الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2)

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 06:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-10-2007, 01:07 PM

د.ناهد محمد الحسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2)

    الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2)

    د. ناهد محمد الحسن

    لقد سألنى كثيرون ..لم هذا الانتقال المفاجىء من الهمبتة الى الاحاجى الشعبية ؟ والحقيقة اننى لست باحثة متخصصة فى الانثربولوجيا النفسية , غير ان قربى من علم النقس الطبى بحكم مهنتة جعلنى اؤمن بضرورة البحث فى الاشعار , الامثال , الاغانى , الاحاجى الشعبية والتراث باعتبارها المحددات الثقافية للشخصية السودانية_ ان جاز اطلاق مصطلح شخصية سودانية فى قطر متعدد الاعراق والثقافات _ بالاضافة الى البيئة الجغرافية المحيطة والخلفية التاريخية التى اسهمت فى تشكيل الوعى الجمعى لشعوب بعينها.

    ملخص حجوة من اساطير الدينكا :

    فى البدء كانت الصلة بين الارض والسماء قريبة ومتصلة فالله لم يكن بعيدا عن الانسان كبعده اليوم . فى تلك الايام فأن الانسان كان يعيش حياة جميلة وممتعة . اذ ان الشيخوخة لم تكن آفة تخيف البشرية ذلك لان الشخص الذى يبلغ مرحلة الشيخوخة كان يسافر من الارض الى السماء حيث يقيم الله . وهنالك فى السماء لايعود المسافر الا اذا اعاد الله اليه شبابه وهكذا يبدل الله الشيخوخة بالشباب . كما ان المسافر لايعود الى الارض الا مع ظهور الهلال . وقد كانت الرحلة تتم عبر حبل ممدود بين السماء والارض .ولما لم يكن هنالك شيخوخة لم يكن هنالك موت . حتى اتت انثى طائر تدعى ( اتوش ), لتضع حدّا لديمومة الحياة عند الدينكا . حين قامت امرأة بقتل احدى صغار ( اتوش ), وهى تحاول دفعهم سلميا بعيدا عن الذرة التى كانت تقوم بطحنها . فغضبت ( اتوش )وانتقمت من الانسان بقطع الحبل لتفقده الحياة ومتعتها . وبحلول الهلال لم يعد الذين سافروا الى السماء لتجديد الشباب .. وقد انتظر الاهل والاصدقاء طويلا ودون جدوى , ومنذ ذلك الحين اصبح الموت يحاصر البشرية .

    يحيى فضل الله _ حكايات واساطير سودانية

    تقوم هذه الاسظورة على ثلاثة مرتكزات اساسية : (1) العلاقة بالله .(2) العلاقة بثلاثية الحياة , الشيخوخة , الموت . (3) العلاقة بالحيوان .

    (1) العلاقة بالله :

    العلاقة مع الله عند الدينكا علاقة حب , فالله فى عليائه مادّا حبل وصله .. منعما على الدينكا بالحياة والخلود والشباب .الانسان هو الذى يصعد الى الاله ويبقى عنده حتى يحقق مطلبه كدلالة على ان مفهوم الاله هو بعيد كل البعد عن كل ما هو بشرى و ارضى. والبشر يديرون ارضهم كيف يشاءون ويلجأون للاله فقط للشباب والخلود .فيستمد الانسان كماله من الحرية الممنوحة له فى التصرف وهو المدلل صنيعة الاله المتعالى . يسأل فيمنح , متى رغب فى ذلك. ولاوجود لاله قاس, مانع او بنوازع بشرية كالآلهة الاغريقية مثلا , التى تنزل الى البشر لتشيع الفوضى بينهم وتتآمر عليهم , تعشق زوجاتهم وتخطف حبيباتهم . فيستمد الانسان قوته وكماله من صراعه معها .. موظفا الخصومات بين الآلهة لصالحه فيحصل على الدعم الذى يمكنه من التغلب عليها . كما ان الحكاية تجسد الحاجة الى الاله المحسوس والقريب , لان الانسان البسيط يجد نفسه ضعيفا وقليل الحيلة امام قوى الطبيعة وغوائلها . حين لايسند الظواهر الطبيعية اى منطق علمى , فذات النيل الذى يفيض فى الجنوب بكثرة مخيفة تفسر عند الاديان الشعبية بغضب الالهة يفسر عدم فيضانه فى الشمال بالسبب عينه !فتلقى القرابين من النساء الجميلات فى كلا المنطقتين ليكف النيل غضبه عن ارض الدينكا ويطرح رحمته على ارض مصر. وكلما تطورت علاقة الانسان بالعلوم جنح الى التجريد وانحسرت الخرافة , لتصبح مجرد حنين الى الماضى قريب من القلب وبعيد عن العقل والمنطق .فاذا كانت الحاجة الى الله المرئى من اجل الامن فى عالم غريب وغامض على انسان بسيط , فان الله الغيبى والمطلق هو مراد الانسان الذى قهر الطبيعة ووقف على تخوم الغيب طارحا الاسئلة الصعبة عن كنه الغيب وطبيعة الما وراء .وبالتالى ينتقل الاحتياج العاطفى من حيز المحسوسات الى الوله باله مطلق وبعيد عن الادراك البشرى . وهذا ما فطن اليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين تحدث الى الحجر الاسود بقوله , ما كنت لاقبلك لو لم ار رسول الله (ص) يقبلك ! باعتبار ان الرسول (ص) ادرك ببعد نظره الحاجة الى المقدسات المحسوسة فى مجتمع كانت آلهته بقربه طوال الوقت , تصحبه فى حلّه وترحاله , تبارك تجارته وتحمى حربه .. الخ وهذا ماراهن عليه السامرى حين اضل قوم موسى عليه السلام , باتخاذهم العجل , متسللا من ثقوب الحنين الى المحسوس ومشوشا على تجربة العقل الواعى عن الاله الحاضر بارادته والغائب بحجب ذاته عن الكشف والاحاطة والادراك . لذلك كان التدرج الطبيعى لدى الدينكا بعد انقطاع الحبل الدخول الى حيز محسوس آخر هى عقيدة ( الطوطم ) وتقديس الاسلاف .

    ثلاثية الحياة –الشيخوخة – الموت :

    عدا الشيخوخة , لم تحمل الحكاية اى اشارة لاسباب اخرى للموت عند الدينكا , لذلك يتم تفسير الموت والامراض الفتاكة التى تصيب الصغار فتودى بحياتهم باعتبارها لعنة او عقوبة تقام لها طقوس خاصة عند المرض والاحتضار. فمثلا عندما تتعسر احدى النساء فى الولادة , تطالبها النسوة بالاعتراف بخطاياها حتى تتخلص من الاثم واللعنة وتنجو بحياتها . وعلى خلفية الاسطورة تعتبر ( الشيخوخة ) , هى عقوبة للانسان الذى وظّف شبابه وعافيته فى ايذاء الاخرين . فارتبط الشباب بالعنفوان والرعونة , والشيخوخة بالحكمة والرأفة . وان كانت دلالات الشيخوخة جميلة الا انها لا تستطيع ان تعبر حاجزا نفسيا عند الدينكا باعتبارها عقوبة مفروضة ودرس بالاكراه , دفع الدينكا ثمنه غاليا من شبابهم وخلودهم .. لذلك يبرز هذا الحاجز فى اشعارهم :

    جميل ان تترعرع فى العمر
    نعم يا ثورى اقانى ..
    لكن الكبر امر سىء
    نعم يا ثورى ماكير
    فهو يقود الرجل نحو الضعة

    ( وربما لذلك هنالك تقليد لا يسمح بترك زعماء الدينكا يموتون موتا طبيعيا , بل يتم دفنهم احياء عندما يصيرون فى سن متقدمة يكونون فيها غير قادرين على التصرف )- فرانسيس دينق , الدينكا فى السودان .وقد اتى ( الموت ) فى هذه الحكاية عقوبة على عدم تقدير الحياة .. فقتل الطائر كان بمثابة تبذير لطاقة الحياة عند من استغرقتهم ديمومة الحياة , فلم يعودوا يشعرون بقيمتها . وكرد فعل على حقيقة الموت المخيفة , ابتكر الدينكا عقيدة الخلود عبر النسل . لذلك يحافظون على نسلهم باعتباره وعاءا مقدسا عبر طقوس معينة فى الزواج والانجاب وتباعد الولادات , ومثال على ذلك فان الرجل غير مسموح له بممارسة الجنس مع زوجته الا بعد فطام الصغير وانتقاله الى عشيرة امّة ليتلقى الرعاية . اما الارواح التى لم تقترح لها الحكاية بالموت قبرا بعينه , تظل حائمة حول العشيرة تتعهدها بالرعاية وهى ما يطلق عليها الدينكا (ييث ), فى مقابل الارواح الطليقة ( جاك) . وهذه الارواح كما يقول فرانسيس تظهر ثنائية اخلاقية وظيفيةهامّة بين هذه الفئات الروحية . اذ ان ارواح العشيرة _ الاسلاف _ منحازة وتوفر الحماية , بينما تكون الارواح الطليقة حرّة وفى الغالب الاعم مدمرة . ومن ذلك فان هذا الدمار الذى يمكن ان تلحقه ( جوك ) ليس سلبيا على الدوام .. اذ يمكن ان يكون لجوءا الى شر ضرورى من اجل فرض او تأكيد فضيلة . وتحل هذه الارواح فى كائن حى بالقرب من العشيرة او البيت ( عقيدة الطوطم ) .لذلك لبعض الحيوانات قداسة خاصة , كالطيور والثيران والابقار .. كما يظهر هذا الشعر :

    يا عشيرة بول ... يا عشيرة بول
    لست طائرا من عالمكم ..
    بل طائرا من عالم السماوات
    ارسلنى اليكم ابى
    اذهب وتفقد عشيرة بول العظيم
    تفقدهم وعد الى البيت


    العلاقة مع الحيوان :

    فى هذه الحكاية , جلبت الاساءة الى الحيوان على بنى البشر الشيخوخة والفناء . لذلك هنالك علاقة خاصة عند الدينكا بالطيور كرمز تكفيرى عن خطيئة الانسان الاول . لذلك تقبع هذه الطيور بالقرب من او مع الساحر ( الكجورى ) , لتضفى عليه ظلا غيبيا مهيبا , موظفا الاسطورة وندم الانسان وتهيبه فى ابتزاز القداسة .

    ايا دينق ..
    هلا احضرت حبل طائر البرقش
    حتى نجتمع فى محيط واحد
    نحن والقمر والاله
    اعطنا حبل طائر البرقش
    حتى نجتمع فى مكان واحد مع القمر


    وفى الحكاية قصد واضح لابعاد الاله عن اى دور فى اضرار البشر . فالله لم يتدخل لانصاف اتوش التى انتقمت لوليدها ولحزنها من الانسان بقطع الصلة الحسية بالله .لكن الاله بعدم تدخله وكأنه يقر العقوبة التى تلقاها شعب الدينكا . وهذا الموقف من الاله , جعل الدينكا يحيدون الاله تحيدا اظهر عقيدة الدينكا , كأنها عقيدة تؤمن بتعددية الالهة . حيث يتم تصفية حسابات الخطايا والآثام بصورة ارضية تماما . يتم فيها تقديس الارواح النافقة بغض النظر عن صلاحها .. كروح مطلق يقوم بادارة العالم الارضى ويمنح الخير والشر وفقا لاعمالك .

    ملاحظات عامة على النص :

    تظهر فى الاسطورة ظلال التأثر بالثقافات الاخرى او ربما .. هى وحدة التجربة الانسانية .. على كلّ فى الاسرائيليات عن خلق آدم وحواء والخطيئة الاولى التى تسببت بطردهم من الجنة , ثلاثة عناصر مشتركة , هى الخطيئة , الاكل والمرأة .كما ان العقوبة بها وجه الشبه ففى رواية أدم امر بالهبوط . ومنع الدينكا من الهبوط ( لم يعد الذين ذهبوا ) والصعود . ووجود الاله وجنته فى السماء مفهوم عقائدى شائع فى الكثير من الاديان وان كان البعض يفسرون لفظة ( اهبطوا ), فى القرآن بمعنى لفظة قرآنية مشابهة وهى ( اهبطوا مصرا ). معنى لا يحصر الهبوط من السماء فقط .اذ يمكن ان يهبط الانسان من ارض الى ارض . كما ان ربط المرأة بالخطيئة لايعدو ان يكون تلاقحا ثقافيا وافدا من مجتمع ذو ذهنية ذكورية باعتبار ان مجتمع الدينكا ينتمى الى ما يعرف بمجتمعات الخصب وهى مجتمعات تقدس المرأة .
    اما ظهور الهلال كتوقيت يعود فيه الراحلون الى الارض , ربما ليسترشدوا بنوره .. حتى لايضلوا طريقهم الى العشيرة... والذى يشابه اشكالا رمزية فى عقائد اخرى كديانة الموقد عند شعوب اثينا القديمة . وهى عبارة عن نار توضع فى موقد ويحافظ على اشتعالها الدائم لتبقى الارواح فى عالمنا وليسترشدوا بها . وربما لهذا يحافظ بعض الاوروبيين على تقليد وضع الشموع فى الجنائز او الفوانيس فى نافذة بالبيت تظل مشرعة باستمرار ويضاء بها الفانوس ليلا.. المشهد المهيب عند تأبين الشهيد الراحل الدكتور جون قرنق حين حمل الجميع الشموع المضاءة حتى لا تضل روحه الطاهرة طريقها الى البيت ...

                  

06-10-2007, 02:18 PM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2) (Re: د.ناهد محمد الحسن)

    د. ناهد

    مررت .. نهلت .. وعرفت كثير من الخبايا.

    شكراً لك

    تحياتي
                  

06-11-2007, 12:35 PM

د.ناهد محمد الحسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2) (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    شكرا يا ابو العزائم على عزيمة المتابعة .
                  

06-11-2007, 12:43 PM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2) (Re: د.ناهد محمد الحسن)

    الا ما اورع ذلك
    وما ابسط الحكى وربطه الى الواقع الذى يجهله كثيرون من ابناء هذا البلد
    لك تقديرى
                  

06-11-2007, 01:04 PM

د.ناهد محمد الحسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاحاجى الشعبية ... مقاربة لشخصية سودانية (2) (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    سلمى ياحليلك ..البت الحنينة ..مشتاقين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de