العقلية الفرعونية والمجتمع المفتوح د. الطيب زين العابدين ( منقول)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 09:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-02-2007, 01:38 PM

Zoal Wahid

تاريخ التسجيل: 10-06-2002
مجموع المشاركات: 5355

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العقلية الفرعونية والمجتمع المفتوح د. الطيب زين العابدين ( منقول)

    منقول – جريدة الصحافة 2 مايو 2007

    روى لى أحدهم أن أبا القاسم محمد ابراهيم عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية فى الحقبة المايوية، قال فى لحظة صدق: بعض الناس يمدحوننا ويقولون لنا كلاماً حلواً، ونحن نعرف أنهم كذابون ومنافقون ومنتفعون، ومع ذلك يعجبنا قولهم ونحب لقاءهم، وآخرون نعرف عنهم الصدق والوطنية والعفة، ينتقدون بعض أعمالنا وينصحوننا بعمل هذا أو ذاك، مما لا نريد، فنكره ذلك منهم ولا نحب مقابلتهم! أدرك أبو القاسم بحس فطرى أن ثم خطأ ما فى حبه للكذابين المنافقين وكراهيته للصادقين الوطنيين، وهذه محمدة له. فالمجتمع السودانى، مثل معظم المجتمعات العربية، يكره النقد ولو كان صادقا، ويحب الإطراء والمديح ولو كان كاذباً، وهى ثقافة متجذرة فى قطاعات المجتمع ومستوياته المختلفة، لا فرق بين فقير وغنى أو جاهل ومتعلم، ولكنها أشد ما تكون خطراً عند أصحاب السلطة من السياسيين، بحكم تأثير قراراتهم على مصائر الناس. والحكومات العسكرية التى حكمت فى العالم العربى معظم سنوات الاستقلال، بطبيعة تقاليدها الهرمية، تعرف اتجاهاً واحداً لقرار السلطة، من أعلى الى أسفل، لا يستثنى من ذلك مجلس «الثورة» الذى (حمل رؤوسه على أكتافه) وأحدث الانقلاب العسكرى معاً، فسرعان ما ينعقد اللواء لواحد منهم ليصبح (الرئيس القائد الملهم) وبقية الأعضاء أشبه بالموظفين فى حضرة السلطان، والذين تغيب عنهم هذه الحقيقة السياسية يجدون أنفسهم خارج حلبة السلطة، وقد يحالون الى (الصالح العام)، وأحيانا تحال حركة شعبية برمتها وقفت من وراء الانقلاب أو ساندته فى بداية عهده الى الصالح العام (الاخوان المسلمون فى مصر، وحزب البعث فى سوريا والعراق، والحزب الشيوعى فى السودان، والجبهة الاسلامية القومية فى السودان). والذين يعرفون من أين تؤكل الكتف، يدركون هذه الخاصية فى الحكومات العسكرية، فيقومون بدور «الكومبارس» الذى يجيد التصفيق والدفاع عن قرار الرئيس القائد، بصرف النظر عن الموقع الذى يحتله فى سلم السلطة، صغيراً كان أم كبيراً، لأن ذلك الدور الكومبارسى هو الذى يمد فى عمره داخل النظام التراتيبى الهرمى.
    ومازال العالم العربى، الذى هو من أكثر مناطق العالم ديكتاتورية واستبداداً، يعيش بالعقلية الفرعونية (رمز الاستبداد السياسى فى القرآن) التى تقول: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد، ءآمنتم به قبل أن آذن لكم، إن هذا لمكر مكرتموه فى المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون. فالحاكم المستبد يرى عن قناعة أن الرشاد لا يأتى إلا من قبله، وأن هيبة السلطة تعنى ألا يفعل الناس شيئاً، ولو كان اعتقاداً دينياً، إلا بإذن منه، ومن يفعل ذلك فهو متآمر على الشعب (أهل المدينة) بأسره وليس فقط على الحاكم! والقرآن يلقي بتبعية الاستبداد السياسى على المجتمع الذى يغذى روح الاستبداد عند الحاكم بخنوعه له وتزيينه لما يفعل، فيحكى عن قوم فرعون بقوله: «فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين»، فالآية تترك فرعون جانباً لتصف قومه الذين أعطوه الطاعة رغم استخفافه بهم وازدرائه لهم بأنهم فاسقون! ووصف القرآن الرسل أنفسهم فى عدد من الآيات بأنهم «بشر مثلكم» حتى لا يرتفع بهم أحد الى مقام القدسية التى هى لله وحده، وكثير من الكافرين كان يتحجج بعدم اتباعه للرسل، أنهم بشر مثلنا. وحفلت تعاليم الاسلام بالدعوة الى بذل النصيحة لعامة المسلمين وأئمتهم (الدين النصيحة)، والى الصدع بالحق والى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولو كان ثمنه القتل عند إمام جائر. وجاء الأمر بالشورى الى الرسول «ص»: «وشاورهم فى الأمر فاذا عزمت فتوكل على الله»، لأن الشورى تطيّب القلوب وتهدى الى أحسن الحلول. وهذا ما يجدر بالحكام أن يفعلوه مع شعوبهم.
    ولكن العقلية الفرعونية المستبدة التى تسود فى العالم العربى، تحتاج الى ثورة ثقافية كبرى حتى تقتلع من جذورها، لأن عهود الملك العضوض والانحطاط والاستعمار قد انتكست بتعاليم الاسلام الأولى، حتى فى نفوس أعضاء الحركات الاسلامية، تماما كما ضعفت قيم الصدق والأمانة والوفاء بالعهود وأداء الواجب واتقان العمل، مع محافظة المسلمين على أداء الطقوس والشعائر. وقد احتاجت أوروبا الى ثورة الاصلاح الدينى فى القرن الخامس عشر الميلادى، والى ثورة الحرية والتنوير فى القرنين الثامن والتاسع عشر، قبل أن تصل الى مدارج الديمقراطية والمجتمع المفتوح، وتسير بهما قدما الى يوم الناس هذا. ومقولة ديكارت المشهورة «أنا أفكر إذن أنا موجود» أصبحت مثلاً، لأنها مثلت عصر التنوير الأوروبى الذى يأخذ بالعقلانية والحرية فى التفكير. ولم تبلغ المجتمعات الغربية الشأو الذى بلغته من التقدم والرقى فى مجال السياسة والاقتصاد والقوة العسكرية والتنظيم والادارة، إلا بعد أن أخذت بأسبابه من العقلانية والحرية والتعددية السياسية والبحث العلمى. ومن سمات تخلف العالم العربى، أننا عندما نشهد لجان التحقيق العليا التى تدرس أسباب اخفاق أميركا فى احتلالها للعراق أو فشل اسرائيل فى حربها ضد لبنان، نشعر بالشماتة ضد الحكومة الأميركية وضد الحكومة الاسرائيلية اللتين أدينتا على يد تلك اللجان. ولكن يفوت علينا أخذ العبرة الايجابية، وهى أن النقد الذاتى لسلوك الحكومات، هو دليل حيوية وقوة، وهو الطريق الوحيد لتصحيح الأخطاء ولو بعد حين، وهو حق الشعب فى معرفة الحقيقة ومحاسبة المخطئ.

    هل يمكن أن نحلم فى السودان بتكوين لجنة مستقلة محايدة، تدلنا على أين وقع الخطأ فى معالجة أزمة دارفور حتى بلغت ما بلغت؟ ومن المسؤول عن تصعيدها (بجانب المؤامرة الصهيونية الأميركية التى اكتشفت دارفور فجأة * من بين بقاع العالم)؟ ولا نسأل تحديداً عمن درب وجنَّد المرتزقة من الجنجويد؟ ولا عن الذى دعم المعارضة التشادية وصرف عليها مئات الملايين من الدولارات؟ وبأية سلطة فعل ذلك؟ وبدون مواجهة الأخطاء واشاعة ثقافة المساءلة والنقد الذاتى وتحمل المسؤولية عن الخطأ، لا يمكن لدولة أن تنهض وترتقى. وقد تكاثرت علينا فى الآونة الأخيرة، الامتناع عن الكتابة فى القضايا التى أمام النيابة، أو أمام القضاء أو التى تخص الشرطة، أو تخص القوات المسلحة، أو تتعلق برئاسة الجمهورية، أو حتى بالعلاج والدواء!! هذا مؤشر مجتمع مريض فى طريقه إلى الموت اليوم أو غداً!! **

    فأما أن نأخذ بعقلية فرعون التى تنتهى بنا إلى الدرك الذى نحن فيه، أو نأخذ بأيدينا السبيل الى ايجاد مجتمع مفتوح تمارس فيه الشفافية والحرية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى نبدأ الطريق فى الصعود من الهاوية.


    * الخط تحت كلمة(فجاة) من عند الناقل
    ** اللون الاحمر للتركيز - من عند الناقل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de