د. محمد وقيع الله ومشكلة العقـلية الإسلاموية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 10:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-22-2007, 05:04 PM

abu-eegan

تاريخ التسجيل: 02-20-2003
مجموع المشاركات: 124

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د. محمد وقيع الله ومشكلة العقـلية الإسلاموية

    هذا المقال نشر بصحيفة الصحافة السودانية قي يومي الثلاثاء والأربعاء 20 و21/11/2007
    د. محمد وقيع الله ومشكلة العـقـلية الإسلاموية
    مقدمة:
    العقلية الإسلاموية هي العقلية التي لا تميز بين اتخاذ الإسلام كوسيلة للحياة العليا، واتخاذه كوسيلة للحياة الدنيا، أو قـل هي التي لا تميز بين اتخاذ الإسلام كدين يُـتـقرب به إلى الله تعالى، وتــُنـال به مرضاته، وتصان به حقوق ومصالح عباده، وتساس به الحياة الدنيا وفق قيم الدين ـ قيم الحق والعدل والمساواة ـ فتساق به نحو الحياة العليا، وفـقـًا للحديث النبوي الشريف (الدنيا مطية الآخرة)، وبين اتخاذ الإسلام كوسيلة للحصول على مكاسب الدنيا، من سلطة وثروة وما إلى ذلك، على حساب حقوق الآخرين، وعلى حساب قيم الدين.. والعقلية الإسلاموية، إذا ميزت بين الإسلام كدين تساسُ وفـقه الدنيا، والإسلام كدنيا يـُسيـَّس لها الدين، فإنها تختارالأخير، تختارالإسلام كوسيلة للدنيا.. ثم إن العقلية الإسلاموية، سواء كانت لا تميز بينهما، أو كانت تميز وتختارالأخير، فإنها في الحالتين تـتخذ الإسلام وسيلة للدنيا أو تؤيد من يتخذونه وسيلة للدنيا، علمـًا بأن اتخاذه كوسيلة للدنيا لا يستطاع إلا عن طريق التمسك بالفهم الخاطيء له، الذي يشوهه، ويظهره بمظهر الظلم والإجرام والفساد، ومن ثم ينفر الناس عنه، مما يعني أن اتخاذ الإسلام كوسيلة للدنيا إنما هو عملٌ ضد الإسلام نفسه مثـلما هو ضد الحقوق والمصالح المشروعة لمن يقع عليهم الظلم والإجرام والفساد.. ومن سمات العقـلية الإسلاموية أيضـًا ما يلي:
    1) احتقار عقل المرأة، والنظر إليها كمخلوق ناقص العقل والدين، وجسده وصوته عورة، وغير قابل للرشد، ولا يستحق المساواة بالرجل، بل ولا يستحق الخروج من وصاية الرجل، ولن تفلح أمة تضعه في منصب حكم أو قضاء، وذلك كله على سبيل الفهم الخاطيء لبعض النصوص الإسلامية التي أخرجت من سياقها التاريخي والجغرافي، وجُـردت من حكمتها المرحلية، وعُـممت على جميع الأزمان والأماكن بما يخالف الفهم السليم للإسلام
    2) التفكيرالشمولي والاستبدادي الذي يوافق على فرض المشروع الإسلاموي على شعب متعدد الأديان والثـقافات، بل ومتعدد المذاهب داخل الدين الواحد، والتفكير الأناني الذي يستهين بحياة الآخرين وسلامتهم وحقوقهم فلا يرى في القتل والتعذيب والإجرام، الذي يرتكب في حقهم، أمرًا كافيـًا للقول بفشل الأنظمة السياسية التي ترتكبه
