نصعد الزقاق المحاذي لبيت العمدة.. *ويحاذي - كذلك - منزلي عثمان محمود وصديق علي محمود.. *أنا وابن خالي سيف الدولة ابن العمدة حسن محمود.. * فتطرق آذاننا كلمات الأغنية الشهيرة: *يا حارسنا و فارسنا، يا جيشنا ومدارس... *كنا زمن نفتش ليك، جيتنا الليلة كايسنا... *فقد كانت هي أغنية الموسم في زمن (المراهقة) ذاك للنظام المايوي.. *فبعض الأنظمة السياسية تمر بمرحلة (مراهقة) كذلك.. * قد تطول ، أو تقصر، أو تصير (مراهقة كبر).. *وخطوات مشوارنا كانت تقودنا (صعوداً) إلى بيت الدوش.. *فالذين رأوا (الخندق) يعرفون معنى أن تصعد ، أو تهبط.. *وكلمات الأغنية تزداد ضجيجاً حين نحاذي بيت جاد كريم.. *حبابك ما غريب الدار، وماك لحقنا الودار .. *ونسمة من جهة النيل تحمل إلينا نكهة (جبنة) اشتهرت بها مسكة زوجة خالنا عثمان.. * حبابكم ما غريب الدار.. * يصعقنا صوت نسوي مردداً لهذا المقطع من الأغنية.. *إنه صوت سيّدة صديق ابنة أول من امتلك آلة (الحاكي) في المنطقة بأسرها.. *وللسبب هذا حظيت بملكتي الشعر والغناء مثل شقيقها مزمل.. *جيتنا وفيك ملامحنا ، عاد يا مايو ميزنا.. *نصل منزل الدوش الذي هو خلاف صاحب (الملامح) في الأغنية.. *ووردي هنا يغني لملامح مايوية رآها محجوب شريف.. *ثم غنى من بعد لملامح (ضد مايو) كما رآها محجوب نفسه.. *وهي كلها - في نهاية الأمر- ملامح يسارية.. *ومدير مدرستنا اليساري يطالبنا- من بعد- باستقبال نميري ليرى ملامحنا.. *وينسرب من بين الصفوف كاتب هذه السطور.. * وينطلق مسرعاً نحو بيته عوضاً عن مكان الاحتشاد.. *والفعل ذاك كان تشكلاً غريزياً مبكراً للوعي السياسي تجاه نمط من أنماط الحكم.. * ثم يصبح المدير الشيوعي هذا نصيراً للثورة ... *ويضحى كاتب هذه السطور نصيراً لشكل آخر من أشكال الثورة.. * الثورة الشعبية (النهارية) ، وليست العسكرية ( الليلية).. *وتنتهي الأغنية - أخيراً - بالذي بدأت به : يا حارسنا وفارسنا ، يا جيشنا ومدارسنا .. * تنتهي مع انتهاء خطانا عند دار آل الدوش .. *ونلتقي بالدكتور الفاتح الدوش فنجده (يلتقي) معنا في مبادئ (الثورة).. *وتنتهي - كذلك - ذكرى تلكم اللحظات من ذياك الزمان ... *ولكن الذي يأبى أن ينتهي هو (الأمل) الذي جسدته أغنية الدوش الآخر.. *وإن لم يكن بالضرورة - الأمل - ذا (ملامح يسارية).. *وسوف يظل عشاقه يرددون ( بناديها !!!) . assayha