هل من الإيجابي أن تشعر المنظومة الحاكمة في السودان بالخوف و الإرتباك من التهديدات الإسفيرية المتتالية و المتعلقة بالعصيان المدني ، أقول و بكل قناعة نعم ثم نعم ، فعندما تصهل خيل الفساد و تعم الفوضى و يصبح أمر الوطن و المواطن مُهدداً بآلة التكالب و الإستماته للتمسك بالسلطة و البقاء فيها لتعاني البلاد و العباد المزيد من الخسائر المادية و المعنوية ، وجب أن يكون هناك ( كابح ما ) له المقدرة على ( تغيير ) إتجاه المسيره و توجيهيها نحو المصلحة الوطنية العامة ، و في الحقيقة فإن نظرية ( كوابح ) الفساد و الإخفاقات التخطيطية على مستوى السياسات العامة و العلاقات الخارجية و فعالية المنظومة الإدارية و المردود الإيجابي لعمليات الإنتاج القومي و التنمية المستدامة هي نظرية تقع ضمن إختصاص مؤسسات و هيئات كان دورها الأساسي هو المتابعة و الرصد و التقويم ثم ( المحاسبة و الحوكمة ) ، و لكن عندما تُقيَّد مثل تلك المؤسسات بأغلال التأثير التنظيمي للحزب الحاكم و قوى النفوذ السلطوية العليا التي لا يفل إندفاعها قانون و لا دستور ، تصبح تلك المؤسسات المختصة بالرقابة و المتابعة و المحاسبة و إسترداد الحقوق و التي في مقدمتها الحقوق العامة المتمثلة في المال العام ، فضلاً عن أوجه التقصير و الفساد المتعلقة بثراء كبار الموظفين عبر تسخير طاقات الكثير من مؤسسات الدولة و مشاريعها لمصلحتهم الخاصة إلتى إنهار بعضها كلياً ، و البعض منها أصبح و كأنه ( مشروع إقطاعي ) للخلايا التنظيمية للمؤتمر الوطني و تابعيهم من المطبلين و المغفلين النافعين ، تصبح بكل بساطة غير قادرة على أداء دورها ، بل هي الآن تمثل عبئاً إضافياً على بنود الموازنة العامة و كاهل المواطن السوداني البسيط المذبوح ظلماً بالضرائب الباهظة و الجبايات الغريبة في مسمياتها و مراميها ، المجلس الوطني أحد هذه المؤسسات الدستورية التي كان من المفترض أن يكون له دوراً ( كابحاً ) لإشتطاط الحكومة في رمي مشكلاتها المواردية على كاهل المواطن ، غير أنه ظل على الدوام ظِلاً لتوجهات النظام و سياساته البغيضة ، ديوان المراجع العام من واجباته الإستراتيجية ممارسة الرقابة على شرعية و قانونية حركة المال العام داخل المنظومة الحكومية و شبه الحكومية ، ثم توثيق و إجازة أوجه تسيير الموازنات في المؤسسات المختلفة ، ثم التحقيق و الدفع بقضايا الفساد المالي و الإداري إلى ردهات القضاء العادل ، لكنه أيضاً وقف عاجزاً أمام غول الفساد الذي إستشرت أطنابه في كافة أركان ودواوين الدولة و ذلك بسبب قصور صلاحياته و ضعف آلياته فضلاً عن عدم تجاوب القيادات العليا مع نتائج تقاريره و ملاحظاته المستمره المتعلقة بعدم سماح بعض المؤسسات ( المغلقة ) بمراجعة حساباتها و أوجه صرفها التي هي في أغلب الأحوال مختلة و مخالفة للوائح والقوانين ، لم نسمع و لم نرى و لم نتابع مسئولاً واحداً تمت مسائلته و إتهامه و محاكمته ( الناجزة و العاجلة ) و البت في موضوعه ، كذاك البت العاجل و الفاعل في إزهاق حرية الآخرين عبر إعتقالهم فور إعلانهم التزمر ، نعم من الإيجابي بل من المهم إن تشعر الحكومة بالهلع و الخوف من ( خطر ) قادم .. فشعورهم المُرسل و المطلق بالأمان و إمكانية الإنفلات من ( حساب ) ما .. يُقلِّل التكلفة و يُمسك أيديهم عن هدم آمال و مقدَّرات هذه الأمة و حصولها على حياة كريمة وو طن يستشرف المستقبل بما تتمنى.