|
|
رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ
|
فى تلك الأمسية الهادئة ، إنطلق بها التاكسى فى شوارع أم درمان التى قال عاشقها على المك إنّه يحبّها كما تحب الأم إبنها وإن كان شائهاً .
وصلت إلى تلك الدار البيت ماليّة البسيطة التى يدل بناؤها الجالوصى على رقّة حال ساكنيها ، لم تحتاج حتّى لتطرق باب ذلك البيت الذى إتّكأ مشرعاً بالترحاب ، دفعت الباب وقادتها خطواتها الواثقة إلى حيث جلست الحاجة أم الحسن بت يوسف التى إجتمع من حولها أحفادها وحفيداتها الصغار ينهلون من عذب حديثها وحلاوة صياغاتها الشعرية البسيطة التى تنظمها غالباً فيهم/ن هم/ن إحتفاءاً بنجاحهم/ن ، أو إرشادهم/ن وتوجيههم/ن سلوكيّاً .
وقفت الحاجة أم الحسن تستقبلها كعادتها فى الإحتفاء الجم بضيوفها ، وأجلستها بجانبها وعبارات الترحيب لاتزال تتدفق من حاجة أم الحسن تلك الأمدرمانيّة العذبة نحيلة الأعضاء ، ذات البشرة التبريّة المشرّبة بالسمرة والوجه البشوش والعيون المتوثبة والمتقدة بذكاء فطرى لم يدعمه من التعليم غير القليل الذى تلقّته فى خلاوى الكتيّاب التى درست فيها القرآن واللغة العربيّة .
جلست تستكمل سردها الشيّق عن كل مااستجمعته ذاكرتها عن شقيقها التيجانى يوسف بشير ، ذلك الألمعى الإستثنائى الذى فارقها وهى فى حدود الثامنة من عمرها ، تتحدّث تارةً عن كدحه الثقافى والعلمى وسهره المتواصل بجوار مصباح الرتينة فى غرفةٍ لاتكاد تتسلّل إليها نسمة هواء ، وتارةً عن صوفيّة روحه وزهده فى الملبس والطعام ، وشغفه المتزايد لإقتناء الكتب رغم العوز وقلّة الحيلة والفقر المقيم .
كان حديثاً ممتعاً لايقطعه سوى صوت حفيدتها ذات الست سنوات إسراء والتى كانت تحاول سرقة الأضواء من جدّتها فينطلق صوتها بلا مقدّمات : (( خالتو خالتو ، رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ )) . وهى ترفرف بيديها الصغيرتين على صدرها واصفةً أجنحة الحمام فتبالغ فى الإيماء مااستطاعت ، ثم بعد أن تنجح فى لفت إنتباه ضيفة جدّتها ( خالتو ) تستكمل بقيّة قصيدة والدها الغائب فى صحارى البترول عبد القادر الكتيّابى ، فتضيف بذلك ذاكرةً أخرى حافظة لكنوز تلك الأسرة عميقة الغور عظيمة العطاء .
تستعيد حاجّة أم الحسن دفة السرد فتقول : ( لمّن ولدتَّ ولدى أحمد وشفت وشّو بكيت .. حسّيت إنّى ولدتَّ التيجانى فى شكلو ، ولمّن كبر بقى بشبهو حتّى فى طباعو ) كان إبنها أحمد شديد العطاء جزيل البذل تماماً كخاله التيجانى حتّى أنّه ظل يردد نبوءة التيجانى بأن الفقر هو قدر تلك الأسرة وسربالها ، والمدهش أن أحمد إستكمل شبهه لخاله برحيله فى بواكير شبابه الغض . ولا تستسلم إسراء فتعاود مقاطعتها لجدّتها وضيفتها بذات الغيرة الطفوليّة وبصوت أجهر تردّد قصيدة والدها : (( خالتو ، رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ )) . كانت الحاجّة أم الحسن تسترسل فى حكيها وصوتها يتهدّج شجناً ووجهها يتغضّن فاضحاً محبّتها العميقة وفرط تأثرها بشقيقها حتّى تكاد تتوضأ من دموعها فى حضرة تيجانيها الذى إمتلأت به حتّى عرجت إليه .