    3) التفكيرالتجريمي الذي يسيء الظن بالجميع فلا يؤمن بوجود دوافع انسانية أو عدلية أو اهتمام بالمصلحة العامة، لدى أحد، فالعـقـلية الإسلاموية، لأنها تتخذ مواقفها على أساس السعي إلى الاستئثار بالسلطة وبالثروة دون الآخرين، وتدعي غير ذلك، إنما تظن أن كل خصومها يتخذون مواقفهم على نفس الأساس وإن زعموا غير ذلك
    4) التفكيرالسطحي الذي يحتجب بالمظاهرعن الجواهر، وتختلط عنده الوسائل بالغايات، ولذلك يهتم فقط بزيادة حجم الثروة الوطنية دون أن يهتم بعدالة توزيعها بين المواطنين، كما يرى في مجرد النمو الاقتصادي، دونما اصلاح سياسي، ودونما عدالة في توزيع الثروة، استـقرارًا سياسيـًا، ودليلا على النجاح، وعلى العبقرية في إدارة شئون الحكم، كما يرى في إنشاء الطرق والكباري، والمباني الضخمة، ومشاريع الاستثمار المختلفة، وصناعة أو استيراد السيارات الفارهة، وما إلى ذلك، إنجازات قـيمة في حد ذاتها، ومعيارًا لقياس نجاح الحكومات، ومن ثم فهو يؤيد الحكومة التي تنجز مثـل هذه المشاريع حتى لو كانت تخفي عن الشعب كمية البترول الذي يُصدَّر، وحجم عائداته النقدية، وأين تذهب، وهل يتم توزيعها وفق سياسة عادلة ورشيدة، أم إنما يذهب بعضها إلى جيوب أعضاء الحزب الحاكم ومحسوبيهم، وبعضها في أغراض الدعم السياسي والأمني والعسكري لحكومتهم، وبعضها في أغراض التمكين الاقتصادي لعضويتهم وحلفائهم ومن يدعمون سلطتهم من أفراد الطبقة البرجوازية، وبعضها في إنشاء الطرق والكباري التي تيسر حركة السيارات الفارهة لهم ولداعميهم، الخ
    وقيع الله وتزييف التاريخ:
    كتب د. محمد وقيع الله مقالا في الرد على الأستاذة رباح الصادق المهدي، بعنون: (لو غير ذات سوار انتقدتني.. الاستقرار السياسي وعبقرية الانقاذ) نشر بهذه الصحيفة بتاريخ الأربعاء 31/10/2007 .. ومما جاء فيه قوله: (ومن ذكرته رباح بالتحديد ـ يشير هنا إلى د. الترابي ـ هو شخص واحد من أشخاص كثر من دعاة النقمة والخراب، من بينهم أبوها ـ يعني الصادق المهدي ـ الذي دعا ولا يني يدعو إلى النقمة والخراب، وهو بلا ريب من أكثر من أسهموا في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، مرة بحجة محاربة النميري، ومرة بحجة محاربة البشير) انتهى.. ولستُ مدافعــًا عن الصادق ولا عن الترابي، بل وأرى أنهما، مضافــًا إليهما أتباع الأخير، هم من صنعوا محنة هذا الوطن، وما يزال تلاميذ الترابي، الذين انقـلبوا عليه وطردوه من حظيرة السلطة، يصنعون المحنة ويصرون على ابقـائها، إذ يرفضون التحول الديمقراطي الحقيقي لأنه سيحول بينهم وبين الاستئثار بالسلطة وبالثروة، ولكن الذي يهمني هنا هو محاولة تزييف التاريخ.. فالواقع أن من كانوا يسمَون بالإخوان المسلمين، والذين ظلوا يـبدلون اسماءهم حتى انتهوا إلى (المؤتمر الوطني) و(المؤتمر الشعبي)، قد شاركوا الصادق في محاربة النميري، في أحداث (المرتزقة) عام 1976، حيث التقت أطماعهم، آنذاك، مع أطماع الصادق، في محاولة العودة إلى السلطة، وقد كانوا قبل مايو يشاركون الصادق محاولة تمرير مؤامرة (الدستور الإسلامي) المزيف، التي