مواضيع توثقية متميزة

محمد شكري في الفاترينة

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2003, 01:52 AM

نبيلة الزبير

تاريخ التسجيل: 12-07-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد شكري في الفاترينة



    أمير الصعاليك غادرنا بهيبة الملوك
    عبد الرحمن منيف


    أمير الصعاليك، محمد شكري، غادر هذه الدنيا بعد ان شبع منها وملّها. غادر غير آسف على شيئ لم يذقه، وعلى مكان لم يره، فقد احتشدت ذاكرته بكم هائل من الوجوه والاصوات، واصبحت رؤية وجوه اكثر، او سماع اصوات اكثر لا تُطاق، ولذلك قرر ان يغادر دون ان يلتفت الى الخلف.
    اول مرة التقيت محمد شكري في فاس المغربية عام 1979، اثناء انعقاد اول ندوة عربية للرواية. جاء بصحبة الطاهر بن جلون. وفي محاولة لاضفاء طقوس وأهمية متميزة للضيفين، لجأ محمد برادة الى قصر زيارتهما على فترة محدودة، لم تتعد جزءاً من إحدى الجلسات، واعتذر عنهما أنهما مضطران للمغادرة !
    كان شكري يلبس على رأسه قبعة روسية، وكان يدخن بشراهة، ولم يشارك في الندوة الا بالحدود الدنيا. وقد خلّف الضيفان وبرادة انطباعات لا تخلو من السلبية، وعلّق احد الذين حضروا الندوة ان هذا الإجراء كان بمثابة مباركة او طقس احتفالي.
    منذ ذلك الوقت، او ربما قبله بقليل، حرصت على قراءة كل شيء خطّه شكري، وكان بعضه صدر في بيروت عن دار الآداب.
    القراءة الاولى لاعمال شكري صادمة، أي انها تقتحم بقوة وبكل ما تحمله الكلمات من دلالات واكثر من الاشارات. مما يؤدي الى بقاء المسافة بين الاثنين : القارىء والكاتب، كبيرة وقد تحتاج الى جهد ومعاودة لجسر هذه الهوة، لكن ما يكاد المرء يألف اسلوبه، وهذه النظرة الى الاشياء، حتى تتولد ألفة لا تلبث ان تتزايد بمرور الوقت، وبالقراءة الثانية وما يليها.
    ومرّت سنوات، زرت خلالها المغرب عدة مرات، لكن لم يتسن لي الوصول الى طنجة، ولم التق بمحمد شكري. قد يكون السبب ان شكري يرغب ان تكون بينه وبين الآخرين مسافة، او لانه مرتحل في إقاليم المغرب، اذ يحرص الكثيرون من المثقفين وذواقة الادب على استضافته، وبالتالي رغم أنه مدمن طنجة. ويمارس الرياضة على بلكون الشقة التي يسكن فيها، الا انه كثير الغياب. ولقد خابت آمال كثيرين قصدوه الى مدينته الا انهم لم يعثروا عليه. كانوا يفعلون ذلك وكأنه احد المعالم الآثارية في المغرب وينبغي ان يزار، لكن غيابه عن المدينة او ضياعه في حاناتها او اسواقها الداخلية يجعل العثور عليه امراً صعباً وبعض الاحيان مستحيلاً.
    يضاف الى ذلك ان الاضواء التي تركّزت عليه، بعد صدور <<الخبز الحافي>> جعلته يغرق فيها او يهرب منها، مما ادى الى تعمد الاحتكاك به، او البحث عنه لا يتسم بالراحة النفسية.
    ان صدور <<الخبز الحافي>> نقلت شكري من حالة الى حالة اخرى مختلفة، بغضّ النظر عن اللغط الذي يحيط بهذه الرواية، اذ ان طبعتها الاولى لم تكن بالعربية، ربما أملاها على واحد من اصدقائه الاجانب الذين اخذوا يغزون المغرب بأعداد كبيرة بعد الحرب العالمية الثانية، وكان يقيم أغلبهم في طنجة لما تتمتع به من مزايا تروق للغربيين، خاصة بعد ان تخصص عدد من المغاربة بمرافقتهم وتعريفهم الى شوارعها الخلفية وما تحفل به من عجائب ومتع.
    وباعتبار ان همّ محمد شكري الاساسي ان يصبح كاتبا، فقد انتقى عدداً محدوداً من الكتّاب وأقام معهم صداقات ما لبثت ان توطدت واصبحت جزءاً من شخصيته وتراثه الادبي، وهكذا اجبر نفسه على ان يتجاوز الامية التي كان غارقاً فيها ويواصل تدريباته الى ان اصبح ذا اسلوب متميّز في العربية.
    ومرّت ايام كثيرة قبل ان نلتقي ثانية في مطلع التسعينات بهولندا، بامستردام. في هذه الفترة، وفي ذاك المكان، ازعم اننا تعارفنا عن قرب، وقامت بيننا علاقة ودية. وأزعم ايضاً اني هناك اكتشفت محمد شكري.
    إنه يشبه عدداً لا يحصى من فلاّحي المغرب، ويشبه الذين خرجوا لتوّهم من وراء انوال النسيج او مكائن الجلود: وجه مخدّد، اقرب الى الشحوب، ربما لان هذا الوجه لم يقابل الشمس منذ فترة طويلة، أو ان سوء التغذية المزمن استبد به وترك آثاره عليه. خاصة وانه يبدأ معاقرة الخمر مع الفطور ويظل على هذا المنوال الى ساعة متأخرة من الليل، لا يكل ولا يمل!
    ولان الاخوة المغاربة هم الذين نظموا هذا اللقاء، ولانه اقيمت على هامشه عدة لقاءات جانبية، فكان محمد شكري، حين تعرض عليه قائمة اللقاءات وايها يفضل، كان يختار الندوات واللقاءات العمالية، وكان يبرر ذلك ان هؤلاء العمال لا يعرفون الفلسفة مثل المثقفين، وانما يسألون عن اسباب اوجاعهم مباشرة، وينتظرون ممن يسألونه جواباً صريحاً ومباشرا، والافضل ان تنظر في عيونهم مباشرة ليكتشفوا صدقك من كذبك... يصمت قليلاً ثم يضحك يديه ويضيف: ثم ان العمال، يخلصون افضل من غيرهم، اي يدفعون، او تدفع نقابتهم، افضل مما تدفع غيرها من نقابات.
    ولان شكري، حين يشعر بالود يحيط به، فإنه يتحول الى طفل بضحكه، بتعليقاته، بالحركات التي يقوم بها. كان يسرق معطف هذه، او قبعة تلك، ويحمل المعطف كما يحمل الطفل ويناجيه بكلمات عالية الجرس لتسمع ذات العلاقة ومن حولها، وهو تعبير عن الودّ الذي يكنه لهذا الانسان.
    صحيح انها ايام قليلة في هولندة، لكنها كانت مليئة حافلة. انكسرت الحواجز بيننا. كنا نسهر ونتناقش، وكان يطول بنا السهر والنقاش، وهكذا عدنا من هذه الرحلة اصدقاء.
    قلّت زياراتي للمغرب، لكن في الزيارة الاخيرة، قبل سنوات قليلة، واثناء معرض الكتاب في الدار البيضاء، قدّر لنا ان نلتقي مجددا، ورغم ان لقاءنا بين امستردام والدار البيضاء لم يمر عليه الا بضع سنوات الا انه تبين لي ان عجلة الزمن على محمد شكري مرّت بقسوة وتركت آثارها على الوجه، خاصة العينين، وتأكدت ان الزمن يمر دون ان يسألنا، وفي هذا المرور، مهما بدا ناعما، فانه يطحن، يصهر، يغير الى ان يمتص كل شيء.
    اليوم سمعت الخبر: محمد شكري توفى، وعادت الصور تتتابع، وعاد الزمن بايقاع جديد، وكأنه ينبّه كل ساهٍ، كل من يضيّع نفسه في الكأس، عله ينجو او يفلت من ذاك المتربص عند زوايا الشوارع، تحت الاشجار، في اسرة النوم لانه غير مسموح له بالتوقف.
    اعتقد اننا منذ اليوم سنكتشف محمد شكري من جديد، وسوف نحبه اكثر؛ لقد غادرنا امير الصعاليك ولكن بهيبة الملوك، وآن لك يا شكري ان تغمض عينيك لكي يكف الضجيج وتعم السكينة.

