ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 06:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-08-2007, 03:10 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق

    ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق

    طلحة جبريل
    [email protected]

    الثابت حتى الآن أن طرفي اتفاقية نيفاشا لا يرغبان في انتخابات تشريعية عامة. والمؤكد أيضاً أن شعور ناس السودان يزداد بالإحباط إزاء مجمل الأوضاع السياسية في البلاد.

    السلطة الحاكمة في الخرطوم لا تقول صراحة بأنها لا تريد انتخابات بيد أنها غير مهتمة بالأمر وتتلكأ في كل مرة يطرح فيها عليها اتخاذ إجراءات ملموسة نحو تنظيم انتخابات، بل وتطلق في بعض الأحيان إشارات مؤداها أن الأمور لم تنضج بعد لإجراء هذه الانتخابات. ومن بين آخر هذه الإشارات القول إن الوضع في دارفور يعرقل إجراء انتخابات عامة.

    بالنسبة للجنوبيين كان سيلفاكير واضحاً وصريحاً، وهو يتحدّث في معهد "ودرو ويلسون" في واشنطن خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الأميركية عن موضوع التحوّل الديمقراطي في السودان، قال سلفاكير إنهم لم يكونوا متحمسين أن تنص اتفاقية نيفاشا على تحول ديمقراطي، خشية أن تفرز الانتخابات إذا جرت أغلبية تقرر إعادة النظر في الاتفاقية. الواضح ما يشغل بال الجنوبيين الآن هو أن يمضوا إلى حال سبيلهم حتى دون استفتاء بذريعة أن الخرطوم تنتهك اتفاقية السلام الشامل.

    لقد أكد سلفاكير علناً أنهم لن يعلنوا انفصالاً من جانب واحد، لكن فعلياً أصبح هذا الانفصال حقيقة قائمة، ولم يعد تنقصه سوى عملة بدلاً من الجنيه أو الدينار، حتى "العلم" يرفرف في كل مكان داخل الجنوب وخارجه.

    وفي هذا السياق يلفت الانتباه أن مدخل "سفارة" حكومة الجنوب في واشنطن، وهي مكاتب أنيقة لا علاقة لها بسفارة كئيبة بئيسة عليها لافتة باهتة تقول إنها سفارة السودان في العاصمة الأميركية، وضع علم الحركة الشعبية في مكان يتيح لجميع زوار السفارة التقاط صور تذكارية إلى جانب العلم. ليس ذلك فحسب، بل إن جميع القادة الجنوبيين يضعون على بذلاتهم هذا العلم.

    هذه ليست أموراً شكلية بل هي مؤشرات دالة على أن الجنوب قطع شوطاً باتجاه دولة لم يتبق سوى أن تعلن رسمياً. حتى المجتمع الدولي بما في ذلك الامبراطورية المهيمنة ترسل إشارات مستمرة بأنها تتعامل فعلاً مع "دولة" وليس مجرّد حكومة إقليم. وآخر الإشارات ما ذكر في واشنطن من أن سلفاكير سيحضر الاجتماع الوزاري الذي ستترأسه كونداليزا رايس وزير الخارجية الأميركية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا ويضم دول المنطقة ويبحث مشاكل السودان، حيث حرصت الخارجية الأميركية الإعلان عن ذلك حتى قبل أن تنتقل رايس إلى المنطقة.

    إن طرفي اتفاقية نيفاشا يوشكان على رميها جانباً. السلطة الحاكمة في الخرطوم تفعل ذلك لأنها تلزمها بتغييرات ديمقراطية لا يرغب فيها أحد من الذين يتولون زمام الأمور منذ قرابة 18 سنة. والجنوبيون يقض مضجعهم أن يبقوا أسرى لاتفاقية تحتّم عليهم الإنتظار أربع سنوات أخرى حتى يرفرف علمهم فوق جميع المباني الحكومية في جوبا وملكال وواو وفوق مكاتب بعثاتهم الديبلوماسية، بدلاً من أن يكون العلم عبارة عن دبابيس صغيرة مثبتة على بذلاتهم.

    بعض أصحاب النوايا الحسنة اعتقدوا أن نيفاشا التي حققت السلام وهو سلام هش في كل الأحوال، ستأتي بالديمقراطية والحريات كذلك. بيد أن لا شيء يؤشر على أن هذا الفجر آت. أما الحريات فإن الأدلة قائمة كل يوم على انعدامها في بلادنا، وهي عملياً ضرب من الوهم والإيهام. ولا شك أن الطرفين اتفقا على بيع هذا الوهم للناس. وحتى على مستوى التفاصيل هناك ثقوب كثيرة في الاتفاقية لأن كل جانب كان همه أن يضع سياجاً يحفظ مواقع قوته، بيد أن أهم هذه الثقوب على الإطلاق هو حكاية الانتخابات التي تسبق استفتاء تقرير المصير.

    وهنا سأطرح بعض الافتراضات لنناقشها بمنطق الأشياء، أي بمقدمات صحيحة لنصل إلى نتائج سليمة كما يقول علم المنطق.

    * الافتراض الأول أن تجرى الانتخابات كما هو مقرر لها عام 2009، وتكون حرّة ونزيهة وتشارك فيها كل القوى السياسية وفق مبدأ تكافؤ الفرص، وأن يتاح للجميع أن يصلوا إلى الناخبين سواء بكيفية مباشرة (التجمعات والليالي السياسية) وهو ما يتطلب توافر إمكانات مالية للجميع على قدم المساواة، أو عبر وسائل الإعلام الرسمية المملوكة للدولة بحيث يحق للجميع استعمالها خلال فترة الحملات الانتخابية. إذا تحققت كل هذه التمنيات وانبثق عن هذه الانتخابات مؤسسة تشريعية حقيقية وارادت ممارسة حقها في مراجعة أو تعديل جميع الاتفاقيات، وهذا هو بالضبط دور البرلمانات، وشمل ذلك اتفاقية نيفاشا، في هذه الحالة كيف سيكون الوضع.

    * أذا جرت انتخابات ولم تتوافر فيها شروط النزاهة المطلوبة وانبثق عنها برلمان كسيح يأتمر بأوامر السلطة الحاكمة في الخرطوم متى ما رغبت هذه السلطة في تقنين بعض الإجراءات التي يعتبرها الجنوبيون حالياً إنها بمثابة خروقات، عندئذٍ كيف سيكون الوضع.

    * إذا إرتأت السلطة الحاكمة في الخرطوم عدم إجراء الانتخابات أصلاً، وهو أمر يوجد في صلب الاتفاقية، إذ يكفي اعتراض أحد طرفيها ولا تجرى هذه الانتخابات في هذه الحالة ماذا سيكون مصير البلاد برمتها وليس نيفاشا أو غير نيفاشا.

    * إذا افترضنا أن الأمور جرت كما تقول نصوص نيفاشا ونظّمت الانتخابات، ثم بعد ذلك جاء موعد الاستفتاء واختار الجنوبيون الانفصال كما هو متوقع، في هذه الحالة ماذا سيكون عليه حال البرلمان الذي انتخب مشتركاً بين الشمال والجنوب.

    * ثم إذا افترضنا أن الأحداث المتسارعة حالياً أدت إلى أن يمضي الجنوبيون إلى حال سبيلهم، ماذا سيكون وقتها مصير الانتخابات المرتقبة، خاصة أن السلطة الحاكمة في الخرطوم يمكن أن تقول ببساطة إن شركاءهم في الاتفاقية التي تدعو إلى تنظيم انتخابات لم يعودوا جزءاً من العملية السياسية وبالتالي لا يوجد ما يحتّم اجراء انتخابات.

    هذه الافتراضات جميعها محتملة وممكنة، وهي تؤكد ما كان يقال، والجانبان منغمسان في مفاوضاتهما الطويلة التي أدت إلى توقيع اتفاقية نيفاشا، من أن الاتفاقية ربما تحل مشكلة الحرب في الجنوب لكنها لن تأتي بالسلام والاستقرار سواء في الجنوب أو الشمال. وهي تبيّن فداحة الخطأ الذي اقترفته الحركة الشعبية في تهميش حلفائها في المعارضة الشمالية عندما قبلت شرط إبعادهم عن المفاوضات حتى ولو في وضعية مراقبين، كما تبيّن أن قبول معارضة الشمال التحالف مع حركة مسلحة في الجنوب كان خطيئة لأن ذلك التحالف لم يكن في كل الأحوال ليؤدي إلى ديمقراطية ودولة مؤسسات في الشمال كما تأمل هذه المعارضة.

    وكلنا نتذكّر كيف قام الجانبان بحملة نفسية للضغط على المعارضة غير المسلحة في الشمال كي تبتعد عن الطريق وتجلس على الأرصفة تنتظر ما تجود عليهم الاتفاقية من مواقع، وكانت كما نعرف مناصب هزيلة وفي بعض الحالات لم تكن حتى مناصب بل مجرّد امتيازات مالية ومادية.

    وكان من الواضح أن العلاقة ما بعد التوقيع على نيفاشا تحوّلت إلى علاقة انتهازية بين الجانبين، وفي علاقة على هذا النمط فإن الشركاء يتخلون عن بعضهم إذا بلغوا حافة الخطر وتوهم كل طرف منهم أنه يستطيع النجاة بنفسه تاركاً شريكه للذئاب الجائعة تنشغل به عن مواصلة المطاردة.

    إن ثقوب اتفاقية نيفاشا لا يمكن رتقها وهي تتسع كل يوم. والمكابرون وحدهم الذين يقولون الآن إنها تشكّل أساساً صالحاً لبناء «سودان جديد». إنها لم تعد صالحة لبناء أي شيء.

    جريدة "الصحافة" 7 ديسمبر

    [email protected]


                  

12-08-2007, 03:34 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25040

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: Mustafa Mahmoud)

    Quote: ثقوب اتفاقية نيفاشا لا يمكن رتقها وهي تتسع كل يوم


    well said Talha
                  

12-08-2007, 06:28 PM

د.فاروق ابوكساوي
<aد.فاروق ابوكساوي
تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 695

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: حيدر حسن ميرغني)

    هي ثلاثية وقدها رباعي
                  

12-09-2007, 09:20 AM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: د.فاروق ابوكساوي)

    فاروق ابوكساوي
    هي ثلاثية وقدها رباعي

    thanks
                  

12-08-2007, 09:53 PM

Mustafa Mahmoud
<aMustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: حيدر حسن ميرغني)

    حيدر حسن ميرغني
    Quote: ثقوب اتفاقية نيفاشا لا يمكن رتقها وهي تتسع كل يوم



    well said Talha

    thanks
                  

12-08-2007, 10:33 PM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10829

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: Mustafa Mahmoud)

    ربما كانت الإتفاقية معيبة، ما من جدال في ذلك، ولكن العيب الإساسي هو في طبيعة السلطة الحاكمة في السودان (الديكتاتورية) وكيف يتسقيم الظل (الإتفاقية) والعود (السلطة الموقعة وحامية للإتفاقية) أعوج. ومن الطبيعي أن تفرز إتفاقية كهذه سلاما هشا، ولكنه سلام علي أيه حال، وهو خير من الحرب بكل المقاييس. وتبقي النقطة التالية في الترتيب وهو التحول الديمقراطي. ولا أظن أن المعارضة بهذا القدر من السذاجة لتنتظر من السلطة الحاكمة أن تقدم رأسها في طبق (التحول الديمقراطي والإنتخابات الحرة النزيهة)، ولكن قوانين اللعبة السياسية تقول أن علي المعارضة أن تدعم السلام وتعمل في إتجاه الوحدة، وهذا عدا عن أنه مطلوب في ذاته، من شأنه أن يضعف سلطة لا تعيش وتنتعش إلا في أجواء الحرب. والسلام مقدمة ضرورية للتحول الديمقراطية، خاصة وأن الشرعية الوحيدة (المفترضة) لهذه السلطة هي الحرب (دفاعا عن الأرض والعرض، كما كانوا يقولون)، وبتخليها (مكره) عن شرعية الحرب فإن السلطة سوف تحتاج لشرعية أخري، سوف تبحث عنها بالضرورة في إنتخابات صورية، وستجبر أن تقدم ما تظنه تنازلات مؤقتة لصالح حكم مستدام ذي شرعية (بالإنتخابات)
    وهذا الإضطرار من قبل الحكومة مما يلزم الإهتمام من قبل المعارضة والمهتمين بالشأن السوداني عموما.
                  

12-09-2007, 07:23 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثقوب نيفاشا أصبحت غير قابلة للرتق (Re: Mustafa Mahmoud)

    أزمة شريكي نيفاشا
    محصلة طبيعية لبداية وحسابات خاطئة

    منذ بروتوكولات ماشاكوس، كنا ضمن قلة من الحادبين على مصلحة الوطن أبدوا تحفظات واضحة عليها إنسحـبت لاحقـاً على إتفاقيـة نيفاشـا نفسهـا، دون أن نعارض إيجابيات وقف الحـرب والتمـهيد لإمكانية النضال من أجل تحول ديمقراطي لاتكفله الإتفاقية بذاتها بأي حال من الأحوال. ولقد لخصنا تحفظاتنا وملاحظاتنا التي تراكمت في مايلي:

    1. تمت هندسـة الإتفاقية على أساس صراع متمحور شمال/جنوب مع إعتماد المؤتمر الوطني ممثلاً للشمــال والحركـة الشعبيــة ممثلاً للجنوب، مما أدى إلى معالجـة تبنت خلق دولـة هجين علمانيـة في الجنوب ودينيــة في الشمال وفقاً للقسمة بين شريكي الإتفاقيـة. هذا الخلل الجوهري أدى إلى أن تكون الحقوق المكفولـة بموجب الإتفاقيـة حصراً على الجنوب في حين إسـتأثر المؤتمــر الوطني بالشمــال يشـرع لـه حسب فهمـه الإسـتبدادي للشريعـة الإسلاميــة وفقـاً لدسـتور نيفاشـا الذي كـرس الشريعــة الإسلاميـة كمصـدر للتشـريع الفيـدرالي في شمال البلاد. وبالتالي أصبحت الإتفاقية مجرد صفقة بين جنوب تحرر من قبضــة المؤتمر الوطني وشمـال ترك لمصيره تحت حكـم الإستبداد المتـأسلم. لذلك ومنذ البداية جاءت نيفاشا مشروعاً لدولتين تنكرتا في شكل دولة واحدة بقدرة قادر.

    2. وضـع الصفقــة أعلاه، يجعـل التطورات الإيجابيــة في الشمـال تظهر بمظهر المنـح من المؤتمـر الوطني لأن حدوثها عرضي لا أصيل يحفزه تواجد ممثلين للحركة بالحكومة المركزية والحفاظ على رمزيـة الشراكـة والإلتزام تجاه المجتمع الدولي الضامن للإتفاقيـة، ولاتظهـر كحق مكتسـب لجماهير الشعب السوداني في الشمــال، وهي الجمــاهير التي ظلمهـا التجمـع الوطـني بتوقيع إتفاقيــة القاهـرة الهزيلــة- مـن مـواقع الإلتحـاق بصفقــة نيفاشـا- والتي لم ولن تنفــذ على ضعفها إلا في النقـــاط التي تكـرس إحـتواء المؤتمر الوطني لمعارضيـه الشمالـيين مـثل إستيعـابهم تعيينـاً بالبرلمانـات الوهميــة الراهنــة. وليس من المـستغرب أن يقـول الأسـتاذ/ التيجاني الطيب أحد موقعي إتفاقيــة القـاهرة أنـها "راحت شمار في مرقـة" لأن هذا المآل كان مـنظوراً منذ لحظـة توقيعها للإلتحـاق بركب نيفـاشا من مواقع متخلفــة. تقييم قوى التجمـع الوطني الديمقراطي الخاطئ لإتفاقيــــة نيفاشـا الذي دفعـه للتهافت وتوقيع ماسمي بإتفاقيـــة القاهرة، نتج عنه تداعيـــات مريعــة مثل مشاركـة بعض قواه في الحكومــة ودخول قوى أخرى برلمانات معينة لاسلطة فعلية لها لهيمنة المؤتمر الوطني عليها، وجعل من نيفاشا نصـاً مقدســاً إستخدمه الشريكان في إبتزاز هذه القـوى، بإشتراط الموافقــة عليــه لتسجـيل الأحزاب، وأصبح عائقاً أمام حلحلـة النزاعـات الأخرى بإعتباره سقفــاً لايمس في أي مفاوضات مع الحركــات المسلحة.