الرحمة والمغفرة لشاعرنا الفذ الأثير التيجانى يوسف بشير ، وفيض من الرحمات على روح الحاجّة أم الحسن يوسف بشير التى إنتقلت إلى الدار الآخرة قبل أيام لتضعنا فى مأزق اللغة حيث تقصر الكلمات عن وصف حزننا الأسيف لفقدها .
للعزيز أستاذى الحبيب عبد المنعم عبدالله الكتيّابى وأستاذى عبدالقادر الكتيّابى وأشقّائهما وشقيقاتهما والأسرة عميق التعازى وصادق المواساة .
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ (Re: mohammed alfadla)
|
أخي الحبيب لؤي :
لك من ذلك البيت جزيل الشكر على نبل مشاعرك ـ حفظ الله أعزاءك ـ و ليتقبل كافة الأصدقاء على هذا المنبر شكرنا العميق ، كنت أود أن أسهب في مناخ كتابتك الأدبية مداخلا ، لولا أن غطة الحزن لا تزال تعتصر من خلايانا والعظام دمعا لم نجرب طعما كطعمه من قبل ـ نستغفر الله العظيم ونسأله أن يلهمنا جمال الصبر ـ أشكرك كثيرا وشكرا لأخي فتحي البحيري وأرجو أن تدعوا معنا لها بالرحمة والمغفرة والقبول ـ فإنها ـ طيب الله ثراها كانت قد دخلت في غيبوبة منذ 28 رمضان أفاقت منها ثاني أيام العيد فجرا لساعة واحدة فقط عيدت علينا فيها وطلبت ماء توضأت منه وصلت الرغيبة والفجر وسط دهشتنا من تحسنها المفاجئ ـ ثم عادت إلى غيبوبتها التي أسلمتها إلى الاحتضار ثم رحلت رحيل الصالحين على هدير القران والتهليل والدعاء من صدورنا وصدور من شهدوا معنا ذلك المشهد الكبير ـ اللهم ارحمها ـ فأنت سبحانك إنما ترحم من عبادك الرحماء وأنت أرحم الراحمين ـ و أكرم نزلها فقد حلت ضيفة عندك وأنت أكرم الأكرمين ، وآتها ما وعدت الصادقين في حبك ـ أحباب نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم واغسلها بالثلج والماء والبرد ، وأبدلها أهلا خيرا من أهلها ودارا خيرا من دارها وأسكنها حيث السدر المخضود والطلح المنضود والماء المسكوب والفاكهة الكثيرة التي لم تجعلها مقطوعة ولا ممنوعة ـ وارحم الذين سبقونا بالإيمان وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وآله .
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ (Re: عبدالقادر الكتيابي)
|
| Quote: طيب الله ثراها كانت قد دخلت في غيبوبة منذ 28 رمضان أفاقت منها ثاني أيام العيد فجرا لساعة واحدة فقط عيدت علينا فيها وطلبت ماء توضأت منه وصلت الرغيبة والفجر وسط دهشتنا من تحسنها المفاجئ ـ ثم عادت إلى غيبوبتها التي أسلمتها إلى الاحتضار ثم رحلت رحيل الصالحين على هدير القران والتهليل والدعاء من صدورنا وصدور من شهدوا معنا ذلك المشهد الكبير |
أستاذى الحبيب عبد القادر فلتعذرنى أولاً أستاذى لتأخيرى فى العزاء وذلك لتواجدى فى السعودية وعدم علمى بالأمر حينها ، وقد قمت بالإتصال بمجرّد علمى انا وأختى وردّت علينا الأخت سيدة ولكنّا لم نحظى للأسف بمقابلتكم ، وقد قمت بعدها بالإتصال برقم جوالك فى الامارات ولكنّى علمت من المجيب أن الرقم يخصّه من زمنٍ وفهمت أنّه ربّما كان رقماً قديماً .. أعلم مدى الحزن الذى أصابكم/ن لرحيل والدتكم/ن الصالحة ، تلك المربّية العظيمة .. وأسأل الله لكم/ن الصبر الجميل والسلوان ..
نسأل الله أن يرحمها ويغفر لها ، وأن يجعل قبرها روضةً من رياض الفردوس ، وأن يحسن قبولها ، وأن ينقلها من ضيق اللحود والقبور إلى واسع الدور والقصور ، وأن ينزلها أرفع منزلة مع الصدّيقين والشهداء ، وأن يرزقها بعظيم رحمته لذّة النظر إلى وجهه الكريم ، وأن يجزيها بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً .
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
Re: رِئَتَاىَ صَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا وَصَفَّقَتَا كَأَجْنِحَةِ الحَمَامِ (Re: لؤى)
|
خَطَبَ النسيمُ وقالَ إنّكَ فى الطّريق رئتاى صفّقتا وصفّقتا وصفّقتا كأجنحة الحمام والشِعر أفلتَ من عقالة توبتى واندسّ فى وبر الهيام فالليلة البدر التمام والليلة الأفراح يا نوّرتَ لى ومنحتنى صفة التلطّف عند مُدَّخَلِ المُقام صعْب علىَّ وانت قد بشّرْتَنى أن لا أبوح بشّرْتَنى اِبيَضَّ المدى حولى بروقك أوشكت وتهيّأت مقل السفوح بشّرْتنى فالنور واد أظلال واللحن الصداوى المؤوج قَصُرَ الزّمام على البصيرة والتقت صُرُط العروج فأغفر إذا شوقاً دخَلْتُ إليك من باب الخروج
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
رثاء المرحوم الشاعر / التجاني يوسف بشير (Re: لؤى)
|
الأخ / الكريم لؤي لك تحية ود و محبة
الأخ / عبد القادر الكتيابي نسأل الله لكم الصبر وحسن العزاء
ُتليت هذه القصيدة علي قبر شاعر النبوغ والجمال التجاني يوسف بشير نأسف لعدم وجود الشطر الأول من البيت الثاني
نداءُ من السماء رثاء المرحوم الشاعر / التجاني يوسف بشير
أثار الفتي قبل النيام مشاعرهُ** وألفي سمواً للمعالي يُباكرهُ ......................... ** فيجُهـدُ نايـابالأمـاني يُسـامرهُ يغنـي أناشـيد الصـباح نـديةً ** وتبكي حنيناًفي الليالي مزاهرهُ ولولا غمــام في القـلوب ملبدُ ** تبدت إلينا مـن عليٌٍ خـــواطرهُ سمعنا نداءً من السماءِ مـردداً ** يقول تعالوا للمغني نُســـاجرهُ فسرنا علي غير اهتداءٍ وغايـةٍ ** بقفـرٍ فسـيح لا يحـط مُســـافرهُ ورفَت رؤى بيني فطُفتُ بعـــالمٍ ** بعيد النواحي لا تبينُ أواخــرهُ وعاد ألصدي يشكو إلي شجــونه ** وقال المغني رُوحُ خُلـدٍ وشـاعرهُ بربك هل يجـدي الحزين بكـاؤه ** وهل تبتسمُ الأيامُ والحزن عامرهُ أقام زماناً في العشير مُجاهداً ** مثال التفاني والحظوظُ تغـادرهُ لقد أودع التاريخُ ضـمَة شـعره ** وودع دنـيا بالجحــود تُبـادرهُ وعافي حيــاة كالممـات رخيصةً ** فطـارت خفـافاً للسماءِ بشـائرهُ وقالوا لقد مات التجاني وإنما** يمـوتُ الذي نهب الغناء مآثـرهُ ففي جنةِ الفردوس تنزلُ روحه ** وتأخـذهُ في الخـالدين مصـائرهُ
شعر: المرحوم الأستاذ / حسين محمد حمدنا الله
ونواصل !!!!!!
إسماعيل
| |

|
|
|
|
|
|
|