    نقل عن السفير اللبنانيه بتاريخ 18/11/2003
    -----



    فاترينة محمد شكري وبؤبؤ بؤس.. إلي الداخل: مصادرة رجل الهامش !

    نبيل سبيع**



    محمد شكري كفَ عن أن يكون منتج شخصيات روائية.
    صار الآن إحدي شخصيات رواية الموت المنكتبة بكل اللغات.
    ولو كنت مؤمنا لقلت أن ما من حساب إلهي ينتظر قوس قزح طنجة. لكني سأكون هذا المؤمن للحظات حتي أقول ذلك. جان جاك روسو يحضر هنا. القديس أوغسطين أيضا. جان جينيه. أبو نواس الذي ـ بمعني من المعاني ـ أنتج اوتوبيوغرافيا ه شعرا. وسواهم كثير.
    عدا أن روسو أقربهم جميعا إلي ما سيق بدءا. أعني من صوب وقفته ملوحا باعترافاته التي كمشت حياته بلا هوادة وفلشتها واضحة في بؤبؤ القدر الذي إحدي صوره الله. قال روسو أنه أتي علي كل ما يخصه بلا نقص. بلا تأجيل. وأنه لن يكون مطالبا بأي إعتراف كان أمام أي كان وربه علي وجه الخصوص.
    اذن، فروسو لم ينتظر. لم يؤجل. ولم يكن الرجل يقوم بعمل بسيط. كان يقوم بخرق وخارق في الدفع بالفرد عكس ضخ القدر. ببساطة، كان يسحب من الرب سلطته ليردها إلي روسو نفسه. فما كان يتوجب عليه إبقاؤه مكتوما حتي أوان مثوله للمساءلة أمام ربه، قاله بينه ونفسه كما بينه ونحن. ألم يكن هكذا يلبس نفسه ثوبا إلهيا بمعني ما؟ ونحن، ألا نكون بالإطلاع علي اعترافاته نردم تلك الهوة بيننا وميتافيزيقيا الأعالي؟ ألا نكون ـ بعبارة أخري ـ نقبر القمع الميتافيزيقي إياه؟
    محمد شكري كان علي مستوي مماثل من توجيه اللطمة للقدر (مع فارق مجيء روسو مبكرا في ظروف لم تكن تسمح). في بسط من حياته نام شكري في خزان متشردا. الآن في قبر. لكنه بين الاثنين و خارجهما يفعل في فاترينة. شكري ينام هانئا في اوتوبيوغرافيا ه أو فاترينته بتعبير آخر. و الاوتوبيوغرافيا كالفاترينة ضد القدر. الاثنتان من حيث هما عرض وإشهار تغدوان نوعا من الآخرة بما هي حشر و حساب . أو شكلا من أشكال تذويب الآخرة في الدنيا. أي الإلهي في الإنساني. وما من صوفية أو تصوف أو دروشة هنا. إذ أن ما يحدث في أي من الأخيرات هو علي العكس تماما: تذويب الإنساني في الإلهي، ومثله للدنيا في الآخرة .
    لقد كان الشحرور الحافي، في متتاليته السيرية الأشد مروقا، يضع نفسه في مهب شامل. في عين إعصار القدر بتعبير أدق. القدر بما هو الأب والعائلة والمجتمع الأضيق فالأوسع وهكذا. بما هو التاريخ والسلطات بمختلف ألقابها. وبما هو الإرث الميتافيزيقي الحاضن لكل هذا.
    كان يرفع صوته أمام صوت الجماعة الطام. ولم يكن، في إصراره علي توجيه ضرباته السيرية، يسجل إستمناء أدبيا أو بذاءة مجانية حد ما ذهبت وتذهب قراءة بعض المثقفين العرب ومنهم اليمنيون علي وجه الخصوص. كان يذهب أبعد من هذا إلي بؤبؤ البؤس ليقول له: انظر إلي نفسك. كان يقلب هذا البؤبؤ إلي داخله كجورب ليريه إلي أي حد هو أعمي. بعبارة ثانية، كان شكري يحث الفرد العربي علي أن يولد. وإصراره علي تسجيل تاريخه الشخصي يتجاوز الإصرار علي أمر واحد: فهو إصرار علي توليد تاريخ الفرد إزاء تاريخ الجماعة. ومثله علي توليد تاريخ الهامش حيال تاريخ المتن. ولقد كان يفعل أكثر من هذا إن بعبارة ثالثة أو رابعة.
    إن محمد شكري، الذي التقطته كاميرا الموت مؤخرا، يمثل كعلامة مائزة في واجهة الأدب العربي والثقافة عموما. ولعل هذا الصعلوك القادم من الهامش يطرح الثقافة العربية برمتها مطرح المساءلة والفضح والإدانة، إن من حيث قمعها لأبنائها الصعاليك أو من صوب ضراوتها في تهميش المهمش. كيف؟
    اقتحم شكري الأدب العربي من بوابة الترجمة. من بوابة الخارج. هل كان سيأخذ المكان الذي أخذه لو لم تكن الخبز الحافي نشرت أولا بلغة غير العربية؟ أشك في هذا. ومن هنا تأخذ الفضيحة معناها الكامل. وتتعاظم حين يتجاوز أحد مواطني الهامش وصعاليكه ملوك المتن وأمراءه. يتجاوزهم إبداعيا وثقافيا ومسلكا. يبقي بعيدا عن مجراهم. عن تهافتهم وراء مطارح الصدارة والبلاط. الأدباء والمثقفون العرب ـ في غالب الأمر ـ يطمحون إلي تحصيل مركز سلطوي. إلي تكويم إسم هادر بغض النظر عن كنه وكيفية التكويم هذا. وفي حين يفعلون كل ذلك يظلون دون الصعلوك ومواطن الهامش محمد شكري. أي أن ما يحلمون بتحصيله حصله هو دون تنازل منه: لا عن صعلكته ولا تمرده ولا وطنه (أعني الهامش). من هنا تأخذ الفضيحة ـ كما قلنا ـ معناها الكامل إن لم يكن مجازها أيضا.
