|
Re: كيف تكسب حمارا؟ (Re: bushra suleiman)
|
الحمار في الذاكرة العربية / سعود الصاعدي قراءة تعالج سرّ العلاقة بين الحمار وذاكرتنا الثقافيّة ! أهديهـا : للزمـن القـادم بعد الانقراض !
( 1 )
.. في البدء صرخ شاعرٌ قديم : لقد ذهب الحمار بأمّ عمرٍ .... فلا رجعت ، ولا رجــع الحمار ! ومن يومها ، أعني من الأمس البعيد ، والحمار الذي لم يرجع ، لا يزال في ذاكرتنا الثقافيّة ، حيث الحضور المكثّف لمفردته ، منذ أن عرف العربيّ معنى أن تكون غبيّاً ، أو أن تتغابى فتصبح سيّد قومك الأذكياء ، ومن خلال محاولة متواضعة تجوّلت فيها بصحبة "الحمار" بين أروقة الذاكرة العربيّة ، واتّخذت من استقرائي لمفردة الحمار الدلاليّة ، والنفسيّة ، والصوتيّة ، مركباً أمتطيه ويمتطيه معي حماري سعيد "الحظّ" ، الذي لم يكن هذه المرّة مركوباً ، فكلانا ، أنا والحمار ، ركبنا مطيّة التّأمّل في هذه "المفردة" المشحونة بطاقةٍ من الدلالات ذات التأثير النفسيّ ، على المرسل والمتلقّي معاً ، حيث وجدت ، بعد الفراغ من تكرار مفردة " حمار " ، عندما ملأت بها فمي : أنّها ذات جرسٍ مختلف وغريب ، ربما في طريقة نطقها سرٌّ من أسرار هذه "السيرورة " في اللسان العربيّ : لاحظوا معي صوتيم المفردة ( حــ ) ، حينما يأتي من أقصى الحلق ، أي من الأعماق ! ، ومن ثمّ الصوتيم ( مــ ) ، حيث تنطبق الشفتان استعداداً لإلقاء القنبلة الموقوتة ، لتأتي بعد ذلك ساعة تدوّي فيها مؤخّرة هذه المفردة بحرفين / صوتيمين : ار ، مع ملاحظة الشظايا التي تبعثرهـا أطراف الرّاء لطبيعة هذا الحرف الصوتيّة بحسب ما قرّره علم الأصوات اللغويّ أعود –الآن – إلى حمار أمّ عمرو ، حيث جاء توظيفه في سياق البيت بالتساوي على شطريه ، مع الحرص على أن تكون المفردة في خاتمته لتبقى عالقةً باللسان ، كما هي عالقة بالذاكرة ، ولعلّ أهمّ مايلاحظ في توظيف هذه المفردة في الشعر ، أنّها كثيرة الورود في ذيل النصّ ، بمعنى أنّها تكون مشحونةً بطاقتها الدلاليّة والنفسيّة حينما ترد في مؤخّرة الكلام ، وهذه من إحدى مصائب الحمار في ثقافتنا العربيّة !
( 2 )
.. شاعرٌ آخر يستدعي هذه المفردة ، ويوظّفها التوظيف السابق ، حيث تقبع في مكانها اللائق بها ، وهي برهانٌ آخر على صحّة ماذهبتُ إليه من حساسيّة المفردة عند العربيّ ، حينما يصرّ على أن تكون في ذيل البيت المتهكّم ، رغم اللباس الذي لم يشفع للحمار بإخفاء ملامحه الحقيقيّة : ولو لبس الحمار ثيـاب خزٍّ /// لقال النّاس يـا لك من حمـار ! تأمّلوا معي الشعور باللذّة والارتياح أثناء تفريغ "الفم" من هذه المفردة ، وهو ما جعل الشاعرين ، الاوّل والثاني ، يستأثران بهذه "المفردة" ويكرّرانها في بيتٍ واحدٍ مرّتين ! ( 3 )
لندع الشعر جانباً – الآن – ثم نعود إليه حينما نفرغ من هذه الرحلة الشائقة ، ولنقرأ معاً موقف : الأخوة الأشقّاء حينما حجبهم "الجدّ" عن الميراث ، وورث معه الأخوة لأمّ مع الزوج في المسألة "الحماريّة" ، حيث قالوا لعمر رضي الله عنه : هَـب أنّ أبانـا حمــار ! هنا : تساؤلٌ يرد : إذا كان هؤلاء الفتية يريدون إقناع الفاروق بالوجود الذي يشبه العدم ، ولم يكونوا يقصدون "البلادة" ، ولا " عدم الفهم " كما هو معلوم فَلِم لم يرد إلى أذهانهم شيٌ آخر غير "الحمار" ؟ هل ضاق الفضاء كلّه ، وانزوت الأرض كلّها ، حتّى لم يبق فيها سوى هذه المفردة ؟ إذن ، هذه الأسئلة تقودنا إلى أنّ مفردة "الحمار" لا ترد – فحسب- كإسقاط على حالة الغباء ، كما هو شائعٌ بين النّاس ، أعني بذلك أنّ الطاقة الشعوريّة التي تحملها هذه "المفردة" أكبر من أن تكون لوصف حالةٍ واحدةٍ فحسب، والحمار – كما هو معلومٌ – فيه صفةٌ ملازمة ، بل تكاد تكون ألصق به من صفة الغباء التي يقال أنّها تهمة في حقّ الحمار ! ، والصفة اللازمة للحمار هي صفة الجلد ! ( وما بوش عنّا ببعيد ! )
( 4 )
..ولأنّ القرآن نزل بلسانٍ عربيٍّ مبين ، يخاطب به الله عباده وفق النفسيّة العربيّة ، فقد جاء وصف اليهود الذين يعلمون ولا يعملون ، تبكيتاً لهم وتحقيرا ، بصورةٍ تنفر منها النفس العربيّة الأصيلة ( كمثل الحمار يحمل أسفارا ) ، والمتأمّل في الآية يجد أنّ صفة الغباء غير موجودة في هذا السياق ، فالغبيّ لا يعلم ولا يتعلّم ، والعقل اليهوديّ ذكيٌّ غير زكيّ ، وإنما المقصود هنا الإشارة إلى عدم انتفاعهم بما يحملون كالحمير تماماً ! تقريعاً لهم وتبكيتا ، وهذا ممّا يؤكّد على أنّ استدعاء مفردة " حمار " تجيء أحياناً لدلالاتٍ أخرى غير الغباء وعدم الفهم ، وقد جاءت هنا – والله أعلم – لتدلّ على بلاغة القرآن ومخاطبته للنفس البشريّة وفق نوازعها الشعوريّة ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ، إذ إنّ الجمل – أيضاً – قد يحمل أسفاراً ، وهو يشارك الحمار في عدم الانتفاع بما يحمل، بيد أنّه يخالفه في منزلته عند العربيّ ، فهو – أي الجمل – من نفائس أموال العرب ، والخلاصة : أنّ في مفردة الحمار كمٌّاً هائلاً من الإيحاءات الرادعة الموجعة !
( 5 )
.. يتّضح ممّا سبق مدى ما تتمتّع به هذه المفردة من ( حصانة ) ضدّ الضياع في الذاكرة العربيّة ، لهذا نجد كتب التراث والطرائف زاخرة بالمواقف والقصص التي يكون فيها ( الحمار) بطلاً من أبطالها ، فجحا الضاحك المضحك لا يفارقه حماره ، حيث صار من أهله وخاصّته : - جاءه رجلٌ ذات يوم وطلب منه أن يعيره الحمار - فقال له : غير موجودٍ الآن - فنهق الحمار وقال الرجل : وهذا ؟ ! - فأجابه جحا : أتكذّبني وتصدّق الحمار ؟! وحينما سئل بشّار بن برد عن مفردة غريبة وردت في أحد أبياته التي كتبها على لسان حمار ، أجاب : هذه من غريب الحمار ! فقد حظي الحمار بشيءٍ غير يسير من الاهتمام ، وصار في طليعة الحيوانات التي وردت في الأدب العربيّ ، قديمه وحديثه ، فالشاعر والكاتب إبراهيم المازني أحد شعراء العصر الحديث : تحدّث في كتابه ( صندوق الدنيا ) عن فروسيّته على ظهر حمار ، والشيخ الأديب علي الطنطاوي استلهم في كتاباته الرائعة سخريته اللاذعة من مادّة "الحمار" ، ففي إحدى جولاته في حديقة الحيوان : رأى الحمر الأهليّة وتساءل – بعد أن صارت الحمير مادّةً للسياحة – عمّا إذا كانت الحمير تغضب حينما تُنادى : يا بشـر ! ، أولسنا نغضب مثلها حينما يقال لنا : يا حمير ! أظنّ أنّ الزمن الذي ستتحقّق فيه هذه المعادلة أوشك يا شيخي ووالدي الأديب !
( 6 )
..وفي شعر العصر الحديث – عصر النهضة كما يزعمون!- يفرد أمير الشعراء أحمد شوقي ، في شوقيّاته ، باباً شعريّاً ومملكةً عامرة بالحيوانات الأليفة والمتوحّشة ، غير أنّه – ربما من باب المصادفة – قرّر ملك الغابة أن يستوزر من يخلفه من بعد وزيره الراحل ، بعد اجتماعٍ حيوانيّ يشبه كثيراً الاجتماعات التي يعقدها البشر في قاعاتهم ! فكان القرار : قال : الحمار وزيري ....... قضى بهذا اختياري ! فاستضحكت ثمّ قالت .......ماذا رأى في الحمـار ؟!
وبعد أن قال الأسد قولته الشهيرة ( الحمار وزيري ) حدث ما لم يكن في حسبانه ولم يضرب له قطّ موعد :
حتّى إذا الشهر ولّى ...... كليلةٍ أو نهـارِ لم يشعر الليث إلاّ ....... وملكه في دمار الكلب عند اليمين ...... والقرد عند اليسار والقطّ بين يديــــه ....... يلهو بعظمة فـار !
فكان من الطبيعيّ أن يصرخ غاضباً بعد هذه الفوضى ، ويؤّنّب نفسه التي أمرته بوزارة الحمار وزيّنتها له :
قال : من في جدودي ........ مثلي عديم الوقار أين اقتداري وبطشي ....... وهيبتي واعتباري!
بيد أنّ القرد الحكيم ، ومن عجبٍ أن تؤخذ الحكمة هذه المرّة من أفواه القردة والـ ..... أشار إليه بدهاء إلى موضع الداء ! : فجاءه القرد سرّاً ....... وقال بعد اعتذاري يا عالي الجاه فينا ....... كن عالي الأنظـار رأي الرعية فيكـم ....... من رأيكم في الحمار !
( 7 )
..فإذا تحدّثنا عن الشعر العربيّ المعاصر ، وفي شعر التفعيلة خاصّة ، يظهر لنا الشاعر الثائر /أحمد مطر ، إذ إنّه أحد أخطر شعراء التفعيلة في زماننا المعاصر ، ليس لأنّه ثوريّ الاتّجاه ، بل لأنّه يتعامل مع إيقاع الشعر التفعيليّ بطريقة : سقوط المطر ، القنابل ، الرؤوس ، فغالباً ما تكون قصيدته ذات إيقاعٍ يبدأ من الأعلى ، ثمّ ينحدر حتّى يبلغ ذروته في نهايته عند الانفجار العاطفيّ ، وهذاعنصر المفاجأة ، وهو من أهمّ خصائص الإيقاع التفعيليّ : أن يكون ساقطاً ، مفاجئاً ، مدوّياً في نهايته ، ولأنّ مفردة "الحمار" تصلح كثيراً لهذه الخاصيّة ، فقد حظيت باهتمام الشاعر أحمد مطر ، وسقطت على "سجّانه" بطريقةٍ إيقاعيّة ، وتهكّميّة على حدٍّ سواء :
وقفت في زنزانتي أقلّب الأفكار أنا السجين ها هنا أم ذلك الحارس بالجوار ؟
***** فقال لي الجدار : إنّ الذي ترثي له قد جاء باختياره وجئت بالإجبار وقبل أن ينهار فيما بيننا حدّثني عن أسدٍ سجّانـه حمـار !
( 8 )
..وحينما ندع موروثنا الفصيح في الأدب العربيّ ، ونتّجه إلى ثقافتنا الشعبيّة وموروثنا المحكيّ يستقبلنا على بوّابة الذاكرة أشهر حمار في الشعر العامّي ، رغم اختلافاتنا حوله ، أعني به حمار الشاعر الخالي من الكولسترول : عبد المجيد الزهراني : قالت : امسك يا حمار ! وقلت : هاتي كانت احلى حمار أسمعها فـ حياتي ! والحقّ أنّنا نخطيء كثيراً حينما نظنّ أنّ عبدالمجيد الزهراني فشل في توظيف هذه المفردة فشلاً محضاً ، إذ من وجهة نظري ، وبعد أن تأمّلت في النصّ أكثر، اكتشفت أنّ فشل عبدالمجيد كان في احتواء المتلقّي فحسب ، حيث لم يُراعِ الحالة النفسيّة والحساسيّة الشديدة تجاه هذه المفردة من قبل النفس العربيّة ، والتي قرّرناها في مطلع المقالة ، وهذا – في رأيي سبب الضجّة حول هذا الحمار ، أمّا من حيث توظيف المفردة في بناء النصّ الداخلي ، فلا أبالغ لو قلت : إنّه نجاح بمرتبة الإسراف في البساطة والصدق في نقل نفسيّة الشاعر كما هي ، إذا علمنا أن عبدالمجيد يأتي بكلّ أدوات الشارع لا يستثني منها شيئاً ، وهو ما انتقدته عليه مسبقاً ، ولا زلت إلى الآن ! ، ترى ما سرّ نجاح اتّساق المفردة في نصّ عبدالمجيد ؟! عندما نتأمّل تكرار مفردة "حمار" في نصّ مختزل ، وقصير جدّاً ، ندرك أنّ الشعور بصوتيّة المفردة وقدرتها على تفريغ الشحنة النفسيّة المصاحبة لها – كما تقرّر سابقا – أمرٌ غير غائبٍ في هذا النصّ ، وحينما نقرأ بناء هذا التركيب ( كانت أحـ لـى حـ ـ ـ ـ مار ) بطريقةٍ تشريحيّة/عروضيّة : أح ، لـح ! مـار ، تظهر لنا صوتيمات توافق ما ذكر عن الدلالة النفسيّة العاطفيّة لمفردة الحمار ، حيث الشعور بلذّة مشحونةٍ بالطاقة ، إذا ما سلّمنا بأنّ المنتقم، أو الموجوع يشعر باستراحة مؤقّتة بعد الفراغ من إلقاء هذه المفردة / حمار/ وذلك حينما يملأ بها صدره وفمه ثمّ يلفظها ، ولهذا جاء في الحديث ( ليس الشديد بالصرعة ، إنّما الشديد من يمسك نفسه عند الغضب ) ، والغاضب تنازعه نفسه لتفريغ طاقته ! ، وكذلك الموجوع . تأمّلوا مرّةً أخرى : أح لـح ، أح لـح ، أح لـح ، إنّها أصوات تحدث غالباً حيينما ننتعش ! ، تذكّروا – أيضاً – أنّني أتحدّث عن الشاعر داخل النصّ ، كي لا تذهبوا بعيدا عمّا أريد قولـه ، ولهذا فأنا أجزم أنّ الشاعر كتب هذا النصّ واستمتع بمفردة الحمار أكثر ، ليس لأنّه يريد أن يوظّف رؤيته النقديّة ، بل لأنّ شعوره النفسيّ أملى عليه هذه المفردة فأخذ يردّدها بعقله الباطن قبل لسانه : أحلى حمار ، أح ، لح : قالت اسمع يا حمار وقلت هاتي كانت احلىحمار أسمعها فحياتي ! حقّاً ..لقد كان الشاعر صادقاً في تصويره للمفردة من داخل النصّ : كانت احلى حمار أسمعها فحياتي ! بعد هذا الحمار توافدت الحمر الأهليّة في النصوص الشعبيّة ، فكان من الطبيعيّ أن يكون لكلّ شاعرٍ حمار في زمنٍ كثرت فيه الحمير ، فهذا الشاعر محمّد النفيعي يوظّف اللهجة المحكيّة التي غالباً ما يصم بها أصحاب النفوذ ضعفاءهم : اسكت يا حمار ، وقد جاءت في هذا السياق معتدلةً تصف الواقع الواقع ، بعد أن صارت لغة الحوار فيما بين القويّ والضعيف : اسكت يا حمار ! صايمٍ وافطر بثــومـه ...... هي كذا بكلّ اختصـار وان بغى يشكي همومه ...... قالوا : اسكت يا حمار !
بيد أنّ للشاعر فهد عافت معادلةٌ أخرى ، لاتبعد عن معادلة الأديب الفذّ الشيخ علي الطنطاوي التي ذكرتها في معرض هذه الرحلة ، يقول فهد عافت : ما دام دنيا وترفعها قرون السيّد الثور ........ وش يزعل العاقل ان نادى عليه حمار : يا حمار ! وإذن ، فالملاحظ ، على بيت عافت تكرار المفردة في مساحةٍ ضيّقة ، مع الحرص على تذييل البيت بها ، وكذلك فعل النفيعي ، تأكيداً على أنّ هذه المفردة لاتصلح في صدر الكلام إمعاناً في التنكيل بها وبرهاناً على سيكولوجيّة النفس العربيّة المسكونة بالأنفة !
( 9 )
..وحتّى لا أتّهم بخبث "العنوان" أعلاه فإنني مضطرٌّ إلى أن أسوق تجربتي الشعبيّة المتواضعة مع "حماري" المفلح ، حيث صادفني أثناء معاناة "مفلح" ، ذلك الرجل البسيط ، الذي يبحث عن لقمة عيشه ، وحينما كنتُ أعالج أمره في أحد مواقفه ، تدلّت عليّ "حماران" من ذاكرتي ، تحديداً عند هذا المقطع من النصّ : والاّ تبــي زوجٍ ثيــابه شفيفـه ....... خدّه شبر وعيونه دعاج وكبار هنا ، عند هذه المفردة اقتحمت أسوار الذاكرة حماران ، ربما استدعتهما مصادفةً جملة ( خدّه شبر ) والقافيـة التي- أحياناً - تفتن الشاعر في عقله ودينــه !!! ، ولحسن حظّي سلمت من إسقاطها عليّ فنجوت من شرّها ، وشرعت بكلّ بساطة وارتياح في تفريغ صدري من هذه الطاقة الشعوريّة المفعمة بالأحاسيس المنتقمة من الواقع : تبغاه لو حتّى عيونه كفيفـــه ........ لو انّه حمـارٍ وابو جدّه حمـار ! وعندما تنفّست الصعداء قلتُ ، بيني وبين نفسي ، بلهجةٍ شعبيّة ( الله يلوم الّلي يلوم عبدالمجيد ! )
( 10 )
ماذا عن الحمار الأخير ؟! وصلنا إلى آخر الحمير ، وهو – للحقّ – حمارٌ فيلسوف ؛ عاصر الحمير المتنكّرة في جلود وأردية أهل السفسطة والتمنطق ، أولئك الذين حكم لهم الواقع بامتطائه و"أخوته" من أبناء جدّهم حمار الحكيم توما ، ولأنّ الابن يرث جدّه ، فقد ورث الحمارُ الحمارَ ، وورث صاحبُ الحمار المتأخّر صاحبَ الحمار المتقدم ! ، ولاتزال بنو الحمير تطالب بني البشر ممّن هم من سلالة توما بحلّ معادلة الركوب المعقّدة ، التي ورثوها من جدّهم السابق : قال حمار الحكيم توما .... لو أنصف الدهر كنتُ أركب! لأنّني جاهـلٌ بســيطٌ .... وصـاحبي جاهــلٌ مـركّب !! ورغم اختلافي مع بعض نصّ الوثيقة ، في تهمتها للدهر ! على عادة شعرائنا وأدبائنا من بني البشر ، إلاّ أنني أرى أنّ حقّ الركوب مشروعٌ للحمير هذه الأيّام ، فالحمار أحقُّ بالركوب من صاحبه الذي لايدري ولايدري أنّه لا يدري ، وهو – أي الحمار – ( ما ألذّ مفردة الحمار في زماننا ! ) أحقُّ بالركوب من صاحبه الذي يطلّ على النّاس من ( زاوية ) العولمة الجديدة ليعولم العالم كلّه ويجمعه على ثقافةٍ واحدةٍ تقرأ السطور بنظّارةٍ أمريكيّةٍ عوراء ! وهو – أي الحمار- أحقّ من صاحبه الذي يلبس جلداً غير جلده وينسى أنّه : مادام يصحب كلَّ شيءٍ صوته ...... هيهات يخفي ( العير ) جـلدُ ( جبان ) !! ..هل لاحظتم ؟! هذه المرّة : الأنَفَـــةُ للحمار ! إذ لا يليق به هذا الموضع في السياق ! أجل ، إنّه زمن الحمير : يا بشــــرررر!! أين الصارخ في البدء : لقد ذهب الحمار ؟! هل ذهب هو الآخر ؟ إذاً سجّلوا بلغة العصر: لقد ذهبوا وقــد رجــع الحمــارُ !
صــرخةٌ أخيرة : أخي الغريب إذا أردت أن تعالج غربتك بصرخة : اجمع كلّ الحمير الواردة أعلاه ، بل كلّ حمير الدنيا ، في مفردة حمارٍ واحد ، ثمّ تخيّل أنّ رأسك بحجم الكرة الأرضيّة وأنّك فتحت "فمك" فباعدتَ بين شفتيك كما بين المشرق والمغرب ، وبعد أن تتأكّد من كلّ الحمير : اذهب إلى الصحراء ، وارسم صورة كلّ من يخون دينه وأمّته ووطنه واصرخ في الفضاء الطلق : يا حماااااااااااااااااااااااار
قلم / سعود الصاعدي
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-15-04, 08:21 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Teeta | 06-15-04, 08:45 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | almulaomar | 06-15-04, 10:28 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-17-04, 05:19 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | ودقاسم | 06-15-04, 10:40 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-17-04, 11:23 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Teeta | 06-15-04, 05:28 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Teeta | 06-15-04, 05:43 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Teeta | 06-15-04, 05:57 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Hussein Mallasi | 06-15-04, 09:34 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-16-04, 09:42 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-16-04, 11:02 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-16-04, 12:54 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | Teeta | 06-16-04, 07:54 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-16-04, 10:15 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-16-04, 10:33 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-18-04, 09:18 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-18-04, 09:39 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-18-04, 10:00 AM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-18-04, 09:43 PM |
Re: كيف تكسب حمارا؟ | bushra suleiman | 06-19-04, 09:55 AM |
|
|
|