*نميري أعطى (كلمة) فكانت المصالحة.. *أتى إليه الصادق المهدي دونما ضمانات سوى (قوة الكلمة).. *فهو كان يعلم أن نميري إذا وعد أوفى.. *ثم تبعه آخرون- ومنهم الإسلاميون- بضمانة (الكلمة) ذاتها.. *وأعطى (كلمة) لنقد فخرج من مخبئه ورجع سالماً.. *قال له (تعال أحضر اليوبيل الفضي لثانوية حنتوب وأرجع بأمان).. *وجاء نقد لأنه يثق في (كلمة) ابن دفعته نميري.. *وتم التوافق السياسي في زمان (مايو) بلا أي تدخلات خارجية.. *حتى وإن كان دون مستوى مطالب المعارضة.. *ولكن في زمان الإنقاذ هذا افتقرت أطراف المعارضة إلى (الكلمة القوية).. *وما عاد هناك وثوق في (كلمتها) إلا بضمانات دولية.. *فقد سقطت في امتحان (الكلمة) من لدن اتفاقية فشودة وإلى يومنا هذا.. *ولا حصر للاتفاقات التي تهاوت بفعل (النكوص).. *الخرطوم ، القاهرة ، أبوجا ، أبشي ، جيبوتي (نداء الوطن).. *ولا حصر- كذلك- للوسطاء الأجانب والأفارقة والعرب.. *وبلغ بنا الهوان حد أن طمعت حتى الصومال في أن تقول لنا (باركوها).. *وصارت بلادنا (سلة وساطات العالم) عوضاً عن الغذاء.. *وذلكم كله بسبب أن النظام ليس (قدر كلمته).. *أو بنص عبارة الترابي نفسه (لقد أدمنوا نقض العهود والمواثيق).. *والآن (كلمتنا) هذه تجيء بين يدي مبعوث جديد.. *مبعوث بريطاني من مهامه عقد لقاءات مع أعضاء بلجان الحوار الوطني.. *ثم الجلوس إلى قيادات بالحركات المسلحة.. *ثم الاستماع إلى آراء مسؤولين حكوميين بشأن هذه الأزمات (الداخلية).. *ثم (استكشاف) أفق الحل الأمثل بمساعدة بريطانيا.. *ولن ينجح كرستوفر في استكشاف أي شيء كما فعل كرستوفر كولمبس.. *الاستكشاف الوحيد الذي سيتوصل إليه هو أنه (لا حل).. *فأزماتنا تعقدت وتشعبت وتلبكت وتمددت بفضل (انعدام الثقة).. *أو فلنقل : بفضل (انعدام الكلمة).. *وإن كانت حكومتنا لا تستحي فقد بتنا نخجل نحن.. *والله العظيم أنا شخصياً- ومثلي كثيرون- صرت أشعر بخجل شديد.. *فما من دولة في العالم شهدت تدخلات خارجية مثل هذه.. *ولا وساطات محلية وإقليمية ودولية مثل هذه.. *ولا تنازلات عن الإرادة - والسيادة- الوطنية مثل هذه.. *في حين أن (كلمة) واحدة- بقوة كلمة نميري- من شأنها إنهاء الأزمة.. *وأصلاً أزمتها هي - لو تعلم- مع الشعب لا المعارضة.. *وحل الأزمة مع الشعب لا يحتاج إلى كل التدخلات الخارجية هذه.. *ولا حل أزمتها مع المعارضة كذلك.. *فقط (كلمة) منها أن تعالوا إلى (كلمة سواء) ثم التزام بهذه (الكلمة).. *وفي البدء كانت (الكلمة !!!). assayha