قصة موت !! بقلم صلاح الدين عووضة

قصة موت !! بقلم صلاح الدين عووضة


12-07-2018, 03:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1544194414&rn=0


Post: #1
Title: قصة موت !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 12-07-2018, 03:53 PM

02:53 PM December, 07 2018

سودانيز اون لاين
صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


*يوسف إدريس اشتهر بالقصص القصيرة..

*واشتهر - كذلك - بأن غالب قصصه هذه مستمدة من تجارب حياته الواقعية..

*وكان سيشتهر أكثر لو نجح في كتابة أقصر قصة في حياته..

*أو عن حياته هذه ؛ في أشد لحظات تجاربها واقعيةً.....وختاماً..

*لحظة الموت التي أراد توثيقها ؛ أدباً...وإبداعاً...وقصةً..

*ففي أواخر أيامه - بالمشفى - أصر على أن يكون بجانبه قلمه...وورقه... وسيجاره..

*أراد أن يخوض تجربة ما سبقه بها أحدٌ من العالمين..

*لا من الأدباء...ولا الفلاسفة...ولا الروائيين...ولا حتى المجانين..

*ولم يفلح الأطباء...ولا الأهل...ولا الصحاب في إثنائه عن فكرته المجنونة هذه..

*وكلما أحس بدنو الموت دنا من ورقه ليكتب فإذا هو...ليس هو..

*أي ما ظنها النهاية لم تكن سوى بداية علة جديدة..

*فقد تكالبت عليه علل النهايات...دون أن يلوح في الأفق ما يستحق شرف البدايات..

*فالموت وحده هو الذي نوى الكتابة عنه...ولا شيء غيره..

*فما أكثر ما كتب عن لحظات الميلاد...والأمراض...والعلاقات...والغدر... والخيانة..

*فقط لحظة الموت - عن تجربة - هي التي لم يكتب عنها..

*ولم يكتب عنها حرفاً حين جاءت - أخيراً - بعد طول انتظار..

*حين جاءت - وذهبت بروحه - وتركت بجوار جسده قلمه...وأوراقه... وسجائره..

*فقد كانت تجربة قصيرة ؛ أكثر واقعيةً من أن توثق قصةً قصيرة..

*فالموت لا يعبأ بمحاولة توثيق لحظته...ولا يبالي..

*والبارحة نفسي وجدت نفسها في موقف مشابه لموقف إدريس ؛ مع الفارق..

*ليس من حيث محاولة توثيق لحظات موتٍ شخصي..

*وإنما محاولة توثيق لحظات موت وطن...دولة...أمة ؛ مع آمالها وأحلامها وطموحاتها..

*وهي أشد قسوة - وألماً - من محاولة يوسف إدريس..

*فكل شيء يتهاوى تحت أنظارنا...ونكتفي نحن بالنظر إلى النهايات الحزينة..

*وكل يوم نوثق للحظات موت جزء من الجزئيات..

*وبقي الكل ؛ والذي نهايته ستكون أشبه بتلك التي تُكتب في خواتيم الأفلام..

*فما من يوم تشرق علينا فيه شمسه إلا ونُفاجأ بفقد شيء..

*أو نُفاجأ بموته ؛ إلى أن يجئ الذي لا مفاجأة فيه...بما أنه ما من شعور حينها..

*وهو الذي لا موت بعده...كالذي غشي قاصاً هزمته محاولة جعل الموت (قصة)..

*الموت الذي يغشى كل يوم (عزيزاً وطنياً) منا...ولا نبالي..

*ونشهد كل يوم مفردة النهاية في خاتمة فيلم كل شيء.....ولا نبالي..

*ونحاول كل يوم توثيق لحظة مقدمه...وهو لا يبالي..

*وأعني نحن الذين نكتب قصص تجارب وطننا الواقعية.....لا حكومته..

*فهي مثل الموت تماماً...

*لا تبالي !!.




assayha