الاسلام والدوله الحديثه..... مقاربه معرفيه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 10:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-05-2007, 06:32 PM

فتح العليم عبدالحي

تاريخ التسجيل: 08-07-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاسلام والدوله الحديثه..... مقاربه معرفيه

    الاسلام والدوله الحديثه مقاربه معرفيه

    اعداد
    فتح العليم عبدالحي عبدالله















    الاسلام والدوله الحديثه
    مقاربه معرفيه

    فتح العليم عبدالحي عبدالله

    موضوعة الإسلام والدوله الحديثه من الموضوعات اللامفكر فيها في السياق الإسلامي المعاصر اذا ان غالب الأدبيات الحديثة تتناول نظرية السلطة في الإسلام تناولا يقوم علي إغفال مفارقة الدولة الحديثة لانماط السلطه التي تاسس الفكر السياسي علي مقاربتها وقامت نظريته محكومة بمنطقها وبنيتها والدوله الحديثه نمط من الحكم له نسقه الخاص ومنطقه الذي يقتضي مقاربه فكريه مغايره للمقاربات السائده.
    جدلية الاسلام والسلطه
    لقد تعامل العقل الاسلامي مع موضوع السلطه وانتج تعاطيه مع هذا الموضوع انواعا من الخطابات يمكننا ان نجملها في الاتي:
    اولا رؤيه سلفيه ماضويه

    : وهي رؤيه تقوم علي الاستلاف المجاني لتجارب المسلمين التاريخيه واطروحاتهم السياسيه التي تشكلت كاستجابه لنموذج موسسة الخلافه التاريخي وهو نموذج يقوم عقده علي مفهوم الامامه التي تسوس الدنياوتقيم الدين فعملوا بهذا الوجه من النظر علي استعادة نسخه تاريخيه من خلال اعادة صياغه لافكار الماوردي في الاحكام السلطانيه وابن تيميه في السياسه الشرعيه والجويني في الغياثي.
    وهو ضرب من الانتاج المعرفي الكسول الذي يقوم علي فنتازيا مدهشه تغفل بسذاجه غريبه الفوارق التاريخيه بين العصر الحديث وعصور المسلمين الاولي ويتاسس هذا النمط من التفكير علي ابنيه معرفيه تقوم علي الفرضيات التاليه:

    1-ان هنالك جوهر ثابت للسياسه في الفكر الاسلامي وشكل ثابت للدوله يستلزمه هذا الجوهر ويقتضيه ومنهج مفصل اللاشكال الوظيفيه الجزئيه للدوله وطرائقها الاجرائيه في ادارة الشان العام ورؤيه محدده لتداول السلطه تداولا سلميا من خلال اجراءت للمحاسبه والحزم وللاختيار والعزل وهذا امر تكذبه طبيعة النصوص الوارده في هذا الشان "السلطه والامرة والحكم" اذ انها نصوص ذات طبيعه مقاصديه تقدم رؤي فلسفيه ومقاصد قيميه ومفاهيم تاسيسيه ولاتنزع منزعا قانونيا يقوم علي الاجراء والتدبير
    2- ويتاسس هذا الوجه من النظر كذلك علي فرضية تنظر الي ادبيات الفكر السياسي الاسلامي وتتعامل معها باعتبارها مجرد تراكم معرفي لاكمفاهيم اطرها مناخ سياسي اجتماعي ساهم في بلورتها الي جانب عوامل اخري وهي بذلك تتغافل عما هو معلوم بداهة من ان المفكر او الكاتب المنتج لهذه الافكار والادبيات هو ابن هذه البيئه بكل ما تمور به من احوال واطوار خاضع لاكراهاتها وضغوطاتها وفي هذا كله هو محكوم ببنية الامكان المعرفي وماتحتمله اطر المجتمع المؤثره في انتاج المعرفه.
    /3وتكشف هذه المراجعه ان هذه الادبيات كانت استجابه لتحديات زمانيه ومكانيه تهدف الي تحقيق المصالح والمفاسد محكومه في ذلك بالبنيه المجتمعيه ومستجيبه لمطلوبات الحراك الاجتماعي والسياسي محققه للمسلمين كسبهم التديني متمشيا مع منطق الوقت وجأت الادبيات الحديثه التي أزدحمت بها المكتبه الاسلاميه ليس فيها الا اعادة الانتاج التكراري لمقولات السلف بصياغه حديثه ولغه مغايره ومصطلحات مباينه ونقل مجرد للافكار من الكتب القديمه الي الورق الحديث المصقول وهو طقس معرفي كسول يفرح به العاطلين عن الكدح الذهني والكسب المعرفي المصابين بذهان الاستسهال في مصطلح شهيرللمفكر الجزائري مالك بن نبي
    /4ويتاسس علي نظريه تري انه ليس في الامكان ابدع مما كان وانه ما ترك الاول للاخر باب من الكسب المعرفي يمكنه ان يتعبد الله به اذا ان ما لم يكن اذ ذاك دين لم يكن اليوم دين.
    وخيرالامورالسالفات علي الهدي
    وشرالامور المحدثات البدائع
    فسدت بذلك فوهة التاريخ واغلقت اضبارته برتاج ووقف علي باب المعرفه سدنه لهم معابد ولهم في النفوس اسطره ولقدمهم وهج (سلطة السلف).
    5-ويتاسس علي نظريه تستبطن ثبات الزمن وسكون التاريخ وخلود الوقائع فليس لنا من المعرفه الا التكرار وما علي العقل الا الحفظ والاعاده والاستذكار مع ان التراث الاسلامي حافل بالمقولات المستنيره التي انتبهت لفوارق الزمان والمكان واثرها في تشكيل المعارف وبناء الافكار فتحدث أبن القيم في كتابه اعلام الموقعين عن انه لاينكر تغير الفتوي بتغير الزمان والمكان والعوائد والاحوال و عقد الامام القرافي مصنفا اصوليا متميزا اسس فيه للفارق بين تصرفات النبي صلي الله عليه وسلم بصفته رسولا مفتيا مبلغا للوحي وبين تصرفاته قاضيا حاكما ورجل دوله(الاحكام في تمييز الفتاوي من الاحكام وتصرفات القاضي والامام).
    ثانيا الرؤيه التلفيقيه

    في مقابل هذه الرؤيه السلفيه الماضويه وبفعل تحدي الحضاره الغربيه واستفزازها للعقل المسلم وما دفعت به ازاء هذا العقل من تحديات فكريه لم يكن العقل الاسلامي يمتلك رصيد فكري لمواجهتها والتصدي لها فلجأ الي حيلة مشهوره تلجا اليها الشعوب المغلوبه كواحده من وسائل الاستجابه الدفاعيه ضدالحضاره الغالبه وهي تحاول بهذه الحيله ان تحفظ انتماءها وتحمي عقيدتها وفي ذات الوقت تواجه التحديات الفكريه التي لايمكنها تجاهلها وذلك عبر اعمال منهج معرفي يمكننا ان نسميه المنهج التوفيقي اذا تسامحنا في التسميه اوالمنهج التلفيقي اذا تلمسنا الوضوح والاستقامه المنهجيه وهي تلفيقيه تقوم علي استراتيجيتين
    اولاهما: استيراد النظم والمفاهيم من الفكر الغربي بدعوي ان الحكمه ضالة المؤمن اني وجدها فهو احق الناس بها وباعتبار انها وسائل نافعه اخذها الغرب قديما من المسلمين علي أثر احتكاكه بهم علي عهد سيادتهم الفكريه وتفوقهم الحضاري فالعقد الاجتماعي مأخوذ من البيعه ومفهوم الدستور يحيل الي وثيقة المدينه ونظرية الديمقراطيه هي ذات نظرية الشوري.
    ثانيهم :أعادة تاويل النصوص الدينيه تاويلا لايقوم علي مراعاة منطق النص الداخلي ولكنه يقوم علي قراءه ايدويولوجيه تقوم باسقاط المفاهيم الحديثه علي النص وتوظف النص من خلال هذه القراءه القسريه وذلك لاستيعاب المنجزات الحديثه داخل نسقه المعرفي وبناءه الفكري تحت دعوي التاصيل فاصبح النص الذي انزله الله مرجعية وحكما وقولا فصلا، محكوما من خارجه ومتمشيا مع اراء الرجال وخاضع لاجتهادات الافراد وكاتب هذه السطور لايغفل عن حقيقةدور العقل البشري في فهم النص والنطق به (فالقران خط مسطور لايتكلم انما يتكلم به الرجال) ولكنه يري ان هناك فارق معرفي بين قراءه للنص من داخله وعبر منطقه الخاص في الدلاله وبين قراءه تدخل علي النص بمسبقات ورؤي من الخارج تحمل النص عليها.
    والرؤيه التلفيقيه تغفل اوتتغافل عن الحقائق التاليه :-

    اولا القانون الذي يحكم تحول وهجرة الافكار الذي يقوم علي ان الافكار لاتتحول كما تتحول الاشياء بل حركة الافكار من سياق ثقافي الي سياق اخر تؤدي الي تحول في بنية هذه الافكار من خلال تاثرها بالسياق الجديد وتاثيرها فيه كما ان للافكار جغرافيتها التي برزت فيها ونسقها المعرفي الذي تعبر عنه مما يستدعي اجراء تحويرات اساسيه في هذه الافكار لاجل تبيئتها لتتلام مع البيئه الثقافيه الجديده اما الاخذ المجرد بدعوي انها ادوات محايده لاارتباط لها بالسياق الثقافي فهي مثل السكين يذبح بها المؤمن والكافر فالوسائل لاتعلق لها بالاطار التصوري كما عبر عن هذه الرؤيه ابن رشد في فصل المقال فهذا الكلام علي اطلاقه يعبر عن خلط منهجي خطير له اثاره علي الرؤيه الكليه وعلي فاعلية وجدوي الوسائل والادوات المستخدمه.
    فالرائ عندنا انه ينبغي التفريق بين الوسائل في حقل العلوم المرتبطه بملاحظة الاشياء "العلوم الطبيعيه" والعلوم المرتبطه بملاحظة الافكار والغايات"العلوم الانسانيه"أ والعلوم المعياريه ففي الاولي يصح القول بحيادية الوسائل اما في الثانيه فليس كل وسيله ثبتت فاعليتها ومردوديتها لاداء غرض معين تصلح لاداء ذات الغرض في بيئه اخري ويتبدي ضعف منطق هذه النظره الاداتيه في تعامل المسلمين مع مفهوم الدوله الحديثه باعتبار انها اداة يمكنها ان تقوم بذات وظائف دولة الامامه وادوار موسسة الخلافه التاريخيه وذلك بان تقيم الدين وتسوس الدنيا غير منتبهين للفارق بين النموذجين فالدوله الحديثه في اصل نشاتها وعقدها دولة اداره لا دولة امامه مما يستدعي اجتهاد جديد للتعامل معها يقوم علي التمييز في الوظائف والادوار وتقسيمها وهذا باب من المعرفه قد نعود له لاحقا وينطبق هذا القول علي الحزب ككيان سياسي اتخذته الحركات الاسلاميه وعا ء تنظيمي للقيام بادوار هذه الحركات التي تتباين عن الحزب مباينه ظاهره في اهدافها ومقاصدها وطبيعة مهمتها فكان الناتج ان خضعت هذه الحركات لمنطق الحزب فاصبحت البنيه التي تحكمها هي البنيه السياسيه وتضخم السياسي وتقلصت الجوانب الاخري من ثقافي واجتماعي وغيره وهذا ناتج طبيعي يستلزمه عدم الانتباه لطبيعة الحزب ككيان سياسي هو جزء من نتاجات التجربه السياسيه الغربيه وواحد من لوازم العقد الاجتماعي للدوله الحديثه
    ثانيا وتغفل هذه الرؤيه التلفيقيه كذلك انه اذا صح ان الغربيين اخذوا مفاهيم الديمقراطيه والعقد الاجتماعي وغيرها من الحضاره الاسلاميه فانهم اخذوه كمواد خام ومفاهيم عامه وقيم اخلاقيه وقاموا بتطويرها وحولوها الي بناءات ماديه واشكال مؤسسيه واوعيه تنظيميه تجسد هذه المفاهيم وتعبر عنها فمن التبسيط بمكان القول بان هذه بضاعتنا ردت الينا.
    علما بان كاتب هذه السطور لايتبني وجهة النظر القائله بان النص القراني نص منجز بذاته وانه نص مفصل لكل الاحكام المتعلقه بالعقيده والعباده والسياسه والاقتصاد وانه جاء حامل للمعارف الانسانيه جميعا علي مستوي الاصول والغايات والوسائل والادوات وبالتالي العقل المسلم لايحتاج الي الانفتاح علي المصادر المعرفيه الاخري وهو قول ينتهي بنا الي تبني رؤيه مغلقه (دوغمائيه) وينتج نسق معرفي دائري لكن الذي اراه ان العقل الاسلامي له ادواته وطرائقه المعرفيه وجهازه المفاهيمي وله القدره علي استخراج نموذجه الفكري واستنباط مقولاته الاساسيه المستوعبه للنشاط الانساني علي مستوي الثقافه والفكر والسياسه والحكم والاقتصاد والمال والاجتماع والاسره وذلك من خلال منهجيه تلتزم باحكام الوحي فيما فصله وبينه او فيما وضع له اصول وقواعد وأطر ومحددات مستصحبة ميراث الفطره البشريه التي غذتها النبوات مستفيدة من خبرات الوجود الانساني والعقل البشري مستوعبة واقع الحال (مكانا وزمانا) منتفعة بالحكمه عاملة علي تبيئتها لتتلام مع السياق الاسلامي.
    ثالثا الرؤ يه الحداثيه

    في مقابل الرؤيتين اللسلفيه والتلفيقيه تبنت بعض الاتجاهات الفكريه رؤيه حداثيه (ونحن نستخدم كلمة حداثه هنا بمعني استلهام النمؤذج الغربي في التحضر والنهضه ومحاكاته بعيدا عن مرجعيات الامه واصولها في التفكير )
    وهي رؤيه تقوم علي منطق ضعيف وعلي محاججات يمكننا ان نجملها في :
    1- ان الفكر الاسلامي سواء في مصادره الاساسيه او تجربته التاريخيه لم يعد قادر علي التعاطي الفاعل والاستجابه الواعيه لتحدي الحداثه وما افرزته من اشكالات معرفيه تحتاج الي تاسيس ومشكلات عمليه بحاجه الي حلول ومعالجات ويصدق ذلك بوجه خاص علي مجالات السياسه والحكم اذا اننا نعاني حاله من الفقرالمعرفي المدقع والبؤس السياسي في هذه المجالات وقد سبقتنا الامم في هذا المجال سبقا شديدا فقدمت نماذج للحكم تقوم علي الحريه والديمقراطيه والشفافيه والمحاسبه ومراعاة حقوق الانسان مع الحق في التداول السلمي للسلطه تنافسا بين التكوينات السياسيه وتسابقا في تقديم البرامج التي تساعد في تنميه الامم وتطوير المجتمعات فاذا كان ذلك كذلك فانه ليس للامه الاسلاميه من سبيل وقد دارت عليها دورة التاريخ وادار لها ظهره ليس لها الاان تعمل علي ان تحتذي حذو الامم الاخري وتحاكيها في تجاربها وتقتفي أثرها في عقيدتها وتقافتها وفي سلوكها وتقاليدها وفي اخلاقها واذواقها في (خيرها وشرها وحلوها ومرها في اكلها بالشوكة والسكين ) كما دعي الي ذلك الدكتور طه حسين رحمه الله.
    2-وهي كذلك تقوم علي ان التاريخ يدور في خط تصاعدي من الطور الادني الي الاعلي وان النسخه الحاليه من صور الحضاره هي ارقي نسخه يمكن ان يصل اليها الوجود الانساني في نموه وتطوره وهي معيار التقدم ومؤشر اكتمال الؤعي الانساني ونهاية تاريخ التطور (طور العلم) متاثرين بدور ة اطوار الوعي عند اوجست كونت التي تنتهي بالعلم في مقابل الدين.
    ويمكننا ان نواجه هذه الرؤيه بالمحاججات التاليه:
    1- ان هذه الرؤيه التي تدعو الي الدخول في الحداثه تقوم علي المطابقه بين مفهوم وروح الحداثه وبين النموذج الغربي للحداثه الذي هو تعبير تاريخ زمني والمطابقه بينه وبين الحداثه وقوع في اثر مركزية الحضاره الغربيه انسياقا مع مقولات باليه من قبيل ان الغرب هو التقدم والشرق هو التخلف وان العقل والتفلسف من نصيب الغرب وان الروح والاشراق من نصيب الشرق وان العقل العربي في تكوينه البنيوي غير قابل للتعاطي مع العصر والتواصل مع منجزاته وهي بقايا مقولات الخطاب الاستشراقي الغربي التقليدي وقد حدثت كثير من الخلخله والتفكيك لهذه المقولات مما كشف عن تحيز العقل الغربي في مقابل موضوعية موهومه وعن عنصريته في مقابل انسانيه مدعاة وقد ساهمت كتابات ما أصطلح علي تسميتهم بفلاسفة التفكيك مثل ميشيل فوكو وجاك دريدا ودراسات المفكر الفلسطيني ذائع الصيت ادوارد سعيد رحمه الله في الكشف عن أشكالات العقل الغربي وتبيان منطق التمركز والهيمنه ونزوعات التسلط والاخضاع التي تستبطنها هذه الحضاره في اطروحاتها ومعارفها الاساسيه
    2- لذلك يستقيم في هذه اللحظه الفكريه أن نتحدث عن حداثات متعدده لاحداثه واحده وعن اشكال متنوعه من الاستجابه لجدل الاصل و العصر ولسؤال الدين والحداثه ،محكومه بالاطار التصوري لكل امه ونسقها الفلسفي ونمؤذجها القيمي لان التنوير في جوهره هو استجابة الانسان لتحديات الزمان والمكان بلا وصايه من احد علي عقله ويستوي ان تكون هذه الوصايه من السلف الصالح اوالخلف الطالح اوالحضاره الغربيه.
    3/ ينبغي الانتباه للفوارق الثقافيه بين الامم والي نسبية مفاهيم ومقولات المفاضله والتقييم مثل التقدم والتخلف والحديث والتقليدي والبدائي والمتطور فقد كشفت الدراسات والبحوث التي قام بها عدد من جهابذة الانثربولوجيا المعاصرين ابرزهم كلود ليفي استراوس وبعض مساعديه ان كثير من الشعوب التي تدرس في العلوم الاجتماعيه باعتبارها شعوب متخلفه وبدائيه كشفت انها تمتلك رؤيه تصوريه واضحه ونظام للقيم وشكل من اشكال السلطه والتنظيم ونمط من التصنيف للاشياء وتوظيف واضح للغه ونظام العلامات وقد احدثت هذه الدراسات انقلاب معرفي هائل في الفكر الغربي والعلوم الانسانيه فبان بذلك ما قدمناه من ان لكل امه شكل من اشكال الاستجابه لتحدياتها الحضاريه من خلال نماذج للحكم واشكال للتدبير وطرائق لتنظيم حيواتها وليس هنالك نمؤذج واحد واجب الاحتذاء.
    ان تجارب الامم التي قامت علي استلهام التراث والبناء علي المرجعيات والتجديد من الداخل والبناء علي الاصل والنهوض من داخل ثقافة الامة واصولها في التفكير مثل تجربة النهضه في الصين اوتجربة النمور الاسيويه(ماليزيا مثلا) هذه التجارب كانت محاولات ناجحه للجمع بين الاصاله والمعاصره وهي تكشف بذلك ان الامم تنهض بالتجديد من الداخل والبناء علي اللحظات المضيئه من تاريخها
    *محاولات معاصره
    قدم عدد من المفكرين الإسلاميين المعاصرين رؤى فكريه جديده حاولوا أن يقاربوا من خلالها مسالة الإسلام والدوله باطروحات تجتهد في أن تستوعب إشكاليات المحاولات السابقة وتتجاوزها ،فلم تكن رؤاهم مجرد قراءه ماضويه سلفيه تستعيد مقولات السلف ولا قراءه تلفيفيه تسعي لا ن تقدم رؤيه جامعه بين التراث والمعاصر عبر تركيب قسري لعناصر متباينة الأطر الفلسفية والسياقات الاجتماعية، بل كانت قراءتهم تقوم علي استعادة بداهة النصوص واعادة استنطاقها وتأويلها لانتاج طرح فكري سياسي معاصر وكانت تقوم كذلك علي استعادة اللحظات الفكرية المضيئة من التراث الإسلامي ومقاربتها بمنهج معرفي يقوم علي فرز الأزلي المتعالي عن ثنائيات الزمان والمكان من التاريخي الزمني الحصري المحايث لازمنه وامكنه معينه وتستفيد كذلك من بعض المفاهيم التي طرحها أئمه المسلمين الأوائل في طور اولي ابتدائي وتحاول التأسيس لها معرفيا واستكمال بناءها والذهاب بها ألي نهاياتها المنطقية مثل اجتهادات الشاطبي وأطروحته في بناء علم الأصول علي مقاصد الشريعة واطروحات ابن خلدون الداعي ألي رفع التاريخ ألي مستوي المعرفة الكلية كعلم يلحظ طبائع العمران وسنن الاجتماع البشري أضافه ألي انفتاحهم علي اطروحات بعض رواد الإصلاح المعاصرين مثل محمد عبده ورشيد رضا وغيرهم.
    من هولاء المفكرين الذين حاولوا تقديم رؤى جديده لموضوع الإسلام والدوله د.محمد عمارة الذي حاول إعادة قراءة وتأويل كتاب الإسلام وأصول الحكم للمفكر المصري علي عبد الرازق وهي قراءة كشفت أن الضجة التي أثيرت حول الكتاب لم تتأسس علي قراءه علميه له بقدر ما كانت قراءه ايدولوجيه مسكونه بهاجس حراسه العقائد والدفاع عن الذات بعيدا عن التأمل الموضوعي فيما قيل وكما يقول د.الافندي (أن ردة الفعل العنيفة على عبد الرازق حرمت الفكر الإسلامي من تفجير نقاش ثري ومفيد يعيد النظر في موضوع الدولة الإسلامية برمتها. فمنذ ذلك التاريخ والفكر الإسلامي ظل حبيساً للنظرية التقليدية ولم يواجهها (كما هو الحال في الفكر الإخواني بدءاً بحسن البنا إلى سيد قطب وحتى الآن مع استثناءات قليلة كطروحات فتحي عثمان وراشد الغنوشي)) ،كذلك انفتح عمارة علي كتابات الاما م محمد عبده أراءه عن مدنية الدولة في الإسلام ودعوته للاستفادة من مدنية الغرب، فاصبح عمارة يتحدث عن مدنية الدولة وعما اسماه تمييز الدين عن الدولة كخيار ثالث يخرج بنا من ورطة الفصل الحاد أوالوصل القاطع ،كذلك تحدث عن أن النصوص لم تحدد شكل معين للدوله و أن مسالة الحكم والدوله ليست من مسائل الأصول بل من المباحث الفرو عيه ، وهي أراء لا تخلو من ملمح أستناري .والحق أن أراء محمد عمارة هذه رغم طابع الاستنارة الذي تبدو عليه، الا انها تظل أراء متفرقه لم يستطيع أن يؤسس لها ،تأسيسا معرفيا و يقدم من خلال نظريه متكاملة للحكم ورؤية مستوعبه للسلطه بصوره عامه وللسلطه في ظل نمؤذج الدولة الحديثة بصوره خاصة .
    ومن المحاولات الرئده محاولة تيار الإسلاميين التقدميين في تونس ،وهي حركه اصلاحيه قادها الدكتور احميده النيفر والأستاذ صلاح الدين الجورشي ومعهم مجموعه من الإسلاميين التوانسة الذين انشقوا علي التيار الإسلامي الرئيس بقيادة الأستاذ راشد الغنوشي ،وقد تطرقوا لمسالة الدولةو أعادوا فتح ملف الإسلام والسلطه والدين والدوله وغيرها من مباحث حضور السياسي في السياق الإسلامي، وتجربتهم رغم أن بريقها قد خبأ الآن ألا إنها تجربه جديرة بالبحث والدرس والتأمل، ويمكننا أن نؤجز بعض آراءهم فيما يلي:
    1/الدعوة لاستعادة الخطاب الإصلاحي الذي يقوم علي الإعلاء من شان الثقافي والاجتماعي وتهميش السياسي أو التخفيف من التسيس الذائد في خطاب حركات الإسلام السياسي
    2/إعادة النظر في مسالة تضخم دور الدولة والطرق المستمر علي إقامة الدولة الاسلاميه وتطبيق الشر يعه الاسلاميه والتعامل الإجرائي مع هذه المسائل وإعطاءه حجم اكبر من حجمها الحقيقي وما يمثله ذلك من اضطراب في الرؤية التصورية وعدم الانتباه لخرطه الأعمال ولنسبها داخل هذه الرؤية ، علما بان ما تقوم به الدولة لا يساوي 5 % من التكليف الإسلامي الملقئ علي عاتق المسلمين
    3/العلاقة بين الدين والدوله ليست علاقة الوصل القاطع ولا الفصل الحاد لكنها علاقة تضايفيه تقوم علي تمييز الوظائف وفرز المهام والمسؤوليات والتفريق بين ما هو ديني وما هو دنيوي ، والاحاله هنا ألي حديث تابير النخل المشهور (انتم اعلم بأمور دنياكم)
    4/ودعوا كذلك ألي إعادة النظر في مفهوم الحاكميه وهو مفهوم كان جزءا من فوضى علمية لازمت بدايات الصحوة الإسلامية وانتجت مفاهيم ملتبسة وماز ومه عبر قراءه مسطحة ومباشرة لمعاني النص القرآني وقد أدي هذا المفهوم ألي التباسا ت كثيره في الفكر الإسلامي وولد اتجاهات راديكالية شاطحة مثلت استعاده غريبة لمقولات الخوارج النظرية ولمواقفهم العملية الحركية وقد انبنت علي هذا المفهوم مقاربات فكريه دغمائيه وقامت عليه تجارب هي خير تعبير عن نمؤذج الدولة الدينيه الثيوقراطيه (نمؤذج طالبان).
    *المحاوله الاجتهاديه التي قدمها د.لؤي صافي من خلال مؤلفه المتميز العقيدة والسياسة محاولة من المحاولات الرئده كانت بدايتها أن وجه نقدا جزريا للمنهج العلمي المستخدم لمقاربة الظاهرة السياسية في الفكر الإسلامي فهو يري أن ثمة قصورا منهجيا أحاط بالفكر السياسي الإسلامي التقليدي والمعاصر، فهو يغلب عليه الطابع التجزيئي، بمعنى أنه انتقائي لا يعتمد على دراسة متكاملة لمختلف النصوص المتعلقة بظاهرة سياسية معينة، كما يغلب عليه الطابع الوظيفي؛ فهو يحدد البنية السياسية من خلال الوظيفة التي تؤديها دون اعتبار المقصد أو المقاصد التي توجه الفعل السياسي. وكذلك يعتمد تحليل السلوك الفردي للصحابة عموما وللخلفاء الراشدين خصوصا، متجاهلا القواعد والمبادئ العامة التي وجهت أفعالهم، والظروف الاجتماعية والنفسية التي قيدت قراراتهم.،وقد وجه د.لؤي صافي انتقادات للأطروحتين العلمانية والتراثية ،وهي انتقادات لاتخرج في مجملها عن المححاججات التي أوردناها ونحن نقوم بتفكيك البني المعرفية التي تأسست عليها هذه الاطروحات فيما سقناه سابقا.الجديد في أطروحة لؤي صافي انه دعا ألي إعادة صياغة العقد الاجتماعي الذي تقوم عليه الدولة ،وذلك من خلال تفريقه بين ما اسماه بأمة العقيدة وأمة السياسة ،فالأولي بحسب صافي ،هي الدائرة الخاصة بالمسلمين ،أما الامه السياسية فهي أمة العقد العام التي تندرج تحتها جميع الفئات القاطنة في الدولة بمختلف أديانها وتباين مكوناتها الثقافية ألا ثنيه .وهذا العقد عند لؤي صافي مؤسس علي المشتركات من المفاهيم والقيم والاخلاق التي تنتظم كل المجوعات المكونه لهذه العقد .كما دعا إلى التمييز بين وظائف الدولة بحسبان أن الدولة الحديثة ينتظمها عقد ألا داره وتقوم بالوظائف المتعلقة بهذا العقد ،أما الوظائف ذات الطبيعة الدينيه كنشر الدين والدعوه أليه وما ألي ذلك فان الدولة في هذا الجانب دورها اقرب ألي جانب السلب منه ألي جانب ألا يجاب بمعني إنها مطالبه بان تفسح المجال وتعطي الناس الحريات العقدية والتعبدية كاملة ولكنها تعتبر محايدة تجاه المجموعات الدينية التي يتكون عقد المواطنة منها فهي بمثابة وسيط وحكم بين مجموعات اجتماعية وثقافية عديدة تتنافس وتتعاون ولكن الدولة تقوم بدور الوسيط وترعي الحقوق فهي " دولة الحد الأدنى " كما وصفها تجاني عبدالقادر
    *محاولة رؤيه فكريه جديده
    أن اي محاوله لبناء رؤيه فكريه جديده في اي تجربه اصلاحيه لابد ان تسبقها مجهودات لتفكيك المعرفه السائده ولزحزحة الافكار التي تستمد مشروعيتها من مقبوليتها المجتمعيه اوما يسميه المفكر والفيلسوف المغاربي محمد اركون بالصحيح سوسيولوجيا، وعمليات التفكيك هذه تعتبر بمثابة عمليات تحضيريه ضروريه لازمه لاي محاولة اصلاح.
    تفكيك العوائق المعرفيه
    ثمت مقولات فكريه ومفاهيم سائده تشكل اكبر عائق معرفي يحول بين الفكر السياسي الاسلامي المعاصر وبين التجديد والنقد والاصلاح لعل من ابرزها:
    أ/لخطاب الايدولوجي
    لقد اتسم الخطاب الاسلامي المعاصر بغلبة البنيه الايديولوجيه علي تكوينه ويمكننا ان نعزو ذلك لعدد من العوامل منها ان هذا الخطاب نشاء كاستجابه لتحدي النهضه الحديثه التي تشكلت في اسار الفكر الغربي وكان هذا الخطاب مواكب لخطابات التحرر الوطني او ادبيات مابعد الكولونياليه التي جاءت متاثره بروح الدفاع ومتصديه للاخر باعتباره مورد الكفر وبريد الضلال وهي ظاهره طبيعيه تسم وتحكم افعال الشعوب المغلوبه اذ انها لاتملك القدره علي انتاج الافعال المؤسسه بل يقوم تفاعلها مع الاحداث علي رودود الافعال ،وواحده من صور ردود الافعال هذه هي ان تقبل علي الاخر فتقلده وتتماهي فيه (لان المغلوب مولع دائما بتقليد الغالب في نحلته وشرعته وعوائده) كما لاحظ ذلك علامة الاجتماع المشهور أبن خلدون رحمه الله ،أو ان تتعامل بذات رد الفعل لكن بصوره مقابله لصورة التماهي هذه فتنكفي علي ذاتها وتلتزم تراثها مقدسة له متخذة اياه هاديا وأماما بلا رؤيه ولابصيره في شكل وعي خاطئ يفتقر الي الحس التاريخي ويتناسي تغير الوقائع .لذلك يكون الخطاب الفكري المتشكل في مثل هذه اللحظات من تاريخ المجتمعات خطاب ايدولوجي تنقصه الدقه والصرامه والروح العلميه ويعوزه التاسيس المعرفي،فتصير مقولات علي شاكلة (الاسلام ،دين ودوله، مصحف وسيف، ثروه وغني ) مقولة البنا المشهوره اوشعار مثل (الاسلام هو الحل) ونبوه مثل(المستقبل لهذا الدين) تصير مقولات يجب علي الفكر الاسلامي ان يعيد قراءتها ويتفحص مشمولاتها ويجدد مضامينها ويعيد صياغتها بصوره اكثر تحديدا واكثر دقه بعيدا عن هذا الاطلاق والتعميم الذي لايتناسب مع عصر مابعد الحداثه وهو جزء من تحدي اكبر هو الدعوه للتخفيف من هذه الحموله الايدولوجيه وذلك بتجديد الفكر الاسلامي وتجديد علوم المنهج وألادوات قبل تجديد الخطابات المنتجه بها، لبناء فكر اسلامي عقلاني واقعي موضوعي لان المستقبل للدين العاقل بحسب اخر مقولات هابرماس اكبر فلاسفة الغرب حاليا.
    (ب)مفهوم الحاكميه
    يظل مفهوم الحاكميه أهم مفهوم له تاثيراته في فضاء الفكر الاسلامي المعاصر،وهو واحد من المفاهيم المفتاحيه بحسب اصطلاح تجاني عبدالقادر.
    تم صك هذا المفهوم علي يد المفكر الاسلامي ابوالاعلي المودودي ،الذي كان يتحرك في سياق ثقافي وأجتماعي موجوع باشكلات الصراع مع المستعمر وتحديات الهويه والتعبيرعن الذات ومفاهيم التمايز العقدي لمسلمي الهند في ذلك الوقت الذين تمايزو فصارت لهم دوله خاصه هي باكستان.
    وهذا المفهوم جزء من تصور عقدي و نظريه متكامله للكون وللحياه وللانسان ودوره وعلاقته بالله ،وترتبت عليها شبكه متكامله من المقولات الفرعيه في السياسه والاقتصاد والاجتماع وغيرها.
    وهي نظريه قائمه علي تغييب دور الانسان الابحسبانه عبد خاضع للتكاليف (بالمعني السالب للعبوديه)
    ويظهر ذلك في قراءة المودوي للمصطلحات الرئيسيه المشكله للتصور العقدي في كتابه المركزي المصطلحات الاربعه في القران، وهي رؤيه انتجت نسخ كثيره شائهة للاسلام (طالبان ،جماعات التكفير ،ابن لادن ،وغيرها من الحركات المتطرفه)،وهي رؤيه تتضمن عدد من المسلمات تشكل عائق معرفي يحول بين العقل المسلم وتشكيل خطاب اسلامي مستنير:
    *اذ انها تغييب دور العقل ،فالنظام الاسلامي بحسب مفهوم الحاكميه مفصل من قبل نصوص الوحي فلا مدخل للعقل
    *النص القراني بحسب الحاكميه ،نص مغلق فلامجال للجدل مع الثقافات الاخري والافاده من التجربه الانسانيه
    *تصور الدوله الاسلاميه تصور مكتمل في نصوص الكتاب والسنه يحتاج فقط الي انجازه اجرائيا وتحقيقه في الواقع.
    لذلك لابد من العمل علي تفكيك مفهوم ألحاكميه والتشكيك في طابع البداهة الذي يرتسمه وبيان تاريخيته وانه مقولة مفاهيميه انتجها العقل في ظرف معرفي ملتبس وسياق اجتماعي له أزماته التي انعكست علي هذا المفهوم
    (ج)جدلية الدين والدوله:
    تتنازع اتجاهات التفكير حول مسالة العلاقة بين الدين والدوله مابين اتجاه يتبني الوصل الحاد القاطع للدوله وهوا تجاه يقوم في طيا ته علي أساس معرفي قوامه المماثله بين الخطاب القرآني المتعلق بالشان السياسي والخطاب المتعلق بالشان التعبدي الديني المحض وفي المقابل هنالك اتجاه يتبني القطع الحاد مابين الدين والدوله (فصل الدين عن الدولة).
    أما الاتجاه الاول فهو اتجاه منافي لما عرف بداهة من تباين نصوص القران المتعلقة بالوحي التعبدي المحض ونصوصه المتعلقة بالوحي المرتبط بترتيب الشان الدنيوي الوضعي ومن مشمولا ته الدولة، فنصوص العبادات مفصله واضحة تحتوي علي عدد من الأحكام القاطعه اما النصوص المتعلقه بمسالك السياسة فهي نصوص مقاصد ومعاني وليست نصوص اجراءات وتدابيركما قدمنا سابقاوهي نصوص عرية عن القطع كما قال الأمام الجويني رحمه الله، ومما ذاعت شهرته بين ألدارسين التفرقة التي أقامها الإمام الشاطبي بين مسائل العبادات المحضة ومسائل المعاملات فلامماثله بين نصوص العبادات وبين نصوص الدولة والحكم وبالتالي لامجال للوصل المطلق بين الدين والدوله وينبغي كذلك الانتباه ألي الإشكال التصوري ،الذي يعتبرنهايه منطقيه لتبني هذا الوصل أذا أن الماثله بين الدين والدوله من حيث المصادر المعرفية ومن حيث طبيعة الأحكام المتعلقة بكل، تفضي بنا ألي نمط الدولة الثيوقراطيه
