبة لي كما إنني لا أعير الأمر أية أهمية
    *
    بورخيس يتحدث إلى دانييل بورنيه وستيفان كيب في حوار اجرى عام 1980،



    بورخيس في مرايانا



    الآن ، ألا تبدو ذكرى رحيله سانحة للانخراط في واحدة من ألعاب بورخيس اللانهائية ؟ هذا عدا أن بوسعنا ، دائماً ، كقراء لسيد المتاهة الدخول إليه واليها من أية لحظة في الزمن " لعبة بورخيس المفضلة " ، وربما سيكون بمقدورنا أيضا ً – نحن قبيلة القراء اللامنظورين- إكمال الصورة في مرآتنا الخاصة و التي اقرّ بورخيس بعجزه عن تصورها والأجمل من ذلك بعدم اكتراثه بها واعني : تأثير بورخيس على قرائه . وفي هذا السياق أيضا ً أجدني منشغلة بمعرفة الطريقة التي تعرفتم بها لأول مرة إلى هذا الكاتب العظيم ؛ اللحظة التي دلف فيها كل واحد منكم الي حديقة الطرق المتشعبة لتعثروا على ما لاتعرفون ؛ في المتاهة / الكون/ المكتبة محروسة بخفتها ؛ بلامرئيتها والاحتمالات الجمة بأن تنطوي على كل سر وبذات الوقت ألا تكون موجودة بالأساس ، وكم تخالجني حدوس أن لدى كل منكم قصته التي ربما لا تخلو من ظلال بورخيسية مثل " لم أكن على دراية بهوية الكاتب ؛ ولا حتى مترجمها إلى العربية كان على دراية به ، تصوري !! حتى أننا وقعنا- جميعنا- في سؤ الفهم عيـنه خالطين بينه وبين كاتب آخر؛ باختصار ، كانت مجرد قصة وقعت عليها يدي وعندما أنهيت قراءتها ....."* كان ذلك على أية حال مفتتح أول إجابة تلقيتها على سؤال صغير قد تتحول أجابته - في أية لحظة ، كما ترون- الي قصة .





    نجلاء عثمان التوم
    الخرطوم














    * http://www.wooster.edu/artfuldodge/interviews/borges.htm

    * هذه الحكاية( بتصرف ) و التي رواها لي الدكتور صفاء الصالح من إذاعة البي بي سي في أمسية ضجرة حارة في عز شتاء* عام 2006 في المركز الثقافي الألماني ذكرتني بعثوري على بورخيس في قصته " يانصيب في بابل " ليبدأ بعدها توهاني ؛ وتذكرت أيضا أنني بعدها بسنوات طويلة كنت قد رجوت صديقا ً عزيزا ً قراءة كاتب عظيم اسمه بورخيس وأعطيته كتاب " الألف" إلا انه أعاده دون أن يقرأه وبعدها بنحو سنتين عاد يسألني بتأثر طفيف إن كنت لا أزال املك الكتاب و الذي كنت بالطبع قد فقدته دون حتى أن اعرف كيف . لقد اخبرني صديق آخر أن سماعه اسمي بورخيس و فيروز في أي مكان يشعره بارتباك عفوي إذ انه يشعر على نحو شخصي للغاية أنهما "عائلته الوحيدة " وأظنه كان يقصد عائلته هو وحده !! بينما ظل بورخيس كذلك قواما ً مشتركا ً لصداقات تنعقد وتنحل وسط عشرات الوعود بالحصول على هذا الكتاب أو ذاك دون أن يفي أي شخص بأي من تلك الوعود ؛ ما أوحى لي بتقصي هذه الحكاية معكم أيضا .
                  

06-24-2006, 02:16 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)


    فترة الشباب
    ولد بورخيس في بيونس آيرس. كان والده خورخي غويلرمو بورخيس محاميا وأستاذا لعلم النفس، وكان مصدرا للإلهام الأدبي حيث قال عنه بورخيس: «حاول أن يصبح كاتبا ولكن محاولته فشلت»، وقال أيضا: «كتب مقاطعا شعرية جيدة جدا». أما والدته، ليونور أسيفيدو سواريز، فقد تعلمت الإنجليزية من زورجها وعملت كمترجمة. عائلة والده كانت ذات أصول إسبانية وبرتغالية وبريطانية وعائلة والدته كانت إسبانية وربما لها أصول برتغالية. كان عائلته في المنزل تتحدث الإسبانية والإنجليزية ولذا فقد نشأ بورخيس قادرا على أن يتحدث لغتين. كانت نشأته في ضاحية بالرمو في بيت كبير به مكتبة ضخمة.
    اسمه الكامل خورخي فرانسيسكو إسيدورو لويس بورخيس أسيفيدو ولكن، وتبعا للعادات في الأرجنتين، لم يكن اسمه الكامل يستخدم أبدا.

    كان والده قد أجبر على التقاعد في سن مبكرة نتيجة لتدهور بصره، وهي نفس الحالة التي أصابت ابنه في ما بعد، لتنتقل العائلة إلى جنيف لتلقي العلاج من قبل أخصائي عيون هنالك بينما كان خورخي واخته نورا -ولدت في 1902 م- يدرسان إلى المدرسة. وفي جنيف تعلم خورخي اللغة الفرنسية حيث واجهته بعض الصعوبات في البداية، كما تعلم بنفسه اللغة الألمانية وتخرج من كلية جنيف في عام 1918 م.
    بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أمضت عائلة بورخيس ثلاث سنوات في لوغانو، برشلونة، مايوركا، إشبلية، ومدريد. وهنالك في إسبانيا أصبح بورخيس عضوا في حركة حراسة المقدمة الأدبية المتطرفة. جاءت أول قصيدة لبورخيس «ترنيمة للبحر» مكتوبة على أسلوب والت وايتمن، ونشرت تلك القصيدة في مجلة غريسيا (بالإسبانية: Greece).

    بداياته الأدبية
    في عام 1921 م عاد بورخيس مع عائلته إلى بيونس آيرس محضرا معه الأفكار التطرفية الأدبية وبدأ مشواره الأدبي ككاتب بنشر قصائد ومقالات في مجلات أدبية. كانت أولى مجموعات بورخيس الشعرية تحت عنوان «حماس في بيونس آيرس» (Fervor de Buenos Aires) في عام 1923 م. وساهم بورخيس في مجلة مارتين فيرو لحركة حراس المقدمة التي كانت تتبنى أسلوب «الفن لأجل الفن» على النقيض من مجموعة بيدو والتي كانت محفزة أكثر بأهداف سياسية. وكذلك فقد ساهم بورخيس في إنشاء المجلات «بريسما» (1921-1922 م وهي منشورة من القطع الكبير كانت توزع بشكل أساسي بلصقها على حوائط بيونس آيرس) ومجلة «بروا» (1922-1926 م). ومن بداية إصدارها كان بورخيس مساهم منتظما في مجلة «سور» التي أنشأت في 1931 م بواسطة فيكتوريا أوكامبو والتي أصبحت فيما بعد أهم مجلة أدبية في الأرجنتين. قامت أوكامبو بتقديم بورخيس بنفسها إلى أدولف بايوي كاسارس، الذي أصبح فيما بعد كثيرا ما يشارك بورخيس في أعماله وصهره وأحد أعلام الأدب الأرجنتيني.

    في عام 1933 م عين بورخيس كمحرر في الملحق الثقافي في جريدة «كريتيكا» (Crítica) التي نشرت فيما بعد مقاطع من «تاريخ العار العالمي» (Historia universal de la infamia). جاءت هذه المقاطع على شكل متوسط بين التخيلية والواقعية حيث استعمل أسلوب الكتابة التخيلي في قص أحداث حقيقية، وسرقات أدبية حيث زعم أنها كانت مترجمة من أعمال مشهورة قلما تقرأ. وفي السنوات اللاحقة عمل بورخيس كمستشار أدبي لدار النشر إميسي إديترز وكتب عمود أسبوعي في إل هوجار (El Hogar) التي ظهرت بين 1936 و1939 م.

    بدأ من عام 1937 م اكتشف أصدقاء بورخيس أنه كان يعمل كمساعد أول في فرع ميغول كان من مكتبة بيونس آيرس البلدية. قام الموظفون الآخرون في المكتبة بمنع بورخيس من تصنيف أكثر من 100 كتاب يوميا، الأمر الذي كان يستغرق منه ساعة واحدة. وكان يقضي بقية الأيام في قبو المكتبة يكتب المقالات والقصص القصيرة. وعندما أخذ خوان بيرون السلطة في عام 1946 م طرد بورخيس من عمله هذا وعين في منصب مفتش دواجن في سوق بلدية بيونس آيرس ولكنه استقال فورا -كان عندما يخبر عن هذه القصة يجمل لقب هذه الوظيفة باسم «مفتش دواجن وأرانب». في ذلك الوقت كانت تهجمات بورخيس على الحكم باروني تقتصر على إضافة توقيعه إلى عرائض تدوعوا للديمقراطية. ولكن بعد وقت قصير من استقالته خاطب جمعية الرسائل الأرجنتينية قائلا، بأسلوبه الخاص به، بأن «الدكتاتوريين يجلبون الظلم، وأن الدكتاتوريين يجلبون العبودية، وأن الدكتاتوريين يجلبون القسوة، والأبغض من ذلك أنهم يجلبون الحماقة».

    توفي والد بورخيس في عام 1938 م فكانت صدمة أخرى له خلال تلك السنتين (37-1938 م). وفي ليلة عيد الميلاد في 1938 م أصيب بورخيس بجرح بالغ في رأسه في حادث وكاد أن يموت خلال علاجه بسبب تقيح الدم -وقد جاءت قصته القصيرة الجنوب في عام 1944 م بناء على هذه الحادثة. وأثناء تعافيه من الإصابة بدأ بالكتابة بأسلوب أصبح مشهورا به وظهرت أول مجموعة قصصية له «حدائق الممرات المتشعبة» (El jardín de senderos que se bifurcan) في عام 1941 م. تضمنت المجموعة قصة «إل سور» وهي قطعة حوت بعضا من عناصر السيرة الذاتية، بما في ذلك الحادث الذي تعرض له، وهي القطعة المفضلة لدى الكاتب. وبالرغم من تقبلها الحسن لدى الجمهور لم تنجح هذه المجموعة القصصية في حصد الجوائر الأدبية التي كان العديد يتوقعها لها. وقد خصصت أوكامبو جزءا كبيرا من عدد يوليو 1941 م من مجلة «سور» للتنفيس عن بورخيس حيث شارك عدد كبير من الكتاب والنقاد الأرجنتينيين وغيرهم من متحدثي الإسبانية في كتابته.

    نضوجه الأدبي

    بفقده عمله ومع بدأ بصره يضعف بالتدريج أصبح بورخيس غير قادر على إعالة نفسه ككاتب فبدأ عملا جديدا كمحاضر عام. وبالرغم من وجود بعض الاضطهاد السياسي فقد كان بورخيس ناجحا إلى حد معقول وأخذت شهرته تزداد بين الناس حتى عين في منص رئيس جمعية الكتاب الأرجنتينيين (1950 - 1953 م) وكأستاذ للإنجليزية والأدب الأمريكي (1950 - 1955 م) في الجمعية الأرجنتينية للثقافة الإنجليزية. وتم إنتاج قصته القصيرة «إما زونز» في فلم باسم «أيام الغضب» (Días de odio) في عام 1954 م، من إخراج الأرجنتيني ليوبولدو توري نلسون. وفي تلك الفترة أيضا بدأ بورخيس كتابة المسرحيات.
    في عام 1955 م، بعد قيام مبادرة أوكامبو، عين بورخيس من قبل الحكومة العسكرية المناهضة للبارونية كرئيس للمكتبة العام.[1] وكان بورخيس عندها قد فقد بصره تماما، كسابقه الشهير بول غروساك الذي كتب له بورخيس نعي. وقد علق بورخيس على هذه المصادفة الساخرة في أحد أعماله فقال:
    لا أقلل بدمعي وعتبي
    ما رأينا من إبداع ربي
    في تناقض ما لم بي
    يعطيني معا الظلام والكتب Nadie rebaje a lágrima o reproche
    Esta demostración de la maestría
    De Dios, que con magnífica ironía
    Me dio a la vez los libros y la noche.

    وفي العام التالي حصل على الجائزة الوطنية للأدب وعلى أول دكتوراة فخرية له من جامعة كويو. من عام 1956 وحتى 1970 م تقلد بورخيس منصب أستاذ للأدب في جامعة بيونس آيرس والعديد من المناصب المؤقتة في جامعات أخرى.
    ومع كونه غير قادر على القراءة ولا الكتابة -ويذكر أنه لم يتعلم القراء بنظام بريل- كان بورخيس يعتمد على والدته الذي كان دائما على علاقة قوية بها والتي بدأت بالعمل معه كمساعدته الشخصية.

    شهرته دوليا
    بدأت شهرة بورخيس الدولية في مطلع عقد 1960. ففي عام 1961 م حصل على جائزة فورمنتر مشاركة مع صاموئيل بكيت. ولما كان هذا الأخير معروفا وذا اسم عند متكلمي الإنجليزية في حين كان بورخيس غير معروف عندهم وأعماله غير مترجمة، أخذ الفضول يدور حول هذا الكاتب المغمور الذي شارك الجائزة مع بكيت. قامت الحكومة الإيطالية بمنحه لقب قائد (Commendatore) تكريما له، كما عينته جامعة تكساس في أوستن لسنة واحدة. قاد هذا الأمر إلى قيام بورخيس بجولة لإعطاء المحاضرات في الولايات المتحدة، ثم ظهر أول ترجمة لأعماله بالإنجليزية في 1962 م، وتبع ذلك جولات في أوروبا ومنطقة الأنديز في أمريكا الجنوبية في سنوات لاحقة. منحته إليزابيت الثانية ملكة المملكة المتحدة وسام الإمبراطورية البريطانية في عام 1965 م. وقد حصل بورخيس بعد ذلك على عشرات الأوسمة والتكريمات في ما تلى من سنوات، ومثال ذلك حصوله على وسام جوقة الشرف الفرنسية (Légion d'honneur) وجائزة كيرفانتس.
    بدأ بورخيس في عام 1967 م تعاونا مع المترجم الأمريكي نورمان توماس دا جيوفاني والذي يرجع له الفضل في شهرته بين متحدثي الإنجليزية. كما تابع أيضا نشر الكتب مثل كتاب «كتاب البدايات الخيالية» (El libro de los seres imaginarios) في عام 1967 م والذي كتبه بالمشاركة مع مارغريتا غيوريرو و«تقرير الدكتور برودي» في 1970 م (El informe de Brodie) و«كتاب الرمل» في 1975 م (El libro de arena). وكذلك فقد أعطى العديد من المحاضرات والتي جمع معظمها في مجلدات مثل مجلد «سبع ليال» (Siete noches) و«تسع اختبارات دانتية» (Nueve ensayos dantescos).
    لما عاد بارون من المنفى وتم إعادة انتخابه كرئيس للبلاد في عام 1973 م استقال بورخيس من منصبه كمدير للمكتبة الوطنية.
    وفي عام 1975 م، وبعد وفاة والدته، بدأ بورخيس سلسلة أسفار إلى بلاد مختلفة من العالم وتابع سفره هذا حتى وفاته.

    حياته الشخصية
    تزوج بورخيس مرتين. ففي عام 1967 م أرادت أمه، التي كانت تناهز التسعين عاما آنذاك، أن تجد امرأة ترعى ابنها بعد وفاتها. لذلك فقد قامت والدته وأخته نورا بترتيب زواج بورخيس من امرأة ترملت حديثا اسهما إليساأستيتي ميلان. غير أن الزواج لم يكن كاملا فلم يجامعها، وقد عبر عن رأيه ذاك بقوله «المرايا والجماع أمران مقيتان لأنهما يضاعفان عدد الرجال». كان الزوجان يعيشان تحت سقف واحد ولكن في غرف منفصلة، وكانت علاقتهما كتلك التي وصفها في قصته «ألف»، ولم يدم هذا الزواج لأكثر من ثلاث سنوات. طلب بورخيس مساعدة أصدقائه أدولفو بيوي كاسارس ونورمان دا غيوفاني وهوغو سانتيغو لسؤال إليسا الطلاق وذلك لأنه كان خائفا من مواجهتها. بعد الطلاق رحل بورخيس ليعيش مع والدته التي عاش معها طيلة حياته حتى وفاتها عن 99 عاما -انظر كتاب «دروس المعلم» لدا غيوفاني-.
    خلال سنواته الأخيرة عاش بورخيس وحيدا في شقة صغيرة كان قد عاش فيها مع والدته وكانت تعتني به مساعدتهم لسنوات عديدة واسمها فاني -انظر كتاب «السيد بورخيس» ("El Señor Borges") لفاني-.

    غادر بورخيس بيونس آيرس في زيارة قصيرة إلى مدن أوروبية في نهاية عام 1985 م، وكان وقتها مصابا بالسرطان، لكنه لم يعد من رحلته تلك، فقد توفي في جنيف في 14 يونو 1986 م.
    قبل بضعة أسابيع من وفاته دهش الجميع عندما أعلنت مساعدة بورخيس، الآنسة كوداما، أنها قد تزوجت منه في الباراغوي -الدولة التي كان يعمها الفساد تحت حكم ستروسنر في ذلك الوقت- وأنها قد حصلت على الحقوق الحصرية لاستعمال أعمال بورخيس تجاريا، الأمر الذي قد عملته بغزارة منذ موته. وحاليا يقضي القنصل البارغواني في جنيف في ذلك الوقت -وهو أرجنتيني- عقوبته في السجن بتهمة الفساد وذلك لبيعه وثيقة زواج غير قانونية للآنسة كوداما.
    توفي بورخيس بمرض سرطان الكبد في جنيف، المدينة التي درس فيها دراسته الجامعية وقبر في «مقبرة الملوك» (Cimetière des Rois) فيها.

    أعماله
    بالإضافة إلى قصصه القصيرة والتي نال شهرته منها، كتب بورخيس الشعر والمقالات والعديد المسرحيات وكم كبير من النقد الأدبي والافتتاحيات وتعقيبات على كتب وعدد ضخم من المختارات الأدبية. كما كان مترجما بارعا للأدب من الإنجليزية والفرنسية والألمانية إلى الإسبانية -بالإضافة إلى الإنجليزية القديمة والإسكندنافية-. وقد تأثرت كتاباته بفقده للبصر الذي بدأ، كما هو الأمر مع والده من قبل، في سنين الرشد. وكان من بين أكبر اهتماماته الفكرية عناصر علم الأساطير والرياضيات وعلم اللاهوت والفلسفة.
    لما كانت معظم حياته في القرن العشرين، نشأ بورخيس في فترة الحداثوية والتجديد في الثقافة والأدب، خصوصا في الرمزية. فقصص الخيال عنده كانت مثقفة وموجزة. وكمعاصريه فالديمير نابوكوف والأقدم نوعا ما جامس جويس، جمع بورخيس بين اهتماماته في وطنه الأصلي باهتمامات أوسع. كما شاركهم بورخيس في تعدد اللغات وتلاعبهم باللغة، ولكن أعمال نابوكوف وجويس كانت تزداد طولا مع مرور الوقت في حين بقيت أعماله قصيرة. كما اختلف بورخيس عنهم في أن أعماله كانت تتجه بعيدا عن ما كان يطلق عليه «الباورك»، في حين أن أعمالهم كانت تتجوه نحوها، فأعمال بورخيس الأخيرة كانت أكثر شفافية وطبيعية من أعماله الأولى.

    تعرض العديد من أشهر قصصه لطبيعة الوقت ولانهاية ومرايا والمتاهات والواقع والهوية. وتركز بعض قصصه على مواضيع وهمية، مثل مكتبة تحتوي على جميع الكتب التي يبلغ عدد صفحاتها 410 -«مكتبة بابل»- ورجل لا ينسى شيئا من حياته -«الحافظ قيونس»- وآلة يستطيع من يستخدمها أن يرى كل ما في الكون -«الألِف»- وسنة من الزمن لا تمر وتبقى ثابتة عند رجل يقف أمام فرقة تطلق النار -«المعجزة السرية»-. وبالمثل فقد قص بورخيس قصصا متنوعة الدرجات من حيث الواقعية اقتبسها من حياة أمريكا الجنوبية وقصص أبطال شعبية ومقاتلين ورعاة أبقار ومحققين وشخصيات تاريخية. وكان يمزج الواقع بالخيال والحقائق بالأوهام. وفي عدة مرات، وخصوصا في بداياته المهنية، كان الخيال والواقع يتقاطع عند بورخيس ليكون مرواغة أدبية.

    كتب لبورخيس مترجمة إلى العربية

    • وسم السيف وقصص أخرى، ترجمة محمد إبراهيم مبروك، نشر المجلس الأعلى للثقافة [2]
    • الصانع، ترجمة سعيد الغانمي، نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر [3][4]

    تمّ الاسترجاع من "http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D9%88%D8%B1%D8%AE%D...%8A%D8%B3"[/B[/GREEN]
    ]
                  

06-24-2006, 02:53 PM

bent-elassied
<abent-elassied
تاريخ التسجيل: 03-10-2003
مجموع المشاركات: 659

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: osama elkhawad)

    Dear Nigla,

    I appreciate your topic very much, it reminds me to Kadugli days that we met for a short time, every one was runing to complete her task.

    Good you start shining again by writing wounderful topic.

    Let us keep intouch

    Mey Elassied

    (عدل بواسطة bent-elassied on 06-24-2006, 02:54 PM)

                  

06-24-2006, 04:39 PM

fohamer
<afohamer
تاريخ التسجيل: 12-09-2004
مجموع المشاركات: 219

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: bent-elassied)



    نجلاء ..

    لا اخفيك إرتباكي تجاه هذا المكان
    فقد ارهقني جداً هذا الممتلئ بما هو جدير بالحب.
    كتابتك هنا, ترقد بمكان محبب بالذاكرة
    تدعو للإبتسام بلحظات لا يجمعها رابط منطقي ,
    زمني أو مزاجي محدد ,
    فقط تأتيني بصفات اشبه بالنسمة - التي نعرف ونستوضح
    حين تنفحنا برائحة اليفة .. لا تنتمي للتكرار إلا عبرنا
    إذاً نحن الممسكين بحلقات الحب والعابثي بصلصال الروح
    اعبر من هنا ولا ابالي .. بالوقت - وقتي - شاء ام لم يفعل
    وفي اضعف الايمان (اقواه) اسرك اني - اجيد المتاوقه -
    بعد ان اجبرتني الحروف هنا
    ان اكون تلك القارئة النجيبة التي اشتاق !
    اتابع بصمت ولكن نسبه لشاشه لم تتعلم
    الحدس بعد ولا توارد الخواطر ,
    ورغم اني الوذ بالصمت عند الطرب
    جئت هنا لأقيد تواجدي ربما بالحروف ذاتها تلك المدهشة !
    وربما لاشارك بالرقص.
    وكل الجمال ,,

    واصلي ,
    سالي

    (عدل بواسطة fohamer on 06-24-2006, 04:51 PM)

                  

06-24-2006, 05:24 PM

محمد الامين عمر

تاريخ التسجيل: 06-24-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: fohamer)

    نجلاء
    ما زالت ذكرى (الالف) عالقة لدي، مرتبط دومابورخس بنعناع الشاي، اذكره (بورخس) عند نعناع الشاي، وأذكرك..
    بالمناسبة ماذا حل بيوسف الانجليزي (والله ما عندي)
                  

06-24-2006, 05:46 PM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20429

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: محمد الامين عمر)

    قصائد لخورخه لويس بورخيس (1899 – 1986)
    ترجمة وإعداد: عدنان المبارك


    نشيد

    في ذاك الصباح رائحة لا تصَّدق
    تضوع في الهواء، رائحة الزهور المتفتحة في الجنة.
    على ضفاف الفرات
    يكتشف آدم زفير الماء العذب.

    المطر الذهبي يسقط من السماء:
    إنه ُحب زيوس.
    من البحر تتقافز السمكة،
    في حين أن الإنسان من أغريغنتو Agrigento* يتذكر
    أنه كان في الماضي سمكة.
    وفي المغارة المسماة التاميرا Altamira**
    ترسم يدٌ بلا وجه، قوس ظهر الثور .
    يد فرجيل البطيئة تمر على الحرير الذي
    جاءت به من دولة الإمبراطور الأصفر
    القوافلُ والسفن.
    العندليب الأول يغني في المجر.
    المسيح يرى عملة ً تحمل صورة القيصر الجانبية.
    فيثاغورس يكشف أمام يونانييه
    بأن شكل الزمن هو الدائرة.
    وفي جزيرة ما وسط المحيط
    تطارد كلاب السلوقي الفضيّة عبيداً ذهبيين.
    على السندان يطرقون السيف الذي
    سيخدم، بوفاء، زيغورد Sigurd. ***
    ويتمان يكتب الأشعار في منهاتن.
    هوميروس يولد في مدن سبع. عذراءٌ ما قبضت قبل لحظة
    على وحيد ِ قرن ٍ أبيضَ.
    الماضي كله يعود موجة ً.
    وكل هذه الأمور البالغة القدم تحدث من جديد
    ولأن امرأة معيّنة قبّلتكَ.
    * إسم مدينة في صقلية تعود آثارها الى عصور ما قبل الميلاد.
    ** المغارة المشهورة في إسبانيا و التي عثر فيها على رسومات الإنسان القديم.
    *** بطل أسطورة جرمانية ترمز الى الصراع الدائر آنذاك بين روح الوثنية الجرمانية والرسالة الإنجيلية. و يسمى البطل زيغفريد أيضا.

    الشريك في الذنب

    إنهم يصلبوني. وعليّ أن أكون الصليب والمسامير.
    يقدّمون لي الكأس، وعليّ أن أكون السمّ الزعاف.
    يخدعوني، وعليّ أن أكون كذباً.
    يحرقوني، وعليّ أن أكون جحيماً.
    عليّ أن أقدم المديح والشكر في كل لحظة.
    أنا أحيا بكل شيء ومهما كان الشيء.
    بعبء الكون، بالإذلال، بالحبور.
    عليّ أن أبرر الأمر الذي يجرح فيّ.
    ليست بالحسبان سعادتي وشقائي.
    إني شاعر.

    كتبي

    كتبي (وهي لاتعرف أنني موجود)
    هي جزء مني مثل الوجه،
    بصدغيه الأشيبين وزوج من عيون رمادية،
    أبحث عنهما، عبثاً، في عمق المرآة.
    وألمسهما بتقعّر راحة اليد.
    وليس بدون منطق مرّ
    أظن أن الكلمات الجوهر التي تعبّر عني
    تختبيء بين الصفحات التي لاتعرف من أنا، وليس الأخرى من صفحات كتبي.
    وهذا أفضل الأمور.
    أما أصوات الموتى فتقول عني هذا كله على الدوام.

    المسيح على الصليب

    المسيح على الصليب. تلمس القدمان الأرضَ.
    ثلاثة أعمدة من خشب ولها الطول نفسه.
    المسيح ليس في الوسط. إنه الثالث.
    اللحية السوداء تكنس صدره.
    وجهه ليس ذاك الوجه من الصور القديمة.
    قسماته حادة. قسمات يهودية، لكني لا أراه.
    سأظل أبحث عنه حتى اليوم الأخير من خطواتي على الأرض.
    الإنسان المحطم يتعذب، إنه باق في الصمت.
    يخزه تاج الشوك.
    لاتطاله سخرية العوام الذين يرون مرات كثيرة،
    كيف يموت. هو أو إمرؤ آخر. لا فرق.
    المسيح على الصليب، يفكر وهو مشوش الذهن
    بالملكوت الذي قد يكون بإنتظاره.
    يفكر بالمرأة التي لم تكن له،
    لم يُكتب له أن يرى اللاهوت
    أن يفقه الثالوث المقدس والغنوصيين *
    والكاتدرائيات وموسى أوكيم **
    وتغيير العقيدة بسيف غوتروم ***
    ومحاكم التفتيش ودم الشهداء
    والحروب الصليبية العاتية وجان دارك
    والفاتيكان ومانح البركة للجيوش.
    وهو يعرف أنه ليس ربّاً وأنه إنسان
    يموت كاليوم. وليس هذا ما ينهكه
    بل الحديد القاسي ، حديد هذه المسامير.
    وهو ليس بروماني ولا يونانياً. إنه يئن.
    وأبقى لنا مجازات رائعة،
    ومعرفة عن المغفرة (هذه الكلمات
    كتبها أيرلندي في السجن)
    الروح وصلت نهايتها، وهي تلهث.
    الذبابة تدّب على الجسد المنتفخ
    وأين العزاء في أن ذاك الإنسان
    قد تعذب كثيرا ًوحين أتعذب أنا الآن ؟

    * يسّمون أيضا بالعارفين. ومذهبهم جمعٌ وتركيبٌ لشتى الأنظمى الدينية – الفلسفية. ويعود هذا المذهب الى القرنين الثاني والثالث في زمن الرومان ، وقد جمع أيضا عناصرا من الديانات الشرقية والمسيحية وأخرى من العبادة اليونانية القديمة ، و إعتمد على مبدأ تدرجية حالات الوجود الروحي ، كما أعلن عن ثنائية الخير ( أي الروح ) و الشر ( أي المادة ) كذلك الإيمان بإمكانية تحرير الروح من المادة عن طريق المعرفة gnosis .
    ** يقصد بموسى أوكيم اي المبدأ القائل بعدم مضاعفة أحوال الوجود ومعناه رفض الحالات التي لانصل إليها عن طريق التجربة. وهذا المبدأ صاغه اللاهوتي الإنكليزي وليم أوكيم W. Occam من القرن الرابع عشر.

    *** قد يكون المقصود هنا غوتفريد ( 1061 – 1100 ) الأمير الجرماني أحد قادة الحرب الصليبية الأولى.

    السعادة

    هذا الذي يحضن المرأة هو آدم. والمرأة هي حواء.
    وكل شيء يحدث للمرة الأولى.
    رأيتُ شيئا أبيض في السماء. يقولون لي أنه
    القمر، لكن ما عليّ أن أفعله بهذه الكلمة، بهذه
    الميثولوجيا كلها.
    الأشجار تثير خوفا فيّ. إنها بمثل هذا الجمال.
    الحيوانات الهادئة تقترب مني كي أسّميها بأسمائها.
    ليس ثمة حروف في كتب المكتبة. لكن حين
    أفتحها تبرز الحروف.
    وحين أتصفح الأطلس أختلق شكل سومطره.
    وهذا الذي يشعل عود ثقاب في الظلام، يكون من إكتشف النار.
    في أعماق المرآة شخص آخر، متربص،
    وهذا الذي ينظر الى البحر يرى إنكلترا.
    وهذا الذي يُلقي أبيات ليلينكرون *
    يبدأ المعركة.
    حلمتُ بقرطاجنة، بفرق الرومان التي
    إذاقتها العذاب.
    حلمتُ بالسيف والميزان.
    مُبارك هو الحب الذي ليس فيه طرف مالك
    وآخر مملوك، فكل منهما مخلص للآخر.
    مُباركة كوابيس النوم، فبفضلها نصدّق
    بوجود الجحيم.
    هذا الذي ينزل النهر يغطس في نهر الغانغيس
    هذا الذي ينظر في الساعة الرملية يرى كيف
    تتقوض الإمبراطورية.
    هذا الذي يلهو بالخنجر يتوجس موت القيصر.
    هذا الذي ينام هو الناس أجمعين.
    في الصحراء رأيتُ أبا الهول فتياً إنتهى نحت هيئته قبل قليل.
    لا قديم تحت الشمس.
    كل شيء يحدث للمرة الأولى لكن وفق نموذج الأبدية.
    والذي يقرأني يخلق كلماتي.
    * ديتليف ليلينكورن Detlev Liliencorn وإسمه الحقيقي فردريك أدولف أكسيل، شاعر غنائي ألماني (1844 - 1900) إشتهر بقصيدته الملحمية ( بوغفريد (Poggfred

    المنتحر

    في الليل لا تبقى حتى نجمة واحدة .
    لايبقى الليل.
    أموت ومعي الثقل كله،
    ثقل الكون الذي يصعب حمله.
    أدمّر الأهرام والنقود القديمة
    والقارات والوجوه.
    أدمرُ طبقات الماضي.
    أحيلُ التأريخ إلى رماد، والغبار إلى غبار.
    أنظرُ إلى آخر غروب للشمس الأخيرة.
    أستمعُ إلى الطير الأخير.
    وأسّجلُ العدم لكن لغير أحد.

    العادلون

    إنسان ما يعمل في حديقته كما أراد فولتير.
    هذا الذي هو شاكر لأن على الأرض توجد الموسيقى.
    هذا الذي يرى المسّرة في اكتشاف الأثيمولوجيا *
    الموظفان لاعبا الشطرنج في مقهى صغيرة
    في (شارع الجنوب)،
    الفنان – صانع السيراميك الذي يرى اللون
    والشكل في تصميمه.
    المطبعي الذي يعرف كيف يرتب هذه الصفحة
    رغم أنها قد لا تعجبه البتة.
    المرأة والرجل قارئا الفقرات الأخيرة
    من أنشودة معيّنة.
    هذا الذي يربت على الحيوان المُنوَّم
    هذا الذي يبررالظلم الذي لحقه أو يريد تبريره.
    هذا الذي هو شاكر لأن على الأرض كان ستيفنسن.
    هذا الذي يفضل أن يكون الآخرون محقين.
    جميع هؤلاء الأشخاص الذين لا يعرف أحدهم
    الآخر، هم من ينقذ العالم.
    * علم الإشتقاق، مبحث أصول الكلمات ومصادرها.


    الرجل الثالث


    أوجّه هذا البيت من الشعر (ولنأخذ الآن بهذه
    الكلمة حسب)
    إلى الرجل الثالث الذي عبر أمامي الطريق أمس.
    ولم يكن أقل غموضا من الآخر لدى أرسطو.
    في يوم السبت خرجتُ من البيت.
    الليل كان ممتلئا بالناس.
    أكيد أن هذا الرجل الثالث قد إجتازني.
    تماما كما إجتازني الأول والرابع.
    دخل هو (شارع باراغواي). أنا توجهت صوب
    (شارع قرطبة).
    وعلى وجه التقريب ولدته كلماتي،
    ولن أعرف أن هناك نكهة معيّنة، نكهته المفضلة.
    انا أعرف بأنه حدّق طويلا في القمر.
    وليس بالأمر غير الممكن أنه مات.
    ويقرأ كلماتي، وسوف لن يعرف
    أنني أكتب الآن وأفكاري صوبه.
    وفي المستقبل المبهم
    قد نكون خصمين يحترم أحدنا الآخر.
    أو صديقين يعزّ أحدنا الآخر.
    لقد فعلتُ شيئا لا رجعة عنه :
    خلقتُ وشيجة مع شخص آخر.
    وفي هذا العالم اليومي
    الشبيه للغاية بكتاب ألف ليلة وليلة
    ليس هناك من فعل لا يصير
    عملية سحرية،
    وكل حقيقةِ الفرصةِ في أن تكون الأولى
    وفي صفٍ لا ينتهي.
    انا أسأل، هل هناك ظلال
    لم تنبذها هذه الأبيات غير العَجلِة.

    عصا الخيزران

    كانت ماريا كوداما* من اكتشفها.
    إنها خفيفة بشكل غريب لكنها متسلطة
    ولاتخيب الآمال. وكل من يراها لن ينساها.
    ولكي ترسم المنطقة السحرية أنظر إليها، وأحس أنها فلذة
    من تلك الإمبراطورية غير المنتهية التي بنت جدارها
    كي ترسم المنطقة السحرية.
    أنظرُ إليها. أفكرُ بتشوانغ – تسي الذي
    حلمَ بأنه فراشة وحين إستيقظ لم يعرف أنه
    كان رجلا قد حلمَ وأنه فراشة حلمت وأنه
    إنسان.
    أنظرُ إليها. وأفكرُ بالحِرَفي الذي عمل في
    الخيزران ولواه بالشكل الذي يمكن يدي اليمنى
    لا أعرف أما زال حيّاً هذا الحرفي أم مات.
    لا أعرف هل هو (تاويّ) أم بوذي أم
    يبحث عن المشورة في الكتاب في النجوم السداسية الأضلاع.
    لن نلتقي نحن الإثنين ابدا.
    لقد ضاع هو بين الملايين التسعمائة والثلاثين
    لكن هناك شيئا – يجذبنا إليه.
    وليس بالأمر غيرالممكن أن أحدهم فكرَ
    بهذه الصلة منذ قديم الزمان.
    وليس بالأمر غيرالممكن أن يكون الكون بحاجة إلى هذه الصلة.


    * زوجة بورخيس.
    ---
    عدنان المبارك: باحث وأديب ومترجم عراقي يقيم في الدنمارك
    يحرر موقع القصة العراقية
    http://www.iraqstory.com/


                  

06-24-2006, 05:51 PM

محمد الامين عمر

تاريخ التسجيل: 06-24-2006
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: محمد الامين عمر)

    ثم ثانياً
    ده بوست ولا قيامة رابطة
    تماضر وانتي وميسون والله إلا اطير
    مع اعتذاري لشبشة والآخرون ، فالناس احوال، وللرجال اوقاتهم وكذلك الديوك.

    غايتو حمدت ربي كثيرا، أنني كنت من الواصلين
                  

06-26-2006, 08:56 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)


    والعكاز يهش به على العتمة. والروح مبصرة. يا عمايا..
                  

06-26-2006, 02:31 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    انجيل مرقس

    حدث ذلك في دار لاكولورادا ، في جنوب بلدة جونين في أواخر آذار عام 1928 . بطلها طالب في الطب هو بالتادار سبينوزا . بامكاننا وصفه الآن بانه واحد من اولئك الشبان في بوينس آيرس ، لا سمة تذكر له سوى طيبته اللامحدودة و موهبة الخطابة التي أكسبته أكثر من جائزة في معهد راموس ميجيا الانجليزي . كان لا يحب المناقشات ، ويفضل أن يكون محاوره على حق بدلاً منه . وبالرغم من اهتمامه بمصادفات اللعب كان لاعباًً رديئاً لانه كان يستاء من الربح . كان ذكاؤه المنفتح كسولاً : وفي الثالثة والثلاثين من عمره كانت ما تزال تنقصه مادة لينال الدبلوم ، وكانت هذه المادة هي تلك التي أكثر ما تستهويه . والده الذي كان حر ّ التفكير كسائر السادة في عصره ، علمه عقائد هربرت سبنسر ، أمّا والدته فقد طلبت منه عشية رحلة الى مونتي فيديو أن يصلي " أبانا الذي ..." كل مساء ويرسم اشارة الصليب . ولم ينكث بوعده طوال السنين . ولم يكن يفتقر الى الشجاعة . ذات صباح تبادل بعض اللكمات ، لا مبالياً أكثر منه غاضباً ، مع مجموعة من الرفاق الذين أرادوا اجباره على الاشتراك في اضراب للطلاب . غالبا ً ما كان يقع ، بــّنية ٍ توفيقية ، في آراء ومواقف قابلة للاعتراض : لم يكن يبالي ببلده بمقدار ما يبالي بخطر ان ينظر الينا في الخارج على اننا هنود حمر . كان يجل ّ فرنسا لكنه يحتقر الفرنسيين . وكان يستخف بالامريكيين لكنهه يوافق على قيام ناطحات سحاب في بوينس آيرس . كان يعتقد أن رعاة السهل هم فرسان أفضل من رعاة المناطق الجبلية . وعندما اقترح عليه ابن عمه دانيال تمضية الصيف في لاكولورادا ، وافق على الفور ، ليس حباً بالريف ، ولكن بلطفه الطبيعي ، ولانه لم يبحث عن تقديم اعذار مقنعة للرفض .
    كان القسم الرئيسي من المزرعة فسيحا ً ومهملاً بعض الشىء . وكان مسكن المزارع المدعو " غوتر" قريباً من المزرعة . كانت عائلة غوتر مؤلفة من ثلاثة : الاب ، والابن الذي كان خشناً للغاية ، وابنة مشكوك في بنوتها . وكان الثلاثة طوال القامة اشدّاء ، متيني البنية ، ولون شعرهم يميل الى الشقرة وعلى وجوههم ملامح قرابة مع اسلاف هنود . نادراً ما كانوا يتكلمون . وقد توفيت زوجة المزارع منذ سنوات .
    في حياة الريف هذه ، تعلم اسبينوزا شيئاً فشيئاً أموراً كان يجهلها ولم يكن وجودها يخطر في باله . مثلاً انه لا يجب ان تعدو الخيل لدى اقترابها من المنازل ، ولا احد يمتطي حصانه الا اذا كان عليه القيام بمهمة محددة. وسيتوصل مع الوقت حتى الى معرفة الطيور من اصواتها.
    بعد ايام ، اضطر دانيال الى التوجه الى المدينة لانهاء قضصية تتعلق بالماشية قد تستغرق اسبوعاً على الاكثر . وقد فضّل اسبينوزا البقاء في الدار مع كتبه ، بعد ما بدأ يمل ّ روايات ابن عمه عن مآثره ، واهتمامه المستمر بتغيرات الموضة الرجالية . كان الحر ّ مرهقاً ، وحتى الليل لم يأت بأي انتعاش . عند الفجر ايقظه هزيم الرعد . كانت الريح تهز اشجار الكازاوارينا . وسمع اسبينوزا سقوط قطرات المطر الاولى ، فحمد الله . وفجأة هبت ريح باردة ، وبعد الظهر فاض نهر سالادو .
    في اليوم التالي كان بالتازار اسبينوزا يتأمل الحقول المغمورة ، ففكر في أن الاستعارة التي تشبّه البامبا بالبحر ، لم تكن ، مخطئة تماماً ، اقله في ذلك الصباح ، رغم أن هودسون قد كتب أن البحر يبدو لنا أكبر لاننا ننظر اليه من على متن باخرة وليس من على ظهر حصان او من رأس قامتنا. لم يخف ّ المطر . عمل الغوتر ،بمساعدة – اوبازعاج – المديني ّ على انقاذ قسم كبير من الماشية ، لكن بهائم كثيرة غرقت . كانت اربعة دروب تؤدي الى لاكولورادا ،و قد غمرها الفيضان جميعها . في اليوم الثالث هدد تسرب المياه منزل المزارع . فجعل اسبينوزا عائلة غوتر تسكن في غرفة تقع في مؤخرة الفناء ، قرب مستودع الادوات . وقد قرّبهم هذا الانتقال الى بعضهم البعض . وكانوا يتناولون الطعام معاً في غرفة الطعام الكبيرة ..وقد بدا الحوار صعباً بينهم .فالغوتر الذين يعرفون اشياء كثيرة عما يتعلق بالريف ، لا يقدرون على شرحها الا بصعوبة . سألهم اسبينوزا ذات مساء هل كان الناس يتذكرون هجوماتت الهنود ، عندما كانت القيادة العسكرية متمركة في جونين . قالوا نعم ، لكنهم كانوا سيجيبون كذلك ايضا ً على سؤال حول اعدام شارل الاول . تذكر اسبنوزا ان والده اعتاد القول ان غالبية المعـّمرين في الريف هم اشخاص لا يتمتعون بذاكرة جيدة ولديهم فكرة غير واضحة عن التواريخ . واالرعاة يجهلون عادة سنة ولادتهم واسم من ولدهم .
    لم يكن في البيت كتب سوى سلسلة اعداد من مجلة " المزرعة " ، وكتيب للبيطرة ، ونسخة فاخرة من التاباريه ** ، و تاريخ الشورتورن *** في الارجنتين ، وبعض الروايات الجنسية او البوليسية ورواية حديثة : دون سيغوندو سومبرا . وقد قرأ منها اسبنيوزا فصلين لعائلة الغوتر الامـّية ، لكي يملأ بطريقة ما السهرة التي لا مفر ّ منها . وللاسف ، فالمزارع الذي قاد القطعان بنفسه لا يمكنه بالتالي الاكتراث لمغامرات مزارع آخر . فقال أن هذا العمل سهل وان الدابة تقاد دائما ً مع كل اللوازم ، وانه لو لم يتعاط هذه المهنة لما كان وصل ابدا الى بحيرة غوميز والى ال براغادو والى حقول نونيز في شاكابوكو . وكان في المطبخ قيثارة . وكان العمال ، قبل الاحداث التي ارويها ههنا ، يجلسون دائرياً في المساء ، واحدهم يضبط القيثارة دون ان يتوصل الى العزف عليها فعلاً ، وكانوا يسمون ذلك سهرة قيثارة .
    كان اسبينوزا الذي ارسل لحيته ، يقف طويلاً امام المرآة لينظر الى وجهه الجديد ، وهو يبتسم لدى فكرة عودته الى بوينس آيرس حيث لن يكف عن رواية قصة فيضان نهر سالادو للاصدقاء. والغريب انه اسف على أماكن لم يكن يرتادها او لن يرتادها ابداً : زاوي من شارع كاربيرا حيث يوجد صندوق بريد ، واسدان حجريان عل بوابة في شارع جوجوي قرب ساحة الاونس ، ومخزن بقالة مرصوفة ارضه لم يعد يذكر مكانه بالضبط . اما اخوته ووالده فلا شك انهم علموا من دانيال انه معزول – وكانت الكلمة اشتقاقاً صحيحة – بفيضان النهر .
    ولدى تفقده المنزل المحاط دائماً بالمياه ، عثر على الكتاب المقدس باللغة الانجليزية . وقد دّون الغوتري ّ – كان هذا اسمهم الاصلي – تاريخهم على صفحات الكتاب الاخيرة . لقد جاؤوا من انفرنس ****، ولا شك انهم وصلوا الى هذه القارة كعمال في بداية القرن التاسع عشر واختلطوا بالهنود . وكان تاريخ الواقائع هذا يتوقف عند عام 1870 . كانوا قد نسوا اللغة الانجليزية ، وعندما التقى بهم اسبينوزا كانوا يتكلمون الاسبانية بصعوبة . لم يكونوا مؤمنيين ، الا ان بقايا غير واضحة للتعصب الكالفيني ّ الشديد ، كانت ماتزال تسري في دمهم مع خرافات هنود البامبا . اخبرهم اسبينوزا بما عثر عليه ، لكنهم لم يعيروه اهتماماً كبيراً . تصفح الكتاب المقدس ووقعت اصابعه على بداية انجيل مرقس . وقرر ان يقرأ لهم هذا النص ّ بعد العشاء ، ليتمرس بالترجمة او ربما لير هل كانوا سيفهمون منه شيئاً . وقد فوجىء بهم يصغون اليه بانتباه وبصمت ملؤه الاهتمام . قد تكون الحروف المذهبة على غلاف الكتاب أكسبته مزيداً من السلطة . وفكر في ان هذا الامر يجري في دمهم . وقال لنفسه ايضاً ان البشر رددوا عبر الاجيال حكايتين : حكاية المركب الضائع الذي يبحث في خضم امواج البحر المتوسط عن جزيرة حبيبة ، وحكاية الاله الذي ُصلب على الجلجلة . وتذكر دروس الالقاء التي كان يحضرها في شارع رامبوميجيا ويقف ليقرأ الامثال .
    كان الغوتر يرفعون اللحم المشوي والساردين لكي لا يؤخروا قراءة الانجيل .
    كانت الفتاة تدلل ( رخلة ) زينت لها عنقها بشريط ازرق سماوي ّ ، وقد جرحت الرخلة بسلك حديدي شائك . فارادوا ان يوقفوا نزف الدم بوضع لصقة من عكاش العنكبوت . لكن اسبينوزا شفاها بواسطة بعض الاقراص الطبية . وقد فوجىء بالعرفان الذي اثاره هذا الشفاء . في البداية كان حذراً من عائلة غوتر فخبأ في احد كتنبه مبلغ المئتين والخمسين بيزو الذي اتى به معه . والآن ، وفي غياب السيد ، أخذ مكانه وراح يصدر أوامر خجولة كانت تنفذ بسرعة . كانوا يتبعونه من غرفة الى اخرى وفي الممر ، كأنهم يشعرون بالضياع . وقد لاحظ اثناء القراة انهم يلمون الـُفتات الذي تركه على الطاول . وذات يوم فاجأهم وهم يتحدثون عنه باحترام وبكلام ٍ قليل . بعد انتهائه من قراءة انجيل مرقس اراد ان يقرأ لهم احد الاناجيل الثلاثة الاخرى . لكن الاب طلب منه ان يعيد قراءة الانجيل ذاته لكي يفهموه جيداً . وادرك اسبينوزا انهم كالاولاد يفضلون التكرار على التنويع او التجديد. حلم ذات ليلة بالطوفان ، وهذا امر لا يدعو للاستغراب . وقد ايقظته ضربات المطرقة في بناء السفينة وقال لنفسه قد يكون هذا هزيم الرعد . في الواقع ، كان المطر قد تجدد بغزارة بعدما كان خف ّ قليلاً . كان البرد قارساً . وقالوا له ان العاصفة خربت سقف مستودع الادوات وانهم سيطلعونه عليه بعد اصلاح جسوره . فهو لم يعد من الآن غريبا ً بالنسبة لهم واصبحوا كلهم يعاملونه باحترام حتى انهم كادوا يدللونه . لم يكن أي واحد منهم يحب القهوة ، ومع هذا فكان يوجد له دائماً فنجان صغير من القهوة المحلاّة بوفير من السكر .
    كانت العاصفة قد اندلعت يوم الثلاثاء . في ليلة الخميس ايقظته طرقات خفيفة على باب غرفته الذي كان يقفله بالمفتاح على سبيل الحيطة . نهض وفتح الباب : انها الفتاة. لم يرها جيداً في الظلام لكنه لاحظ لدى سماع خطواتها انها حافية القدمين ، ثم عرف في الفراش انها اتت عارية من الطرف الآخر للفناء. لم تقم باي حركة ولم تتفوه باية كلمة .تمددت بالقرب منه ، وكانت ترتجف . كانت تلك المرة الاولى التي تعرف فيها رجلاً . وعندما ذهبت لم تقبله . ففكر اسبينوزا انها لا يعرف حتى اسمها. وبدافع شخصي لم يحاول تفسيره ، اقسم لنفسه انه لن يخبر احداً عن هذه القصة لدى عودته الى بوينس آيرس.
    بدأ النهار التالي كالنهارات السابقة ، الا ان الاب تكلم مع اسبينوزا وسأله هل كان المسيح ترك نفسه يقتل لتخليص كل البشر ؟ فوجد اسبينوزا نفسه مضطراً الى شرح ما قرأه لهم ، مع كونه متحررا ً فكريا ، واجاب :
    - اجل ، ليخلّصهم جميعا ً من الجحيم.
    اذ ذاك سأله غوتر :
    - وما الجحيم ؟
    - انه مكان تحت الارض تحترق فيه النفوس الى مالانهاية.
    - وهل خلص ايضاً الذين سمّروه ؟
    - نعم ،
    اجاب اسبينوزا الذي لم يكن ضليعاً في علم اللاهوت.
    خشي اسبنوزا ان يحاسبه المزارع على ما جرى في الليل مع ابنته .
    بعد الغداء طلبوا منه ان يعيد قراءة الفصول الاخيرة .
    كانت قيلولة اسبينوزا طويلة : وقطع حلمه الخفيف بضربات مطرقة ملحة وبهاجس ٍ داخلي ّ مبهم . في نهاية فترة بعد الظهر ، قام وخرج الى الممر . قال وكأنه يفكر بصوت عال ٍ
    - المياه تنخفض قليل من الوقت بعد.........
    - قليل من الوقت بعد. ردّ غوتر ، كالصدى .
    تبعه الثلاثة . ثم ركعوا على الارض وطلبوا بركته. ثم لعنوه وبصقوا في وجه ودفعوه الى آخر الفناء . كانت الفتاة تبكي . فهم اسبينوزا ما ينتظره وراء الباب . وعندما فتحوه شاهد السماء . واطلق طير صرخته . فكر اسبينوزا : انه حسون . كان مستودع الادوات بلا سقف. كانوا قد نزعوا جسور السقف ليصنعوا منها الصليب .

    من مجموعة تقرير برودي وقصص اخرى : ترجمة نهاد الحايك مراجعة الاب : البير ابونا
                  

06-26-2006, 04:37 PM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    The Zahir and I
    In Gujarat, at the end of the eighteenth century, the Zahir was a tiger; in Java it was a blind man in the Surakarta mosque, stoned by the faithful; in Persia, an astrolabe that Nadir Shah ordered thrown into the sea; in the prisons of Mahdi, in 1892, a small sailor’s compass wrapped in a shred of cloth from a turban and touched by Rudolf Karl von Slatin; in the synagogue in Córdoba it was, according to Zotenberg, a vein in the marble of one of the synagogue’s twelve hundred pillars; in the ghetto in Tetuán, it was the bottom of a well. By sometime around 1949, the Zahir turned up in Buenos Aires; it had become a common twenty-centavo coin, issued in 1929, into which a penknife or a razor had scratched the letters N T and the number 2. Today, in New York and London and San Juan, Puerto Rico and a little town in Maryland, the Zahir is a blind poet named Jorge Luis Borges.

    andrew hurley
    borges' translator from spanish into enlish
    اقرأ قصة لبورخيس بنفس العنوان هنا

    The Zahir

    Jorge Luis Borges

    http://www.sccs.swarthmore.edu/users/00/pwillen1/lit/zahir.htm

    (عدل بواسطة Adil Osman on 06-30-2006, 11:23 AM)

                  

06-27-2006, 07:43 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    لا استطيع الجزم بأننى قرأت أى شئ لبورخيس من قبل.
    ولكننى أعرفه مثل جوع بطنى.
    وتعرفت عليه أول شئ عن طريق جابرييل جارثيا ماركيز، اللاتينى الأشهر، عندما بدأنا نقرأ رواياته وقصصه فى ثمانينات القرن الماضى.
    كنا عندئذ طلاب فى جامعة الخرطوم.
    وكانت كتب ماركيز تأتينا مترجمة من بيروت ودمشق.
    ولقد هيأ لى الحظ أقارب درسوا وقتها فى سوريا.
    فكنا من أوائل السودانيين الذين يطلعون على أفئدة كتب أدب أمريكا اللاتينية بحساب الجغرافيا والهويات الوطنية، وأدب الأنسانية جمعاء بحساب وحدة مصائر البشر وتشابه ظروف حياتهم وخياراتهم أو لا خياراتهم.

    فى هذا السياق تعرفت على بورخيس.
    ولكننى لا أستطيع الجزم أننى قرأت له شيئآ.
    ولكننى على نحو ما قرأت كل كتبه التى نشرها.
    وتلك التى كتبها ولم ينشرها.
    وكذا الكتب التى لم يكتبها البتة.

    ثم قرأت له هنا فى انقلتره باللغة الانقليزية.
    لا أذكر ما قرأت له هنا. فقد قرأت كتبآ كثيرة عبر السنوات.
    وقرأت كل شئ وقع فى يدى، من جرائد الصباح والمساء، ومن الجرائد التى تسمع هبوطها على ارض الشقة عندما يوزعونها فى عطلة نهاية الاسبوع.
    من الجرائد الى تذاكر البصات والقطارات وحافلات السفر بين المدن، الى فواتير التبضع.
    فهنا كل شئ مكتوب.
    هنا ليس ثمة فصول لمحو الامية!
    هنا فى كل حى مكتبة عامة.
    للاغلبية كتب باللغة الانقليزية.
    وللاقليات كتب بلغاتها.
    الاسيويين على وجه الحصر.

    ولقد كانت لى علاقة خاصة ومنتظمة وحميمة بالمكتبات العامة.
    علاقة أشبه بالعلاقة مع إمرأة، فيها حب ووفاء، وشوق، وخيالات،
    وفيها انخراط بالحواس فى البحوث والكشوف والتمعن (من معنى) (من معنى العكوف على سبر المعنى) ( بمعنى أنّ المعنى ليس ظاهرآ على طول الخط)
    ( كم فى الخط؟) (اتنين) ( كضبآ كاضب)!

    والآن، مع نجلاء، ومبادراتها البليغة،
    وحيوية كتابتها، وحماسها لبورخيس،
    وإعجابها المسبوق به، وجدتها فرصة لأعادة إكتشاف بورخيس.
    أو بالأحرى إعادة إكتشاف علاقتى به.
    إن كان ثمة علاقة يؤبه بها من البداية.

    ماذا حصل لى فى هذا السياق؟ القديم الجديد؟
    هذه قصة نحكيها فيما بعد.
    عندما يكون الوقت وقت البواح.
    وقت الصراح.
    وقت الرمل المتساقط من جراب المسافر.
    من الفرقة بين إصبعين فى خفّ الجمل.
                  

06-27-2006, 09:59 AM

Abdalla aidros

تاريخ التسجيل: 12-07-2005
مجموع المشاركات: 595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    up
                  

06-28-2006, 06:34 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Abdalla aidros)

    شكرا عيدروس
    على تعتيل البوست
    انا في ال "بريك "
    اختلاس الهنيهات
    بعدين حجي انزل الحوار
    شكرا لحضوركم الجميل يا جماعة
                  

06-30-2006, 01:36 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)


    I had always imagined paradise as a kind of library
    Borges
    كنت اتخيل على الدوام ان الفردوس مكتبة!
    بورخيس
                  

06-30-2006, 05:09 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    نهار سعيد للجميع

    كتبت هنا ، عن بورخيس ، واصابني فعلا التعب من هذا الرجل
    لن يكون بوسعي تذكر شهر يونيو من عام 2006 الا ويكون اسمه متلاعبابكل كرة ممكنة في حقل ذاكرتي المعطوبة
    قرأته اول مرة في مجلة العربي منذ سنوات بعيدة ، كانت قصة مترجمة اسمها " يانصيب في بابل "
    مرعبة وغريبة وصادمة
    ولم يكن اسم بورخيس يحمل اي رنين من اي نوع بالنسبة لي
    كان افضل ما حدث انني نسيته فعلا
    اذ لم يقع نظري على اي شىء يدل على وجوده المهمل في حياتي الفقيرة
    ثم ارسل لي عبد الوهاب ومحمد المزروعي مجموعة " الألف "
    تخريب قصدي
    منذها وانا اضيع ويعثر علي
    واضيع تاني
    تنوجد حياتي في كتابتي والفظها واصر على الصيغة العادية
    اليومية المحظوظة برتابتها الخادعة
    قائلة بيني وبيني "عيبيها لي "
    مالك ومال الضلالات و وقومة النفس كلما كتب واحد نفسه تقرأين نفسك معه من الأول ويزداد الكوكب غموضا
    عندما توصلت الى اننا لا يجب ان نبحث عن المعنى في الكتب ولا في اي مكان آخر
    كانت قواي بدأت فعلا بالتخاذل
    وصارت المتعة القحة وجهة مفتوحة تبدأ من اي نقطة ولا تنتهي من احداث البلبلة والمشاغلات
    ليس ثمة نسق
    ثمة نسق
    لا اعرف البداية
    ليس ثمة بداية
    ثمة بداية
    طيب ماالذي يعنيه كتاب ؟
    طيب وما الذي لا يعنيه كتاب ؟
    الحياة
    الكتاب
    الكتاب والحياة
    لأ الكتاب الحياة ، كده طوالي بدون عطف
    بدون رحمة برضو ...هل تدور الكواكب فعلا ؟
    بلى
    لماذا لا يراناالكوكب ؟
    بلى
    اين يمكن وضع كل آلامنا البشرية ؟ تحت رعاية منو ؟ وكيف يمكن لكتاب ان يفسر
    تلك القطعة من الجحيم؟
    اية قطعة؟
    الحياة اليومية المنسية لرجل لبنت لصبي لشافع لعامل لجائع لمريض لمظلوم لمحتضر لقاتل لامرأة لافريقيا لمغتصبة لارمل لمصاب بالربو تحت عرش من الزنك في سوق ليبيالبائعة طواقي تضمر للحراشف في يد متسول لقطرة المحلول تقطر في عروق بت سودانية مسجاة على برش في عبارة تقطع البحر بين جوبا وبور في برنامج العودة الطوعية وفض النزاع
    ايتها السيدة الجنوبية التي عمرها يناهز السابعة والعشرين سنة
    ايتها البنت التي ولدت عام 1979 وكانت في الرابعة من العمر عندما جاء شخص واعلن في الرادي عن شيء اسمه قوانين سبتمبر في مكان بعيد في الجغرافيا وفي التاريخ
    نحنو جندوالله جندو الوطن !
    يا أكواج ، قلت
    كيف ترين الحياة من تلك الفرجة ؟
    عندي رمد !
    كل ما هنالك ان عمرك ضاع فعلا وهذا حدث ضئيل جدا بالقياس لعمر الكوكب البصير الاعمى
    ، بالمناسبة لم تقرأي بورخيس ؟
    قريتو
    في الاجازة الصيفية يضعون لنا خيارات كثيرة من بينها رحلات الى مسقط رأس شخص عظيم والاطلاع على سيرة حياته
    مشيتي بوينس آيرس ؟
    طبعا وعندي صور جنب المكتبة الوطنية
    على حساب الحكومة؟
    آي
    الحكومة الحكومة ؟
    ايوا
    نزلنا في فندق بسيط يعني لكين معقول وعملنا جولات سياحية
    سواح سودانيين في ارجنتينا !
    عند الغافل ...تلقيها
    وهنا لا يغفلون شىء ،انتبهوا حتى لحياتي الصغيرة وهى محطمة بالكامل هسي .عدت الى بور لكن ذاكرتي معي ! مرت فعلا 27 سنة وتبقي لي مثلها ولن انجو من ذعر العطش الى أم ووطن وملعقة دوا شراب ..عندي حمى شديدة ؟ كدى شوفيني ..
    خلاص قربنا نصل
    وين ؟
    البلد
    دي شنو الموية دي ؟
    جلكوز ... درب جلكوز
    في موية تاني ولا ياهو ده
    عندك درب واحد تاني مسافة ساعة بنتهي .. احسن تنومي .
                  

06-30-2006, 05:16 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    المحاورة ادناه اجريت مع السيد خوركي لويس بورخيس لصالح مجلة امريكية اسمها ARTFUL DODGE في العام 1980
    بحثت عن ترجمة عربية للحوار في الشبكة ولم أعثر على واحدة فتوكلت على الله وترجمته منذ ايام فقط ، احب ان اشكر عادل عثمان لقيامه بمراجعة الترجمة بكرم وحفاوة اصيلة .

    (عدل بواسطة نجلاء التوم on 06-30-2006, 05:38 AM)

                  

06-30-2006, 05:21 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    محاورة مع بورخيس


    مجلة Artful Dodge
    1980

    ترجمة : نجلاء التوم
    تدقيق : عادل عثمان
    يونيو 2006


    خوركي لويس بورخيس رجل صاحب عوالم وأمزجة مختلفة ، وهو بحق علامة فارقة في سماء الأدب الأسباني الحديث . من الفضاء الجيرماني استلهم بورخيس معظم طاقته الإبداعية : الشعر الإنجليزي ، فرا نز كافكا ومثيولوجيا الحروب و الفروسيات المودعة في تاريخ انكلترا و اسكندنافيا القديمتين . بعدائه السافر للسياسية وللمثل بقيت أعماله تراوح بين تاريخ أمريكا الجنوبية والاشراقات الخاطفة لقلب إنسان .
    يهدف هذا الحكـّّاء إلى قص حكاياته في أسلوب بسيط ، فيصورها تارة في معبد غريب وتارة في الحانات المجاورة . يصف بورخيس نموره الطفولية وقد يجعلنا نرى التماعة خنجر تحت ضوء القمر أو ، ربما ، يمثل لنا صبر البحاثة مطارداً بمشقة مخطوطة عتيقة . انه كاتب حالم بحد تعبيره ولكن بقدر ما تنبع كتابات بورخيس من الأحلام تنبع أيضا من التجارب ، فليس ثمة حقيقية نهائية... وصحيح أن الحياة مفعمة بالقوة سوى أننا لا ننال منها ألا نظرة خاطفة جداً قبل أن تسحقنا .
    مقالات ، قصص وأشعار حظيت باحترام العالم على اتساع أطرافه ؛ هذه هي المحصلة من عبورات بورخيس المستمرة بين الحدود اللغوية والميثولوجية والاجتماعية . في العام 1960 اقتسم بورخيس جائزة الناشرين الدوليين مناصفة ً مع الروائي الفرنسي "صمويل بيكيت" ، بينما ظل كاتبنا دائما هو المرشح " التالي " لجائزة نوبل في الآداب . ورغم أنه بدأ بنشر أعماله في بوينس آيرس في 1920 ليتوج ذلك نشر مجموعته المميزة ( خيالات ) Ficciones, في العام 1944 الا انه لم يصبح معروفا في أمريكا إلا بحلول العام 1961 أوان ظهور " المتاهات " عن دار ( وجهات جديدة) والكتاب هو انطولوجيا لأعماله الباكرة ومقالاته وأشعاره والتي تلقفتها الأيدي في الولايات المتحدة والأقطار الأخرى الناطقة بالإنجليزية .
    في عام 1962 ظهرت ترجمة لمجموعة ( خيالات ) الى الانجليزية ، ثم حوت ترجمة متأخرة عنها ( انطولوجيا ذاتية) ، 1967 و ( الألف وقصص أخرى) في 1972، ثم ( في مديح العتمة ) 1974 . و المجموعات الأربع الأخيرة تمت ترجمتها إما بواسطة او تحت إشراف "نورمان توماس دي جيوفاني" والذي كان يعمل معه بورخيس جنباً إلى جنب في إنجاز الترجمة .
    ان الجلوس الى بورخيس ومحاورته عن كثب يعني تعقب خطاه عبر متاهة من تجاربه ومواضيه ومواقفه. ولكم هي مموهة - بطريقة عصية على التوقع- الجدران التي تعترض هذا البحث . قد يزودنا ذلك بمفاتيح حل الأحجية ، أو بمجرد شراك تصرف نظرك وتلهيك عن المهمة . انما لإدراك بورخيس - جزئيا على الأقل - علينا ملاحظة حقيقة أن تلك المفاتيح وتلك الشراك ليست إلا بورخيس نفسه . علينا ألا نتوقع أن يكون بورخيس هو الشخص نفسه في كل مرة نلقاه فيها إذ ليس هناك بورخيس واحد ... فهو بشكل ما " بورخيسات" متعددة .
    التالي هو بورخيس الذي حاورته مجلة " Artful Dodge " في الخامس والعشرين من ابريل لعام 1980 :








    - بورخيس : قبل أن نبدأ ..اسمحوا لي : أسئلة مباشرة بالله عليكم . مباشرة يعني ليست من قبيل.. : " ما الذي سيكون عليه المستقبل في اعتقادك ؟ " بينما هناك ، كما أظن ، "مستقبلات " كثيرة يختلف كل منها عن الآخر .


    - دانييل بورن : لنتكلم على ماضيك إذن.. على تأثيراتك وما إلى ذلك .

    بورخيس : حسنا ؛ بوسعي إطلاعك على التأثيرات التي وقعت علي بسبب قراءاتي ، ولكن ليس على تلك التي قد تطال الآخرين إذ يقر أونني ، هذا يقع في دائرة المجهول بالنسبة لي ، كما انه لا يهمني في شيء . أنظر إلى نفسي كقارىء بالدرجة الاولى ثم كاتب أيضا ، لكن موضوع التأثيرات غير ذي صلة . اعتقد أنني قارىء جيد .. قاريء جيد في لغات عديدة وعلى الأخص الإنجليزية بما أنني تنسمت الشعر أول ما تنسمته عبرها . بالأساس عبر الإعجاب الذي حمله والدي ل "سوين بيرن " و " تينسون " إلى جانب " كيتس " و" شيللي" و غيرهم . لقد تعرفت إلى الشعر من خلال اللغة الإنجليزية ، لم يحدث ذلك عبر لغتي الأم، ليس أبدا عبر الأسبانية . كانت وفادته إلى ّ أشبه بنوع من السحر، وحيث لم يتسن لي فهمه فقد تلقفته بوجداني ، كنت أحسه فقط . منذ وقت باكر أطلق لي والدي الحبل على الغارب في مكتبته ، وعندما أفكر في صباي و يفاعتي الأولى فإنني أراهما من فرجة الكتب التي قرأتها في ذلك الحين .

    دانييل بورن: نعم ، أنت قارىء موسوعي بلا جدال ، هل لك أن تخبرنا كيف ساعد ارتباطك المهني بالمكتبة إلى جانب ولعك بكل ما هو عتيق في إضفاء نوع من الجدة والحيوية على كتاباتك ؟

    - بورخيس : إنني لأتساءل إن كانت كتاباتي تتسم بأي نوع من الجدة او الحيوية أصلا !! اعتبر نفسي منتميا بالأساس إلى القرن التاسع عشر . لقد ولدت قبل عام واحد على نهاية ذلك القرن . ولدت في العام 1899 . وقراءاتي أيضا لم تكن أكثر انفتاحا - حسنا ، بالطبع قرأت كتابات المعاصرين- انما أعود وأقول إنني تفتحت على عوالم "ديكنز" والإنجيل و"مارك توين" . أوليت اهتماما للماضي بلا شك وربما كان احد أسباب ذلك هو عجزنا عن صنع الماضي او إلحاق أي تغيير به . اعني انه يمكنك ، بالكاد ، أن تغير الحاضر ؛ لكن الماضي هو بالأخير... لنقل ، مجرد ذكرى ، حلم . تعرف ؟ يبدو لي ماضي ّ ، حين اشرع بتذكره او بقراءة أشياء ممتعة ، متغيراً بصفة مستمرة. اعتقد أنني مدين بالكثير للعديد من الكتاب ، ربما للكتاب الذين قرأتهم او كانوا جزءاً حقيقياً من لغاتهم ، جزء من التقاليد . اللغة نفسها ليست إلا تقليدا .

    ستيفن كيب - ….هل بوسعنا الآن أن نعرج على الشعر ؟


    بورخيس – يقول لي أصدقائي إنني متطفل ، إذ لا يرون أنني اكتب فعلا حين أحاول الشعر . ولكن آخرين ، ممن يكتبون النثر ، يدعون أنني لست كاتبا بالمرة حين اكتب نثرا ؛ لا اعرف ما الذي علي ّ فعله حيال ذلك .... انا بالفعل في بلبلة !


    ستيفن كيب – هناك شاعر معاصر اسمه "جاري سنايدر " ، قام هذا الشاعر بتوصيف نظريته الشعرية في قصيدة صغيرة اسمهاRip Rap)) بدا لي أن هناك ما يجمع بين أفكاره وشعرك ، وارغب الآن في اقتطاف مقطع صغير من قصيدته يحوي نظرته إلى المفردات في القصائد .

    - بورخيس - لنر .. لكن لماذا مقطع صغير ؟ مقطعا اكبر سيكون أفضل .. أليس كذلك ؟ يطيب لي التمتع بهذا الصباح

    ستيفن كيب يقرأ القصيدة ( سان فرانسيسكو اوريجن برس 1959) ......

    ستيفن كيب: العنوان Rip Rap)) يحيل إلى حفر ممشى حجري في صخرة زلقة ، لتحميل الجياد الطالعة إلى الجبل ... ممشى صغير متراكب وملتحم .

    بورخيس – طبعا .. انه يستخدم استعارات متنوعة بينما لا افعل ذلك في الشعر . اكتب الشعر بطريقة بسيطة ، غير أن بحوزته اللغة الإنجليزية كلها ليتلاعب بها بينما افتقر انا إلى ذلك

    ستيفن كيب - كأنما تقوم فكرة "سنايدر " على المقارنة بين موضعة المفردات في القصيدة وهندسة ذلك الممشى ،حيث تستند كل صخرة على أختها من احد الجانبين ... هل توافق على مثل هذا الاتجاه فيما يتعلق ببنية القصيدة ؟ أم تعتبره فقط واحد من خيارات أخرى ؟

    بورخيس : حسنا ... اعتقد فيما قاله كبيلنغ " هنالك تسع وستون طريقة لتأليف الأرجوزة وكل طريقة من هذه الطرق هي الطريقة الصحيحة " . وما ذكرته منذ قليل قد يكون واحد من الطرق الصحيحة . لكن أسلوبي جد مختلف عن ذلك . ثمة علاقة .، نوع من العلاقة انما خفية بعض الشيء . أوهب فكرة ما ، فكرة قد تتحول إلى قصيدة او إلى قصة .. ما يكون لدي ساعتها فقط نقطة البداية ونقطة النهاية ويتوجب على بطريقة ما أن اخترع متناً يسد الفراغ بين النقطتين وبالطبع ابذل ما بوسعي لتحقيق ذلك . انما في العموم حين أتلقى هذا النوع من النداء ..هذا الإلهام ، أجهد في مقاومته ويكون على الرضوخ له وكتابته فقط في حال استمر بمضايقتي ، لكنني لا ابحث بالمرة عن مواضيع للكتابة . إنها تساق إلى ّ ...في قفص . قد تظهر ساعة أكون منشغلا بمحاولة النوم او ساعة نهوضي منه . تأتيني الأفكار في شوارع بوينس آيرس .. بالجملة فهي قد تأتي في أي زمان وفي أي مكان . على سبيل المثال .. من أسبوع فقط حلمت بشيء – كان كابوساً بالأحرى- و عندما أفقت قلت حسناً ، لم يكن إلا كابوساً.. ما من شيء فيه يستحق أن ُيروى . لكن في دخيلة نفسي اعتقد أن ثمة قصة تختبيء في مكان ما منه. أريد أن اعثر عليها ؛ وعندما يتم ذلك اعكف عليها ما بين خمسة وستة أشهر . آخذ وقتي في كتابتها وهكذا ، لنقل ، فان لدي طريقة مختلفة قليلا ، لدي كل حرفي ّ طريقته الخاصة .. هذا أكيد ، على دائما احترام ذلك .


    - ستيفن كيب: يحاول "سنا يدر" أن يقوم بتسريب اختلاجاته مباشرة إلى القارىء بتعريضها ،ما وسعه ذلك ، إلى أقل قدر ممكن من العقلنة . انه يكرس نفسه لنقل الدفق الشعوري ... هل يبدو لك ذلك على شيء من التطرف ؟


    - بورخيس : لا ..لكن يبدو لي انه شاعر على قدر كبير من الحذر ، بينما انا مجرد عجوز تكتنفه البراءة . انا أتسكع هنا وهناك محاولا العثور على طريق . يسألني الآخرون عن" المغزى " وراء ما اكتب ... اخشي أنني افتقر إلى أية رسالة ، ليست بحوزتي ولا واحدة .. يقولون : حسنا هذه هي الحكاية اين هي الحكمة من الحكاية ؟ أخشى أنني لا اعرف ما هي الحكمة منها أيضا !!! انا محض حالم ثم كاتب و اهنأ لحظاتي هي تلك التي أكون فيها قارئا فقط .


    ستيفن كيب - هل تعتقد أن المفردات تنطوي على تأثيراتها داخلها هي نفسها ، أم في حيز الصور التي تحملها ؟

    بورخيس - حسنا ً.. بالفعل ، إذا حاولت أن تؤلف سوناتا يتعين عليك - على الأقل في اللغة الأسبانية - الركون إلى مفردات معينة. هناك عدد محدود من القوافي يكون عليك استخدامها كاستعارات ؛ استعارات بعينها بما انك ملزم بتبني أي منها . حسنا سأجازف بقول شى ء - وهذا طبعا تصريح فضفاض للغاية - انما قد تكون مفردة قمر Moon في اللغة الإنجليزية عائدة الى شيء مغاير لذلك الذي اشتقت منه مفردة Luna في الأسبانية او اللاتينية . لمفردة Moon جرس عالق ... إنها مفردة جميلة جدا . كما إنها ليست اقل جمالاً في الفرنسية : Lune . انما لا تتصف المفردة عينها بأي نوع من الجمال في الإنجليزية القديمة استمع إلى ذلك : Mona في مقطعين Two Syllables . والآن انظر إلى الإغريقية وهي الأسوأ :celena بثلاثة مقاطع هذه المرة ، لكن مفردة Moon جميلة بحق ، إن جرسها الجميل يغيب في الأسبانية...... The Moon ... يمكنني أن اعلق بالمفردات . المفردات تهبك الإلهام ، إنها تلهمك ...إنها تملك حياتها الخاصة .

    ستيفن كيب - تملك حياتها الخاصة ! هل يبدو ذلك أكثر أهمية من المعنى الذي تحمله بحال وجودها في سياق معين ؟

    -بورخيس : اعتقد أن " المعاني " و بقدر ما لا علاقة لها بالأمر ... جوهر الموضوع او ربما يجب أن أقول الحقيقتان الأساسيتان هما العاطفة ثم المفردات التي تنبثق من العاطفة . لا اعتقد أنه بمقدورك أن تكتب بطريقة خالية من العاطفة ، إذا تمكنت من فعل ذلك فما لديك ليس أكثر من نتيجة مصطنعة . لا أحبذ هذا النوع من الكتابات . اعتقد أن القصيدة لو كانت بالفعل عظيمة فستشعر بأنها كتبت نفسها ، تدفقت خارجة حتى عن طوع كاتبها ...
                  

06-30-2006, 05:24 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    ستيفن كيب: هل بالا مكان إحلال منظومة من الأساطير بأخرى عند الانتقال من شاعر الى آخر والحصول رغم ذلك على الأثر الشعري ّ ذاته ؟

    بورخيس : في ظني أن لكل شاعر مثيولوجيته الخاصة به . ربما لا يكون هو نفسه واعيا لها . يخبرني من حولي إنني اجترحت مثيولوجيا خاصة مكونة من النمور و الأنصال والمتاهات في حين لم أكن واعيا لحقيقة أن الأمر هو فعلا على ذلك النحو . قرائي يعثرون على تلك العناصر طيلة الوقت . غير أنني أصفن... ربما تكون تلك هي فعلا مهمة الشاعر. عندما أفكر في أمريكا فإنني دائما أتحسس ميلي لتأملها عبر "والت ويتمان" لقد خلقت كلمة " مانهاتن " من اجل ويتمان ألا تظن ذلك ؟

    ستيفن كيب - صورة أمريكا المعافاة ...؟

    بورخيس – حسنا ... هذا صحيح . في الوقت ذاته كان "والت ويتمان" نفسه أسطورة، أسطورة الرجل الذي كتب. رجل يفتقر بضراوة إلى الحظ، رجل وحيد تمكن مع ذلك من أن يجعل من نفسه ذلك الصعلوك الألمعي . لقد أشرت مرارا إلى هذا الاحتمال ، احتمال أن يكون " ويتمان " هو الكاتب الوحيد على وجه الأرض الذي قيض له أن يخلق من نفسه أسطورة حية ؛ و ليكون القارىء بذلك ثالث الأقانيم في الثالوث ؛ إذ انك عندما تقرأ "والت ويتمان" تصبح أنت نفسك والت ويتمان ! انه لشيء غريب أن يقوم بذلك فعلا ، الشخص الوحيد الذي تمكن من فعل ذلك. بالطبع أنجبت أمريكا كتاب آخرين يضعهم العالم في خانة الكتاب المهمين وخصوصا في نيو انجلاند . لقد وهبتم للعالم كتاب لا يمكن أن يلقي بهم العالم طي النسيان ، على سبيل المثال لم تكن الآداب المعاصرة لتأخذ شكلها الحالي لولا وجود" بو " ، " ويتمان" وربما "ميلفيل" و "هنري جميس" . لكن في أمريكا الجنوبية لدينا أشياء تشكل لنا أهمية خاصة . لنا ولأسبانيا ، لكن ليس بالضرورة لبقية العالم . احمل اعتقادا أن الأدب الأسباني بدأ وهو على شيء من السلاسة ، ثم وفي نقطة ما ، وتحت تأثير كتاب مثل "كوفيدو" و "جنجورا " تشعر أن شيء ما بدا بالتحجر لم تعد اللغة تتدفق كعهدها الأول .


    - دانييل بورن: هل يسري ذلك على القرن العشرين ؟ هناك "لوركا ".... مثلاً

    - بورخيس – لكن ... انا لست مولعا بلوركا !! حسنا ؛ كما ترى... فهذى هي نقطة ضعفي . امقت الشعر التصويري ؛ و "لوركا " تصويري طوال الوقت ، كما انه يتبنى استعارات نزقة . لكن بالطبع انا أدرك انه يحظ باحترام كبير . لقد تعرفت إليه شخصيا . عرفت انه عاش لعام في نيويورك دون أن يتعلم لفظة إنجليزية واحدة طيلة تلك الفترة ؛ حكاية عجيبة ! لقد التقينا مرة واحدة فقط في بوينس آيرس ثم كان أمر إعدامه والذي اعتبره حدثا ينم عن حظ وفير ، أفضل ما يمكن ان يحدث لشاعر ... موت غاية في الجمال ، موت مؤثر ، ثم كتب "انطونيو موكارو " تلك القصيدة الجميلة عنه .


    ستبفن كيب : صار هنود الهوبي Hopi Indians مثالا حاضرا في حقل اللغويات بسبب طبيعة اللغة لديهم والكيفية التي يفكر بها في اللغة وفي المفردات .

    بورخيس – لا أعرف الكثير عن ذلك . لكن جدتي حكت لي عن هنود البامباسthe Pampas Indians ، لقد عاشت حياتها كلها في "جينين" وهي منطقة كانت تقع في الطرف الغربي من الحضارة . أخبرتني تلك الجدة - كحقيقة - أن العد عند البامباس يكون هكذا : ترفع يدها وتقول لي : سوف أعلمك " حساب " البامباس . لكن لن افهم شيء . بلى ستفهم : انظر إلى كفي " واحد" ، " اثنان" ، " ثلاثة " ، "أربعة" ... " كثير " ، وهكذا وقع " المطلق " في إبهامها ! لقد لاحظت في ما أطلق عليه المتأدبون "هنود البامباس" إن فكرة هؤلاء الناس عن المسافة هي فكرة محجمة للغاية . إنهم لا يفكرون في المسافة من حيث كونها أميال او فراسخ .


    دانييل بورن: اخبرني صديق قادم من نواحي كينتكي Kentucky بشيء مشابه ، يتكلمون عن المسافة هناك على أساس أنها ما يبعد عنهم بجبل واحد أو بجبلين .

    _ بورخيس : حقاً ؟ هذا غريب فعلا !

    ستيفن كيب : هل يبدو لك التحول من الأسبانية إلى الإنجليزية ، الألمانية ، او إلى الإنجليزية القديمة مصدراً لوسائل مختلفة في النظر إلى العالم ؟

    بورخيس : لا اعتقد أن اللغات هي مترادفات بعضها بالطبيعة . في الأسبانية يكون من العسير للغاية أن تجعل الأشياء تنساب لأن المفردات أطول مما يجب . لكن في الإنجليزية هنالك مفردات خفيفة . على سبيل المثال ؛ خذ مفردة Slow-ly أو Quick-ly ستلاحظ أن أذنك تلتقط الجزء الذي يحوى المعنى وهما Slow و Quick على التوالي . في الأسبانية وللتعبير عن نفس المعني فانك تقول lenta-mente, ، rapida-mente ولكنك تسمع بالأساس هذا الجزء mente وهو الجزء الملحق بالمعنى الأساسي ؛ هذه مجانية إن جاز التعبير . قام صديق لي بترجمة سونيتات "شكسبير" إلى الأسبانية . أخبرته ساعتها انه في مقابل كل سوناتا في الإنجليزية سيكون بحاجة إلي اثنتين في الأسبانية ، بما أن المفردات قصيرة في الإنجليزية وتؤدي المعنى بالضبط ، بينما تعاني المفردة الأسبانية من الطول المفرط . في بناء السوناتا تمثل الإنجليزية ميزة فيزيائية . حسنا ً ، في الإنجليزية يمكنك أن تقول " Explain Away " مريدا بذلك " يخفف من حدة لغة مشينة او فعل مشين " * .
    في " أنشودة الشرق والغرب " لكبيلنغ يطارد ضابط إنجليزي لص الجياد الأفغاني ، كل منهما على صهوة جواده ، كتب كبيلنغ :

    They have ridden the low moon out of the sky
    Their hooves drum up the dawn."
    اعتليا صهوة القمر المنحدر
    وعرجا به في الغيب
    تنادي حوافرهم أن الحق بنا
    ايها الفجر .








    حسنا .. في الأسبانية هذه الصورة بعيدة المنال إذ لا يمكن أن تقوم بهذا الفعل : to ride the low moon out of the sky كما يستحيل أن تقول drum up . هنالك تعابير بسيطة لكنها مستحيلة تماماًً في الأسبانية ، تعرف ؟ في لغتنا ليست هناك فرصة لان تقول He fell down او he picked himself up ولكي تحمل هذا المعنى يتعين عليك أن تقول ما معناه he got up the best he could او أي شرح آخر مسهب . لكن في الإنجليزية فلديكم المجال لعمل الكثير من خلال الأفعال و مواضعها في الجملة . في الإنجليزية يمكنك أن تقول " انعم بالحياة " بالطريقة التالية : dream away your life . أو " عش وفقا لكذا " live up to او أن تقول " عليك بتجاوز الأمر " على النحو التالي : something you have to live down . هذه خيارات مستحيل العثور عليها في الأسبانية . كما أن هناك المفردات المركبة وهي ميزة إضافية ، مثلاً wordsmith ، إذا قمنا بترحيلها إلى الأسبانية سيكون لدينا التالي un herrero de palabras وهو بلا شك تركيب جامد و وحشي ّ . في الألمانية أيضا ثمة مجال لنحت التراكيب ، لكن تفتقر الأسبانية لذلك إذ تنقصها أسباب الحرية التي نعم بها الانجلو ساكسون . في مقابل ذلك تشتمل الأسبانية على ميزة اعتقد انها جميلة بالفعل : الأصوات فيها جلية وغاية في الوضوح بينما فقدتم الحروف اللينة open vowels في الإنجليزية .

    ستيفن كيب : ما الذي جذبك إلى الشعر الانجلو ساكسوني ؟ ما الذي دفعك إليه بالأساس ؟

    بورخيس - حسنا .. فقدت عيناي القدرة على القراءة في الوقت الذي عينت فيه مديرا لمكتبة الأرجنتين الوطنية . قلت لنفسي لن اركع و لن اسمح للشعور بالرثاء أن يخترم عزيمتي . . سألتمس مخرجا ً ، عندها ، كما اذكر ، كانت لدي نسخة من سلسلة Sweet's Anglo-Saxon Reader ونسخة من الموسوعة الانجلو ساكسونية . حينها بدأت بالدراسة وسرعان ما وقعت في هواه بفضل مفردتين ما زلت اذكرهما حتى الآن . هاتان المفردتان هما الاسمان القديمان للندن وروما . كانت لندن تحمل هذا الاسم Lundenbur ، وكان اسم روما هو Romeburh. !! الآن انا أعالج النرويجية القديمة Old Norse والتي تحوي آدابا تفوق في جمالها ما اتسعت له الإنجليزية القديمة .

    ستيفن كيب : ترى على أي نحو ستصف للكتاب مثيولوجيا قرنهم العشرين ؟

    دانييل بورن: سؤال كبير ، بالفعل .

    بورخيس : لا يجب أن يتم الأمر بطريقة واعية ، هذا ما اظنه . لا يقع عليك عبء محاولة أن تكون كاتبا معاصرا ، أنت بالفعل كاتب معاصر !! ما يشتمل عليه الواحد في المثيولوجيا هو شيء خاضع للتطوير باستمرار . انا شخصيا ً أجد نفسي أكثر في المثيولوجيا اليونانية والنرويجية القديمة وكمثل على ذلك لا اشعر أنني سأتوسل رموز من قبيل الطائرة والقطار والسيارة .
                  

06-30-2006, 05:26 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    تشارلز سيلفير – هل تراك قمت بأية قراءات صوفية او عقائدية خلفت فيك أثرا ؟

    بورخيس : نعم ، بالطبع . قمت بالكثير من القراءات في اللغتين الإنجليزية والألمانية عن المتصوفة ، ثم ، اعتقد أنني سأفعل ما بوسعي – قبل أن تحين ساعتي – لإنجاز كتاب عن الفيلسوف الصوفي "سويدنبورج" . كان " بليك" متصوفاً أيضا ً غير أنني غير معجب بمثيولوجيته .. تنضح بالتصنع .

    دانييل بورن: قلت لنا منذ قليل عندما يقرأ الواحد " ويتمان" يصير هو نفسه ويتمان وكنت عندها أتسائل : في الوقت الذي انهمكت فيه بترجمة "كافكا" إلى الأسبانية ، هل شعرت في أي وقت وعلى أي نحو كان ... انك كافكا ؟

    بورخيس : حسنا ، ما شعرت به هو أنني مدين لكافكا بحيث ما من ضرورة لوجودي في العالم ، لكن للحق فانا محض ترجمة حرفية لتشسترتون Chesterton وكافكا Kafka وسير توماس براون Sir Thomas Browne ، أحب براون كثيرا ، لقد ترجمته إلى أسبانية القرن السابع عشر وكان ذلك شيئا موفقا جداً . قمنا بأخذ فصل من Urne Buriall وترجمناه إلى الأسبانية التي تكلمها ذات يوم كوفادو Quevado ونجحنا في ذلك ، النص الأصلي و وروح الترجمة يعودان لنفس الفترة الزمنية ويحملان الفكرة عينها وهي إعادة كتابة اللاتينية في لغة أخرى ، اللاتينية بالإنجليزي ... اللاتينية بالأسباني !

    دانييل بورن: كنت أول من ترجم كافكا إلى الأسبانية ، هل استشعرت شيء من " الرسالية " وأنت تقوم بتلك المهمة ؟

    بورخيس : لا . شعرت بذلك عندما ترجمت " والت ويتمان" : " أغنية نفسي " . همست لي : "ما أقوم به الآن شيء على درجة عالية من الأهمية " ، بالطبع ، احفظ ويتمان عن ظهر قلب .


    دانييل بورن: هل شعرت أن قيامك بهذه الترجمات يمثل بحد ذاته مدخلاً يساعد على التعريف بأعمالك ومحضها ما تستحق من التقدير ..؟ هل بدت تلك الترجمات لكتاب آخرين وكأنها تؤازر ما قمت أنت نفسك بكتابته ؟

    بورخيس : لا . لم أفكر البتة في كتاباتي .

    دانييل بورن: وأنت تترجم ....

    بورخيس : لا لا . في بيتي - ليتك تقوم بزيارتي في بوينس آيرس - .سأفرجك على مكتبتي ، لن تعثر هناك على كتاب واحد لبورخيس . انا متأكد من ذلك ، اختار كتبي بنفسي ...ومن أكون انا لاحظ بجوار سير براون أو اميرسون ... انا نكرة .


    دانييل بورن: على ذلك فان بورخيس ،ذلك الكاتب الذي نعرف، هو كيان مستقل كلياً عن بورخيس المترجم ...

    - بورخيس : هو ذاك . عندما أترجم أحاول جهدي ألا أتطفل ، وان أقوم بترجمة نزيهة نوعا ما ، أحاول أيضا أن أكون شاعراً .

    دانييل بورن: ذكرت لنا أيضا انك لم تحاول أبداً وضع أي " مغزى " في كتاباتك .

    بورخيس : حسنا ، كما ترى .. أعتبر نفسي رجلا ُ أخلاقياً ، لكنني لا أحاول أن ألقن الآخرين الأخلاق . ليست لدي أية رسالة كما أنني أعرف القليل جداً عن الحياة المعاصرة . انا لا اقرأ الجريدة ، وأمقت السياسة والسياسيين ، كما لا أنتمي لأي حزب أيا ً كان . حياتي الخاصة هي حياة خاصة فعلاً . على ذلك انا في محاولات مستمرة لتفادي تصويري فوتوغرافيا كما أتفادى الظهور والشهرة . كان لوالدي الأفكار عينها . قال لي ذات مرة " أريد أن أكون الرجل اللامرئي في هذه الضاحية " نعم .. لشد ّ ما كان فخورا بذلك ! في" ريو دي جانيرو" لم يكن هناك أحد يعرف اسمي وقد جعلني ذلك أشعر بالفعل كما لو كنت لا مرئياً . لكن بطريقة ما وجدت الشهرة طريقها الي ّ . و ما حيلتي ؟ لم أسع إلى حدوث ذلك لكن تم ّ العثور على ّ بالطبع .. يُبلـّغ المرء الثمانين من العمر ، يعُثر على المرء ... يُفتضح وجوده .

    دانييل بورن: عوداً إلى وجود المعنى أو غيابه في كتاباتك : يسري في أعمال كافكا جميعها شعور جارف بالإثم ، في كتابة بورخيس يقع كل شيء ما وراء الإثم .

    بورخيس : نعم . هذا صحيح . كان كافكا يضمر شعوراً بالإثم . لا أعتقد أنني أحمل شيء من ذلك لأنني لا أؤمن بحرية الإرادة ! لان ما قمت به.... تم القيام به... ُ قضى فيه بأمر سواء تم ذلك لي أو عبري ، لكنني لم أقم به فعلاً ! ..انما أنا لا أعتقد بحرية الإرادة ، وعليه ليس بمقدوري أن أحمل هذا الشعور !

    دانييل بورن: هل يمكن أن نحيل ذلك إلى مقولتك بأن هنالك مجموعة محدودة من العناصر وعليه فان عملية إدراكنا للافكار ليست أكثر، في الحقيقة ، من إعادة اكتشاف للماضي .


    بورخيس : نعم ، أظن ذلك . وأظن أيضا ً أن على كل جيل أن يعيد كتابة الكتب التي خلفتها الأجيال السابقة له ، وعليه أن ينجز ذلك بطريقة مختلفة قليلاً. عندما أكتب قصيدة ،فستكون قصيدة تمت فعلاً كتابتها من قبل لعدد غير معروف من المرات ، انما عليّ أن أعيد اكتشافها ، هذا هو واجبي الأخلاقي . في ظني أننا جميعا أخذنا على عاتقنا إحداث بعض الفرو قات لكن اللغة نفسها شيء يصعب تغييره . حاول "جويس" ، طبعاً ، القيام بذلك لكنه فشل ... مع ذلك فقد كتب بعض الأبيات الجميلة .







    دانييل بورن: هل كنت لتعتبر ، إذاً ، أن كل تلك القصائد التي أعيدت كتابتها هي العودة إلى الحائط نفسه في المتاهة ؟


    بورخيس : نعم ؛ الأمر على ذلك النحو ، إنها عودات بكل تأكيد .. راقتني هذه الاستعارة .


    دانييل بورن: هل لك أن توجز لنا بشكل عام متى يكون من الملائم بنظرك اللجؤ إلى استخدام الطابع المحلي ّ في الكتابة .

    بورخيس : لو أن بالا مكان توظيفه بطريقة تلقائية سيكون ذلك امراً محموداً ، لكن التشديد عليه وإقحامه يحول الأدب إلى شيء مصطنع . اللون المحليّ في الكتابة عنصر يجب الاستفادة منه ، اعني انه ليس شيئا محرما ً ، انما عليك تحاشي التشديد عليه . قمنا في بوينس آيرس باستحداث نوع من اللهجة العامية . لقد قام الكتاب ... حسنا ، لقد أساءوا استخدامها باستخدامها أكثر مما يجب ، بينما نادراً ما يلجأ العامة إلى التعبير من خلالها ؛ قد ترد كلمة منها مرة واحدة كل عشرين دقيقة أو نحوها لكن ليس هناك من يتكلم بها على طول الخط .

    دانييل بورن: كقارىء لا ينتمي إلى الثقافة نفسها هل هنالك أي كتاب من أمريكا الشمالية من استطاع أن ينقل لك الأجواء المحلية بطريقة حيوية ؟

    بورخيس : أي نعم ، اعتقد أن " مارك توين " قد وهبني الكثير ، أتسائل إن كان "رنج لاندر " قد ساهم أيضا بشيء ما في هذا الخصوص ، تعتبره كاتب " أمريكي " جدا ... أليس كذلك

    دانييل بورن: حضري من المدينة .....

    بورخيس : بالفعل ؛ طيب .. ثم من ؟ قرأت "برت هارت" طبعا . اعتقد ان "فوكنر" كان كاتبا عظيما جدا ، و"همنجواي" ... لا أحب "همنجواي" على فكرة ، لكن فوكنر ؟ " فوكنر " عظيم للغاية بالرغم عن ، لا بأس ، روايته للقصة بطريقة خاطئة و الخلط في التسلسل التاريخي .


    دانييل بورن: أنجزت ترجمة رواية " النخل المتوحش " لفوكنر ...


    بورخيس : بالفعل ، لكنني لست شديد الإعجاب بذلك الكتاب . في نظري أن " ضوء في أغسطس " أعلى قيمة بكثير ، إلى جانب ذلك الكتاب الذي احتقره فوكنر " الحرم المقدس " انه كتاب صاعق للغاية ، هاته أول ما قرأت لفوكنر بعدها عرجت على بقية كتبه ، لقد اطلعت أيضا على أشعاره .





    دانييل بورن: عندما قمت بترجمة "فوكنر" المغرق في اللهجة المحلية كيف تصرفت حيال ذلك هل لزمت اللغة الفصيحة أم حاولت وضعها في قالب من اللهجة المحلية الأسبانية ؟

    بورخيس : البتة . في ظني انه إذا كان المرء بصدد ترجمة نص بلهجة محلية إلى اللغة الأسبانية فعليه اعتماد الأسبانية الفصيحة في ترجمته لأنك لست .... ، لديك نوع مختلف من المحلية . على سبيل المثال ، هنالك قصيدة أسبانية اسمها El Gaucho, Martin Fierro ، الجاشو مارتين فيرو . لقد ُتـرجمت هذه القصيدة إلى إنجليزية رعاة البقر . هذه سقطة برأيي ؛ لان فكرك ينحى إلى صورة راعي البقر وليس لصورة "الجاشو" . لو كنت انا ذلك المترجم لما ترددت في ترجمتها إلى "أفصح " إنجليزية ممكنة ، ببساطة لأنه وعبر كل من "الجاشو " وراعي البقر يكون من المحتمل أن ترى الشخص نفسه بطريقتين مختلفتين . مثلاً : ستفكر، تباعا ً ، في المسدسات عندما تفكر في راعي البقر .انما لا ينطبق ذلك على الجاشو ، وبدلاً عن المسدسات تلاحظ انك تفكر في الخناجر والمبارزات . هذه منطقة مختلفة والأمور فيها تجري في نسق مختلف أيضا . لقد شهدت بعضها ، شهدت شيخاً في الخامسة والسبعين من العمر يتحدى شابا يافعا لمبارزته " سأعود في الحال " قال الشيخ وعندما عاد كان يحمل سلاحين خطري الهيئة وكان لأحد الخنجرين مقبضاً فضيا ، و لم يكونا من نفس القياس كان هناك خنجر أضخم بكثير من الآخر : " حسنا والآن لك أن تختار سلاحك " . كما ترون ، عندما قال الشيخ ذلك كان يستخدم نوع من الكناية و المغزى منها : " بوسعك أخذ الخنجر الكبير فلا مانع لدي " ، بعدها اعتذر الشاب طبعا . كان هناك الكثير من الخناجر بحوزة الشيخ لكنه اختار ذينك السلاحين تعييناً لشيء في نفس يعقوب . الخنجران يقولا التالي " هذا الشيخ على دراية كافية بالخناجر إذا كان بمقدوره الاكتفاء بأخذ الخنجر الآخر "


    دانييل بورن: هذا يذكرنا بقصصك ....

    بورخيس : بالتأكيد ، قمت بتوظيف هذه الثيمة في قصصي ، تأتي القصص عبر رواية شخص لتجربة حدثت .

    دانييل بورن: ثمة معنى يكمن هناك انما لا يقع عليك عبء التصريح به ، مهمتك تنحصر في أن تروي لنا ما حدث .

    بورخيس : حسنا ً ، المعنى هو أن ذلك الرجل لم يكن إلا سفاح ، محتال انما في الوقت نفسه لا يفتقر إلى المبادىء والشرف ، أعني انه لا يقوم أبداً بمقاتلة شخص قبل أن يحذره تحذيرا كافياً فهو يعرف جيداً كيف تجري الأمور . تحدث الحكاية كلها ببطء شديد ، يبدأ رجل بتقريظ رجل آخر ثم يعن له أن يقول عن ممدوحه انه ينتمي إلى مكان لا يوجد به شخص واحد يعرف كيف يقاتل و لذا فهو على استعداد لتدريبه على القتال ، يقاطعه الرجل الآخر مزجياً بعبارات المديح أيضا ثم يقول " لنخرج من هنا ونتمشى قليلا " ثم " اختر سلاحك " .... وهكذا. لكن القصة كلها تحدث في تريث وبطء شديدين ، إنني أتسائل ما إذا كان هذا النوع من البلاغة قد انقرض فعلا ، أظنه كذلك . حسناً ، إنهم يستخدمون الأسلحة النارية الآن ، المسدس الآلي ....وقد راحت كل تلك المواثيق إلى حال سبيلها فيمكنك أن تصيب غريمك من مسافة بعيدة جدا .





    دانييل بورن: المبارزة بالخنجر أكثر حميمية !

    بورخيس : بلى ، إنها حميمة . حسنا .. لقد استخدمت هذه المفردة نفسها من قبل في خاتمة إحدى قصائدي ، فقد حدث وأن حُـزّ عنق رجل ما وقلت عن ذلك " النهاية الحميمة لخنجر مغروز في العنق " .
                  

06-30-2006, 05:30 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    دانييل بورن: ألمحت في هذه المحاورة إلى أنه على الكتاب اليافعين تمثل القوالب القديمة و تجارب الكتاب الراسخين .


    بورخيس : إنها مسألة أمانة وصدق مع النفس ، إذا عزمت على إلحاق التجديد بالقديم فعليك أن تبرهن على قدرتك على إنجاز هذا القديم المنجز . لا يمكنك أن تباشر بالابتكار . لا يمكنك أن تبدأ بالشعر الحر مثلا ، يجب أن تحاول السوناتا او أي قالب آخر يعتمد البيت الشعري ، ومن ثم ينتقل الواحد إلى الأشياء المستحدثة .


    دانييل بورن: ومتى تحين ساعة الانعتاق ؟ هل لك أن تخبرنا من وحي تجربتك الخاصة متى شعرت انه قد آن الأوان لاختبار وجهة جديدة ؟

    بورخيس : للأسف ، لأنني اقترفت ذلك الخطأ . بدأت بالشعر الحر ! لم أكن على دراية بكيفية التعامل معه ثم اكتشفت لاحقاً أن تبني هذا النوع من الشعر يستلزم أن تجترح قالبك الخاص لتقوم بتغييره باستمرار . طيب والنثر ... ، يأتي النثر تالياً للشعر عادة ، النثر أكثر صعوبة ، لست متيقناً ، اكتب بالسليقة ولا أعتبر نفسي شاعراً على قدر كبير من القصدية .


    دانييل بورن: ذكرت أن على الكاتب تبني قوالب تقليدية في مطلع تجربتهً ، ألا يتعلق الأمر على نحو ٍ ما بتزلف الجمهور ؟

    بورخيس : لا ، لم أكن أفكر مطلقاً بالجمهور . عندما طبعت كتابي الأول لم ابعث به إلى المكتبات أو للكتاب الآخرين ، ما فعلته هو أنني فرقت النسخ على أصدقائي . قرابة الثلاثمائة نسخة ذهبت فقط إلى تلك الوجهة: أصدقائي. لم تكن نسخ معروضة للبيع ، لكن في ذلك الوقت لم نكن نفكر في أشياء من قبيل الفشل والنجاح او أن تكون كاتباً معروفاً . هذه الأفكار كانت دخيلة علينا في الفترة بين 1920 و 1930 . لم يكن الواحد منا يفكر من زاوية النجاح أو الفشل في توزيع الكتب ، كنا نفكر في الكتابة على أنها سلوى أو كنوع من القدر . عندما اطلعت على السيرة الذاتية لتوماس دي كوينسي اكتشفت انه كان يعرف طيلة الوقت أن حياته لن تكون شيئاً آخراً غير حياة أديب ، "ميلتون" أيضاً كان يدرك ذلك و"كوليرج" ربما . كانوا على وعي بذلك ، كانوا مدركين أن حياتهم مكرسة للأدب ، للقراءة وللكتابة ، الفعلان اللذان يسيران دائما جنباً إلى جنب .





    دانييل بورن: قصة " بورخيس وأنا " وقصيدة " الساهر " تظهران افتتانك بفكرة القرين . هل لك أن تفسح المجال لبورخيس الآخر ، اللا- كاتب ، ليتحدث لنا قليلاً مقـيـّما ً كتابات بورخيس الكاتب ومن ثم يطلعنا ما إذا كانت تعجبه أم لا ...

    بورخيس : لست شديد الإعجاب بها ، أفضل الكتابات الأكثر أصالة ، أفضل تشسترون وكافكا


    دانييل بورن: على ذلك فان افتقار مكتبتك الخاصة في بوينس آيرس لأي من كتب بورخيس هو قرار عائد إلى هذا القرين ؛ إلى بورخيس اللا- كاتب .


    بورخيس : بدون شك


    دانييل بورن: انه يعلن عن وجوده في ذلك المكان

    بورخيس : بالفعل انه يقوم بذلك . لن تجد حولي أي من كتبه لأنني حذرته : لقد سئمتك وأنا متعب بما فيه الكفاية ، احذره معبراً عما أحسه . أقول : حسناً ها هو بورخيس هنا مجدداً ! ما حيلتي في الأمر؟ أتحمله . يتعرض الجميع لمثل هذه المشاعر كما أظن .


    دانييل بورن: انا مفتون بجملة قالها جون بول سارتر وليتك تطلعنا على رأيك بها ، قال سارتر : الإنسان هو عراف الإنسان ! هل يوافقك ذلك ؟

    بورخيس : الإنسان عراف ؟

    دانييل بورن: نعم ، لكونه يلفق مفاهيم وقوانين العالم و يزجي بها إلى بني جلدته ليؤمنوا بها !

    بورخيس : أظن أن ذلك ينطبق بشكل كبير على الشعراء والكتاب أليس كذلك ؟ وعلى اللاهوتيين طبعاً . بعد كل شيء وعندما تمعن فكرك في الثالوث المقدس تكتشف انه أكثر غرابة حتى من "ادجار الآن بو" نفسه ! الأب والابن والروح القدس و التي كثفت كلها في كينونة منفردة واحدة ، شيء في منتهى الغرابة ! لكن ما من أحد يؤمن بها .....أليس كذلك ؟ على الأقل انا لست من بينهم .













    دانييل بورن: رغم ذلك فالأساطير ليست في حاجة لتصديقنا لتكون سارية المفعول .

    بورخيس : لا ، بالطبع ليست في حاجة لذلك ، مع ذلك انا استعجب . على سبيل المثال يقبل خيالنا صورة الكائن الخرافي بجسد حصان ووجه إنسان ، لكنه يلفظ ، لنفترض ، صورة الثور بوجه قطة . لن تكون تلك صورة موفقة البتة ، فهي صورة شاذة . لكنك قد تقبل صورة الكائن نصفه إنسان ونصفه الآخر ثور أو حصان لا لسبب إلا لكونها صورة جميلة . حسنا ، على الأقل لأننا نعتقد أنها جميلة ، وهي بالطبع جزء من التقاليد . لكن بالنسبة لدانتي الذي لم تقع عينه أبدا على نصب تذكاري ولم يشاهد عملة معدنية كان قد تعرف إلى الأساطير اليونانية عبر الكتاب اللاتينيين ومن ثم فقد اخذ صورة هذا الكائن على أنها جسد ثور ووجه إنسان ملتحي !! قبح فظيع . ستلمح تمظهرات هذه الصورة في غير مكان لدى دانتي بينما تصوره في خيالك على انه الثور بوجه إنسان . لكن وبما أن دانتي سبق له وان اطلع على semi-boven, semi-hominem فهو يتصوره على تلك الهيئة ، بينما يجد خيالنا صعوبة في تقبلها . عندما أفكر في الأساطير الكثيرة التي تعج بها الحياة أجد أن هناك واحدة حملت أذى شديدا للجميع وهي أسطورة الأوطان واعني هنا ؛ لماذا يتوجب على أن انظر إلى نفسي كأرجنتيني وليس تشيلياً مثلا أو شخص من الارغواى ؟ ليست لدى أية فكرة عن الإجابة . كل هذه الأساطير التي أقحمناها في حياتنا والتي لم تخلق إلا لخدمة الكراهية والحقد والحرب والعداوة ؛ إنها بالغة الضرر فعلا . لكنني اعتقد انه وعلى المدى الطويل ستتلاشى أسطورة الحكومات والأوطان سنتحول إلى ، حسناً ، ...كوزموبوليتانيين
                  

06-30-2006, 05:52 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    سالي الجميلة
    ومي الأسيد
    وأمين
    مشكورين على الكرم
    انا ذااتي مستغربة وفرحانة
    اتحول البوست الى حديقة طرق متشعبة
    بفضل الجميلات والجميلين الهنا
    حتى في مواد انا ما قريتا
    ووصلات تحتاج لوقفة
    يعني بالاخير اصبح لدينا ما يشبه المرجع المتنوع عن الكاتب
    مادة لينا ولآخرين ويكفي ان تستعين بجوجول لتجدها
    كمان احتفالية ومشاركة وتأملات ومحبة
    تعريف بينا وتعريف الينا
    فيلم وهذا ما كان ابعد من احلامي يا عادل
    بورخيس مستعاد من نسيان ومن غبار ومن أرفف المكتبة
    اخبرني اكثر من شخص انهم عادوا ليقرأوه ويحتفلوا احتفالات صغيرة معه
    ولا اعتقد انني كنت اطمح لاكثر من ذلك
    شكري للجميع
    ارجو الا اكون قد نسيت ولا سهيت عن زول هنا
    ولو ده حصل اعتذاري واجب وشكري موصول
                  

07-02-2006, 04:51 AM

Adil Osman
<aAdil Osman
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 10208

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)





                  

07-02-2006, 10:03 AM

Awad Omer
<aAwad Omer
تاريخ التسجيل: 12-26-2005
مجموع المشاركات: 760

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Adil Osman)

    الناس في شنو والحسانية في شنو ؟ في سبق الحمير طبعا
    هذا الدايالوق المكرور عن البورخيس لا يفيد في شي ...ارجو ان نذهب الي شيء يفيدنا..
    هذا خيال كاتب لا نستقرق فيه ونضيع فيه كل هذا الوقت ..نعيشه لدقايق و نعبر الي غيره..

    كفاية مططططططططططط...
                  

07-02-2006, 10:31 PM

Amin Mahmoud Zorba
<aAmin Mahmoud Zorba
تاريخ التسجيل: 02-09-2005
مجموع المشاركات: 4578

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Awad Omer)
                  

07-03-2006, 05:32 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: Amin Mahmoud Zorba)

    عادل عثمان يوم شكرك ما يجي .
    أخي عوض عمر أشكرك على حرصك وهمتك بسم كل حسانية هذا البوست .
    زورباالعزيز : تسلم على الوصلة ، احرص على وضعها في اكبر عدد من البوستات ، وشكلك ما محتاج توصية.
    طيب
    انا نسيت انزل "الدخيلة "
    حتلقوها بعد شوية
    معليش مططططة اخيرة كده يا جماعة
    والناس للناس برضو!!!
    ايوة
    عوض عمر : اعلاه تجد المحاورة مع بورخيس التي جاء ذكرها في ردي الاولاني ، في سطورها الاخيرة طاقة ربما تدخل الينا بعض الانوار والافكار لنتحاور حولها ان راق لك ذلك .
    تحياتي .
                  

07-03-2006, 05:48 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    الدخيلة


    يقولون (لكن ذلك بعيد الاحتمال) إن هذه الحكاية رواها ادواردو صغير الاخوة نلسون، خلال سهرة مأتم الاخ الاكبر كريستان الذي مات ميتة طبيعية في نحو العام 1890 في بلده كورون، من المؤكد ان احداًً سمع الحكاية خلال تلك الليلة الطويلة التي تتلاشى ذكراها، وقد رواها بدوره لسانتياغو دابوف، ومن هذا الأخير وصلت الىَّ بعد مرور بضع سنوات رويت لي من جديد في تورديارا، مكان حدوثها بالذات. ان الصيغة الثانية للحكاية، هي اكثر تفصيلا وتؤكد بمجملها الصيغة التي سمعتها من سانتياغو، مع بعض الاختلافات الطفيفة والتناقضات التي لا بد منها في مثل هذه الحالة، اني ادونها اليوم لانها، كما يبدو لي، تعكس لنا بايجاز صورة مأساوية لما كانت عليه ذهنية عامة الناس قديما في الارياف، سأحاول ان اكون اميناً قدر المستطاع لكنني اشعر منذ الآن بانني سارضخ للتجربة الادبية في التوسع او اضافة بعض التفاصيل..

    في تورديرا كان الناس يسمونهم آل نيلسن، وقال لي الكاهن ان سلفه كان يتذكر انه رأى بدهشة عند هؤلاء الناس، كتاباً مقدساً قديماًً بالخط القوطي، غلافه اسود وقد رأى على الصفحات الاخيرة اسماء وتواريخ مكتوبة بخط اليد، وكان هذا الكتاب الوحيد في المنزل. لقد ضاع مصير آل نيلسن هنا كما سيضيع كل شئ.. وكانت العماره التي زالت من الوجود مبنية بالآجر غير المطلي، ومن بوابة المدخل كنا نرى فناء داخلياًً مرصوفا ببلاطات حمراء ثم فناء آخر ترابياًً قليلون هم الغرباء الذين دخلوا تلك الدار، والاخوان نيلسن كانا يدافعان بغيرة شديدة عن عزلتهما، وكانا ينامان في غرف جرداء على اسرة سفرية. وكان ترفهم الوحيد يتوقف على الخيول وعدتها، والسكين ذي الشفرة القصيرة والملابس الزاهية التي يرتديانها في امسيات السبت، والكحول، قيل لي انهما كانا طويلين وشعرهما احمر ولاشك ان دماً من الدانمارك اوايرلندا كان يجري في عروق هذين الارجنتينيين دون ان يسمعا بهذين البلدين، وكان ابناء الحي يخشون هذين الاصهبين، ولم يكن مبتسعدا وجود بعض الجرائم في سجلهما وقد خاضا معركة جنباً الى جنب ضدالشرطة يقال ان الاخ الاصغر تبارى مع خوان ايبيرا ولم يغلب على امره، مما يعتبر مأثره حسب رأى العارفين، وقد ساقا قطعانا وقادا دواباًً وسرقا ماشية واحيانا غشا في اللعب في الحانات.. اشتهرا ببخلهما الا اذا دفعهما الشرب واللعب الى السخاء. وكان القوم يجهلون والديهما والموضع الذي اقبلا منه. وكانا يملكان عربة وثورين
    كانا يختلفان جسديا عن سائر سكان محيطهما كل ذلك مع ما نجهله عنهما، يتيح لنا ان نفهم الكتلة التي يؤلفانها، والخصام مع احدهما يعني خلق عدوَّين.
    كان الاخوان نيلسن متهتكين، لكن مغامرتهما العاطفية كانت الى ذلك الحين من النوع الذي يجري تحت مدخل ما، او في بيت مغلق. وقد اخذت التعليقات مجراها عندما اتى كريستان الى البيت بجوليانا بورغوس.. صحيح انه اكتسبها كخادمة، ولكنه صحيح ايضاً انه كان يغمرها بالحلي البشعة والرخيصة ويعرضها في الحفلات الراقصة والفقيره التي كانت تقام في المحلة وحيث كان الراقص يجري في غرف مضاءة كانت جوليانا ذات سحنة كامدة وعينين لوزيتين. كان يكفي ان ينظر احد اليها كي تبتسم. كانت جوليانا تعتبر جميلة في ذلك الحي المتواضع، حيث العمل وقلة العناية يشوِّهان النساء..
    في البداية كان ادواردو يرافقهما لكنه اضطر في ما بعد الى الذهاب الى اريسيف لقضاء عمل ما. ولدى عودته اتى الى البيت بامرأة شابة وجدها في طريقه. ثم طردها بعد ايام. اكفهر وجهه وراح يسكر وحده في الحانه من دون ان يتكلم مع احد.. كان مغرما بامرأة كريستان، وقد لاحظ الحي هذا الامر وتكهنوا بنشوة الفرح بالمنافسة التي ستنتج عن ذلك بين الاخوين.
    ذات مساء حين عاد ادواردو من الحانة متأخراً، رأى حصان كريستيان الاسود مربوطا في الحظيرة، وكان اخوه ينتظره في الفناء. مرتديا اجمل ملابسه، اما المرأة فكانت تتمشى وفي يدها كوب من المته فقال كريستيان لادواردو
    - اني ذاهب الى حفلة عند فارياس. اترك لك جوليانا، اذا كنت تريدها فبامكانك اخذها.
    قال ذلك بلهجة مرة ومحبة معاً، نظراليه ادواردو طويلا وهو لا يدري ما يفعل، اما كريستيان فنهض واستأذن ادواردو بالانصراف، مهملاًً جوليانا التي لم تكن بالنسبة اليه الا مجرد متاع. ثم امتطى صهوة جواده، وانطلق دونما استعجال.
    ومنذ تلك الليلة تقاسماها. ولن يعرف احد تفاصيل هذه الثلاثية التي شككت اهل المحلة، وسار كل شئ على ما يرام طوال بضعة اسابيع، لكن هذا التدبير لم يكن قابلاً للاستمرار لم يكن اي من الاخوين يلفظ اسم جوليانا امام الآخر، حتى ولا لمناداتها لكنهما كانا يبحثان ويجدان دائما اسباباًً للمخاصمة. فكانا يتشاجران حول بيع بعض جلود الحيوانات، لكن سبب مشاجرتهما كان امراًً آخر. كان كريتسان يرفع صوته وادواردو يسكت، وكانا يتحاسدان بدون علم منهما. وفي تلك الضاحية البدائية حيث لم يسمع ان رجلاً قال قط والفكرة لاتخطر على بال احد - انه يهتم بامرأة الا ليشتهيها ويستحوذ عليها، كان الأخوان عاشقين حقا، وهذا ما جعلهما اذا صح التعبير، يشعران بالذل.
    في عصر احدالايام، التقى ادواردو في ساحة لوماس بخوان ايبيرا الذي هنأه على الفتاةالتي حصل عليها واعتقد بانها كانت مناسبة لان يشتمه ادواردو وادى الامر الى العراك بينهما، فهو لن يسمح لاحد بالاستهزاء بكريستان في حضوره.
    كانت المرأة تهتم بهما بخضوع حيواني، لكنها لم تكن لتخفي ميلا الى الاخ الاصغر الذي لم يرفض ذلك التدبير لكنه لم يطالب به.
    في احدالايام امر جوليانا باخراج كرسيين الى الفناء الاول وبعدم المرور في المكان لانهما يريدان ان يتحدثا على انفراد وهي اذ ظنت ان الحديث سيطول بينهما ذهبت لاخذ قيلولة. لكنهما ايقظاها بعد برهة، وقالا لها ان تضع في حقيبة كل ما تملك وألا تنسى مسبحة الكريتسال والصليب الصغير الذي اعطتها اياهامها. اصعداها الى العربة من دون اي تفسير وانطلقوا في رحلة شاقة لم يفتح اي منهم فمه خلالها، كان المطر قد هطل واوحلت الدروب وقد قاربت الساعة الثالثة فجرا عندما وصلوا الى مورون وهناك باعاها لصاحبة الماخور وكانت الصفقة قد عقدت مسبقا، وتقاضى كريتسيان مبلغاًً تقاسمه مع اخيه.
    في تورديرا ، اراد الاخوان نيلسن، اللذان كانا قد غرقا في فوضى ذلك الغرام البشع، كانت فوضى روتينية ايضا، العودة الى حياتهما السابقة حيث كانا يعشيان عيشة رجال بين رجال، عادا الى اللعب بالورق، ومشاهدة مصارعة الديوك وعند الحاجة الى طيشهما ربما اعتقدا انهما خلصا لكنهما اخذا يعتادان التغيب كل بدوره بطريقة غامضة وقبيل نهاية السنة قال الاخ الاصغر ان لديه اشغالا في العاصمة وحينما ذهب كريتسيان الى موردن قيل انه تعرف هناك الى حصان ادواردو الاصغر الذي كان مربوطا بحاجز بيت البغاء. ولما دخل رأى ان اخاه ينتظر دوره، ويبدو ان كريتسان قال لـه:
    - على هذاالمنوال سنتعب جيادنا، فمن الافضل ان تكون بالقرب منا. تحدث مع صاحبة البيت واخرج بعض النقود من صرته، ثم استردا المرأة، ركبت جوليانا خلف كريستيان، اما ادواردو فهمز جواده كي لا يراهما.
    وبدأت من جديد حياتهما السابقة، لقد فشل حلُّ الخيانة فكلاهما كان قد رضخ لتجربة المخادعة، كانت تجربة (قائين) تراودهما، الا ان محبة الاخوين نيلسن الواحد للآخر كانت كبيرة.
    وما اكثر الصعوبات والمخاطر التي اجتازاها معا - وقد فضلا صب غيظهما على الغرباء على مجهول، على جوليانا التي سببت الخلاف بينهما.

    اوشك شهراذار ان ينتهي دون ان يتضاءل الحر، وذات يوم احد قال ادواردو لاخيه كريتستيان

    تعال، يجب ان نذهب لتسليم الجلود عند باردو، لقد حملتهما ولنستفد من برودة المناخ.

    كان مخزن بارزو على ما اعتقد في ناحية الجنوب فلسكا طريق تروب، ثم دربا مختصرة، وفي الليل بدأ الريف شاسعا
    سارا بمحاذاة احد المروج، رمي كريتسيان سيكاره الذي اشعله لتوه وقال بهدوء

    هيا يا صاحبي الى العمل، بعد ذلك تساعدنا النسور، قتلتها اليوم، ما علينا سوى ان نتركها هنا بملابسها، فهي لن تؤذى احداً بعد
    .
    تعانقا وهما على وشك البكاء. ثمة رابط آخر اصبح يجمعهما: المرأة التي ضحيا بها بشكل مؤسف والتي يترتب عليهما ان ينسياها.


    ترجمة: نهاد الحايك
    مجموعة تقرير برودي
                  

07-03-2006, 06:01 AM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    عويس
    اتمنى تكون ما مشيت من هنا كلو كلو
    كلمات متأخرة انما لازمة
    تحيات وعرفان ما بودي ولا بجيب انما ده ما اكنه فعلا لكل الناس الهنا
    تسلم يا صديقي .
                  

07-03-2006, 07:47 AM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    When u will visit us najla
                  

07-05-2006, 02:50 AM

عبدالغني كرم الله بشير
<aعبدالغني كرم الله بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2005
مجموع المشاركات: 1082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: aydaroos)


    النجلاء ، في البدء همسة : (قيل لي بأن هناك أمر أسند لأهله، بعد قطيعه طالت)!!...

    هذا الارجنتيني، قريب ماردونا، (في الدم والمكر الإلهي)، يلقى حجر في بركة الفكر، يغوص الحجر لأشياء ساكنة، ونائمة
    منذ قرون (حتما قبل الميلاد الحسي)، تستيقظ رؤى، وانفعالات، اعترت الجسد (أو قل الروح)، قبل خلق الزمان (قبل حلق الزمن لم يكن هناك ماضي، ولا مستقبل، كان الماضي والمستقل يدخلان في حظيرة الحاضر)...

    ثورة من الانفعالات، وشحن من الدهش والارتباك، يتطاير اللهب من جمجمة المتلقي، دخان من كلمات محروفة تتضوع كالخبور، وكالغموض أمام حواسك، أحس بأن ماردونا يسرق أفكاره، من كتاب (الرمل) كما تسرق قدم ماردونا شطاره قلبه (المسكون بخيال غريب وشهي)، يحدق ماردونا في الكرة أمام، كخراف المسيح، كي تطيع مكره، وخيالاته النبيلة، فيتلاعب بالكرة، كفنان تشكيلي، مخمور يرسم على الاثير، كرة تسبح برقص ملهم..

    تلمع من خلال بقعة ماء، على سطح طربيرة، أشكال متداخلة، غاصت في البقة من عدة جهات، للماء سهولة، في الجري والانسياب، والتمثل، كائن رخو، يرسم برهافته الانهار، ويرفع كبرياء البذرة من الصلصال لأفاق السماء، من هذا الماء، خلق الحبر، وخلق القلم كي يملتئ بطنه، بجنين غريب الأطوار، حبر ازرق، ينفث روعته على حقول الورق، يطيع يد بورخيس، وهي تحرث قصة النفس الإنسانية، (قصة الجهل بالجهل).. قصة الامتلاء بالحياة، بالحيرة..

    هو الوحيد، القادرعلى ادخالك في سجن النص (أو جنة النص، ومصحته)، ثم يغلق عليك الباب، فتحي داخال النص، كجنين في الرحم، لا علم له باسم امه، ونبرة صوتها، وأرهاصات الوحم..


    كرة عالية، تتجه نحو ماردونا، أنزلها ببساطة، على صدره، ثم قدمه، ثم جرى، كعادته، (فاتحا كل الاحتمالات)، كل الجمهور على المدرجات (ومليارات خلف الشاشة)، بجهل تمام، عما يدور (بعقله)، ومن ثم ما يدور بقدمه (هذا الشبل من ذاك الاسد، وهذه القدم من ذاك الكاتب، المسمى ذورا ماردونا)...
    وكالراقصة (والتي يطيع جسدها غنجها الانوثي)، لفت الكرة حول لعابين، ثم توقفت بانتظاره، طفل في انتظار اب ذكي (عرق التمرين يقلل دماء المعركة)، قمزها بمكر، أخفت الكرة نفسها عن ثاني وثالث، (مال هذا المسيح، حتى البحار تطيعه كالأطفال)... تبقى له الحارس، وثلاث مدافعين (عقل شمولي، أمام اربعه عقول جزئية)، (يفعل ما لا يتصوره الأعداء)، ولا الجمهور (مسكون بالمفاجأة)..

    هل تحدثت عن بورخيس، ام ماردونا... تشابه على البقر...

    سكنت الكرة الشباك، وحتى يدركها البصر، تم اعادتها بالبطء (فنحن لا نرى سوى الطيور المحنطة، البيئطة)، الحارس والمدافعين الثلاث (لم يدر بخلدهم)، بأن الكرة تستلم لخريطة الجغرافي، والبحاث عن كنوز سليمان، (الذي قمز الكرة باحداثيات الفيزياء، والضغط الجوي، والجاذبية الارضية، وجاذبية واالخيال، والفكر، الحر الطليق)...

    اهتزت الشباك ثلاث مرات ثم سكنت (ماردونا على علم بذلك)، لكل فعل رد فعل، مساو... كل الارجل تمشي، وترفس، ولكن قدم ماردونا (مأمورة بالغناء، والرقص فقط)، هكذا تطيع هي، ذهنه الخالي من التقليد!!

    كم رائع بورخيس في لعب الكرة.... وكم رائع ماردونا "في كتابه ذائع الصيت (كتاب الرمل)"....

    (عدل بواسطة عبدالغني كرم الله بشير on 07-05-2006, 03:41 AM)

                  

07-05-2006, 02:55 AM

aydaroos
<aaydaroos
تاريخ التسجيل: 06-29-2005
مجموع المشاركات: 2965

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: عبدالغني كرم الله بشير)

    UP
                  

07-05-2006, 02:15 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: aydaroos)

    طيب
    ما دام انتو مصرين الحاحا
    انا عايزة اشارك هنا
    ممكن اهدي ؟
    اهدي هذا البوست بكل ما فيه من العنت والمغالطات والمحبات والجلال والفقد والترويع والجهجهة وحس المشاركة وتعضيدالهمة والتشجيع الخفي والصريح والتأمل والارجنتين وكل حضورها النضر في خواطرنا و البوست ايضا بمن فيه من المشاركين والمشاركات الجميلات والجميلين وبعادله وتماضره وأساماه وامينه وساليه الحاضر منكم والغايب من شاكلة طلال وعبدالله الزين ومن مال ميلهم وطبعاوديدي وبهنس الضوء والغالي عبد الغني مؤلما قلبي آلام ظهر حادة والحسن بكري للغرابة فهو يكتفي بالايماء وعويس الما جا تاني وعوض عمر مستنفرا ومتأهب لما لا اعلم و بيت الشعر السوداني مؤخرا وبورخيس العزيز سيد الاسم وزوجتيه خصوصا الأولى التي حظيت بحضوره مثلها مثل مرآة فقط وبكل الاحبة في الخليج العربي وفي المغرب الامازيغي اليومين دي ولفيروز حبيبة قساي وأمي خصوصا وأبي على مضض ؛ عمر التوم صحبي شديد وافتقده بكرم مغبون وبليد اهديه محبتي والخوة الصحي صحي ؛ ولكل من يطالع هذه المراهقة المفاجئة ،لكل مشارك ومشاركة فاتني حظ شكره وتبادل الشجون معه
    بكل ولكل ما ذكر اعلاه وما اغفل في الغفلة
    اهدي هذا البوست
    الى حبايبي في الازل
    توسل نصر الدين وعماد العيدروس بالطريقة التي تلفظ امي بها الاسم الاخير
    بمناسبة الزواج الميمون
    بمناسبة محضي المحبة بدون شرط وبدون حدود
    بمناسبة انتظاري الى الابد بدون ما اجي في المواعيد
    بمناسبة الصداقة النقية وايام البركس يا توسل وفيروز فى مسجل متهالك في راس الدولاب
    في الشتا
    عز الصبا والعلوم والهندسة
    للقميص الاخدر الواحد المخطط
    الذي تفوز به البتصحى في الاول
    لنهلتك ونضالك بأزواجهن الآن
    لايناس البعيدة القريبة
    ومعهادائما دائما أنس
    لسارة عندما كانت عيونها لسه بتلمع قبل ان تختبر معني فقد أخوين جميلين لم يكملا تعلم العزف على الجيتار
    لنجلاء حبيبتي وانا بعيدة عنها بدون رحمة وبدون سبب
    للصبيات كن يسكن فينا
    لزينب ولكم حيرني ان يكون لشخص عيون وظيفتها الاولى الشغب
    للغرفة 37
    للسلم الخشب الوراني ساعة المطرة
    لضفادع البركس البريئة
    للوطاويط تقاسمنا الحياة خلف خلاف
    لصوت السينما من بعيد
    للحرس وللعيادة التي لم تنقذني ولا شي
    للطاهر منطبقا على طهرانيته وفرحا بافكنا
    لي
    قبل ان يطأني شكسبير
    لبهنس الذي تسبب مرتين على الأٌقل في سقوطي بجدارة
    لك مرة اخرى يا توسل
    لعماد ببو
    ولجيتاره .

    (عدل بواسطة نجلاء التوم on 07-05-2006, 02:35 PM)
    (عدل بواسطة نجلاء التوم on 07-05-2006, 02:38 PM)

                  

07-05-2006, 02:21 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    يانصيب في بابل
    خ .ل.بورخيس

    ترجمة: خليل كلفت

    مثل كل الناس في بابل، كنت حاكم مقاطعة، ومثل الكل، كنت عبداً. وعرفت أيضا السلطة المطلقة، والخزي، والسجن. انظر: إن سبابة يدي اليمنى مفقودة. انظر: من خلال فتحة عباءتي يمكنك أن ترى وشماً قرمزياً على بطني. إنه الحرف الثاني، "بيث". وهذا الحرف يمنحني، في الليالي التي يكتمل فيها القمر بدراً، سلطة على الرجال الذين يحملون رمز حرف "جيميل"، لكنه يخضعني لرجال حرف "الألف"، الذين يدينون بالطاعة في الليالي غير المقمرة لأولئك الموسومين برمز حرف "جيميل". وفي عتمة الفجر، في سرداب، قطعت وريد العنق لثيران مقدسة أمام حجر أسود. وخلال إحدى السنوات القمرية تم إعلاني غير مرئي. ارتفع صياحي ولم يردوا عليّ، سرقت الخبز ولم يقطعوا رأسي. وعرفت مالم يعرف الإغريق: عدم اليقين. وفي حجرة برونزية، وأمام المنديل الصامت للشانق خنقا، كان الأمل مخلصا لي، كما كان الرعب في نهر اللذة. ويروي هيراكليدس بونتيكوس بدهشة أن فيثاغورث تذكر أنه كان من قبل بيروس وكان قبل ذلك يوفوربوس وقبل ذلك شخصا ما آخر من البشر الفانين. ولكي أتذكر تقلبات مماثلة لاحاجة بي إلى اللجوء إلى الموت أو حتى إلى الخداع.
    وأنا أدين بهذا التنوع الشرير تقريبا إلى مؤسسة لاتعرفها جمهوريات أخرى أو هي تعمل فيها بطريقة ناقصة وسرية: اليانصيب. وأنا لم أمعن النظر في تاريخها، وأعرف أن الرجال الحكماء لايمكن أن يوافقوا عليها. وأعرف من أهدافها الجبارة مايمكن لرجل غير ضليع في علم التنجيم أن يعرف عن القمر. وأنا قادم من أرض مصابة بدوار يمثل فيها اليانصيب أساس الواقع. وإلى يومنا هذا لم أفكر فيه إلا قليلا كما فكرت في سلوك الآلهة التي لاسبيل إلى إدراك كنهها أو في قلبي. والآن، بعيدا عن بابل وعاداتها الحبيبة، أفكر بقدر من الدهشة في اليانصيب وفي الحدوس المجدفة التي غطت على همهمة الرجال في عتمة الشفق.
    وقد اعتاد أبي أن يقول إنه فيما مضى ـ مسألة قرون، أم سنوات? ـ كان اليانصيب في بابل لعبة ذات طابع شعبي. وقد روى "ولا أدري ما إذا كان محقا في روايته" أن الحلاقين كانوا يبيعون، مقابل عملات نحاسية، مربعات من العظم أو الرق المزين برموز. وفي وضح النهار حدث سحب. وأولئك الذين فازوا تلقوا عملات فضية دون أي اختبار آخر للحظ. لقد كان النظام أولياً، كما يمكنك أن ترى.
    وبطبيعة الحال فقد فشلت هذه "اليانصيبات". إن فضيلتها الأخلاقية كانت معدومة. فهي لم تكن موجهة إلى جميع ملكات الإنسان، بل فقط إلى الأمل. وإزاء اللامبالاة العامة بدأ التجار الذين أسسوا هذه اليانصيبات الفاسدة يخسرون المال. وحاول أحدهم القيام بإصلاح: دس أوراق يانصيب قليلة غير مبشرة في قائمة أرقام مبشرة. وعن طريق هذا الإصلاح، جازف مشترو المربعات المرقمة المجازفة المزدوجة المتمثلة في الفوز بالمبلغ ودفع غرامة قد تكون ضخمة. وهذا الخطر الطفيف "مقابل كل ثلاثين من الأرقام المبشرة كان هناك رقم محظوظ" أيقظ، كما هو طبيعي، اهتمام الجمهور. وألقى البابليون بأنفسهم إلى اللعبة. وأولئك الذين لم يكسبوا مصادفات تم اعتبارهم جبناء، وضعاء. ومع الوقت، صار ذلك الازدراء المبرر مضاعفا. أما أولئك الذين لم يلعبوا فكان نصيبهم الاحتقار، غير أن الخاسرين الذين كانوا يدفعون الغرامة كان نصيبهم أيضا الاحتقار. والشركة "كما صارت تعرف في ذلك الحين" كان عليها أن تعتني بالفائزين، الذين لم يكن بوسعهم أن ينتفعوا بجوائزهم مالم يكونوا قد دفعوا المبلغ الكلي لغراماتهم تقريبا. وقد رفعت دعوى قضائىة ضد الخاسرين. وحكم عليهم القاضي بدفع الغرامة الأصلية والتكاليف وإلا بقضاء عدة أيام في السجن. واختار الجميع السجن لكي يسلبوا أموال الشركة. وعدم الاكتراث بتبجح هو مصدر السلطة المطلقة للشركة وكذلك مصدر قوتها الميتافيزيقية والكنسية.
    بعد ذلك بفترة قصيرة حذفت قوائم اليانصيب مبالغ الغرامات واقتصرت على نشر أيام سجن كل رقم غير مبشر مبين. تلك الروح المقتضبة، غير الملحوظة تقريبا في ذلك الحين، كانت ذات أهمية كبرى. وكنت أنا أول من يحضر في يانصيب العناصر غير النقدية. وكان النجاح هائلا. وبإلحاح من العملاء، اضطرت الشركة إلى زيادة الأرقام غير المبشرة.ويعرف الجميع أن الناس في بابل مولعون بالمنطق وحتى بالتماثل. وكان من غير المنطقي أن يجري حساب الأرقام المحظوظة بالعملات المستديرة والأرقام غير المحظوظة بأيام وليالي السجن. وقد فسر ذلك بعض الأخلاقيين بأن امتلاك النقود لايحتم السعادة دائما وبأن أشكالا أخرى للسعادة ربما كانت أكثر مباشرة.
    واجتاح قلق من نوع آخر أحياء الطبقات الفقيرة. ذلك أن أعضاء مجمع الكهنة ضاعفوا رهاناتهم وتمتعوا بجميع تقلبات الرعب والأمل، وعرف الفقراء (بحسد معقول أو محتوم) أنهم مستبعدون من ذلك التواتر السيئ الشهرة بلذته. والحقيقة أن الرغبة العادلة في أن يشترك الجميع، أغنياء وفقراء، على قدم المساواة في اليانصيب، قد أشعلت إثارة ساخطة، لم تمح السنون ذكراها. بعض الناس العنيدين لم يفهموا "أو تظاهروا بأنهم لم يفهموا" أنها كانت مسألة نظام جديد، مسألة مرحلة تاريخية ضرورية. وسرق عبدورقة يانصيب قرمزية، وقيد عليه في السحب إحراق لسانه. ذلك أن المجموعة القانونية حددت تلك العقوبة بالذات لمن يسرق ورقة اليانصيب. جادل بعض البابليين بأنه يستحق الكي بالحديد بسبب وضعه القانوني كلص، وجادل آخرون، بسماحة، بأن المنفذ ينبغي أن يطبق ذلك عليه لأن المصادفة حتمت أن يسير الأمر على هذا النحو. وكانت هناك اضطرابات، فكانت هناك سحوبات مؤسفة من الدم، غير أن جماهير بابل فرضت في نهاية المطاف إرادتها ضد معارضة الأغنياء. لقد حقق الناس على أوسع نطاق أهدافهم السمحة. ففي المحل الأول، جعلوا الشركة تقبل السلطة الكلية. "كان ذلك التوحيد ضروريا، نظرا لضخامة وتعقيد العمليات الجديدة". وفي المحل الثاني، جعلت اليانصيب سرياً، وحراً، وعاماً. وتم إلغاء البيع الارتزاقي للمصادفات. وحالما يتم تعميده في طقوس أسرار بعل، كان كل رجل حر يشارك تلقائىا في السحوبات المقدسة، التي كانت تجري في لابيرنثات "متاهات" الرب كل ست ليال والتي كانت تقرر مصيره حتى السحب التالي. وكانت النتائج المنطقية لذلك لاتحصى ولاتعد. ذلك أنه كان من شأن لعبة محظوظة أن تؤدي إلى ترقيته إلى مجلس الرجال الحكماء أو سجن عدو "عام أو خاص" أو العثور، في الظلام الآمن لحجرته، على المرأة التي تبدأ في إثارته والتي لم يتوقع قط أن يلقاها مرة أخرى. لعبة رديئة: بتر الأعضاء، مختلف أنواع الخزي، والموت. وفي بعض الأحيان كان واقع واحد ـ القتل الفظ لـ: س، والتمجيد الملغز لـ:ب ـ هو الحل السعيد لثلاثين أو أربعين سحبا. وكان من الصعب الجمع بين الألعاب، غير أن المرء ينبغي أن يتذكر أن أفراد الشركة كانوا "ويظلون" ذوي سلطة مطلقة ودهاة. وفي حالات كثيرة فإن معرفة أن سعادة بعينها كانت الثمرة ا لبسيطة لمصادفة كان من شأنها أن تقلل من فضيلتها. ولتفادي هذا العائق، قام وكلاء الشركة باستخدام قوة الإيحاء والسحر. وكانت خطواتهم، ومناوراتهم، سرية. ولاكتشاف الآمال الحميمة والمخاوف العميقة لكل فرد، كان لديهم علماء تنجيم وجواسيس. وكانت هناك بعض الأسود الحجرية، وكان هناك مرحاض مقدس يسمى قافقا، وكانت هناك شقوق في قناة المجاري الترابية تؤدي إلى الشركة، وفقا للرأي السائد، وقد أودع الأشخاص الأشرار والأخيار معلومات في هذه الأماكن. وجمع ملف ألفبائي هذه المواد الخاصة ذات الصدق المتباين.
    وبصورة لاتصدق، كانت هناك شكاوى. والواقع أن الشركة، بحذرها المعتاد، لم ترد مباشرة. وقد فضلت أن تكتب على عجل داخل مزبلة مصنع أقنعة بيانا وجيزا يظهر الآن في الكتابات المقدسة. ولاحظت هذه الوثيقة الذهبية أن اليانصيب إنما هو إقحام للمصادفة في نظام العالم وأن قبول الأخطاء لايعني إنكار المصادفة: إنه يعني تعزيزها. كما أنها لاحظت كذلك أن تلك الأسود وذلك الوعاء المقدس، برغم أنها لاتنكرها الشركة (التي لم تتخل عن الحق في استشارتها)، أدت وظيفتها دون ضمانة رسمية.
    وقد قام هذا البيان بتهدئة قلق الجمهور. كما أنه أحدث تأثيرات جديدة، ربما لم يتوقعها كاتبها. فقد قام بتعديل روح الشركة وصفقاتها تعديلا عميقا. ولم يبق أمامي وقت كثير، إنهم يقولون لنا إن السفينة على وشك أن ترفع المرساة. لكنني سأحاول أن أشرح ذلك.
    ومهما بدا الأمر بعيد الاحتمال فلم يحاول أحد قبل ذلك إعداد نظرية عامة عن المصادفة. فالبابليون ليسوا تأمليين للغاية. وهم يجلون أحكام القدر، ويسلمون لها حياتهم، آمالهم، ذعرهم، غير أنه لايخطر ببالهم أن يقوموا باستقصاء القوانين اللابيرنثية للقدر ولا المجالات الدائرية التي تكشف عنه. ومع ذلك فإن البيان غير الرسمي الذي ذكرته منذ قليل قد أثار مناقشات عديدة عن الطابع الشرعي ـ الرياضي. ومن إحداها انطلق الحدس التالي: إذا كان اليانصيب تكثيفا للمصادفة، حقنا دورياً للكون بالفوضى، أفلن يكون من الصواب للمصادفة أن تتدخل في جميع مراحل السحب وليس في واحدة منها فقط? أليس من المضحك أن تملي المصادفة موت أحدهم وأن تجعل ظروف ذلك الموت ـ السرية، الإعلان، الزمن المحدد في ساعة أو قرن ـ غير خاضعة للمصادفة؟ وفي نهاية المطاف أدت هذه الشكوك المشروعة إلى إصلاح كبير، لايفهم تعقيداته "التي تفاقمت نتيجة قرون من الممارسة" سوى قلة من المتخصصين، غير أنني سأحاول تلخيصها، على الأقل بطريقة رمزية.
    فلنتصور سحبا أولاً يقضي بموت رجل. وفي سبيل تحقيقه يتقدم المرء إلى سحب آخر، يقترح (لنقل) تسعة منفذين ممكنين. ومن هؤلاء المنفذين، يمكن لأربعة أن يبدأوا سحبا ثالثا يمكن أن يخبرنا باسم منفذ حكم الإعدام، ويمكن لاثنين إبدال ترتيب غير موات بترتيب محظوظ "الحصول على ثروة، مثلا"، وسيقوم آخر بتكثيف عقوبة الموت (أي، سيجعله مخزيا أو يثريه بألوان التعذيب)، ويمكن لآخرين أن يرفضوا تحقيق ذلك. وهذا هو المخطط الرمزي. أما في الواقع فإن عدد مرات السحب لانهائى. ولاقرار يعد نهائيا، وكل الأشياء تتفرع إلى أشياء أخرى. ويفترض الناس الجهلاء أن مرات السحب اللانهائىة تقتضي زمنا لانهائىا، والواقع أنه يكفي للزمن أن يكون قابلا للتقسيم بصورة لانهائىة، كما تعلمنا الحكاية الرمزية عن السباق مع السلحفاة. وتنسجم هذه اللانهائىة أروع انسجام مع الأعداد المتعرجة للمصادفة ومع النموذج الأصلي (المثال) السماوي لليانصيب، والذي يعبده الأفلاطونيون. ويبدو أن صدى ما منحرفا لطقوسنا قد ردد دويه على نهر التيبر: ويروي إيللوس لامبريديوس، في حياة أنطونيوس هيليوجابالوس، أن هذا الإمبراطور كتب على الأصداف الأقدار التي كانت مقدرة لضيوفه، بحيث يتلقى أحدهم عشرة جنيهات ذهبية، ويتلقى آخر عشر ذبابات، عشرة فئران نوامة، عشرة دببة. ومن المسموح به أن نتذكر أن هيليوجابالوس نشأ في آسيا الصغرى، بين كهنة الأرباب التي تطلق أسماؤها على تلك البلدان.
    وهناك أيضا سحوبات غير شخصية، بهدف غير محدد. يحكم أحدهم بإلقاء ياقوتة زرقاء تملكها "تابروبانا" في مياه نهر الفرات، ويحكم آخر بفك أسر طائر من فوق سطح برج وثالث بالقيام في كل قرن بسحب "أو إضافة" حبة رمل من الرمال التي لاتحصى ولاتعد على الشاطىء. وفي بعض الأحيان تكون النتائج المنطقية رهيبة.
    وتحت التأثير الخير للشركة، صارت عاداتنا مشبعة بالمصادفة. إن مشتري دستة قارورات من النبيذ الدمشقي لن يصاب بالدهشة إذا كانت إحداها تحتوي على طلسم أو ثعبان. والكاتب الذي يحرر عقداً لايحجم أبدا تقريبا عن إقحام بعض البيانات الخاطئة. وأنا نفسي، في هذا البيان العاجل، قمت بتزوير بعض الروعة، بعض الوحشية. وربما، أيضا، بعض الرتابة الخفية... والحقيقة أن مؤرخينا، وهم الأكثر انتشارا على الكرة الأرضية، قد ابتكروا طريقة لتصحيح المصادفة. ومن المعروف جيدا أن عمليات هذه الطريقة موثوقة (بصفة عامة) برغم أنه من الطبيعي ألا يتم إفشاء سرها دون قدر ما من الخداع. وعلاوة على هذا، ليس هناك ما شوهه الخيال مثل تاريخ الشركة. ويمكن لوثيقة بليوجرافية، تم انتشالها من معبد، أن تكون نتيجة يانصيب الأمس أو يانصيب قديم جدا. وما من كتاب يتم طبعه دون بعض التفاوت في كل نسخة من نسخه. ويحلف الكتبة قسماً سرياً ليحذفوا، ليحرفوا، ليغيروا. إن الكذبة غير المباشرة تلقى التشجيع أيضا.
    وتتفادى الشركة، بتواضع إلهي، كل دعاية. وعملاؤها، كما هو طبيعي، سريون. والأوامر التي تصدرها بصفة متواصلة (ربما بلا توقف) لاتختلف عن تلك التي يسخو بها الدجالون. وعلاوة على هذا، من ذا الذي يمكنه أن يتباهى بكونه مجرد دجال؟ والسكران الذي يرتجل أمرا عبثيا، والحالم الذي يقوم فجأة بإيقاظ وشنق المرأة التي تنام إلى جواره، هل هما ينفذان، ربما، قرارا خفيا للشركة? إن ذلك العمل الصامت الشبيه بعمل الرب، يؤدي إلى جميع أنواع الحدوس. ويلمح شخص بإنكار إلى أن الشركة لم تعش قرناً وإلى أن الفوضى المقدسة لحياتنا وراثية خالصة، تقليدية. ويحكم آخر بأن الشركة خالدة وأنها تعلمنا أنها ستظل قائمة حتى الليلة الأخيرة، حيث يقوم الرب الأخير بإبادة العالم. ويعلن آخر أن الشركة ذات سلطة مطلقة، غير أنه لاتأثير لها إلا في الأشياء الصغيرة: في صياح طائر، في الفوارق الدقيقة بين الصدأ والتراب، في أنصاف أحلام الفجر. ويعلن آخر، في كلمات المهرطقين ذوي الأقنعة، أنها لم توجد قط ولن توجد أبدا. ويستنتج آخر، لايقل تفاهة، أن من عدم اللامبالاة تأكيد أو إنكار حقيقة هذه الهيئة الوهمية، لأن بابل ليست شيئا آخر سوى لعبة لانهائية للمصادفة.
    خ.ل. بورخيس
                  

07-05-2006, 02:26 PM

نجلاء التوم

تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خوركي لويس بورخيس : سيّد المتاهة في الذكرى العشرين لرحيله (Re: نجلاء التوم)

    ودي قراءة بياتريس سارلو مواطنة الكاتب في قصة " يانصيب في بابل " المدرجة اعلاه


    مصادفة اليانصيب كأساس للنظام الاجتماعي


    ترجمة: خليل كلفت

    في قصة "اليانصيب في بابل"، نجد المجازات المنطقية والبلاغية "وفي المقام الأول المفارقة والتناقض اللفظي" والتي تبين حدود العقل في إدراك الشكل الخاص بنظام، تنظم الموقف السردي أيضا. والقصة يسردها صوت صاحبه مجهول ـ وربما كان صوت منفي من بابل، شخص ما ينتمي إلى تلك المدينة لكنه يروي القصة في مكان آخر، شخص ما وضعه الراهن غير موضح في النص. ويعبر راوي القصة عن حنين حاد إلى العالم الذي هجره، أو جرى ترحيله منه: ـ "الآن، بعيدا عن بابل وعاداتها الحبيبة" ـ ويوضح أنه سيشرع في رحلة نحدس أن وجهتها ليست أرض وطنه: "لم يبق أمامي وقت كثير، إنهم يقولون لنا إن السفينة على وشك أن ترفع المرساة". ويشتاق هذا الصوت المجهول الصاحب إلى مايمكن اعتباره حكما وحشيا ولا إنسانيا، وهو حكم أدخله اليانصيب في جميع مجالات العالم المعيش والتجربة المعيشة، ذلك أن اليانصيب، حسب تعبيره، "تكثيف للمصادفة، حقن دوري للكون بالفوضى".

    وكما في ناحية من أنحاء العالم تقريبا، بدأ اليانصيب في بابل بوصفه تلك اللعبة التي نعرفها جميعا وفي بداية القرن الحالي في بيونوس آيرس، كانت أوراق اليانصيب تباع في صالونات الحلاقة ولم تكن تحدث إثارة كبرى عند إجراء السحب ومعرفة نتائجه. ويكتب بورخيس: "كانت فضيلتها الأخلاقية معدومة. فهي لم تكن موجهة إلى جميع ملكات الإنسان، بل فقط إلى الأمل". كان اليانصيب يمنح جوائز فقط، وكان المال هو الجائزة الوحيدة. غير أنه في وقت ما في الماضي أعلن شخص ما بعض القرعات غير المواتية: كان الاشتراك في اللعب يعني حينئذ، ليس فقط إمكان كسب المال بل خسارته أيضا، من خلال الغرامات المالية. وسرعان ما وافقت قلة قليلة من الناس على دفعها، وقررت الشركة التي نظمت اليانصيب استبدال الغرامات بالسجن. واختار كل لاعب هذا الشكل الثاني للعقاب. وبمرور الوقت، ومع تعاظم نجاح هذا الشكل للرهان السلبي، بدأت الشركة Company (التي يرد ذكرها دائما بهذه الطريقة، بحرف استهلالي كبير وبلا تفاصيل أخرى) في إدخال أنواع أخرى من القرعات غير المواتية: أضيفت عقوبات بدنية تتميز بأقصى الوحشية، مثل فقدان طرف أو لسان أو عين، إلى إمكان السجن. وسرعان مابدأت الأنواع الجديدة من القرعات تحكم كل نشاط في بابل، وبصورة أكثر جذرية صار من الممكن التمييز بين مانتج عن إجراء عملية سحب ومانتج عن عوامل أخرى. وعلى سبيل المثال، كان لامناص من معاقبة عبدسرق ورقة يانصيب على هذا العمل بإحراق لسانه، غير أن ورقة اليانصيب التي كانت بحوزته كسبت له أيضا نفس العقوبة. وكان من المستحيل حسم مسألة ما إذا كان لسان العبدقد تم إحراقه للسبب الأول "السرقة" أم للسبب الثاني (حظه في لعبة اليانصيب).

    هذا الطابع الملتبس للأحداث أسر خيال البابليين، وحققت الثورات الشعبية للجميع الحق في الاشتراك في اليانصيب دون دفع مقابل أوراق اليانصيب، التي تعين منذ ذلك الحين فصاعدا توزيعها بالتساوي.

    وقد تأسست الشركة بوصفها الحكومة والسلطة العليا للمدينة. ومن الجلي أنه يمكن النظر إلى هذه المقرطة للحق في المقامرة على أنها تعليق تهكمي على توسيع الحقوق المدنية في المجتمعات الحديثة. كما أن الانقلاب الاجتماعي الذي أتى بالحقوق العامة والحرة في أوراق اليانصيب ـ وهو نوع من ثورة فرنسية تهكمية ـ ضمن أن يكون لأي شخص حر في بابل الحق في الاشتراك فيما كان يعتبر في ذلك الحين الاحتفال المقدس بسحب أوراق اليانصيب، والذي كان يجري مرة كل ستين ليلة، وحدد مصير المشتركين حتى السحب التالي. وحالما تم تنظيم الحياة على هذا النحو صارت الحياة أيضا مقدسة، لأن القدر حكم المدينة علانية. ومع ذلك، لا أحد كان بوسعه أن يحسم مسألة أي أحداث في حياته نشأت من خلال السحب، وأي أحداث كانت نتيجة لسلوكه أو إرادته.

    وكانت عمليات السحب معقدة، وكانت تستخدم نظاما من الإمكانات المتعددة، وكثيرا ما ارتكب الحكماء الذين كانوا يجرون عمليات السحب أخطاء. غير أن الشركة دافعت عن عملها بوصفه إدخال المصادفة في نظام العالم، مؤكدة أن "قبول الأخطاء لايعني إنكار المصادفة: إنه يعني إثباتها".

    هذا التلخيص الموجز للحبكة يتركنا مع مسألة ماهو نوع المجتمع القصصي الذي يجري وصفه. إنه نظام يوتوبي "إذا اقتنعنا بأن اشتياق الراوي إلى بابل اشتياق صادق"، لكنه نظام يوتوبي يمكن فهمه على أنه ينتج شروطا ديستوبية Dystopian. وكما يتذكر الصوت المجهول الصاحب، كان لليانصيب التأثير المتمثل في إقامة مجتمع. كان في وقت واحد استبداديا وعادلا، لأن المصير الاجتماعي لكل فرد كان يتحدد بالمصادفة، وليس بالميلاد أو الجدارة:

    "مثل كل الناس في بابل، كنت حاكم مقاطعة، ومثل الكل، عبداً. وعرفت أيضا السلطة المطلقة، العار، السجن. انظر: إن سبابة يدي اليمنى مفقودة. انظر: من خلال فتحة عباءتي يمكنك أن ترى وشماً قرمزيا على بطني. إنه رمز الحرف الثاني: "بيث". وهذا الحرف يمنحني، في الليالي التي يكتمل فيها القمر بدرا، سلطة على الرجال الذين يحملون رمز حرف "جيميل"، لكنه يخضعني لرجال حرف "الألف".. وخلال إحدى السنوات القمرية تم إعلاني غير مرئي.

    ارتفع صياحي ولم يردوا عليّ، سرقت الخبز ولم يقطعوا رأسي. وعرفت مالم يعرف الإغريق: عدم اليقين".

    وهذا النظام الديستوبي Dystopian يجري تعزيزه بعدد من المجازات والوسائل الأسلوبية. هناك في المقام الأول التناقض اللفظي، المجاز الذي يمزج عناصر متناقضة، الذي عن طريقه يجري الاعتراض على المعنى أو تعديله بدمجه مع معنى آخر. وفي حالة بابل فإن التناقض اللفظي "الذي يعطي بنية للسرد" يثبت حقيقة أن المجتمع يقوم على أساس المصادفة: النظام يسوده مبدأ الفوضى.

    وهذا التناقض اللفظي تعززه مفارقة: في حالته النهائية يتطلب اليانصيب عددا لانهائيا من عمليات السحب في سبيل تحديد الأحداث التي لابد أن تقع خلال فترة محدودة من الزمن. والزمن المطلوب لعمليات السحب ينبغي أن يكون قابلا للقسمة إلى مالانهاية، مثل الزمن المطلوب "في مفارقة زينون الشهيرة" للسلحفاة لكي تكسب سباقها ضد أخيل. والأحداث المفزعة للغاية، تماما مثل الأحداث التي لاعلاقة لها بالموضوع، تحتاج إلى تكاثر عمليات السحب. وإذا كان لابد من قتل شخص ما فلابد من إثبات هذا بعملية سحب. وهناك شخص آخر هو قاتله، وهذا أيضا ينبغي تحديده عن طريق اليانصيب. كما أن ظروف حادث القتل ينبغي أن تجري تسويتها عن طريق عملية سحب، وكذلك الحال فيما يتعلق بالشروط التي تحدد هذه الجريمة، وهكذا دواليك إلى مالانهاية. وهذا التشعب لامتناه كإمكان، ويحتاج إلى فترة زمنية قابلة للقسمة إلى مالانهاية.

    وهذان المجازان (التناقض اللفظي لنظام يقوم على المصادفة، ومفارقة القسمة اللانهائية للزمن خلال فترة محددة من الزمن) ينظمان النص وينشئان عالما افتراضيا، مبنيا على أساس لغز فلسفي: المصادفة محتها المصادفة. وحيث يجري عزو كل شيء إلى المصادفة، تغدو المصادفة هي النظام الطبيعي والاجتماعي، حقا إن المصادفة لم تعد مصادفة، بل صارت ضرورة. ويدل هذا بالبداهة على أن جميع محالات الاعتراض على لعبة المصادفة ينبغي أيضا عزوها إلى المصادفة. وهذه القاعدة لاحدود لها وتكرر نفسها داخل نفسها en abime. وقد قدمت بابل تناقضا لفظيا بوصفه نموذج النظام الاجتماعي: التنظيم الكلي للمصادفة، مع إلغاء كل إمكان للإرادة الحرة أو حرية الإرادة.

    وليس من الصعب أن نقرأ هذه القصة قراءة مجازية، ليس فقط كتصوير للمصير، بل كتصوير للنزعة الشمولية في الحياة اليومية. واسم Kafka "كافكا" يرد متنكرا في النص: يعلق بورخيس تعليقا جانبيا مؤداه أن البابليين الذين كانت لهم شكاوى ضد الشركة اعتادوا أن يتركوا رسائل في مرحاض مقدس اسمه قافقا (التدوين الصوتي لاسم كافكا في صيغة كلمة عربية).

    وكما هو الحال في الكوابيس الكافكاوية فإن نظام العالم لايمكن أن يدركه الخاضعون له، ولايرتاب المرء في شرعية ذلك النظام فقط، بل كذلك في مجرد وجوده. وهذا على جه التحديد هو مايحدسه البعض في بابل: أن الشركة لم توجد قط ولن توجد أبدا. أو أن الشركة، برغم أنها كلية القدرة، تفصل في موضوعات ثانوية فقط وتترك الباقي لمصادفة مختلفة ومجهولة غير مصادفة اليانصيب. وعلى سبيل المثال، كما يكتب بورخيس، لاتملك الشركة تأثيرا إلا في "صياح طائر، في الفوارق الدقيقة بين الصدأ والتراب، في أنصاف أحلام الفجر". أو تنظم (الشركة) عملية سحب غير شخصية لأسباب خفية: "يحكم أحدهم بإلقاء ياقوتة زرقاء تملكها "تابروبانا" في مياه نهر الفرات، ويحكم آخر بفك أسر طائر من فوق سطح برج، وثالث بالقيام في كل قرن بسحب "أو إضافة" حبة رمل من الرمال التي لاتحصى ولاتعد على الشاطىء".

    وهذه الافتراضات المهرطقة الأخيرة أكثر ترويعا من إمبراطورية المصادفة، لأن عواقب مثل هذه الأفعال الثانوية بجلاء لايمكن التنبؤ بها أو حسابها.

    ومن ناحية أخرى، لا أحد يمكنه أن يحكم على صحة هذه الفرضيات والشائعات. فالشركة لاتقدم سوى تفسيرات ملتبسة بخصوص قوانينها. أما المفكرون المهرطقون فلديهم أفكار لايمكن إثباتها. ومؤسسة النظام الاجتماعي غير قابلة للمعرفة وهي تقع خارج حدود التجربة. على أنه يمكن، وهذا استنتاج أكثر ترويعا، إدراك أن المجتمعات لاتخضع لأي قوانين سوى قانون المصادفة العشوائية.وفي تقديمه، المكتوب في 1941، للطبعة الأولى من الكتاب الذي نشرت فيه هذه القصص، يقول بورخيس إن "قصة اليانصيب في بابل، برغم أنها فانتازية، ليست خالية تماما من توصيل رمز". وفي واحد من أحاديثه الجانبية النموذجية، يوجهنا بورخيس صوب قراءة القصة باعتبارها قصة سياسية. كانت الفاشية في ذروتها، ولم تكن الديمقراطية الأوربية ونظامها الحزبي قادرين على تقديم بديل سياسي لصعود الاستبداد خلال الثلاثينيات. وقد طرح كلا هذين الواقعين مسألة مفتوحة، برغم أن الحرب العالمية بدت حلا عنيفا لمشكلة النزعة التوسعية الفاشية. والمسألة هي: ماهو المجتمع؟ ماهو الشكل الذي يمكن من خلاله توطيد النظام دون استئصال الحرية تماما? هل هناك أي طريقة للجمع بين حرية إرادة الأفراد وتنظيم رشيد للمجتمع؟

    وينبغي أن أعترف بأن هذه الأسئلة لاتبدو أسئلة بورخيسية للغاية. ومع ذلك، ومهما يكن ذلك بطريقة غير مباشرة، فإن قصة "اليانصيب في بابل" تتناول هذه الأسئلة، وليس فقط لأنها كانت مطروحة على جدول الأعمال خلال الثلاثينيات. وسأستبعد أي إيحاء بأن بورخيس كان يعمل على أساس أي جدول أعمال عام، برغم أنه كان بالغ الانشغال بالحكم الاستبدادي. غير أن مسألة النظام الاجتماعي يمكن بحثها، على كل حال، من وجهة نظر فلسفية وكذلك أيضا سياسية. وفي التراث العظيم للفكر الغربي شغلت هذه المسألة الفلاسفة والكتاب في واقع الأمر. وهي ماثلة في أساس روايات مثل روبنسون كروزو ورحلات جاليفر ـ وكلتا الراويتين أحبهما بورخيس كثيرا واستشهد بهما كثيرا.

    ولأن المجتمع ليس واقعا طبيعيا فإنه يقدم مشكلات تتعلق بالنواة المركزية للفكر الفلسفي. وتشمل موضوعات البحث هذه تعريف الذات، والقيود الضرورية الموضوعة على العلاقة بين الأفراد الذين يختارون أن يعيشوا في إطار نظام اجتماعي، والصراع بين الحرية والواجب، والبعد الأخلاقي للسياسة، والأساس الأخلاقي للمؤسسات الاجتماعية.

    وقصة "اليانصيب في بابل" (وكذلك قصة "مكتبة بابل" برغم أنها ميتافيزيقية بوضوح أكثر) يمكن قراءتهما ليس فقط كقصتين فلسفيتين بل كذلك كقصتين سياسيتين ـ فلسفيتين. وكما رأينا في حالة "تيلون، أوكبار، أوربيس تيرتيوس" فإن هذا لايعني أنهما تناقشان مشكلة فلسفية بطريقة منهجية، بل يعني بالأحرى أنهما تقدمان هذه المشكلة الفلسفية في سياق موقف سردي. والحقيقة أن الفلسفة السياسية لايمكن تعلمها من بورخيس. لكنه يبتكر حقا حبكات يجري فيها التصدي لمسألة فلسفية عن طريق وسائل ومعالجات قصصية. ولا إجابة هناك على السؤال. ومانلقاه، بدلاً من ذلك، هو التطوير الأدبي للمشكلة في شكل حبكة مبنية حول افتراضات قصصية تصف نظاما يوتوبياً ـ أو ديستوبياً، في الحقيقة.


    بياتريس سارلو
                  

07-15-2006, 09:54 AM

mazin mustafa
<amazin mustafa
تاريخ التسجيل: 07-30-2005
مجموع المشاركات: 287

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المخلوقات الوهميّة (Re: نجلاء التوم)

    من »كتاب المخلوقات الوهميّة«
    لخورخي لويس بورخيس


    بسام حجار (شاعر ومترجم من لبنان)


    --------------------------------------------------------------------------------


    مقدّمة

    نصطحبُ طفلاً للمرّة الأولى إلى حديقة حيوانات. قد يكون هذا الطفل أيّاً منّا نحن، أو، على العكس، كنّا، نحنُ، هذا الطفل ولا نستذكر. في هذه الحديقة، المرعبة، يشاهد الطفلُ حيوانات لم يسبق له أن شاهدها، يُشاهد يَغاوِرَ وعقابينَ وبياسينَ، وحتّى زرافاتٍ. يشاهد للمرّة الأولى جحافل مملكة الحيوان الجامحة، وعِوَضَ أن يجفله المشهد أو يُرعبه، يلاقي في نفسه استحساناً. يستحسنُه بحيث تغدو الزيارة إلى حديقة الحيوانات سلوى الطفل، أو ما يتبدّى للطفل أنّها سلواه. فكيف السبيل إلى تعليل هذه الظاهرة الشائعة، والملغِزة في الوقت نفسه ؟

    طبعاً يسعنا الإنكار. يسعنا الزعم بأن الأطفال إذ يُصحبون إلى حديقة الحيوانات يعانون، بمضيّ عشرين عاماً، أعراضَ العُصاب؛ والحقّ انّه ما من طفلٍ لم يأتَ له اكتشاف حديقة الحيوانات وما من بالغٍ، إذا أمعنّا النظر، لا يعاني أعراضَ العُصاب. يسعنا الجزم بأنّ الطفلَ، تعريفاً، هو مكتشفٌ، وأنّ اكتشاف الجمل ليس أغرب من اكتشاف المرآة أو الماء أو السلالم. ويسعنا الجزم بأن الطفلَ واثقٌ من أبويه اللذين يصطحبانه إلى هذا المكان الذي يعجّ بالحيوانات. إلى ذلك، فإنّ النمر القماش، والنمر الرسم في دائرة المعارف قد مهّدا له الطريق للقاء النمر دماً ولحماً من دون فزع. (لو قيض) لافلاطون (التدخّل في هذا البحث) لأنبأنا بأنّ الطفلَ قد سبقَ له أن شاهد النَمِرَ في عالم الأطياف الأسبق، وبأنّه، إذ يشاهده الآن، إنّما يتعرّف عليه استذكاراً. أمّا شوبنهاور (وهذا أدعى إلى العَجَب) فقد كان يقرّر بأن الطفل يتطلّع بلا فزع إلى النمور لأنه لا يغفل عن كونه النمورَ وأن عن كونِ النمور هو نفسه، أو، الأحرى، عن أنّ النمورَ وهو نفسه من ماهيّة واحدة: الإرادة.

    لننتقل الآن من حديقة حيوانات الواقع، إلى حديقة حيوانات الأساطير، حيث شعب الحيوان ليس أُسْداً بل سفنكس وعنقاء مُغرِب وسنتور. ينبغي لعديد أهلِ الحديقة الثانية هذه أن يربو على عديد الأولى، بما أن المسخَ ليس سوى مزاجٍ من عناصر كائناتٍ حقيقة وبما أنّ احتمالات فنّ المزجِ يقارب اللامتناهي. في السنتور مزيج حصان وإنسان، وفي المونتور مزيج ثور وإنسان (دانتي تخيّله بوجهٍ آدمي وجسم ثور) وعلى هذا النحو يسعنا، على ما يبدو لي، إنتاج عددٍ لامتناهٍ من المسوخ، وأمزجة السمك والطير والزواحف، لا يحدّ مسعانا إلاّ السأم أو التقزّز. ومع ذلك فإنّ هذا لا يحدث؛ فالمسوخ التي قد نولّدها تولدُ ميتة بنعمى الله. لقد جمع فلوبير في الصفحات الأخيرة من »الإغواء«، كلّ المسوخ القروسطيّة والكلاسيكيّة، وحاول، كما ينبئنا شارحوه، أن يخلق منها؛ إنّ العدد الإجمالي ليس كبيراً، وقليلٌ جداً يؤثّر في مخيلة الناس. ومن يقرأ ثَبْتَنا لا بد أن يلاحظ بأنّ علم حيوان الوهم أقلّ غنىً ووفرةً من علم حيوان الربّ.

    نحن نجهل معنى التنين، كما نجهل معنى الكون، ولكن في صورته ما يتلاءم ومخيّلة البشر، ولهذا يظهر التنين في عصورٍ وفي أماكن مختلفة. وقد نقول إنّه مسخٌ ضروري، وليس مسخاً عابر الوجود ولا جدوى منه، وكذلك الخَيْمَر أو الغول.

    ثمّ أننا لا نزعم بأن هذا الكتاب، وهو ربّما كان الأوّل في نوعه، يشتمل على العدد الكامل للحيوانات الخرافية. لقد أجرينا بحوثاً في متون الآداب الكلاسيكية والشرقيّة، غير أننا نعلم يقيناً أن الموضوع الذي نحن بصدده هو موضوع لامتناه.

    عمداً نستبعد من هذا الثبت الخرافات التي تعالج تحوّلات الكائن البشريّ: كالمتذئّب(١، والغول الذئبيّ وسواهما.

    نودّ أن نشكر لإسهامهم كلاّ من ليونور غيريرو دي كوبولا، وألبرتو دابرسا ورافاييل لوبيث بيليغري.

    ج. ل. ب. و م. غ.

    مارتينيث، في 29 كانون الثاني 1954.



    الحمار ذو القوائم الثلاث

    ينسبُ بلّينُس إلى زرادشت، منشئ الديانة التي ما زال يبشّر بها مجوسُ بومباي، نظمَه مليوني بيت من الشعر؛ ويؤكّد المؤرّخ العربي الطبري أنّ أعماله الكاملة التي خلّدها نسّاخ وخطّاطون ورعون، تتألّف من اثني عشر ألف جلد بقرة. والمعروف أنّ الإسكندر المقدوني قد أمر بإحراقها في برسيبوليس، غير أنّ ذاكرة الرهبان الأمينة تمكّنت من إنقاذ النصوص الأساسيّة وجاء، منذ القرن التاسع، مؤلّفٌ موسوعي، هو الـ»Boundahishm«، ليُكملها، وقد احتوى الصفحة التالية:

    »يُقال عن الحمار ذي القوائم الثلاث إنّه وسط المحيط وإنّ عدد حوافره ثلاثة وعيونَه ستٌّ وأشداقه تسعة وأذنيه اثنتان وقرنه واحدٌ. فروته بيضاء، وعَلَفه روحانيّ وكلّ كيانه منصفٌ. اثنتان من عينيه الستّ في موضع العينين واثنتان عند قمّة رأسه واثنتان عند ظاهر الرقبة؛ وبنفاذ الأعين الستّ يُخْضِع ويُقوِّض.

    من أشداقه التسعة ثلاثة في الرأس وثلاثة في ظاهر الرقبة وثلاثة عند الجنبات... كلّ حافر، إذ يطأ الأرضَ، يغطّي مرقد قطيع من ألف نعجة، وتحت ظفرِ الحافرِ ساحة لألف خيّال. أمّا الأذنان، فهما قد تغطيان مزندران. القرن كأنّه من ذهبٍ وأجوف، وله ألف شعبة وفرع. وبهذا القرن سيهزم ويبدّد كلّ فساد الأشرار.«

    نحن نعلم أن العنبر هو روث الحمار ذي القوائم الثلاث. وقد جاء في الميثولوجيا المزديّة أنّ هذا المسخ كثير المنافع وهو أحد أعوان آهورا-مزده (أورمادز)، مبدأ الحياة والنور والحقيقة.



    الجــــــــــــن

    حسبِ الرواية الإسلامية، خلق الله الملائكة من نور والجنّ من نار والإنسان من تراب. ويؤكّد البعض أنّ مادة الجنّ هي نار كابية بلا دخان. خلقوا قبل آدم بألفي عام غير أنّ جنسهم لن يبلغ يوم الحشر.

    يعرّفهم القزويني على أنهم حيوانات هوائية هائلة الأحجام، شفّافة، قادرة على التشكّل بأشكال متنوّعة. يظهرون أولاً على هيئة سُحُبٍ أو كأعمدة شاهقة بلا منتهى؛ ثمّ، بحسب أمزجتهم، فيتخذون هيئة الإنسان أو الثعلب أو الذئب او الأسد أو السرطان أو الحيّة. بعضهم مؤمن، وبعضهم كافر زنديق. قبل قتل الحيّة ينبغي الطلب منها باسم النبيّ أن تخلي المكان؛ ويحلّ قتلها إذا أبتِ الانصياع. الجنّ قادرون على اختراق جدارٍ حصين وعلى التحليق في الفضاء أو حجب أنفسهم فجأة عن الأعين. غالباً ما يبلغون السماء الدنيا حيث ينصتون إلى أحاديث الملائكة عن الحوادث المقبلة. بعض أهل العلم ينسب إليهم تشييد الأهرامات، وبإيعاز من سليمان بن داود الذي كان يعرف اسم الربّ كلي القدرة، تشييد هيكل أورشليم.

    من على السطوح والشرفات يرجمون الناس؛ كما اعتادوا خطفَ الحسناوات. لاجتناب شرورهم، ينبغي ذكر الله الرحمن الرحيم. اعتادوا الإقامة بين الخرائب والمنازل المهجورة والآبار والأنهر والصحارى. والمصريون يؤكّدون أنهم مسبّبو العواصف الرمليّة. ويعتقدون بأن الشُهُبَ السماوية إنما هي حرابٌ يقذفها الله على أشرار الجنّ.

    إبليس هو أبوهم وقائدهم.



    البُــــراق

    أولى آيات السورة السابعة عشرة (الإسراء) من القرآن تتألّف من الألفاظ التالية: »سبحان الذي أسرى بعبدِه ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريَه من آياتنا إنّه السميع البصير«. ويفسّر المفسّرون أنّ من يُسبَّح له هو الله وأنّ العبد هو محمّد وأنّ المسجد الحرام هو مسجد مكّة، وأنّ المسجد الأقصى هو مسجد القدس وأنّه من القدس ارتقى النبيّ إلى السماء السابعة. في رواياتٍ للخبر مغرقة في القِدَم، قيل إنّ محمداً هُديَ الوجهةَ من قبل إنسان أو ملاك. وفي روايات أحدث عهداً ورد ذكرُ دابّة أكبر من حمار وأصغر من بغل. هذه الدابة هي البُراقُ الذي سمّي بذلك لنصوع لونه وبريقه. وبحسب بورتن »Burton«، يتصوّره مسلمو الهند بوجهٍ آدميّ وأذني حمار وبدن حصان وذَنَب طاووس.

    وقد ورد في أحد الأخبار الإسلامية أنّ البُراق لدى مغادرته الأرض أوقع قِدراً مملوءة بالماء. حُمِلَ النبيّ إلى السماء السابعة وخاطبَ في جميع السماوات السبع الأولياء والملائكة وخاطبوه وجازَ الوحدةَ وأحسّ ببردٍ أثلج قلبه لمّا ربّتت كفّ الله على كتفِه. ولأن زمان البشر لا يُقاس البتّة بزمان الله: استلقى النبيّ، لدى عودته، قِدرَ الماء ولم ينسكب منها قطرة واحدة.

    يتحدّث ميغال آثين بالاثيوس عن متصوّف من مُرسيا في القرن الثالث عشر، كان رأى، في كتاب له أسماه »كتاب الإسرا إلى مقامِ الأسرى«، في البراق رمزاً للحبّ الإلهي. وفي كتاب آخر له يستشهد بـ»بِبُراق طهارة القَصْد«.



    البانشي

    الظاهرُ أنّ أحداً لم يلمحها؛ ليست هيئةً بقدر ما هي أنّةٌ تنشر صقيع الفَزَع في ليالي إيرلنده و- بحسب كتاب السِير والكوت سكوت »Walter Scott« عن الشياطين والسَحَرة - ليالي المناطق الجبليّة في اسكتلنده. تنذرُ، من وراء نوافذ الناس، بموت فردٍ من أفراد العائلة. وهي حظوة خاصّة ببعض السلالات السلتيّة الخالصة النسب، بلا هجنة لاتينيّة أو ساكسونية أو اسكندنافية. تتناهى إلى السمعِ في بلاد الغال أيضاً وفي بروتاني. تنتمي إلى جنس الجنيّات. أنينُها اسمُه العويل.



    البَهَموت

    ذاعَ صيتُ البَهَموت حتّى بلغ صحارى الجزيرة العربيّة، حيثُ أضاف الناسُ إلى صورته شكلاً وروعة. فرس نهرٍ أو فيل، جعلوا منه سمكةً تسبح في مياهٍ بلا قعر وعلى هذه السمكة تخيّلوا ثوراً وعلى هذا الثور تخيّلوا جبلَ زمرّد وعلى الجبل ملاكاً وعلى الملاك ستّ جهنمات وعلى الجهنّمات الأرض وعلى الأرض سبع سماوات. نقرأ في خبرٍ نقله لاين »Lane« .

    خلق الله الأرض، غير أن الأرض لم يكن لها سندٌ، وهكذا، تحت الأرض خلق ملاكاً. غير أن الملاك لم يكن له سند، وعندئذ خلق تحت قدمي الملاك جبلاً من الزمرّد. غير أنّ الصخرة لم يكن لها سند، فخلق ثوراً بأربعة آلاف عين وأذن وأنف وشدقٍ ولسان وظلف. غير أن الثور لم يكن له سند، وإذ ذاك خلق تحت الثور سمكةً اسمها بَهَموت، وتحت السمكة بسط الماء والعتمة، ولا يبلغ علمُ البشر عِلماً أبعد من ذلك.

    آخرون يزعمون أنّ ركائز الأرض في الماء؛ إنّ الماء على الصخرة؛ الصخرة على قذالِ الثور؛ والثور على فراشِ الرمل؛ والرمل على البهموت؛ والبهموت على ريح خانقة؛ والريح الخانقة على ضباب. ولا ندري ما تحت الضباب.

    البهموت هائل الحجم ساطع البريق فلا يقوى بصرٌ آدميّ على رؤيته. كلّ بحور العالم مجتمعة في تجويف أحد منخريه لتكون أشبه بحبّة الخردل وسط صحراء. في الليلة الأربعمائة وستّ وتسعين من كتاب ألف ليلة وليلة، يُروى أنّه قيض لعيسى أن يبصر البهموت، وأنّه بعد ذلك ارتمى على الأرض متخبّطاً ولم يفق إلى رشده إلاّ بمضي ثلاثة أيام. ويُزعمُ، فضلاً عن ذلك، أنّ تحت السمكة التي بها مسّ ثمّة بحر، وتحت البحر هوة هواء وتحت الهواء نار وتحت النار حيّة اسمها فَلَق تسند جهنّم بشدقيها.

    والظاهر أن خبرَ الصخرة على الثور والثور على البهموت والبهموت على أي شيء آخر هو إيضاح للبرهان الكونيّ على وجود الله؛ إذ يُحتجّ بالفعل بأن كلّ علّة لها علّة سابقة عليها، فتقضي الضرورة أن تكون هناك علّة أولى، لكي لا يتواصل سرد العلل إلى الأبد.



    البهيموت

    قبل ميلاد المسيح بأربعة قرون من الزمن، كان بهيموث تعظيماً للفيل أو لفرس النهر، أو تأويلاً خجولاً ومغلوطاً لهذين الحيوانين؛ الآن، أصبح على الصورة التي تصفه بها آيات أيوب الشهيرة (40؛ 10-19) والحجم الهائل الذي تتحدّث عنه. وما تبقّى مجرّد جدالٍ في أصول اللغة.

    اسم »بهيموت« هو صيغة للجمع؛ إنه (كما ينبئنا خبراء اللغة) صيغة جمع الجمع للفظة bhema العبريّة، والتي تعني بهيمة. وكما قرّر فراي لويس دو ليون Fray Luis de Leon في كتابه »شرح سفر أيوب« : »البهيموت هي لفظة عبرية، تعني بهائم؛ وبحسب ما أجمع عليه العلماء، قد تعني أيضاً الفيل، الذي يُسمّى على هذا النحو نظراً لحجمه الهائل، لأنه برغم كونه واحداً، فإنه في حجمِ كثرة.«

    على سبيل الاستئناس لا أكثر نذكر في السياق أن اسم الله، Elohim ، هو أيضاً في صيغة الجمع في أولى آيات كتبِ الشريعة (سفر التكوين)، على الرغم من أن الفعل الذي يتبعه يردُ في صيغة المفرد »في البدء خلق الله السموات والأرض...« وقد سمّيَت هذه الصيغة جمع الجلالة أو الامتلاء... (٢

    في ما يلي الآيات التي تصف البهيموت في الترجمة الحرفيّة التي وضعها فراي لويس دو ليون، الذي اقترح على نفسه »الحفاظ على المعنى اللاتيني والمناخ العبري، لما ينطوي عليه من جلال«:

    أنظر إلى بهيموت الذي صنعته مثلك

    إنّه يأكل العشب مثل الثور.

    قوَّتُه في مَتْنَيه

    وشدّته في عضَل بطنه.

    يشدّ ذنبه كالأرز

    وأعصابُ فخذيه محبوكة.

    عِظامُه أنابيبُ من نحاس

    وأضلاعُه حديد مُطَرَّق.

    هو أوّل طُرقِ الله في الخَلْق

    وصانِعُه يُعْمِلُ السيفَ فيه(٣.

    فالجبال تُخرِجُ له الطعامَ

    وحوله تلعبُ جميع وحوش البريّة.

    يربضُ تحت عرائسِ النيل

    ويختبئ تحت القصب في المستنقع.

    تخيّم عليه عرائس النيل بظلّها

    ويُحيطُ به صفصافُ الوادي.

    إن طغى عليه النهر لم يحْفَلْ

    هو مُطمئنٌّ لو اندفقَ أُرْدُنٌّ في فمه.

    فمن يصطادهُ مواجهةً

    ويثقبُ أنْفَه بأوتاد.

    طيرُ الرُّخّ

    الرخّ هو تخريفٌ مثالُه النسر أو العقاب، وبلغ بأحدهم الظنُّ أنّ كَنْدوراً ضالاّ في بحار الصين أو الهندوستان، قد أوحى به إلى العرب. يرفض لاين هذا التخمين ويعتبر أنّ المقصود هو، بالأحرى، جنسٌ خرافي من نوعٍ خرافي، أو هو مرادفٌ عربيّ لطائرِ Simorg. يُدين الرّخّ بشهرته الغربيّة لكتاب ألف ليلة وليلة. فلا بدّ أن يستذكر قراؤنا السندباد حين خلّفه صحبُه على جزيرة، فرأى من بعيد قبّة بيضاء وفي اليوم التالي حجبت عنه سحابةٌ عظيمة نورَ الشمس. كانت القبّة هي بيضة الرّخّ والسحابة هي الطير الأمّ. فعمد سندباد إلى ربط نفسه، بواسطة عمامته، إلى قائمة الرخّ الضخمة؛ وحلّق الطير قبل أن يخلّفه على قمّة جبل غير منتبهٍ إلى وجوده. ويضيف الراوي بأنّ الرخّ يُطعم فراخَه أفيالاً.

    في الفصل السادس والثلاثين من »أسفار« ماركو بولو، نقرأ ما يلي:

    يروي سكّان جزيرة مدغشقر أنّه في أحد فصول السنة، يفد إلى المناطق الجنوبيّة جنسٌ غريبٌ من الطير، يسمّون الرّخّ. هو شبيه النسر من حيث الشكل، لكنّه أضخم منه حجماً بما لا يُقاس. فالرخّ من القوة بحيث يحمل بمخالبه فيلاً ويحلّق به في الفضاء، ثمّ يُسقِطه من علوّ شاهق لكي يلتهمه فيما بعد. ويؤكّد من شاهدوا الرخّ أنّ طول جناحيه، من الطرف إلى الطرفِ، يبلغ ستة عشر قدماً وتبلغ الريشة منه ثمانية قدام.

    ويضيف ماركو بولو قائلاً إنّ رُسُلاً من قبل الخان الأعظم أحضروا ريشة رخّ إلى الصين.



    العقيق الجمريّ

    اسمه مشتقّ من اللاتينية carbunculus ، أي »قطعة الفحم الصغيرة«، وهو، في علم المعادن، لَعْل(٤. أمّا عقيق الأسلاف فنحسبُ أنّه كان بجاديّاً.

    في القرن السابع عشر أطلق الروّاد الأسبان في أميركا الجنوبيّة، هذا الاسم على حيوان غامض - وهو غامض لأنّ أحداً لم يره عن كثب ليعلم يقيناً ما إذا كان طيراً أو حيواناً لبوناً، وما إذا كان يكسوه ريش أم فرو. يصفه الراهب الشاعر مارتن ديل باركو سنتنيرا الذي يزعم أنه شاهد أحدها في البراغواي، في مؤلّفه »Argentina (1602)« بأنّه »حيوان ضئيل الحجم له على قمّة رأسه مرآة برّاقة كأنها قطعة جمر«. رائد آخر، يُدعى غونثالو فرنانديث دي أوفيدو، يقيم الصلةَ بين مرآة النور الساطع في العتمة هذه - التي شاهدها مرّتين عند مضيق ماجيلاّن - وبين الحجر الكريم الذي كان يُعتَقَد أنّه مخبّأ في نخاع التنّين. كان قرأ مثل هذه المزاعم في »كتاب الاشتقاق« لمؤلّفِه إيزيدور دي سيفيلاّ، الذي أورد التالي:

    يُستخرج من نخاع التنّين لكنّه لا يستحيل فصّاً صلباً إلاّ إذا قُطِع رأس الحيوان وهو حيّ. لهذا يعمد السَحَرة إلى قطع رؤوس التنانين وهي نيام. رجالٌ على قدرٍ من البأس والجرأة يتسلّلون إلى معقل التنين ناثرين حَبّاً مطبوخاً يخدّر البهيمة وعندما تنام يقطعون رأسها ويستخرجون منها الحجر الكريم.

    يتبادر إلى الذهن، هنا، علجوم شكسبير (كما يحلو لك،٢،١ الذي »برغمِ دمامته وسمّه، يحمل في رأسه حليةً ثمينة...«

    إنّ الفوزَ بحلية العقيق الجمريّ كان فوزاً بناصية الثروة وحُسنِ الطالع. لقد شَهِدَ باركو سنتنيرا عدداً من الأهوالِ عبر أنهر الباراغواي وغاباتها بحثاً عن هذا الحيوان الذي يحتجب عن الأبصار؛ ولم يعثر عليه قط. وإلى يومنا هذا لا نعرف عن هذا الحيوان الصغير إلاّ ما تردّد من أخبار عن الحجر المكنوز في رأسه.



    السربيروس

    إذا كان الجحيم منزلاً، منزل هاديس، فلا بدّ من كلبٍ يحرسه؛ ولا بدّ أيضاً، بحسبِ ما تصوّره لنا المخيّلة، من أن يكون هذا الكلب ضارياً. كتاب »نسب الآلهة« لهسيودُس يجعله بخمسين رأساً؛ ولكن خفّض هذا الرقم، لدواعٍ تشكيليّة بحتة، فذاع صيت رؤوس السربيروس الثلاثة. يذكر فرجيل أعناقه الثلاثة: ويذكر أوفيد عواءه المثلّث؛ ويقارن بتلر »Butler« بين التيجان الثلاثة لقلنسوة البابا الذي هو بوّاب السماء، وبين الرؤوس الثلاثة للكلبِ الذي هو بوّاب الجحيم »Hudibras , IV, 2« أمّا دانتي فيضفي عليه طباعاً آدميّة تزيد من حدّة طبيعته الجهنّمية: لحية سوداء قَذِرة، وأيدٍ ذات أظافر تمزّق، تحت المطر، أرواح المنبوذين. يعضّ ويعوي ويكشّر عن أنيابه. تمثّلت آخر مآثر هِرَقْل بأنه أخرج الكلبِ السربيروس إلى وضحِ النهار. وقد وصفَ مؤلّف إنكليزي من القرن الثامن عشر، يدعى زكريا غراي، هذه المغامرة كالآتي:

    هذا الكلب ذو الرؤوس الثلاثة يرمز إلى الماضي والحاضر والمستقبل، وهي رؤوس تتلقّف، وكما يُقال، تفترسُ كلّ شيء. أمّا أن يكون قد لاقى شرّ الهزيمة على يد هِرَقْلُ، فبرهان على أنّ المآثرَ منتصرة على الزمان وراسخة في ذاكرة الأجيال.

    بحسب نصوص الأقدمين، يحيّي السربيروس بذَنَبِه (الذي هو أفعى) كلّ الداخلين إلى الجحيم، ويفترس من يسعى منهم إلى الخروجِ منه. وتزعم إحدى الروايات المحدثة أنه يعضّ الوافدين؛ ولكي يستكينَ، درج الناسُ على وضعِ الكعك المحلى بالعسل داخل التابوت.

    في الميثولوجيا الاسكندنافيّة يرد ذكرُ كلبٍ مدمّى، اسمه »غام«، يحرس منزل الموتى ويُعارِكُ الآلهة عندما تلتهم الذئاب الجهنّمية القمرَ والشمس. بعضهم يزعم أنه ذو أربع عيون؛ وذات أربع عيون هي كلاب »ياما«، إله الموت البراهماني.

    في البراهمانية والبوذيّة ثمة جهنّمَ للكلاب التي هي، على غرار السربيروس الدانتي، جلاّدة الأرواح.



    حصانُ البحر

    بخلافِ الحيوانات الوهميّة الأخرى، لَمْ يجرِ تصوّر حصان البحر انطلاقاً من عناصر متنافرة؛ فهو ليس سوى حصان برّي سُكناهُ البحر ولا يطأ اليابسةَ إلاّ في الليالي غير المقمرة، عندما يهبّ عليه النَسيمُ برائحة الأفراس. في إحدى الجزائر غير المحدّدة - ربّما كانت بورنيو - يستدرج الرعاة إلى الشاطئ أحسن أفراس الملك ثمّ يختبئون في حجراتٍ تحت الأرض؛ شاهد سندباد المهرَ خارجاً من البحر وشاهده وهو يعتلي الأنثى وسمعَ صهيلَه.

    إنّ التاريخ النهائي لتدوين كتاب ألف ليلة وليلة، يرقى، بحسب برتون »Burton« إلى القرن الثالث عشر؛ وفي القرن الثالث عشر ولد وتوفي عالِمُ الكونيّات القزويني الذي أثبتَ في مؤلّفه »عجائب المخلوقات« ما معناه أن حصان البحر هو شبيه حصان اليابسة، لكنّ عرفه أطول وكذلك ذيله، ولونه أجلى وحافره مشقوق كحوافر البقر الوحشيّ وحجمه أضأل من حجم حصان اليابسة وأكبر قليلاً من حجم الحمار. ويلاحظ القزويني أن تهجين الأجناس البحرية بالاجناس البريّة تولّد سلالةً فاتنة ويذكر مهراً داكن الفروة »وبها رقشٌ أبيض كرقاق الفضّة«

    أمّا وانغ تاي-هاي، وهو رحّالة من القرن الثامن عشر، فيذكر في »المنتخبات الصينيّة« ما يلي:

    غالباً ما يظهر الحصان البحريّ على الشواطئ سعياً وراء الأنثى؛ وأحياناً قد يؤسَر. فروته سوداء لامعة؛ ذيله طويل يكنس التراب؛ على الأرض اليابسة يعدو كما تعدو الجياد الأخرى، وهو وديعٌ وقد يقطع في نهار واحد آلاف الأميال. من المستحسَن ألاّ يُغسَل في النهر، لأنه ما إن يلمح المياه حتّى يستردّ طبعه القديم فيبتعد سابحاً.

    لقد تحرّى علماء السلالة مصدر هذه الرواية الإسلامية في الرواية اليونانية اللاتينية عن الريح التي تُخصِبُ الأفراس. ففي الكتاب الثالث من »الجورجيّات«، نظم فرجيل هذا المعتقَد شعراً. أمّا عرض بلّينُس »VIII , 67« فكان أكثر دقّة: »لا يخفى على أحد منا أنّه في لوسيتانيا، في نواحي أوليسيبو (لشبونه) وضفاف نهر التاج، تدير الأفراس وجوهها باتجاه رياح الغرب فتُخصبها؛ فتولدُ من هذا اللقاح مِهارٌ تمتاز برشاقة بالغة، غير أنها تنفق قبل بلوغها العام الثالث.«

    وارتأى المؤرّخ جوليانُس أنّ صفة »ابن الريح«، التي تطلق على الجياد السريعة، هي مصدر هذه الخرافة.



    الهوامش

    ١- الغول الذئبي بحسب مرويّات الريو ديلا بلاتا، والتي تتبدّل صفاته من منطقة إلى أخرى (المترجم)

    ٢- على نحو مماثل، نقرأ في (مصنّف) »النحو« الصادر عن الأكاديمية الملكية الأسبانية: »نحن، وإن كانت صيغة للجمع بطبيعتها، غالباً ما ترد مع أسماء مفردة عندما يتحدّث أشخاص من ذوي المقام والرفعة عن أنفسهم؛ مثلاً: نحن، الدون لويس بيلوغا، بنعمة الله والحاضرة البابوية، أسقف قرطاجة.«

    ٣- إنّه أعظم معجزات الربّ، غير أنّ الربّ، الذي خلقه، سوف يُهلِكه.

    ٤- ياقوت أحمر.
                  

07-15-2006, 09:57 AM

mazin mustafa
<amazin mustafa
تاريخ التسجيل: 07-30-2005
مجموع المشاركات: 287

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المخلوقات الوهميّة (Re: mazin mustafa)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de