كانت تهدف إلى تمكينهم سويـًا من الاستئثار بالسلطة وبالثروة، بلا منازع، فجاءت مايو لتنسف مشروعهم، وتمزق دستورهم المزيف، فاشتركوا في محاربتها، عن طريق تدريب (المجاهدين) وتسليحهم وإرسالهم إلى الخرطوم لإشاعة الفوضى وقتل الأبرياء عسى أن تسقط مايو فيعودوا هم إلى السلطة، فلماذا وكيف يدافع وقيع الله عن (المؤتمر الوطني) في مواجهة رباح الصادق بالقول بأن الصادق قد أسهم (في إشعال النيران بين جنبات هذا الوطن، بحجة محاربة النميري) دون أن يذكر أن (المؤتمر الوطني) نفسه، تحت اسم (الإخوان المسلمين)، قد كان شريكــًا في هذا الإشعال؟؟
    ومما جاء في المقال أيضـًًا قوله: (والصادق هو من أبرز الذين صنعوا ظاهرة قرنق، وقد قدمه الصادق لمن منحوه السلاح من العرب والروس، وظل يشجعه في تمرده وتخريبه، وكل إنسان قتـله جون قرنق، فإن الصادق مسئول جزئيـًا عن دمه) انتهى.. ولكن وقيع الله يعلم أن الإنقاذ قد أبرمت اتفاقية سلام، مع د. جون قرنق وحركـته الشعبية، تنص على وقف العدائيات وعلى مشاركة الطرفين فيما سمي بحكومة الوحدة الوطنية، ووقيع الله يعـلن تأييده للإنقاذ، ويشيد بـ (عبقريتها، وانجازاتها، واستـقرارها السياسي) ولا يذكر أنه يختلف معها في التصالح مع قرنق، ومع ذلك يصف الراحل المقيم قرنق بالتخريب، وبأنه من قام بقـتـل الأبرياء من أبناء الوطن، فكيف يستقيم ذلك مع اتفاق السلام ووقف العدائيات؟؟ أليس ذلك من أمثـلة التناقض؟؟.. وأما من حيث المحتوى فهو مثال للكذب، وتزييف التاريخ، فالواقع أن قرنق وحركته الشعبية قد كانوا يحاربون من أجل قضية عادلة، هي قضية العدل والمساواة بين أبناء الوطن، في السلطة والثروة وكافة الحقوق الدستورية، مع إعطاء الجنوب حق تقرير المصير، ليستخدمه في حالة عجز النخبة الحاكمة في المركز عن تحقيق العدل والمساواة، ثم إنهم في حربهم قد التزموا بقدرالإمكان بالقوانين والمواثيق الدولية في تفادي ضرب المدنيين وتجنب الاضرار بهم.. فماذا فعلت (الإنقاذ) في حربها ضدهم؟؟.. رأت أن تستخدم فيها الدين كما تستخدمه دومـًا في أغراضها السياسية (لا بديل لشرع الله) فأعلنت (الجهاد) وحولت الحرب إلى حرب دينية، بين مسلمين وكفار، وصارت تقبض على الشباب من البصات والحافلات والأسواق، وتسوقهم إلى مراكز التدريب بالقوة، ثم إلى مواقع الحرب، وجندت حتى النساء، وأقامت (أعراس الشهيد) وأثارت الفتنة الدينية، والعنصرية، بين أبناء الوطن، فعملت بذلك على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتمزيق الوطن، ولقد ورد في الحديث النبوي: (الفتنة نائمة، لعن اللهُ من يوقظها) وجاء فيه أيضـًا: (الفتنة أشـدُّ من القـتـل)
    وقيع الله وشرع الله:
