|
|
 إلى متي سيظل نقوك والمسيرية ضحايا صراع مصالح الآخرين؟
|
هذا المقال كتبه أخونا عيسى أمبدي كباشي بصحيفة سودانايل اللكترونية ولما فيه من أفكار ورؤى موضوعية يمكن أن تساهم في إخراج المنطقة من المتاهة التي تعيشها رأينا أن ننقله لكم أملا في المساهمة الفاعلة بالرؤى والأفكار ..
كباشي
.....................................
أول صحيفة سودانية تصدر عبر الإنترنت من الخرطوم - أسسها خالد عز الدين و محمد علي عبد الحليم
Last Update 12 نوفمبر, 2007 06:28:52 PM
إلى متى سيظل نقوك والمسيرية ضحايا صراع مصالح الآخرين ؟
عيسى أمبدي كباشي / بابنوسة
[email protected]
المتابع لتطورات الأحداث في الصراع السوداني السوداني منذ تفجره في 1955م بين شمال الوطن وجنوبه يجد أن هذا الصراع المرير قد أفقد الوطن كثير من الإمكانات والموارد وعلى رأسها الموارد البشرية حيث أزهقت الحرب أرواح كثيرة وعزيزة كان بالإمكان أن تفيد الوطن في البناء والتنمية ولكنها مشيئة الله تعالى ولا إعتراض عليها ولكن إعتراضنا على سلوك بني البشر من أبناء جلدتنا الذين إستمرءوا الصراع دون مراعاة لمآسئ شعبهم ومعاناته ،فقد عانى الشعب السوداني كثيرا لذلك هلل لإتفاقية نيفاشا التي أوقفت الحرب بين شطري الوطن وكان أكثر الناس سعادة سكان مناطق التماس بين الشمال والجنوب لأنهم المكتون بنار الحرب أكثر من غيرهم من أبناء الوطن بإعتبار أن أغلب رحى المعارك كانت تجري في مناطق سكناهم وأفقدتهم نفر عزيز من بينهم فضلا عن الموارد الحيوانية والزراعية وشتتت شمل الأسر بالنزوح والهروب إلى أماكن أكثر أمنا وسلاما.
من هؤلاء المتضررون شعب دينكا نقوك والمسيرية فهما قد عاشا في مرمى نيران المتحاربين وكان شبابهم يستخدم كوقود نار لإذكاء نار الحرب مما زرع الفتن فيما بين الشعبين الأخوين الجارين فنقوك والمسيرية قد عاشوا في ود ووئام وربطت بينهما علاقات أزلية وصارت تجري في شرايين كل منهما دماء الآخر ، ولكن شاءت أطماع الآخرين أن تجعل منهما وقود لنيران أطماعهم فهم ضحايا يذبحون غرابينا في محراب مصالح الباحثين عن السلطة والجاه والمال وما زال هذا حالهم حتى كتابة هذه السطور .