    3. إتفاقيــة نيفاشـا حـددت معـالم الدولـة الهجين الخرافيــة، ولكنهـا لم تتعرض من قريب ولا من بعيد لبرنامج حكومـة الشراكـة المسمـاة حكومـة الوحدة الوطنيـة لاحقاً، فهي لم تعالج الأزمـة الإقتصادية، ولاخاطبت الإفقــار المنظم، ولم تعالج مسألـة الفساد، ولا مجانية التعليم والعلاج ولا قضايا الإصلاح الإداري ومشكـلات المفصولين تعسفياً ولا آليـات ضمـان إسـتقلال القضـاء حـيث تركت هذه الأمـور لجهد الشريكين أو لمفوضيات لاحول لها ولاقوة. وبكل أسف لم تكن للحركـة الدراية الكافية للمطالبـة بأن يكون لحكومـة الوحدة الوطنيـة بيان وزاري يشكل برنامجهـا ويعرض بعد إتفاق الشـريكين عليـه على البرلمـان المزعوم للإجازة ليصبح برنامجاً مجازاً وملزماً. ولهذا كان من الطبيعي أن تجد نفسها تنفذ برنامج حكومة المؤتمر الوطني دون زيادة أو نقصان.

    4. راهـن المؤتمـر الوطني منذ البدايــة على غموض الإتفاقيــة والتزاوج غـير الصحي بـين نقيضين (الدولـة العلمانيـة والدولـة الدينية) مع غياب برنامج حكومي ملزم حال و آني التطبيق، بالإضافة إلى دائرة الفساد المرعبـة التي خلقتها دولـة الإنقاذ، وضعف خبرة الحركة في الحكم بشكل عام وإنعدامها في الحكـم المـركزي، مع أغلبيـــة مريحــة في البرلمانـات المزعومــة، لينـتقل من إقصــاء الحركــة ومحاربتها إلى إستيعابها وإحتوائها والعبث بوحدتها ومن ثم إفقاد المواطن الثقـة فيها بإفراغ الإتفاقيـة من جوانبها الإيجابية تمهيداً للنكوص عنها.

    5. نجـاح المؤتمر الوطني في إقناع الحركـة الشعبيــة والمجتمع الدولي بأنـه الوحيد القادر على توقيع نيفاشا وتنفيذها، مما جعـل الحركــة تدير ظهـرها لحلفائهـا في التجمـع وتصـدر تصريحات من بعض قيادييهـا برفـض التحـالف معهم في الإنتخابات النقابيــة ( إتحـاد المحامين كمثال). فالحركــة توهمـت أن إطـلاق يدها جزئياً بالجنوب، مؤشـراً يسمح للجـنوبيين لاحقـاً بممارسـة خيــارهم في الإنفصـــال، وأن المؤتمر الوطني جاد في تطبيق الإتفاقيـــة في هذا الجانب لـذا آثرت عدم إستفزازه في قضايا تهم الشمال بالأســاس تحت دعاوى أنه ليس المطلوب منها أن تناضل نيابـــة عن الشماليين. ولكنها نسيت أنهـا لديهـا إتفاقيـــات مع قوى التجمـع الوطني سابقــــة لنيفاشـــا للنضـــال معـــاً مـن أجــل ســـودان جــديد حــر وديمقــراطي، كما أنها نســيت أن النضـال من أجل التحول الديمقراطي هو شرط تطبيق الإتفاقيــة التي لن يطبقهــا المؤتمــر الوطني إلا تحـت ضغط جمــاهيري شمالي وجنوبي فاعل وليس بموجب ضغط دولي تسعى إليه الحركــة ويعرف المؤتمر الوطني سقوفـه وحدوده. ويبدو أن الحركة قد فات عليها أن عدم تطبيق المؤتمر الوطني لماهو أقل من الإستفتاء للإنفصال، مؤشر لحتمية عدم تطبيقه للإستفتاء.

    6. أخطــأت قوى التجمع الوطني الديمقراطي، حين روجت لإتفاقيـــة نيفاشا بإعتبارها وثيقـة للتحول الديمقـراطي، وذلك لأن الوثيقــة لاتجاوز حالــة كونها أداة لخلق إنفراجـة وهامش ديمقـراطي يسمـح بنضال أوسع من أجل التحــول الديمقراطي، نتجت عن صفقـة بين شريكين وفقاً لتوازن القوى بينهما وشـروط المجتمع الدولي. فهي قد حافظت على الدولــة الدينية في الشمال، وأعطت المؤتمر الوطني اليد العليا في الحكومــة والبرلمانات الوهميــة، ولم تضع آلية فاعلــة لإستقلال القضـاء بوصفه شرطاً أســاسياً للتحـول الديمقـراطي. ولانظن بأن نصها على الإنتخابات المزمع عقدها يخرجها من تصنيفنا لهـــا كمجرد أداة إنفراج ناتجـــة عن صفقـة، وذلك لأن هذه الإنتخابـات تتـم في ظــل دســتور غـــير ديمقراطي كرس الدولة الدينية في الشمال، كما أنها مرهونة بإرادة الشريكين اللذين يستطيعان إلغائها وفقـاً لمشيئتهمـا المشتركـة إذا فضلا إستمرار شراكتهمـا دون هزات محتملـة فيمـاإذا تمـت إنتخـابات نزيهــة إستعدت لهـا كل القوى.لذلك كان على قـوى التجمع الوطني الديمقراطي، أن تنـأى بنفسها عن تسويق الإتفاقية كوثيقة للتحول الديمقراطي، وأن تناضل من أجل سقف أعلى يضمن تحولاً ديمقراطياً حقيقياً من خارج مؤسســات نيفاشــا وليس من داخلهــا. فدخـول هـذه المؤسســات حتى وإن كـان مـن مواقع المعارضــة في البرلمــانات كمــا فعل الحزب الشيوعي، كان خطـأً جسيماً جعل من هذه القوى جزءً من تطــبيق الإتفاقيـــة، وتضــلـيلاً للقــوى المعنيـــة بالإصــلاح الديمقراطي الفعـــلي، وإهـداراً لجـهد كبير في مؤسسات غير ديمقراطية لانفع فيها.