    ومما جاء في مقال وقيع الله أيضـًا قوله: (ومع ذلك لم يرض قرنق عن الصادق ولم يلن له حتى بعد أن جمد له العمل بشرع الله) انتهى.. فما هو (شرع الله) الذي جمده الصادق سوى قوانين سبتمبر؟؟.. فهل الذي جمدها هو الصادق وحده أم أن كافة القوى السياسية قد اتفقت على تجميدها، باستـثـناء (الجبهة الاسلامية) التي ظلت تنادي بتطبيقها بغرض الكسب السياسي، ثم لم تستطع تطبيقها عندما استولت على السلطة؟؟ ثم ألم تجمد حكومة سوار الذهب تلك القوانين قبل أن تواصل تجميدها حكومة الصادق؟؟.. ثم هل هي تمثـل شرع الله حقــًا؟؟.. هل شرع الله مجرد قانون عقوبات (حدود وقصاص وتعاذير) أم إنما هو دين مكتمل، بكل بما يحوي من أخلاق وقيم ومثـل وتربية وتوعية وعدالة ومساواة، الخ، قبل أن يكون قانون عقوبات؟؟ ثم هل يقضي قانونه على الزاني المحصن بعقوبة (الإعدام) شنقــًا كما نصت قوانين سبتمبر، أم إنما يقضي عليه بعقوبة (الرجم) بالحجارة؟؟ هل يوافق الاسلام على استبدال عقوبة (الرجم) بعقوبة (الإعدام) شنقــًا أو حتى بعقوبة (القـتل) بالسيف؟؟.. لقد نص الاسلام على عقوبة (القـتل) لجرائم أخرى، وقد كان يستطيع أن يجعلها عقوبة أيضـًا لجريمة زنا المحصن إذا أراد، ولكنه أراد لهذه الجريمة عقوبة (الرجم) بالتحديد، ولقد استبدلتها قوانين سبتمبر بعقوبة (الإعدام) شنقــًا كما استبدلت عقوبة خيانة الأمانة ـ وهي في الإسلام تعذيرية وفقــًا للحديث النبوي (ليس على مختلس ولا منتهب ولا خائن قطع) ـ بعقوبة حدية هي قطع اليد، وغير ذلك كثير، ثم إن قوانين سبتمبر قد وُضعـت لتطبق على مجتمع بعيد كل البعد عن الإسلام، قبل بعث الإسلام فيه، مما يعني أن تطبق على غير أرضية من التوعية والتربية والعدل في توزيع الثروة، فتطبق بذلك على الفقراء والمساكين، فلا تعدو مزيدًا من الظلم والقهر الذي يمارسه الأغنياء المتخمون على الفقراء الجائعين، فما الذي جوَّز لوقيع الله أن يسميها شرع الله سوى التفكير السطحي الذي يحتجب بالمظاهرعن الجواهر؟؟
    ومما جاء في المقال أيضـًا قوله: (ولكن عبقرية الإنقاذ الساطعة جعلت العكس ممكنـًا حيث بذلت جهدها كله لإنجاح التنمية الاقـتصادية التي يمكن أن تؤدي أخيرًا إلى الاستقرار، وهذا ما نجحت فيه الإنقاذ بامتياز) انتهى.. والواقع أن سياسات ما سمي بالتحرير، والخصخصة، واقتصاد السوق، والرأسمالية الطفيلية المشتطة، التي اتبعتها الإنقاذ، إنما هي أسوأ سياسات اقتصادية تطبق في السودان منذ الاستقلال، لأنها إنما تركز الثروة في أيدي قـلة قـليلة، بينما تترك الأكثرية الساحقة دون مستوى خط الفقر، ولا سيّما إذا كانت هذه السياسات مصحوبة بفساد سياسي، ثم إن النجاح الاقتصادي، حتى لو كان حقيقيـًا، فإنه لا يؤدي إلى الاستقرار مالم يصحبه إصلاح سياسي، وهذا ما فشلت فيه الإنقاذ بامتياز
    وقيع الله ودخل الفرد:
