|
ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!!
|
في خواتيم الفترة الديمقراطية الأخيرة .. كنا طلاباً بتجارة الدراسات الإضافية بمعهد الكليات التكلنلوجية.. نتلمس خطانا الجامعية بحذر مشوب بالدهشة .. وكانت هناك بقية من احترام ما تزال تكسو الحياة الجامعية بطابع جميل .. مجتبى معاوية .. كان من أكثر أعضاء الدفعة جرأة وتهوراً .. لذلك كان كثير المشاكسة والمناكفة مع الزملاء .. كان فتى صغير الجسم نحيفه .. يضع عدسات سميكة على عينيه تكاد تخفي وجهه الصغير .. بالكاد يرى بهما .. كنا نباغته فننزعهما منه .. فيتخبط في خطواته ويتخبط في كلماته .. أطلق عليه الشباب لقب (الكَكّو) ..
وكان مجتبى معاوية كبير والديه .. لذلك كان يعمل ليعول نفسه موظفاً مدنياً بحرس الصيد ..
بلغ مجتبى من التهور أنه كان أول الملتحقين بمعسكرات الدفاع الشعبي .. في أول عهدها .. رغم ملاسناته الحادة مع الكيزان .. كنا مجموعة بداخلية أنور بالمقرن .. فيهم الكوز والشيوعي والأنصاري والمستقل و(الزول الساكت) لذا لم نكن نظن أن اختلافاتنا السياسية والفكرية يمكن أن تفسد للود قضية .. وكانت تلك حسن نية ساذجة منا .. كان مجتبى معاوية يخرج صباح كل يوم لعمله ويعود آخر النهار .. ليخرج عصراً للجامعة ويعود آخر المساء .. ثم يخرج للعشاء بدار الاتحاد أو بسينما غرب ثم يعود للداخلية ليلاً .. إلا أنه خرج عصر ذلك اليوم من بواكير عام 1991م وكنا وقتها في السنة الرابعة .. متأبطاً رواية د. بشرى الفاضل الشهية (حكاية البنت التي طارت عصافيرها) في طريقه لقاعة المحاضرات .. ولم يعد من وقتها .. طارت عصافيره هو الآخر إلى مكان عجزنا تماماً من تحديده .. طارت عصافيره . . وطارت معها أحلامه وأحلام أسرته بحصاد سنين من التربية والتحصيل .. وطارت معها سنين أخوة جميلة بريئة على ردهات وبنشات معهد الكليات التكنلوجية وطرقات حي المقرن ومفاوز ودهاليز داخلية أنور .. والأسوأ .. طارت معها كل اعتقاداتنا البريئة الساذجة بإمكانية التعايش السلمي بين ... وبين ... هرع والداه من مدينة الأبيض بعد عدة أيام على اختفاءه .. يسألان هنا وهناك .. رسمياً وشعبياً .. بحثا وبحثنا معهما كل شبر يمكن أن يطأه معاوية .. على قلتها .. سألنا المسؤولين الرسميين والشعبيين والطلاب ورجال الأمن المفقود .. فتحنا حتى خشم البقرة .. لكن مجتبى معاوية كان كأنه قطعة سكر نقية بيضاء ..ذابت في مستنقع وحِل تعيس .. كانت معظم أجوبة المسؤولين الرسميين وغير الرسميين تتكرر (ما تسألوا من الزول ده تاني!!!) .. حتى أعلى منصب أمني في ذلك الوقت تلقينا منه نفس الجواب ..
لم يستطع والده تحمل الفجيعة فلبى نداء ربه بعد ذلك بوقت وجيز .. ثم لحقت به والدته سريعاً !! وأظنهما فضلاً رؤية ابنهما في دار أخرى ..
تعددت التكهنات بشأن مصير مجتبى معاوية .. فمن قائل أنه اعتقل بسبب ثأر شخصي مع أحد أفراد الأمن وأنه قتل تحت التعذيب.. ومن قائل أن ذهب (يجاهد) في الجنوب (فاستشهد) هناك .. ومن قائل ...
غابت الحقائق وأفسحت المجال واسعاً للتكهنات .. وظلت حقيقة واحدة باقية ... وهي أن مجتبى معاوية لم يعد بيننا!!!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | عبد الباقي الجيلي | 11-03-04, 02:53 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | عبد الباقي الجيلي | 11-03-04, 11:33 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Elnasri Amin | 11-04-04, 00:01 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | ودقاسم | 11-04-04, 01:30 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | اسامة الخاتم | 11-05-04, 01:44 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Abdel Aati | 11-05-04, 06:29 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | عبد الباقي الجيلي | 11-06-04, 00:22 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Bushra Elfadil | 11-06-04, 01:13 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Raja | 11-06-04, 03:39 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Kostawi | 11-06-04, 03:51 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Amjad ibrahim | 11-06-04, 04:38 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | عبد الباقي الجيلي | 11-07-04, 01:00 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Raja | 11-07-04, 01:06 PM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | عبد الباقي الجيلي | 11-08-04, 00:43 AM |
Re: ثلاثة عشر عاماً على الاختفاء المريب لمجتبى معاوية!! | Elnasri Amin | 11-08-04, 12:00 PM |
|
|
|