نيفاشا أوقفت الحرب بين الشمال والجنوب وظننا أننا سننعم بالسلام والطمأنية والأمن فضلا عن تحسن ظروف معيشتنا بسبب ما تضمنه برتوكول أبيي من نسبة لهذين الشعبين من البترول المنتج في أرضهما ولكن باءت تطلعاتنا بالفشل ولم نحصد سوى الخوف والرعب وعدم الإستقرار ، فإتفاقية السلام ما زالت تراوح مكانها وما زال الشريكان يتخاصمان ويصطرعان فيما بينهما ونحن ينطبق علينا المثل القائل : ( تصطرع الأفيال فتموت الحشائش) فالمسيرية ونقوك هم الحشائش التي تموت بسبب إصطراع الأفيال ،فإلى متى سيظل نقوك والمسيرية يدفعون من إستقرارهم وأمنهم وسلامهم وحياة أبناءهم من أجل أن يسعد الآخرين؟ سؤال فجرته مهاترات طرفا نيفاشا (الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني) فيما يتعلق بتنفيذ الإتفاقية بعد أن جمدت الحركة الشعبية نشاط وزراءها في ما تسمى حكومة الوحدة الوطنية ، فقضية أبيي كانت المانشيت العريض في هذا الإحتجاج وشعب نقوك والمسيرية كان إسمهم هو المتداول في حوارات ومهاترات الشريكين ولكن يبقى السؤال أين هم المسيرية ونقوك من هذا المارثون العجيب؟! فالحركة الشعبية ترفع عقيرتها دفاعا عن نقوك وفي الطرف الآخر يفعل المؤتمر الوطني فعائله بإسم المسيرية ولا وجود للمسيرية ونقوك في مداولاتهما فهل فعلا القضية هي من أجل عيون المسيرية ونقوك ؟ أم المسألة مجرد ذر رماد في العيون وما المسيرية ونقوك إلا غلالة تغطى بها الأهداف الحقيقية للشريكين؟
المتابع لقضية أبيي ومسار برتوكولها يجد أن المسيرية ونقوك ما هم إلا شماعة يستدعوا وقت الحاجة إليهم وينبذوا عندما تنتهي الحاجة إلى خدماتهم ، ولكن الحقيقة التي صرخ بها الشريكان في لحظة صفاء هي أن الصراع في أبيي هو صراع المصالح والكل يتحدث عما تدره أرض أبيي من دولارات فهي الأرض التي تبيض ذهبا وبترولا وكل منهما متحسب لما ستؤول إليه الأوضاع في عام 2011م والتي تتجه نحو الإنفصال بين شطري الوطن في ظل الإستقطاب الحاد والتصريحات التي تجعل من الوحدة شيئا طاردا وتجعل الوحدة بين شطري الوطن من المستحيلات فاطماع الشريكين وتصريحاتهما تتجه نحو الإنفصال ففي الجنوب نجد الإخوة في الحركة الشعبية يسوقون المبررات بعدم جدوى الوحدة متكئين على تصرفات قادة المؤتمر الوطني وتصريحاتهم وكأن السودان قد تم إختزاله في المؤتمر الوطني وقيادته !!وفي الشمال نجد غلاة المؤتمر الوطني يتصرفون وينادون علنا بفصل الجنوب عن الشمال ويطالبون بتقرير المصير لشمال السودان كما في إطروحات منبر السلام العادل الذي يقوم على رأسه السيد الطيب مصطفى القيادي بالمؤتمر الوطني ولا فرية في ذلك فهذه هي دعوة الجبهة الإسلامية التي حملها الشيخ حسن الترابي لطرحها على الفقيد جون قرنق في عام 1985م لإقامة دولة جنوبية مسيحية وأخرى شمالية مسلمه تلك الدعوة التي لم تجد طريقها للتنفيذ حيئذ.
فالمسيرية ونقوك هنا ما هم إلا حصان طروادة يستخدمه الشريكان للوصول إلى أهدافهما والتي تتعارض مع مصالح وأهداف نقوك والمسيرية على ما أعتقد وهنا السؤال لماذا يظل نقوك والمسيرية أدوات لتنفيذ مآرب ومصالح الآخرين بينما يظلون هم الضحايا ؟!