    بيد أن هذه الفضيحة لا تطال زمن محمد شكري وحسب. لا تطال حقبة من التاريخ العربي محددة. بل سطر هذا التاريخ كله بدءا من صعاليك ومهمشي العصر الجاهلي ومرورا بمواطنيهم في عصور الإسلام وصولا إلي الآن. وحيث بدا القمع والتهميش الضاريان مشترك سائر صعاليك ومهمشي التاريخ إياه كان ثمة مشتركات أخري تجمعهم من مثل تفوقهم الإبداعي وطريقة إعادة الاعتبار إليهم. مأثرة ألف ليلة وليلة علي سبيل المثال. مأثرة الهامش وتاريخه التي تجاوزت مآثر المتن كلها ظلت طي الهامش في حين كانت بين أهم ما بقي من الأزمنة الماضية إن لم تكن أبرز ما عبر إلينا بإطلاق. لكن هذه التي امتدت كقوس قزح فوق عروق الحقب و تصدعات العصور لم تكن لتجد سماءنا مفتوحة لولا سماوات الآخرين. لولا بوابة الترجمة. ألف ليلة وليلة ربما لم نكن لنأتي علي ذكرها ناهيك عن أن نفهرسها في صدارة مكتبتنا لو لم تكن الفهارس الغربية سبقت إلي ذلك.
    رواية الخبز الحافي هي الأخري تلتقي و ألف ليلة وليلة في هذا كما في جوانب أخري: مساهمة الآخر في إنجازها مثلا. تدخل بول بولز أو سواه في إنجاز الخبز الحافي ـ حد ما شاع ـ يلتقي وإسهام المخيلة واليد غير العربيتين في إنتاج ألف ليلة وليلة . ألا يمكن اعتبار هذا مشتركا كذلك؟ (يتم التطرق لهذه المسألة في موضوع آخر).
    غير ألف ليلة وليلة عديد أعمال تصلح أمثلة. وغير كاتب أسمه محمد شكري أو أبو نواس أو الجاحظ أو إبن الرومي أو إبن عربي أو التوحيدي...الخ. هؤلاء الذين كانوا من الهامش و إليه لم يتحرروا من كماشة التهميش كما قد يبدو من قراءة عابرة. ألا يفوق، مثلا، حضور إبن تيمية في الثقافة العربية حضور هؤلاء مجتمعين؟ ألا يبز حضور الغزالي حضور إبن رشد، كمثال ثان؟ وحضور هؤلاء جميعا، ألا يبدو أقل من أن يذكر في حضرة العسكر كخالد بن الوليد وصلاح الدين وصولا إلي عسكر العصور الحديثة؟
    لقد بدا كما لو أن الهامش العربي يعاد إليه اعتباره في العقود الأخيرة. جهود أدباء ونقاد ومفكرين عرب بدت كما لو في هذا الإتجاه. لكنها ظلت جهودا أقل من أن تذكر. أقل من أن تعيد الإعتبار إلي أحد أو شيء. ربما لأنها ظلت في عمقها جهودا من المتن واليه. ولعل تقديم المتنبي باعتباره شاعر العربية الأول أبرز مثال علي هذا. الأخير وهو شاعر متن بامتياز لم يكن ليقلق علي مسألة تأبيد اسمه شعريا لا سيما وأن من يتحدثون عن الإلتفات إلي الهامش لم يتجاوزوا كونهم سدنة متن مخلصين. من هنا لن يبدو غريبا أن تكون حتي جهود الرحيمين بالهامش آتية ليس من باب إعادة الإعتبار للمهمش قدرما هي علي طريق تأبيد المتن أكثر فأكثر.
    وفي حالة محمد شكري مثال جلي. فأبرز مواطني الهامش العربي الذي أدان البؤس والسعادة الزائفة علي حد سواء وقع بين أمرين: فإما تم نبذه والنظر إليه باعتباره مجرد شاذ و بذيء ، حد قراءة بعض المثقفين اليمنيين وأبرزهم مثلا. وإما جري نفيه من وطنه/جمهورية الهامش إلي ديكتاتورية المتن، حسب ما فعل أحد أبرز روائيي العربية عبدالرحمن منيف. الأخير كان وصف، في السفير ، رحيل شكري بأنه رحيل أمير الصعاليك بأبهة الملوك. أمير في أبهة ملكية دفعة واحدة. محمد شكري الذي تمرد علي مختلف الألقاب والأسماء والصفات أتي منيف وجرده من هذا كله بخبطة لحظة. بجرة مانشيت هو ماهو عليه من استجداء المتن وتقديسه. الأمير و أبهة الملوك تصبحان لدي الروائي القيمة الذروية التي عبرها تمر العظمة. التي بها تقاس. وفيما بدا أن منيف لا يهجو بهذا شكري أو يسيء قراءته لم يبد أنه يتحاشي الوقوع في التغزل بالمتن وألقابه. لقد بدا منيف كما لو يقول لنا بأن الصعاليك ومواطني الهامش لابد من أن يستعيروا قبعة من المتن ولقبا كيما يكونوا صعاليك عن جدارة. وأكثر من هذا، كان صاحب أرض السواد يصادر علي الهامش مواطنا مخلصا وصوتا خلاقا بحجم محمد شكري.
    هكذا، يبدو كما لو قدر علي محمد شكري أن يقبر مرتين: مرة بيد الموت خارج الحياة. وأخري بيد منيف خارج الهامش، وطن الصعلوك الراحل بكل تأكيد. (عبدالرحمن منيف هنا تمثيلا لا حصرا).

