حكايات البيت المسكون -2

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 01:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-05-2002, 05:53 PM

Rakoba
<aRakoba
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5814

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكايات البيت المسكون -2

    في الطريق إليه اتى يلهث رغم اعتدال الجو ــ واومأ صاحبي الى الشاب الذي اتى بصحبته ــ كان عرقه يتصبب حتى التصقت اسماله المهلهلة بظهره.. لكنها المسافة الطويلة التي قطعها على قدميه المنهكتين .. اتى صاحبنا مستربلا بليل امدرمان الحالك. يلهب ذراعيه العاريتين الناموس المنتفخ من دماء الأمدرمانيين التي امتصها حتى الثمالة وتدهم انفه رائحة «الدعاش» النفاذة .. والدعاش لمن لا يعرفه «هو رائحة نفاذة عطرة تتصاعد الى الجو بعد اختلاط المطر بالرمل الامدرماني الاحمر» .. فالوقت كان خريفا سودانيا غزير الامطار وما ادراك ما الامطار السودانية. امطار مفاجئة غزيرة تنزل فجأة وبلا مقدمات ــ ككرم السودانيين في الزمان الغابر ــ تتبعها اوحال وخاصة في شوارع امدرمان غير المعبدة المحفوفة بالخيران الضيقة والتي تمتلئ وتفيض بمياه الامطار وما ترك فيها طوال العام من قمامة واوساخ. ومن ثم تغزونا اسراب من بعوض الانوفيليس الناقل لانواع من الملاريا عز تصنيفها على اعتى الادمغة الطبية. وليل الخريف في سوداننا عادة ما يكون ظلاما مطبقا. فمنذ ان عرفنا الكهرباء وتوربينات الطاقة الكهرومائية تتوقف في فصل الخريف عن الدوران من اثر الطمي الذي يحمله الفيضان من الهضبة الاثيوبية. وبالتالي ترشد الحكومة استهلاكنا من الكهرباء شئنا ام ابينا. ساعة كهرباء وعشر ساعات ظلام .. ــ وهناك ظلام آخر يخيم على بلادنا الحبيبة منذ اكثر من عقد من الزمان ــ لا علاقة له بالمواسم فهو ظلام متجهم حتى في عز شمسنا الحارقة. وليس ظلاما من طوارئ الخماسين التي تأتي رياحها ــ بتراب الصحراء الناعم ــ فتظلم الدنيا وتتوقف الحياة في رهبة من غضب الطبيعة. انه ظلام لزج كأنك تغطي اجساد الناس بطبقات من روث ثم تجلدهم عقابا على روائحهم الكريهة. ولليل الخريف في السودان سحره الخاص. خاصة بعد توقف المطر. هواء عليل رطب وصمت مطبق الا من نقيق الضفادع في البرك الراكدة ونباح الكلاب التي تتفتح قرائحها في الخريف وهوائه المعبق بالرطوبة. وربما ماءت قطة بشراسة وهي تحاول ان تدرأ عن نفسها هجمة قط فحل في موسم الامطار والخصوبة والفوضى اللذيذة. في الايام «الخوالي» اي ما قبل الظلام الاصفر هذا كان الساهرون يشعلون الفوانيس ويشوون ما لذ وطاب من اللحوم ويحتسون المشاريب الحارقة. وقد يكتفي اكثرهم بالشاي والقهوة. ويفوح الليل بالطرب والهمس اللذيذ. وتسري في الظلام الحالك ضحكات من القلب .. كان هناك تناغم بين الانسان والطبيعة .. وكان وكان ... ذلك قبل زمان الظلام الصفراوي واللحى المعبقة برائحة الدم والبارود والدولارات.. كان الناس يحبون بلا حدود ويكرهون بلا حدود يجدفون وقلوبهم عامرة بالايمان .. ويغيرون المنكر بألسنتهم وبأبوية خشنة بعض الشيء لكن فيها من الحنان والرغبة الصادقة في الاصلاح ما يغفر لها الصفعة التي كانت كافية لردع من وجد مخمورا على قارعة الطريق او من عاكس حسناء «ولو كانت من الكاسيات العاريات». ولربما زجر شخص واحد عصبة كاملة من الرجال والشباب ذوي القوة والبأس الشديد فارتدعوا عما كانوا يرتكبونه. فالكل كان من الكل. وكان التماهي اللذيذ في منظومة واحدة. لها عيوبها الجديرة بالتغيير لا شك في ذلك .. لكن كانت بين الناس حميمية لا يخطؤها الا مظلم القلب والنفس. اما ليل هذه الايام فهو مقبض للغاية كنهارها. فبطون الناس ــ ضحايا الخصخصة والمرابحات ــ تلبكت من الطبق الواحد والطرب اصبح مقننا ــ على مختارات ابن تيمية ــ او الاغاني التي تمجد الضرب والطعان .. كأنما الحب والابتسام رجس من عمل شعبنا الجاهلي .. ولوثت اسماعنا اغان دونكيشوتية عن ضرب اميركا وقتال روسيا ودك العروش .. وضنت الوجوه بالابتسامات. «فلا صوت يعلو فوق صوت الجهاد».. اصبح للحاكم سوط وحجاب وجلادون بعضهم من ابناء جلدتنا وبعضهم من اتى من اصقاع الارض المختلفة. وانتشرت شرطة الاخلاق تشيع «الرعب» في قلوب الخاطئين. وفي فهم اهل الحل والعقد هذه الايام كلنا خاطئ . وكلنا شريك في مؤامرات الاستكبار العالمي على المشروع الحضاري الاسلامي وكلنا