    أما الاتجاه الثاني وهو اتجاه فصل الدين عن الدولة ،فهو اتجاه يعاني من الاضطراب التصوري ،إذ أن الفصل مابين الدين والدوله فيما أرى لا يتصور عقلا اذ يسوغ ان نتحدث عن فصل في المباحث المادية بين الأشياء ولكن لا يتصور الفصل بين المباحث الاجتماعية ومعارفها وهو الحقل الذي تنتمي أليه مقولتي الدين والدوله لا ن الفصل نفسه بين جزئيات هذه المباحث فصل أكاديمي لضرورات التصنيف والتقسيم لا فصل حقيقي فانك لا تستطيع أن تمسك ما هو دوله لتميزه عما هو دين،أضف إلى ذلك أن الحديث عن فصل الدين عن الدولة مرتبط بتجربة تاريخية مغايرة للتجربة الاسلاميه، فالسياق الثقافي الاجتماعي للدين المسيحي وصراعاته مع العلم وتحالفاته مع الدولة والإقطاعيين وما تشتمل عليه مضامين هذا الدين من مفاهيم وعقائد تجعل لرجال الدين حق تشريعي يضاهي حق الخالق سبحانه وتعالي وتعطيهم سلطه روحيه وتجعل منهم وسيط بين الخلق والخالق يبيعون المغفرة ويتاجرون في الغفران، هذا السياق الدعوة فيه لفصل الدين عن الدولة دعوه مقبولة و لها قدر من المعقولية ،لكن عدم الانتباه الي الفارق و المماثله بين السياق المسيحي والتجربه التاريخيه الغربيه والسياق الاسلامي واعادة اننتاج مقولة فصل الدين عن الدوله ،مماثله فطيره تفتقر الي التماسك المنطقي بين مكوناتها وتتعري عن المصداقيه اذا نسبناها الي التجربه التاريخيه للمسلمين .نحتاج اذن الي رؤيه تنتبه ألي أستحالة ابعاد الدين عن التاثير في حيوات الناس الخاصه والعامه،وتنتبه الي اهميه وفاعلية دور الدين في هذين والفكر الغربي يشهد الان مراجعات عميقه حول تاثيرات الاديان علي الحياه العامه ومن أبرز الفلاسفه الذين اشتغلوا بمثل هذه المباحث الفيلسوف الالماني هابرماس فهو يري ان كثير من القيم والافكار الاساسيه التي تحكم الحياة السياسيه هي نتاج للاديان ويقول في ذلك ( أن أفكار المساواة والعدل الحديثة هي استنباطات عَلمانية من التعاليم والوصايا الدينية: ذلك أن "نظرية العقد" في السياسة، تلك النظرية التي هي أساس التصور الحديث لـ"الحكم برضا المحكومين"، ما كانت لتقوم لولا عهود العهد القديم ومواثيقه)، ويرى هابرماس أنه لو ضمر هذا المصدر الديني من بين مصادر الأخلاق والعدالة ضمورًا كاملاً لكان من المشكوك فيه أن تتمكن المجتمعات الحديثة من تعزيز هذه المُثُل وتثبيتها كمُثُل خاصة بها،و يصل هابرماس إلى حدِّ الكلام على ظهور "مجتمعات ما بعد علمانية"وفي نفس الوقت لابد لهذه الرؤيه أن تكون واعيه لتجربة البشر التاريخيه التي تؤكد انه ليس اضر علي الاديان من تجربه تخلط الدين بالسياسه لاجل السلطه والسياسه لا لاجل الدين بمعنى أننا مدعوين إلى حماية الدين وصيانته من الدولة، ومن آليات القهر والتسلط المكونه لها والتي اذا اضيفت أليها مشروعيه دينيه زائفه فانها تنتج دوله كلانيه اكثر تسلطا و اشد استبدادا ، فقد شهد الاجتماع البشري تجارب عده قاربت الاسلام والسلطه وانتجت دول متسلطه وتجارب هي استعاده لانساق العصور الوسطي في التفكير ولانماطها في الممارسه وهي تجارب كان لها دور سالب وتاثيرات ضاره ،أضرت بالفكر الاسلامي اذا في ظلها نما الفكر المتخلف وسادات المقولا ت السطحيه والقراءت الظاهريه التي شوهت صوره الدين ،اننا ندعو ألي صيانة الثابت الذي هو الدين من تعقيدات المتغير حماية للمتغير -أي الدولة- من الثابت كذلك، باعتبار أنهما حقلان من الضروري والمفيد أن يتناغما ويتساوقا في النتائج.
    لقد أنتبه عدد من المفكرين العرب مثل الجابري وبرهان غليون وعلي حرب وغيرهم الي طبيعة الدين الاسلامي المتفرده التي لايمكن اسقاط الفصل(بصورته الحاده) بين الدين والدوله عليها، واقترح الجابري استخدام مصطلح عقلانيه بدل من علمانيه للتعبير عن كثير من المفاهيم والقيم التي يقصدها المفكرين العرب عند استخدامهم لهذا المصطلح لانه بحسب الجابري اذا كان المقصود بالعلمانيه هي حرية التفكير وحرية الضمير والبحث العلمي وعدم التمييز بسبب الدين او الجنس او اللون وبناء عقد الدوله علي المواطنه ومراعاة حقوق الانسان والتداول السلمي للسلطه فان مصطلح عقلانيه يمكن ان يشمل هذه المضامين ويعبر عنها.وتغيرت لغة عدد من المثفين السودانيين ممن يعدوا من رواد العلمانيه في السودان فكتب كمال الجزولي مقاله مشهوره في جريدة الصحافه بعنوان عقلنيون نعم غلمانيون واصبح الحاج وراق يتحدث عن العلمانيه ولاينسي ان يتبع المفرده بكلمة متواضعه لتصبح علمانيه متواضعه وهذا فيه تسليم بان المصطلح مطلقا مصطلح مازوم وفيه انتباه للحقل الدلالي الذي يحيل أليه المصطلح وألاطار الفلسفي ألذي يعبر عنه من وراء دلالاته السياسيه المباشره . وبدات تظهر مقولات جديده مثل تمييز الدين عن الدوله ،تعبر عن تحولات تشهدها اروقه التيار العلماني وهي ليست مساله مستغربه بل هي ظاهرة طبيعيه ،هي جزء من مراجعات تنتظم سائر التكوينات العقديه في اليمين اواليسار وهذا يفتح باب الحوارحول المسأله علي مصراعيه ويستدعي اعادة التفكير في هذه المسأله، التي اصبحت اقنوما وتابوا لاينبغي الاقتراب منها بالبحث والدرس بعيدا عما هو سائد حولها من اراء .
    (د)المطابقه بين السلطه والدوله:
    أن مصطلحات من قبيل ،السلطه ، الدوله ، الحكومه ،الاماره، الخلافه ،تحيل في الفكر السياسي الاسلامي المعاصر الي معني واحد ومضمون محدد هو مضمون السلطه السياسيه ، وهذه المطابقه ناشئه عن خلط مفاهيمي خطيربين المعاني والمصطلحات وعدم دقه في استخدامها وتعميم مخل للمعاني والدلالات ،وهذه عله من العلل التي يعاني منها الفكر الاسلامي الحديث،هذا الحشد الهائل من المصطلحات والمفردات والمقولات التي تتعدد تعريفاتها وتتكاثر بل قد تتضارب المعاني في أحايين كثيره.
    ينبغي الانتباه للفارق بين السلطه والدوله وأزالة الالتباس الناشئ عن هذا الخلط المفاهيمي،فمهوم السلطه يتسع ليشمل بؤر من التاثير كثيره منتشره في المجتمع باكثر مما يحيل الي بؤره واحده مركزيه هي الدوله، وانما تتعدد نقاط الهيمنة ومراكز القوة فهي تتوزع من سلطه كبار الاكاديميين (سلطه معرفيه)،مرورا بشيخ القبيله ومرشد الطريقه الصوفيه و رجل الدين و الاب والاخ الكبيرفي الاسره ورجل المال في الحياة السياسيه وانتهاء بسلطة الكجور في القبائل الافريقيه ، اما الدوله فهي الهيئه العليا التي تتوسط انقسام الاجتماع البشري وتنازل لها الناس عن بعض سلطتهم من اجل ان تنوب عنهم وتتوسط هذا الاجتماع، والدوله التي نحن بصددها هي الدوله الحديثه وهي في أصل نشأتها قامت على مفهوم الدولة القومية المتعارف عليه في الفكر السياسي الغربي بـ(الدولة - الأمة) التي تقوم على المواطنة والحريات والحقوق المتبادلة في العقد الاجتماعي . وهي أصلا نشأت بعد اتفاقية (وستفاليا) 1646التي أحلت الحدود القومية واللغوية للدول الحديثة محل الحدود الدينية والمذهبية للإمبراطوريات.فالدوله واحده من تمظهرات السلطه لكنها لاتتطابق معها .
    (ح)تضخم ظاهرة الدولة عند الإسلاميين
    لعل الخلط مابين السلطه والدوله والمطابقه بينهما كان واحدا من العوامل التي ادت الي تضخم دور الدوله وتعاظم الاهتمام بها في الفكر الاسلامي وهو تعاظم ادي الي تشويه الرؤيه الاسلاميه وبروز ما يسمي بتيار الاسلام السياسي ،ونعني به التيار الذي يعلي من قيمة السياسي في مقابل الجوانب الاخري من ثقافي واجتماعي وغيرها ،وهوتيار نشأ باثر من تراجع التيار الاصلاحي الذي كان يعلي من الثقافي ويعول علي الاصلاح المجتمعي ويعتبره مقدمه ضروريه ولازمه لاصلاح الانظمه،ويعتبر التعويل علي الدوله والتغيير الفوقي هو قفز علي الخطوات واستباق للنتائج قبل مقدماتها.بعكس تيار الاسلامي السياسي الذي يعول علي الدوله كاداة قهر وقوه في التغيير والاصلاح. مع أن الأصل في البناء المجتمع وليس الدولة بل الدولة هي نتاج لفكر المجتمع وتكوينه ومعبره عنه فهي ظل المجتمع لذلك غالب الوظائف يقوم بها المجتمع ،فكلما تكامل قيام المجتمع بواجباته يتقلص وجود الدولة وحضورها وذلك اقرب ألي ما توقعه ماركس من تلا شئ الدولة وزوالها. والمعالجه لهذه الرؤيه المعكوسه في تقديري تتمثل في الاتي:
    1/تفكيك مقولات السلطه وتهميشها ثقافيا: لا بد من إحداث حالة ثقافية في المجتمع تُهمش السلطة، وتبعدها عن الذهن وتتمثل في إشاعة عدم الاعتقاد في السلطة كوسيلة أساسية للإصلاح، أو كقوة أساسية.
    2/التركيز علي الدور المجتمعي من خلال تفعيل مؤسساته عبرالمناشط والأفعال الطوعية البسيطة، أو فيما يطلق عليه الآن -في الموضة الحديثة- المجتمع المدني.. مع العلم بان مجتمعنا الاسلامي منذ نشأته وهو يعمل بهذه الطريقة؛ وهذا يساعد على تفعيل المؤسسات التطوعية في المجتمع وإعطائها دفعات حتى تهمش السلطة في النهاية تهميشا واقعيا بعد أن همُشت تهميشا ذهنيا وثقافيا.
    3/بناء مؤسسات الأمة، وذلك عبربناءوتاهيل موسسات المجتمع المدني الحديث كألاحزاب والتنظيمات الخيريه من فرق وانديه وروابط وموسسات اجتماعيه والاستفاده من نظام الأوقاف في التراث الاسلامي ومن تجارب كفالة الايتام وغيرها من المؤسسات الاجتماعيه

    ملامح الرؤيه ومحدداتها:

    سؤال المنهج:
    أول مايلزم اي متصدي لصياغة رؤيه اسلاميه لاشكالية الاسلام والسلطه ،هي أن يوسس لمنهج فكري يستجيب لهذا التحدي ، برغم أن سؤال المنهج سؤال مركزي ،ألا ان غالب المحاولات الفكريه التي طرحها العقل الاسلامي رغم ما في بعضها من ملمح استناري تفتقرألي بنيه مفهومية، متماسكة، وخطة، ومنهجية واضحة ، ،فهي عباره عن اجتهادات جزئيه متفرقه تحتاج الي منهاج ينظم عقدها ويتعمق فيها ويؤسسهاتاسيسا معرفيا.
    *مصادر الفكر السياسي:

    أولا نصوص القران الكريم:
    النص القراني في طبيعته ،نص مزدوج البنيه والتكوين ،فاياته المتعلقه بفقه العبادات المحضه والشعائرجاءت مفصله لكثير من احكامها ،وهو مايسميه د.الترابي بفقه التدين الخاص،أما النصوص المتعلقه بفقه التدين العام بتعبير الترابي او فقه الحياه العامه ،الذي ينتظم السياسه والاقتصاد والاجتماع والثقافه والقانون ،فقد جاءت نصوص عامه مطلقه مجمله وكان الغرض من ذلك ان يترك تفصيلها وتنزيلها للمكلف بحسب بلاءات الزمان والمكان فتتعدد تاويلاتها وقراءاتها بتعدد التحديات المجتمعيه.
    فاذا تاملنا علي ضوء هذه القاعده، نصوص القران التي وردت فيها الفاظ ومفردات لها صله بالسلطه والحكم مثل : مثل ألفاظ القوة، والولاء، والأمة، والأمانة، والعهد، والاستكبار، والاستضعاف، والتراضي..،والحكم ،والامر ،والسلطان ،فاننا نجد أن هذه النصوص ،جاءت تحمل رؤي فلسفيه ومقاصد كليه ومفاهيم عامه واخلاق ضابطه باكثر مما جاءت تحمل احكام جزئيه ونظم فروعيه وأشكال مؤسسيه. وطبيعة النص هذه تعطي مساحه كبيره للعقل في تاويل واعادة تاويل النص بصوره متجدده بتجدد الوقائع ،ومن خلال جدل العقل مع النص والواقع ،يصبح النص محايث لازمنه كثيره وهذه طبيعة النصوص الممتازه.
    ثانيا نصوص السنه:
    يمكننا أن نقول علي سبيل الاجمال أن السنه هي المصدر التشريعي التالي للقران من حيث الحجيه والاستدلال ولاحجاج في ذلك.،ولكن توظيف السنه كمصدر للفكر السياسي تلازمه عدد من الاشكالات المنهجيه تقلل من نسبة معيارية السنه فكان لابد أن نتعرض لها .
    أولا مسالة تدوين السنه والحراك الاجتماعي الذي تم في ظله التدوين ومايحتف به كشأن أي عمليه لتشكيل الخطابات وتدوينها من حذف واضافه وتعديل بحسب المنظور الفكري والخلفيات الايدولوجيه للمدون(بكسر الواو) وبحسب ماتسمح به السلطه الزمنيه من سفق للتدوين، وما ألي ذلك من الاكراهات التي تحتف بهذه العمليه ،والذي يطالع كتب الحديث يعلم الاشكالات التي احدثتها الفرق العقديه المختلفه في تدوين السنه وسعي كل فريق لمناصرة اراءه بالكذب في رواية الحديث وكذلك دور علماء اهل الكتاب الذين أسلموا وما ادخلوه في الثقافه الاسلاميه بصوره عامه وفي السنه علي وجه الخصوص من روايات وقصص أصطلح العلماء علي تسميتها بالاسرائيليات.
    ولانقصد بهذه الرؤيه بالطبع أن ننتهي الي عدم لزومية السنه ولكننا نقصد أن هنالك عدد من القضايا المعرفيه والمنهجيه الضروريه تحتف بالسنه وتقلل من معياريتها في الاستدلال،وهذا بدوره يسوقنا الي الحديث عن الوزن التشريعي للسنه في مقابل الكتاب.
    ثانيا هل السنه تمتلك وزن تشريعي مكافئ للنص القراني ،وبالتالي استقلاليه تشريعيه ؟
    ثمت نقاش داخل أروقة اصول الفقه بين الاقدمين من العلماء والمحدثين منهم حول هذه المساله وقد تبني الامام الشافعي القول بان السنه مساويه للنص القراني ،وذهب البعض الي ابعد من ذلك فقالوا أن السنه قاضيه علي الكتاب ،وان الكتاب أحوج للسنه من السنه للكتاب وغيرها من الاراء الغريبه المذكوره في مصنفات الفكر الاصولي، وهذا الاضطراب يشير الي الاختلال الذي أصاب الجهاز المفاهيمي وأدي الي اضطراب في التصور وبروز لاراء غريبه موسسه علي نصوص سنيه ظنيه فرعيه وتهدم هذه الاراء في نفس الوقت أصول كليات كبار دل عليها النص القراني مثل القول باشتراط القرشيه في الامام وهي قضيه ثانويه ونفس هذه العقول لم تري حرج في أن تجيز أمامة القهر والغلبه وهي قضيه تمس أصل المشروعيه لنظام الحكم . والذي أراه أن السنه خادمه للنص القرآني وهي مذكرة تفسيريه له توضح مشكلات إبهامه واجماله و متشابه وتخصص عامه او تقيد إطلاقه لكنها لا تستقل بتقرير الأحكام خلافا لمن قال بذلك من العلماء فإذا جاءت بحكم مخالف للمقررات القرانيه خصوصا في قضايا التصور الاعتقادي وأمهات أصول نظام الدين وكلياته فهو مردود.
    ثالثا تباين اقسام السنه، ما بين السنه التي جاءت بيانا للوحي المطلق وبين السنه التي هي محض تدبير ومعالجه زمنيه اتخذها النبي صلي الله عليه وسلم ومايعتريها من الاحوال التي تكتنف تجربة النبي صلي الله عليه وسلم بحسبانه مشرع تارة وسياسي تارة وحاكم تارة وقاضي تارة ومايوجبه ذلك من الالتفات الي تباين هذه الادوار وتباين القيمه التشريعيه لتصرفات الرسول(ص) حولها وهو ذات الجدل الدائر قديما حول انقسام السنه ألي تشريعيه وغير تشريعيه. فبالتالي تصبح كثر من تصرفات ألنبي صلي الله عليه وسلم السياسيه هي عباره عن تجربه تاريخيه يستهدي بها ولاتلزم محاكات اشكالها الاجرائيه أو نظمها الفرعيه وتدابيرها الجزئيه،فندرس تجربة دولة المدينه لا لنستعيدها ونبنيها من جديد ولكن لنستهدي بعبرتها ونتأمل في نهجها العام ومقاصدها الكليه وخطتها ألاساس فننتفع بها.
    ثالثا تجربة الامه التاريخيه:
    للامه الاسلاميه رصيد ثمين وثروه ثره من الاجتهادات النظريه والعمليه وتجربه جديره بالتامل والانتفاع بها ،وهذا أمر لاحجاج فيه.
    لكن الحجاج في الموقف من هذا التراث وقد تحدثنا سالفا عن مواقف التيارت المختلفه من التراث. وألرؤيه التي نتبناها هي رؤيه تقوم علي الافاده من التراث وذلك عبر تحليله وفرزماهو زمني مرتبط بوقائع أجتماعيه محدده وكان استجابه لاحتياجات فتره تأريخيه فلانلتزمه في صورته وشكله ولكننا نعتبر بدلالته ومغزاه . ونستفيد مما أيمكن احياه من اجتهادات ومواقف وتجارب يمكننا ان تشكل استجابه لزماننا هذا ومعالجه لاشكالاته فنحيها ونعيد صياغتها وتاويلها تاويلا يناسب زماننا باعتبار أن تاثر الفكر بالواقع ومحايثته له ليس علي أطلاقه ،يقول الدكتور محمد عابد الجابري في سياق حديثه عن مبدا التاريخيه (من هنا يتفرع معنى آخر لمفهوم "التاريخية"، وهو الذي كان له الصدى الأكبر في القرنين الماضيين، مع الماركسية أولا، ثم مع علم الاجتماع المعرفي (سوسيولوجيا المعرفة) ثانيا. والقضية الأساسية المطروحة في هذا المجال هي قضية علاقة الفكر بالواقع، أو المعرفة بالأطر الاجتماعية. وكما هو معروف فالفكرة السائدة في الماركسية الرسمية هي أن الوجود الاجتماعي للناس هو الذي يحدد وعيهم، أي نوع نظرتهم للشأن السياسي والاجتماعي. وفي هذا المعنى قال ماركس قولته المشهورة: : "ليس الوعي –أو الفهم- الذي للناس عن أنفسهم هو الذي يحدد وجودهم (الاجتماعي)، بل بالعكس إن وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد هذا الوعي"، والمقصود هو أن الوضع الطبقي هو الذي يحدد نوع الآراء السياسية والاختيارات الإيديولوجية، أي ما سماه هيجل بـ"الروح الموضوعي". أما "الأشكال العليا للوعي"، وهي أساسا الفن والدين والفلسفة، أي ما عبر عنه هيجل بـ"الروح المطلق" فقد لاحظ ماركس نفسه أنها لا تتحد بالوضع الاجتماعي بهذه الصورة بل هي تمتلك استقلالا يجعلها تعلو على المجتمع وأطره. وفي هذا المعنى كتب يقول: "إن الصعوبة ليست في فهم كيف أن الفن والملحمة الإغريقيين كانا مرتبطين ببعض أشكال التطور الاجتماعي، بل إن الصعوبة هي في فهم لماذا لا يزالان يُوَلِّدان فينا متعة فنية ويحتفظان بقيمتهما من بعض الوجوه ، كمعيار ونموذج لا مثيل لهما". ويمكن بسهولة أن نقول الشيء نفسه عن النص القرآني: "إن الصعوبة ليست في فهم كيف أن القرآن وسيرة النبي كانا مرتبطين ببعض أشكال التطور الاجتماعي، بل إن الصعوبة هي في فهم لماذا لا يزالان يُوَلِّدان فينا متعة فنية (بلاغية) ويحتفظان بقيمتهما من بعض الوجوه ، كمعيار ونموذج لا مثيل لهما").
    ملامح الرؤيه ومحدداتها:

    مفاهيم تاسيسه:
    أولا مفهوم ألسلطه
    أذا أردنا أن نتعرف علي مفهوم ألسلطه لابد لنا أن نستقرئ ونستدعي النصوص ألقرانيه التي يمكن أن تشكل حقل تداولي لمفهوم السلطه ومعانيها وننتبع هذه الدلالات ونلحظ العلاقات الناشئه بينها لنخرج بتعريف محدد للسلطه،ومن المعلوم بداهة أن التعريف عادة تعريف أجرائي توضيحي يمكن التفكير من خلاله في السياق المعين.


    تحليل النصوص
    لقد اشتمل القران علي عدد من المفردات التي تحيل الي مفهوم السلطه مثل سلطان وقوه وامر وطاعه وحكم وامامه كما في الايات التاليه:
    (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطان) اي سلطه وسيطره وتصرف
    (واعدوا لهم ما استطعتم من قوه) اي قوه عسكريه ماديه
    (لولا اذ دخلت جنتك قلت ماشاء الله لا قوة الا بالله) قوه اقتصاديه
    (اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم) الامر والطاعه لصاحب الحكم او المتصرف(الامراء)
    (وان احكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم) الحكم في القضاء والمظالم
    (واذ ابتلي ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن قال أني جاعلك للناس أماما) أمامة الدين وهي ضرب من ضروب السلطه الفكريه والروحيه (وجعلنا منهم أئمة يهدون بامرنا لما صبروا)
    ويمكننا أن نصنف الدلالات الوارده في النصوص الي عدد من الانواع:
    1/نصوص تتحدث عن سلطه روحيه ونفسيه (سلطه روحيه)
    2/نصوص تتحدث عن سلطه حكم وسيطره وقوه (سلطه سياسيه)
    3/نصوص تتحدث عن سلطه علميه وتاثير فكري(سلطه معرفيه)
    4/نصوص تتحدث عن سيطره ماليه وتاثير(سلطه ماليه)
    وقد ذكر القران شخصيات تعبر عن هذه النماذج الثلاثه ،فذكر فرعون كسلطه سياسيه متخلفه عن هداية الوحي وذكر قصه العالم(بلعام ابن باعوراء اذا صحت الروايات بانه هو الشخصيه المقصوده بالايه) الذي اوتي الكتاب وتنكب الصراط بغواية الشيطان (الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فاصبح من الغاوين) كنموذج للسلطه العلميه وذكر قارون كنموذج لسلطه اقتصاديه.والقران بذلك يعلمنا الي ننظر الي صوره واحده اوشكل واحد من اشكال السلطه ،والمتتبع للدلالات المستنبطه وهي كثيره يجد أنها تحيل جزر مشترك بينها هو( انها تعبر عن درجه من السيطره ومستوي من التصرف بين طرفين بينهما علاقه تراتيبيه ،وهذا هو جوهر السلطه).فالسلطه هي ( احتكار التاثير والانفراد بالتسلط والتصرف طوعا ورضا.). والملاحظ أننا قلنا طوعا ورضا خلافا للتصور السائد للسلطه وتعريفاته التي تدور علي التصرف القهري واحتكار القوه او العنف المشروع.ولعل نفي القران للقهر او التسلط عن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي جعل الشيخ علي عبدالرازق رحمه الله ينفي صفة السياسي عنه، لانه لاحظ الوصف الحديث للسلطه فوجده لايليق بالدور الرسالي للنبي (ص) ،فنفاه عنه.
    وتعريف السلطه المتضمن لمعني الرضا يستلزم عدم الاقرار بامارة التغلب خلافا لما ساد عند أهل السنه من القول بذلك.ونحن في سيا ق هذه المقالات نتحدث عن واحده من تمظهرات مفهوم السلطه وهي الدوله والسلطه السياسيه ، والسلطه بالمعني الاخير(السلطه السياسه) حاضره في النص القراني في أحكام كثيره هي حقل أشتغال السياسي.
    (أ) آيات الحكم والامره والسلطه ومقولات الطاعة والشورى والعدل
    (ب) نصوص التشريع الجنائي والعقوبات
    (ج)نصوص العلاقات بين الجماعة المسلمة والجماعات الأخرى
    (د) نصوص العهود والعقود بين الاطراف
    (ه) نصوص الجهاد والقتال
    *وقد أجمع المسلمون من السنه والشيعه علي حضور السياسي في فضاء الفكر الاسلامي وغالي الشيعه في ذلك حتي جعلوا السياسه من مباحث الاصول الاعتقاديه خلافا للسنه الذين عدوها من الفروع.
    يمكن أن تراجع لذلك كتابات المتقدمين مثل الاحكام السلطانيه للماوردي و السياسه الشرعيه لابن تيميه و بن خلدون في المقدمه و العضد الايجي في المواقف، والمحدثين مثل محمد عبده والسيد رشيد وضياء الدين الريس والمودودي والبنا والترابي والصدر والغنوشي والتجاني والعوا والقرضاوي.
    ثانيا طبيعة الدوله في الاسلام
    ألدوله في الفكر الإسلامي تتمتع بالخصائص التالية:-
    1/ذات طبيعة تعاقديه (هي عقد مشروط بين الحاكم والامه تجب التزاماته علي كل طرف باستيفاء الطرف الأخر لالتزاماته) وقد لاحظ الامام الزمخشري أن الايات التي جاءت تتحدث عن واجب الطاعه للحاكم علي المحكوم ،جاءت بعد الايات التي تتحدث عن واجب الحاكم في العدل كانما المعني أن الحاكم يستحق الطاعه أذا حقق العدل والعكس كذلك. (إن الله يأمركم إن تؤدوا الأمانات آلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل) مقرؤه مع الايه (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله أطيعوا الرسول أولوا الآمر منكم) راجع تفسير الكشاف للزمخشري رحمه الله.
    2/الدولة عبارة عن وسيط بين مجموعات، فالفكر الإسلامي اقرب آلي الفكر الليبرالي فلا توؤل فيه الدولة ألي حالة الدولة الكلانيه التي تحدثوا عنها في الفكر السياسي الغربي كما عند هوبز وغيره من فلاسفة السياسه.
    3/ دوله مدنيه ،بعيدا عن المماحكات اللفظيه والجدل المصطلحي ،نعني بالدوله المدنيه ،الدوله التي تتاسس علي الاختيار الطوعي الحر لا علي الحق الالهي المقدس وتقوم فيها الحقوق والواجبات علي المواطنه لا علي الدين.
    4/ الدولة هي نتاج لفكر المجتمع وتكوينه ومعبره عنه فهي ظل المجتمع لذلك غالب الوظائف يقوم بها المجتمع بل وجود الدولة وحضورها يتقلص كلما تكامل قيام المجتمع بواجباته وذلك اقرب ألي ما توقعه ماركس من تلا شئ الدولة وزوالها كما ذكرنا سالفا.

    وظائف الدولة
    الدوله في فكر المسلمين وتجربتهم التاريخيه ،تقوم بالوظائف الدينيه والدنيويه أوبتعبير الماوردي حراسة الدين وسياسة الدنيا.
    وينشأ سؤال حول طبيعة الدوله الحديثه والعقد الذي تقوم عليه هل يمكن أن تقوم بذات وظائف الخلافه
    الجواب بالطبع لا لان الدوله الحديثه كما قلنا سالفا في اصل نشاتها وعقدها دولة اداره لا دولة إمامه مما يستدعي اجتهاد جديد للتعامل معها. والرائ عندي أننا نحتاج أن نفكك التعريف القديم لوظائف الدوله ونفحصه ونعيد تركيب الادوار وتقسيم الوظائف مره أخري خصوصا أننا ننتقد الفصل او الوصل القاطع للدين عن الدوله ونتبني التمييز بين الدين والدوله وهذا يستدعي أن نقول أن حراسة الدين وسياسة الدوله هي تكاليف النبي صلي الله عليه وسلم بالوصفين (نبي وحاكم ) والامه وليست الدوله هي التي تنوب عن النبي صلي الله عليه وسلم في القيام بهذه الوظائف وهذا يستدعي تقسيم الوظائف مابين الدوله وموسسات الامه الاخري . فمهمة الدوله تجاه الدين أقرب الي السلب منها الي الايجاب بمعني أن الدوله توفر للاديان جميعا الاطار العام وتهئ الجو ولا تنحاز لاي من الاديان وهذا يعني ان الواجب المباشر في الدعوه يلي موسسات الامه لا مؤسسات الدوله .وهذا يسوقنا للسؤال عن الدوله ووظيفة الامر بالمعروف والنهي علي المنكر الاتعني أن الدوله لها دور مباشر في الرقابه علي سلوك الافراد علما بان الدوله الحديثه تقوم علي حرية الافراد في السلوك الفردي.
    المتأمل في نظام العقوبات الذي هو محل تدخل الدوله لضبط الافراد يلاحظ أن الافعال المجرمه والمعاقب عليها في التشريع الجنائي الاسلامي هي افعال فيها تعدي علي حق الاخرين او الحق العام وليست مجرد سلوك فردي ،لان الناظر في الحدود يجد أن شروط اثباتها تتعذر الا اذا جاهر بها الفاعل وصارت في طور التعدي العام لان الشريعه تنهي عن التجسس ولا تبني عليها أثباتا،ولان الشريعه ذاتها لم تحدد عقوبات مثلا لتارك الصلاه او الحج اوأكل الرباوغيرها من الكبائر، فبالتالي الدوله عندما تنفذ العقوبات فهي تعاقب علي التعدي باكثر مما تعاقب الانسان علي السلوك الفردي.
    الدوله ومفهوم السياده:

    في أطار العلاقات الدوليه والتزامات الدوله الحديثه مع المجموعه المكونه لما يسمي بالمجتمع الدولي تنشأ أسئله عن روية الدوله لهذه العقود والعهود والالتزامات وفي هذا نقول، الاسلام لم ياتي قاطع مع ومخاصم للمجتمع الانساني بل جاء التبي متمم لمكارم الاخلاق والقيم الرفيعه التي وجد عليها الناس (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق)، لذلك كان النبي صلي الله عليه وسلم يعلمنا التعاون مع المجتمعات الاخري والاستجابه لعهود ومواثيق الخير التي تدعونا اليها(لقد شهدت في دار بني جدعان حلفا لو دعيت اليه الان لاجبت) وهو يتحدت عن حلف الفضول وهو عباره عن تعاقد اخلاقي تداعت اليه القبائل لحفظ الحق ومناصرة المظلوم وهو يشبه عهود البشرالحديثه عن حقوق الانسان وحرية الاديان وغيرها، مع مراعاة مبدأ الخصوصيه العقديه والثقافيه لكل أمه في مثل هذه العقود والالتزامات .
    .*االمسلمون والاخر
    ظلت العلاقه مع الاخر واحده من أكثر الفضايا اثارة للجدال في الفكر الاسلامي منذ عصر النهضه،وكانت مقاربة الفقه الاسلامي الموروث مقاربه أقل مايقال عنها أنها مقاربه تقوم علي التضييق علي الاخر الكافر او الملي وقامت احكام اهل الذمه الغرعيه التي فصلها الفقهاء علي هذا النسق من التضييق ،وقد تاسست هذه الاحكام علي عدد من المصادر الفكريه والمفاهيم الفقهيه التي تحتاج الي مناقشه في اصل مشروعيتها ووجه الاستدلال بها وهي :
    1/نصوص حديثيه
    فقد وردت احاديث في الصحاح فيها تضييق علي االاخر الكافر او الملي مثل احاديث التضييق علي الكفار في الطريق وهي مرويه عند مسلم وغالبها احاديث احاد مخالفه لقطعيات القران والقاعده ان الظني المخالف للقطعي وقد قدمنا الحديث عن مقام السنه من الكتاب في مقام سابق .وهذه الاحاديث لاتخلوا ان تكون احكام اجرائيه وتدابير وقتيه مرتبطه بظروف تاريخيه محدده اقتضتها طبيعة المعركه في ذلك الوقت فهي احكام تاريخيه لكنها قطعا لاتصلح ان تكون احكام عامه مطلقه، فينبغي للفكر الاسلامي وهو يؤسس من جديد لفقه الاخر ان يتجاوزها.
    2/الشروط العمريه
    وهي شروط جاءت الروايه ان الخليفه عمر بن الخطاب اشترطها علي اهل الكتاب وفيها تضييقق شديد وتسبب كثير من الحرج والعنت لهذه الشريحه،وقد اقام الامام ابن القيم كتابه عن احكام اهل الذمه علي هذه الشروط ونحن نناقش هذه الشروط فنقول:
    *ثمت نقد وجه الي سند هذه الشروط والي صحة نسبتها الي الخليفه عمر لان ابن القيم رواها بلا سندوقال ان شهرتها تغني عن سندها وهو كلام منافي للمنهج العلمي الذي يجعل السند واحد من شرائط صحة الحديث او الاثر ويمكن ان تراجع لذلك كتب مصطلح الحديث .
    *ومتنها مخالف للنصوص القرانيه التي تامر ببر اهل الكتاب (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ويخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم)
    *اذا صحة الروايه عن الخليفه رحمه الله فان اعلي احوالها من الاستدلال ان تكون مذهب صحابي وهو اجتهاد غير ملزم علي القول الراجح في علم الاصول ، وقد تحدث عن هذه الشروط بتفصيل لاتسمح طبيعة المقال بالاستطراد فيه العلامه الدكتور صبحي الصالح رحمه الله في تعليقاته علي كتاب ابن القيم المشار اليه..
    *والرويه التي نتبناها في التعامل مع الاخر هي الرؤيه التي صاغتها النصوص المحكمات الخالدات من الكتاب بعيدا عن الاسقاطات الظرفيه والاجتهادات التاريخيه التي كانت استجابه للحراك الاجتماعي ومطلوباته
    لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
    وكذلك:
    ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
    وكذلك
    يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
    وكذلك:
    لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَومن "السنة النبوية المطهرة" النص الوارد في حجة الوداع
    "أيها الناس ! إن ربكم واحد وإن أباكم واحد. كلكم لآدم ؛ وآدم من تراب. أكرمكم عند الله أتقاكم ، وليس لعربي على أعجمي فضل إلا بالتقوى . ألا هل بلّغت ؟ اللهم فاشهد. قالوا: نعم . قال: فليبلغ الشاهدُ الغائب."
    ويمكن الاستدلال على "التعايش الدستوري" الإسلامي ضمن "كيان سياسي واحد" بالعهد الذي كتبه الرسول بين اليهود والمهاجرين والأنصار في المدينة المنورة والمسمى "الصحيفة"وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم."
    "وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داما محاربين."
    "وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين ، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم ، فإنه لا يُوتغ إلا نفسه وأهل بيته."
    "وأن على اليهود نفقتهم ، وعلى المسلمين نفقتهم ، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة ، وأن بينهم النصح والنصيحة والبرِّ دون الإثم."
    "وأنه لا يأثم امرءٌ بحليفه ، وأن النصر للمظلوم."
    "وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين."
    "وأن يثرب حرامٌ جوفها لأهل هذه الصحيفة."
    "وأن الجار كالنفس غير مضارٍّ ولا آثم."
    "وأنه لا تجار حرمةٌ إلا بإذن أهلها."
    "وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث ، أو اشتجار يخاف فساده ، فإن مردَّه إلى الله وإلى محمد رسول الله ، وأن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبَرِّه."
    فالعلاقات مع الاخر في الداخل او الخارج تقوم علي التعاون والتناصر في القيم المشتركه بما يصلح الوجود الانساني ويستقر به الاجتماع البشري .
    3/مفهوم دار الاسلام ودار الحرب:
    وقد يعكر علي هذا المفهوم ما استقر في الفقه الاسلامي من تقسيم الارض الي قسمين :دار اسلام ودار حرب وهذا التقسيم وما ينتجه من مفاهيم لا ينتمي الي الحقل المفاهيم المركزيه القاره بل هو اجتهاد فقهي مقابل لفترات تاريخيه كان العلاقه فيها بين المسلمين وبين الاخر علاقة حرب كما في الحروب الصليبيه .ولم يكن هذا هو التقسيم الوحيد الذي انتجه العقل المسلم بل بعض العلماء مثل الرازي الاصولي المعروف والامام السرخسي صاحب المبسوط قدموارؤيه وصوره اجتهاديه مغايره لهذه الصوره السائده فجعلوا القسمه ثلاثيه :دار اسلام ودار عهد ودار حرب
    وإذا أخذنا في الاعتبار الظرف التاريخي لهذا التقسيم إلى دار إسلام ودار حرب ودار عهد، فإننا نجد أن العلاقات التي تربط الدول الآن بعضها ببعض تحتم علينا إعادة النظر في هذا التقسيمات ؛ فهذه التقسيمات تقسيمات تاريخيه تجاوزها الفكر الاسلامي الحديث إذ أصبح الأصل في العلاقات الدولية أنها علاقات دار العهد وانحسر نطاق دار الحرب إلى الدول التي يوجد بينها وبين بلاد المسلمين حالة حرب فعلية، فالدوله تقوم علي مفهوم المواطنه وهو مفهوم مركزي مهيمن علي كل التفاصيل الحاكمه للمكونات العقديه والاثنيه للدوله ،وبالتالي يجب اعادة النظر في جميع الاحكام الفقهيه الجزئيه التي تعكر علي هذا الاصل
    4/ مفهوم الجهاد بين منطق الدوله ومنطق الدعوه:
    ترتب علي تقسيم الارض الي دار حرب ودار اسلام قيام العلاقه بين المسلمين والاخر علي انها علاقة جهاد وفتح وتوسع وهو مفهوم يحيل الاسلام الي مشروع سلطوي للسيطره والتوسع ويجعل المسلمين عصابه من قطاع الطريق وقد ساعد علي تكوين هذا التصور القراءه المعكوسه التي قام بها العقل المسلم لنصوص القران ،فجعلوا من النصوص المشتبه نصوص محكمه وحكموا بها النصوص المركزيه وجعلوا نصوص المقاتله المطلقه ناسخه لنصوص الاحسان والصفح والمجادله بالحسني فقد زعموا أن مقدمات سورة براءه حاكمه لقرابة المائه واربعة عشر ايه جاءت بالتسامح والصفح.فنصوص مثل
    فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
    وكذلك:
    وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
    وكذلك:
    إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ
    تعارض في ظاهر نظر المجتهد نصوص مثل:
    لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
    وكذلك:
    ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
    وآيات أخرى ذات نفس الدلالات الدالة على "التعايش" مثل:
    يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
    وكذلك:
    لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ

    وقد علق المفكر الاسلامي الاستاذ محمد ابوالقاسم حاج حمد رحمه الله علي هذا التعارض فقال
    (إن بقاء آيات السيف ضمن الكتاب يتوجب فهمها لا "بالتبرير الذرائعي" ولو كان الغرض حوارياً وتعارفياً وتسامحياً ولكن بالنفاذ إلى "منهجية الكتاب المعرفية" التي تحدد حالات الاستخدام وضوابطه لتوضيح أين تكون شرعة السيف وأين يكون الحوار. والتحديد هنا ليس عقلانياً مجرداً وإنما هو تحديد يدل عليه المطلق القرآني نفسه فنخرج بهذه "المرجعية الصارمة" من أرجاء التأويل والذرائعية.
    فالنص القرآني بما يتضمن من آيات السيف وآيات الحوار والتي تبدو متعارضة هو "نص مطلق" و "غير متناسخ" وله "وحدته العضوية" من الفاتحة وإلى المعوذتين ، "ومنهجيته"............فآيات السيف لا تختص بمواقع النزول والمناسبات ومواضع الأحداث ، وإنما تختص بعدة معطيات ومحددات متدامجة تتكون من:
    أولاً: لتحقيق مشروعية الأمة "المسؤولة عن الذكر" حيث لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
    ثانياً: لتحقيق النصرة الإلهية الغيبية للنبي والرسول الخاتم بتدخل إلهي.
    ثالثا": لتأسيس "الأمة الوسط" ما بين الأرض "الحرام" والأرض "المقدسة" وما جاورهما حيث لا تجتمع مركزيتان.
    "فمطلق" القرآن ومنهجيته يدلان على "محددات" التطبيق لآيات السيف ضمن تلك المرحلة بوصفها "مرحلة تأسيس" للمعطيات الثلاث الآنفة وليس ضمن ظرفية زمانية ومكانية ذات مفهوم تاريخي يرتبط بمواضع النزول ولكن "ضمن خاصية رسالية ورسولية".
    ثم يكون ما بعد ذلك توسعاً بشرياً لا علاقة له بشرعة السيف وموجباتها وبالجهاد).
    فالمنطق الذي يحكم الاسلام هو منطق الدعوه فلاقتال الا لضروره ازالة العوائق ومنح الحريه للناس لتلقي خطاب الحق فاذا تواضع البشر علي الحريات الدينيه وكفالة الحقوق للمجموعات في اقامة شعائر دينها وتبليغ دعوتها فلاحاجه لمنطق السيف بل يصبح القتال بعد هذا مشروع توسع ومنطق دوله ويصبح المسلمون عصابه من قطاع الطريق كما عبر محمد الغزالي رحمه الله.
    مؤسسات الدوله:
    تتشكل الدوله الحديثه من عقد منتظم من الموسسات هي قوام الدوله وعمادها ،لذلك لابد لاي باحث متصدي لسؤال الاسلام والدوله الحديثه ان ينبري لتبيان رؤية الفكر الاسلامي للاسس التي تحكم هذه المؤسسات ،ونحن في اطار هذه المقاربه نتناول اهم هذه المؤسسات واكثرها تاثيرا.
    1/مؤسسة الرئاسه والحكم:
    لاتحتوي نظم السلطه في تجربة المسلمين التاريخيه علي شكل مؤسسي للرئاسه ،بل كانت الرئاسه عباره عن فرد هو الخليفه او الامير وما يتردد في كتابات بعض المحدثين من الكاتبين في الفكر السياسي من حديث عن مؤسسة الخلافه فهو عباره عن اسقاط فكري لشكل محدث علي نمط تاريخي مفارق.
    وقد تباينت التقديرات في أي الاشكال والنظم الرئاسيه انفع واصلح للناس.والذي نتبناه في هذه الرؤيه هو النظام البرلماني الذي يتكون من موسسة رئاسه ورئيس وزراء منتخب وحكومه محاسبه امام البرلمان.
    تكون ملفات الامن والدفاع والسياده قسمه بين البرلمان المنتخب ورئاسة الدوله، ويعني مجلس الوزراء بالملفات التنفيذيه الخدميه تحت رقابة البرلمان ومحاسبته.
    2/مؤسسة الشوري والاتخاب:
    رغم ان النصوص القرانيه والسنيه تضافرت علي وجوب الشوري ولزوميتها مسلكا عاما في شعاب الحياه وفي باب السياسه والحكم علي وجه الخصوص ،الا ان الشارع سكت عن الاجابه علي اسئله عده متعلقه بالشوري مثل من هم اهل الشوري هل هي عامه في المسلمين جميعا ام انها خاصه باهل الحل والعقد فقط؟ وماهي مجالاتها ؟وكيف يتم اتخاب الحاكم عبر الشوري ؟وكيف يتم عزله وفق تدابير الشوري؟
    لذلك تباينت مواقف واشكال الشوري في تاريخ الحكم في الاسلام مابين شوري عامه لكل الامه وشوري خاصه لنخبه معينه جرت تسميتها باهل الحل والعقد.وبعيدا عن السجال الدائر فأن الرؤيه التي نتبناها هي رؤيه قائمه علي ان يكون هنالك دائرتين لاتخاب اهل الشوري دائره عامه تشمل جميع المسلمين (الدوائر الجغرافيه) ودائره خاصه باهل المعرفه والدرايه من اهل الاختصاص(دوائرخريجين)
    فالاول تحفظ لامه حقها في شمولية الشوري وعموميتها لجميع الامه والثانيه تعطي الامه فرصه أن يكون في مجالس شوراها اهل العلم والدرايه والاختصاص الذين قد لاتاتي بهم الدوائر العامه بحكم طبيعة تكوين ناخبيها.
    وينشاء من هذا الاتخاب برلمان هو الجهة التشريعيه والمحاسبيه الاولي الذي تجيز المراسيم والقوانين وتعتمد الحكومات وتعزلها كذلك ويكون مرجعيه تمثل الامه وتنوب عنها.
    * الحديث عن الشوري والانتخاب يدعونا للسؤال عن فتح مساحة الحريه والشوري في مجتمع متخلف يسوده الجهل والاميه والفقر اليست له مسالبه ؟الا يستدعي ذلك البحث عما اسماه الامام محمد عبده المستبد العادل أوما يسميه د.الكرسني بالشموليه المستنيره
    هذه حجه يسوقها كثيرا، اعداء الحريه والشوري وعمادها التزرع بفشل بعض تجارب الحريات والتعلل بضعف شعوب العالم الاسلامي وقلة وعيها مما يعوق الحريات ويؤخر التحول الديمقراطي،
    والمقدمات المساقه مقدمات صحيحه لكننا لانوافق علي النتائج التي تنتهي اليها لان الامم تتعلم من الحريه وتتتعلم من الخطاء قبل تعلمها من الصواب ولان جزء من معالجة علل الحريه هي مزيد من الحريه لامزيد من الكبت
    3/موسسة الامن:
    وهي الموسسه المعنيه بالمسؤليه عن ملفين مهمين:
    1/ملف المعلومات وتحليلها
    وهوملف ضروري للدوله فهو يضع المعلومات المطلوبه توافرها ويحلل هذه المعلومات ويقترح خيارات لصاحب القرار
    2/ملف المخابرات وتتبع الاعداء:
    وهو ايضا ملف مهم وخطير، لاتستغني دوله عن جهاز يقوم بهذا الدور فيرصد العداء ويتتبع حكتهم ويكشف مؤامراتهم ويعمل علي ابطالها وافشالها ويتتبع العدو ويعمل علي ان ينكا في صفه ويكبده الضرار
    فمؤسسة الامن تقوم بادوار خطيره واصبحت في السنوات الاخيره اكثر تمددا وتوسعا ودخلت في الشان السياسي والعلاقات الدوليه وسوق المال وحتي في التصنيع والتحكم في مسارات البحث العلمي ،وصارت ظاهره عامه اسماه بعض الاكاديميين (ظاهرة الامنوقراطيه(
    لذلك ينبغي أن تخصع لرقابه البرلمان ومسالة القضاء لان السلطه المطلقه مفسده مطلقه وفي ذلك يقول د.الترابي
    (ولذلك، ينبغى أن تكون شعبة الإمارة العليا التى تحفظ الأمن وتبسط الشرطة وتضطر الى مد حبال الأمن الخفية عرضة للرقابة من الرأي العام وأنظومة الشورى ومضبوطة بالقضاء، أمرها كله بين للملأ تطمئن به الرعية الى أن أمنها محفوظ من مخاوف الشر والجريمة في ذات البين، وأن حد السلطة البين وتقوى الرعاة الذى حملوا أمانتها، يراعى الميزان القسط بين الحرية والخصوص لديهم والنظام الآمر الذى تقتضيه المصلحة العامة والسطوة النافذة التى تستدعها الضرورة لدى السلطان.)
    4/ موسسة الثروه والمال:
    المال عصب الوجود الاجتماعي وواحد من محركاته ودافع من دوافع الفعل ومحفزه من محفزات الذات ومدخل فتنه تهدد نسيج المجتمعات ،اذا لم يتواضع الناس علي رؤيه تحكم تدبيره وتوزيعه. وكثير من الفتن التي اجتاحت الاجتماع البشري عند المسلمين وعند غيرهم من الشعوب كان احدي بواعثها اختلال معادلات الثروه والمال واختلال الفوارق بين طبقات المجتمع . والثورات التي قامت في التاريخ الاسلامي كثورة الزنج وثورة القرامطه مهما قيل عن عوامل خارجيه غذتها وايدي خفيه للعدو عملت علي تاجيجها الا ان درسها وفحصها وفق المنطق القراني(قل هو من عند انفسكم )، يكشف ان واحدا من اسبابها الرئيسه هو اكتناز البعض للثروات وضعف الحساسيه الاجتماعيه وضمور قيمة العدل الاجتماعي.
    ورغم أن النصوص جاءت تتحدث عن الامانه والعدل وتوزيع المال(كيلا يكون دولة بين الغنياء منكم ) ،لكنها كانت قيم عامه فالعقل الاسلامي لم يطور وسائل وموسسات ونظم لضبط المال وتحديد منهج السياسات العامه بل في فترة من فترات التاريخ الاسلامي تم توزيع المال علي الاقارب بمنطق (كيف اكون اميرا للمومنين اذا لم أفعل في المال ما اشاء) فلم يكن هنالك تحديد واضح لقواعد ونظم وسلطات الحاكم في التعامل مع المال وقامت طبقات مترفه تنفق المال علي الموائد والقيان والترف وشراء الجواري والمحظيات ورحلات الصيد وتدفع الاعطيات الضخمه للشعراء بينما الاف من الرعيه تعاني من الفقر المدقع وقد حفلت كتب الادب والتاريخ الاسلامي بهذه المفارقه الغريبه ،لانستثني من ذلك الا فترات قصيره في العهد النبوي وعهد الراشدين ابوبكر وعمر رضي الله عنهما. والذي يتامل في الفتنه الكبري ويحللها بموضوعيه يجد ان تكون الطبقات وتعارض المصالح كانا من العوامل التي ادت اليها ذلك ان الخليفه عمر كان قابضا علي اصحاب النبي صلي الله عليه وسلم ومشددا عليهم من السكني في الامصار واتخاذ الضياع والتوسع في العيش وكأن الرجل الكبير رحمه الله كان يستشف الغيب ويعرف تاثير الفتنه بالمال لذلك كانو يضيقون به ذرعا ،يقول الامام الطبري رحمه الله (: "كان عمر بن الخطاب قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بأذنٍ، وأجلٍ، فشكوه، فبلغه، فقام فقال: "ألا إني قد سننت الإسلام سن البعير، يبدأ فيكون جذعا، ثم ثنيا، ثم رباعيا، ثم سديسا بازلا. ألا فهل ينتظر البازل إلا النقصان؟ ألا فإن الإسلام قد بزل. ألا وأن قريشا يريدون أن يتخذوا مال الله معونات دون عبادة. ألا فأما وابن الخطاب حي، فلا. إني قائم دون شعب الحرة، آخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار)). وقال (لم يمت عمر رضي الله عنه حتى ملته قريش. وقد كان حصرهم بالمدينة، فامتنع عليهم، وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد ..... فلما ولي عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد، وانقطع إليهم الناس، فكان أحب إليهم من عمر) ،.لذلك لابد ان تقوم مؤسسه ماليه تعتمد علي النظم المؤسسيه لا علي تقوي الافراد وتكون مساله امام البرلمان عن خطتها العامه اوما يسمي بالموازنه العامه واوجه الصرف ولاتعدل في هذه الموازنه ولاتتصرف خارجها الا بعلم نواب الامه وتحساب هذه المؤسسه عبر الاجهزه المتخصصه من مراجع عام او قضاء عادل مستقل.ولابأس أن نستفيد من الفكر الغربي في هذا الباب فهم قد سبقوا في باب الرقابه والضبط والموسسيه ونظم المحاسبه ،سبقا بعيدا.
    5/مؤسسة القضاء والمظالم:
    لقد شهدت التجربه الاسلاميه تكون سلطه راسخة التقاليد ،هي سلطه القضاء الذي تمتع طيلة التاريخ الاسلامي بوضعيه مميزه واستقلاليه عن السلطه السياسه وكانت يد القضاء تطال حتي المفسدين من اصحاب السطوه من الامراء والوزراء وقد سجل التاريخ الاسلامي صحائف بيضاء تؤكد هذه الحقيقه وتثبتها.وقد تطورت النظم القضائيه في عالم اليوم نحو علميه اكثر وتراتيبه هرميه لتحقيق العداله واستقصائها ودقه اكثر في العمل العدلي القضائي .
    ونقول علي سبيل المؤجهات الكليه:
    اولا: لابد أن تتمتع السلطه القضائيه باستقلاليه عن الجهاز السياسي والتنفيذي وذلك بان تعين هيئاتها الاعلي عبر البرلمان ويعين قضاتها الادني من خلال مجلس اعلي مكون من داخل هذه السلطه ،ليس للجهاز التنفيذي عليه يد.
    ثانيا: لابد ان تستقل بميزانيه خاصه يجيزها البرلمان وتتولي مؤسسات رقابيه خاصه يكلف البرلمان بالمراجعه لهذه الميزانيه حتي تتمتع هيئة القضاء باستقلاليه ماليه.
    ثالثا: العمل بنظام تدرج مستويات التقاضي له فائدته في استيفاء التقاضي والاستيثاق من الحكم علي سبيل القطع او علي سبيل الظن الغالب دراء للشبهة وتقليلا لنسبة الخطأ.