    *نشرت المادة في القدس العربي

    **شاعر وكاتب يمني
                  

12-12-2003, 02:08 AM

إيمان أحمد
<aإيمان أحمد
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 3468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: نبيلة الزبير)

    شكرا أستاذة نبيلة علي المقالين

    "كان يقلب هذا البؤبؤ إلي داخله كجورب ليريه إلي أي حد هو أعمي." نبيل سبيع.


    ما أصعب الأوتوبيوغرافيا!!!! هي الحساب بعينه إن اتخذنا لغة الكاتب.

    إيمان
                  

12-12-2003, 02:14 AM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: نبيلة الزبير)

    العزيزة دوما ً نبيلة الزبير
    لست صعلوكاً ولا ابن شوارع ولكن كنت اتمنى ذلك
    وحين فتح صديقي محمد شكري نفسة نحوي ايقنت اني خنفرشي
    محمد شكري يفبخ لاياقته دون الزرارؤ فتحت نفسي نحو نفسي انزوي
    فية واشتهية
    وما تبقى من طرقات مرفادنا له
    ولك
    يسكنك منا السلام
                  

12-12-2003, 02:30 AM

إيمان أحمد
<aإيمان أحمد
تاريخ التسجيل: 10-08-2003
مجموع المشاركات: 3468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: هدهد)

    مع كامل احترامي لعبد الرحمن منيف، العنوان به قدر من الاندفاع، ان لم أقل السذاجة، وانتقاص لقدر الرجل الذي ما أعطاني لحظة إحساسا بأنه رغب في "هيبة ملوك" سواء في المقام أو الرحيل!!
    أما قلب الموضوع، فقد لمست فيه نزاعا داخليا لدي الكاتب بين رغبة ما/أو اتجاه ما لقولبة محمد شكري (trying to mainstream him) وبين تقبله والتصالح معه كما هو!! وربما أكون مخطئة!
    إيمان

    (عدل بواسطة إيمان أحمد on 12-12-2003, 04:14 AM)

                  

12-12-2003, 04:53 AM

Ash

تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 747

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: إيمان أحمد)

    سلام...
    دائمآ ما كان شكري يردد بأنه لم يقرأ المعلقات ولكنه يعرف كيف يكتب. وربما لم ينتبه منيف لما يعض عليه شكري
    بقوله هذا وهو يقصه بمقص اللغة الصحيحة.
    أما عن غياب شكري عن اللقاءات/الوهم المدعومة من قبل
    الجهات الرسمية ـ كمهرجان أصيلة ـ هو غياب مبرر برغم محاولات محمد بن عيسي ، بتلبيسه حيادية ما في دولة تجمع الاعلام والأمن الداخلي في وزارة واحدة بأمرة البصري أو كما يسميه المغاربة الملك الغير متوج، انذاك. غياب شكري هو رفض لتفاهة و رخص مثقفاتية البلاط/العرب.
    وللسودان نصيبه في ذاك التهافت، ممثلآ في الطيب صالح، محمد الشوش ـ د.كمال ترباس ؟؟ ـ والكثير ممن تنسيه اللحظة معني الالتزام.
    ليست هناك صعوبة في لقاء شكري، ولكن يبقي السؤال في أي زنقة تبحث؟؟ هو هناك حيث يعاني المغاربة العطالة،
    الطلاق، وقسوة مجتمع مقتاد ب:
    ما تدير خير،ما يكون بأس.

    ويبدو منيف وكأنه يرد علي أسئلة طرحها شكري ومازال يطرحها برحيله المستفز لهذا الرهط المسمي مثقف.
                  

12-12-2003, 03:36 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: Ash)

