مواضيع توثقية متميزة

"محمد شكري".. والصحافة قبر لن يدخله إلا ليبصق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2003, 02:09 AM

نبيلة الزبير

تاريخ التسجيل: 12-07-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
"محمد شكري".. والصحافة قبر لن يدخله إلا ليبصق

    كتّاب أم متعهدو جنازات؟ عن
    رحيل شكري وزفزاف وآخرين*


    جمال بدومة**






    "ينتظرون موتك.
    يبللون الأوراق بالدموع وبالأسف والشجن المقيت.
    ويترقبون رحيلك.
    يتقاضون، على جثتك، نقودا من مجلات سخيفة.
    الأوغاد...
    يخافون من الحياة فيهربون إلى الموت.
    بروتون قال إن هناك موتى ينبغي قتلهم.
    هناك، قبل ذلك، أحياء ينبغي قتلهم
    هناك أجلاف ينبغي أن يخرسوا!"



    عندما توفي الكاتب المغربي محمد زفزاف في شهر يوليو (تموز) من سنة 2001، كتب الكثيرون عن موته وعن حياته. كتبوا أشياء كثيرة. قالوا إن الراحل كان كاتبا كبيرا، وأنهم التقوه وقرأوا ما كتبه وكانوا أصدقاءه وزاروه وساعدوه في محنته... ولو قدر لصاحب "الثعلب الذي يظهر ثم يختفي" أن يطلع على كل ذلك، لابتسم وهز كتفيه. وربما شتم وصاح: توقفوا أيها الأوغاد!
    ما إن يموت أحد المبدعين حتى يتحرك حفارو القبور وفقهاء المآتم المندسين في ثياب كتّاب. يطلقون العنان لتفاهاتهم ومناديلهم ودموعهم الوقحة في الجرائد والمجلات، وفي الندوات والجنائز الأدبية. رقد زفزاف في مستشفى سالبيتريير شهورا، وانتقل إلى دار للنقاهة بالضاحية الشرقية لباريس. وظل وحيدا. كان في محنة حقيقية مع المرض. وحيدا، يصارع السرطان الغبي. ببسالة وشجاعة وإيمان. قبل أن يدخل المستشفى، كان يقيم في فندق بالأوبرا تحت رعاية الملك. بزنقة شوسي دونتان. كان زوار كثيرون يأتون لرؤيته. بعضهم لم يسبق له في حياته أن دفع باب فندق. يجيئون، ليس بالضرورة ليجلسوا إليه أو ليطمئنوا على صحته، بل ليشربوا النبيذ على حساب محمد السادس. كلما تعب الراحل، كان يتركهم في بهو الفندق أو في البار ويصعد إلى غرفته. وهناك يقضون النهار كله بلا أدنى حرج، يحتسون زجاجة تلو زجاجة. أذكر كم اندهشت يوم رأيت أحد "الكتّاب" جالسا إلى مائدة في الفندق، وأمامه زجاجة خمر أحمر وعدة أطباق. تعجبت لأنني أعرف أن الشخص المعني مفلس وبلا أوراق إقامة. وهو يتنقل في باريس بحذر شديد ويعيش على الهامش كأي جرذ. منظره وهو يجلس إلى مائدة باذخة في فندق ذي نجوم بقلب الدائرة التاسعة، كان مثيرا للضحك. قلت، لاشك أن زفزاف بقلبه الكبير يشفق عليه. ولعل وضعيته العبثية في فرنسا كانت تدعو حقا إلى الإشفاق. لكنني سوف أغير رأيي في الموضوع وسأكتشف أنه فعلا مجرد جرذ حقير ونذل. حيث لن يظهر له أثر منذ دخل الراحل المستشفى. بمجرد ما لم يعد في الزيارة فندق ولا زجاجات خمر، غاب صديقنا بغير رجعة. ملاءات المستشفى البيضاء الحزينة غير كونطوار الفندق الفخم! أذكر أن السي محمد ظل دوما يسألني، أين اختفى؟ ولم أكن أعرف بماذا أجيبه. احتقرته أكثر، عندما أخبرني الراحل أنه كان يأتي بصحافيين مشارقة وبأشباه كتّاب لكي يعرّفهم، قسرا، به. وكان زفزاف يمقت ذلك. أي عقاب أشد من هذا: أن تتعرف إلى أشخاص تافهين وأنت في عز محنتك مع المرض! ليأخذوا معك صورا أو يكتبوا عنك مقالات رديئة، يبيعونها فيما بعد لمجلات سخيفة... يا لعصابة الـ...!
    حينما دخل زفزاف المستشفى، اختفى أصحاب الزجاجات وقل زواره بشكل رهيب. أتذكره الآن جيدا بعد العملية. لم أتمالك دموعي عندما رأيته. كأنه وقع بين يدي جزارين حقيقيين. اقتلعوا أجزاء من وجهه ومن عنقه. وكان وحيدا. بات يشبه فزاعة في حقل خرب. عرفت أنه اقترب من المنطقة المجهولة. وظل وحيدا، يزوره القليلون. أتذكره يتحدى السرطان بابتسامات متعبة. أتذكره مصرا على مرافقتي حتى باب المصعد لكي يودعني. يحمل معه السيروم المتدلي من مشجب متحرك. أذكره وهو يرجوني أن أهتف إلى سيدة رائعة لتأتي حالا إلى المستشفى. امرأة طيبة، لاعلاقة لها بالأدب، ظلت وحدها تزوره باستمرار. كنا كلما التقينا عنده، لانكف عن الضحك والنكات ونحول غرفته الباردة إلى قهقهات. أذكر سخطه على الممرضات وكيف كان يعود ليمزح معهن. أذكر عينيه اللامعتين تقولان لا. أذكر أصابعه وهي تخط جملا على لوحة وعلى كومة أوراق. أذكر صوته الذي تحول في النهاية إلى شخير وحشرجات مؤلمة. أذكر ثقبا كبيرا في عنق وإبرة غليظة يزرعها في بطنه لكي يأكل. وأذكر وأذكر... أذكر كم كان وحيدا ومخذولا، وألعن كل متعهدي الجنازات!

