الحسن الميرغني و اللعبة السياسية بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن

الحسن الميرغني و اللعبة السياسية بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن


02-20-2016, 04:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1455938610&rn=0


Post: #1
Title: الحسن الميرغني و اللعبة السياسية بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 02-20-2016, 04:23 AM

03:23 AM February, 20 2016

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-سيدنى - استراليا
مكتبتى
رابط مختصر



في مقالة للدكتور ذكي نجيب محمود بعنوان " لمسات من روح العصر" يقول فيها ( لست أشك لحظة واحدة في أن أساسا عميقا لبناء الفكر القديم بشتى ظواهره قد تشقق، بحيث أصبح البناء كله منهارا، أو علي وشك الانهيار، ليحل محله أساس جديد يقام عليه بناء فكري آخر) و إشارة الدكتور محمود هي إشارة إلي إن التغيير في الواقع يحتاج إلي رؤى جديدة، و فكر جديد، لكي يتجاوز قواعد و بناء القديم، و هذا يحتاج إلي فكر جديد، يقدم أطروحات و أسئلة جديدة، تفكك القوائم القائمة، و تعيد تشييدها من جديد، و تعيد حتى طرق التفكير القائمة، إضافة لإعادة النظر في الوسائل و الأدوات، لكي تتلاءم مع التوجه الجديد، و في المجتمع السوداني هناك اعتقاد عند البعض القائمين علي أمر السياسة، إن التغيير يمكن أن يتم بذات التصورات و الأدوات القديمة، التي فشلت في تحقيق البناء و التنمية و التحديث، الأمر الذي أفسح المجال للأزمات السياسية في البلاد، و الأمر الذي يؤكد أن التغيير يحتاج لرؤى و أدوات بديلا للسابقة.
في الأيام الماضية سلطت الصحافة الضوء علي غياب السيد الحسن الميرغني المساعد الأول لرئيس الجمهورية عن مكتبه بالقصر الجمهوري، و أشارت إن الرجل غاضبا بسبب التهميش، و عدم إيكال إليه مهام أو وضع ملفات علي يديه لتنفيذها، أو أن يكون مسئولا عنها، و في برنامج " فوق العادة" بقناة الشروق الذي يقدمه الصحافي الأستاذ ضياء الدين بلال، قال الصحافي الأستاذ محمد لطيف، إن السيد الحسن غاضب لأن لم توكل إليه ملفات يكون مسئولا عنها، اختلفت الآراء حول غياب السيد الميرغني الصغير، إذا كان بسبب التهميش، أو إنه غادر البلاد للاستشفاء، كما ذكر بعض المقربين إليه في إفادات صحفية مختصرة، إنهم يعتقدون إنه ذهب للاستشفاء من ألم أصاب قدمه، دون الخوض في الحديث لعدم معرفتهم الكاملة بخصوص هذا الموضوع.
في كلا الحالتين هي ظاهرة ليست غريبة في تعامل أسرة الميرغني في العمل السياسي دون مراعة للقواعد، أيضا كان يفعلها والده محمد عثمان الميرغني مع قيادات الحزب، إن يغادر البلاد أو العاصمة التي يتواجد فيها دون أن يعلم هذه القيادة بوجهته. و هي ثقافة غريبة علي الممارسة السياسية، و عدم احترام لقواعد العمل السياسي، و اعتقاد الأسرة إنهم من طبقة خاصة مميزة علي الشعب، لذلك يمارسون عملية إهمال الآخرين، و لا يخطرون أية جهة أو قيادة عن تحركاتهم، و هي واحدة من الأسباب التي جعلت هذا الحزب العريق أن يتراجع عن دوره السياسي. فإذا السيد الحسن يشعر أن هناك تهميش يمارس عليه من قبل السلطة الحاكمة، هذا التهميش كان يجب أن يفطن إليه قبل الدخول في المشاركة، باعتبار إن طبيعة النظام هو نظام شمولي، يركز كل خيوط العمل السياسي في شخص واحد، و أيضا الملفات لا يسمح توزيعها علي القوي السياسية، حتى لا يعتقد هؤلاء إن هناك ندية سياسية، فالنظم الديكتاتورية الشمولية لها ثقافتها التي لا تستطيع تجاوزها، و الذين يشاركونها في العمل السياسي يجب أن يعلموا إن مشاركتهم صورية. كان علي السيد الحسن أن يفطن لقضية الملفات و توزيع المهام، و حتى الحقائب الوزارية قبل الدخول في شراكة و توقيع الاتفاق عليها، لكي يعلم كل بحدود عمله، و إذا حدث خلاف يمكن الرجوع لنصوص هذا الاتفاق، و لكن قلة الخبرة السياسية عند السيد الحسن جعلته لا يدير لها بالا و ذهب مع هوي البعض، الذين كانوا يركضون وراء توزيع الغنائم.
إن القيادات في الحزب الاتحادي الأصل، و التي كانت تحت أمرت السيد الحسن الميرغني، قد أدارت حوار المشاركة في حكومة الإنقاذ دون وعي للدور التاريخي لهذا الحزب، و لا راعت لجماهيره، إنما كان همها هو المشاركة فقط و المكاسب الشخصية، رغم إن الحزب الحاكم كان يعاني من عزلة سياسية داخلية، و الأحزاب التي صنعها لم تستطيع أن تملأ الفراغات الجماهيرية التي يبحث عنها، و كان يمكن أن يستفيد الحزب الاتحادي من ذلك الظرف، و حاجة الحزب الحاكم لسند جماهيري، في أن يضع شروطا للمشاركة، و يذهب أبعد من المطالبة بحقيبة مساعد رئيس الجمهورية، إنما يطالب بمنصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، و مناصفة في تقسيم الوزارات، و خاصة الوزارات السيادية، و لكن لآن الحركة الاتحادية تعاني حالة من الانقسامات و الصراعات، فكانت الهرولة للمشاركة تثبيتا لشرعية غائبة و ما تزال، و بالتالي ليس أمام السيد الحسن إلا حلين أحلاهم مر عليه، الأول إن يقبل بالتهميش، و يمارس نشاطات اجتماعية محدودة، كما يفعل السيد عبد الرحمن الصادق المهدي، أو أن ينسحب من الحكومة و يرجع لصفوف المعارضة، الحالة الثانية عصية عليه، و الرجل لا يقدر علي حمل التحدي.
أما إذا كان الرجل خرج استشفاء، بسبب وعكة ألمت بسيادته، أيضا مشكلة، أن يخرج الرجل دون أن يخطر قيادة الحزب الذين معه بسبب مغادرته للبلاد، حتى يوكل مهامه الحزبية لمن يناوب عنه، امتثالا لقواعد العمل السياسي، و السيد الحسن لم يشذ، إنه يمارس العمل السياسي من خلال المورث الثقافي عند هذه الأسرة، و هي ترجع للتربية الأولي التي جعلها السيد علي الميرغني قاعدة تمشي عليها الأسرة من بعده، بدأت عندما امتنع أن يبعث أبنائه إلي المدارس الحكومية، أو الخاصة، حتى لا يخالطوا أبناء الشعب، و خصص لهم مدرسة خاصة تسمي " مدرسة الأشراف" و اختاروا عددا قليلا لا يتجاوز السبعة أشخاص من أبناء خلفاء الطائفة الختمية لكي يدرسوا معهم، لكي تكون هناك مسافة بينهم و أبناء هذا الشعب، رغم إن السيد عبد الرحمن أرسل أبنائه إلي المدارس التي يدرسوا فيها أبناء هذا الشعب إن كانت عامة أو خاصة. الغريب في الأمر إن الطلاب الذين اختاروهم للدراسة مع أبناء الميرغني برزوا في دراستهم و واصلوا لدراساتهم العليا و تخلف أبناء الميرغني، وقف السيد محمد عثمان عند مدرسة الأشراف و انتقل السيد أحمد لبريطانية لدراسة في أحد المعاهد لدراسة العلوم الإدارية و التجارية، و هي التي ميزته عن شقيقه، و للتاريخ كنت قد ذهبت مع الوفد الذي ترأسه السيد أحمد الميرغني لهراري عاصمة جمهورية زمبابوي لحضور مؤتمر دول عدم الانحياز و حضرت اللقاء الذي أجره تلفزيون زمبابوي معه و تحدث الانجليزية بطلاقة، و جلست معه عددا من الجلسات حقيقية يختلف في طريقة تفكيره عن السيد محمد عثمان، و إذا كان هو الذي تحمل عبء العمل السياسي، ربما كان أختلف الواقع عن ما هو جارى الآن.
هذا المنهج في عدم الاختلاط مع أبناء السودان، سار عليه ولديه السيد محمد عثمان و السيد أحمد، حيث ذهبوا علي ذات المنوال، في أن لا يختلط أبناءهم مع أبناء هذا الشعب في المدارس و الجامعات، حيث درس كل أبناء السيد محمد عثمان خارج البلاد، و اختلطوا مع أبناء شعوب أخري غير السودانيين، و كذلك أبناء السيد أحمد، و الغريب في الأمر، جميعهم الآن يعيشون خارج السودان، و رغم ذلك يتحكمون بالرمود كنترول علي الحزب، و أيضا في شأن الدول من خلال المشاركة، و هم يفعلون ذلك، حتى تظل القدسية قائمة، و إن كانت قد اكتسبت رواجا كبيرا في فترة زمنية ماضية، عندما كانت نسبة الأمية عالية بشكل كبير في المجتمع، و بدأت تنحسر بزيادة رقعة التعليم و الوعي، و هي سوف تزيد عملية النقد بسبب انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي، و زيادة الوعي الجماهيري، و دلالة علي ذلك إثارة الموضوع في عدد من الصحف السودانية ليس باعتباره حالة، لكن مع طرح العديد من الأسئلة بهدف مواصلة الحوار فيها، فالنقد في فترة تاريخية كان شبه معدم، لأنه كان يثير حفيظة المجتمع الذي يرفض نقد ممارسة هذه الأسرة، و لكن الآن أصبح نقدها ضرورة من ضرورات البحث في قضية الحكم في البلاد، و لا تجد الدفاع إلا من بعض العناصر الانتهازية و الوصولية التي تبحث عن مصالحها الذاتية، أو تحاول التقرب للأسرة رجاء في جائزة دنيوية.
إذا إن غياب السيد الحسن و شعوره بالتهميش، هذا فعل يديه، و تجربته المحدودة و التي تكاد تكون معدومة في السياسة، و هي التي أوقعته في هذه المعضلة، فالرجل وصل لقمة الحزب و موقع في قمة الدولة، ليس لمؤهلات أو كفاءة شخصية، إنما لأنه أبن السيد محمد عثمان الميرغني، فغياب الخبرة السياسية و ثقافة العلو علي المجتمع سوف تعيق أية مجهود يريد القيام به، إلا إذا اعترف ذاتيا بأنه يعاني منقص في أشياء كثيرة تجعله يحتاج لموجهين من الاتحاديين، و هناك عناصر اتحادية في ذات عمره و لكنهم من خلال ممارستهم الحراك السياسي في المؤسسات التعليمية و نشاطاتهم و كثرة إطلاعهم، سوف يقدمون له النصح، و لابد من الاستفادة من النخب الاتحادية ذات الخبرات، و هي كثيرة و لكنها بعيدة عن ممارسة العمل السياسي، و هؤلاء موجودين داخل السودان إن كانوا في المؤسسات الأكاديمية، أو في حقول العمل المختلفة في البلاد، و لكن أن يميل السيد الحسن فقط علي أهل الولاء، هي المعضلة التي ضيعت الحركة الإسلامية، و جلتها تفشل في تجربتها، و أيضا هي التي مارسها السيد محمد عثمان الأمر الذي جعله يفشل في قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، و جعلت الحزب الاتحادي يتراجع عن أدواره التاريخية التي كان يمارسها في المبادرات السياسية، و صناعة الأحداث التي تغير في مناهج التفكير، و يريد السيد الحسن أن يتبع والده بوقع الحافر علي الحافر، فوالده خذلته محدودية التعليم التي لم تتجاوز مدرسة الأشراف، و لكن السيد الحسن لا ينقصه التعليم و لكن تعطل أداة التفكير عنده ثقافة الأسرة التي تقوم علي " الحفاظ علي هالة قدسية" بدأت تتراجع في المجتمع، إن يعيد التفكير، ليس في الشراكة مع الحزب الحاكم، و لكن في كيفية بناء حزب حديث بمواصفات جديدة و رؤية جديدة و عناصر جديدة من أهل الكفاءة و الخبرة، و قوة الحزب و حركته وسط الجماهير هي التي قادرة علي إعادة شروط الشراكة، إذا كان يريد الاستمرار فيها، أو أن يقدم مبادرات تتجاوز ما هو حادث في الساحة السياسية. و نسأل الله التوفيق.
نشر في جريدة الجريدة الخرطوم