    7. أخطـأت قـــــوى التجمـع الوطني الديمقراطي حين اعتـبرت أن تجـاوز الحركــة للتجمـع وقبـــول المفاوضـــات الفردية وصولاً لتوقيع إتفاقية منفردة، أمراً طارئاً نتيجة لتوازن الضعف بينها وشريكها وتدخل وضغـوط المجتمع الدولي، فممارسات الحركـة بعد الوصول للسلطـة توضـح أن هنـاك تيـاراً سائداً يعالج المسألـة السودانيـة وفقاً لمفهوم جنوب/شمال لابإعتبارها أزمة كل السودانيين في مواجهة نخبـة الرأسمال الطفيـلي الحاكمـة. لذلك كان من الخطـأ التعامـل مع الحركـة بإعتبارها فصـيل مـعني بقضايا قوميـة وتأجيل الصراع معها حول قضايا الديمقراطية وإنقاذ الوطن بوصفها شريك أصيل في السلطة.يلاحظ أن جميع القوى السياسيــة المعارضـــة ليس لها تقييم علمي للحركة الشعبية التي ألغت برنامجها الإستراتيجي (المانفستو) منذ العام 1995 وبشرت ببرنامج جديد لم ير النور حتى تاريخه، وتعاملت مع مقررات أسمـرا كبرنامج مرحلي سرعان ماتخلت عنه لمصلحـة نيفاشا المقدســـة لديها، وهي أيضاً لا تمتلك برنامج لحكومـة مركزيـة، وأضعف من أن تسيطر على الجـنوب وتنجز برنامج تنموي به، كما أنها تحتوي على تركيبة إجتماعية معقدة قابلة للإنفجار.

    8. أخطأت قوى التجمع الوطني- وخصوصاً الحزب الشـيوعي السوداني الذي أطلق المصطلح- حين بنــت حساباتهـا على ما أسمتــه توازن الضعف دون أن تحسـب مســتوى هـذا الضـعف وتصـــل إلى أن ضمـن هذا التوازن المحكـوم بمتغــير دولي، يظـل المؤتمـر الوطــني أقوى من الحـركـة الشعبيــة وقوى المعارضــة المشتتـــة وغيـر الموحــدة. والغريب في الأمــر أن هـذه القـــوى ركـنت إلى هــذا التحـــليل الصحيح في عمومياتـــه في لحظــة تاريخيـة سابقة، دون أن يكون لها تقييم لإنقسام الجبهة الإسلاميــة أسـبابــه ونتـائجـه ومآلاتــه، مـثلمـا أن الحـركــة الشعبيـــة تـركــن إلـى المـجتمع الـدولي متناسيــة أهميـــــة المؤتمــر الوطني في حرب الولايات المتحدة على التنظيمات الإسلامية الأصولية وفي تطبـيق روشتـة صـندوق النقـد الدولي والمؤسسات الماليـة الدولية داخلياً بعنف وإقتدار وشراسة غير مسبوقــة. فالعامل الدولي المؤثر بالفعـل، لايدفع في إتجــاه إسقــاط المؤتمر الوطني بل في إتجاه الضغط عليه لتنفيذ ماتبقى من أجندة تخدم الجهات الخارجيـــة المعنيــة، لم ينفذها الحزب الحاكم حتى الآن، وتعـتقد تلك الجهـات – وهي محقــة في ذلك- أنه ليـس هنـالك من هو أقدر منه على تنفيذها.

    لماتقدم من أسبـاب وأخرى غـيرها لايمكن أن نحصرها في هذه العجالـة، جاءت الأزمـة الراهنـة بين شريكي نيفاشـا كمحصلـة طبيعية لبداية وحسابات خاطئة، مما يبشر بحدوث أزمات أعمق لاحقاً. ففي تقديرنا أن هذه الأزمـة سوف تسفر عن إصلاحات شكليـة لإعادة الحركـة الشعبية لمقاعدها بالحكومة المركزيــة، توطئـة لإنجـاز التحالف الإنتخـابي المرغوب دوليــاً لخوض الإنتخابات القادمــة، والذي يتكون من المؤتمر الوطني والحركـة الشعبيــة وجبهـة الشرق وحركات دارفور بعد إدخالها طوعاً أو كرهاً في إتفاقيــة مهندســة دولياً، وهو تحالف سيكون شعاره حكومـة منتخبة تنفذ الإتفاقيات المبرمة، وأداته تخويف القوى الموقعـة على الإتفاقيات بأن قوى المعارضة غير معنية بتطبيق الإتفاقيات لأنها ليست طرفاً فيها، وأنها لاتستطيع التنفيذ حتى وإن رغبت لضعفها.





    أحمد عثمان
    أكتوبر 2007
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de