|
الحرب الحدودية القادمة
|
حاطب ليـــــــل
عبد اللطيف البوني
الحرب الحدودية القادمة بت فضل الله وجدت حاج بخيت «دافن دقن» أي نائم في ضل الضحى بينما بت فضل الله كانت قد استيقظت من صباح الرحمن لترتيب أمور «سعيتها» فقد حباها الله بنعمة الأنعام.. ولكن لما كانت بت فضل الله مرهقة ومجهدة بينما جارها بخيت يطارد في الضل كي يواصل نومه «لا شغل ولا مشغلة» قالت وفي لحظة اعتراف «أمانة يا الفقر ما ليك حوبة» بعبارة أخرى إن الفقر له جانب إيجابي وهو أن صاحبه يكون دوماً مرتحاً. فمثلما للفقر «حوبته» فإن للثروة ضريبتها.
هذه الرمية مناسبتها أنه يبدو لنا أن السودان سوف يدفع ثمناً غالياً للبترول، فهذا البترول الذي لا يقارن في كميته بما تنتجه الدول البترولية الأخرى إلا أن الثغرة التي أغلقها في ميزانية السودان جعلته كبيراً جداً «ضرب الكوراك كتير على راعي البقر» ولا نستبعد إطلاقاً بأن يقوم هذا «الفنطوط» المسمى بالنفط بإنهاء وحدة السودان وإلحاقها «بأمات طه» فإن كان ذلك كذلك فلن نملك إلا أن نبكي على أيام
لم يكن فيها بترول مكتشف في السودان ونتذكر قول حبوبتنا بت فضل الله «أمانة يا الفقر ما ليك حوبة».
الآن اتفاقية السلام الشاملة المصطلح عليها باسم نيفاشا «تمشي اتنين وترجع تلاتة» بسبب النفط، فالحركة الشعبية ومن ساعة رفض المؤتمر الوطني تسليمها وزارة النفط ظلت تشكو لطوب الأرض من عدم الشفافية وأنها لا تثق في كل الحسابات التي تقدم لها، ولكن ليس هذا المهم إنما المهم هو خلاف الشريكين حول ترسيم الحدود وحول مسألة أبيي وكلتا المشكلتين السبب فيهما آبار النفط. فهناك الكثير من الآبار المحسوبة الآن على الشمال يقول الجنوبيون إنها تقع في الجنوب، فالمعلوم أن الحدود بين الشمال والجنوب ليست محددة تحديداً دقيقاً، فالحكومات المتعاقبة منذ الاستعمار والى يوم الناس هذا تعيد تشكيل حدود المحليات بضم هذه الى تلك وكان هذا أمراً عادياً طالما أنه لا يوجد نفط ولا ثروات ولا تقرير مصير فلا يوجد من يتابع تغيير التقسيمات هذه.
بعد اتفاقية نيفاشا التي تنص على إعطاء الجنوب حق تقرير المصير في 2011م، فكلام الحدود يكون قد دخل الحوش طالما أن الحكاية دخل فيها النفط بعد أن كانت الأرض بوراً بلقع لا نفط ولا يحزنون، والحركة الشعبية تركت اللجاج حول أموال النفط واتجهت الى أصل الحكاية، فركزت على مسألة الحدود وخطت خطوة عملية عندما استدعت لجنة خبراء أبيي الى
جوبا ليقدموا تنويراً -حلوة دي- عن ظروف التقرير الذي رفعوه للمتفاوضين في نيفاشا عن أبيي ثم دلفوا الى مناقشة مسألة الحدود بين الشمال والجنوب. فقدم دوقلاس جونسون وهو أكاديمي متخصص في الشأن السوداني محاضرة شهدها صناع القرار في جوبا قال فيها إن هناك أراضٍ جنوبية شاسعة تم ضمها الى الشمال، وكأن الشمال والجنوب كانا دولتين منفصلتين في يوم من الأيام.
كل الدلائل تشير الآن الى أن كلمة الإخوة الجنوبيين في العام 2011م ستكون باي باي الشمال، وكنا نود أن نقول لهم عليكم يسهل وعلينا يمهل طالما أن هذا خياركم، أو قد نعاتبهم قائلين: «لسه الزمن بدري» ولكننا لن نجد فرصة لهذا أو ذاك لأن السلاح سوف يلعلع بين البلدين المتجاورين بسبب نزاع الحدود، كل الدلائل تشير الى أن لجنة ترسيم الحدود لن تكون كلمتها نهائية طالما أن أمثال السيد دوقلاس جونسون منذ الآن وقبل الاستقلال يعملون على تحضير الحطب ورشه بالبنزين في انتظار عود الثقاب في العام 2011م. فالحرب الأهلية التي انتهت بفضل نيفاشا سوف تتحول الى حرب حدودية بين دولتين متجاورتين، نفس السيناريو الذي حدث بين أثيوبيا وأريتريا ثم تم الانفصال لأنهاء تلك الحرب الطويلة فإذا هي بعد الانفصال تتحول الى حرب أكثر شراسة.
«اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه».
|
|
|
|
|
|