الأسلحة الكيميائية وحقيقة استخدامها في السودان في منتدى ميديكس للحوار
|
مـــــــبــــــدأ الحــــــــــــرية أول
|
د. الطيب زين العابدين " نقلاً عن صحيفة الرأى العام 10/4/2002
ما كان يصدق كثير من الناس أن الأنظمة العربية ـ التى تستأسد على مواطنيهاـ هى بكل هذا القدر من الخور والضعف والرعب حتى سقطت عنها ورقة التوت حينما كشرت اسرائيل عن أنيابها واجتاحت مدن الضفة الغربية واحدة بعد الأخرى بآليتها العسكرية الغاشمة تدمر المبانى، وتحاصر الأسر فى داخل بيوتها، وتستجوب الشباب ثم تقتل من تشاء منهم وتعتقل من تشاء، وتقتحم مبنى السلطة الفلسطينية لتضع رئيسها حبيسا فى غرفة مكتبه. فعلت اسرائيل كل ذلك على مرأى ومشهد من أنظار العالم وبموافقة تامة من الولايات المتحدة الأمريكية "صديقة" الأنظمة العربية الحاكمة. لم يجرؤ الحكام العرب على ادانة أمريكا صراحة على موقفها غير القانونى وغير الانسانى فى مساندة إرهاب الدولة العبرية، ولم يجرؤوا بالطبع على استعمال النفط سلاحا ضد مؤيدى الارهاب الإسرائيلى أو على مقاطعة البضائع الأمريكية. ولم يجرؤ الحكام العرب بالسماح للغضب الجماهيرى الملتهب أن يعبر عن نفسه بحرية كما حدث فى كثير من عواصم العالم الأخرى بما فيها واشنطون، فالتعبير الجماهيرى بالنسبة لهم مشكلة "أمنية" تهدد النظام القائم! ولم تجرؤ الحكومات المسالمة لإسرائيل على قطع علاقاتها أو حتى التهديد بذلك لأن ذلك يجر عليهم غضب الدولة القطبية الكبرى التى لم تتردد فى إلقاء اللوم على عرفات لأنه لم يمنع "الإرهاب" الفلسطينى ضد الإحتلال الإسرائيلى. ولم يجرؤ الحكام العرب الذين تحتضن بلادهم قوات أمريكية أن يطردوا تلك القوات التى استطابت المقام حتى بعد أن انتهت المهمة التى جاءت من أجلها قبل إحدى عشرة سنة. أما الحديث عن فتح الحدود المجاورة للمتطوعين من الشباب، أو توسيع جبهة الحرب بالجيوش النظامية فذاك فى تقديرهم ضرب من الجنون لا يقول به عاقل!
وأحسب أن هذه فرصة لمراجعة النفس. لماذا تكون الأنظمة العربية بهذا القدر من الضعف والخور فى مواجهة الأعداء؟ ولماذا تدعى صداقة دولة لا تحمل لهم الا الإحتقار والإزدراء؟ ولماذا تستهين هذه الأنظمة بشعور مواطنيها فى أقدس قضية لهم منذ نصف قرن من الزمان؟
ولماذا تكون أضعف الدول العربية (لبنان) هى الوحيدة التى تصدت مقاومتها الشعبية لإسرائيل وأجبرتها على الإنسحاب من جنوب لبنان دون إعتراف دبلوماسى أو تطبيع؟ ولماذا بقيت جبهة الجولان المحتلة صامتة دون حركة شعبية أو حكومية منذ 1973 والى يومنا هذا؟
إن الإجابة الأمينة الصادقة لكل هذه الأسئلة تشير بوضوح الى أن غياب الحرية فى العالم العربى هو السبب الرئيسى فى ضعف تلك الأنظمة أمام الأعداء والمتربصين، وهو سبب تجبرهم على العزل من مواطنيهم، وأن القدر المتاح من الحرية فى لبنان هو الذى أدى الى صمود ذلك البلد ونمو مقاومته الشعبية وتصديها الى العدو الإسرائيلى مما اضطره للانسحاب دون اتفاقية أو صلح. ويكمن سر الإنتفاضة الفلسطينية الباسلة فى تكويناتها الشعبية المدنية التى وجدت قدرا من حرية التعبير والتنظيم غير موجودة فى معظم أنحاء الوطن العربى. ان الحرية والديموقراطية ورعاية حقوق الإنسان بدأت تكتسح أرجاء العالم ولكنها ما زالت كسيحة فى العالم العربى، وأن الحكومات أصبحت تتغير فى معظم البلاد عن طريق صندوق الإقتراع الحر لكنها فى العالم العربى لا تتغير الا عند انتقال الحكام الى الدار الآخرة. ومن الغريب أن يحدث هذا فى أمة شهدت منذ أربعة عشر قرناً اختيار أول خليفة لها بعد وفاة الرسول عن طريق البيعة الطوعية الحرة دون أن يكون له جيش يتغلب به أو قبيلة كبيرة تسنده، ولم يكن لذلك الإختيار الحر مثال مسبوق فى تاريخ الأمم المعاصرة لهم. ويحدث فى أمة تعتبر الشورى مبدأً دينيا تتعبد الله بممارسته قبل أن تكون حكمة سياسية مفيدة، ويؤمر الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه بالعمل بها حتى فى إدارة المعارك العسكرية.
إن التجربة البشرية المعاصرة حكمت بالخيبة على كل الأنظمة الاستبدادية المتجبرة من فاشية ونازية وشيوعية وشمولية، تماما كما حكى لنا القرآن الكريم: "وخاب كل جبار عنيد". لقد صودرت الحريات فى العالم العربى منذ الخمسينات من القرن الماضى باسم تحرير فلسطين، ومحاربة الإمبريالية العالمية، وتحقيق الوحدة العربية، وإقامة دولة التنمية والعدل الإجتماعى (الاشتراكية). ولم يتحقق شئ من تلك الأهداف بل ذاقت الأمة مرارة الفقر والهوان على يد جلاديها من الحكام كما ذاقت ذل الهزيمة العسكرية والمعنوية من دولة صغيرة حديثة مثل اسرائيل . وتعتبر منطقة العالم العربى أقل مناطق العالم تمتعا بالحريات السياسية ورعاية حقوق الإنسان، والحرية قضية المجتمع بأسره يطلبها ويناضل من أجلها فهى ليست منحة ومكرمة من الحاكم يتنازل بها طوعا عن بعض سلطاته، لذلك وصف القرآن الكريم قوم فرعون بالفسوق عندما أعطوا الطاعة لمن استخف بهم وأذلهم. قال تعالى: "فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين".
ونخلص من ذلك الى القول بأن القضية الأولى فى العالم العربى ينبغى أن تكون قضية الحرية قبل التفكير فى هزيمة اسرائيل، أو إقامة الدولة الإسلامية، أو تحقيق الوحدة العربية، أو إستكمال التنمية الإقتصادية. فكل هذه الأهداف يمكن تحقيقها إذا ما امتلكت الشعوب حريتها فى التعبير والتنظيم واختيار الحكام ومحاسبتهم على أعمالهم، ستتضاعف عندها قوة المجتمع والدولة بقوة الشعوب المشاركة فى رسم سياساتها وتقرير مصيرها. وستكون الشعوب أقل رضوخا للإملاء الخارجى من الحكام الذين كل همهم هو البقاء على كراسى الحكم. ونظرة الى حالة الأمة العربية الراهنة نجد أن حيوية الشعب ونشاطه وفاعليته تقاس بقدر الحرية المتاحة لذلك الشعب بصرف النظر عن تعداده السكانى أو ثرواته المادية. فالحرية هى الباب الواسع لولوج القرن الحادى والعشرين من أجل تحقيق العزة والكرامة القومية والنهضة الاقتصادية والاجتماعية وملاحقة الأمم فى مدارج الرقى والتطور. لقد أُسكتت الأمة قهرا بحجة أن "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" وقُننت على ذلك حالة طوارئ دائمة فى كثير من البلاد العربية، ولكن ما هى حجة الإسكات ومصادرة الحريات بعد أن عرف الجميع أن ليس هناك معركة!
|
|

|
|
|
|
|
|
اضافة (Re: MXB6N)
|
اضافة الى انواع الحكومات الاستبدادية الاسلامية او الحكومات الدينية
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: اضافة (Re: sharnobi)
|
العزيز شرنوبى نعم ولكن "القضية الأولى فى العالم العربى ينبغى أن تكون قضية الحرية قبل التفكير فى هزيمة اسرائيل، أو إقامة الدولة الإسلامية، أو تحقيق الوحدة العربية، أو إستكمال التنمية الإقتصادية" لأنو " الحكومات أصبحت تتغير فى معظم البلاد عن طريق صندوق الإقتراع الحر لكنها فى العالم العربى لا تتغير الا عند انتقال الحكام الى الدار الآخرة. " ولا شنو؟؟؟؟؟؟؟؟؟
تابع معى بوستات الاستاذ خالد عويس دام فضلك
| |

|
|
|
|
|
|
Re: اضافة (Re: MXB6N)
|
عزيزي
انا ايدك فيما زهبت اليه حول ان اساس قوه الشعوب يكمن في مدي حريتها فالشعوب سليبه الحريه لاشك انها سليبه الاراده فشعوبنا تتقههر تحت ظل العبوديه لحكامهم وحكامهم يتزللون لامريكيا لانها لاتملك الاراده الشعبيه للمواجهه والتي سلبتها من منهم بالقهر والظلم فان اعطي حكامنا الحريه للشعوب تكون لهم الاراده والقدره علي مواجهه التحديات العالميه
فان اردنا شعبا قوي لابد ان نمنحه الحريه
| |

|
|
|
|
|
|
|