|
|
 فى ظل تجاذب اطراف نيفاشا اعادة قراءة لمقال قديم
|
من يبدد لنا مخاوفنا
احمد حامد صالح
تتواصل الجولات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية فى المنتجعات الكينية التى اتخذت من قضية السودان كأداة ترويجية , فمن كان قد سمع بنيفاشا وناكورو وحتى مشاكوس. بينما لا يتذكر احد تلك المواقع السياحية المتعددة على امتداد مساحة المليون ميل مربع (حظيرة الدندر ,جبل مرة, اركويت, عروسة, البجراوية ) التى يمكن ان تنافس ارقى المنتجعات و المزارات السياحية فى العالم الجولة الحالية وحسب المؤشرات الواضحة ربما تكون هى نهاية الحرب التى انهكت كل القوى السودانية سواء اكانت المادية او غيرها والجميع يتطلع الى تلك اللحظات التى سيتم فيها التوقيع على مسودة السلام واهل السودان جميعا يتوثبون لتحقيق جملة من الاحلام و التطلعات الحياتية المشروعة < الاستقرار , الامن , العدالة , الازدهار , الرفاهية التعايش السلمى ....... الخ القائمة المرتجاه ولكن يتوجسنا هاجس الاخفاق المتكرر فكم مرة وقعنا و كم مرة تملصنا من الاتفاق ونقضنا العهد رغم معرفتنا جميعا بأن العهد كان مسؤلا , جعفر النميرى وقع مع الانانيا و من ثم انقلب على الاتفاقية , المرحوم الزبير وقع مع مشار ريك والجميع يعلم كيف كان مصير تلك الاتفاقية , و بالامس القريب مزق لام اكول ما تبقى من وريقات قشودة و رجع الغابة و لم يختلف مصير نداء الوطن عن ذلك فكان محصلة الامام السيد الصادق اختراق حزبه و سحب ساعده الايمن مبارك ما اوردناه يبرر بشكل موضوعى تخوفنا من مستقبل عملية السلام فى السودان و ما يدور الان فى الساحة السياسية من مناورات و تحركات لاتفى بالحاجة اللازمة لتبديد هذا الخوف الراسخ فى باطن وعينا المجتمعى , و هنالك اسئلة كثيرة تدور فى خواطرنا و تحتاج الى اجابات , بل اجابات سريعة قبل ان يوقع طه و قرنق فى نيفاشا او فى اى بقعة اخرى فاذا اخذنا سؤال الهوية نجد ان هذه القضية تمثل المعضلة الرئيسية ففى العقد الاخير تم تعميق وتجذير الخصوصيات الجهوية و المذهبية و القبلية و تم تغذية الصراع حول الهوية بعناصر جديدة فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد ان هذا الصراع اكتسب اوجه متعددة
صراع جنوبى شمالى
زنجى عربى - جنوبى جنوبى
مسيحى اسلامى
اسلامى اسلامى
زرقة وعرب
غرابة و بحارة
اطراف مهمشة و مركز متنعم و مسيطر
بجة و جلابة ونوبة وشيقنة
و ذلك تزامن مع انبعاث المفهوم القديم للعلاقة بين الانا و الاخر القائم على الصراع الجذرى الرافض للتعايش السلمى بين مكونات المجتع المتباينة , و الذى يبدو لى انه لم يعد يسيرا بعد توقيع طه قرنق المرتقب , ان نواجه المستقبل بسودان قوى موحد متراص على المدى المنظور على الاقل , نعم نحن سودانيون و لكننا فى الوقت نفسة جهويات و افخاذ و الوان شتى و ثقتنا فى مفهوم الهوية السودانية اضطربت بسبب بسبب ما ألحقت الاخفاقات القومية والمطامح الشخصية بهذا المفهوم من اضعاف وتشوية و تهميش فبكل تأكيد الناظر يستطيع ان يتبين بأم عينيه و ببداهة لا تحتمل التأويل ان السودان يتجه نحو واقع التفتيت و هذا ما لا نرجوه ويسير بخطى متسارعة نحو تجذير و تعميق الجهويات و الابتعاد المتسارع عن الغائية الوحدوية و متطلباتها التى باتت تبدو فى عينيها ثقيلة باهظة الثمن و تنامى ظاهرة المناطق المهمشة هى انعكاس لذلك فجهات السودان الاربع زائد الوسط تتجاذب , الكل يسعى الى تقديم قائمة من المطالب المشروعة و غير المشروعة و الكل يزايد على الاخر و الجميع يرفع شعار تحرير السودان و لا ندرى تحرير من ...من...من ...؟
فى اعتقادى انها مزايدة جديدة من النخب القبلية شبيهة بما قامت به الادارة الاهلية فى السابق , و هذه الصورة تعكس طموح متعلمى القبائل المتسارع نحو الصعود و اشباع غريزتى السلطة والمال و لايعنيهم الامر ان كان و قود معركة الوصول للسلطة هو دماء اهليهم و زويهم و عشائرهم و زجهم فى صراعات تعرف بداياتها ولا احد يستطيع ان يتكهن بنهاياتها بعد توقيع طه قرنق المرتقب ما هى الضمانات ان لا تتكرر التجربة و يظهر لنا غدا آخر يدخل الغابة أو الجبا ل و حتى صحراء العتمور , كيف يكون الامر مع مطالب السكوت و المحس التى ربما تصل الى تقرير المصير او الانضمام الى مصر , كيف نقسم ايرادات الميناء و مناجم الذهب مع الطموح البجاوى و من يدفع لأهل الاقليم الاوسط ما ظلوا يقدموه من قطن و سكر وغير ذلك و اسهامهم المتواصل فى الايرادات القومية منذ الاستقلال الى ظهور البترول كيف نسدد لهم ذلك , انها معادلة صعبة , كيف يتم ايقاف الحرب دون خلق تظلمات جديدة
ننتقل الى سؤال هام آخر , سؤال القيم , حقوق الانسان الديمقراطية العدالة الشفافية محاربة الفساد , كيف ستكون حالتنا القيمية الموعودة فى السودان الجديد المبشر به قبل نهاية هذا العام ؟ فلنأخذ على سبيل المثال عندما قامت الانتفاضة و سقط النظام الشمولى , و تداعى اهل السودان للديمقراطية , كان موقف الحركة الشعبية من ذلك سلبيا , رغم كل الجهود التى بذلت مع قيادة الحركة للانضمام للمسيرة الديمقراطية هل تغيرت الان مفاهيم الحركة نحو الدمقراطية , و ماذا لو جرت انتخابات فى الفترة الانتقالية و لم تحقق الحركة ما حققته عبر القتال هل ستقبل الحركة بذلك الوضع ؟
و بالمقابل ماذا لو لم يحقق المؤتمر الوطنى و سدنته نتيجة ايجابية هل سوف يقبلون بأن يأكل ثمار جهدهم طرف ثالث لم يكابد القتال ولم يفاوض فى نيفاشا....... و هل لهذا الطرف الجديد ان يقرأ الاتفاقية على طريقته الخاصة و هل للحكومة و الحركة فهم مشترك لقيم الديمقراطية و غيرها ؟ يمكن عبرها التعايش بينهما هل نحن فى السودان عموما على على استعداد ان نتعايش بتراضى و تسامح و هل نحن على استعداد لمراجعة القيم فى حياتنا و ان نوطد العزم على اعادة بناء هذه القيم وتشكيلها اسس ايجابية جديدة راسخة لا على مستوى النظر فحسب , و انما قبل كل شىء و بعد كل شىء على مستوى الفعل و العمل . واذا لم نفعل ذلك ستكون الاتفاقية بين طه وقرنق حبرا على ورق بل ويمكن تسميتها اتفاقية استراحة محاربين.
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست