الكتب السودانية0000اهداءات ومقدمات000

Quote: الاهداءات : تعتبر الاهداءات أيضاً إحدى العتبات النصية ، و يعتبرها بعض النقاد جزءاً من النص ومن ضمن موجهات القراءة الأخرى ( ) ، ولكن رواية (عرس الزين ) جاءت خالية من أي إهداء ، بعكس روايات الطيب صالح الأخرى وأيضا مجموعته القصصية الوحيدة ( دومة ود حامد ) ، وقد أهدى الطيب صالح رواية ضوء البيت " إلى أبويّ ، محمد وعائشة والى أخويّ علوية وبشير " ( ) وأهدى رواية مريود " إلى روح أبي ، محمد صالح أحمد . كان في فقره غنى وفي ضعفه قوة . عاش محباً محبوباً ومات راضياً مرضياً " ( ) . ونجد هذين الإهدائيين متشظيين داخل الروايتين باهتمام المؤلف في إبراز العلاقات الأسرية ، التي أهدى إلى أفرادها رواياته ومن ذلك : علاقة حواء بنت العربي بابنها الطاهر ود الرواسي الذي يقول " ما رأيت حباً مثل حب تلك الأم ، وما شفت حناناً مثل حنان تلك الأم . ملت قلبي بالمحبة حتى صرت مثل نبع لا ينضب . و يوم الحساب ، يوم يقف الخلق بين يدي ذي العزة والجلال ، شايلين صلاتهم وزكاتهم وحجهم وصيامهم ، وهجودهم وسجودهم ، سوف أقول : يا صاحب الجلال والجبروت ، عبدك المسكين ، الطاهر ود بلال ، ولد حواء بنت العريبي ، يقف بين يديك خالي الجراب مقطع الأسباب ، ما عنده شي يضعه في ميزان عدلك سوى المحبة " . وأيضاً علاقة مريم بأخيها محجوب الذي كان أحد أعز شخصيين لديها " لكننا كنا أعز إنسانين لديها ، أنا قطب أحلامها مستقبلاً في المدينة ، ومحجوب أخوها الأوحد بين أربع بنات " ( ) ، ذلك الأخ الذي رأى معها الأفق البعيد أفق أن تحصل النساء على حظهن في التعليم وفي الحياة مثلهن مثل الرجال " وقلنا أنا ومحجوب بصوت واحد وقد بدأ ذلك الأفق البعيد يتراءى لنا نحن أيضاً : صحيح . ليش لا ؟ " ( ) وحاول معها التحايل على الواقع الاجتماعي الظالم والذي يرفض منحها ذلك الحق بتحويلها إلى " ولد " إلى أن اكتشف ناظر المدرسة تلك الخدعة وعجزا عن مواجهة ذلك الظلم ( ) . بل أن الإهدائيين يمكن قراءتهما باعتبارهما تكفير عن العلاقة بين الأجداد والأحفاد الممتدة على طول الروايات والتي راح ضحيتها الأبناء ومن ذلك علاقة محيميد بجده وعلاقة بندر شاه بحفيده مريود ، كإشارة إلى دورة العذاب الإنساني ومرور كل فرد بها فكل جد كان أباً وكل حفيد سيصير أباً ، خاصة إذا ما تأملنا ذلك التنويه على الغلاف الثاني لرواية ضوء البيت " أحدوثة عن كون الأب ضحية لأبيه وابنه " ، و المشهد الذي اختتمت به رواية مريود " ثم ابتعدت . وسمعت صوتها كأنه ينزل من السماء ، ويحيط بي من النواحي كافة ، تطويه رياح وتنشره رياح : يا مريود . أنت لا شيء . أنت لا أحد يا مريود . انك اخترت جدك وجدك اختارك لأنكما أرجح في موازين أهل الدنيا . وأبوك ارجح منك من جدك في ميزان العدل . لقد أحب بلا ملل ، وأعطى بلا أمل ، وحسا كما يحسو الطائر ، وأقام على سفر ، وفارق على عجل . حلم أحلام الضعفاء وتزود من زاد الفقراء ، وراودته نفسه على المجد فزجرها و لما نادته ….و لما نادته الحياة …" ( ) .

(عدل بواسطة الجندرية on 12-21-2004, 08:08 AM)