[email protected] اغلب الكتاب من الخبراء والمختصين اجمعوا عموماً عن قلقهم علي حاله الأرض وبينما كنت أتأهب للكتابة عن حالة الأرض آذ بحاله الأرض تضيف إليها حزنا عميقا باختطاف الموت للدكتور معتصم نمر عليه رحمه الله وقد توفاه الله وهو يمارس مهنته لإنقاذ الحياة البرية في حظيرة الدندر قد عاد من هناك ولم يمهله الموت ليصف الحالة المزرية والمتردية لما آلت إليه الحظيرة وما حولها من الأراضي و انتزاعها والزراعة وبوا رها .فوق هذا وذاك وجود فئات تتسم السلطة والثروة ولا تضع اعتباراً للمستقبل. او تضع اعتباراً للبحث العلمي في شئون الحياة البرية . وفي اليوم الذي يقرأ فيه هذا المقال فان مائتا ألف من أنواع الحياة المختلفة من النباتات والطيور والحيوانات والأسماك والحشرات والفقاريات قد انقرضت. وكل يوم يمر تستمر هذه الحالة بسبب النشاط البشري غير المسئول فالإنسان صار عدو الحياة الأول وبجهله التام بالتوازن الإحيائي. وحتى عندما يعي البعض خطورة الأمر، فان الحلول جزئية وليست شامله ويتحكم فيها أصحاب المصالح الاقتصادية واتضح بما لا يدع مجالا للشك انه كل يوم يمر علي البشرية تسيطر فيه المؤسسات المالية التي تقدم الربح علي الإنسان تتسارع خطي انقراض التنوع الأحيائي ,وهنالك معرض للصور في الانترنت للإحياء التي يحاصرها الفناء وقد صدر تقريرا حول جرائم الحياة البرية بعنوان (World wide crime report: Trafficking in protected species) والذي أكد علي أن التدهور في الفترة من 1970 _2012 قد طال 58% من الحياة البرية هذا يعني أن قرابة النصف وأكثر قد انقرض. وإذا انتقلنا إلى الحياة البحرية فان تقرير الأمم المتحدة يشير إلي أن النفايات التي تقذف في البحار والمحيطات تضر بثمانمائة من أنواع الحياة البحرية مما سيكلف البلدان بلاين الدولارات وبالطبع فان التغير المناخي يتحمل جزء كبير من هذه الإضرار ويكفي الإشارة لما حدث في القطبين الشمالي والجنوبي من انهيارات ثلجية بسبب الاحتباس الحراري . وعندما توافق العالم في اتفاقية باريس علي علاتها في ضعف موقفها من شركات النفط العملاقة وقبل أن يجف مداد الاتفاقية طلع علينا المعتوه ترمب رئيسا للولايات المتحدة ليشكك في كل الجهد العلمي المبذول منذ عقود. وبالتالي فالنشاطات المحدودة ستصبح أكثر محدودية بغباب الأموال الأمريكية. أما في مجال الزراعة فان تدمير التربة يتسارع بمعدلات عالية وقد صدر تقرير يشير إلي انه قد تبقي. إذا استمر النهج الحالي فان المتبقي من التربة قد تكفي فقط للإنتاج لمدة ستين سنة وذلك بسبب استخدام الأنواع الجديدة من المخصبات البلاستكية. وفوق هذا وذاك فأن الحروب تدمر البيئة الحيوية وتلوث المواد وبالطبع يكون موت الناس أيضاً من الخسائر المصاحبة وان كانت هي المستهدف الأول في الحروب.ويطلع علينا الاعلام المرهون للاحتكارات العسكرية بانه يمكن استخدام الاسلحة النووية علي نطاق محدود وهذا يعني أن النظم والمؤسسات الربحية تتحمل النصيب الأكبر في تدمير الحياة ولكننا لا نعفي الجميع من المسئولية العامة والمتفاوتة Commanbut differentiated responsibility. فالنهم الإنساني للاستهلاك وعدم الترشيد في استخدام الموارد بدأ من استهلاك المواد وتلوث الهواء والبيئة بسبب تسارع معدلات الاستهلاك الفردي. أما في إفريقيا فإن النهب باسم الاستثمارات ,وتبعية الحكومات المكونة من خريجي المدارس المدنية والعسكرية والذين صاروا من التبعية بحيث ينفذون كل رغبات المستثمرين دون أي تبعات عليهم ويجري نهباً منظما تتحول فيه الدولة لشرطي لحراسة هؤلاء المستثمرين في قطاعات الزراعة او التعدين فتطرد السكان وتسلمهم الأراضي بثمن بخس يكفي فقط أجور شرطة الحراسة والوظائف (الدستورية) وهم بالطبع انقلابيون صنعتهم الاحتكارات العالمية ويتركز الهجوم علي الأراضي في منطقة القرن الإفريقي ومن ضمنها السودان ويكفي ان برامج السدود يقام لصالح مشاريع المستثمرين الخليجيين ويأخذون الأرض والماء مجاناً لعقود مقابل فتات ودون ضمن التعويض المجزي للسكان او اشتراط اشتراكهم في العمل . وفي مجال التعدين يعلم الجميع ما عرف بفضيحة الشركة (غير الروسية) سيرين والأكاذيب التي يحميها العسكر والتي أطلقها خفير المعادن المسمى زوراً وبهتاناً وزيراً للمعادن. ولا يلتزم مثل هؤلاء الحكام والمستثمرون بالمواصفات اواي مسئولية ا تجاه استدامة البيئة بعد انتهاء التعدين ويستطيع كل من هب ودب أن يحصل علي مربع ويأتي بالسيانيد او الزئبق ويستخدمونه دون مواصفات الحماية وابجدياتها مما جعل كافة الأرياف السودانية في حالة استنفار حربي وصل حد المواجهات الدموية مع الأجهزة الأمنية. وتؤدي هذه المواجهات لان تهرب الاستثمارات الحقيقية من البلاد و في نفس الوقت ترتفع فاتورة الأمن وهو معلوم انه قطاع ضمن قطاع إدارة الدولة للتنمية وكلما زادت المصروفات الإدارية عن الحد المعقول (أقصاها 10% للأمن والدفاع والخدمة المدنية) كانت خصماً علي التنمية المستدامة ولان لكل فعل ردفعل له فان الحكام يخسرون سمعتهم أمام مواطنيهم ولا يكسبون احترام الاستثمارات القائمة علي مبدأ السيادة والشراكة الأممية ويهرع إليهم شذاذ الأفاق من بتوتات الإفراد ومؤسسات الاموال السوداء. اما المؤسسات الحكومية لحماية البيئة فانها تعاني من ضعف الصلاحيات وحتى ما لديها من صلاحيات تفشل في إنفاذها والسبب ضعف الكوادر وفقدان الإرادة السياسية. وعن منظمات المجتمع المدني للأسف وان كان لديها الفرصة لجذب الخبرات العلمية إلا أنها تسيطر عليها مجموعة مصالح اعتادت ان تتاجر بالقضية في الخارج. وبالطبع لان حياة الناس لا تنتظر فقد تخطت الجماهير كلا التنظيمين وبدأت تكون تنظيمات شعبية بعيداً المتكسبين بحماية البيئة فقامت لجان السدود ومقاومة استخدام الزئبق او السيانيد وللأسف في غياب الاحتجاج المؤسسي المبني علي نتائج البحث العلمي تكون المواجهات حادة و دموية. نناشد الجميع ضبط النفس والعمل علي إقامة العدل والمساواة إمام القانون حتى تأخذ الاحتجاجات محتوى ايجابي يصلح ولا يوسع الضرر. فطريق الإصلاح مضمون النتائج وكما قال المهاتما غاندي (انه طوال التاريخ كان هنالك قتلة وطغاة وعندما يبدو للوهلة الأولي إنهم مسيطرون فأنهم دائماً يسقطون). ولان الماتما غاندي كان يتحلي بنكران الذات وسعيد انه لم يحضر زماننا الذي يدعي فيه حاميها حراميها .