*الأصول الإثنية للمسيرية هي عربية جهينيه ، استقرت في الجزء الغربي من جنوب كردفان ، بعد رحلات طويلة ابتدأت من شبه جزيرة العرب. هنالك رأيان في تفسير قدومهم : رأي يرى أنهم جاءوا عبر الرحلات القادمة عبر شرق السودان هم و جهينة وسط السودان (قواسمة ، شكرية ، ..الخ ) ، والرأي الأخر - و هو الأرجح وهو ما يقول به تاريخ المسيرية الشفاهي و كما تناقلته حكاياهم – بأنهم جاءوا من تونس الخضراء.. في الجزء الغربي من جبال النوبة ، استقر المسيرية ، تجاورت قبيلتهم مع بعض قبائل النوبه ( كمدا ، تلشي، تيما ، والي ، أبوجنوك ، طبق ، الداجو و هم من أصول دارفورية ) و من ناحية الشمال تجاورهم قبائل الحمر ، البديرية ، الجوامعة و كنانة، و غربا الرزيقات و أقصى الشرق الحوازمة . و المسيرية و الرزيقات و الحوازمة و أولاد حميد و التعايشة و الهبانية و بني هلبة ، ذوي أصول مشتركة و يعرفون بمجموعة العطاوى. * و المسيرية أناس يحترفون الرعي ، فهم يعتمدون أساسا على أبقارهم . البقرة تشكل عندهم معادل وجود مهم. لإانسان المسيرية يعتمد على البقرة في وجوده الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي. و يستفيد كثيرا في سلوكه الحياتي من البقرة و تشكل عامل مهم في تكوين الثقافة و تشكيل المفاهيم الحياتية . لذلك يوصفون بالبقارة ، و البقارة صفة مهنة كالمزارع و النجار و السباك ..الخ * هذه الإشارة مهمة جدا كمدخل اجرائي لو فرضنا أن الإثنية و البيئات من عوامل بناء الثقافة و تراث الإنسان . و هي مهمة ايضا باعتبار أن الجغرافيا تساهم كثيرا في تشكيل بناء مزاج الإنسان و تخليق صفاته الإبداعية . و هي مهمة ايضا باعتبار أن كل جماعة بشرية ، بوعيها المتنامي و المتطور عبر الزمن ، تستطيع أن تكون و تشكل ثقافتها و تطورها عبر المعارف الحياتية المكتسبة . و في بيئات الرعي المعرفة غير منتظمة ، و ليست لها مؤسسات تبحث و تنقب فيها ، بل هي عبارة عن جزء أصيل من الحياة يكتسبها الإنسان بتلقائية و يتعامل معها في حدود تلك التلقائية. و قد تكون الثقافة من ناحية مفاهيميه أكثر شمولا و إتساعا لتشمل حتى رؤية الإنسان للعالم و الوجود من حوله ، وبهذا الفهم لابد أن يكون لها أساس روحي و عقائدي يسند تحديد ملامح هذه الرؤية و هو ما يمكن أن نسميه أصول الثقافة . هذا المدخل – بصورة عامة – يتوسل تسليط اضاءة على الأجواء التي نشأت فيها النقارة ، على الأقل عند المسيرية ، ثم تطورها كأداة من أدوات تشكيل الوعي الثقافي ، و الذي يتجلى فيها كممارسة و ابداع إنساني.. و من ثمة توضيح الدور الذي تلعبه النقارة في حياة مجتمع إنسان المسيرية. و مبدئيا يمكن أن يقسم هذا المقال الى المباحث التالية: - النقارة ، تعريفها ، طريقة صناعتها ، أصولها - أغراض إستخدام النقارة - من له حق إمتلاكها و قد لا يتقيد المقال كثيرا بهذه الخطوة الإجرائية. تعريف النقارة[/B]: المسيرية يتحدثون اللغة العربية بلهجة موغلة في القدم و يدينون بالإسلام. لذلك تجد أن مفردة النقارة ذات اصل لغوي عربي. فهي من الفعل نقر ينقر فهو ناقر و نقار (بتشديد القاف) ، و النقر هو الطرق ، و منه منقار الطير. طور المسيرية هذه المفردة كمرادف للطبل. و إصطلاحا ، النقارة هي آلة إيقاعية محلية ذات إستخدامات متعددة و مفيدة في مجتمع المسيرية. طريقة صناعتها[/B]: تصنع النقارة من جذوع الأشجار ، و هي اسطوانية الشكل. و تستخدم اشجار معينة في صناعتها ، منها أشجار الحميض و الزان. فالنقارة عبارة عن اسطوانة مجوفة من شجرة الحميض أو الزان ، يبلغ طولها حوالي ( 90-100سم) و قطرها حوالي (25-35سم). هذه الأسطوانة مفتوحة –راسيا- من الجانبين ، و يستخدم جلد الأبقار كغطاء ، و تغطى به فتحتي هذه الأسطوانة. و عند الطرق عليها تحدث صوت عالي يمكن سماعه على بعد 30-40 كلم. أصول النقارة[/B] : النقارة هي عبارة عن طبل ذو اصول أفريقية . فعرب شبه الجزيرة العربية – الأصول التي ينحدلر منها المسيرية- لم يعرفوا النقارة بهذه الكيفية ، بل عرفوا طبولا أصغر حجما و مختلفة في شكلها. و المسيرية قد جابوا أفريقيا و تحركوا فيها لمسافات طويلة ، لذلك هم من أكثر القبائل العربية التي تاثرت بالخصائص الأفريقية، و البعض يرى بأنهم من اكثر القبائل أفرقة. و يتجلى ذلك الأثر الظاهر في طرائق الإنتاج ووسائله ، و ذلك في الرقص و قليلا من الدم، و المظهر الأفريقي الذي تبدو سيماه في تقاسيم و ملامح إنسان المسيرية. و لقد إكتسبوا النقارة كأداة تراث و بناء ثقافة و طوروها حتى غدت لها إستخدامات متعددة قلما توجد عند القبائل الأخرى. و كذلك نجد أن الرقص المصاحب للنقارة يتميز بالشدة و العنف الطقوسي الأفريقي. يصاحب النقارة في حالات الفرح طبل اخر أصغر حجما و يعرف بالتمبل ، و هو نقارة صغيرة الحجم . و تعرف أيضا بالأم و البنت. و يستخدم في عزف النقارة مضارب صغيرة أشبه بالعصي ، غالبا ما تكون من أشجار البشم ، و عزفها يسمى بالضرب ، و في حالة ضرب الفرح تستخدم عصاتين. أغراض إستخدامها: إنسان المسيرية هو رعوي في المقام الأول ، يحترف تريبة الأبقار و الأغنام. و مؤخرا أصبح جزء من المسيرية يحترف الزراعة ، و المزارع عندهم هو المسكين الفقير الذي لا يملك الأبقار ، و هو في وجوده الإجتماعي لا يملك حق الكلام و إبداء الرأي ، ذلك أن الثري عندهم هو من يملك حق الكلام في المجالس المهمة و إبداء الرأي و تطلب مشورته. و لأن مجتمع المسيرية به نسبة عالية من الأمية ، فإن الثراء يقاس بعدد الأبقار المملوكة للفرد. و تسمى مجموعة الأبقار التي يمتلكها الفرد بالهدبة أو المراح. و عادة يملك كل فرد صاحب هدبة أو مراح نقارة. فالنقارة في معظم تواجدها تلازم الأبقار، و لكن لا يمنع هذا من أن تكون لها وظائف ، في تطورها ، أشبه بالمستقلة عن تلازم الأبقار. و كما هو معروف فإ الإعلان أو الإعلام ، يشكل أثر فعال في حياة الجماعة – أي جماعة بشرية كانت، ذات وجود جماعي موحد – و هو في خلاصته وسيلة كشف و تنبيه . لذلك نجد أن إنسان المسيرية يستخدم النقارة كوسيلة إعلام أو إعلان، و يتجلى ذلك في عدة أغراض لإستخدام النقارة و يمكن أن نجملها في التفاصيل و التوضيحات التالية . كما ذكرنا ، فإن طرق النقارة أو نقرها أو عزفها عند مجتمع المسيرية يعرف بضرب النقارة . و هنالك عدة ضروب للنقارة وهي : ضرب المسار ، ضرب المحط ، ضرب إحضار الغائب، ضرب الخراب ، و ضرب الفرح. ضرب المسار[/B]: المسار لغة هو الطريق أو الدرب . أما إصطلاحا فيعني عملية انتقال الظعينة من موضع لأخر ، ذلك أن إنسان المسيرية هو إنسان رحال بطبعه ، بمفهوم أن الرحيل عز العرب، متنقل غير مستقر ، يتبع أبقاره و أبقاره تبع الكلأ . و لهم رحلة ثنائية الإتجاها جنوبية – شمالية، ترتبط بمواسم الأمطار قلة و كثافة . فحينما تكثر الأمطار يرحلون من الجنوب (الصعيد) نحو الشمال ( السافل – دار الريح ) ، و حينما تشح يعودون للصعيد. و موضع النزول يسمى المحط ، و منه المحطة ( للقطار أو البصات) ، و البعد بين المحط و الأخر يكون في حدود 20-25 كلم. و المسار ، هي عملية لها طقوسها و تفاصيلها الخاصة. المسار عادة ما يسبق برحلة إستكشاف لموضع الكلأ الجيد ، و يقوم بذلك شباب الفريق ( الصبيان) ، و يعرفون بالرواغة و هم الرواد و مفردهم رائد و منها تسمية ضبطية الجندية. بعد تحديد الموقع الجيد ، يخطر شيخ الفريق بذلك و هو أكبر شخص سنا و يسمى بالعميد ، و منها العمدة الوظيفة الإدارية و العميد رتبة ضبطية الجندية. و يقوم عميد الفريق بدوره بتنبيه أهل الفريق منذ الليل إستعدادا للرحيل. و تبدأ عملية المسار في الفجر الباكر ، وتنتهي عند الظهر ، عندما تشتد الحرارة. و فريق المسيرية في حالة المسار يسمى بالضعينة (الظعينة) . و الفريق عادة ما يتكون من أفراد خشم البيت الواحد ، و تسمى الظعينة بإسم الشيخ ( مثل ضعينة معلا أبو أم مخيان، ضعينة فضل اللـه قباض ، ضعينة الفضل أبو عاشة ، ضعينة مراهد النصيبة ..الخ). في اثناء المسار تحمل المرأة متاعها ، ويسمى الخمام (بضم الميم) في ثور مطيع يسمى بالثور الكلالي (بضم الكاف). و الفتيات يستخدمن ثيرانا أقل عمرا و أقل متاعا أو خماما. و الرجال ايضا يركبون ثيران لا تحمل متاعا إلا نادرا. و عادة ما يركبون الخيل أو الحمير. و في المسار يتقدم الظعينة الهدبة أو المراح ، ويتقدمه شاب (صبي) يعرف بالدليل "دليل البقر" أو المقدم ( و منها رتبة ضبطية الجندية المعروفة). تحمل النقارة – اثناء المسار- في ثور خاص به متاع يخص عميد الفريق . و تعزف أو تضرب بطريقة خاصة و هي على ظهر الثور. و يستطيع أي مسيري بحسه البدوي النقي تمييز ضرب المسار. و الغرض من هذا الضرب تنبيه الظعائن الأخرى و القبائل و الفرقان بهذه الظعينة السائرة. فهنا تستخدم النقارة كمنبه او أداة اعلان ، ذات فعالية عالية. ضرب المحط : المحط أو المحطة هو الموقع الذي تنتهي عنده عملية المسار و هو موقع نزول الظعينة، و عادة ما يتميز بالكلأ الجيد و الماء الوفير. و عندما تنزل الظعينة ، يقوم كل فرد – ذكر أو انثى – بأداء عمل معين ، النساء يقمن بإنزال الخمام أو الشيل (المتاع) و الإستعداد لبناء الجاحوبة (بيت العرب البدو). أما الفتيات فيذهبن لجلب ماء الشرب. و الفتيان يقومون بفرز (عزل) العجول الصغيرة و الحملان و السخلان عن امهاتها ، ذلك تهيدا للسرحة ( الرعي) في الفلاة. الشيخ يقوم بالإشراف و التوجيه. في هذه الحالة ، يقوم شخص – غالبا ما يفعل ذلك المقدم أو دليل البقر – بضرب النقارة بإيقاع معين يختلف عن إيقاع المسار . و لكل قبيلة نوع معين من الضرب الخاص بها . و الغرض من ضرب المحط الإخبار بالوصول و النزول. ضرب إحضار الغائب (الرايح): حينما تستقر الظعينة و يتم بناء البيوت الصغيرة و جملتها تسمى بالفريق ( منها رتبة ضبطية الجندية) ، يظل الحال مستقرا، و ترعى الأبقار في الفلاة. و قد يذهب الرعاة ( الرعاوية) الى مواقع بعيدة و يتوهون و يضلون طريق العودة الى فرقانهم، أو قد تتفرق الأبقار أو الأغنام ويضيع جزء منها. فإذا تاه الفرد