حفل خيري بالنادي السوداني – Hayward, CA لدعم السودانيين بالمعسكرات والتكايا
|
د. حسن موسي لمنبر الصحافة:-الهوية ذريعة سياسية وحيلة أيدولوجية
|
نهدي هذا الحوار مع د حسن موسي لقبيلة الرسامين وعلي رأسهم العم الأستاذ / عبدالله بولا
د. حسن موسى في منبر «الصحافة» «1-2»
الهوية ذريعة سياسية وحيلة أيدولوجية عبارة ثقافة سودانية أنتجها مفكرو مايو أجراه: أبو إدريس
جاء حسن موسى من كردفان 1970م ليلتحق بكلية الفنون الجميلة وفيها أثار مع أقرانه جدلاً كثيفاً حول قضايا الثقافة وفي العام 1978م شدَّ الرحال الى باريس ونال أعلى الدرجات العلمية، واستمر الجدل حول أطروحاته، جاء إلى الخرطوم مستعجلاً فالتقطه منبر «الصحافة». * الهوية تاريخياً قال إنه يود أن يحيي الجميع ويشد على ايديهم لأنه في الحوارات يتعامل مع الناس. وقال إنه جاء الى الكلية رساماً مثله مثل أقرانه ولكن جاءت لحظة تساءلنا لمن نرسم ولأى الأغراض وهى اسئلة بسيطة ولكنها ورطتنا في نقاش فلسفي وقادتنا الى اسئلة فلسفية واضطررنا للبحث في تاريخ الفن واقاليم اخرى غريبة عن الرسم وما حدث للفن التشكيلي كان على صلة بما حدث في السودان في مطلع السبعينات كانت الاسئلة الأساسية للوجود في المجتمع السوداني بدأت تطرح منذ اكتوبر وحتى فترة نميري. وخرج هذا النقاش من الكلية للصحف وكانت هناك مناقشات فكرية ولكن الذي يبدو أن الفنانين التشكيليين متقدمون على الآخرين، وهذا مستمر حتى الآن والذين سبقونا أمثال شبرين والصلحي كان لهم مشروع جمالي «عقيدة جمالية» ويعتقدون أنهم ينتجون فناً سودانياً ولديهم ملامح محدودة له، وهى أن الفن السوداني قائم على فكرة الهجنة والتمازج، وفي الأدب كانت هناك الغابة والصحراء وهى طرح موازٍ لهم ويقدمون أدباً عربياً بدماء افريقية والصلحي وشبرين ومجموعتهم يقولون نفس الكلام بلغة ومفردات أخرى وهو فن سوداني بمفردات عربية إسلامية افريقية. وصرنا نتساءل ما هى المفردات الافريقية والعربية والاسلامية وتطور السؤال إلى ما هية الهوية وأصبح هناك مستويان من النقاش واحد بين المثقفين والفنانين وكان هذا النقاش لديه عواقب سياسية بمعنى أن مايو كانت منتبهة لهذا النقاش وتدرك عواقبه. ومن ثم جاءت إتفاقية اديس أبابا وعرف الناس طعم السلام ولكن الناس اقتنعت أن السلام لايقوم على اتفاقية فقط كما أن الوحدة الوطنية تحتاج لايدلوجيا ولأن الوحدة الوطنية مرتبطة بالتنمية وفي ذلك الوقت راج الحديث حول أن السودان سلة غذاء العالم العربي. وكان الاعتقاد أن الامر مجرد وقت فقط وتقوم المشاريع وانتبه مفكرو مايو إلى عمل ثقافة سودانية وصارت مفردة بناء أمة سودانية ومن هذه الزاوية تبنت السلطة الفن السوداني والثقافة السودانية من وجهة نظر الغابة والصحراء. وبدأ النقاش وحدثت أحداث يوليو وانقسم اليسار الى طبقة وسطى مدينية كما أن غيري عندما جاء كان كل الناس معه على الرغم من أنه جاء انقلاباً على حكومة منتخبة بحلم السلام والوحدة الوطنية، وغنى له الفنانون ولكن بعد يوليو حدث انكسار وانقسمنا داخل الكلية الى جزر وصار الذين نعمل معهم مطاردين وهذا زاد تعقيد الأمر «زاد الطين بله» وهذا بالنسبة للإطار السياسي لكلمة هوية. وبدأنا نطرح الاسئلة حول ماهية الهوية واكتشفنا وجود نسخ كثيرة للهوية مثلاً نظام نميري لديه نسخته للهوية. ومن هنا بدأت الارتياب حول كلمة هوية من حيث المبدأ وصارت بالنسبة لي مجرد ذريعة سياسية «حيله ايدلوجية» وصار كل شخص يطرح نفسه ممثلاً للهوية السودانية وعندما كوَّن نميري لجنة لتغيير الدستور اتذكر العباره (على أساس استلهام الشريعة الاسلامية) وهذا بدأ في اواخر ايام نميري وهذه نسخة من نسخ الهوية ومن هنا اصبحت افكر ان الهوية حجة سياسية لا أكثر ولا أقل رغم بعدها الفلسفي وبذا صار النقاش حول الهوية نقاش سياسي وهذا إفراغ للنقاش من محتواه وهو أمر جلل وخطير بأن يتم افراغه من محتواه الفلسفي وبذا يكون الذي يسيطر على السلطة هو الهوية ويدعو الناس لها والذين يعملون لها لديهم مصلحة تجارية مباشرة ثم ينتظرون نسخة أخرى للهوية وبذا اصبح مسار الهوية تكتيكاً سياسياً. ولكن المسألة لديها أطراف أخرى فعلى مستوى الفلسفة الهوية اطار يعرفه الشخص لنفسه ولا دخل للآخرين به بمعنى أنه يعرف الإطار الذي يتحرك فيه. الذي أنظر من خلاله للآخرين، عندما اقول انا هويتي هى كذا يعني اعطيت غيري هويتهم على أساس هويتي أنا. في هذا المستوى مسألة الهوية تصبح مسألة خيار اذا اخترت ان تكون هويتي يابانية مثلاً فالجميع يقول لي انت حر في هذه الهوية، وهذا الخيار له عواقب عملية، طيب انا هويتي يابانية انتم ماهى هويتكم، يقولون نحن هويتنا افريقية، فاقول لهم أنتم هويتكم الافريقية دي ما بتنفع معانا، ما بتنفع مع البزنس الذي سوف نعمله هنا في البلد دي لازم تغييرها، ومن هنا تبدأ الفكرة الفلسفية البيئة هذه تتحول الى مشروع سياسي ولو كنت امتلك آلة قمع سوف الوِّح بها واقول ليكم بالتي هى احسن اتخذوا من هويتي اليابانية هذه هوية لكم، والا سوف تكون عواقب ذلك وخيمة وهذا ايضاً من المسألة فهى لها بعدها الفلسفي وبعدها السياسي المباشر، وهذه احدى المشاريع التي انسقنا وراءها واذكر اننا جئنا لكلية الفنون الجميلة كطلاب فنانين اصدقاؤنا في الجبهة الديمقراطية يطلبون منا حضور الاجتماعات، كنا نذهب والناس تتكلم، ونحن نحتاج في هذا الوقت في الاستديو كي نرسم وكنا نفتكر أن الكلام في السياسة كلام غير مجدٍ، من نقطة نقاش الهوية بدأنا نفتح آذاننا للنقاش السياسي الدائر واصبحنا طرفاً في النقاش السياسي، وهذا جرَّ علينا مصائب كثيرة اثناء فترة مايو كنا في غنى عنها، وكانت هنالك مقولات كثيرة تقول أنتم أناس فنانون مالكم ومال السياسة، ونحن لم نكن بنفتكر انفسنا شغالين سياسة كنا نفتكر انفسنا نتناقش في الفن لكن هذا الفن ادخلته الظروف إلى ساحة السياسة ومن هنا بدأ نقاشنا في السياسة بحكم أن النقاش في السياسة له طرف في النقاش في مسألة الهوية، وهذا ما أشرت اليه بأنه خيار له عواقب على الصعيد العملي، اذاً لابد من السياسة، حتى عدم الكلام في السياسة هو موقف سياسي يبين انك على خلاف مع الأطراف التي تتكلم في السياسة، وهذه المسائل التي قادنا لها التفكير أننا بنهمل فن لمن، أنا حالياً فنان أرسم ومرجعي هو تاريخ الفن، ولكنني أعي بأن الصورة التي اعملها في المنطقة المحددة لها عواقب سياسية لناس مختلفين وبالضرورة أن هنالك مجموعة مستفيدة من هذه الصورة، أنا ليس لي مشروع سلطة ولكنني من المفترض أن أكون واعياً بالعواقب السياسية للعمل الفني الذي اعمله، مثلاً هنالك شخص يشترى «كوكاكولا» هذه السلعة هى ليست خارج التاريخ، وخارج اطار علاقات النزاعات التي تحدث في العالم. الحديث عن اباد ماك لا أستطيع أن اتبحر فيه لأنني عندما أكملت الثانوي في الأبيض وحضرت لكلية الفنون، وكان ذلك في العام 1970م كانت اباد ماك في ايامها الاخيرة ولم يكن لدى معلومات كبيرة عنها ولم أكن معاصراً لها، الفترة التي عاصرتها كانت يوليو 1971م كل تجربتي في مسألة التيارات السياسية الفكرية التي لها علاقة بحركة الفنانين كانت في الفترة التي اعقبت احداث يوليو، لكن كنا نسمع عن ابادماك وهو تنظيم للفنانين الديمقراطيين وهو تنظيم له علاقة وثيقة جداً باليسار السوداني، وكان لأباد ماك اثر في الحياة الثقافية في الخرطوم وبعض المدن الكبيرة الأخرى مثل مدني، اهمية ابادماك تتمثل في انها دربت عدداً كبيراً جداً من الشبان للتأثير بعد ذلك في الحركة الفكرية والسياسية، حتى في الصحف كان هنالك اثر كبير لكتاب ابادماك من شعراء وادباء، ابادماك هى حصيلة النقاشات التي حدثت تحت ظل الحريات بعد ثورة اكتوبر حتى العام (69- 70)، وكان لذلك اثره في تكوين ملامح الحركة الفكرية والفنية في السودان، اما حركة الغابة والصحراء فقد بدأت منذ وقت مبكر، وقد بدأنا في فهم البعد السياسي لعواقب هذه الحركة الفكرية، ففي مدرسة الخرطوم مثلاً، والقائمون على أمرها هم اساتذتنا مثل الصلحي وشبرين وكمالا، وبدون أية شبهة هم أناس مبدعون، ولكنهم في نفس الوقت استشعروا بغريزتهم الفنية ان السلطات السياسية تنتظر منهم نتاجاً معيناً وحاولوا تلبية مطالب السلطة، من خلال انهم يعملون في اطار وحدة وطنية وأمة سودانية تنتج فناً سودانياً وسموه مدرسة الخرطوم، ومدرسة الغابة والصحراء وليس هذا وحسب بل تمت مكافأتهم على ذلك في حين اننا كنا نرى اصدقاءنا مطاردين ومشردين، بينما كان هؤلاء العاملون في حركة ايدلوجيا الفن الرسمي مثل مدرسة الخرطوم يحصلون على الانواط والجوائز من قبل حكومة نميري، وليس لأنهم مبدعون يصبح من حقهم أن يتبنوا أى موقف على الصعيد السياسي ومن هذه الزاوية بدأ نزاعنا معهم وهو نزاع في الفن ولكن له علاقة بالسياسة. * نور الدين مدني: حديثك حول النزاع بين السياسي والثقافي حول الهوية، كان عن احداث قديمة واهمل ماهو مطروح حالياً. معروف ان أحمد الطيب زين العابدين عليه رحمة الله قد عالج مسألة الهوية هذه بدون سياسة وبدون ايدلوجيا وانت تحصر نفسك في مايو ويونيو، حالياً الناس قد تجاوزوا ذلك وطرقوا موضوع السوداناوية في إطار السودان الجامع؟ * محمد كشان: في تطرق د. حسن موسى لمسألة الهوية لم يتطرق الى تعريف للثقافة السودانية بعيداً عن انها مزيج عربية وافريقية أيضاً الدكتور حسن هو أحد الحروفيين وتحدث عن جانب الصراعات السياسية فيما يخص مدرسة الخرطوم وامتداداتها بما فيها مدرسة الواحد، ماهي رؤيتك الفنية تجاه هذه التيارات؟ * الاستاذ احمد الصادق أحمد: كي نكون عمليين وتسير الندوة بحسب السيرة الذاتية الفكرية، اعتقد ان اللحظة الفارقة أو القطيعة البينة بدأت من المقالات التي كانت في منتصف السبعينات هى اللحظة التي انتبهنا لحسن موسى وهو يكتب نقداً، والآن لدى حسن موسى اتسعت العبارة إذ كان ذلك كلاماً في الجمال، أو نقد تشكيلي، الآن اصبح نقداً بمعناه الأوسع وتناول كل المجالات، سواء كان ايدلوجياً أو اقتصادياً اين كانت هذه الذاكرة وماهو التطور الذي حدث لها..؟ * الياس المك: بالنسبة لسؤال الهوية «نحن سودانيون وهذا يكفي» ما هو رأيكم في هذه العبارة دكتور حسن موسى أيضاً هل تعتقد بوجود ثقافة سودانية أم ثقافات سودانية..؟ في الحلقة القادمة نقدم الاجابات حول تساؤلات الحضور.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|