    6/مؤسسة الدفاع أوالجيش
    وهي المؤسسه المعنيه بحماية البلاد وما فيها من الديانات واهلها ومالهم من الثروات والاراضي .
    رغم ان الدوله الاسلاميه علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم لم تعرف جيش نظامي متفرغ ومتصدي لمهام الدفاع وحراسة الثغور اذ ان الامه كانت تستنفر جميعها وتجمع لاداء المهمة المنوطه ثم ينفض جمعها بعد ذلك ،لكن نحن في عصر اصبح من ضروراته وجود قوه متفرغه بكامل تسليحها وعتادها ومدربه علي اعلي مستويات التدريب التي تتوافر في هذه العصر،فلا مجادله في ضرورة وجود جيش نظامي لكن يلزمه ان يتاسس علي ثقافه وافكار نري ان تشمل المفاهيم التاليه:
    1/أن تامين الاديان والارواح والاموال تكليف ديني لانها من الضرورات.
    2/بغير معارضه مع ماسبق فان الاصل هو السلم والود والعهد اما القتال فهو من احكام الاضطرار التي لا نلجأ اليها الا مكرهين.
    3/المؤسسه العسكريه ،مؤسسه محايده اوقل قوميه تعبر عن مجموع الامه وتمثل الكل ولاتتحيز لفريق .
    4/واجب المؤسسه هو حراسة الدستور الذي هو قوام قناعات مجموع الامه وجماع مفاهيمهم ومقولاتهم الاساس وخلاصة عقدهم الاجتماعي
    4/القتال للحمايه وازالة الظلم ورفع الغبن وحراسة المساجد والمعابد والبيع ودور اهل الاديان لا لنشر الدين وقسر الناس عليه.
    7/مؤسسة التربيه والتعليم:
    هي اهم المؤسسات التي يقوم عليها بناء الدوله الحديثه ،وقد قدمنا عليها المؤسسات السالفه لانها محل اشكال في اصل مقاصدها الحاكمه وطبيعة ادوارها ولان ضبابية الرؤيه حولها ادت الي عدد من الاشكالات ،أما التعليم في النظام الاسلامي فهو من الوظائف المشتركه بين الدوله والمجتمع فاذا قصرت الدوله في العنايه به وكثيرا ما تقصر كان المجتمع الاسلامي يسد الثقره ،وقد قدمنا ان المجتمع هو الاصل وليست الدوله ،لكن الدوله ايضا عليها نصيب من المسؤليه.
    واذا كان ذلك كذلك فأنه يلزم هذه المؤسسه أن تعني بالاتي:
    أ/صياغة مناهج تخرج الفرد الصالح في نفسه والمصلح لمجتمعه،أو الانسان الصالح بلغة محمد قطب كما في كتابه منهج التربيه الاسلاميه.
    ب/أن تتكون المناهج من شعبتين:
    1/شعبه عامه تعبر عن الضرورات من المعرفه في علوم الطبيعه او الشريعه او علوم الاجتماع مما تصلح به الارض وتعمر،مع مراعات الموازنه في تناول سائر الثقافات والاثنيات.
    2/ شعبه خاصه تعبر عن ثقافات القوميات كمنهج أضافي يمكن ان يتوزع بحسب الولايات وتركيبتها الاثنيه والثقافيه(منهج اقليمي او ولائي).
    ج/ان يكون التعليم في شعبه الادني ملزما ويحاسب عليه بقانون موضوع ونظام ملزم للفرد او من يتخول مسؤليته.
    8/ مؤسسة الثقافه والفكر:
    وسؤال الثقافه وعلاقتها بالدوله يستدعي سؤال الدوله والادلوجه الذي طرحه الفيلسوف اللبناني الدكتور علي حرب في كتابه التاويل والحقيقه.
    فهل الدوله كمؤسسه تصلح لنشر الافكار ؟وتتسع للمعرفه بصوره عامه وللافكار بكل مدارسها أم أن للسلطه خطابها وللدوله معرفتها ،فهي كما عبر د.تجاني عبد القادر تضيق بالافكار والمفكرين وبالثقافه والمثقفين.
    والذي عندي من ذلك بعد شئ من تامل نظري ودرس لما توافر من وقائع الاجتماع البشري وجدل السلطه والمعرفه داخل هذا الاجتماع،الذي اراه هو ان الدوله لاتحتفي بالثقافه الا بقدر ما تستفيد منها لتبرير اخطائها ولتقوية سلطانها ولامتلاك مشروعيه فكريه ، لان المعرفه سلطه ،يتنازع الناس علي امتلاكها.لذلك لاحظ الدكتور الترابي أن العلماء صادروا حق الحاكم وسلطته في الامر لان الحكام كانوا فاسدين فقصد الفقهاء ان يحرموهم من هذه السلطه العلميه الخطيره وقد تاسس علم الاصول وتاثر بهذا الحراك مابين العلماء والحكام ،وهذا يشهد لقولنا ان الدوله لا تلتقي مع المفكرين الا بقدر ماهم خادمين لاطروحاتها وتصبح العلاقه علاقة خادم ومخدوم، فالسياسي يقرر والمثقف يبرر وقد حفل التاريخ بكثيرمن المثقفين أدوا مثل هذه الادوار غير المشرفه وأول شريحه عرفت بذلك هي طبقة الكتاب المعروفه في تاريخ الثقافه العربيه والاسلاميه وكانوا هم بمثابة مثقفي السلطان وهم حملة علم بلارؤيه ولا اهداف عليا ولاورع ،اشبه بالتكنقراط الحديث.لهذاوغيره المذهب الذي اذهب اليه هو أن ترفع الدوله يدها عن الثقافه والاعلام وتصير صنائع يقوم بها المجتمع عبر الرسمأليه المسلمه وتتنافس هذه الرسماليه في تقديم مايرضي المجتمع. ولن نعدم قائلا ان يقول ما هو المعيار الذي يضبط مايرضي المجتمع فهب ان المجتمع ضعفت فيه القيم الاخلاقيه وهبط ذوقه وغاب فيه الوازع ، المجتمع فربما تشيع فيه المواد الثقافيه المخالفه لقيم الامه فلابد أن تضع الدوله بامنها ومصنفاتها وشرطة نظامها العام يدها علي الثقافه والاعلام والفن، لضبط الانتاج الثقافي.
    فاقول مهما كانت المبررات فان الافضل من الرقابه ،هو ان نرقي ذوق المجتمع ونرفع مستواه ونطور ذوقه الثقافي وذائقته الجماليه ونؤسس لقيم مفاضله ومعايير قبول ، يقبل بموجبها المجتمع السليم ويرد الفاسد ،وهذا ينسجم مع التصور الاسلامي فهو يقوم علي الرقابه الذاتيه والضبط الداخلي اكثر ما يعول علي رقابة القانون وضبط النظام.
    9/مؤسسة المعارضه:
    قد يستغرب البعض لعد المعارضه ،احدي مؤسسات الدوله ،بحسبان أن المعارضه في تجارب المسلمين ،تعني الفئات المتمرده علي الخلافه والدوله، فلا تعد بداهة جزأ من بنية الدوله بل تعد خارج هذه البنيه علي اقل الاحوال أن لم تكن خصما عليها.
    هل عرف المسلمون في تجربتهم التاريخيه شكل من اشكال المعارضه المنظمه التي هي احدي وسائل مراقبة الحكومه ومحاسبتها واحدي اليات التداول السلمي للسلطه؟
    حاول بعض الباحثين أن يؤصلوا لمفهوم المعارضه في الفكر الاسلامي فقاربوها الي مؤسسة الحسبه تارة ،وتلمس البعض لها شبها في الخلاف بين الخليفه علي والسيده عائشه ومجموعتها،وقالوا أن حزب عائشه كان أول تجربه للمعارضه في الاسلام وبنت احدي الباحثات رسالتها لنيل الماجستير علي هذه الخلفيات.
    وفي تقديري أن التجربه السياسيه للمسلمين لم تعرف تجربه معأرضه منظمه معترف بها لها دورها في منظومه الدوله.أما الاشارات لبعض الادوار التي قام بها البعض مثل ابوزر او العز ابن عبدالسلام او ابن تيميه فهي أقرب الي حركات الاحتجاج منها الي المعارضه المنظمه المعترف بها والتي لها ادوار منصوص ومتفق عليها في البناء السياسي الحديث.
    وهذا لا يمنع من الاستفاده من تجربة نظام المعارضه المنظمه المعترف بها دستورا وتمكينها من اداء دورها كاحدي وسائل الرقابه والضبط لمسار الحكم وكاحدي اليات احداث التوازن وكفكفة غلواء سلطة الدوله بحسبان أن الدوله الحديثه بطبيعتها دوله طاغيه واخطبوط كما درج فلاسفه السياسه علي توصيفها ،لذلك اهتم مفكري الغرب بالسعي لاستحداث وسائل للتخفيف من طغيانها كان واحدة من هذه الوسائل مؤسسة المعارضه.
    ومؤسسة المعارضه ينبغي ان تقوم علي المفاهيم التاليه:
    1/ انها جزء من وسائل بناء الدوله واستقرارها من خلال دورها المراقب والمحاسب والمبادر بالمشروعات والمقترح للخيارات ،وتراعي في ذلك كله انها مضبوطه بسقف أخلاقي قيمي وانها معارضه داخل نظام سياسي ثقافته وقيمه مغايره للنظام الغربي فهي ليست صوره كربونيه لنظام المعارضه في التجربه اليبراليه الغربيه.
    2/أن المصلحه القطعيه العليا للمسلمين مقدمه علي المعارك والانتصارات السياسه الجزئيه وان طلبها للسلطه لاينبغي أن يكون ذريعه لضرب الامه وفتح الثغره لعدوها فالمنافسه في طلب السلطه ليست معيبه في نفسها،لكنها معيبه اذا اضرت بالامه يقول د.تجاني عبدالقادر (فقد تنازع فيها أهل الشوري من الصحابة، فما رد عنها طالب ولا منع منها راغب، كما عبر عن ذلك أحد العلماء، ولكن المكروه دينا وسياسة هو أن يجر طلب الإمامة الى كشف عيبة للمسلمين كانت مكفوفة، أو الى نقض عهد كان مبروما، أو الى أغراء عدو متربص، أو تحريك فتنة يسفك فيها دم.)
    3/عندما تصاب الامه بالفتن والبلاءت الكبري من مجاعة عامه او عدو داهم فينبغي ان تتوحد الصفوف جميعها لدفع الشر الاعلي وازالة الاضرار الكبري فتساهم المعارضه مثلما تساهم سائر مؤسسات الدوله في هذا الواجب.
    تعليق عام:
    مهما قيل من التقدم الذي احرزته الدوله الحديثه في انظمتها ومؤسساتها فانه من المعلوم بداهة ان الاشكال والانظمه الاداريه والمؤسسيه تعبر عن خلفيات فكريه لذلك لاينبغي ان تستلف استلافا مجانيا بل الواجب ان نقوم بدرس هذه المؤسسات وقراءت خلفياتها الفكريه ومقاصدها وطبيعة السياقات التي نشأت فيها حتي نبذل مجهود في اعادة صياغتها والاسهام في الاضافه اليها فنأخذ من الغرب اخذا مبصرا قوامه منهج الحكمه والتبصر او منهج الاستصحاب كما اعاد تاؤله وصياغته د.الترابي وهو يقدم اطروحاته لتاصيل علم الاصول .لانه ليس من المعيب ان ناخذ الوسائل من الاخرين ونضيف اليها خبراتنا الخاصه ونعدل فيها حتي تتناسب مع سياقنا الثقافي.
    أضف الي ذلك نحن في هذه المقالات لسنا معنيين بالغوص في الجانب الاجرايئ واشكال النظم ونوع المؤسسات الملائمه انما نقصد ان نشير الي المؤسسات في سياق الحديث عن مقاصدها الضابطه واسسها الموجهة وقواعدها الكليه وهذا ما تقتضيه طبيع المقاربه التي نتناول بها الموضوع (مقاربه معرفيه).
    ثم أن الاسلام يستطيع ان ان يساهم في هذا السباق الحضاري، ليس بان يتنكر لتقدم الفكر الغربي ويتوهم انه يمكن أن يوقف مسيرة التاريخ ويرجع عقارب الساعه عبر الاصرار علي استعادة نماذج تاريخيه قديمه واكسابها نوع من الجده والباسها ثوب العصر ،لكن ما يستطيع الفكر الاسلامي ان يسهم به هو ان يعيد ربط هذه المؤسسات بنظام القيم الاسلامي ،لان الغرب قد تضخم في عالم الوسائل والاشياء وضعف وافلس في عالم القيم الموجهة للاشياء حتي اصيب بما تسميه مدرسة فرانكفورت( ظاهرة التشيؤ) وهي ظاهره تضخم الاشياء بعيدا عن القيم واستلابها للانسان وقد قام تيار كامل يحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من الحداثه ويعمل علي استعاده ألخلفيات الفكريه الحامله للؤسائل والاشياء اوألحكايات الكبري كما يسميها الفيلسوف الفرنسي فرانسوا ليوتار احد ابرز نقاد الحداثه .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de