لم يجد المحامي الشاب غير أن يكتب استقالته، ثم ينصرف.. تفاصيل الحدث دارت فصولها في محلية جبل أولياء جنوب الخرطوم .. في داخل أحد مقار الحزب الحاكم تنافس رجلان على منصب واختلفا على النتيجة.. المحامي مجدي سرحان منوط به فك الاشتباك باعتباره أمين الاتصال التنظيمي بالحزب.. كإجراء روتيني جمّد المحامي النتيجة لحين دراسة الطعن.. ذلك الإجراء لم يتوافق مع مزاج أحد النافذين داخل أسوار الحزب.. الزعيم أعلن فوز المطعون ضده .. لم يجد سرحان غير أن يترك الجمل بما حمل. في ولاية الخرطوم حينما كان الأستاذ محمد حاتم سليمان يتحدث عن عصر الناس حتى يطّلع زيتهم.. كان هنالك مهندس شاب يتحدث لصحيفة المجهر عن مستقبل الحوار الوطني.. أخرج المهندس عبد السخي أرقام التسوية القادمة التي تقتضي تعيين ٦٧ نائباً في البرلمان.. حينما احتجّت الأحزاب المشاركة في حوار قاعة الصداقة على ضعف الغنائم لم يجد عبد السخي غير الطرد من الحزب. في ولاية الجزيرة استلم الوالي إيلا (شيك على بياض) من المركز.. التفويض يُتيح للوالي بأن يفعل ما يُريد.. ضرب إيلا مخالفيه بيدٍ من حديد مستخدماً سلاح الفصل من الحزب تحت جريمة التفلّت التنظيمي.. الأسبوع القادم سيُعلن إيلا انتصاره على الخوارج عبر مسيرة جماهيرية تموّلها خزائن المال العام.. مسيرة إيلا قد تريق الدماء وتصيب الفتنة إن لم يستخدم معارضوه الساتر وبعضاً من الحكمة.. وربما يُعلن الرجل حل البرلمان العاصي الذي أسقط خطاب الوالي. رغم كل هذه المؤشرات على اتجاهات الريح داخل الحزب الحاكم، إلا أن هنالك من ينتظرون عهداً جديداً.. كان الأمل أن يكون صباح العاشر من أكتوبر الماضي عهداً فاصلاً في التاريخ السياسي.. لكن النتائج حتى هذه اللحظة لا تبشّر إلا باستمرار النهج القديم .. توارى العقلاء من المشهد السياسي في الحزب الحاكم.. ارتفعت أصوات تدعو إلى نفي وتغريب الخصوم.. الممارسة السياسية داخل أسوار الحزب الحاكم تُشير إلى منهج توطين الشمولية على كل المستويات . في تقديري.. أن الوقت مناسب لأن ترفع الأحزاب المشارِكة في الحوار صوتها عالياً.. النصح هنا واجب أخلاقي وفرض عين على كل حزب دخل إلى الحوار الوطني يأمل في الإصلاح .. كل ثمار مسيرة الحوار لم يتعدَّ عدداً محدوداً من النواب لن يستطيعوا فرض التغيير ولا إحكام الرقابة.. جديد الحوار رئيس وزراء مسلوب الإرادة لا يملك حتى صوتاً مرجّحاً في جلسات مجلس الوزراء. بصراحة.. الحكومة والحزب الحاكم في هذا الوقت لا تحتاج إلى صديق جاهل.. من يزينون المسار ويعلنون الانتصار على فريق من الشعب سيقودون البلد كل البلد إلى التهلكة السياسية.. انعدام أي فرص للتسوية السياسية يعلي الأجندة الحربية المفضية إلى الخسارة التي تحتاج لسنوات لتجاوز آثارها.