يجب تأديبه «حدا» او «تعزيرا» .. او «تنكيدا» والعقوبة الاخيرة هذه ابرز ما يميز المشروع اياه. ودونكم تليفزيون جمهورية السودان الذي تحول الى منبر للمشوهين نفسيا ومحترفي هواية التحريم والتجريم والتكفير. كان صاحبنا يتلمس طريقه وسط برك المياه التي تبدو في الظلام عميقة. وكان يقذف الحجر بقوة في البركة ليتأكد من عمقها. ثم يتقدم وهو يلعن حظه العاثر. «الله يلعن امدرمان وابو امدرمان وناس امدرمان» ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ان سمع حركة وراءه .. كان يخشى ان يلتفت فيحسبه محدث الضجة خائفا .. كأنما الكل يتآمرون عليه. الطبيعة والظلام والرعب الذي ينتظره. كان يكره امدرمان ولا يأتيها الا مضطرا في فرح او ترح. ولا يتذكر الا انها مدينة جافة واهلها مترابطون بصورة تدعو الى الريبة في هذا الزمان الاغبر. كان يكره اهلها وهم يتفاخرون بأحيائهم التي سميت اما على امراء الثورة المهدية او على واحدة من معاركها او من مؤسساتها. حي الامراء، الهاشماب، ابو روف، بيت المال، الملازمين، العرضة، الثورة، المهدية.. ورغم ملامحهم تلك التي تدل على تزاوج الزنوج والعرب فما منهم الا ويدعي انه من احفاد واحد من صحابة النبي او احفاده عليه السلام مباشرة. وكانوا يسبون من اتى من الخرطوم بحري .. «لقاط» .. «حلب» .. «اولاد ريف» .. بقايا التركية .. الى آخر ما في جعبتهم من اوصاف.. كان يتملكهم احساس بالتفوق على بقية خلق الله في كل شيء. الرجولة والقوة والوطنية والذكاء.. بل وحتى في شرب الخمر والدعار ة واللواط..ومن اغرب ما يتميز به الامدرمانيون هو توهمهم ان امدرمان التي يسمونها «البقعة» هي اجمل بلاد العالم وربما في وجدان بعضهم اكثر قداسة من مكة والمدينة والقدس. حتى ان مسجد الامام المهدي يسميه اهلها ــ وخاصة من انصار المهدي ــ بالمسجد الرابع .. بعد مسجد مكة ومسجد النبي # في المدينة والمسجد الاقصى. ولا ادري من اين يأتي الجمال لمدينة جافة قاحلة في معظم انحائها؟ وتمتاز بكمية من الحفر والازقة الضيقة كأنها برلين بعيد انتحار هتلر. اما المنازل فهي متنافرة الالوان وشوارعها ضيقة ورائحتها كريهة. فوق كل هذا تتوسط امدرمان وتتاخمها اقبح اسواق في التاريخ، سوق الشمس، سوق ليبيا وسوق الناقة وكلها تتنافس في قذارتها وانعدام المرافق الصحية فيها وافتقارها لابسط مظاهر الحضارة. اما القداسة والسمو الروحي فلا علاقة للمدينة القاحلة بهما حيث تنتشر فيها البيوت التي تبيع المشروبات «الروحية» التي صنعت خلسة. كان صاحبنا يتفادى بمهارة كتائب الشرطة الشعبية التي تبحث في الازقة المظلمة عن مرتكبي ومرتكبات جرائم «الشروع في الزنا» او من يفضلون احتساء الخمر امام ابواب منازلهم .. وهو عمل يعد انتحاريا في ظل ظروفنا «الجهادية» الخاصة. فهذا زمان ربما يعتقل فيه شخص لانه اطلق ضحكة عالية تشتم منها رائحة «المجون والعبث». والشروع في الزنا تهمة مطاطة للغاية. فلو وجدوك تقل في عربتك امرأة ولو كانت عجوزا شمطاء من غير «محارمك» لاعتبروا هذا شروعا في الزنا. ولو قبلت حبيبتك لاعتبروا هذا شروعا في الزنا. ولو كتبت شعرا اشتموا فيه رائحة «الايروسية» فهذا ايضا شروع في الزنا.. ومن هنا منعت معظم اغاني التراث السوداني من البث في التليفزيون والاذاعة. رأى صاحبنا عربة اختبأت بمهارة بين شجرتي «لبخ» ضخمتين فاختفت عن انظار العسس. لكنه احس بشيء غير عادي يحدث في المكان. فالعربة كانت تهتز بصورة مريبة. وسمع تنهدات وآهات واحس بوجود حركة ما ألهبت خياله. قاده فضوله في اتجاه السيارة ... كان يسمع تنهدات امرأة تتصنع النشوة وصوت رجل يلهث وهو سادر في حركة محمومة. وكان وراء السيارة مجموعة من الرجال يترقبون في صمت مشبع بالتوتر .. ويبدو انهم كانوا ينتظرون أدوارهم في افتراس الغانية سيئة الحظ.. انحنى صاحبنا حتى كاد رأسه يلامس الارض ومشى على امشاط قدميه. تمعن جيدا في الوجوه المتلهفة .. كانوا يهمسون لصاحبهم يستعجلونه .. ثم سمع تعبيرا ادهشه للغاية «شنو الحكاية يا شيخنا .. ما تستعجل شوية» .. حسب انه لم يسمع جيدا .. فأصغى مرة اخرى واذا التعبير يتكرر مرة اخرى .. يا شيخنا .. يا شيخنا دونت هذه الكلمة في اذنه كانفجار دانة مدفع. فكلمة شيخنا هذه خاصة بنوعية معينة من البشر يعرفها اهل امدرمان والسودان جيدا انها العلامة التجارية لاصحاب المشروع الحضاري ولا يستخدمها غيرهم احد ..
                  

02-20-2002, 08:53 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: Rakoba)

    وبعدين يا راكوبة
    انا لسع منتظر بقية الحكاية دى
    شنو يعنى نسيت ولا شنو؟؟
    لو انت نسيت انا ما نسيت

    وكل عام والجميع بألف خير
                  

02-20-2002, 02:28 PM

EXORCIST7
<aEXORCIST7
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: Rakoba)

    Rakoba,
    إتق الله وأنظر ما قدمت لغد
    ولا تظلم بحكاويك أهل أمدرمان وكثيرون من دونك تعلمهم

                  

02-20-2002, 09:02 PM

Rakoba
<aRakoba
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5814

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: EXORCIST7)

    والله يا ولدنا حصل خلط في الموضوع ده حقيقة أنا ما كتبت (الرواية ) دي وزي ما قلت ليكم دي أتنشرت هنا في الدوحة وحبيت أعرف رأيكم فيها بغض النظر عن رأيي الخاص اللي ممكن تتفق مع كاتب (الرواية) في أماكن وأماكن تانية لا وألف لا على العموم لسه بحاول ألقى الجزء الثالث عشان تكتمل الصورة، ونسمع منكم

    وكل سنة وإنتو طيبين
                  

02-21-2002, 00:24 AM

EXORCIST7
<aEXORCIST7
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: Rakoba)

    Rakoba,

    فهمنا يا أبوى



    (عدل بواسطة EXORCIST7 on 02-21-2002, 00:26 AM)

                  

03-06-2002, 06:20 AM

zico
<azico
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: EXORCIST7)


    ولسة وحاتك منتظرين
                  

03-06-2002, 07:03 AM

قرشـــو
<aقرشـــو
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 11385

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: zico)

    عموما يا راكوبة
    الصبر جميل
    والزمن طويل
    لكن حاول كوس باقى الرواية عشان ما ننتظر كثير
    ولا انت عاوزنا ننتظر يعنى؟؟؟
    قول لو عاوزنا ننتظر؟؟؟
                  

05-06-2002, 01:43 PM

zico
<azico
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات البيت المسكون -2 (Re: zico)

    يا ربي باقي القصة دي نزل ولا لا؟؟
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de