    محمد شكري مجدّد أسطورة طنجة
    محمد بنيس الحياة 2003/12/12
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1)
    موتٌ آخر. أتى بغتة. موت محمد شكري. كيف لي أن أفكر في هذه السلسلة من الميتات؟ ربما خطر ذلك ببالي وأنا أتلقى خبر وفاة محمد شكري. "أنا أبوك الروحي". كان مرة بعد مرة يذكرني. "أنا أبوك الروحي". هو ذا يموت. بعيداً عن شقته التي كان يخشى أن يموت فيها. دون أن يعلم أحد بذلك, فيظل منسياً. مات في المستشفي العسكري في الرباط, حيث كان يُعالج من السرطان. كنا تحاورنا قبل أيام. كان متضايقاً من بداية اختناق يحدث صعوبة في التنفس. لكنه كان مقتنعاً بأن الاختناق عابر, مستشهداً برأي الأطباء, واثقاً من أن أمامه فترة اضافية من الحياة. هو نفسه لا يعلم مداها. "شهور. سنة. أو عشر سنوات, لا أدري". وكان سعيداً بصدور كتابه الأخير "حوار".
    محمد شكري يغادر الحياة اليومية لمدينة طنجة. انها مدينته. بل هو يسمي نفسه كاتباً طنجوياً. مدينته التي كتبها وخلق اسطورتها الحديثة, في أعماله - سيرته. حياة مشتركة لم تكن تغيب عني, كلما التقينا. لكنها تتضح هذه المرة. في مسارات. طنجة لثلاثة عقود. عشتها الى جانب محمد شكري. متنقلاً اليه من فاس أو من المحمدية. أحياناً عشتها معه بصمت. وهي كانت مستمرة. تلك الحياة. يراها كل واحد منا بهدوء رؤية. هي هناك. الآن. بعد الآن. محمد شكري. طنجة. ولن تصبح طنجة بالنسبة إلي مجرد ذكرى. هي الآن اسطورتها التي كتبها محمد شكري. لذلك فهي ستظل في حالة صيرورة. الصور. اللحظات. الكلمات. حياة هناك.
    يمكن الصمت وحده أن يظفَر بالزمن. أخشى من الكتابة التي تعلّق على ما كان. الحنين أو تحويل الحياة الى مادة جامدة لا يعنيان الكتابة. من هنا يمتلك الصمت كل ما لا نقدر على الاحاطة به. لا أقول سنوات بصحبة محمد شكري لأنها عمر بكامله. عمر ثقافي. ها أنا أقبض على الفالت مني. عمر ثقافي. ما كان بيني وبين محمد شكري. عندما كنا, في الصيف الأخير, بمطعم "ريتز", نتبادل الحديث عن الصداقة, اعترضتنا كلمة طنجة. إنها اسم صداقة بيننا لم تتأثر بما كان يمكن أن يدمرها. ذكرني محمد شكري بما كنت كتبته عن طنجة. عقبت على قوله بأنني لم أكتب بعد عن هذه المدينة, عن أعمق ما عشته فيها وأجمل ما منحتني إياه. أقصد محمد شكري وحرية الكتابة. كنت, من قبل, أتحاشى الكتابة إما تجنباً للالتباس أو لمجرد انتفاء الفرصة الاستثنائية.
    (2)
    لم يكن محمد شكري يستغرب من مرضه. فهو قضى طفولة في التشرد والفقر وأمضى حياة في التسكع والمجون قبل أن تنفرد به الكتابة. كلما اشتكى له نديم أو صديق من تعبه بعد السكر هون عليه ما شرب. كان رياضياً, يعتني بعضلات الذراعين. يجرب قوته أمام أصدقائه في الحانات. قبل سنتين, تقريباً, عجز عن اداء رقمه الرياضي المفضل في مطعم - حانة "ريتز". الوقوف, فوق الطاولة, على اليدين. ضحكنا جميعاً. قلنا, المهدي أخريف وأنا, "انتهيت يا با شكري". كنا نمزح, فشكري هو الشخص الذي يتحدى. "سترون" رد علينا مداعباً.
    المقاومة هي العنوان الصالح لحياة محمد شكري. منذ أن غادر قريته في الريف, صحبة العائلة, متجهاً الى طنجة, في عزِّ الحرب العالمية الثانية, وكان أبوه هرب من الجيش الفرنكوي. مقاومة حياة الفقر والتشرد بالعمل وكسب القوت. لا يهم ما العمل. العمل في الميناء. بيع السجائر المهربة. بيع الحشيش. مخالطة العاهرات. العمل نادلاً في مقهى تحولت الى بيته الذي يقضي فيه نهاره وليله. العمل مغنياً لقطع محمد عبدالوهاب في جوق موسيقي. مقاومة الجهل بالالتحاق بالمدرسة في العرائش. مقاومة وهم لا إمكانية الكتابة في تطوان, وهو يقترب من محمد الصباغ. الإقامة في طنجة والسفر اللانهائي نحو الكتابة. مكتبة متنقلة. كما كان البعض يسميه في نهاية الستينات وبداية السبعينات.
    إنها مقاومة جيل بكامله. جيل ما قبل الاستقلال, من بين المجتمع الفقير. ويصبح محمد شكري نموذجاً لأبناء هذا المجتمع. في طنجة الدولية. طنجة شبيهة الاسكندرية. كان ذلك ما كنت فكرت فيه وأنا أزور الاسكندرية في بداية الثمانينات. وهي مثل مجموعة من المدن المتوسطية. قبل الاسكندرية كنت زرت برشلونة. وكنت وجدتها قريبة من طنجة. في الاسكندرية لم أعثر على أسطورة الاسكندرية. كانت المدينة شبه مقبرة بعد أن غادرها اليونانيون. وطنجة بعد الاستقلال اصبحت هي الأخرى شبه مهجورة. بعد أن غادرها الأجانب. من إسبان وطليان وفرنسيس وانكليز وهنود. مع ذلك فأسطورة طنجة كانت متوهجة في الأدب الأميركي الغاضب. جيل البيتنيك, الواصل اليها مع السنوات الأولى من الخمسينات. كيرواك, بوروز, آلن غينسبيرغ. تقليد له تاريخه. بول بولز سبقهم الى الإقامة في طنجة. وحوله حركة أدبية وفنية دولية. بول بولز أحيا الأسطورة من وجهة نظره. "إنه يحب المغرب ولا يحب المغاربة" كما يقول محمد شكري.
    مقاومة بالانفتاح على الثقافة العالمية, من خلال القراءات ومن خلال اللقاءات المباشرة بالكُتاب الوافدين على طنجة. بول بولز في المقدمة. عندما عدت الى طنجة في نهاية الستينات كان محمد شكري عرّفني ببول بولز. ذهبنا لزيارته. كان وليّ الثقافة في طنجة. وليّ يُزار. ومَنْ, مِنْ بين المغاربة, أعطاه بول بولز بركته فهو محظوظ. محمد شكري من بين الذين حصلوا على بركة بول بولز. "تعرف, بعت قصة "نعل النبي" لمجلة هاربرز بأربعمئة دولار". وأنا أهنئه كلما أخبرني بنشر قصصه في مجلات أميركية. الى جانب بول بولز كان تينيسي وليامز وجان جوني وبكيت. هؤلاء من أكبر الأسماء التي كان محمد شكري التقى بها في نهاية الستينات وبداية السبعينات. وهي كلها شجعته على نهج المقاومة. في الثقافة وفي الكتابة.
    (3)
    حياة المقاومة التي عاشها محمد شكري لم يكن يُنظر اليها, في السبعينات, بهذا المنظور من طرف أغلب الكتاب المغاربة. كان شكري موجوداً هناك. في طنجة. فيما كانت نخبة اخرى تحترمه. علال الفاسي, المدهش بانفتاحه على الكُتاب الشبان. حتى عبدالله كنون, قبل منع "الخبز الحافي", كان على علاقة جيدة معه. زرناه نحن الاثنين, ولاحظت حديثهما الودي. وكان محمد شكري يحترم مجموعة من الكتاب والفنانين المغاربة المعروفين آنذاك. محمد زفزاف. محمد الخمار الكنوني. محمد المليحي. عبدالكريم الطبال. إدريس الخوري. الجيلالي الغرباوي. عبدالجبار السحيمي. بهذه القدرة ذاتها على محبة الآخرين تعرفت عليه, كما تعرف عليه أصدقائي في فاس. حسن العلوي. عز الدين التازي. رشيد بنحدو. وعائلة أصدقائه كانت واسعة من بين المغاربة.
    الرؤية اللامبالية بمحمد شكري كنت تحسها بطريقة غير مباشرة, في الرباط, لدى فئة من الواثقين بالمكانة الايديولوجية للكاتب. في المشرق, كان محمد شكري ينشر في "الآداب". لكن سهيل إدريس لم يكن يتجاوب مع تجربته في الكتابة المتحررة. كانت رواية "الحي اللاتيني" لسهيل إدريس تمثل نموذجاً للجرأة على التصريح بالتجربة الذاتية, والجنسية منها على الخصوص. من هذا المنظور كان محمد شكري راسل سهيل ادريس وعرض عليه نشر "من أجل الخبز وحده" (وهذا هو العنوان الأول لكتاب "الخبز الحافي"). ولم يستجب سهيل ادريس.
    بين المقاومة واللامبالاة, ظهرت, فجأة, في الأفق سيدة لا بد من الإشادة بها في هذا المقام. ليلى شهيد. عندما اطلعت, كما كانت روت لي, على كتاب "من أجل الخبز وحده" بالانكليزية, بعد اقتنائه من مكتبة في نيويورك, أُعجبت به كثيراً. دفعها ذلك الى التساؤل عمن يكون محمد شكري. وبعد عودتها الى باريس وحديثها مع الطاهر بن جلون أخبرها بأنه يعرفه, فاقترحت عليه ترجمة هذه السيرة الذاتية الى الفرنسية. ومن هنا تبدأ القصة الجديدة لمحمد شكري وانتقاله الى الفضاء العالمي, من طريق الترجمة الفرنسية, التي وهبها الطاهر بن جلون كامل طاقته الابداعية وشبكة علاقاته الإعلامية. لست أدري لِمَ لم يكن محمد شكري يشير الى ليلى شهيد والى هذه الواقعة, التي كانت ولادته الكبرى. بل ان ليلى شهيد هي التي هيأت عودة سيرته الذاتية بالعربية الى المغرب. وأنا الآخر لم أكن أجرؤ على تداول هذه الواقعة مع محمد شكري. كنت أترك له حرية ان يصمت وحرية أن يتكلم. بهذه الحرية حافظ كل منا على صداقته مع الآخر, في زمن العواصف (السياسية والثقافية) التي اقتلعت, منذ مغرب الثمانينات حتى مغرب اليوم, صداقات من جذورها.
    (4)
    صداقتي لمحمد شكري كانت حرة. كان ذلك يعود الى شيء ما كنت أحسه مشتركاً بيننا, على رغم ان كل واحد منا قادم من حياة اجتماعية مختلفة. ما كنا نسير نحوه هو الأهم. وهو ما أعطى لصداقتنا عنفوانها, منذ نهاية الستينات. في هذه الصداقة اقتربت كثيراً من محمد شكري. أكبر ما كان يحزنني هو الحكم الذي كان البعض يصدره عليه من غير معرفة بالشخص. كان الحكم الأخلاقي السلبي على محمد شكري مستقى من المتخيل العام عن فئته الاجتماعية أو من الأحكام المتداولة عن أهل العربدة والمجون. ومحمد شكري كان نقيض ذلك. أول ما تأكد لي من خلال الصداقة الطويلة هو الوفاء. فشكري لا يلقي بصداقاته الى الجحيم. الوفاء كان يتكامل لديه مع المقاومة. كان يحب الكتاب والفنانين. كان يرى فيهم عائلته, بعد أن فقد عائلته الأولى. لم يكن يصرّح بذلك. تلك كانت عادته. لكنه كان يختار طرقاً كثيرة للتعبير عن الوفاء.
    يكفيني أن أذكر هاتين الخصلتين. محمد شكري, الذي تعلم كيف يقاوم عوالم بأكملها, علمني كيف أتحرر من قيم فاسدة ومن علاقات فاسدة. علمني لأنه كان يبادلني الصداقة. وهو يعلم ان علاقاتي الثقافية في المغرب ليست مستحبة. في جميع المراحل كان شكري يذكرني, مواربة, بقيمتي المقاومة والوفاء. لأجل ذلك لم يكن يتحمل الغدر كما لم يكن يطيق الخديعة. ويكره الاستغلال. كانت كبرياؤه حاضرة في كتابته وفي حياته. وكان يعرف حدوده في العلاقات وفي الكتابة. خصلتان لم يكن يصطنع العمل بهما. ولم يكن يريد أن ينصّب نفسه معلماً.
    (5)
    كتابة طنجة هي حياة محمد شكري. كأنما أتى ليكتب عن عالم مدينة كان يحتاج الى تسمية جديدة, لتحديث الاسطورة. وهو لم يسع الى فضائحية تصبح مأواه. لا. محمد شكري كتب بلغة عربية كان يعشقها عن حياة عاشها. تعلم العربية وتعلم تقنية كتابة سيرة ذاتية. وهو لا يتوهم. إنه كاتب شهادة على طنجة. في كتابته تصبح طنجة شكري مختلفة عن المتخيلات الشائعة عن طنجة, مستقلة بالأسطورة التي خلقها لها. وهو, الذي كان يكتب عن التشرد والبؤس والعهارة والعربدة, كان يبحث عن اسطورته الخاصة ليدل قارئه على حياة أسمى, دفاعاً عن حق اطفال مشردين وفقراء في حياة انسانية وفي كبرياء الكرامة. كأنما أتى ليكتب طنجة التي عاشها. يجدد اسطورة طنجة. كلمة الحياة كانت من أحبِّ الكلمات الى نفسه. الحياة الحرية. الحياة الصداقة. الحياة السمو. ولك هذه الحياة, أيها الأبديُّ في طنجة. وفي الكتابة.
                  

12-12-2003, 07:33 PM

نبيلة الزبير

تاريخ التسجيل: 12-07-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: nassar elhaj)

    أشكرك يا نصار

    استمعت بإنصات إلى محمد بنيس
    هو صوته
    هو نفسه
    أعتقد أن محمد شكري أيضا اغرورقت عيناه.. هنالك أصدقاء حقيقيون .. يعلموننا لفظة "الأبد" وأنها حية وليست من كلمات المبالغة..
    كثيرا من مفردات اللغة أعطبت، لكن ؛ لنثق في الصداقة.. صداقة كهذه حية تستطيع أن تستحيي كلمات كانت قد أصبحت بورا..
    أشكرك يابنيس ياصديقي الجميل

    وسلمت وسلم جهدك يانصار
                  

12-12-2003, 07:56 PM

نبيلة الزبير

تاريخ التسجيل: 12-07-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: Ash)

    فعلا يا إيمان
    كان تعبير "نبيل" مصوبا بدقة.. وهذه هي قوة الخفيفين الذين لم تثقلهم "كروشهم" يستطيعون أن يهزموا القبح يكفي أن يحملوا قصاصة مرآة..

    ________

    هدهد
    أنت لست صعلوكا..ولا ابن شوارع..
    أنا أيضا
    أتعلم
    أتشورع..
    "أوسخ" تهمة حصلت عليها أنني شاعرة "نخبوية" من يومها وحياتك وأنا أكفر عن هذه النخبوية...
    ___________


    حسن موسى

    لا أدعي أنني أعرف الكثير عن "المغرب" الشقيق..
    لا أدعي أنني أعرف شيئا..
    لكن أكون مغالطة وبنت "حكومة"(وهذه من كبريات الشتائم عندي) لو قلت أن المدن العربية لا تتشابه كأسنان المشط..
    دون أن نحتاج لحصر أو جرد.. ودون أن تغشنا أو تخدعنا شعارات التعددية
    اطلب من الجنرية أن تكتب لك نص "دراما ديمقراطية"

    و
    محبتي
                  

12-13-2003, 12:22 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد شكري في الفاترينة (Re: نبيلة الزبير)

    اكتب شنو يا نبيلة ؟
    بري انا حرمت خلاص

    أذهلني نبيل بهذه الكتابة
    اعرفه شاعر مدهش
    واتمنى ان تأتي به وبقصائده
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de