كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
|
 في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور ..
|
في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور ..
المكان : حلفاية الملوك مربع 7 .
الزمان : فترات متقطعة من تسعينيات القرن الفائت ....
الأحداث : حقيقية .
ما يربطني به : أوسع من دائرة خيالي الناضجة و أكبر من سعة ذاكرتي الحية.
مبتدأ ولا خبر :
المربع السابع من حلفاية الملوك بيئة خصبة تتكاثر فيها ثقافات مختلفة ، حي فريد ازدان بوجوه كريمة تشع في نفسك البهجة وترمي بين جوانحك بيض المحبة فيفرّخ إلى ماشاء الله في فضاءات الحي الجميل .
العم فيصل واحد من هؤلاء النفر الكريم ... هو نجمة مضيئة بحجم الشمس ، بل ويزيد في فضاء ا لمربع السابع ...
وقديما قيل :
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
وعندما أدندن في خلواتي بهذه الأبيات :
قسى فالأسد ترهب من قواه
ورق حتى خفنا عليه أن يذوبا
أشد من الرياح الهوج بطشا
وألين في الندى منها هبوبا
ما أظن هذا الشخص إلا العم فيصل ...
وتنفضح نفسه البريئة بمحبتنا جميعا ، لكنه كان يكن لي محبة خاصة لا أستطيع وصفها مهما أوتيت من بلاغة ومهما تجمعت الكلمات أمامي وينطبق فيّّ المثل القائل all words and no performance
ولكن وفاء لهذه الذكرى لابد للأقلام أن تذرف دمعا سخيا على شخص أحببناه محبة لا توصف وجمعتنا معه ذكريات لا تنضب ، رغم فارق السن الكبير الذي يبدو لأهل الظاهر إلا أنه بنفس الإنسان العارف وروح الشيخ المجرب استطاع أن يذيب الجليد الذي يفصل بيننا وبينه ويردم الهوة التي تبعدنا عنه فكان كفارس منذ عهود قديمة له القدرة على تطويع المهورالعصية التي تأبى المران في زمن تتداخل فيه كل المعضلات اللهم إلا على أهل العزيمة القوية .
كان مداوما على صلاة الصبح وكل الصلوات ، لكن لصلاة الصبح مع العم فيصل طعم خاص .
كان يسبق الجميع للزاوية الصغيرة في مربع 7 ويعمل على قراءة ورده من القرآن ويندمج فيه لدرجه عندما تقترب منه وتسلم عليه يفاجئك بصوت الصوفي المذهول ، ثم يعتذر عن ذلك ، بعدها أصبحت لا أسلم عليه إلا بعد أن يكمل ورده ، والعم فيصل محب للقرآن بل ومتفكر فيه بطريقة عجيبة وكان له من التعليقات والآراء التي تدلل على قدرته الإستنباطية ومعرفته بخبايا القرآن .
وعندما أغيب لسبب ما يقول لي بصوت خفي لا يظهر إلا لمن اقترب أو كان بالجوار ، يقول لي : يا أنور " شنو الحكاية اسبوع ما شايفنك" وعندما أرد له " وين اسبوع ياعم فيصل دة كلو يوم واحد" يقول : ضاحكا " ياخي إنت عايز تعمل تخفيض للغرامة والله شنو ، برضوا مافي مشكلة ، بس اتحرك شوية" . كل هذه الكلمات يقولها بصوت شجي وروح طيبة و ابتسامة لطيفة .
وكان دائما ما يدعو لي ويذكر أهل الحلقة بالدعوات لي قائلا : " يا جماعة الدعوة دي جزئين جزء للحاجة الفي نفس أنور دة ، والجزء التاني ربنا يسهل أمره وييسر قاسيه ويفرج كربه ويزيده من فضله ، أمين" .
لكن كما قال أحد الصالحين ما رأيت يقينا أشبه بالشك من الموت ، فالموت لا نحسه إلا عندما يختطف منا حبيب .. هو الموت الذي غيب الكثيرين عن دنيا كانوا يغردون فيها بيننا كالطيور ويملأون دنيانا عطرا نديا ، فتركوا لنا حبلا من الذكرى ما زال يربطنا بهم ويشدنا إليهم شدا .. ولكن ما ذا نقول : "ما رأيت يقينا اشبه بالشك من الموت" .
هو الموت الذي غيب عنا العم فيصل منذ بضعة شهور ولا راد لقضاء الله ....
اللهم ببركة هذا الشهر الفضيل سألتك أن تنزل شآبيب رحمتك على قبر العم فيصل عزالدين ، اللهم وسع له في قبره ونور له على مد بصره وأدخله الجنة بفضلك وكرمك إنك على كل شيء قدير .
اللهم اجعل البركة في أولاده وبناته وزوجته ا لفاضلة الخالة حاجة سلمى ....
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
إليك يا عم فيصل أ قول كما قال قبلي الإمام الغزالي:
تركتً هوى ليلى وسًعدى بمنزل
وعدت مصحوباَ لأول منزل
ونادتني الأشواق مهلا فهذه
منازل من تهوى رويدك فانزل
فالشوق أنت ملئت به شوقا نبيلا طافت به روحك السامية فغردت مع الملائكة إلى " القبة البلوح قنديلها" وعرجت معها إلى السموات العلى ترجو رحمة رب غفور وكرم رب عزيز ..