أو ضل طريقه يقال عنه فلان قد راح ، بمعنى تاه. في هذه الحالة تضرب النقارة ، و لكل خشم بيت من بيوت المسيرية ضرب معين لإحضار الغائب. مثلا ضرب أولاد كدو ( و هم من قبيلة الدرع ) يعرف بضربة سيمبو ، وهناك سيمبو الطوال و القصار، و هو إيقاع يستطيع أي واحد من افراد هذه القبيلة تمييزه ، وتستخدم فيه عصاة واحدة. و هناك ضربة "حلاتي" و هو خاص بالغزايا ( رهط الحريكة عزالدين – ناظر المسيرية) و هنالك ضربة "حدية كر " و ضربة "سلطان قم" و ضربة " سلطان ولد أم جن" و غيرها من الضروب المختلفة. إنسان المسيرية يستطيع ببساطة أن يفرق بين ضرب و أخر. و يستطيع من السماع تحديد موقع الفريق و تحديد هوية اهله. فضرب احضار الغائب هو عبارة عن إشارات اعلامية ترسل للتائه ، وعند سماعها تساعده في تحديد اتجاه الفريق و يعود. و قد يكون أحيانا قد ضاع بعض من الأبقار أو الأغنام مما يقتضي البحث عنها ، فيخرج الرجال لذلك و تعرف البحث تلك بالدوارة ، و منها دوارة المرأة أي خطوبتها. فإذا وجدت الأبقار أو الأغنام الضائعة أرجعت الى الفريق. و في هذه الحالة تضرب النقارة بإيقاع معين هو إيقاع "جن " أي جاءن أو حضرن ، بمعنى أن الأبقار الضائعة قد وجدت و اعيدة الى الفريق. و حالما يسمع الدوارة (بتشديد الواو وفتحها) هذا الإيقاع يعودون الى فرقانهم. ضرب الخراب " خدم النقارة": كما ذكرنا سابقا أن الجغرافيا تؤثر كثيرا في بناء مزاج الفرد. و أنسان المسيرية يتميز بصفات عديدة منها سهولة إستفزازه. ذلك أن الإنسان هناك يربي على قيم معينة منها الكرم و ألأمانة و الشجاعة و "الحقانية". و إنسان بهذا الوعي التراكم فيه ، نجد أن الأبقال " المال" تشكل قيمة مهمة و أساسية في حياة مجتمعه ، أضف الى ذلك مفاهيم العرض و الشرف. و بهذا الفهم ، فهو ليس بالملاك ، و انما بشر يستفز و يستجيب للإستفزاز . لذلك كثيرا من تنشأ الإحتكاكات و النزاعات الشرسة. و في القدم الحروب عديدة . أما في الحقب الأخيرة قلت هذه الحروب و الإحتكاكات و أصبحت تحدث في نطاق ضيق جدا. و المسيري له الإستعداد الكافي للقتال و الموت في سبيل شيئين : البقرة (المال) و المرأة ( الشرف و العرض). و القتال عندهم يعرف بالدواس أو الخراب. و حينما ينشب قتال ، تقوم النساء – غالبا- بضرب النقارة بإيقاع معين حزين و رتيب يعرف بضرب الخراب او خدم النقارة (خدم من خدم يخدم فهو خادم ). و هذا الأيقاع من الإيقاعات المشتركة بين كافة قبائل المسيرية. و الغرض منه الإخبار بوقوع الخراب و بالتالي الإستغاثة طلبا للنجدة أو النصرة حسبما يكون، أو طلب مجموعة محايدة تقوم بالفصل بين طرفي القتال. و أحيانا نادرة جدا تخدم النقارة " ضرب الخراب" طلبا للإغاثة ، حتى ولو لم يكن هنالك قتال.
ضــرب الفرح " أم بقـو": الفرح قيمة إنسانية ذات وجود فاعل في شخصية إنسان المسيرية،و له أسباب عديدة منها الزواج ، الختان ، السماية ، عودة المسافر ، و التعبير عن الرخاء و الإستقرار. فهو إنسان مبسوط على طول. و يعبر إنسان المسيرية عن الفرح بالرقص، وهو وسيط روحي مهم عندهم ، يساعد على الإستقرار النفسي . و هو ايضا لغة تعبيرية ذات أثر قيم و فعال و يستخدم فيه الجسد. تستخدم النقارة كآلة مصاحبة للرقص . و رقص النقارة لا يصاحبه الشدو أو الغناء أو أي آلة وترية. فهو رقص ايقاعي بحت ، أي يعتمد على إيقاع الطبل فقط و هو النقارة في هذه الحالة. دائرة الرقص – و تعرف عندهم باللعب- غالبا ما تكون بجوار الفريق أو في وسطه ، حسب المكان المناسب ، و تعلق النقارة على عود يعرف بالشعبة (بكسر الشين)، تعلق فيه النقارة الأم و يعلق بجوارها التمبل (النقارة البنت). ليس كل مسيري مؤهل لضرب أم بقو ( بضم القاف مع تشديدها و ضم الواو) ، وهي نقارة الفرح . فهي مهارة تعتمد على الموهبة المصحوبة بالممارسة و التطوير. عازف النقارة في هذه الحالة يعرف بالضراب، يساعده على ضرب التمبل ضراب اخر. و من أشهر العازفين عندهم عيال أم دامت ، وفيهم المقولة المشهور " النقارة قيامتها قامت كن لموا فيها عيال أم دامت"، و منهم ايضا حسن اللدام ، وحسن فللي ، والتيس الأخضر , غيرهم . تنغم النقارة بتوقيعات معينة تثير روح الطرب في نفس الإنسان. و رقص النقارة يشترك فيه النساء و الرجال، لأن الرقصة هي رقصة ثنائية (رجل ×امرأة) ، وتعتمد على القوام الممشوق و بنية الجسد ( من الطرائف لا يوجد إنسان سمين أو مترهل في قبائل المسيرية) ، و ذلك لتمتع انسان المسيرية بجمال القوام. يحرك الجسد بصورة سريعة تتميز بالعنف الطقوسي. عادة ما تكون نقارة الفرح في الأصيل أو في الليـل ، حيث تعرف بأم درق الليل. يقف الناس في دائرة واسعة حول النقارة و تمبلها. و تقف الفتيات في مجموعات صغيرة مقسمة داخل الدائرة. المجموعة تتكون من فتاتين او ثلاثة او اربعة. تضع كل فتاة زينتها كاملة و هي تتكون من السكسك و ريش النعام و الإكسسوار ( عاج بلاستك ، ازرار قميص، مناديل صغيرة ، حجبات ، اسورة فضة ) ، وتلبس فستان مزركش و تضع تحته حزامة ( تنورة) من قماش القرمصيص. تربط حول خصرها عمامة أو ثوب بشرط أن يكون له ذيلين طويلين. و لا تلبس الفتاة حذاء ، لأنه لا يساعد على الرقص بمهاره. على شعرها تضع الفتاة عطر التربلول ، و هو عطر كما قال عنه احد الأصدقاء (عطر خلاسي فصيح) ، و يتكون من مجموعة عناصر أساسها المحلب و القرنفل. و تمشط الفتاة شعرها على هيئة جدايل دقيقة فيما يسمى بتسريحة المشاط السودانية المعروفة. الشباب "الصبيان" يرتدون ملابس نظيفة و قصيرة ، تعرف بالعراريق ( جمع عراقي) ، و السروال الطويل( حجيلات جقى) و يحتذون المراكيب (عنقرة التيس)، و يحملون العصي القنا أو الفؤوس الصغيرة ( الفرافير). عند بدء النقارة ، يعزف الضراب ايقاعات معينة ، و يمارس عرض معين يعرف ب"قلب البنات" ، قلب بمعنى ارجع و اعاد. و في الزمان الغابر كانت تستخدم فيه الخيل. تقف البنات في مجموعات صغيرة ، و يأتي الشبان يحملون السكاكين عارية " خارج اغمادها أو اجفارها" ، وترفع و تهز في مستوى مواز لرأس الفتاة، ثم يوضع رأس السكين على فخذ حاملها ، و يتنظر برهة على ذاك الوضع ، و عند تنغيم ايقاعي معين تستدير الفتاة و هي ترقص و يكون ظهلرها مواليا لذاك الشاب ووسط الدائرة، فيتحرك الصبي و يقف في مواجهتها ، ويكون حينها مواجها لمركز الدائرة. و بعد تنغيم اخر تستدير الفتاة لتكون في وضعها الأول ، حيث يكون وجهها قبالة مركز الدائرة ، فيتحرك الشاب و يهز السكين على رأس الفتاة ( يأخذ شبالها) ثم يمضي لحاله. اذا استجابت الفتاة و أستدارت ، يقال أن الفتاة (انقلبت) بمعنى أدت شبالها. أما اذا رفضت أن تستدير ، فيقال عنها أبت تنقلب ، و هذا أمر له دلالة خطيرة ، و يعني أن الرجل أو الشاب الذي يقف امامها به عيب معين ، جبان مثلا. و قد شاهدت بنفسي حالة شروع في انتحار في ضواحي مدينة لقاوة ، و ذلك أن احد الشبان رفضت مراقصته أن تنقلب له أو تديهو شبالها ، ذلك لأنه و قف أما الفتاة فلم تستدر ، ويظل هو يضغط بالسكين العارية على فخذه الى أن إخترقت الخذ تماما. بعد عملية العرض أو ما يسمى بقلب البنات ، يبدأ الرقص. و كما ذكرنا أن رقصة النقارة هي رقصة ثنائية بين رجل و إمرأة ، و الرجل هو الذي يختار الفتاة التي تراقصه. و في رقص النقارة لا توجد رقابة ، فيحق للراقصة أن تهتز بالطريقة التي تظهر مهارتها في الرقص. و الراقصون المهرة يستغلون ذلك لإستراق قبلة عجلى ، ولكن بحذر ، وإلا القيامة ستقوم. و عند الذروة يترك الجميع في الرقص. و قد يستمر الرقص لمدة ثلاث أو اربعة ساعات. أحيانا توضع نقود ورقيه ( نقطة ) على ضفائر البنات، و يقوم بوضعها الرجال. و النقطة بهذه الكيفية مؤشر لإنتخاب البنت الجميلة أو من تجيد الرقص بمهارة تستحوذ الإعجاب. عند المسيرية ترد النقود لصاحبها في اليوم التالي و ذلك بواسطة أمها ، أما عند الحوازمة فلا ترد النقطة. و يحق للنساء أن يفعلن نفس الأمر ، و ذلك بإختيار شاب جميل و متميز في الرقص. و لكن تعبير المرأة عن إعجابها يكون بأن تخلع جبيرتها (سوار من الفضة) أو خناقها ( عقد من الأحجار الكريمة) و تلبسها أو تلبسه للشاب الذي أعجبت به. و قد تتم هذا المسألة على مشهد من أهلها و لا أحد يعترض. خلاصة القول هنا ، حتى نقارة الفرح لا تخلو هي الأخرى من الوظيفية الإعلامية ، فهي تستقل للإخبار عن الفرح ، و دعوة الذين لم تصلهم دعوة الفرح.
من له حق إمتلاك النقارة؟[/B] ليس كل إنسان في مجتمع المسيرية يمتلك نقارة ، ذلك لأن إمتلاك النقارة له دلالة إجتماعية معينة. و لطالما الأبقار هي المؤشر الإجتماعي الذي يحدد الثراء و الفقر ، فإن إمتلاك النقارة يتعلق كثيرا بالأبقار. فالشخص الذي يمتلك أبقارا كثيرة يحق له إمتلاك نقارة ، و ذلك إستكمالا لمظاهر الأبهة و البرجزة. و يبدو أشبه بالعيب أن يمتلك الشخص أبقار كبير و لا يمتلك نقارة. أما من ناحية وظيفيه ، فإن كثرة الأبقار يترتب عليها ضرورة الترحال ( المسار) و قد تتوه هذه الأبقار أو تضيع أو تعود ، مما يقتضي وجود وسيلة تعبر عن كل هذه المواقف الحياتية، لذلك قد نجد منطق في ملازمة النقارة للأثرياء. أما المزارع المستقر ، ، فإنه لا يملك نقارة ، و ضمنيا ليس له الحق في إمتلاكها لأنه فقير و لا حاجة له بها ، وهذا من ناحية معنوية و إجتماعية. أما من ناحية وظيفية ، فإن المزارع إنسان مستقر ، لا يتنقل كثيرا و لا يملك أبقارا ، لذلك هو لا يتعرض للمسار أو لأي من الخبرات التي تلازم الرحالي و تستدعي وجود نقارة ، لذلك لا تنشأ حاجة لإمتلاكها. هذه هي النقارة ، و هذا المقال لا يدعي أن إنسان المسيرية هو أول من صنعها أو إخترعها ، و لمن يجزم بأنه كإنسان نشط –يؤثر و يتأثر – قد إستفاد كثيرا في تطوير طبل له خصوصية ثقافية ، وفائدة تراثية عظيمة تساعده في مسيرة حياته. أما الإعلام ، فهو ظاهرة عريقة و عراقتها ترتبط بوجود إنسان المسيرية نفسه ، كخبرة بشرية مهمة. لقد أستطاع إنسان المسيرية أن يسقط كل وعيه الثقافي و الوجودي في تطوير النقارة ، لتحمل في خلاصتها هوية متميزة.
محمد النور كبر
07-12-2003, 07:18 AM
elhilayla elhilayla
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5551
الأخ العزيز كبر حقيقة وبدون مجاملة يعتبر هذا البوست من أجمل البوستات ويمكنني أن أطلق عليه بوست الأسبوع وأرجو من الأخ بـــــــــكري أن يقوم بوضعه في البوستات الرئيسية لعلك يا صديقي قد أعدت اليّ ذكريات عزيزة وحبيبة الي نفسي عزة أهلنا في غرب السودان الذين تربطني صداقات وزمالات عزيزة جدا علي نفسي بعدد كبير منهم ان بقي لي ما أقوله فأنني أقدم دعوة للصديقين تبلدينا وكانتوناللمساهمة في البوست بأضفاء نكهات مختلفة للثقافة والفولكلور في غرب السودان كما أتمني من الأخ كبر أن يواصل في الكتابة في هذا المسار حتي يتعرف كثيرا من أبنائنا وبناتنا وأخواننا وأخواتنا في خارج وداخل السودان علي ثقافة السودان المتنوعة. وربما أعود بذكريات حبيبة الي نفسي مع بعض الأصدقاء والزملاء
07-12-2003, 12:23 PM
THE RAIN THE RAIN
تاريخ التسجيل: 06-20-2002
مجموع المشاركات: 2761
هذا ما ظللنا نرجوه وننادى به، و - نبرك ليهو الفقرا - الطعم والمعنى، العمق وزاكى عطر المعرفة، وليت قومى يعلمون
تحية وانحناءة لك يا محمد النور، فقد أنرت فينا عتمة مطبقة وقد كبر الحضور واستطال، هذى هى المواضيع الواجب طرحها والإتيان بها، كل الضوء وكامل البهاء بعبق الصدق، يستقبلك، وغزارة المحتوى وعميم الفائدة، هذا هو لعمرى بيت قصيدنا المرتجى من هكذا ساحة ومنبر، تعريف وإفادة ومتعة، وليت كل أهل بلادى يأتون بكتابهم، وحتما سوف يحملونه بيمنى أرواحهم، ما أجمل هذا السودان وما أغناه، وما أحوجنا فعلا لمثل هذا الفيض
إنحناءة أخرى لك يا كبر، ولتضخ فى أوردة سأمنا المزيد من ماء الجمال هذا، فهو حقا حياة
و
دار الريح طاريها المشتولة المنقه فيها بشيل الجوز واسقيها وبحاحى الطير ما يجيها
قد إرتوينا والله يا محمد فزاد العطش، إذن فزدنا إرتواءا يا كبر الكبير
07-13-2003, 03:08 AM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
صديقي الحليلة..حبابك كتر خيرك على حسن الظن بهذه الخبرة المتواضعة، و التي ترددت كثيرا في ابرازها.. و يقيني أننا لو كتبنا عن حاجات أهلنا و عاداتهم سنستفيد جملة و قطاعي ، و هي مسألة أقرب لمزاجنا و نفسياتنا و شخصيتنا .. و لك أن ترى كيف أننا نركض خلف السراب ، و الماء تحت أرجلنا و هو كافي لإرواء ظمأنا الحارق.. نعم اؤيدك الرأي أننا نحتاج كثيرا أن نعرف عن تراثنا و لك أن تضيف واحد الى صداقاتك العديدة كلهم يا أخي يمتلئون حبا و معرفة بأشيائهم ، ولكنه الخجل و دمت و كتر خيرك على الثقة
كبر
07-13-2003, 03:21 AM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
المطر ..صديقي .. يا دفقة من الرقة و البهاء العالي .. حبابك و زي ما قالت اهلك الكردافة ..ابقى لي قدام و اقعد طولة
كتر خيرك على التفاعل مع هذه الخبرة المتواضعة و مثلما قلت في ردي للأخ الحليلة نطارد السراب و الماء تحت اقدامنا فنحن يا صديقي.. بقدر أحزاننا و مهاتراتنا نملك الجميل ، لكن عازف الدار دائما لا تطرب مزاميره ، أو ربما يعود ذلك لعدم ثقتنا في انفسنا و أشيائنا
دار الريح طاريها اكاد أقسم بأنها من أقوي ايدولوجيات الوفاء و التفاني و الإخلاص
ياليتكم يا اصدقاء ترمون عنكم بثوب التردد و الحياء و تقولون حتى نطرب و نستفيد
الأخ كبر عاطر التحايا وكل المودة، أمتعتني حقا قراءة ما كتبته، وأود أن أتمكن من العودة لمداخلة أعمق، أماالآن فان ايقاعات الفرح تصطخب في جنبات البورد بمثل هذه المساهمات الجادة. من عجب أنني كنت قبل قليل أزور ناس الأخ الموصلي في بوستهم عن الفنان عبد الرحمن عبد الله ، هو يوم النفير والنقارة اذن، فلكم التحايا والتقدير.
07-13-2003, 04:02 AM
أبكر آدم إسماعيل أبكر آدم إسماعيل
تاريخ التسجيل: 10-05-2002
مجموع المشاركات: 549
صديقتي تسنيم..حبابك كتر خيرك على المؤازرة ، و هنالك الكثير الذي نتمنى أن يسعفنا الزمن بتناوله و خليك قريب
صديقتي الأستاذة رقية وراق..حبابك ياليت كل أيامنا نقاقير و نفاير و إلتصاق بحاجاتنا الجميلة و نحن في انتظار أن نسمع منك و من الأخرين و ما تنقطعي
ولد أبا ..حبابك أم باكر ، كن اللـه مد في العمر عندنا درملي حامي، تعمره حسان بنات أهلنا العدلانيات و عموم البخوتيات، و سنعقبه بكرنك و سركلي أهلك الصبي و الكدر و الكاركو وصيتي ليك المدى ما يفوتك في العافية
و دمتم كبر
07-14-2003, 04:31 PM
Tabaldina Tabaldina
تاريخ التسجيل: 02-12-2002
مجموع المشاركات: 11844
.. . سلام ول ابا اخونا الفاضل كبر الشكر لك دوما لتناول بعض العادات التراثية والقبلية ولكن عارف من الاشياء المؤسفة ان الاتحاد العام للطلاب السودانيين فى موقعه يتحدث عن النقارة كالة نحاسية وتشتهر بها القبائل النيلية قائلاً النقارة وهي تشتهر بها القبائل النيلية وتتكون من مجموعة من الآلات النحاسية التي يضرب عليها اكثر من اكثر من شخص لتعطي نسق موسيقي متفرد
وقد ارسلت لهم رسالة منذ شهور ولا حياة لمن تنادى ..ما علينا هذا هو الجهل الذى قادونا اليه وعدم المام بالتراث والثقافات الا ن ينغرضوا واخاف انهم يعتقدون ان النحاس ايضا كتلة من مادة النحاس
ألأخ كبر أزرق كحل الشيخات و الماك جلكاية العقيق،الشكر لك و أنت تتحفنابنقل ما تناسيناه عمدا من تراث و قيم ثرة. سر أخى على هذا الخطى، و نحن فى انتظار المزيد لك الود أحمد محمدين
صديقي كبر وتبلدينا والأخوة المداخلون مشكورين كتير ولو أنني وعدت بالرجوع ببعض الذكريات من أصدقائي أبناء المنطقة-ولكنها الظروف- عموما أنتظركم لأيراد كثيرا من المفاهيم التراثية في الغرب وهذا من باب التلاقح الفولكولوري بين السودان والسودانيين ان جاز لنا التعبير وطبعا زي ما قال اخونا كانتونا نحن كان أدونا بتيخة عشان نقطعها بنقول وين السكين!! و تسلم يا كبر وضيوفك الأفاضل
07-15-2003, 05:39 AM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
صديقي..ولد أبا..تبلدينا حبابك عشرة كتر خيرك على المناغمة.. الكثير يعلم أن الإبداع يكمن في أشيائنا، لكن نسبة لظروف عديدة لم يتاح لأهلنا في السودان العرفة بثقافات بعضهم البعض و بالنسبة لمسألة الخلط ، فإننا نقول هي مسئولية ابناء و بنات تلك المناطق التبصير بالأشياء على حقيقتها و لقد ولى زمان العننة و مناقلة الحديث و ياريت نسمع منك ومن بقية الإخوة و الأخوات ودمت
كبر
07-15-2003, 05:46 AM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
صديقي أحمد أمين حبابك واحد من أهلك مشى جمهورية الصين الشعبية، و طالت المدة بينو و بين أهاليه في السودان ، و اخيرا تمكن من الإتصال بهم ، فبادره أحدهم قائلا :فلان مالك قطعت الخبر متل ده؟ فقال صاحبنا : باقي مشغول شوية ، و قاعد اعلم الصينين لعب النقارة فسأله الأخر و قال: و ناس الصين دول مسلمين؟ ضحك المغترب و قال:كو فقال البدو بكل جدية :ماتنسى علمهم معاك الصلاة
على العموم يا صديقي هي أشياء لابد منها ، و مافي عوجة تب ، عرفتنا و خبرتنا البسيطة كلها ليك و دمت كبر
07-15-2003, 05:53 AM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
صديقي الحليلة..حبابك وكتر خيرك على المؤازرة و الكلمة الطيبة ماها ساهلة براها بالدنيا، و زي ما قالت أهلك الكلمة الطيبة بتمرق الدبيب من جحروا وهاك السكين و دمت كبر
07-15-2003, 06:27 AM
JAD JAD
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4768
والله كلامي هذا لا يدخل في باب أدب المجاملة ولكن بكل صدق هذا جهد يجب أن يقدر وأن نشد على يديك وأرجو أن تسمح لي لأنني تصرفت بدون إذن وطبعت هذا الجهد ربما نحتاجه كمرجع
لك صادق الود
الرحمابي
07-21-2003, 08:07 PM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
عزيزي كبر سلامات يا زول يا رائع ، والله بحث قيم ، وسمعت صوت النقارة طالعة من غابة فرح ، قد اثار بحثك اسئلة لدي ، وبحكم انتمايئ للغرب ، فقد وجدت نقاط تقاطع غريبة بين ثقافتنا والتي هي واحدة مع اختلاف الثروة الحيوانية فنحن ابّالة ، اي اهلنا يرعون الابل لكن نفس المصطلحات هي المتداولة من المسار والظعينة ، واظن ان مفردة الظعينة انقرضت في كل العالم العربي الا عندنا وكلكم تتذكرون قصيدة امرؤ القيس : قفي قبل التفرق يا ظعينا نخبرك اليقين وتخبرينا
هذا يقودني للمقولة التانية وهي الاصل الاثني ، فما زال عربنا هناك يقولون لك حكاية تونس الخضراء دي ، وبما اننا نتقاسم الصحراء مع كثير من القبائل فجميعها تقول انها دخلت السودان من تونس ، واهلنا يتناقلون رواية شفاهية عن جدهم في الغيروان ... اشياء تحتاج الى بحث جاد وانت شرعت فيه .. عن النقارة نحن لدينا نقارة تملكها القبيلة كلها وهي النحاس واظن ان كل القبائل لديها نحاس ... ونحن كما تعلم رقم اختلاف الثروة فهنالك انتماء واحد لقبيلة الرزيقات فمثلا نحن ابّالة شمال دارفور نسمى كلنا بالرزيقات الشمالية ، وهي اربعة قبائل الماهرية والمحاميد والعريقات واولاد راشد ... هذه القبائل تحترف رعي الابل ، لكن لكل منها نحاس ( نقارة ) واظن ان اصل الرزيقات والمسيرية وكل قبائل البقارة يعود الى المغرب العربي وحدثت هجرات الى الجنوب وتبع هذه الهجرة تغيير الثروة الحيوانية من الابل الى الابقار لانه من المعروف ان الابل لا تعيش في المناطق الاستوائية ولذلك تم تغييرها بالبقر وويثبت هذا المفردات الواحدة بين البقارة والابالة .. ونقطة تانية ان كل هذه القبائل من العطايا وتوجد في ثقافتنا مقولة تقول : الساير عطية والمقيم حيماد والنقارة البدقدق راشد الولاّد
وهذه شجرة نسب ، تحدد ان كل القبائل الراحلة تنتمي الى عطية ، والمستقرة تنتمي الى حيماد وصوت النقارة البعيد هو صوت بادية راشد الموصوف هنا بأنه ولاّد ، اي له زرية كثيرة .. وهنالك قبيلة في الشرق اولاد راشد او الرواشدة وكذلك توجد قبيلة في الغرب بذات الاسم والملامح ..
ثانيا : وطالما ان كل قبائل البقارة هي من اصول عربية بعيدة ، فالاصل في القبائل العربية رعي النوق ، فلم يورد في الشعر العربي او التاريخ ان العرب كانوا يمتلكون البقر او يعرفونها ثم انها لا تعيش في الصحراء ولذلك ان هنالك نقطة تحول في حياة هذه القبائل وانها استطاعت ان تكيف وجودها في افريقيا بتحويل ثروتها الى ابقار وتبع ذلك التحول ادخال النقارة للحاجة الموضوعية لها في البداية ومن ثم تحولت الى تراث .. بالنسبة لرقصة النقارة لدينا ذات الرقصة .. لكنك نبهتني الى نقطة وهي اثناء الرقص ، ومع الايقاع يقول الراقصين : دج ، دج ، دج وهذه الكلمة تقال للثور لحثه على الاسراع او للابقار عموما وهذا يرجع لي ان النقارة دخلت ثقافتنا من علاقتنا بالبقارة .. لان غنانا عموما سواء كان الكاتم او الجرري او التويا كلها تعتمد ايقاع الصفقة ولا يستخدم فيها اي دف او طبل ... شكرا لك عزيزنا واعتقد ان هذا البوست له قيمة كبيرة وواصل بحثك فهذه ثقافة غنية تحتاج لكثير من البحث والاضاءة ولك المدى
09-01-2003, 01:22 AM
أحمد أمين أحمد أمين
تاريخ التسجيل: 07-27-2002
مجموع المشاركات: 3370
عودة لمداخلة عزت الماهري نعم الأصول الأثنية واحدة..ولقد اوضحت انت مسألة التكيف المعيشي والتحول من الأبل الى الابقار..والمشكلة ان تراث العطاوى وعيال حيماد هو تراث شفاهي..وحبوبتي ام سماح بت نصر السكران كثيرا ما ذكرت لي حكاية جدهم عقبة بن نافع صاحب ام غيروان وتونس الخضراء ..وذلك في اشارة لقدومهم من ناحية الغرب..ولازال النحاس معروف عند المسيرية وان كان اصبح رمز ويوجد في بيت الناظر..وذلك قبل الانقاذ التي بدعت في التقسيم وابتداع نظارات..المهم الى وقت قريب هناك نحاس في بيت الناظر عزالدين حميدة واخر في بيت الناظر الأسبق محمد ول دفع اللـه.. بالنسبة للجرداق الذي ذكرت..هو معروف عند كافة العطاوي ويؤرخ لمعركة دارت بينهم وبين خزام حول ناقة لبون..والطريف ان المسيرية لهم قناعة بان تلك الناقة هي ما تبقى من سلالة ناقة النبي صالح عليه السلام والوارد ذكرها في القرآن الكريم.. ونتمنى من كل مثقفي تلك المناطق الشروع في تدوين تاريخهم وثقافتهم وتوثيق ما تبقى منها..لان معظم المصادر بشرية وهي في طريقها الى الزوال ودمت كبر
09-01-2003, 10:28 PM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
إلى عيال عطية وحيماد برئاسة الناظر كبر وكمان إلى البقاري تايوان وكل الذين اعجبوا بكلمات العطوي كبر نقول لكم الشكر والإمتنان على قبولكم هذا النوع من الثقافة .. وللذين من عمرنا يذكرون جيدا ظهور اولاد كردفان على المسرح الغنائي بالعاصمة في السبعينيات من القرن الماضي وكلنا يذكر إغنية إبراهيم موسى أبا -عليه رحمة الله بركب ام كركابة بدلى في امروابة ام نهيدا طاعن دابا جنني وجنن والعزابة ما دوامة الله هوي الدنيا ما دوامة
غرب السودان هو السودان ولمعرفة ذلك والتأكد منه استمع الى عمر احساس في رائعته دارفور بلدنا... تجد انك تستمع إلى السودان بكل قبائله من حلفا إلى نمولي مرورا بكسلا وبورتسودان.
الكلام عن النقارة والحكامات والمردوم يملأ مجلدات ولكن ما عاوزين نضايق الباندودث - عشان اسياد التلج ما يزعلوامننا يقولوا البقارة ملوا علينا المصيبة دي.
كثيرون مشكورين كتبوا يطلبون مني ان اكتب عن كردفان وعادات الكردفانيين خاصة قبائل البقارة- وليست قبيلة البقارة يا شباب- ولكن ظروف عملي وسفري المتكرر حالت دون تحقيق رغبة الإخوة الكرام وعلى رأسهم كبر والحليلة... يعني بكلام البقارة والله انا مشغول والليد البطلق بيها المرا ما لاقيها - الترجمة تجدونها عند الأخ كبر
هنالك اخ ذكر جلكاية العقيق: نرجو ان يضيف عليها: ام جاعورة الغنم كدو ام شنينة بوخ البايتة الترجمة لدي الأخ كبر ايضا لكم جميعا الود والتحايا
كباشي الصافي
09-03-2003, 00:10 AM
elhilayla elhilayla
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5551
الأخ كباشي مشكور علي تلبية الدعوة ولكنك جئت متأخرا جدا لكن علي قول الخواجات عندنا هنا Mieux veut tard que jamais وترجمته ان تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي أصلا نود طلتك وتحياتي مرة أخري
09-03-2003, 00:35 AM
أبنوسة أبنوسة
تاريخ التسجيل: 03-15-2002
مجموع المشاركات: 977
بالمناسبة تربطنى ومنذ طفولتى علاقات حميمه ,وحتى الآن مع كثير من اولاد وبنات قبائل البقاره وعلى الرغم من الصعوبة التى تواجهنى احيانا فى استيعاب مضامين لهجاتهم الا انها محببه بالنسبة لي ولأمى التى تجيدها جيدا بحكم جيرتنا الدائمة مع بعض من تلك الاسر , ولا زلت اذكر مقطعا من أغنية عذبة كانت ترددها لنا صبية مليحه من البقاره ونحن صغار , حيث يقول احد مقاطع تلك الاغنية التى كانت تؤديها تلك البت وهى تنظر بحياء محبب نحو الارض حينما كنا نحن نبحلق فى هدب الاعين الجذابة :ة
هى يام زميم
شدر الوادى المغيم
داكوج اخوي يا حجركل
وين ولدمى الهميم
او كلمات من نحو ذلك , للاسف لا احفظ بقية تلك الاغنية التى لم اسمعها مرة اخرى مطلقا
سعيد بعودتك مرة اخرى يا كانتونا , بس انت اعمل بنصيحتى القلتها ليك , وياريت تجر معاك اخونا كبر , حينها سنرقص كلنا على قرع طبولكم
تسلموا
09-03-2003, 09:36 AM
cantona_1 cantona_1
تاريخ التسجيل: 01-04-2003
مجموع المشاركات: 6837
يستخدم البقارة التصغير للتعظيم في اغلب الاحيان وللتحقير عند اللزوم.. كأن تقول: شوف المرية ام صليب دي والمعني واضح فالمرية هي تصغير لكلمة المرأة والصليب -بكسر الصاد- تصغير للكلمة العامية المرادفة لكلمة الارداف.
هذه الصبية المغنية إختارت التصغير للتعبير عن حبها. والكلمات هي : زميم وهي تصغير كلمة زمام كلمة داكو: هي إختصار يستخدمة البقارة باضغام الكلمات في بعضها البعض خاصة عندما تكون بها الحروف المتحركة مثل الألف والواو والياء . وكلمة داكوهي: داك ياهو كلمة ولدمي: هي اختصار لكمتي: ولد أمي الهميم: بكسر الهاء وتشديد الياء تصغير كلمة الهميم الذي يهم بامور غيره ويساعدهم
وهاك الأختصار داك: إفترقت الطرق على مسافرين ولم يعرفوا اي الطريقين يقود الى هدفهم. إنبرى لهم أحد البقارة قائلا: كن كي كوكو .. كن كي كوكو وهي تعني: كان كدا يلاكم .. كان كدا يلاكم
مع تحياتي
كباشي الصافي
(عدل بواسطة cantona_1 on 09-03-2003, 09:39 AM) (عدل بواسطة cantona_1 on 09-03-2003, 09:42 AM)
ما انفك الأخ عجب الفيا في التنقيب عن جواهر الكلم و البوستات له كل الشكر الاخ الكبير في مكانتو عندنا كبر لك التحايا و انت تنورنا بهذا الزخم الثقافى الثر لتلك القبائل السودانية و البحث و التنقيب في تراثه شاكرين لك هذا الجهد العظيم و نرجو ان لا تشغلك المشاغل عنا كما استغل الفرصه و اسأل عن اخبار اخونا دكتور ابكر ولو كان عندي رقم هاتفه لاتصلت به نرجو ايصال سلامنا
عمنا القريب الى القلب كنتونا لا ندرى سبب غيابك و لكن حمد لله على السلامه و حبابك الف سبق و ان وعدتنا بعد بوست امثال البقارة بكثير من البحث الا انك لم توفى ذلك الوعد نحن في انتظارك و انتظار مجلسكم العامر
09-28-2003, 09:10 PM
Kabar Kabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537
الاصـدقاء..حبابكو ولد ابا..كانتونا ون كتر خيرك ..واللـه يدرى بحالك..وينطيك الفرقة ونسمع منك الكثير..خير امدام ياقدام..
صديقي الحليلة..حبابك وكتر خيرك على المثابرة..وبامثالكم بيعمر مدانا
صـديقتي ابنوسة..حبابك كتر خيرك..وياريت نقدر نسمع من اخونا بليا في تخطيطي تناول الآلات الوترية في ثقافة البقارة ومنها الة الطمبور..والتي تعرف باسم امبربري..ومنها يمكن مقارنتها بطمبور الشمال..بس زي ما قال اخونا كباشي اللـه يدينا الليد البنطلق بيها المرا ودمت
اخوي حسن الجزولي..حبابك كتر خيرك..واللــه في بالي نديهة..وعندما ينعدل الحال في الوطن ح اعزمك تزور بوادي اهلنا وفرقانهم وتستمتع بالنقارة والمردوم والحكامات والهدايا ومجلس البرامكة ..وهو فن خاص بالشاي.. وقريبا ساتناول اغاني المردوم .. ونتمنى نسمع منك تاني ودمت
صديقي الزومــة..حبابك كتر خيرك على السؤال والمؤازرة
الامثال التي ذكرها اخونا كباشي
الليد البطلق بيها المرا مالقيها الليد..اليد البطلق..فعل من طلق يطلق ..الطلاق المرا..المرأة طبعا الغرابة جمع مفهوم الطلاق المعنوي بمفهوم مادي وهو فعل اطلاق البهائم من حبالها وهي عادة مشهورة بين كافةالقبائل الرعوية..و لا نسى ان الزواج يقوم على العقد ..ومشهور عندنا بعملية عقد الحبل..والمعني انه مشغول جدا ..
ام جاعورة الغنم كدو
جاعورة من جعر يجعر فهو جعار الكدو ..بمعنى الغبار والاصل ان الغنم لا تجعر وانما الابقار..وتفعل ذلك للتنبه بالخطر..ومعنى المثل يصب في قلة الشأن.. وهو مايعادل المثل الانجليزي الشهير much cry carry little wool ام شنينة بوخ البايتة ام شنينة..نوع من النمل يتميز برائحة كريهة ويدعي الشراسة وهو غير ذلك.. البوخ ..البخار البايتة..العصيدة التي باتت وغالبا ما تتميز بالبرودة..وبالتالي ما عندها بخار والمعني يعني قمة التحقير والجبن ومنها وصف احدهم بقولك كدو (عجاج) النملة اي غبارها..وهل راي احدكم غبار النملة؟
كتر خيركم ودمتم كبر
09-28-2003, 10:07 PM
ابنوس ابنوس
تاريخ التسجيل: 04-19-2003
مجموع المشاركات: 1790
الاخ كبر شكرا على ردك حول مداخلتي لهذا الموضوع الهام ، واتفق معك ان هنالك ضرورة للكتابة ، فالتاريخ المروي شفاهة يضيع كثير منه ويتغير بفعل الزمن ، حول المعركة التي ولدت منها هذه الحكاية ، انا لدي كل ما يحيط بها ، وهي معركة تمت بين الملك شرنقوا ملك قبيلة خزام .. وقبائل العطايا .. والناقة كان يملكها شخص اسمه فنيّ .. وهو من قبيلة العريقات وهي حكاية طويلة . لكن المهم فيها انها حقيقية رغم تحولها الى اسطورة . بفعل الحرب الطويلة التي انتهت بطعن اخت الملك للناقة حين رأت انها قتلت كل القبائل .. كتب الاستاذ حسين محمد حامد النحلة رواية اسمها ( ناقة فني ، بسوس في بادية السودان ) سرد فيها كل تلك الاحداث ، وكل الشعر الذي قيل في تلك الحرب .. واعتقد ان تلك الرواية لم تجد حظها من الانتشار .. بسبب طباعتها في عمان حيث يقيم عمنا الاستاذ النحلة .. وفي آخر مرة التقيته فيها في عام 1997 اخبرني ان السوريين طلبوا منه تحويلها لمسلسل تاريخي .. وطلب هو ان يصور في السودان .. وكان النقاش حول تكلفة العمل في السودان لا ادري الى اين وصل .. وسأسعي لاحضار نسخة من السودان ونشرها على حلقات هنا في البورد اذا شائت الظروف .. والحقيقة التانية انني وقفت على آثار مملكة خزام في الصحراء الغربية بشمال دارفور حيث ما زالت بقايا قصر شرنقوا باقية ، وهنالك دراسة قاموا بها المان .. ليست بيدي الان ، لتلك الاثار .. ان وطننا يا اخي به الكثير الذي لا يعرفه احد ولم يدونه كتبة التاريخ .. وواصل كتاباتك في هذا الصدد رغم انها مهمة شاقة في ظل غياب المصادر وضيق الوقت لك ودي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Kabar
elhilayla
THE RAIN
أبكر آدم إسماعيل
أحمد أمين
JAD
AlRa7mabi
Agab Alfaya
توما
ابنوس
cantona_1
أبنوسة
حسن الجزولي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست