رحل عن دنيانا الروائيُّ والسينمائيُّ السنغاليُّ سمبين عثمان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 05:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-14-2007, 08:28 PM

طارق أحمد أبوبكر
<aطارق أحمد أبوبكر
تاريخ التسجيل: 12-24-2005
مجموع المشاركات: 1621

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رحل عن دنيانا الروائيُّ والسينمائيُّ السنغاليُّ سمبين عثمان

    صحيفة "القارديان" البريطانية تنعي سمبين عثمان*

    رحل عن دنيانا الروائيُّ والسينمائيُّ السنغاليُّ سمبين عثمان ، أول مخرج أفلام أفريقي يحوز على تقديرٍ عالميٍّ ويُوصف بحقٍّ بأنه أب السينما الأفريقية.

    ولد سمبين عثمان، الذيؤ وافته المنية عند السنةِ الرابعة والثمانين من عمره، بقريةٍ تُدعى "زقيونشور"، كائنةً في مقاطعة كازاماس الواقعة في جنوب السنغال. كان والد سمبين عثمان صيادَ أسماكٍ وعلى علاقةِ قرابةٍ مع عالمٍ إسلاميٍّ، لكنّ جدتيه كانتا المؤثرتين الأساسيتين على مسيرةش حياته. وإثرَ فصله منة مدرسةٍ استعماريّةٍ لصفعه معلماً فرنسياً أُرسل سمبين عثمان إلى منزلٍ عائلةِ والده في داكار حيث عمل في مهنٍ شتّى فيما كان، في ذاتِ الوقتِ، يثقف نفسه بجديةٍ ويشاهد الأفلامَ السينمائيةَ كلّ مساءْ.

    وفي عام 1944 استدعي سمبين عثمان، بوصفه مواطناً فرنسياً، للخدمة العسكرية في فرنسا والنيجر. وبعد أنوضعت الحربُ أوزارها وسُرّح سمبين عثمان كانت نسبة العطالة في مدينة داكار عاليةً جداً تخفى في سفينةٍ ذاهبةٍ إلى مرسيليا حيث عمل حمالاً في مينائها لمدّةِ عشرةِ سنواتٍ توالت حتى عام 1960، وقد كان ذاكَ هو ذاتَ العامِّ الذي نالت فيه السنغال استقلالها.

    \كتب سمبين عثمان أول رواياته، حمال الميناء، في عام 1956، وقدعقدتْ حبكتها حول إضرابٍ عمّاليٍّ في مرسيليا كان هو أحد المشاركين فيه. ثم تلت ذلك روايته الثانية، المسماة "نثارات خشب الله"، في عام 1960، وكانت تلكَ حكاية مؤثرة عن إضرابٍ عماليٍّ ضد الفرنسيين وقع، في عام 1947، على امتداد خطّ السكةِ الحديديةِ الواصلِ بين داكار والنيجر (شارك سمبين عثمان في ذلك الإضراب أيضاً). كان ذلك الكتاب، كذلكَ، رائداً في تصويره للنساء كفاعلات نشطات في مسيرتي، أو سيرورتي، التاريخ والتحرير السنغاليتين.

    عاد سمبين عثمان إلى السنغال بطموحِ أن يبدع أفلاماً تصل، بيسرٍ، إلى جمهورٍ ريفيٍّ متفشّيةً فيه الأميّة. ثم حصل على منحة للدراسة في معهد جوركي للسينما بموسكو حيثُ تتلمذ على يد مارك دونسكوي.

    بدأ تاريخ سمبين عثمان السينمائي بفلمين قصيرين عكسا مشاغله الجوهرية. ففي فلمهِ الأول المسمى "بوروم ساريت" (1968) حكى سمبين عثمان قصة سائق تاكسي صودرت عربته لأنه دخل بها "حرم" عِزبةٍ فارهةٍ كان يقطنها، من قبل، فرنسيون ثم آلت، بعد استقلال السنغال، إلى البرجوازية الأفريقية الصاعدة. أما فلمه الثاني المسمي "نيايي" (1964) فقد كان منطوياً على إدانةٍ لرياءِ الزعماءِ الأفريقيين التقليديين.

    أول فلم سينمائي روائي لسمبين عثمان كان هو الفلم المسمى "فتاةٌ سوداء" (1966). وقد صُوِّرَ ذاك الفلم بالأبيض والأسود وكان توصيفاً مؤثِّراً لعزلةِ خادمةٍ منزليّةٍ، سوداء وشابة، في الـ"الأنتيبس". كان ذاك الفلم، كذلك، أول فلم أفريقي روائي طويل ينتجه ويخرجه أفريقي.

    "بالنسبةِ لنا، نحنُ صانعو الأفلام الأفريقية، كان ضرورياً للمرءِ أن يصير سياسياً، أن يغدو مشاركاً في صراعٍ ضدّ كلّ العلل الناشئة عن طمعِ الإنسان، حسده، ذاتيته الضيقة وعقلية "مستجدّي الثراء"، كما وكلّ الأشياء التي ورثناها عن النظام الإستعماري والإستعمار الجديد". ذلكم ما يوكده سمبين عثمان.

    وقد تُلِيَ ذاك الفلمُ، في عام 1968، بفلمٍ آخرٍ لسمبين عثمان لقي نجاحاً عالمياً وكان اسمه "أمر صرف مالي" وأُخِذَ عن روايةٍ له مسومةً بـ"Le Mandat " (1966). تناولت تلك الرواية آثار أوضاع أفريقيا ما بعد الإستعمارية على حيواتِ عامّةِ مواطنيها.

    حصل الفلمُ المعنيُّ- الذي أُنتجت منه نسختين، واحدة بالفرنسية وأخرى بلغة "الولوف" السنغالية- على جائزةِ تحكيمٍ خاصٍّ في فينيسيا (البندقية).

    كانت مسيرتا سمبين عثمان المتصلتان في الأدب وفي السينما موجهتين دوماً نحو عموم الجمهور السنغالي ("أفريقيا هي موطنُ مُشَاهِدِيَّ، أما الغربُ وما عداهُ فهم ليسوا سوى أسواق"، يقول سمبين عثمان)، كما وكانتا مضاءتين، باتّساقٍ، برؤيته السياسيةِ وبفهمه للتناقضاتِ المتّسمةَ بها أوضاع ُ قارّةٍ متسارعةَ التّحوّلْ. ففي فلمه "إميتاي" (1971) يواجه سمبين عثمان مسألة تجنيد السنغاليين للجيش الفرنسي، فيما يستخدمُ فلمه المسمى "كِزالا" (1974)، المبنيّ على روايةٍ بذاتِ الإسمِ كتبها في عام 1973، ثيمةَ اللعنة السنغالية القديمة ("كِزالا") كي يُصيّر رجلَ أعمالٍ، سنغاليّاً وأسوداً وبرجوازياً ومستغرباً ومترفّهاً، عِنّيناً في يومِ زفافه لزوجته الثالثة. كانت تلك استعارةٌ متعلّقةٌ بشأنِ تبنّي الطرائق والقيم الغربية. أما في الفلم المسمى "سيدو" (1976) يُصوّر لنا سمبين عثمان مواجهةً بين التقاليد الأفريقية ومحاولات المسيحيين والمسلمين، معاً، لأن يفرضوا أنفسهم على ذاك الإرث..... حظرت الحكومة السنغالية عرض ذلك الفلم لعدةِ أعوام. وكانت حجتها الظاهرية هي أن كلمة " سيدو" تلكَ قد لُفظَتْ واستُخدمتْ، في الفلمِ إيّاه، على نحوٍ خاطئ، بيد أنه من المرجّح أن تكون علّة الأمر هي إشارة الفلم المعني إلى تواطئٍ أفريقيٍّ في إمدادِ الغربِ بالرقيق.

    ربما كان أعظم فلم لسمبين عثمان هو فلمه المسمى "كامب دي ثيارويي" (1988) الذي أسّسَ على حادثةٍ واقعية. فقبلَ عودةِ جنودٍ سنغاليين من الحرب في أوربّا كانوا أسرى في معسكراتٍ ألمانيّةٍ مخصّصةٍ لسجناءِ الحربِ تمّ تجميعهم في معسكرٍ مؤقتٍ تمهيداً لتسريحهم. لكنه حينما أتى أوانُ التسريح كانت صرفيّاتُهم الأخيرةُ منقوصةً بصورةٍ مزريةٍ مما دفعهم لأن يتمردوا ولأن يهاجمُ الجيش الفرنسيُّ، في ليلِ ذاتِ اليومِ، معسكرهم المؤقت بالدّبّابات ولا يُبقي منهم احياءَ سوى القليلين.

    ينطوي ذلك الفلم على حكايةٍ معقدةٍ، على إدانةٍ حازمةٍ للإستعمار، كما وعلى أحداثٍ تناساها السّجِلُّ التاريخيُّ الرسميُّ الفرنسيُّ مما كان غيرُ باعثٍ على أيّ دهشةٍ أن لا تسمح السلطات الفرنسية بعرضه على شاشات دورها السينمائيةِ حتى أواخرِ التسعيناتِ من القرن الماضي، رغم أنه حاز، بجدارةٍ، على جائزةٍ خاصةٍ كبيرةٍ في فينيسيا (البندقية).

    وفي فلم "قيولوات" (1992)، نُشاهِدُ قسّيساً كاثولوكياً راديكاليّاً يُدفنُ، بالخطأ، في مقبرةِ مسلمين مما يستتبعُ، حتماً، اختلاطٌ عظيم. وفي فلمه L'Heroisme au Quotidien (1999) يواجه سمبين عثمان، بتمامٍ، قضية بطولات النساء الأفريقيات وحاجتهُنَّ إلى أن يُكسِّرْنَ قيودَ خضوعهنَّ (أو، بالأحرى، إخضاعَهُنَّ). ذاتُ الموضوعِ تُوالى معالجتُهُ في "فات كِنَيْ" (2000) حيثُ امرأةٍ وحيدةٍ وطفليها وزوجين سابقين يُوازنانَ، على حالتها، مقاييسَ عاداتٍ قبليّةٍ عتيقة وفيما بين ذلك تحيّزٌ ذكوريٌّ وطموحاتٌ عصريّةٌ موازية. أما فلم "مُولادي" (2002)، الذي صُوّرت أحداثهُ في بوركينا فاسو أنَ ما كانَ سمبين عثمان في الثانيةِ والثمانينَ من عمرهِ، فهو يشتملُ على إدانةٍ غيرِ هيّابةٍ ولا وِجِلَةٍ لختانِ البناتِ (وذلكم هو تقليدٌ يقولُ عنهُ سمبين عثمان إنه يَسبقُ الإسلامَ تاريخياً، بيد أنه يُراعى ويُرسّخُ من قبَلِ شيوخٍ يلهجونَ بحمدِ التقاليدِ مع أنهم، في ذاتِ الوقتِ، يتحدثون الفرنسية ويعبدون الله) وقدرة النساء على إبطالِهِ. ولأنّ ذلك الفلم كان موجهاً لجماعِ المشاهدين الأفريقيين فهو قد فازَ بجائزةِ الإعتبارِ الخاصِّ في مهرجان كان السينمائي في عام 2004 فيما استغرب الكثيرون مسألة عدم عرضه ضمن برنامج المنافسة الأساسية.

    ترجع ثيمات (مضامين) سمبين عثمان جميعها- الإستعمار، التقاليد، الرأسمالية، البطريريكية (الوصاية الأبوية)، والدين- إلى تصاويرهِ بشأنِ السلطةِ واستخداماتِها وإساءةِ استخداماتِها من قبَلِ أناسٍ بيضٍ أو سود. وذلكم يجعل عمله ليس متعلقاً بمسألةِ مواجهةٍ بين أفريقيا والغربِ بقدرِ ما متعلّقٌ بأفريقيا آنما هي ساعيةٌ لأن تلقى نفسها (ذاتها) في عالمٍ دائمِ التّغَيّرْ. إنه ينشد أن يُخاطب "كلّ اولئك الذين استُغِلّوا وأُسْكِتُوا بالبغيِ المشترك للقوى الخارجية ونير ’التقاليد‘ المحليّة الأفريقيّة.

    ووفقاً لمؤرّخةِ الافلامِ السينمائيةِ، لورا مولفي، كان سمبين عثمان ملتزماً "بترقيةِ وتبديلِ الثقافة التقليدية، باستخدامِ التطوراتِ الثقافية في المجتمعات الغربية لمصلحةِ أفريقيا، كما وكان هو، في اعتبارها، "أكثر اهتماماً بإيجادِ علاقةٍ ديالتيكيّةٍ بين الثقافتين المعنيتين منه بشأنِ نوستالجيا غير نقدية لأيامِ الأفريقانيّةِ الصفيّةِ السابقةِ لعهودِ الإستعمارْ".

    استهجن سمبين عثمان، في السنواتِ الأخيرةِ، سلوكَ كثيرٍ من القادةِ الأفريقيين الذين اعتبرهم هو أوغلَ في الإغترابِ عن أهلهم وناسهم حتّى من أولئكَ الذين كانوا حاكمين في الأزمانِ الما بعدِ إستعماريّةِ الباكرة. وقد كانَ معتزماً، في السنةِ الماضيةِ، أن يُنشئَ فلماً جديداً سماه "إخوّةُ الفئران" يُواجه فيه ذلك المضمون.

    رُغم آرائه القوية تظلّ أفلام سمبين عثمان غير وعظية أو تلقينية وإنما مُبْدَعَاتٌ تناولُ قضايا محتاجةً لنقاشٍ وإصلاح، كما وتتّسمُ صناعته السينمائيّةِ بالبساطةِ والمباشرةِ، بالصّورِ الإفتتاحيّةِ الحيّةِ واستخدامِ اللّونِ وذلكم ينطبق على فلمه المسمى "أمر صرفٍ ماليٍّ" وما تلاه حتى الآن.

    أسس سمبين عثمان أوّل مجلةٍ شهريةٍ بلغة "الولوف" وذلكم كان في مدينةِ كادو في سبعينات القرن الماضي. كان هو، كذلكَ، عضواً مؤسساً للرابطة السنغالية لمنتجي الأفلام السينمائية، عضواً مؤسساً للرابطة الوحدوية الافريقية للثقافة، كما ورئيساً للقسم السنغالي من نادي القلم العالمي. كان سمبين عثمان، أيضاً، عضواً في لجنةِ التحكيمِ في مهرجان كان في عام 1982 وفي عام 2005، كما وقد أصبحَ أولَ مخرجٍ أفقريقيٍّ يحوزَ على الـlecon de cinema هناك. استضافت صحيفة "القارديان" سمبين عثمان في "المسرح القومي للأفلام" في عامي 1981 و2005 حيث قدّم أحاديثَ في معرضين استعاديينَ لأفلامهِ.

    كان سمبين عثمان، العصاميُّ التّعلّمِ والتّثقُّفِ لحدٍّ بعيدٍ، كاتباً غزيرَ الإنتاجِ ومخرجاً سينمائياً طافَ بأفلامهِ مختلف أرجاء السنغال وقاد هناكَ حواراتَ مع مشاهديها بعد عرضها، وقد زعم أنه، في تلك الحوارات، أبدى أهل القرى التي زارها حسّاً جماليّاً أدقَّ من ذاكَ الذي أبداهُ معظم نُقّادهِ.

    كان سمبين عثمان رجلاً مرحاً وسخيّاً (وقد انعكست تلك الخصالُ على أفلامهِ)، كما وهو لم يُرَى ولم يُصَوَّرَ وإلا كان معهُ غليونه المقوّسْ. إنه إنسانٌ ستفتقدهُ أفريقيا والعالم كثيراً..... تزوج سمبين عثمان مرتين خُتمتا بالطلاق وانجب ثلاثةَ أبناءْ.

    شيلا وتيكا
    (ترجمة:- إبراهيم جعفر).

    · عن صحيفة "القارديان" البريطانية (ص. 36)، الثلاثاء 12 يونيو 2007).

    هامش مهم:-

    * سمبين عثمان هو مُخرجُ أفلامٍ وكاتبٌ ولد في الأول من يناير 1923 وتُوفّيَ في العاشرِ من يونيو 2007.
                  

06-15-2007, 08:45 AM

خالد العبيد
<aخالد العبيد
تاريخ التسجيل: 05-07-2003
مجموع المشاركات: 21983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل عن دنيانا الروائيُّ والسينمائيُّ السنغاليُّ سمبين عثمان (Re: طارق أحمد أبوبكر)

    العزيز طارق
    تحياتي
    خبر حزين ومؤسف
    سمبين مخرج سنغالي معروف لدي السينمائيين السودانيين وكثيرا ما احتفوا به

    تعرفت عليه من خلال مجلة سينما التي يصدرها نادي السينما السوداني

    مودتي
                  

06-15-2007, 10:19 AM

حليمة محمد عبد الرحمن
<aحليمة محمد عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 11-02-2006
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحل عن دنيانا الروائيُّ والسينمائيُّ السنغاليُّ سمبين عثمان (Re: خالد العبيد)

    Quote: فيلم "مولد" للسينغالي عثمان سيمبين:

    السينما حينما تقول: لا للتقاليد المشوهة


    غالباً ما كانت النساء في أفلام سيمبين صاحبات المبادرة، ويؤكد المخرج في مقابلات عديدة بأن أفريقيا لن يكتب لها النجاح إلا بفضل عمل النساء. يعد عثمان سيمبين من أشهر المخرجين السينمائيين في افريقيا، فرغم أنه تجاوز الثمانين إلا انه لم يتردد في الإعلان عن موقفه الأخلاقي والجمالي، في فيلمه الجديد، في قضية تعد من المآسي الإنسانية في أفريقيا ألا وهي قضية ختان النساء.

    من أكبر التصورات الخاطئة في أوروبا، أن كل الأمور تسير دائما على ما يرام في القرى الأفريقية. حيث رسمت أفلام غرب أفريقيا السينمائية في التسعينات صورة الأمن والنظام في القرى، كما أرادتها إدارات التحرير التلفزيونية الأوربية وشجعت عليها، فتحملت بدورها جزءً من مسؤولية صياغة وترويج هذه الكليشيه. رغم ان هناك نزاع ما يعكر صفوَ السرد دائماً، لكن لابد له أن يسوّى في سياق أحداث الفيلم.

    فيلم وبيان إحتجاج

    بيد أن صانع الأفلام السنغالي عثمان سيمبين Ousmane Sembene لم يصور يوماً هذا النوع من الأفلام. فمعظم أحداث أفلامه تدور في مدينة داكار. لكنه على غير عادته اختار لتصوير فيلم "مولِد" „Moolade“، بيانه الإحتجاجي على ختان البنات، قرية في جنوب بوركينا فاسو يفصلها أكثر من 2000 كلم عن داكار.

    الإفتتاحية رائعة. عبر تتابع لقطات مشهدية معقدة متواصلة يعرض سيمبين مسارات الحياة والعلاقات في القرية ويلفت نظر الجمهور إلى تصدعات وكسور تقبع خلف الواجهة. وسرعان ما يتكشف كل شيء في باحة.

    أربعة فتيات مذعورات يأتين راكضات ويحتمين بإحدى النساء. إنه وقت الختان! النساء المتواجدات في الساحة يردن ايقاف دوامة التخريب ويصنعن سحراً لمواجهة الخاتنات: مولَد، يمنعهن من دخول الساحة إلى حين زوال لعنة الختان.

    تتركز النظرة المتأملة في حياة القرية اليومية بطابعها التكراري نحو خيط أحمر، نحو متراس رمزي يحيل الساحةَ حصناً منيعاً. سيمبين يُخرِجُ السؤال المتكرر دوماً: مَنْ يتعامل مع هذه الـ (لا) الواضحة، كيف يتعامل معها وما هو الحل المطروح؟

    أربعون عاما سينما

    ناهز عمرعثمان سيمبين 82 عاماً، "مولَد" هو فيلمه الروائي الثاني عشر خلال أربعين عاماً، إضافة لمجموعة من الأفلام الوثائقية. كتب عدداً كبيراً من القصص وقام بنفسه بإخرج بعضها سينمائياً.

    شهرته في القارة الأفريقية فريدة من نوعها، ومكانته فائقة. فلا نجد شخصية في أوروبا تحظى على شهرة نظيرة لشهرته. لومه المبدئي والصريح لصانع الأفلام Jean Rouch جان روش:

    "تنظر إلينا كالحشرات" أضاء التحوّل في اتجاه الرؤية في منتصف الستينات. فأتت الصيغة التأسيسية للسينما الأفريقية لتنادي بالأخذ بزمام الأمور: من التقنية إلى القصة، ومن التاريخ إلى الحياة اليومية، إلى حل المعضلات، كلها تُصوَّر وتُعرَض على الشاشات المحلية.

    تكريم بطلات الحياة اليومية

    ينتمي سيمبين إلى أوائل كُتّاب القصة وصانعي الأفلام في أفريقيا، حيث اتخذ دائماً موقفاً عالي النبرة ضد أوروبا، وضد إرثها الإستعماري وخطاياها التاريخية. دأب في أفلامه على كتابة تاريخ غرب أفريقيا ولم يتحاشى في خضم عمله أي نزاع يعترضه – ولا حتى مع حكومته.

    غالباً ما كانت النساء في أفلامه صاحبات المبادرة والمحافظات على المجريات السوية للأمور، ويؤكد سيمبين في مقابلاته منذ سنوات بلا كلل بأن أفريقيا لن يكتب لها الإستمرار بالحياة إلا بفضل عمل النساء. وبعد فيلم "فات كين" „Faat Kine“ (2001) يشكل "مولَد" الجزء الثاني من ثلاثية تكريم حياة النساء، "بطلات الحياة اليومية" كما يسميهن.

    التقاليد والدين

    نساء القرية لا يلقين سوى القليل من التضامن. تتشكل جبهة معادية لهن بسرعة، ويأمرهن الشيوخ بالإنصياع للتقاليد. حجتهم المفضلة هي "النجاسة" ومقال ناموسهم أن الختان تقليدٌ في نهاية الأمر. إلا أن عدم إنصياع النساء يوسع دوائر النزاع.

    إن ارتباط الختان والأوجاع والزواج ببعضهم البعض يعني أيضاً بأن المتعة والجنس وفرض الانضباط متداخلين ببعضهم البعض إلى حد بعيد. ما يعني إذاً أنَّ تنازُل الشيوخ قد يؤدي إلى تفكك عُرى النظام التقليدي. لذا يعلن الإمام أن الختان تقليداً إسلامياً ويستخدم أساليباً صارمة للحفاظ عليه.

    الرجال المسنون يجدون العدو ماثلاً في وسائل الإعلام الحديثة. يعرض سيمبين مشهد اتخاذ قرار بحرق كل أجهزة الراديو، لا في لحظة هذيان قصيرة، بل كجهد مستمر لكن غير مجد فى نهاية الأمر.

    وتزداد الراديوهات أكثر وأ كثر على كومة الحطب، معظمها كان ويبقى مُداراً، ومن كومة الصفيح تنفذ شيئاً فشيئاً أصوات وأزيز وموسيقى. مشهد غريب وسريالي. ليس من السهل أبداً خنق الأصوات المتعددة، فيما النساء يقررن المضي بأمرهن إلى الحد الأقصى.

    حقائق لا دردشات عقيمة

    لا علاقة لـ "مولَد" بـ "سينما القضية" أحادية البعد. فكما في بعض أفلامه السابقة يهتم سيمبين بصيرورات التفاوض الشاقة. لا يرد ختان البنات كأمر بشع يُدْرَك في نهاية الفيلم بل كحقيقة تتجلى في البداية. لكن الخلاص منه يبقى أمراً شاقاً للغاية.

    سيمبين يعرب عن مواقف ورؤى، لا تمت بصلة إلى صوّر الدردشات العقيمة تحت ظلال أشجار الباوباب. شخصية هامشية تمثّل الوقفة اللامعة في نهاية المطاف. تاجر تميّز بمزاحه الفظ واستعراضه لجشعه بالمال، هو الوحيد الذي يغامر بحياته في اللحظة الحاسمة ويكشف النقاب عن المعايير المزدوجة للمفوض الديني. نهايةً يتعلق أمل سيمبين بأمر من خارج القرية، بلاقط إرسال.

    بقلم ماكس أناس وأنيت بوش
    ترجمة يوسف حجازي
    حقوق الطبع قنطرة 2005



    نقلا عن القنطرة
    http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-367/_n...-1/i.html?PHPSESSID=

    رحم الله سيمبين عثمان.. الرجل الذي بنى امبراطوريته الادبية والسينمائية، من العدم..
    كانت روايته كالا او كزالا، من اوائل الروايات الافريقية الفرانكفونية التي درسناها..وما زالت شخوصها واحداثها راسخة في ذهني.. وهي تفتح لنا نافذة على المجتمع السنغالي البرجوازي..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de