وشوقنا إليك كذلك لا تحده حدود ولا توصفه كلمات ليتنا ودعناك قبيل الرحيل ، وكأنما فجأة قررت الرحيل وتركت لنا العويل .. لكنها إرادة العزيز الجبار وقدرة المولى المتعال ، رضينا بها وسنة الحياة التي مضت في الأولين والآخرين .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
.....
كان عمرو بن العاص داهية ولا شك في ذلك وكان يملك من رجاحة العقل ما يزن به بلاد العرب والفرنجة وكانت له من الأسئلة التي تنم عن ذكاء وفطنة . وكان دائما يتمنى أن يرى عاقلا يسأله عن الموت ولكنه لا يجد فالموت لحظة عجيبة للميت ولأهله ففيها يتعطل العقل وتشتغل العواطف بكل عنفوانها .. ولما شارف الموت عمرو سأله ابنه عبد الله قائلا له : يا أبتاه كنت تتمنى أن تجد عاقلا يصف لك الموت فكيف تجده فقال :
يا بنى الموت أعظم من أن يوصف و لكن سأصف لك منه شيئاً, ثم قال : والله لكأن على كتفى جبل الرضوى و كأن روحى تخرج من ثقب أبرة و كأن جوفى شوكة عوسج و كأن السماء أطبقت على الأرض و أنا بينهما , ثم قال : يا بنى إن حالى قد تحول إلى ثلاث أنواع , فكنت فى أول الأمر أحرص الناس على قتل محمد صلى الله عليه و سلم فيا ويلتاه لو مت فى ذلك الوقت , ثم هدانى الله تعالى للإسلام و كان محمد صلى الله عليه و سلم أحب الناس إلى , وولانى على السرايا , فيا ليتنى مت فى ذلك الوقت لأنال رضا الله تعالى و دعاء رسوله , و صلاته علي , ثم أشتغلنا بعد فى أمر الدنيا , فلا أدرى كيف يكون حالى عند الله تعالى , فلم أقم من عنده حتى مات رحمه الله تعالى و أدخله فسيح جناته .
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: محمد صباحى)
|
الأخ محمد صباحي تحياتي وأشكرك على المرور ويبدو أن الصيام أخذ منك مآخذا شديدا أكثر مما أخذ الموت من عمرو بن العاص ، فعملت على تأنيث دعائك بدلا من تذكيره ، على العموم أشكرك على المرور .
فالعم فيصل عز الدين مات منذ أكثر من أربعة شهور له الرحمة ولكن كما تعرف ففي رمضان يهيج الوجدان وتفور الاشجان ويصبح لذكرى الحبان معنى ثاني ..
لك الشكر والتقدير .. وسلامي لجميع أهلك ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
لي بالحمى قوم عرفت بصبهم
وإذا مرضت فصحتي في طبهم
قوم كرام هائمون بربهم
علموا بأني صادق في حبهم
وتحققوا صبري الجميل فعذبوا
يا سعد خذ عني الهوى وله فعي
اعلم بأن القوم أهل المطلع
حضرات وجه غائب في البرقع
نزلوا بوادي المنحنى من أضلعي
وتمنعوا عن مقلتي وتحجبوا
هم عند قلبي بل وقلبي عندهم
وإذا بثثت الوجد بثوا وجدهم
ومعي أراهم لا أفارق قصدهم
سعدت حظوظي إذ رضوني عبدهم
والفخر لي أني إليهم أنسبُ
" النابلسي"
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
اعتاد أهل الحي السابع قراءة ورد من القرآن يومي يصل إلى نصف جزء ، وصباح الجمعة يكملون جزءا كاملا وبما أن الجمعة فسحة وراحة وعيد فيكلفون أي واحد من جماعة الحي بتجهيز الشاي واللقيمات لزوم الجلسة بعد التلاوة. وكان العم فيصل من المواظبين جدا على هذه التلاوة ومن الذين لا يمكن أن تنساهم أو تتجاوزهم بأي حال ، لأنه يمازحك مزحة يجرك بها إلى
حضنه الدفئ دوما وماإن يتأخر شخص عن يوم الجمعة يبدأ بممازحته ولكن عندما أتأخر الجمعة يقف مدافعا عني قائلا : " يا جماعة لازم تفرقوا بين العندهم مهام من العنقالة ساكت ، متبعا ذلك بضحكة ما زالت تسافر من غشاء الطبلة عبر القناة السمعية ومنها إلى عظيمات الأذن الوسطى لتسقر في دهليز الأذن إلى الأبد ...
ونواصل ...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
الشكر لك اخي أنور الطيب على هذه الكلمات الطيبات في حق خالنا المغفور له /فيصل عزالدين راسخ
لكم فجعنا و حزنا لوفاته المباغتة...
قلت له في زيارتي الاخيرة للسودان: (يا خالي فيصل..جاي ابيت معاكم بعد بكرة قبل ما اسافر)..
و لم اتمكن من الايفاء بالوعد...و لم ادر انها كانت آخر مرة اراه فيها في هذه الدنيا الفانية...
رحمه الله رحمة واسعة...وربنا يدي لينا الخالة/سلمى (السيدة البركة) الصحة والعافية...
شكرا مرة ثانية اخي انور و كل عام و انتم بخير
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: زياد جعفر عبدالله)
|
الأخ زياد كل سنة وانت طيب والبركة فيكم ، للعم فيصل مكانة خاصة لا يمكن وصفها فهو إنسان فريد بمعنى ما تحمل الكلمة من معنى ، صافي بصفاء الحليب ، رجل متعلم ومثقف تستأنس بمجالسته وصاحب روح مرحة وبديهة حاضرة يضيف إليك الكثير بصحبته ويترك في مخيلتك أشرعة مفتحة نحو الجمال ، ذات مرة أوصاني لكتاب " العلم والإيمان" للشيخ نديم الجسر ، لم أتوفق في الحصول على هذا الكتاب لكن أتيحت لي فرصة قراءته باستعارته من مكتبة في الإمارات فكان كمن يطوف بك في عوالم أخرى ولولا العم فيصل لما قرأت أنا هذا الكتاب .... له الرحمة ولأله الصبر الجميل ....
وسوف أواصل في سرد بعض الذكريات
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: انور الطيب)
|
الأخ العزيز أنور الطيب...لك خالص الود والإحترام
دائما الواحد بى يجى سودانيز اونلاين عابر...فيجد ما يدفعه للبقاء...والكتابه
نشكرك على الكلمات الرائعه فى حق المغفور له خالنا فيصل راسخ...
وجعل الله ذلك فى ميزان حسناتك
والحقيقه ان خالنا المرحوم فيصل هو من طراز فريد ونادر....رجل هادئ الطبع جميل السريره...طيب النفس
وقد أنجب للوطن خيرة الأبناء
رحم الله خالنا فيصل راسخ...واسكنه الله فى فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا...
مع خالص التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في رحاب العم فيصل عز الدين تغرد الطيور وتتكاثر الزهور .. (Re: mekki)
|
Quote: الأخ العزيز أنور الطيب...لك خالص الود والإحترام
دائما الواحد بى يجى سودانيز اونلاين عابر...فيجد ما يدفعه للبقاء...والكتابه
نشكرك على الكلمات الرائعه فى حق المغفور له خالنا فيصل راسخ...
وجعل الله ذلك فى ميزان حسناتك
والحقيقه ان خالنا المرحوم فيصل هو من طراز فريد ونادر....رجل هادئ الطبع جميل السريره...طيب النفس
وقد أنجب للوطن خيرة الأبناء
رحم الله خالنا فيصل راسخ...واسكنه الله فى فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا...
مع خالص التقدير |
الأخ مكي أولا أحسن الله عزاءكم والبركة فيكم ، ثانيا ما يربطني بالعم فيصل أكبر من أن أجمعه في كلمات وهو كما قلت هو رجل من طراز فريد ونادر وربما لم ينتبه كثيرين ممن حوله إلى العطر الذي يملأ جنباته أو إلى الحكمة التي تشع من عقله .. وكان رجلا صاحب نصيحة وذات مرة في بدايات التسعينيات من القرن الفائت كنت في صحبته صباحا وإذا بحفر كثيرة تفوق ال 48 حفرة تغطي مساحة 300 م.م ... سألني العم فيصل عن هذه الحفر ، قلت له : إنها ربما أساس لعمارة ، قال لي : يا أنور عمارة و 48 حفرة ، هذا شيء عجيب ..
سعى لمقابلة صاحب المبنى والمقاول ودار هذا النقاش .
العم فيصل بكل أدب وحياء : أنا لا أريد أن أتدخل فيما لا يعنيني ولكن أرى أن الأمر في غاية الغرابة أن يكون هنالك أكثر من 48 حفرة كأساس لعمارة . هذه خسارة لا يقبلها الله ولا رسوله ولا نحن ، وكل هذا من باب الجيرة .
المقاول : محاولا أن يقنع العم فيصل أن ما قام به هو مجرد تمتين للبناء .
العم فيصل : يا ولدي الموضوع دة مدروس وهنالك مهندسون خبراء في هذا لمجال .
المقاول : يصر على موقفه .
العم فيصل مع قليل من الإنفعال : ياولدي إنت عايز تبني عمارة والله مصنع ذخيرة ...
ينفجر بعضنا ضاحكا على تعليق العم فيصل ..
وبعد جهد جهيد يقنع العم فيصل المقاول بأن ما يفعله خطأ كبير وخسارة فادحة ومن المفترض أن يخاف الله في عمله ...
يقلص بعدها المقاول الأعمدة وبالتالي تقليل الخسائر ما أمكن ..
فالموضوع كان للعم فيصل رحمه الله مسألة مبدأ ليس إلا وإلا لما كان تدخل في الموضوع من أصله ...
اللهم ارحمه واغفر له
| |
|
|
|
|
|
|
| |
انور الطيب
محمد صباحى
زياد جعفر عبدالله
abuguta
mekki
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست