|
هذا الجنون -قصيدة للشاعر الهادى آدم
|
الشاعر في سطور · ولد بالهلالية وتلقى تعليمه العام بها وبمعهد أم درمان العلمي · تخرج بدرجة الليسانس في الآداب من كلية دار العلوم بالجامعة المصرية بالقاهرة. · حصل على الدبلوم العالى في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس بالقاهرة. · عمل بوزارة التربية والتعليم رئيساً لشعبة اللغة العربية ثم مديرا للمدارس الثانوية. · ذاع اسمه في العالم العربي عقب صدور ديوانه الأول ( كوخ الأشواق) الذي صدرت طبعته الأولى بالقاهرة والثانية ببيروت. · كما نالت مسرحيته الشعرية الاجتماعية " سعاد " رواجا كبيرا · نال وسام جمهورية السودان الذهبي للعلوم والآداب والفنون. · نال عضوية جمعية المؤلفين العالمية بفرنسا. · تغنت له كوكب الشرق برائعتة ( أغداً ألقاك)
هذا الجنون
عدلان مات ... عدلان مات وراح في صمتِ كما عاش الحياة عدلان مات بلا ضجيج يحتويه ولا نحيب .. وكأنه ظلً تلاشى ... بإنحدار الشمسِ إبان المغيب وكأنما سئم الحياة .. فلم يعد يغريه شيء بالبقاء .. عدلان مات .. وفي جيوب قميصه .. ارواق رخصة مكوجي... كانت هويته .. مجرد مكوجي .. اوراق رخصته تقول : إصدار أمدرمان.. حددت الزمان .. كما اشارت للمكان... وبجنبها.. في جيبه .. لاشيء.. إلا علبة فيها " سعوط"... وكذا يموت ...!! عدلان مات كأنه .. قد كان قرر ان يموت .. ماذا يريد من الحياة .. وقد تغير. كل شيء حوله.. حتي البيوت .. حتي صغار الحي .. قد شبوا عن الطوق الغداة وزها بهم سمت الشباب وهفا بهم زهو الافندى فى انيقات الثياب... شبوا فما عادوا الصغار الاشقياء ينهي ويأمر فيهم أني يشاء لا يتقي من اهلهم لوماً اذا نالوا العقاب اما الكبار فطالما عصفت بهم ايدي الفناء لم يبق بينهم سوي متعثر... لا تستقر به خطاه يمشي الهوينا ملء قبضته عصاة او هزة من رأسه تبدو وفي الظهر انحناء **** عدلان مات .. وكم كوي بالفحم قفطانا وجبة او بدلة يعنى بها .. وكأنه بينهما محبة ولربما انقطعت زرارتها فراح يحيكها بيديه في صبر عجيب اذ كان يندر ان يسائل واحدا او ان يجيب فالصمت يحكم كل شيء عنده واذا تكلم قال فصلا ما عليه من مزيد في حزم جبار .. ينفذ ما يريد ابدا ولا يعني بشيء لا يريد دكانه ذاك الصغير متران حتي السقف ورأس عدلان يكاد يلامس السقف العنيد وبعرض منضدة الثياب بفرشها.. ذاك العتيد أو أرفف رصت بها حُلل حفلن بكل بالِ.. أو جديد ولا مزيد... **** وبجنبه في الدار " ختمه " وهي بائعة الرغيف ايام ان كان الرغيف بلا صفوف وبغير ما احد .. يطيل له الوقوف متمددا فوق الصناديق العتيقة وبجنبها حانوت بقالِ من اليمن الشقيقه لا تخطيء العينان فيه قدرة الفول العريقة **** عدلان فى ذيالك القبوِ المثبت بين جدران غلاظ ملكُ مهاب حتي ولو كانت رعاياه . الثياب تأتي اليه مبعثرات ثم ترجع في نظام لكن حرام ان يكون لربها معه كلام **** عدلان عالمهُ سياج من حبال نصبت بقارعة الطريق وعلي الحبال تموج الوان الثياب من كل ازياء الرجال قد علقت من كل مرتخص وغال تبدو شواهق من بعيد مثلما تبدو الجبال وتظل ماشاء البقاء لها منكسة الرؤوس للأرض أيديها تلاعب بالظلال لا تتقي عبث الرياح بها ولا وهج الشموس **** جاورته وانا صغير فعرفت عن تاريخ عدلان الكثير فيما عدا .. كم عمره خمسون ... ام ستون .. ام سبعون لا ادري وليس هناك من يدري بذاك أو ليس في تكوينه شيء يشير لعمره شيء يدل علي الزمان إلا رواية من همُ قد عاصروه في المكان لكنه في قوة لم تلف إلا عند ايفاع الشباب يصل النهار بليله عملا تذل له الصعاب عدلان وجه صارم القسمات محدودُ الكلام أخذ الملامح والسمات من الشمال... اما القوام فمن جبال النوبة امتشق القوام تكسو ملامح وجهه ثقة.. وحب للنظام عدلان... قلب طيب.. وبلا رياء أو نفاق من غير زخرفة الجدال وغير ثرثرة الكلام وبذاك يعرفه الجميع فلا عتاب ولا ملام **** قد جاء ( امدرمان ) من أصقاع كادقلي.. صغيرا في صباه او من كدُقلي " بضمتين" كما يقول قد جاء امدرمان طفلا لم تغادرها خطاه ولو لحين ولربّما أخذ اسمه ( عدلان ) منها بديلا لاسمه ذاك القديم فاذا به في الحي يصبح معلماً لا يستهان به فتخطئه العيون **** عدلان ... مات .. وما شهدت مماته إذ راح يفصل ربع قرن بيننا ايامها قد كانت امدرمان جنة ذلك البلد الامين املاً يداعب حلمه حدق العيون ويهِزُ اوتار القلوب ويستخف النازحين وكأنها انشودة .. بلهاة مزمار تفجر بالحنين وأحب امدرمان فهو لاجل ذاك بها مقيم يصغى لوشوشة الترام يشق شارعها الطويل آهـ لذياك الترام فكم تواثبنا خفافا حوله عند الصباح أو الاصيل دكانه احدي محطات الترام في اذنه ماعاش ضوضاء الترام وببابه ابداً يمر القادمون من الترام والذاهبون الي الترام ويكاد يعرفهم جميعا من صغير او كبير ويكاد يعرف كل شيء من شؤون الحي معرفة الخبير وبلا كلام **** ورجعت أسأل بعد ربع القرن عن بعض الرفاق اتراب ذاك الشارع الممتد او ذاك الزقاق وسألت عن عدلان في لهف المشوق... فقيل مات وطفقت اسأل.. كيف مات واذا بأصبع صاحبي راحت تشير وقد بدأ مني التفات اذهالني قصر مشيد وعمارة قامت علي انقاض دكان الفقيد.. وكل جيران الفقيد قد كان اعلاها طوابق من روائع هندسية وتقوم اسفلها معارض للتجارة عالمية !! فمكان عدلان محل مجوهرات لا تكف عن البريق ومحل بائعة الرغيف يقوم " بوتيك " أنيق ومكان دكان اليماني صيدلية وكذا البقية **** الآن قد ادركت ما يعني الصديق عدلان لا يقوى على هذا الجنون ولا يطيق ومضى الصديق يقص تاريخ العمارة ومصير عدلان... ويوجز في العبارة عدلان لم يصبر علي ما قد رآه ولم يحاول لما رأي ايدي الرجال تهد جدران المنازل ورأي بايديها المعاول ورأي التراب يهال من دكانه ورأى الجنادل وديث أعمال جري بين المهندس والمقاول وخرائط تطوي وتنشر والعجاج يثور من كل الجهات عرف النهاية قد دنت فطوي حبال غسيله ومتاع مهنته وفات ولم يحن منه التفات وسألت عنه فقيل... مات !!!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: هذا الجنون -قصيدة للشاعر الهادى آدم (Re: هوارى)
|
انه من شعراء السودان الافزاز ولكن غطت علي شهرته قصيدة استولت علي بقية اعماله الشعرية في الشهرة وهي قصيدة اغدا القاك ليت المبدع يزيل عن بقية اشعاره الغبار كي نستمتع بمن شدت لهو كوكب الشرق فمن قال اغدا القاك لابد شلالا من الابداع ولك التحية علي هذه القصيدة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: (Re: هوارى)
|
العزيز هواري
استمعت لهذه القصيدة الرائعة بأداء شاعرها العملاق حين استضافته المبدعة روضة الحاج في منتداها الشعري بالتلفزيون وللأسف استمعت إليها خارج داري لذا لم أتمكن من تسجيلها وتحسرت على ذلك فترة واليوم اسعدتني بنشرها هنا فنلت بعض مرادي أتمنى أن تواصل اثراءنا بدرر مبدعينا فالمنشور منها قليل والمقروء من المنشور أقل لك تحياتي وأطيب أمنياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: Re: (Re: singawi)
|
أبزكم جميعا بأنني كنت من تلاميذه..فقد كان مدير مدرستنا الثانوية..كان إداري مهيبا..وكان مهندم أنيقا..هصرني مرة لأقص شعري وماطلت وراوغت ولم يجدي ذلك..وأوقفني عن الدراسة إلا أن أقص شعري..ما بين صرامته الإدراية وشاعريته..كنت أحتار
آي ياسنجاوي أنا شفت اللقاء كله..لكن ما سجلته..تعرف ليه؟ ولدي البعرف توصيل الفيديو مع التلفزيون للتسجيل كان ما في شفت كيف خالك كيشة كيف؟
| |
|
|
|
|
|
|
|