رائحة الموت..!! بقلم عبدالباقي الظافر

رائحة الموت..!! بقلم عبدالباقي الظافر


02-25-2017, 04:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1488035007&rn=0


Post: #1
Title: رائحة الموت..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 02-25-2017, 04:03 PM

03:03 PM February, 25 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


وضعت ماريا رأسها على حجر زوجها الذي كان يتلذذ بجذب أنفاس من سيجار كوبي أهداه له صديق بمناسبة عيد الميلاد.. حاولت ماريا أن تشاركه التدخين ولكن آدم مسح على بطنها المتكور مذكراً بنصيحة الطبيب أن تتجنب التدخين حتى السالب منه بسبب حملها.. تصرف آدم بحكمة وسارع بإطفاء السيجارة وبدأ يتحسس زوجته ذات الأصول المكسيكية برومانسية.. فجأة رن الهاتف المنزلي وكرر النداء ثلاث مرات.. حينما حاول آدم أن يتحرك منعته ماريا وقالت له: "هذه فتاة وكالة الدين التي تتعقبك في مديونية البنك".
تجاهلت الأسرة الصغيرة رنين الهاتف ولكن آدم هرع إلى هاتفه الجوال الذي كان في وضع صامت.. ردد ببعض الاستغراب الاتصال من أسرتي بالسودان اتصلوا نحو سبع مرات.. قبل أن يقرِّر كيفية التصرف جاءت المكالمة الثامنة.. كان والده الحاج علي السميح في الطرف الآخر من الدنيا.. من دون مقدمات ولا حتى حزن بادٍ أبلغه والده أن قبيلة اولاد الزين هاجمت البارحة مرابعهم وقتلت مائة وعشرة من بينهم اثنان من إخوته.. قبل أن يستجمع الشاب آدم قواه كان والده شيخ القبيلة يصرف له التعليمات: "عليك أن تحضر في أول طائرة" تلعثم آدم الذي غاب من أسرته نحو عشر سنوات.. لكن الأب الغاضب أغلق سماعة الهاتف حتى لا يفتح أبواباً للاعتذار.. اقتربت ماريا من زوجها وحين لمحت دموعاً تبحث عن مسارات في الوجه الحزين أحست بأن هنالك مصيبة قد حدثت.
في نحو العاشرة صباحاً كان آدم يتسلل حزينا إلى جوف الطائرة المصرية المتجهة من نيويورك إلى الخرطوم عبر القاهرة.. جلس مهدوداً بحصار الذكريات.. الحرب تطارده وتصل إليه في الشقة الصغيرة في بروكلين.. كان ابن خمسة عشر عاماً حينما حدثت تلك المواجهة مع فخذ من قبيلة الدينكا.. تساقطت الأنفس من هنا وهنالك مثل أوراق الخريف.. كان من ضمن مجموعة من الجرحى الذين تم إخلاؤهم إلى مدينة بابنوسة.. حينما خرج من المشفى قرر أن يهرب من مضارب القبيلة إلى الخرطوم.. كان يبحث عن حياة لذيذة سمع نبضها عبر أثير الراديو في مسلسل الدهباية الذي كانت تبثه إذاعة هنا أم درمان.
خابت توقعاته حينما وصل إلى المدينة ذات الإيقاع السريع.. مرت عليه أيام وهو صبي حائر ينام مع صبية من المتشردين.. حاولوا اغتصابه ذات ليلة شتوية فهرب إلى قسم الشرطة فوجد الصول حامد وهو أحد منسوبي القبيلة عرفه من لهجته.. أخذه الصول إلى صاحب مخبز في سوق ليبيا حتى يتعلم صنعة.. مواجهة نار الفرن كانت مسألة صعبة، احتملها الفتى الذي كان يبحث عن حياة آمنة.. بعد عامين وجد عملاً في متجر لبيع الملابس يمتلكه قبطي.. أدرك بعض أسرار المهنة وجمع بعض المال.. سافر إلى مصر مع بعض أصدقاء السوق لجلب بضائع مصرية.. وصل إلى محطة القطار بأسوان فتعرف على شاب سوداني آخر يماثله في العمر.. حدثه رفيق الرحلة عن حلم الهجرة إلى دنيا جديدة.. لمعت عينا آدم وصاحبه يحدثه عن فتحي الحلفاوي الذي وصل إلى أمريكا واشترى عربة صغيرة بعد ثلاثة أشهر فقط.. اتخذ آدم قرار الهجرة إلى أمريكا.
كان آدم محظوظاً كونه خاض معركة عسكرية تركت ندوباً على جسمه الناحل.. في أولى مقابلاته مع مندوبة الأمم المتحدة.. رفع قميصه.. تلى السيناريو الذي حفظه عن ظهر قلب.. ببعض الاهتمام كانت الخواجية تدون البيانات.. حينما سألته عن ذويه رد: "قتلوا جميعا في المعركة".. خيرته الموظفة بين التوطين في أمريكا أو كندا.. رد ببعض المكر أيهما أسرع إنه يخاف أن يتعقّبه الأعداء في مصر.
تعرف على ماريا اليخاندرو في مغسلة سيارات كان يعمل بها.. ظروفهما تتشابه كانت هاربة من الفقر وقفزت من الجدار الفاصل بين عالمين.. السلك الشائك شق فخذها.. حينما رأى الجرح القديم في ذاك المكان الحساس قرر أن يتزوجها.. لم يهتم لكونها كاثوليكية تكبره بعام.. كانت تلك المرة الأولى التي يتذوق فيها طعم الأمان ونكهة الحب.. لكن ها هو الموت يطرق بابه مرة أخرى وهو مازال ينتظر مولوداً ذكراً اتفق مع أمه على تسميته علي خان.. الاسم المركب يصلح للاستخدام المزدوج في الثقافتين.
انتظم الركاب وتبقى على موعد الإقلاع نحو خمسة عشر دقيقة.. استخدم الهاتف ليخبر والده أنه في الطريق ليخوض معهم معركة الثأر.. لم يرد الحاج على إلحاح الابن.. مضى إلى هاتف شقيقته التي أوصلته إلى والدته حاجة حرم.. كانت تبكي بشدة.. أخبرته أن والده وأشقاءه ذهبوا الآن إلى المعركة.. لم يتركوا في القرية إلا النساء والشيوخ.. طلبت منه ألا يأتي.. قالت له هؤلاء مجانين لا يخافون الموت لأنهم لم يتذوقوا طعم الحياة.
كلمات أمه جعلته يتردد.. تذكر طفله القادم والذي ربما يعيش كل عمره يتيماً إن أكمل هذه الرحلة.. حينما فكر في قرار العودة كانت المضيفة تطلب من الركاب ربط الأحزمة.. حينما اتخذ القرار كانت الطائرة قد بدأت الإقلاع.. وبدأ آدم يشتم تلك الرائحة الكريهة إنها رائحة الموت بالجملة..!


