فنتازيا المجاز في ديوان : يسقطون وراء الغبار*

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-19-2007, 10:00 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فنتازيا المجاز في ديوان : يسقطون وراء الغبار*

    [IMG]


    شهدت قصيدة النثر، بعد أن اغتربت عن آباءها ، تحولات لامتناهية من تجارب الإبداع الشعري . ورغم الكتابات التي تمارس فراغا في اللغة لدي الكثيرين ، على هامش هذه التقنية العارية ، إلا أن الضربات التحويلية في مسار هذه الكتابة لجهة الإبداع ، جسدت وعيا فنيا حايث تجارب عديدة شكـّلت فيها فرزا ملموسا؛ حتى أصبحت اليوم مدونة الإبداع الشعري العربي الأكثر انتشارا .
    ضمن هذه الحساسية يكتب الشاعر السوداني نصار الصادق الحاج ، مجازات تضع اللغة أمام اختبار المعنى بتجريب يجافي تراكيبها المبتذلة ، إلى كتابة تمهر اشتغالها ببيان خاص . في ديوانه الأول (يسقطون وراء الغبار) الصادر عن دار كاف نون بالقاهرة 2003 .
    تبدأ الكتابة من المشهد الفنتازي للعنوان، لتنتهي في آخرها، بكتابة إيقاعية ربما ذيلها الشاعر ضمن إدراج يجنح إلى شعرية واحدة تتجاور فيها أشكال الكتابة (وتنشبك أحيانا في نص واحد)، رغم انحيازه لقصيدة النثر.
    في قصائد المجموعة هناك رغبة ملحة في الإمساك بالكلمات ضمن مجاز حساس لجهة تصوير العالم ، كما لو كانت الأشياء فيه نسيجا ً مقلوبا ً بفنتازيا تشتق مفرداتها من واقع متشظي ، يعيد الشاعر بناءه لا ليرتب الفوضى ، بل ليكتشف بتجريبه اللغوي معنى العبث في حياة تطرد صورتها المثالية عبر محطات قاسية . فهو ينشد يقينه من لغة تمنحه تعويضا لصورة الخراب المنذورة إزاءه ، تلك التي لا تكف عن خيباتها المتجددة ، لذلك يمارس الشاعر اقتلاعا قاسيا للبلاغة ، متجها نحو تخوم تكتشف فيها اللغة علاقات جديدة لتوصيل المعنى بدلالة تحيل إليه مغزلها الخاص . ذلك أن نصوص الديوان تنطوي على مجاز سور يالي لا يحتج على الواقع بخيال معزول . بل ينطلق من هذا الواقع ليحوله مسخا!

    (الكائنات الواعية :
    لماذا يحلب ثديها الغرباء
    بينما طفلها يقتات الجوع ظهيرة كل يوم فاقع)

    فالمجاز في بنية النصوص ، على نحو يخترق تفاصيلها ، ويسمح للشاعر بالاشتغال على أفعال المضارعة في أكثر من نصف الديوان ، كتقنية تتيح له الوصف الهادئ لفنتازيا معقدة ، من صور، وهواجس ، ورؤى تأويليه . فالشاعر لا ينسج المشهد الفنتازي من مخيلته وأهاويله فحسب ؛ بل من ضغط الإحساس بجدوى العبث كلعبة جدلية مع الواقع .
    (قيد واحد يفرك ساقي بعنف حركة الرياح
    سيشعل قلق الذاكرة ، ويحجب نافذة النسيان
    عن تسريب أزمنة الفجيعة السوداء)
    ومن خلال صور عالقة في فراغ المخيلة ، تحضر تيمات إنسانية ، وأخرى طالعة من حوار عنيف مع كائنات الكون ، وبدايات تشكل الخليقة في وعي الشاعر . هذا الحضور يشتق مجازا ً من صيرورة العالم بحسبانه فضاءً ينث منه مفاعيل المخيلة في علاقات غير منظورة . أو هي تبدو هوامش متنافرة لمتن غامض . ذلك أن إشارات المعنى في النصوص لا يستجيب تشفيرها لقراءة أولى . فالشاعر يقبض على نصه بتبديل فنتازي للمجاز يحيل في نفس الوقت على بنية ذهنية ناشئة من غرابة العلاقة الخيالية بين أشياء لا تفك أسرارها إلا بقراءة تلم التأويل من أقاصي المعنى . وهي في فعلها ذاك قد تلتقط إحالات نصف مضاءة للمعاني . وقد تجر إلى سلسلة متداعية تنولد فيها لقطات سوريالية .

    (المصابيح صعدت وحدها لشجر في الذاكرة
    تلعق التضاريس من وجوه النساء
    والنهار قابع في الكواكب البعيدة المزاج
    يلوك لعاب الشمس)

    غير أن نصوص المجموعة التي دمجت علامات الفرز في بُنى غريبة التركيب . تكشف عن عناوين فرعية ، ربما كانت إشارات شارحة لذلك السرد الشعري الغامض ، والموغل في لغة تلتف على نفسها ، وتجترح تأويلها من بعيد . لكن العناوين الفرعية التي تأتي في بعض القصائد كمحطات معزولة عن بعضها مثل قصيدة (تائهون في المدن الحجرية) التي يأتي فيها عنوان فرعي باسم " رامبو" بعد عنوان فرعي أول موسوم بـ(ديباجة)، ينتهي تأويلها في النهاية بخيط رفيع ناظم لرؤيتها الإنسانية . فالشاعر يشفر المعنى البعيد عبر مفردة خاملة لاتكتمل في عنوانها إلا من خلال التفاصيل التي تفلسف دواعيها . ومن ثم تنفتح الإشارات على المعاني عبر رموز غامضة . ففي مقطع ديباجة ( التي ربما كانت دمغة على جواز سفر) من قصيدة (تائهون في المدن الحجرية) ، يقول الشاعر

    (في هذا الجزء الضيق من قبر العالم
    وقف الطابور حزينا
    كقماش مهترئ يتفحص وجه الشمس الحارق
    عرقا يتساقط متسخا بغبار الميدان
    والغرباء كعادتهم يحتاجون لشرطي
    يمنحهم قطعة أرض مهجورة في أقصى العالم
    أو ديباجة).

    و النص يختط كتابة شعرية بين النثر والإيقاع ، كما في المقطع السابق . لكن المقطع التالي له والمعنون بـ(رامبو) سيتقاطع مع السابق في معنى المنفى الذي تحيل الإشارة إليه، بخصوص رامبو, في كلمة (عدن) . بينما يمارس الشاعر استعادة شعرية لرامبو بتأويل برومثيوسي : (واقفا على شجر القصاصات اللعينة) ، و لا يكف عن (مشاكسة الحيطان بكتابة حارقة) . كما لو كانت الغربة هي قدر الشاعر (في أقصى العالم) . فرامبو هو الذي :

    (أرسل الأناشيد لأطفال القرى المجانين
    ومات في مكان من قعر العالم ) .

    وهكذا يضعنا الشاعر أمام تبديل يتداعى بعلامات تختبر تأويلها بعيدا عن ذلك التنافر الوهمي في العناوين الفرعية . لكن الخيط الواصل لعلاقات المعنى ينطوي أيضا على إزاحات تدخله في سياق يرتد لاشعوريا لغاية تستبطن حرف المعنى الأول إلى معنى محايث له يتداعى بقوة حاكمة لسياقه . والشاعر لاينقض مادة الكلمات والأشياء عبر تدميرها وإعادة إنتاجها من جديد فحسب ؛ بل يعيد خلقها متصرفا في صيرورة الزمن لجهة الكشف عن جموده في حركة الأشياء . ومحيلا إلى تيمات ربما تتداعى في الوصف عبر الخفاء والتجلي . لكن هذا الجمود سيحيل في النهاية إلى دلالات مفتوحة على تأويله الخاص للعالم . يقول في نص (ذابلة سيرة الكائنات) :

    (أمام الطاولة
    ثمة شجر يمارس وحشته (......)
    كل زاوية في المكان مغلقة بشرائح
    مثل صفيح المستنقعات
    والظل يشكو من جلوسه الطويل.
    الشمس لا تدخل أبدا
    كأنما تخاف السقوط في الهاوية
    أو يداهمها الليل
    تمارس رهبة الحزن مع شجر الأكاسيا)

    على هذا النحو يقارب الشاعر مفرداته ، ويحقنها بمجاز ربما أغرق أحيانا في صور ذهنية ، موغلا في تداعيات لهوامش المعنى . بيد أن محاولة الاغتراب في تأثيث النص ، ورصد احتمالات اللغة ، والبحث عن كينونة في التجريب . ربما فسر تلك الهوامش التي تتذرر بالضرورة . حين يصل الشاعر إلى تخوم تضع اللغة أمام تضاريس عسيرة. فتتشظى منها تلك الصور الطالعة من مجازات التجريب .
    ونصار الصادق الحاج من الجيل التسعيني لشعراء سودانيين جربوا كتابة المنفى في (الخروج الكبير) إلى الشتات . وهو جيل ربما رأى في الشاعر السوداني الكبير محمد عبد الحي (1944ــ 1989) ، أبا ً افتراضيا لكتابة مغايرة .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الحياة اللندنية







                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de