    وهاهو محمد شكري، صديق زفزاف في الكتابة والحياة والسرطان، يرحل اليوم. وهاهي ذي جوقة البوم ذاتها تلوح بالمناديل والمقالات والدموع. شكري المعروف عنه أنه لم يكن يخالط إلا قلة قليلة ممن يعرفهم. شكري الذي لم تكن له عائلة. شكري الذي ولدته الحياة وتبناه الأدب، فجأة، صار صديقا للجميع!
    الموتى لايسمعون مع الأسف أو لحسن الحظ، وإلا... لو سمع "الشحرور" الكاسر بعضهم، لعاد قليلا من موته. ما يكفي من الوقت ليشتمهم واحدا واحدا، ويعود إلى هدوئه الأبدي.
    على الكتاب أن يفكروا جديا في ترك وصية قبل موتهم. ليس طبعا لكي يصنعوا مفاجآت سارة، أو حتى سيئة، لورثتهم. ما يملكه الكاتب، في المغرب على الأقل، أبأس من أن يفاجئ أحقر متسول. قبل الرحيل وبعده. الوصية تصلح، بالأحرى، لكي يعلن بخط يده أنه يتبرأ سلفا من كل أولئك الذين سيكتبون أنهم يعرفونه وكانوا أصدقاءه. وليذيلها بقائمة بأسمائهم: لاشك أن هذه اللوائح ستكون طويلة. وسوف نرى، دون دهشة، ذات الأسماء تتكرر من وصية لأخرى! وهنا أتذكر قصيدة لصديقي الشاعر العراقي عبدالقادر الجنابي الذي شعر بنفس الظاهرة عندما مات الشاعر أحمد بركات فكتب المرثية التالية له:

    مات شاعرٌ آخرُ
    ولم يترك لائحةً بالاسماء التي كان يمقتها
    ولشدّ ما يمقتها، بل نمقتها نحن الشعراء
    كان عليه أن يسنّ قصيدة واحدة
    تمنع هذه الأسماء من أن ترثيه.


    هناك أشخاص لاتعرف ماذا يفعلون داخل المشهد الأدبي. لاتعرف ما علاقتهم بالكتابة أو بالمسرح أو بالسينما أو بالفنون التشكيلية. لكنهم لايتورعون عن الكتابة عن الميّتين. وعن زيارتهم وهم يحتضرون لابتزاز صور وحوارات. هؤلاء التافهون يأخذون الميكروفون عادة في الوقت الذي يصمت فيه من يفترض أن الراحل كان سوف يسعد بكلامهم، لأن الصدمة تخرسهم. كأن عدوا مجهولا يكلفهم بالإساءة إلى الكتّاب حين يموتون. ويسيء إلى المبدعين أيضا من يفتح جريدته لأمثالهم من الفاشلين ليبللوها بدموع التماسيح.

    بودي أن أسأل كل هؤلاء الذين لا يرون في موت المبدع غير مناسبة سانحة للظهور، أو إيهام الناس بأنهم كانوا أصدقاء للراحل، أو لربح المال من خلال كتابة مقالات ملفقة عنه والمشاركة في مآتم أدبية، وبودي أن أسأل كل متعهدي الجنازات: كيف حال ضمائركم؟ ومتى سوف تعود من إجازتها؟!
    ...
    ما أمقتكم!
    *عن القسم الثقافي بجريدة ايلاف اللندنية الاليكترونية
    **شاعر مغربي

    (عدل بواسطة نبيلة الزبير on 12-12-2003, 02:32 AM)

                  

12-13-2003, 12:30 PM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "محمد شكري".. والصحافة قبر لن يدخله إلا ليبصق (Re: نبيلة الزبير)

    فوق
                  

12-13-2003, 01:04 PM

ودقاسم
<aودقاسم
تاريخ التسجيل: 07-07-2003
مجموع المشاركات: 11146

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "محمد شكري".. والصحافة قبر لن يدخله إلا ليبصق (Re: نبيلة الزبير)

    أختي نبيلة
    لك التحية
    من المؤكد أن هناك من يحاولون التسلق على أرواح الموتى ، وسيرهم، وادعاء صداقتهم ، لكن هناك أيضا من يتعرفون على الكتاب ، أو الشعراء أو المفكرين عن طريق الاطلاع على أعمالهم ، وكان صديقي الملقب( فوكس ) لا يقول لي أنه هذه الأيام يقرأ كتابا لفلان ، بل عادة يقول أنه هذه الأيام يحاور فلانا ، وأعتقد أن حق كل القراء إذا كانوا يكتفون بالقراءة أو أنهم يعيدون انتاج ما قرأوا من خلال الكتابة ، فإن من حقهم أن يحزنوا لفراق من مات ممن قرأوا له ، ومن حقهم تأبين هؤلاء الأموات ، ومن حقهم إعلان محاسن هؤلاء الموتى ،
    قرأت لأمل دنقل قبل وفاته أعمالا محدودة ، لكن وفاته وما كتب عنه بعدها جعلني أطلع على أكثر أعماله ،
    وهنا في هذا المنبر أفردنا يوما لأديب السودان الراحل علي المك ، والغالبية منا لم يروه في حياتهم ، وقد عاصرته لكني كنت أراه من بعيد وأقول أن ذاك الرجل هو علي المك ، لكني ما تجرأت على القرب منه وما سنحت لي سانحة ، لكني حزنت كثيرا عليه عند ما بلني خبر وفاته وبكيت وكأنه قريب لي ، ولما خصص المنبر يوما لعلي المك كتبت مع زملائي عن علي المك ، وكل ما كتبته كان نتاجا لبعض اطلاعاتي على بعض أعماله ، ومن خلال سيرته التي سردها كثيرون بعد وفاته .
    نحن بحاجة إلى من يعرفنا بأدبائنا لنسعى للاطلاع على ما كتبوا ، وسواء كان من يعرفنا هو صاحب غرض أو من بائعي جنائز الموتى أو من الصادقين الذين عايشوا الأديب المعني ، فإن إعلانه يفيدنا وينبهننا إلى كنز من كنوزنا ، وربما أن شراء كتب الأديب المتوفي نوع من الوفاء له ، ونوع من مد يد العون لأسرته التي ترث حصاده الأدبي المدون ،
    لك الشكر أختي نبيلة لاتاحتك لنا الفرصة لمحاورة من هو في قامتك
                  

12-15-2003, 08:16 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "محمد شكري".. والصحافة قبر لن يدخله إلا ليبصق (Re: ودقاسم)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de