assayha

أبرز عناوين سودانيز اون لاين صباح اليوم الموافق 24 فبراير 2017

اخبار و بيانات

  • السنوسي: الحملة ضد التعديلات الدستورية بداية للتنصل عن مخرجات الحوار
  • أبرزعناوين صحف الخرطوم الصادرة اليوم الجمعة
  • رئيس الاتحاد الوطني للشباب : تكريم مساعد رئيس الجمهورية لدعمه لكل مشروعات الشباب
  • البشير يوجِّه بفتح الحدود لنقل المساعدات الإنسانية لدولة جنوب السودان
  • النائب الأول يخاطب الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الخبراء والعلماء السودانيين بالخارج مساء اليوم بقاعة ال
  • (الإصلاح الآن): التعديلات الدستورية اختبار لالتزام الحكومة بمخرجات الحوار
  • وفد الحركة الإسلامية يقف على تنفيذ برنامج الحركة الخاص بالهجرة لله بمحليتي كاس وشطاية
  • انا عبدالواحد لايمكن ان اكتب لعمرالبشير خادمكم المطيع:حوار الصراحة مع قائد حركة جيش تحرير السودان

    اراء و مقالات

  • الحلقة الاولي من رواية المرحوم غلطان بقلم احمد يعقوب
  • إعلان مجاعة الجنوب مقدمة لمجاعة السودان!! بقلم حيدراحمد خيرالله
  • الرق المعاصر واستعباد البشر سودري واخواتها والتنقيب عن الذهب بقلم محمد فضل علي .. كندا
  • الداعشية ميادة كمال تحرض على وقف الأغاثه عن الجنوبيين لتأديبهم ! بقلم عبير المجمر (سويكت)
  • شكراً قطر، يا أمُّ غزة الحنون بقلم د. فايز أبو شمالة
  • من اسبولدنق لترمنغهام: عاصفة على الفونج (العقل الرعوي 19) بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • زواج (التراضي) في ميزان الشرع (2/2) بقلم د. عارف الركابي
  • قلوبنا ليست قاسية ..!! بقلم عبدالباقي الظافر
  • عيب والله !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • كيف نقيم الدولة الإسلامية؟ بقلم الطيب مصطفى
  • ما بين لا لا لاند وانتينوف بقلم بدرالدين حسن علي

    المنبر العام

  • التضامن مع ايثار: صورة مؤثرة لايثار وهي تبكي لحظة هدم غاليري ( صور + فيديو )
  • خاصية الاقتباس بالمنبر
  • سَفَرٌ إلي السماء
  • ** كيه في اسياد الدقون الضلال والمتاسلمين**
  • هذا منبر عام ...
  • سودانى وأصيل
  • العودة النهائية للسودان عن طريق الدوحة
  • فرصة سانحة للمصدرين السودانيين: ليبيا تشهد قفزة قياسية في أسعار السلع الاستهلاكية خلال 6 سنوات
  • الاستاذ محمود يجاوب عن سؤال عن الرسالة الثانية ورسولها
  • الرئيس البشير: فتح الحدود لإغاثة الجنوبيين....؟
  • د. حسام ابوعبيدة محمد على ..المهنية العاليةوالتعامل الطيب
  • انتحار فتاة قفزاً من كوبري الفتيحاب !
  • وداعا أصدقائي
  • الرئيس عمر البشير: حواره مع صحيفة الإتحاد الأماراتية...؟
  • من مطار نيالا مباشرة يرحل الجيش الذي باعة بشة لحكام الخليج
  • الأستاذ عووضة أفضل من كتب في الجوطة الأخيرة
  • وأهو نحنا في الآخر سوا , الى وفد المنافي باستثناء .....
  • فترة المهدية: لماذا لم تجد رواية توترات القبطي حتى الآن ما ‏تستحقه من احتفاء و تحليل و نقد؟ ‏
  • في مستشفي مكة بالخرطوم بيقددوا ليك عيونك ساكت
  • ألا تشم رائحة عفنهم، النظام يسقط، لا أحد قادر على إيقاف سقوطه.
  • ديجيتولوجيا.. صحوة الضمير فى زمن المعلوماتية - كتاب مميز جدا
  • كيف اطاح طه عثمان بوزير الداخلية عصمت عبدالرحمن؟
  • عموما ي سيد (صادق)الفيك انعرفت تب(صور)
  • من أحق بالإيواء ؟ اللاجيء الجنوبسوداني أم اللاجيء السوري ؟؟؟