الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
|
شيءُ من عبق أسـمـرا ...
|
شيءُ من عبق أسـمـرا ...
تلفظني الموانئ نحو مطارات شاسعة تفضي –هي الأخرى- نحو مدن ملتبسة أبحث فيها عن ثمة "إشراق" لا يغيب عن المخيلة ابدا .. وجه مدينتي التي ترابض في هضبة على علو يطاول 1800 متر من سطح البحر ..
لعلي سقطت من ذاك العلو الشاهق حين تكسرت أشيائي أشلاءا ولم يبقى منها سوى حفيف الذاكرة الذي يبدو أنه مربوط بحبل سري مع تلك الرقعة ..حيث دفن -ذات صباح ندي- "جزء مني" لم تقتلعه روافد الهضبة الموسمية التي تجتمع لتشكل "نبعا" منسابا يمضي في فضاء الجغرافيا –ما شاء الله له- ويسقى شعوبا وقبائل تسكن ضفافه لتصنع الحياة بكل شروطها ، وتُضحي "هبة "ذاك السخاء الباذخ ..
لعل ذلك ما يجعلني أرنو دوما لعبق تلك المدينة التي منحتني فرصة أن أحيا على أرائكها المعطرة بروائح القهوة وعبق الزنجبيل ...و أتوق لعناق آخر في حضرة "الربيع الدائم" الذي لا تصنعه سوا "أسمرا ".. حين تجعلني أتشبث بحقيقة انكسار كل أشيائي الجميلة لحظة – سقوطي سهوا- من ذاكرتها المعتقة برحيق الطفولة ، وعنفوان الجنون الماجن .. هي أسمرا إذن ووجهها البهي الذي يرتسم أمامي في نهاية كل مطاف ومطار ..
هي الفضاء الباذخ جمالاً وندى، وبردا منعشاً ،ومطرا لا يشبه سوا ذاته ..هي هكذا دوماً فاتنة وساحرة لا تجيد سوى فعل الغواية كعذراء مكتنزة الجمال والغنج ..مدينة تتوضأ بماء الورد حين تتواطأ لتسقطك في شباك عشقها الأبدي..
في ذات صباح بارد ،وعبر أسفير الإليكترون تهمس "الحبيبة": صباحك سكر " ..
أبحث عن ثمة تحية مثلها ،أو أحسن منها فلا تسعفني الذاكرة سوا بـمفردتين " صباحك أسمراوي " !
تتلعثم المفردات في ذاكرتها النابضة ،فتجيبني بعد حين ٍ من المتاهة " صباحٌ يشبه كل أشياءك الجميلة " لتردف "أتحبها لهذه الدرجة ..؟!"
أعجز عن تعليل عشق مدينة "تسكنني ولا أسكنها "
في آخر زيارة لي ...والطائرة النفاثة تخترق علو السحب.. باغتت مرافقي "عثمان" بالسؤال : كم سيطول هذا الغياب يا ترى ؟ ..والمدينة ترفل في ثوب من السكون ..تنهد "عثمان" وحبات المطر تداعب زجاج الطائرة : قد يطول " حيناً من الزمن "!
سقطت المفردات قلقا ورهبة علي ..أنا العاجز عن إيجاد معيارا وقتيا لمفردة "الحين" -التي اختلف حولها الفقهاء- .. و"الزمن" قد بدا لي عمرا مديدا من الضياع في مدن ضبابية الملامح ،باردة العناق تنجح في إشعال كل قناديل الذاكرة في حين تفشل في بعث شروط الدفء بالدواخل..
- "لا بد من اسمرا وإن طال السفر " قالها "عثمان" وهو يتفحص غمامة الضجر التي ارتسمت في محياي.
شخصت عيناي نحو مشاهد السحب الواعدة بليلة ماطرة ..والمدينة تلوح بشارات الوداع وتختفي شيئا فشيئا خلف إطلالة الغيم .
تتعرج تضاريس الروح حين تحين لحظات البوح عن عشق يتمدد على مساحات الفؤاد المعلول ،وتتوارى المفردات في فعل لا يخلوا من الخيبة الآثمة . - لعن الله أوطاناً لا تذيبنا عناقاً ولا تبطل شروط اغترابنا عنها " قال عثمان وهو يحاول شد انتباهي نحوه ،أو إبطال شروط شرودي بعيدا ..-على الأقل-
لكن اللحظة لم تكن مواتية سوى لممارسة مزيدا من الاسترسال خارج النافذة ..
مشاهد الغيوم وهي تتعانق لتشكل وطنا وفضاء خاصا بها ،وذلك البياض الناصع الذي تتخلله مساحات من الزرقة الآسرة .. لوحة لامتناهية الجمال وفضاء لا تسعه العين المجردة .. تفاصيل أخرى تقفز من بين ردهات الذاكرة لتعيد صياغة الصورة .. وترسم اللوحة الأولى التي تأبى إلا أن تبث بعضاً من روحها /روحي ،في كل مشهد يداعب القلب والبصر .
(-وقـفـة –)
مغرورٌ بك حد الورد بالندي حد عباد الشمس بمرسال النور حد الجنون بالإبداع
حدي أنا بك ..وكفـى.
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: شيءُ من عبق أسـمـرا ... (Re: محمود ابوبكر)
|
Quote: شكراً لهذه السياحة يامحمود ابوبكر |
شــكرا لمرورك من هنا وعلى مفرداتك الجميلة ..يا استاذ هاشم ..عسى تزول النوائب فتمتد الجسور لسياحة حقيقية بعيدا عن خيوط الاليكترون شكرا
| |

|
|
|
|
|
|
Re: شيءُ من عبق أسـمـرا ... (Re: محمود ابوبكر)
|
كمشتاتتو صباحاً
( كمي حدركوم )
صبخ ...
ومساءً ايضاً ( صبخ ... )
ماي سيروا .. درفو .. جرحي ..
الغالي محمود
هي وحدها التي تتمني زيارتها مرة اخري ..
ويظل طعم اسمرا كاجمل ذكرياتنا
| |

|
|
|
|
|
|
Re: شيءُ من عبق أسـمـرا ... (Re: محمود ابوبكر)
|
العزيز بخاري .. كمي حديركا ... صبخ؟  أطلالة جميلة كغيم اسمرا ..او بالأحرى كدرفو
Quote: الغالي محمود
هي وحدها التي تتمني زيارتها مرة اخري ..
ويظل طعم اسمرا كاجمل ذكرياتنا |
اشكرك على اشراكك لنا في هذه التأملات والذكريات الجميلة .. ستعود الايام ..ونعود لاستعادة الذكرى
| |

|
|
|
|
|
|
|