أحدث المقالات
  • البحث عن خارطة الكنز في خنادق حلب بقلم فادي قدري أبو بكر
  • المحطة الثالثة والرابعة لحركة فتح 2 بقلم سميح خلف
  • متى يخرج السودان من دوامة الفشل (2/3) ؟ بقلم نعماء فيصل المهدي
  • امريكا و محور الشر الجديد بقلم د.محمد العبيد
  • البروف أبشر حسين/و/طلاب مدرسة محمد عبدالله:متى سنتعلم من هولاء القيم النبيلة والإخلاص للوطن؟
  • الظلم الاجتماعي ضالة تجار الدين. بقلم أمين محمَد إبراهيم
  • قلت أرحل !! بقلم صلاح الدين عووضة
  • الجمهوريون بين الوهم والحقيقة (3) بقلم الطيب مصطفى
  • فساد وكيل وزارة البيئة :حماية المليارات المنهوبة!؟ بقلم حيدر احمد خيرالله
  • الحزب حقكم !الصابونة حقت منو ياسعادتك؟! بقلم حيدر احمد خيرالله
  • بتاع النسوان السوداني والنسونجي اللبناني!! بقلم فيصل الدابي /المحامي
  • القصير بلاع الطوال ! ما أتفه تطاول الصغار على الكبار ! بقلم الكاتب الصحفى عثمان الطاهر المجمر طه