ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 12:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2007, 10:39 AM

هبة الحسين

تاريخ التسجيل: 06-28-2007
مجموع المشاركات: 509

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3)

    القصة القصيرة (3)
    ملحُ وحمى ..


    إنكتمت في أنفي رائحة من الليل العريض مخلفة أنقاضاً وحطام ، مثل التي في قلبي .
    وحل يتراكم بأحلام مستلهمة ومملؤة بوجع ، روائح لخيوط تالفة من التاريخ الاسود عند حافة الطريق المجروح هناك ، تحت سماء الخرطوم العكرة بعكار أذهان قاطنيها في النهار.
    مجموع من النفايات المتفرقة والمتدفقة ، أكياس بلاستيك ممزقة ، حمالات تخر وفضلات يزن عليها زباب ، خضار متعفن واوراق تتقطر عليها المياه حتى تظل لامعة ، وأنا أذكر والدي المريض بالضغط والسكر في دمه الاخضر وحبس البول ، لم يجد والدي من يصبح أنيساً له ، وذلك لان المدينة مليئة بكل الاشياء إلا من النقاء والاريحية وإن كان ذلك يجعل طعمها باقياً !!
    ومنذ الازل وفي حين خروجها الاول عندما كانت تغتسل بماءها والطين مباشرة من السماء ، متماسكة انجمها في لحظات بريقها اللماع ، عندما كان وجهها سليماً وساطع ، حين يولد فيها غسان ملائكي تم خلقه لتوه .
    في البداية ، ذو قدرات هائلة وقوية ومصلوبة ، فارعة وقارعة للطبول أجزاءه ، مترامية ومتراخية ، بعدها ، ومثل الرواكيب القديمة والتي علقت عليها أطنان من اللحم المُتَصَارع عليه بسبب الطمع لتسقط مصدرةً دوي وفرقعة ، ومعلقة عليها مرآة للروح المترجية تترامى وتصفح في حالات الضياع التي لا تفيد أحد . وتتزلزل وتتهشم قواها تدريجياً بفعل الغبن والجوع الموجود هناك ، وإن كان نوع الكائن البشري إنساناً يحمل بين جنباته أمل مفرهد! .
    عار إفتقادها للدفء.
    عار ثقب جدارها بالرصاص .
    الخرطوم مليئة بالمتسكعين والخارجين ليلاً لمعاركهم السرية . دون أن يهتموا للمرض وإن دمر خلايا الدم .
    كانت مثل صدور الجبابرة ملدنة في الليل وقاسية عند النهار ، ومياها المتبقية تتلون على الارض ، ساكنة وخائفة الحشرات ، حتى الناموس يلعب بشعره سراً في حالات من العري والإفلاس ، ضفدع أخضر ومسود يخرج من عندها قبل أن يرمي عثمان الكجر بحجر كبير عليها من بعيد .
    قال بعد زمن الوالد وسمته أمه :-
    الحال غير مستور والسواقي وجهت مياهنا إلى اماكن لانترجى منها، سوى الخوازيق وإحتمال يباسنا أكيد ، وموت إنباتنا الاخضر بعض أن اصبحنا هكذا نتبع أي أحد .
    ظننتهم كانوا يبيعوا الوقود في الليل عند بيت عم أحمد والذي جعل من أحد غرفة الطرفية مخزناً له .
    رددت عليه بصوت عالي مابك ترمي علي بحجر مسنون وطاعن
    قال لي ونَفسه يتقطع.. اسألك إن كنت تريد أن تاتي معنا .
    وكان عثمان _الرجل الوحيد الذي لايستحق لقباً جيداً ولهذا اطلقت عليه أسم معرون بدلاً من عثمان ..لانه أعرن _كلمة لا اعرف معناها عند اللغويين ..
    قال لي في حالة صمتي وأنا اشاهد نمؤ شعر إبطه حتى اطرد رائحة العرق ..أن أداءه عالياً في كل شي ربما في الاكل والرقص الملصوق بالمُجون في حالات سكره السرية والنوم ..حتى الصلاة كان يكثر منها ..ليقذف بها بعيداً بعد ذلك باعماله ، والتي دوماً تسوء ..يلتصق بكبار الشخصيات ..يقول أنه كاتب جيد ,ونديداً لنساء حسناوات ،وإنه يلحس ويمص شجرة من الرمان ..
    كانت لديه عقدة الالغاب ..يحملها ثقلاً داخله ويهبها كل السكك ..حتى تندهه بأستاذ حين يفيض الكتاب ظلالاً ..قبل أن تتسارع الحروف للجهة السفلية منه .
    حركاته دوماً تشيب ، تُطرق صفحات راسه الخاوية ،والابناء والاجداد وكل الطرق الميتة . حكاوي العسر والصبر واليسر والسلام حين يصطاد الروح الاخرى فرحاً..في أوقات الصلاة

    وعند المغرب وفي ساعات دخول الشمس مخبأها متعبة وزابلة ، هناك تحت أشجار العنب المنكمش والمترامي على سقوفنا . وقتها قدمت لوالدي طبق من العدس الغير مقشر مِلحهُ خفيف مراعاة لضغط الدم عنده .
    بعد جهد حملته على كتفي الناشف وأنا احاول أن اسنده علي ، وارفع الرقبة اليابسة ، لادخل له ملعقة واحدة وفمه يرتعش .
    وصوتي رحل عن الحلق أسفاً.. وأنا احاول أن اصمد أمامه عَلهُ يحتمل المرض .
    سالت من عيني دمعة طال إنتظارها على سطح الرمش الاغبش وأنا اسأله ايضاً أن ينقل قليل من الوجع إلي ..
    يسألني هو مره ثانية ..
    إن كانت الماء باردة ، كان يريد أن يتوضاء للصلاة أو يمسح بجلده عليها في حالة من الإرتجاجات والإرتجاف والطلب ، يدعو الله أن يغفر له ويخفف عليه ويفتح علينا برزق من عنده يجنبنا الكفاف . وأنا ظننت بعد فترة شلله المُخَيب ، أن الماء الباردة هي السبب في تغيير موضع فمة وجعله يابس عند صلاة الصبح ، عندما كان يشربها على الريق ويغتسل بها وإن كانت جامدة في فصل الشتاء .
    يضع والدي التمباك في علبة نيفيا قديمة تحت رأسه مباشرة ، قدمتها له بنت بنته القادمة من اليمن بعد سنين طال إغترابها هناك ، كانت تعمل في مشغل لتطريز المناديل الموردة في أعلى الجبل من المقاطعة المتاخمة للبحر الهائج .
    إحتفظ بها وكان يناديها الحُقة لزمن حتى تسلخت وتراخى غطاءها وتشتت القش المدبوغ على المسند وعلى الملاءة تاركاً بُقعة البنية .
    كان والدي ولوفاً يخلق علاقاته حتى مع الجماد ، فوانيس وحقائب وقوارير، طاولات ومقاعد تراخت جنباتها، حتى وصلاة الدربات والقسطرة يتحسسها لتشاركه الألم .
    وجموع النمل الاحمر كانت تلتصق فيها ورائحة البول المطعون بالسكر والملح وقطرات الديتول المتطايرة والبخور كلها تعطيك خليط من الروائح التي لاتضيع .
    وهو يذكر لي أيام صفاءه عند طرف المدينة قبل أن يسو الحال ويزفت ، كنت وقتها لا استطيع سمعه ، شارد تفكيري ومتداخل فقط كنت أريد من المستحيل أن يتحقق علني أوافيه القليل من الحق عليه.
    وحكاياة السوق القديم في الايام السليمة قبل الحرب برغم مللها إلا أنها كانت أمنة وبيضاء .
    قبل أن أدخل عليه واسمع مافي قلبه وداخله يُدمع ، بدوت له حنيناً وهو يريدني أن أحلق له الراس . وبعدها طلب مني أن اشزب له أظافره وجلده الميت بماء دافي ..
    قال لي بعد أن استنشق هواءً طائر، دخل عليه من نافذة الجيران المتماسكة أنه يريد أن يبقى وحده .
    قبلت كفه وإحتميت بجلد صدره مايقارب ثلاث دقائق ، حتى أبعدني عنه ضيقاً وإختناق وليست من عادته أن يفعل !.
    خرجت لاعود وهو امامي رقبته ملفوفة بحبل البلاستيك بقوة وميت ظننته إختار..
    مات ميؤساً من حاله ..مغبوناً من ناس عثمان ..

    هبة الحسين..
                  

12-12-2007, 10:47 AM

هبة الحسين

تاريخ التسجيل: 06-28-2007
مجموع المشاركات: 509

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: هبة الحسين)

    أأسف لتكرار البوست ..في الوقت زاته ..
    (خلل في مفتاح الإدخال ظننته )


    هبة الحسين
                  

12-12-2007, 11:56 AM

Adil Isaac
<aAdil Isaac
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 4105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: هبة الحسين)

    سرد من القلب وللقلوب, حزن كبير فى بلد أسير.

    شكرا هبة و مرحب بقلمك المتميز.

    عادل
                  

12-12-2007, 12:24 PM

هبة الحسين

تاريخ التسجيل: 06-28-2007
مجموع المشاركات: 509

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: Adil Isaac)

    الاخ عادل..
    شكراً ليك ..
    وحمد كتير..
    بهذا الكلام ..
    ونود أن ينصلح الحال
    أولاً ..
    في كل الاماكن ..
    القريبة والبعيدة ..

    هبة
                  

12-12-2007, 12:52 PM

areej alhag


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: هبة الحسين)

    الحال غير مستور والسواقي وجهت مياهنا إلى اماكن لانترجى منها، سوى الخوازيق وإحتمال يباسنا أكيد ، وموت إنباتنا الاخضر بعد أن اصبحنا هكذا نتبع أي أحد .

    لغة جميلة ياهبه تتحسس جرحنا بل وتعصره حتى ينزف ...

    إنكتمت في أنفي رائحة من الليل العريض مخلفة أنقاضاً وحطام ، مثل التي في قلبي .
    وحل يتراكم بأحلام مستلهمة ومملؤة بوجع ، روائح لخيوط تالفة من التاريخ الاسود عند حافة الطريق المجروح هناك ، تحت سماء الخرطوم العكرة بعكار أذهان قاطنيها في النهار.
    يالهذه الخرطوم التي توجعنا قربا وبعدا تهزمنا عندما تحتضننا وتكسرنا عندما تلفظنا ألى مدن غريبة ..
    نقرأك بلهفة ياجميلة وننتظر من المزيد،،،،،،،،،


    أريـــــــــــــــــــج
                  

12-13-2007, 12:05 PM

هبة الحسين

تاريخ التسجيل: 06-28-2007
مجموع المشاركات: 509

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: areej alhag)

    أروجا..
    كيف الاحوال ..
    ومرهف ..أشواقي ليه كتيره ..
    قولي ليه أختك الكبيرة مشتاقة..ياخي..
    خلي ماينسى ملامحي..
    ويكتب لي ..



    (هبة)
                  

12-15-2007, 06:22 AM

mahdy alamin
<amahdy alamin
تاريخ التسجيل: 07-01-2004
مجموع المشاركات: 2025

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ملحُ وحمى ..القصة القصيرة (3) (Re: هبة الحسين)

    مات ميؤساً من حاله ..مغبوناً من ناس عثمان

    ولكنه يا هبه لم يمت ؟؟؟؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de