    ومما جاء في المقال أيضـًا قوله: (وحسب الاحصاءات العلمية التي قدمتها المنظمات الدولية المحايدة، فقد قفز إجمالي الدخل القومي السوداني من (10,3) بليون دولار في عام 2000، إلى (18,5) بليون دولار في عام 2004، إلى (23,3) بليون دولار في عام 2005، وقفز مستوى الدخل الفردي من (310) دولار سنويـًا في عام 2000، إلى (522) دولار في عام 2004، إلى (640) دولار في عام 2005، أي أنه تضاعف خلال خمس سنوات) انتهى.. ولقد أورد وقيع الله هذه الاحصاءات تحت عنوان (عبقرية الإنقاذ) وضمن سياق يستشهد بها فيه على النمو الاقتصادي السريع في عهد الإنقاذ، وهناك أمر بديهي هو أن (مستوى دخل الفرد) إنما يقاس في هذه الاحصاءات عن طريق قسمة الدخل القومي الإجمالي على عدد السكان، ويكون حاصل القسمة هو (مستوى دخل الفرد) وحيث أن الدخل الإجمالي، في الواقع، لا يوزع على السكان بالتساوي، بل وفي عهود الفساد السياسي يذهب جله إلى قـلة قـليلة، بينما لا (ينوب) الأكثرية منه سوى الفتات، فإن (مستوى دخل الفرد) الاحصائي هذا لا يصلح كدليل على مستوى الدخل لدى كل الأفراد، ولا لدى أغـلبهم، ولا لدى نسبة كبيرة منهم، ولذا فلا عبرة به، فإذا كان الاقتصاد إنما ينمو ويتحسن لصالح قـلة قـليلة دون الأكثرية، فما هي أهمية نموه وتحسنه؟؟
    ومما ورد بالمقال أيضـًا قوله: (ولذلك فقد استغربتُ كثيرًا حديث رباح عن الفقر والفقراء، وزعمها وزعم أبيها من قبل أن أحوال المواطنين لم تتحسن، وهو قول مناقض لإفادة الأرقام الموثـقة سالفة الذكر التي أفادت بتضاعف مستوى الدخل الفردي خلال الخمس أعوام الماضية) انتهى.. ألم أقـل أن العقلية الإسلاموية موسومة بالتفكير السطحي، فها هو وقيع الله يفوته الانتباه البديهي إلى كيفية حساب (مستوى الدخل الفردي) في مثـل هذه الاحصاءات والأرقام، مما سلف بيانه، فيستغرب الحديث عن وجود فقراء بالسودان الآن، بعد ارتفاع (مستوى الدخل الفردي) في الاحصاءات.. والواقع أن الفقراء والعاطلين، عطالة سافرة أو مقنعة، منذ أواسط العقد الأخير من القرن الماضي وحتى اليوم، إنما هم الأغلبية، ولا يخفون على مراقب، والواقع أيضـًا أن الفقراء في عهد الإنقاذ قد أخذوا يزدادون فقرًا، كلما تقدم الوقت، بينما أخذ الأغنياء يزدادون غنىً
    وقيع الله والسيارات الخاصة:
    ومما ورد في المقال أيضـًا قوله: (وقد عجبتُ كثيرًا لزعمهما المتكرر أن البترول لم يسهم في تحسين أحوال المواطنين، وردًا على ذلك أقول إنه لو لم يكن للبترول السوداني من فضل إلا أنه قد كفى لتسيير مئات الآلاف من السيارات التي نراها في شوارع الخرطوم لأوفى وزاد على الوفاء، هذا مع ملاحظة أن عدد سيارات الخرطوم قد تضاعف خلال الأعوام القليلة الماضية نحو عشرة أضعاف، وكاد يصل عددها إلى نصف مليون سيارة) انتهى.. فقـل لي بربك أيها القاريء ماذا يجني الملايين، ممن لا يملكون سيارات خاصة، من تسيير مئات الآلاف من السيارات الخاصة، سوى زحمة السيارات التي تعيق حركة المركبات العامة التي تحملهم؟؟ علمـًا بأن أغلب سير السيارات الخاصة، التي يستخدمها ـ بحسب وقيع الله ـ مئات الآلاف من أصحابها، إنما هو بغرض التنزه والترفيه وغيره من الأغراض الكمالية، وأن كمية البترول التي تهدر في ذلك إنما تكفي لنقل الملايين، لأغراضهم الضرورية، عبر مركبات عامة.. وحتى المركبات العامة قد كان يجب أن تكون بصات واوتوبيسات، وليس حافلات وركشات، لأنها تحمل عددًا أكبر من الركاب، وبالتالي تنقل العدد المطلوب نقله، باستخدام عدد أقـل من المركبات، وبذلك تقلل من كمية البترول المستهلك، ومن حجم ازدحام السيارات في الطرق، في آن ٍ معـًا، وذلك فضلا عن أن السيارات الخاصة والمركبات الصغيرة، الكثيرة، إنما تساهم في تلويث البيئة، وفي الاحتباس الحراري، بأكثر مما تفعل البصات والاتوبيسات القليلة
    ومما جاء بالمقال أيضـًا قوله: (فهل هذه السيارات الكثيرة المتكاثرة تسير بالماء؟ أم بالهواء؟ أم إنها تسير بالبترول الذي استخرجته بعبقريتها وعزمها وحزمها ـ وقبل ذلك وبعده بفضل الله تعالى ـ دولة الإنقاذ، هذا ولا نريد أن نذكر الناس ـ وهم لم ينسوا بعد ـ بصفوف البترول والخبز التي لم تنته إلا عندما جاء عهد الإنقاذ) انتهى.. فهل الإنقاذ هي من أوجد البترول في باطن الأرض؟ اللهم لا، فهل استخرجته بأيدي رجالها؟ اللهم لا، فإذا كان التعاقد مع أيِّ شركة أجنبية، لتستخرجه، إنما ينص على سداد حساب الشركة من البترول نفسه، بعد استخراجه، فهل في مثـل هذا التعاقـد أية صعـوبة، أو يحتاج إلى (عبقرية وعزم وحزم)؟ اللهم لا.. وأما صفوف البترول والخبز في العهد الحزبي، قبل الإنقاذ، فإن من أهم أسبابها الصراعات الحزبية، والقلاقـل، التي كان يثيرها الاسلامويون، ويشغلون بها الحكومة عن استخراج البترول وعن غيره من الأعمال النافعة، حتى استولوا هم على السلطة، فنشروا المظالم والمآسي والفتن، واستخرجوا البترول، ولكن ليس لصالح الشعب، بل لخدمة أغراضهم هم
    وقيع الله والاستقرار السياسي:
    ومما جاء في المقال أيضـًا قوله: (إن الاستقرار السياسي هو رفيق للتقدم الاقتصادي، وقد كان من عبقرية الإنقاذ، كما ذكرنا، أنها تمضي قدمـًا في تحقيق الاستقرار السياسي، عن طريق تنفيذ خطط ناجحة للتنمية الاقتصادية، ومهما يكن الأمر فإن هذا يؤكد أهمية توطيد الاستقرار السياسي في البلاد، لأنه هدف وغاية) انتهى.. فهل تكفي التنمية الاقتصادية وحدها لتحقيق الاستقرار السياسي، دون أن يرافقها ولو الحد الأدنى من الإصلاح السياسي؟؟.. كلا ولا كرامة.. إن الحد الأدنى، على الأقـل، من الإصلاح السياسي أمر ضروري من أجل الاستقرار.. وهذا الحد الأدنى يقتضي أولاً معالجة المظالم الدينية والعرقية والسياسية وإزالة آثارها والعمل على نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي واحترام القانون، ويقتضي ثانيـًا المساواة بين المواطنين في الدستور وفي القانون، مع سيادة حكم القانون، ويقتضي ثالثــًا العدل في توزيع الثروة، وذلك بأن يكون أهم وأغلب وسائل الإنتاج، ومرافق الخدمات، ومشاريع التنمية، مملوكــًا للقطاع العام، لا للقطاع الخاص، مع توزيع هذه الوسائل والمرافق والمشاريع على مختلف المناطق الجغرافية، وتوسيع فرص العمل والوظائف فيها، وأن يكون معيار التعيين الكفاءة وليس الولاء، مع التقريب بين مستويات الأجور والمرتبات، وذلك يبدأ برفع الحد الأدنى للأجور وخفض الحد الأعلى، بحيث لا يزيد الفرق بين أعلى مرتب (مرتب رئيس الجمهورية) وأدنى مرتب (مرتب خفير أو فرَّاش) عن سبعة أضعاف، مثلا، أو عشرة أضعاف، كبداية، ثم تتجه السياسات، كلما تحسن الوضع الاقتصادي، إلى رفع الحد الأدنى للأجور بمعدل أكبر مما ترفع به الحد الأعلى، بحيث تضيق الشقة بين الحدين إلى أن تضيق إلى أقصى حد ممكن، مع دعم وتوسيع فرص العلاج والتعليم وغيرهما من الخدمات الحياتية الضرورية، في كافة أنحاء البلاد، وتطبيق كافة السياسات الأخرى مما يدخل في معنى العدل في توزيع الثروة.. ذلك هو الحد الأدنى من الاصلاح السياسي، وبغيره لن يكون هناك استقرار سياسي في السودان
    وقيع الله وحقوق الناس:
    ومما ورد بالمقال أيضـًا قوله: (وكن يحدثـننا عن جند المهدية كيف كانوا يقتحمون البيوت، في المتمة، وما جاورها، وينهبون الأموال، ويعذبون الناس، ويقتلونهم، ويبقرون بطون الحوامل، ويقذفون بالولائد إلى الهواء، ويتلقونهم بالحراب، وهذه الوقائع التي حكتها لنا الجدات قد لا تصح، وإن صحت فقد لا تكون بهذا القدر من الشناعة والفظاعة، وإن كانت فإنها ليست هي الوجه العام للدولة المهدية، وبالتالي فإن من الظلم أن نحكم في شأن الثورة المهدية بمثل هذه الأمور وحدها) انتهى.. وتهمني من هذا النص عبارته الأخيرة، والتي تعني أن هذه الجرائم حتى لو صحت وكانت بهذا القدر من البشاعة، فلا تكفي وحدها للحكم بفشل الدولة التي ترتكبها، فهل رأى الناس مثـل هذه الاستهانة بأرواح الناس وسلامتهم وحقوقهم؟؟.. قال تعالى من قائل: (من قتل نفسـًا بغير نفس ٍأو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناسَ جميعـًا).. وقال النبي الكريم: (المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم وأموالهم)
    وقيع الله وعقـل المرأة:
    ومما ورد في المقال ختامـًا قوله: (وقد رددنا على بعض ما في مقالها ببعض الرفق، ولولا أن ذات سوار انتقدتني، لكان الرد أشد وأنكأ) انتهى.. فهو إذاً لا يرى المرأة إلا كذات سوار، لا ذات عقل، أي أن مجالها المظاهر والزينة، وليس الحوار الفكري، فهو يراها كأنثى فقط، لا كإنسان مكتمل العقل، فإذا دخلت حلبة الصراع الفكري، فقد دخلت في نظره مجالا لا تملك أدواته، ولذلك فهو يعلن عن رفـقه بها في هذا المجال.. ألم أقـل أن العقلية الاسلاموية لا تحترم عقل المرأة، وتراها (ناقصة عقل ودين) حتى في الألفية الثالثة؟؟.. وتنشأ عيوب العقلية الإسلاموية، في مجملها، من الفهم الخاطيء لبعض النصوص الإسلامية المرحلية، التي أخطأ المفسرون من فقهاء السلف فهمها، حيث نظروا اليها كنصوص مجردة، فأخرجوها من سياقها التاريخي والجغرافي، وجردوها بذلك من حكمتها المرحلية، وعـمموها على جميع العصور، بما يخالف الفهم السليم للإسلام
    عبد الله الأمين، المحامي

    (عدل بواسطة abu-eegan on 11-22-2007, 05:10 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de