حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 08:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-03-2004, 04:46 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟ (Re: abuarafa)

    الحلقة الثانية
    تجربة الاسلاميين في السودان بما لها من صيت في ساحة الصراع الفكري الايديولوجي العالمي لم تحظ بالتناول الذي يكشف عن تكوينها الداخلي وعلاقة القاعدة بالقيادة ودقائق الحوادث التي مثلت مفاصل مهمة في تاريخها الطويل.
    لم يكن طريق "الإنقاذ" الذي جاء الى السلطة في السودان لتحقيق احلام واشواق الاسلاميين في قيام دولة اسلامية مفروشا بالازاهير... وشأن كل الأنظمة التي مرت على حكم السودان واجه الكثير من المخاطر السياسية والاقتصادية والعسكرية وان لم تبد للإنسان العادي ولكن المراقب للحوادث من موقع قريب يدرك أن سنوات حكم نظام "الانقاذ" التي مرت لم تمر مر السحاب

    الانقلاب الداخلي
    الاسلاميون داخل كيان الحركة الاسلامية الحديثة يعرفون تماما أن عملية محاولة اغتيال الترابي في كندا "مايو/ ايار 1992م" وما تلاها من حوادث كانت انقلابا حقيقيا داخل الحركة أذكر بثقة شديدة وبذاكرة متقدة أنه قبل سفر الترابي الى كندا برز الى السطح حديث عن ضرورة تكثيف الحماية الأمنية على الترابي. وقبل ثلاثة أيام فقط من مغادرته مطار الخرطوم التقت مجموعة من قادة الحركة تقدمهم على عبدالله يعقوب اجتمعوا بالترابي وأبلغوه شفاهة وأنه مغادر الى كندا والولايات المتحدة الأميركية لابد من وضع احتياطات الأمن والسلامة كافة، ولم يهتم الترابي بهذا الحديث واعتبره مجرد اشفاق عليه وأنه بقوة الله يغادر.
    وضرب تكتم شديد على برنامج الزيارة وانحصرت معرفة البرنامج في شخص أو شخصين، حتى أقرب الإعلاميين من الترابي ما كان يعلم بالبرنامج فغادر الترابي الى حيث ذهب بصفة شخصية وليس بصفة رسمية وحدث ما حدث هناك في كندا وكان وقع الخبر على الاسلاميين في السودان كالصاعقة في ذلك الشهر من أشهر صيف السودان الساخن من العام 1992م. علما بأنه حتى تاريخ مايو 1992 ومحاولة الاغتيال لم يكن "التنظيم الاسلامي" قد حل بعد، وكانت كل القطاعات التنظيمية تسير وفق ما خطط لها.
    جاء حسن الترابي من كندا ووضع تحت المراقبة الصحية وأبعدت عنه في تلك الفترة كل ملابسات الحوادث التي حدثت في غيابه، ولكنه كان يعلم أن شيئا ما قد دبر أثناء غيابه وكان يسأل عن أمور بعينها ولا يجد إجابات شافية لأن المسئولية قد انتقلت الى آخرين دون علمه. لم يمر هذا الحدث مرور الكرام داخل الحركة الإسلامية وبدأت العداوة والبغضاء ترتسم على علاقات الإسلاميين الموالين للشيخ والموالين للقيادي الشاب علي عثمان محمد طه. وحتى لا يصبح الترابي من دون عمل فاعل، ولأنه اشتهر بالحيوية والحركة الشديدة والمتواصلة تم إقناعه على مضض بترك العمل الداخلي والتفرغ النهائي للعمل الخارجي تحت دعاوى أن المسلمين في أنحاء الكرة الأرضية يحتاجون إلى ماكينة فكرية في حجمه وأن المستضعفين من المسلمين في الأرض "الحركات الإسلامية" تحتاج لمن يلم شملها ويأخذ بيدها ويحرك فيها الروح تجاه المخططات الغربية، وكانت المظلة لهذا العمل هي "المؤتمر الشعبي الإسلامي العربي" ومن داخله كانت تخرج الأفكار والدراسات والموجهات، ما هي الا ايام قليلة وكان الاسلاميون المعارضون لانظمتهم يملأون طرقات العاصمة الخرطوم من تونس وليبيا والجزائر والسعودية، وكانوا من خلال هذا التنظيم العالمي الذي تبنته الخرطوم لحل مشكلة الترابي في الحكم يتحركون في السودان بكل حرية وقد استخرجت للكثير منهم الجوازات السودانية وتم تسجيل الكثير منهم في الجامعات، واعطي الغالبية منهم مشروعات استثمارية في قلب العاصمة في شكل كافتيريات سياحية باعفاءات من الضرائب والاتاوات التي تأخذها الحكومة غالبا من المحلات التجارية.
    وهؤلاء العرب المعارضون كانت احوالهم المادية جيدة للغاية اذ كانت تصلهم التحويلات المالية من دول اوروبية وغربية، وفي الوقت ذاته انشغلت الاطر التنظيمية باعداد هؤلاء المعارضين في تنظيمات فئوية فالطلاب منهم كانوا في اتحاد الطلاب العرب الوافدين وعلى هذه الشاكلة اصبحوا جميعهم في قوالب تنظيمية، ليسهل على الأجهزة السودانية التعامل معهم.
    وكانت نفقات هذه الأعمال تخرج من الموازنة العامة للدولة الأمر الذي أدخل الحكومة السودانية في مشكلات كثيرة مع المجتمع الدولي واستطاعت من خلاله مصر والولايات المتحدة تأليب العالم بأسره على السودان تحت دعوى احتضان السودان للإرهاب، ولكن هل ابتعد الترابي عن ممارسة مسئولياته من منطلق رئاسته وقيادته الحركة الإسلامية في تصريف بعض الأمور ذات الصبغة التنفيذية فيما يتعلق بالشأن الداخلي السياسي وغيره؟ هنا كان مصدر الصراع بينه وبين تلميذه علي عثمان محمد طه ، وبالطبع كان رئيس البلاد عمر البشير يرقب عن كثب ما يدور داخل دوائر الحركة وتأثيرات الناتج عنه في دولاب العمل الرسمي. بل لم يكن عمر البشير بعيدا، فقد كانت التقارير تصل اليه من عدة مصادر، منها ما يسمعه من علي عثمان نفسه ومن آخرين تضرروا من قيادة الترابي.
    وفي هذا الصدد كانت دوائر سياسية خارج الحركة الإسلامية تتهم الرئيس عمر البشير بأنه دمية في يد قادة الحركة وذلك من الصورة التي بدأت في الظهور من خلال وجود الافغان العرب المتزايد، وازدياد نبرات التحدي ضد الولايات المتحدة والدول العربية ووصفها من خلال الاعلام السوداني بشكل كثيف بأنها ذنب اميركا ، ولم تكن مسألة اتهام رئيس الجمهورية دمية في ايادي قادة الحركة الاسلامية، صحيحة ألبتة - اذ لم يجد الرئيس فرصة الا وانتهزها وبين فيها للإسلاميين المتصارعين علمه بدقائق صراعاتهم وتأثيرها على مستقبل الحكم في السودان. وكانت مجموعة قليلة ذهبت للقاء الرئيس لشرح وجهة نظرهم فيما يدور داخل الدوائر الخاصة بالحركة الإسلامية، ولكن الرئيس رفض سماع ما يريدون قوله بحجة أن ذلك شأن داخلي وهو ليس معنيا به. ولم تكن تأثيرات ما بعد حادثة كندا تقف عند هذا الحد، بل راحت مجموعة كبيرة من المعارضين لقائد الحركة يشيعون أن عقلية حسن الترابي تأثرت أيما تأثير نتيجة الضربة الشديدة والقوية التي تعرض لها في رأسه على يد لاعب الكاراتيه هاشم بدرالدين, بل استخدم مجموعة من الاسلاميين المعروفين في هذه الحملة ومن بينهم مهدي ابراهيم , وفيما بعد اعتذر عما قاله به من تأثير على الترابي, وأخذت هذه الشائعات تأخذ أبعادا كثيرة وخطيرة لابعاد الترابي نهائيا عن ساحة العمل الدعوي والتنفيذي الذي اعتاد الترابي قيادته قرابة الخمسة عقود حتى ان تحليلات كثيرة في الساحة حينها ألمحت الى أن حادث كندا دبرته عقول " سودانية " ومن داخل المتصارعين على النفوذ في الحركة الإسلامية بل اتهمت شخصيات بعينها اعتادت أسلوب الإقصاء بشكل غير معهود في أدبيات الحركة الإسلامية..!!
    لكن على رغم ذلك ظل الترابي يمسك بالمفاتيح المهمة للغاية في لعبة الحكم في السودان الأمر الذي أوجد الكثير من الهواجس في نفسية رئيس الجمهورية عمر البشير حتى انه أعلن ذات مرة في لقاء مع مجموعة من قياديي الحركة ومن بينهم الترابي نفسه أن كثيرا من القرارات تصدر من غير معرفته بل من غير أن يتم التشاور معه فيها، فكانت بالتأكيد لم تكن الأسباب المذكورة آنفا هي وحدها التي أدت الى قرارات الرابع من رمضان التي احالت الترابي ومجموعته من الساحة السياسية فرصة مواتية لآخرين لكي يوغروا صدر الرئيس وعرفوا فيما بعد بمجموعة "مذكرة العشرة" الذين كانوا يرون حسب ما ورد في بيانات الصراع أنذاك أن رئيس الجمهورية بلا صلاحيات حقيقية وان الصلاحيات في يد الشيخ الترابي الذي كان يرأس المجلس الوطني "البرلمان" ويرأس الحزب الحاكم وان هذه الصلاحيات تجعل من رئيس الجمهورية ديكورا فقط ليس الا وتجعل من الترابي الحاكم الفعلي والحقيقي للسودان وبيده مقاليد الأمور... ويقول المراقبون السياسيون ان مذكرة العشرة هي أول صرخة داخل الكيان تندد بأسلوب الترابي في تمسكه بالصلاحيات كافة، ويضيفون أن المذكرة أحد العوامل الاستراتيجية التي أدت الى قرارات الرابع من رمضان ومن ثم أدت الى ابعاد مؤسس الحركة الاسلامية الحديثة من الحكم.

    قاعدة الحركة واعتلال المنهجية
    في الفترة التي استلمت فيها الحركة الاسلامية مقاليد الحكم في السودان ظل عدد من اساتذة الجامعات من الأكاديميين والمثقفين من غير السياسيين يتحدث عن المشكلة الفكرية الفقهية التي تعيشها الحركة الاسلامية والاضرار التي قدتنجم عن هذه المشكلة في كيان يحكم بلد كالسودان مترامي الاطراف والافكار والثقافات قال ابراهيم الرفاعي أبوالحسن في مقال له بعنوان "عندما يتحدث الصامتون" - نشرته صحيفة "الصحافي الدولي" السودانية في العام 2000م " ان السنوات الماضية أثبتت اتساع الفجوة بين شيخ الحركة الإسلامية ومعشر حملة الشهادات الذين يعانون من أسقام مجتمعات العالم الثالث مثل القصور الذاتي والكسل العقلي وسكون العزيمة وخصوصا أن الشخصية السودانية تتميز بضعف بنيتها لحداثة تكوينها، وقد أدى ذلك بدوره إلى إصابة الحركة الإسلامية بمرض الطفولة الذي أسماه الأستاذ الطيب بو عزة " عقدة الشيخ والمريد " وأعراض هذا المرض هي تحلق مجموعة من المريدين حول الشيخ الذي يمارس نوعا من الجاذبية والنفوذ على مريديه تصل الى درجة الاستحواذ والافتتان" فيمنح الشيخ ثقة عمياء غير محدودة، ونجد في هذا الصدد نماذج غاية في الغرابة تحتاج الى دراسة مفصلة.
    ثم يقول ابوالحسن: "ابتليت الحركة الإسلامية السودانية بنشوء طبقة من السياسيين المحترفين حجبت القاعدة عن القيادة فأفرزت الكثير من التشوهات والانحرافات دفعت البعض من شريحة الوعي إلى العزلة الاختيارية أو الجلوس في المقاعد الخلفية، وانقسمت الغالبية الباقية الى فرقتين فرقة المريدين تبرر ما يحدث من الأخطاء غاية في الأهمية هي السبل كافة الى ما حدث أخيرا" والتجاوزات بتبريرات لا تقنع أحدا، أما الرافضة فيروجون أنهم مغلوبون على أمرهم لأن الشيخ ممسك ولا يتنازل عن شيء..واذا حاول أحدهم أن يمسك ويصر على رأيه يصنف من قبل المريدين بأنه " حاقد على الشيخ " فيخطط لابعاده نهائيا أو الصاق التهم به... فلا يلبث أن يوافق على كل ما يقوله الترابي!
    وبدى واضحا ان القاعدة الشعبية التي كانت لدى الاسلاميين انهارت تماما بعد بروز الخلافات التي اكدت فيما بعد مستوى الخصومة بين المتصارعين والمستوى الذي وصل اليه "الاسلاميون" في مفارقة قيم الاسلام وادبيات الحركة الاسلامية التي عمقتها في اعضائها طيلة 50 عاما المنصرمة من عمرها.
    إن الفكر الإسلامي هو نتاج العقل المسلم منطلقا من الدين الإسلامي، فالفكر والمنهجية الإسلامية الفاعلة هي أساس أي بناء حضاري، وما عايشه الشعب السوداني في تجربة الحركة الإسلامية السودانية من العام 1989م الى فترة الصراع المكشوف بين القيادتين فيما عرف بصراع "البشير- الترابي" هو اعتلال في الفكر "الاسلاموي" الذي جاءت به الإنقاذ في كل المجالات وخصوصا السياسة. وعلى رغم وجود نظرية اسلامية، فإن الحركة الإسلامية لم توفق في تقديم حلول للمشكلات التي يطرحها وطرحها الواقع في ضوء تلك النظرية وقيم الدين أي تأصيل حلول لقضايا المجتمع السوداني من خلال رؤية سليمة للمذهبية الإسلامية، مثل: قضايا تداول السلطة والتقسيم العادل للثروة والقضاء على الفقر والمرض وتردي الخدمة المدنية. والمتابع والمعايش للتطورات في الجماعة الحاكمة في السودان في الفترة من 1995 إلى 2000 يجد الحركة الاسلامية فشلت حتى في الحفاظ على كوادرها الخاصة في المقام الأول من الوقوع في الممنوعات والمحظورات وقد بدأ فناء الحركة الاسلامية التي كانت ملء السمع والفؤاد في هذه الفترة الامر الذي بين بشكل واضح الاستقالات الجماعية للشباب الاسلاميين من الاجهزة الامنية والنظامية لانهم وجدوا ان الاهداف العظيمة التي من اجلها دخلوا الحركة الاسلامية ضاعت سدى بعد تسلم الحركة مقاليد الحكم وبروز خلافات من النوع الذي لا يمكن معه تعايش الفكرة الاسلامية التي كانت لدي الحركة.
                  

العنوان الكاتب Date
حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟ abuarafa10-03-04, 04:44 AM
  Re: حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟ abuarafa10-03-04, 04:46 AM
  Re: حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟ abuarafa10-03-04, 04:48 AM
  Re: حكايات من التاريخ المعاصر :لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان ؟ abuarafa10-03-04, 05:06 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de