*أقانيم الفلسفة الثلاثة هي الحق والخير والجمال.. *والجمال يلزمه خيال- ولو في حده الأدنى- من قِبل رائيه.. *فبغير هذا الخيال قد لا يبدو الجميل جميلاً.. *لا القمر يبدو ملهماً ولا البحر مدهشاً ولا العينان ذواتَيْ سحر.. *وكثيرون بحاجة لهذا الخيال وليس الشعراء وحدهم.. *فالعالِم بلا خيال ربما لا يرى في القمر سوى جُرْم ذي وهاد غامضة.. *والجنائني بلا خيال محض نبتة الوردة أمام ناظريه.. *والكاتب بلا خيال يطغى هدف الموضوع عنده على الجوانب الإبداعية.. *وآنشتاين في رأيه أن الخيال مكمِّل للمعرفة.. *ولولا خياله هو نفسه لما حلَّق بمعرفته في أرجاء الكون الفسيح.. * أو أن معرفته هي التي حلقت بجناحي خياله.. *ثم حلقت معرفة الفيزياء كلها بأجنحة خيالات النسبية.. *والسياسة من غير خيال هي قيادة عمياء.. *هي لا تبصر سوى أسفل مقاعد السلطة وتعمى عن رؤية الأفق.. *أو لا تنظر إلى ما هو أبعد من آفاق التقارير.. *أو لا ترى شجراً يسير نحوها من جهة أفق الفاقة والزاغة والغاغة.. *و(غاغة) مفردة عربية فصحى تعني الجمهرة من الناس.. *ومبارك والقذافي وصالح وبن علي كانوا يفتقرون للخيال أواخر أيامهم.. *فلو أن لهم خيالاً لأدركوا أنها النهاية.. *ولكان بمقدورهم وضع نهايات - بأيديهم- يحفها خيال العظمة.. *ومهندسو نفق عفراء لا ذرة لهم من خيال.. *أو ربما صوَّر لهم خيالهم إمكان الاستفادة من النفق كبحيرة في الخريف.. *وفي هذه الحالة فات عليهم توظيفه كمنتجع مؤقت.. *ثم رفده بمراكب شراعية للصغار- وأماكن للكبار- تدر عائداً معتبراً.. *ومسؤولو ترخيص العربات في خصام مع الخيال.. *فمع قليل خيال كان يمكنهم توحيد نوافذ الدفع ليندفع العمل بسلاسة.. *ثم من خلف النافذة الموحدة تتشعب أوجه الرسوم.. *بمعنى أن يكون شأناً داخلياً لا علاقة لأصحاب المركبات به.. *وكاتب هذه السطور نفسه يعوزه الخيال.. *فلو كان ذا خيال لما رفض عرضاً خارجياً في انتظار فرج داخلي.. *ثم حين طال الانتظار لم يعد يرى شيئاً جميلاً.. *فلا القمر ملهم، ولا البحر مدهش، ولا الوردة ذات سحر.. *وما عادت الفلسفة تعني له الحق والخير والجمال.. *فالحق صار هو وضع اليد على حق الغير.. *والخير هو ما يتم التبرع به- أمام الكاميرات- من مال التحلل.. *والجمال هو معرفة من أين تؤكل الكتف.. *وهي معرفة لا تحتاج سوى إلى كثير من موت الضمير.. *لا- كما يقول آنشتاين- (شوية خيال!!!).