*كثرت في أيامنا هذه عبارة (فلان راسه ما معاه).. *وهي كناية عن تعرض الرأس إلى ضغوط تجعله (يطير) من مكانه ليغدو صاحبه (بلا رأس).. *أي يصير رأسه بعيداً عنه، ومعه (الوعي).. *ففي زمان تطير فيه (أشياء) تطير من غالبية أفراد الشعب الرؤوس.. *تطير الأسعار والطوابق والحظوظ والوفود والجبايات.. *وكنت أضحك من أمثال هؤلاء عندما يفعلون أمامي أشياء لا تصدر عن تركيز ذهني.. *ثم اكتشفت البارحة أن رأسي - أنا نفسي - (ما معاي).. *فقد التقيت بواحدة من بنات منطقتنا لأصيح فيها مرحباً(فلانة؟).. *فإذا هي ابنة فلانة هذه التي أعنيها.. *فلانة التي رأيتها - آخر مرة - قبل عشرين عاماً.. *فهي تشبه أمها جداً ولكن حين كانت في عمر الزهور.. *ولو كان رأسي (معي) لأدركت أن عمر الأم لا يمكن أن يكون كما هو (آنذاك).. *لا يمكن أن يكون قد كف عن الدوران مثل عقرب الساعة الخربة.. *وإن كانت هي (ذاتها) - كما كانت قبل عقدين من الزمان - لكنت أنا ذاتي (الشاب) ذاك إذن.. *وبخلاف الأسعار والعمارات والحظوظ فهنالك- أيضاً- مظاهر أخرى للطيران تجعل الرؤوس(تطير).. *يعني مثلاً قرأت - مرةً - عنواناً عريضاً لحوار مع مذيعة تقول فيه أنها تعاني من (متاعب الشهرة).. *ومن شدة معاناتها مع النجومية هذه اُضطرت إلى تظليل زجاج سيارتها.. *وأنها لا تجد وقتاً للرد على رسائل المعجبين.. *فقلت ربما هو حوار قديم مع محاسن سيف الدين أو يسرية محمد الحسن أو ليلى المغربي يُعاد نشره.. *أو ربما حوار منقول - من صحيفة عربية - مع خديجة بن قنة.. *ثم كدت أن أتحسس رأسي عندما قرأت الاسم.. *فهي مذيعة - قسماً بالله - لم أسمع بها من قبل.. *تماماً مثلما لم أسمع بكثير من مطربي - ومطربات - أيامنا هذه.. *ووقعت عيناي - يوماً - على زاوية (جديدة) بأخيرة إحدى الصحف.. *وقرأت - من بين ما قرأت - عبارة (وهكذا علمتني التجربة).. *فرفعت بصري كي أرى من هو صاحب (التجربة) هذه ففوجئت بوجه (شافعة) لا أعرفها.. *فليت الزمان- إذاً- يعود بنا إلى (محطة) شباب الأم التي حسبتها ابنتها.. *أو يُعيد محطته تلك إلينا كي تعود إلينا رؤوسنا.. *وليتحسس كل منكم (رأسه !!!). http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9768http://assayha.net/play.php؟catsmktba=9768