على نقوك والمسيرية إستيعاب الدرس فالقتال الذي إستمر نصف قرن من الزمان بين شطري الوطن فقدوا فيه الكثير والعزيز من أبنائهم وأموالهم وعلاقاتهم الأسرية المتميزة واستخدموا فيه أدوات لتحقيق مصالح الآخرين فآن الآوان ليقفوا دقيقة تأمل مع أنفسهم قبل الإستمرار في تنفيذ رغبات ومخططات الآخرين وليسألوا أنفسهم سؤالا واحدا مشروعا ما هي الفائدة التي جنيناها طيلة هذه الفترة من الصراع؟ سيجدوا الإجابة البسيطة والبديهية لم يجنوا سوى الدمار والخراب والتشرد والضياع ومن هنا لابد من البحث عن السبيل لتجاوز ذلك من أجل الإستقرار والسلام والتنمية ، فالسبيل الوحيد لذلك هو الإجابة على السؤال ماذا نريد نحن (نقوك والمسيرية) وما هو الأفضل لنا ولأجيالنا ؟ وستكون الإجابة نريد السلام والحياة الحرة الكريمة التي ننعم فيها بالطمأنينة والأمن وينعم فيها أبناؤنا بالتعليم والصحة والأمان ولن يتحقق ذلك دون الجلوس مع بعض دون وسيط والقول للأخرين كفى هنا مكانكم ومستقبلنا وحياة أجيالنا خط أحمر لن نسمح بتجاوزه وبالتي العمل على إعادة الثقة المفقودة بينهما بسبب تحرشات الآخرين والبحث عن حقوقهما المهضومة ومنها حقهما في التنمية والسلطة وفي ثروة بلدهما فحتى الآن إتفاقية نيفاشا قد أعطتهما 4% من البترول المنتج في أبيي ولم ينالوا في الواقع شيئا فلنحسب هذه النسبة من المبالغ المتراكمة منذ توقيع الإتفاقية في يناير 2005م ونتخيل ما يمكن أن تحققه لهم من تنمية في المنطقة ولكن الحسرة تنهشنا لأن المنطقة ما زالت تعيش الظلام الدامس وتعاني من الجهل والأمية والعطش وآبار البترول ونيران مشاعله تحيل ليل أرضهم لنهار من كثرتها ونساءهم يموتن بالولادة لعدم توفر القابلات والعناية الصحية وما يطلق عليها مستشفيات تفتقر لأبسط مقومات المستشفى ففي المجلد مثلا يوجد مستشفى يديره طبيب عمومي وفقط وصله أثنان من الأخصائيين وهما في طريقهما لمغادرة المنطقة لفقر المستشفى للخدمات وتخيلوا أخصائيا يركب دراجة هوائية ليمارس عمله ومنزله يفتقر للصيانة الأمر الذي حدى بإخصائي النساء والولادة لتقديم إستقالته لولا مبادرة الشباب في المنطقة والتي أقنعته بسحب إستقالته التي قدمها لأسباب مشروعة ومنطقية، أما أبيي فتلك قضية أخرى ما زالت حتى كتابة هذه السطور تعيش في الظلام ويقوم بأمر الصحة فيها المنظمات الإنسانية العالمية مثل أطباء بلا حدود ولا وجود للعناية الطبية الوطنية وفي دفرا الحقل الرئيس لإنتاج البترول يوجد مساعد طبي واحد يتبع لقوات الشعب المسلحة وقابلة قانونية واحدة هي زوجة أحد أفراد قوات الشعب المسلحة ووجودها في المنطقة مربوط بوجود زوجها الذي يمكن أن ينقل تحت أية لحظة إلى منطقة أخرى أما بابنوسة والفولة فالحال ليس بأفضل من حال المجلد وأبيي وهذه هي المدن الكبيرة في المنطقة وهذا حالها أما حال القرى والأرياف فحدث ولا حرج فهي تعيش حال القرون الوسطى .
على نقوك المسيرية أن يقولوا للشريكين دعونا نعالج مشكلتنا لوحدنا وأبعدوا مصالحكم وأطماعكم ، وعليهم أن ينصتوا لصوت العقل وهو جدير بأن يعيد الوئام فيما بينهم فالحرب إذا كانت هي السبب فهي قد إستمرت حوالي الأربعين عاما ولكن علاقتهما مع بعض تتجاوز الأربعمائة عاما فهل بمقدور الأربعين عاما أن تنهي إخوة أربعمائة عام؟! لا والله إن حكمنا العقل وتجاوزنا ما حدث من مرارات ولا سبيل آخر يضمن لهم السلام والإستقرار والتنمية سوى طريق السلام والتعايش والإحترام المتبادل ، فهل وجدنا من نقوك والمسيرية من ينصت لصوت العقل ؟نأمل صادقين،ذلك من أجل حاضرنا ومستقبل أجيالنا .
|
|
 
|
|
|
|
kabashi
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست