إلي النوبة إذن مازال الطريق محفوفا بذات المخاطر التي خبرها كل من ساقه الحنين ا لي مرتع صباه وأرض أجداده.. فأن كانت الطريق بين دنقلا والخرطوم قد (سلكت مؤقتا) لأن الدولة تنشأ الطرق علي عجل لتتصدع علي عجل ثم أنها لاتلفت الي صيانتها مرة أخري علي الاطلاق وهو مارأيته في طريق حيوي طريق بورتسودان الخرطوم غير أن النكران لايمكن أن يقود اي متابع بحركة (التعبيد) فهناك طريق اخر يربط عطبرة ببورتسودان كامتداد لطريق عطبرة الخرطوم وهذا الطريق يختصر مسافة اربعمائة كلم عن الطريق القديم فهو شبه مكتمل ولكنه لم يفتتح بعد .. تعبيد الطرق يؤدي الي تنمية المجتمعات التي يمر بها الطريق فقد تلاحظ ثمة تطور في مدن سنكات وهيا رغم (قحولة ) هذه المدن ومعاناتها من مياه الشرب ... نعود للنوبة أذن فالطريق بين دنقلا وحلفاهو أشرس طريق يمكن للسالك من اتخاذه .. فهي خليط من كثبان رملية ومطبات حجرية واودية جافة صارت تمتلئ مع هذا الفيضان المتصاعد للنيل في سنينه الاخيرة فقد قاسينا الامرين ونحن نخرج من وحل رملي الي الغرق في وادي ملئ بمياه النيل فكنا نضطر قبل الولوج في تلك الاودية محاولة الخوض فيها اولا لمعرفة مدي عمق المياه وهل ستمسح (للبوكس )بالمرور ..المنطقة صعبة المراس عصية علي التطوير والتنمية ربما لانها لم تكن يوما ضمن أجندات الحكومات المتعاقبة ... فقد صارت شبه مهجورة لانعدام وسائل الحياة فيها رغم أن النيل يفيض سنويا منذ ملايين السنيين .. فماعادت النخيل تكفيهم كمصاريف وكانت فيما مضي كل شئ للنوبي فجوال التمر لم يتعد السبعون جنهيا بعد رغم تصاعد الاسعار في كل السلع بصورة مرعبة .. ثم أن ثمة آفات طالت تلك الشجرة المباركة وهي الاخري لم يكن في وارد بال الحكومة الاهتمام بمعالجة تلك الأفات ومن غريب الأشياء بأن المجالس البلدية في جزء كبير من ميزاينتها تعتمد علي الجباية التي تجنيها من النخيل فعلي كل صاحب نخلة دفع مبلغ عشرون جنيه عن النخلة الواحدة ولكنها بحسبة بسيطة ربما لاتتنج تلك النخلة حتي قيمة (خراجها )...ولكن كل المسالة عبارة عن (ضرب للميت)..قري كاملة خلت من سكانها فيمموا شطرهم لعاصمة تعج بهم .. فسكان قرية كاشمتو في اطراف السكوت يأتي اليها سكانها في موسم (حش التمر) والمسالة عندهم لاتتعلق بعائد مادي بقدر ماهي عادة أجتماعية للحفاظ كما يقولون علي الحق والارض ...وللارض تلك نزاعات متصاعدة وخاصة في القري التي مازالت مأهولة كقريتي كويكة فما عاد هناك وئام بين الاخ وأخيه فالمحاكم تشهد صراعات مريرة بل ثمة ظواهر دخيلة تحدث من جراء ذلك الصراع كحرق الاملاك وتخريبها ..كانت طلمبات المياه في ماضي العصور حكرا علي الرأسمالية الصغيرة غير أنها صارت الان ملك مشاع مع ضيق الارض وانحسار مياه النيل في الصيف مما يستدعي في حالات كثيرة وجود طلمبتين تعملا معا في مشروع واحد ..احدهما يأتي بالمياه من مسافة بعيدة والاخري ترفع المياه الي المزارع .. وثمة ملاحظة اخري لم تفت علي عضد السكان هناك بأن مياه النيل رغم طوفان فيضه لم يكن عكرا كما كان سابقا ... قالوا ربما بدأ خزان الحماداب في (تنقية المياه) رغما عنهم ... موسم الفيضان كان يجلب معه طميا خصبا يعفيهم من مغبة شراء الاسمدة الكميائية .. للسدود والخزانات صدي يتردد في كل الانحاء .. فكجبار صارت قضية متدوالة .. السكان رغم ضنكهم يقابلون انشاؤه بصمود مدهش فقد استشهد منهم من أستشهد وسجن من سجن في سبيل عدم اقامته ولكن الحكومة سادرة في غيها باقامته ليست حبا في تطوير النوبة ولكن لتفريغ المنطقة من سكانها وتغذية الاخرين علي جثث هؤلاء ...وفي السكوت هنالك حديث بدأ ياخذ طابعا جديا عن سد اخر هو سد دال ... ودال تلك تقع عند اخر نقطة غمرها مياه السد العالي وهي علي بعد حوالي مائة وخمسون كلم جنوب وادي حلفا المدينة النوبية الفاضلة التي راحت ضحية السد العالي ومع اقامة ذلك السد ستتمدد مياهه لتغرق كل السكوت ومابقي من المحس ...وحاولت جاهدا طرح الموضوع مع الكثيريين عن مايمكن ان تؤول اليه الامور باقامة سد كهذا ولكنني والحق يقال لم أقرا في وجوههم حسرة ربما لانهم لم يستوعبوا الامر بصورة جادة بعد رغم أن حكومتهم تقول بأنها بصدد انشاء خمس عشر خزانا منهم خزانان في النوبة كافية تماما لافنائها .. ولتلك الخزانات مبررات اخري ليست كلها تنمية وتحضير .. تقول بعض الدراسات بانها جزء من المخطط المصري لحماية السد العالي بعد اثبتت الدراسات عدم قدرة ذلك السد علي تحمل المزيد من الاطماء وهو الشئ الذي كان قد دعي المصريين لاعطاء الضوء الاخضر باقامة سد الحماداب الضخم فهو سد برضي مصري وهي التي شجعت صناديق العرب الداعمة للاسهام فيه كما أن اقامة سدي كجبار ودال يقعان ضمن ذات المخطط (تحمل جزء من العبئ عن السد العالي )....الناس لم تري تنمية او تطوير في المنطقة منذ ان تركها (تهرقا ) قبل الاف السنيين .. مازالت النخلة التي غرسها الاخير هي مورد الدخل .. لم تتطور الزراعة سواء استبدال الساقية بطلمبات المياه ويقول الاهلون بان الساقية كانت اكثر انتاجا من هذه الطلمبات المكلفة جدا .. الذين يهرجون علي المنتديات عن النوبة والنوبية لم يقدموا شيئا لسكانها ... بل حتي توعية الصمود والبقاء غائية عن محاضرهم وقد قرأت فيما يقال هناك شئ من اليأس عن الام نظل هكذا ؟؟ ولماذا لانجرب مرافئ اخري ؟ في اشارة ضمنية منهم لتقبل فكرة التهجير والتشريد من وطن ملوا من الانتظار فيه فقساوة الحياة مسألة مفتعلة من جانب الحكومة ربما لتكريههم ارضهم وموطنهم فهي تعدهم بالفردوس الغائب حتي عن العاصمة ...فالمؤتمر الوطني هناك يتمدد في غياب تام لأي رؤية أخري .. فالحكومة تشتري الناس بالوعود وتغريهم بالمناصب لتلقي بجريمة الاخلاء في وجههم وقد بدأ بعضهم بالتبيشر بها علانية في غياب اي صوت مغاير يدعو للبقاء والتشبث بالارض .. ولكن المواطنون هناك يرون المناديين بذلك سواح يأتونها لايام دون أن يقدموا حتي ماتقدمه الحكومة .. المسالة اذن تستدعي نوع الفعل المثمر .. استثمار في بعض ماتملكه ا لنوبة من موارد .. تنمية الموارد البشرية ... اقامة مشاريع زراعية علي اسس علمية وتغير النمط الزراعي التقليدي الذي استنفد طاقات الارض علي ضيقها ... محاولة دعم الخدمات وتجديد قدرتهاوصيانة مرافقها ... لان تصدع تلك المرافق هي التي أدت الي نزيف الهجرة الطارد ..فلم تعد المدارس قادرة علي استيعاب الطلاب في المراحل الوسطي من التعليم .. ينبغي اعادة أنشاء مدارس تجميع بصورة مدروسة وبدعم مقدر لازالة الكاهل علي اولياء أمور الطلبة الذين يدفعون رغم ضيق ذات اليد لمصاريف الطالب مأكلا ومسكنا وهي مسألة مكلفة لغياب اي سبيل لكسب العيش .. ثم مايحدث في مستشفيات المنطقة كارثة مسكوت عنها في كل وسائل الاعلام في السودان .. فهي اقرب طريق للموت وخاصة للنساء الحمل .. والفواجع بوفاة الام عند المخاض حالة متكررة دائما في تلك المرافق لغياب الطب والطبيب ...كلها متطلبات يمكن تلبيتها لو أن النية كانت صادقة للكيانات المتناثرة والتي تملأ الفضاء الاسفيري عن خططها والتي لم تلامس أرض الواقع بعد ...كل تلك الاحباطات اوجدت بيئة خصبة جدا للمؤتمر الوطني كيما يمرر مشاريعه الجهنمية ومن أهمهما تفريغ المنطقة من سكانها .. فالطريق الذي يقال بانه سيربط دنقلا بحلفا به الكثير من التسويف فالمنطقة من دنقلا وحتي عبري لم تر حتي مجرد طريق مردوم رغم عشرات الاليات التي تئن في صحرائه .. نوع من تخدير الناس حتي تحين لحظة الخروج الكبير للنوبي من ارضه ليعيش مأساة سكان حلفا الجديدة مرة اخري .. القضية النوبية الأن لم تعد مجرد قضية تهميش بل هي قضية أن يكونوا او لايكونوا في ارضهم والحكومة كما قلنا تزيد معاناتهم لتكريههم في ارضهم وموطنهم والشعارات ترفع عالية في الخارج دون ان يصل صداها لموضع الحدث ...نواصل ان شاءالله .. بالتعاون مع اصدارة www.nilna.com
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
mo
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست